تعقيم إجباري

التعقيم الإجباري أو التعقيم القسري أو التعقيم الإلزامي هو برنامج واظبت على تنفيذه بعض الحكومات بناء على سياساتها التي حاولت إجبار الناس الخضوع لجراحة تعقيمية.[1][2][3] في النصف الأول من القرن العشرين، تم إنشاء العديد من هذه البرامج في بلدان مختلفة حول العالم، إما للتطهير والنقاء العرقي النازي وإما كجزء من برامج تحسين النسل الهادفة لمنع تكاثر وتضاعف السكان الذين يعتبرون ناقلين للعيوب الوراثية.

تم الاعتراف بالتعقيم الإجباري الشامل أو المنهجي إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية بموجب تقرير روما الأساسي.[4][5][6][7] كما تحدده مذكرة اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.[8]

لمحة تاريخية

في أيار / مايو 2014، أصدرت منظمة الصحة العالمية ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف بيانا مشتركا بشأن القضاء على التعقيم الإجباري القسري والغير الطوعي، حيث أشار التقرير إلى التعقيم غير الطوعي بالنسبة لعدد من المجموعات السكانية المحددة.

وقد شمل:

  • الأشخاص المعاقين الذين غالبا ما ينظر إليهم على أنهم لا جنسيين. النساء اللواتي يعانين من إعاقات ذهنية غالباً ما ينظر إليهم أنهن لا يسيطرن على خياراتهن الجنسية والإنجابية" وكذا النساء اللواتي يعانين أو يواجهن صعوبات في التعامل أو إدارة الدورة الشهرية، أو اللواتي يعانين أمراضا نفسية أو عضوية مثل الصرع وتتأثر ظروفهن الصحية أو سلوكهن سلبياً بالحيض".

يوصي التقرير بمجموعة من المبادئ التوجيهية للعلاج الطبي، بما في ذلك ضمان استقلالية المريض في اتخاذ القرار، وضمان عدم التمييز، والمساءلة، والحصول على العلاجات.[9]

التعقيم الإجباري كجزء من تنظيم المجتمع البشري

إنّ تنظيم المجتمع البشري هو ممارسة التغيير المصطنع على معدّلات نمو التجمّع البشري. تاريخيّاً، طُبّق تنظيم التجمع البشري من خلال الحد من معدّلات الولادات السكانية، عادةً من قبل مفوضيات حكومية، كما اتُّخذ كاستجابة للعوامل التي تشمل المستويات المرتفعة أو المتزايدة من الفقر والمخاوف البيئية والأسباب الدينية والانفجار السكّاني، رغم إمكانية انطواء تنظيم المجتمع السكني على مقاييس تحسّن حياة الناس من خلال إعطائهم سيطرة أكبر على توالدهم أو تكاثرهم، بعض البرامج قد عرّضتهم للاستغلال.[10]

يناقش الكتّاب في النص الموسوعي الذي نشر عام 1977 بعنوان: " العلوم البيئية: السكان والموارد والبيئة" الدور المحتمل لمجموعة متنوعة من الصيغ لتحديد الانفجار السكاني، والذي شمل الحديث عن إمكانية التعقيم الإجباري،[11] وقد تستخدم الحكومة التخصيص لتنتقي الأشخاص المختارين للتعقيم الإجباري بهدف تجنّب الاتهامات بالازدواجية أو امتلاك أيّة أجندة معاكسة أخرى.

في دورية إيكوساينس، وفي الفصل المعنون بـ " المأزق الإنساني: إيجاد مخرج"، يتأمّل الكتّاب في الأدوية التي بالإمكان تطويرها لتعقّم الناس، وتُمثّل أدوية تنظيم النسل، كالغرسة المطلقة لليفونورجيستريل تحت الاسم التجاري جادييل والديبو بروفيرا، إحدى الإنجازات الجزئية لهذه التوقعّات.

بحسب البلد

بنغلاديش

لدى بنغلاديش برنامج تعقيم استثماري مدني تديره الحكومة منذ فترة طويلة كجزء من سياستها في مراقبة النمو السكّاني، حيث تُستهدف النساء والرجال الفقراء بشكل رئيسيّ، وتعرض الحكومة ألفي تاكا بنغلاديشية (مايعادل 24 دولار أمريكي) على المرأة المقتنعة بإجراء عملية ربط أنبوب فالوب، بالإضافة إلى الرجال المقتنعين بإجراء عملية قطع القناة المنوية.

كما يُعرض على النساء ساري (وهو لباس ترتديه النساء في شبه قارة الهند) ويُعرض بالمثل على الرجال اللونجي (لباس للرجال) ليلبسوه خلال عملية التعقيم، كما يتقاضى الشخص الذي أقنع المرأة أو الرجل بإجراء عمليات التعقيم 300 تاكا بنغلاديشي (مايعادل 3.60 دولار أمريكي).[12] في عام 1965، كانت النسبة الهدفية للتعقيم خلال الشهر هي 600-1000 مقابل زرع 25000 لولب رحمي، والذي تزايد خلال عام 1978 إلى ما يقارب 50000 عملية تعقيم خلال الشهر كقيمة وسطية،[13] كما تلازمت الزيادة بنسبة 50% في المبلغ المدفوع للرجال مع تضاعف عدد عمليات قطع القناة المنوية بين عامي 1980 و1981.[14]

كندا

أقامت اثنتان من المقاطعات الكندية (ألبيرتا وكولومبيا البريطانية) برامج للتعقيم الإجباري في القرن العشرين لغايات تحسينية للنسل.

أجريت عمليات التعقيم الإجباري الكندية باستخدام آليات مؤسساتية الطابع وبالحكم والجراحة المماثلة بالعموم للنظام الأمريكي، ولكن يوجد اختلاف واحد ملحوظ في علاج المجرمين غير المختلّين، كما لم تسمح التشريعات الكندية بالمطلق بالتعقيم العقابي للسجناء.

شرع عمل التعقيم الجنسي في ألبيرتا عام 1928 وأُلغي عام 1972، عام 1995، حاكمت ليلاني ميور محافظة ألبيرتا بتهمة إجبارها على إجراء عملية التعقيم الإجباري وبدون أخذ موافقتها عام 1959، ومنذ قضية ميور، اعتذرت حكومة ألبيرتا إلى حوالي 2800 شخص ممّن أُرغموا على الخضوع إلى عمليات التعقيم الإجباري.

كما كوفئ ما يقارب 850 ألبيرتيّ ممن أُرغموا على إجراء عمليات التعقيم تعويضاً للأضرار تحت مشروع التعقيم الجنسي المقام في ألبيرتا بحدود 172 مليون دولار كندي.[15][16]

حتى عام 2017، لم يُسمح لعدد من نساء السكان الأصليين برؤية أطفالهن حديثي الولادة إلا إذا وافقن على التعقيم، فشاركت أكثر من 60 امرأة في دعوى قضائية في هذا الخصوص.[17][18]

الصين

عام 1978، أصبحت السلطات الصينية قلقة بشأن احتمالية الانفجار الولادي الذي قد لا تستطيع الحكومة تدبيره، والتهيئة لسياسة الطفل الواحد، وفي السعي إلى السيطرة بشكل فعّال على هذه المشكلات المعقّدة التي تخصّ ولادة الأطفال، قامت الحكومة الصينية بالتأكيد على تنظيم الأسرة، ولأن الأمر في غاية الأهمية، فقد آمنت الحكومة بالحاجة إلى تقييده بمعايير، وبالتالي سُنّت القوانين عام 2002.[19]

تدعم هذه القوانين المبادئ الأساسية لما وضع سابقّا قيد التنفيذ، مع تحديد حقوق الأفراد وما تستطيع وما لا تستطيع الحكومة الصينية القيام به لفرض هذه السياسة.

من ناحية أخرى، ارتفعت مؤخّراً اتهامات من قبل مجموعات كمنظمة العفو الدولية، التي ادّعت أن تطبيق التعقيم الإجباري يُطبّق على الأفراد الملتزمين مسبقاً بسياسة الطفل الواحد، وبالتالي تُقام هذه الإجراءات على عكس المبادئ المنوّطة في القانون، ويبدو أنّها تتباين على المستوى المحلّي.

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فقد حدث بشكل خاص مثال فاضح في مدينة بونينج بمقاطعة غوانغدونغ، إذ كانت حملة التعقيم في هذه المدينة وفقاً للأنظمة التي حدّدتها الحكومة في قانون تنظيم السكان والأسرة لعام 2002.

هذه الحملة، والمعروفة أيضاً باسم "حملة القبضة الحديدية" قيل أنّها استخدمت طرق خبيرة بغية التأكيد على أنّ ما يقارب 10000 امرأة قد خضعت للتعقيم، متضمّنة حجز أفراد العائلة المتقدّمين بالعمر.

يبدو أنّ الحكومة الصينية على دراية بهذه التناقضات في السياسة المطبّقة على المستوى المحلّي، على سبيل المثال، طرحت اللجنة الوطنية لتنظيم السكان والأسرة في بيان لها أنّ "بعض الأفراد المعنيين في عدد من المقاطعات والبلدات في لينيي قد ارتكبوا ممارسات انتهكت القانون والحقوق الشرعية ومصالح المواطنين أثناء تأدية أعمال تنظيم الأسرة"، أتى هذا البيان للإشارة إلى بعض التهم بالتعقيم الإجباري والإجهاض في مدينة لينيي بمقاطعة غوانغدونغ.[20] من ناحية أخرى، لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى قاومت الحكومة أو ضبطت المسؤولين عن تنظيم الأسرة في البلاد.

تقتضي هذه السياسة "رسوم التعويض الاجتماعي" للعائلات التي تمتلك عدد أطفال يفوق الحد الشرعي، ووفقاً لمحرر دورية فوربس هينغ تشاو، يدّعي النقّاد أن هذه الرسوم للفقراء وليست للأغنياء.[21]

الدنمارك

حتى 11 حزيران/يونيو 2014، بقي التعقيم ضروريّاً للتحوّل الجنسي الشرعي في الدنمارك.[22]

جنوب أفريقيا

توفّرت تقارير عدّة بنساء مصابات بفيروس عوز المناعة البشري خضعن للتعقيم في جنوب أفريقيا بدون موافقتهن وفي بعض الأحيان بدون علمهن. [23]

السويد

أُصدرت التشريعات المحدّدة للنسل عام 1934 وألغيت رسميّاً عام 1976، ووفقاً لتقرير حكوميّ عام 2000، قُدّر ما يقارب 21000 شخص قد خضعوا للتعقيم الإجباري، كما أُكره 6000 شخص على الخضوع للتعقيم الاختياري، فيما لم تحدّد 4000 حالة أخرى،[24] وصرفت الحكومة السويدية لاحقاً مبالغ للتعويض عن أضرار الضحايا الذين خاطبوا السلطات المعنية مطالبين بهكذا تعويضات، وبلغت نسبة النساء 93% من مجمل العدد.[25]

مراجع

  1. العنصرية النازية: التعقيم القسري والموت الرحيم نسخة محفوظة 23 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. انتقادات لحملات التعقيم الإجباري للنساء بمقاطعة صينية نسخة محفوظة 15 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. مغرس : التعقيم القسري... دراما نساء «البيرو» الفقيرات نسخة محفوظة 15 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. المحكمة الجنائية الدولية: أركان الجرائم نسخة محفوظة 13 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.
  5. تقرير - Coalition for the International Criminal Court نسخة محفوظة 20 يوليو 2012 على موقع واي باك مشين.
  6. نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17تموز نسخة محفوظة 11 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  7. نظام روما الأساسي لمحكمة العدل الدولية نسخة محفوظة 30 ديسمبر 2008 على موقع واي باك مشين.
  8. مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان | الحق في اختيار التعقيم نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
  9. Eliminating forced, coercive and otherwise involuntary sterilization: An interagency statement نسخة محفوظة 2015-07-11 على موقع واي باك مشين., منظمة الصحة العالمية, May 2014.
  10. "Interact Worldwide Downloads". Interact Worldwide. مؤرشف من الأصل في 15 نوفمبر 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Egnor, Michael (August 14, 2009). "The Inconvenient Truth About Population Control, Part 2; Science Czar John Holdren's Endorsement of Involuntary Sterilization". evolutionnews.org. مؤرشف من الأصل في October 5, 2016. اطلع عليه بتاريخ October 3, 2016. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "পরিবার পরিকল্পনা | উত্তরখান ইউনিয়ন | উত্তরখান ইউনিয়ন". uttarkhanup.dhaka.gov.bd (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 12 نوفمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 11 نوفمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. AR, Khan; I, Swenson (1978). "Acceptability of male sterilization in Bangladesh: its problems and perspectives". Bangladesh Development Studies (باللغة الإنجليزية). 6 (2). مؤرشف من الأصل في 13 نوفمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. L, Liskin; JM, Pile; WF, Quillan (1983). "Vasectomy—safe and simple". Population Reports. Series D: Sterilization Male (باللغة الإنجليزية) (4). مؤرشف من الأصل في 12 نوفمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. Canadian Broadcasting Corporation (CBC) (November 9, 1999). "Alberta Apologizes for Forced Sterilization". CBC News. مؤرشف من الأصل في 23 نوفمبر 2012. اطلع عليه بتاريخ 19 يونيو 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. "Victims of sterilization finally get day in court. Lawrence Journal-World. December 23, 1996". مؤرشف من الأصل في 28 مارس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. "Indigenous women kept from seeing their newborn babies until agreeing to sterilization, says lawyer | CBC Radio". مؤرشف من الأصل في 29 مايو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Human rights groups call on Canada to end coerced sterilization of indigenous women The Guardian, 2018 نسخة محفوظة 08 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  19. "Thousands at risk of forced sterilization in China". منظمة العفو الدولية. April 22, 2010. مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2012. اطلع عليه بتاريخ April 9, 2012. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  20. "China acts on forced abortion". BBC. September 20, 2005. مؤرشف من الأصل في 10 فبراير 2009. اطلع عليه بتاريخ April 9, 2012. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  21. Enforcement of One-Child Policy Targets 'The Rich and Famous' in Zhangzhou, China, فوربس (مجلة), September 20, 2013. "Enforcement of One-Child Policy Targets 'The Rich and Famous' in Zhangzhou, China". مؤرشف من الأصل في 09 سبتمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 29 سبتمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  22. Sterilized Roma accuse Czechs نسخة محفوظة 2017-09-15 على موقع واي باك مشين., بي بي سي, March 12, 2007
  23. Final Statement of the Public Defender of Rights in the Matter of Sterilisations Performed in Contravention of the Law and Proposed Remedial Measures نسخة محفوظة 2014-08-09 على موقع واي باك مشين., Czech government, 2005
  24. "OVERBLIK: Transkønnedes kamp mod lovgivningen". avisen.dk (باللغة الدنماركية). 22 May 2018. مؤرشف من الأصل في 9 أغسطس 2018. اطلع عليه بتاريخ 09 أغسطس 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: لغة غير مدعومة (link)
  25. Eugenics Courts Named in Reich. The Montreal Gazette. January 3, 1934. نسخة محفوظة 15 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة التاريخ
    • بوابة حقوق الإنسان
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.