جون مينارد كينز

جون ماينارد كينز، وُلد في 5 يونيو 1883 في كامبريدج وتوفي في 21 أبريل 1946 بقرية فيرل (Firle). اقتصادي، موظف رفيع المستوى، وكاتب بريطاني ذو شهرة عالمية. فهو مؤسس الاقتصاد الكلي الكينزي.[lower-alpha 1][lower-alpha 2] ومن أعماله استُخلص الاقتصاد الكينزي، الاقتصاد الكينزي الجديد، والكينزية الجديدة أو ما بعد الكينزية. ونظرًا لعظم شأنه كأحد أكثر المنظرين الاقتصاديين تأثيرًا في القرن العشرين[16]، تولي العديد من المناصب الاستشارية الرسمية وغير الرسمية للعديد من الساسة، وكان من الشخصيات الرئيسية باتفاقية بريتون وودز، من بعد الحرب العالمية الثانية.

جون مينارد كينز
(بالإنجليزية: John Maynard Keynes)‏ 
 

معلومات شخصية
الميلاد 5 يونيو 1883 [1][2][3][4][5][6][7] 
كامبريدج [8][9] 
الوفاة 21 أبريل 1946 (62 سنة) [1][10][2][3][4][5][6] 
سبب الوفاة نوبة قلبية  
مواطنة المملكة المتحدة
المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا (–12 أبريل 1927) 
عضو في الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم ،  والأكاديمية البريطانية ،  والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم  
الزوجة ليديا لوبوكوفا (4 أغسطس 1921–)[11][12][13] 
مناصب
عضو مجلس اللوردات  
في المنصب
1942  – 21 أبريل 1946 
الحياة العملية
المدرسة الأم كلية إيتون [14]
كلية كينغ (1902–1905)[14]
جامعة كامبريدج  
مشرف الدكتوراه ويليام جونسون   ،  وألفريد نورث وايتهيد  
تعلم لدى ألفرد مارشال ،  وويليام جونسون    
طلاب الدكتوراه جوان روبنسون  
المهنة اقتصادي ،  ورياضياتي ،  وسياسي ،  وفيلسوف ،  وبروفيسور ،  ودبلوماسي ،  وكاتب غير روائي  ،  وشخصية أعمال  
الحزب الحزب الليبرالي  
اللغة الأم الإنجليزية  
اللغات الإنجليزية [15] 
مجال العمل اقتصاد جزئي  
موظف في جامعة كامبريدج  
أعمال بارزة النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقد  
التيار مجموعة بلومزبري  
الجوائز
زمالة جمعية الاقتصاد القياسي 
 نيشان الحمام من رتبة مرافق 
زميل الأكاديمية البريطانية   
التوقيع
 
جزء من السلسلة الاقتصادية عن
الرأسمالية
  • بوابة الفلسفة
  • بوابة الاقتصاد
  • بوابة السياسة

كما كان كاتبًا ناجحًا رغم صغر سنه، وذلك بفضل كتابه «التوابع الاقتصادية للسلام»، الذي نُشر عام 1919، تعليقًا على معاهدة فرساي، كما كان يكتب المقالات للجرائد والمجلات. كانت نظريته «رسالة في المال» هي الأولى. ولكن عمله الأكبر بلا جدل كان «النظرية العامة حول العمالة، والفائدة، والمال» (1936). انتقد هذا الكتاب، بعد كتب أخرى، قانون ساي، أحد أسس اقتصاد عدم التدخل.

تكمن قوة كينز في كونه مختلف عمن سبقوه، بوضعه لنظرية جديدة ومفاهيم جديدة ضرورية لتأسيس سياسات اقتصادية بديلة. واستُغلت أعماله، بعد الحرب العالمية الثانية في إطار تأسيس دولة الرفاه. فوفقًا لكينيت آر هوفر (Kenneth R. Hoover)، احتل كينز[lower-alpha 3] موقعًا وسطًا بين اثنين من ملهمي الجناح اليساري لحزب العمل، وهما فريدريش فون هايك، وهارولد لاسكي، ثم اعتُبر لاحقًا واضع النظرية الاقتصادية التي احتاجها الليبراليون الاجتماعيون في بريطانيا.

تعرض فكره، خاصةً التيار الكينزي الذي كان يدعو للكلاسيكية الجديدة والذي سيطر على الولايات المتحدة لفترة طويلة[lower-alpha 4]، لفقدان أتباعه للكثير من تأثيرهم منذ بداية الثمانينات وبزوغ نجم المدرسة النقدية وإلغاء التنظيمات المالية والمدرسة الكلاسيكية الحديثة. ولكن، ومع الركود الاقتصادي في 2008، بدأ يعود الاهتمام بفكره، وأيضًا الاهتمام بالنسخة الليبرالية الاجتماعية من المدرسة الكينزية الجديدة، كما وُجدت تطويرات للنظرية كمدرسة ما بعد الكينزية، أو اقتصاد الاتفقايات بفرنسا.

شبابه وحياته الثقافية

العائلة ومحل الميلاد

وُلد جون ماينارد كينز في عائلة من الجامعيين المنتمين للطبقة البرجوازية الفكتورية.[lower-alpha 5] أبوه، جون نيفيل كينز، محاضر بجامعة كامبردج، وهو مؤلف الكتاب الكلاسيكي الخاص بالمنهجية الاقتصاية: «نطاق ومنهج الاقتصاد السياسي»، الذي خرج للنور في 1890. كان الأب معجبًا للغاية بابنه منذ وقت مبكر، وذلك حين كان يراه يراقب الجريدة التي كان يمسكها.[S 1] أما والدته، فلورانس آدا براون، فقد كانت الكاتبة الأكثر بيعًا، وكانت رائدة في مجال الإصلاحات الاجتماعية، كما كانت تمارس السياسة، حتى أنها انتُخبت عمدة لمدينة كامبيردج في 1932. وكان لكينز أخ، وهو السير -مستقبلًا- جيفري كينز (1887-1982جراح ومحب للكتب، وكانت له أخت، مارغرت.

يعود اسم العائلة «كينز» لبلدة كاهينز (Cahagnes) في النورماندي، واسم البلدة مشتق أيضًا من اللاتينية المتأخرة casnus (بلوط). ووفقًا للأبحاث التي أجراها كينز على نسبه، فهو ينحدر عن ويليام من كاهينز، رفيق للملك ويليام الفاتح. وفي فترة الثورات الإنجليزية في القرن السابع عشر، عانت أسرته الكاثوليكية -والتي كان بها العديد من اليسوعيين- من الاضطهاد وجُردت من ممتلكاتها.[17]

فترة شبابه

(من اليمين لليسار) برتراند راسل، جون ماينارد كينز، ليتون ستراتشي، في صورة التقطتها الليدي أوتولين موريل، عام 1915.

دخل كينزي مدرسة القديس فيْث في سن السابعة، حيث أثبت براعته في الرياضيات.[18] وبعدها بعام، التحق بكلية إيتون، حيث كان طالبًا متألقًا، ونال العديد من الجوائز (10 جوائز في عامه الأول، 18 في عامه الثاني، 11 في عامه الثالث). وأظهر أنه موهوب في مجال الرياضيات التي كان يحرز فيها دومًا المراكز الأولى.[S 2] في 1902، التحق بكلية كينغ بكامبريدج. في 1903، قام ليتون ستراتشي وليونارد وولف بتقديمه لمجتمع جديد يُسمى بـ «رسل كامبريدج»؛ منتدى فكرة يهدف «للبحث عن الحقيقة دون تحفظات وبإخلاص مطلق مع مجموعة من الأصدقاء المقربين».[BD 1] تعرف هناك على هنري سدجويك، برتراند راسل، دكنسون جولدزورذي لوز، جورج إدوارد مور، وقد تأثر بالأخير تأثرًا بالغًا عبر كتابه Principia Ethica.[BD 2] ومن ذلك الوسط نشأت مجموعة أخرى، وهي مجموعة بلومزبري والتي صار عضوًا فيها. نال دبلوم في الرياضيات في 1905، ثم تحضر لمسابقة[19] لنيل وظيفة حكومية رفيعة المستوى. وتعرف أيضًا في كامبريدج على عدد من أفضل اقتصاديي عصره: فرنسيس يسدرو إيدجورث، ألفرد مارشال؛ وبعدها بفترة جوان روبنسون، بييرو سرافا، ريتشارد كاهن، جيمس ميد، وأيضًا برتيل أوهلن.

وفي 1907، حصل على المركز الثاني في المسابقة[S 3]، فلم يستطع العمل بالخزانة العامة، وعمل للدولة البريطانية في وزارة الهند (Indian Office). وأُصيب بالملل بعد سنتين[S 4]، وقد بدأ منذ 1907 العمل على Treatise on Probability (رسالة في قانون الاحتمالات). كما بدأ في دراسة الاقتصاد تحت إشراف ألفرد مارشال. وحين انتُخب آرثر سيسيل بيجو لمقعد ألفرد مارشال، أنشأ مكتب الاقتصاد والسياسة، الذي ترأسه جون نيفيل كينز، منصبين للمحاضرين، وعُين كينز في واحد منهما.[S 5] وفي 1913، نشر كينز كتابه الاقتصادي الأول، Indian Currency and Finance (عملة الهند وماليتها). وقد كان عامل نجاح الكتاب، وفقًا لشومبيتر، عائدًا لتركيزه على القضايا التقنية عن السياسية والإنسانية.[20] وبفضل ذلك الكتاب، عُين كينز عضوًا بالهيئة الملكية لعملة الهند وماليتها (1913-1914).[21]

جون ماينارد كينز (على اليمين) مع الرسام دونكان غرانت، وقد كانت تربطهما علاقة عاطفية[22]

الحياة الخاصة، الفنون، ومجموعة بلومزبري

كانت حياة كينز مزدوجة، فمن ناحية الحياة الخاصة، فقد كان ذواقًا للفن، مرتبطًا بمجموعة بلومزبري، ومن ناحية أخرى، كان شخصية عامة، اقتصادي واستشاري سياسي.[BD 3] لم يتقبل بعض من أصدقائه، مثل والتر ليبمان، ذلك الغموض، وكانوا يفضلون التعامل مع جانب الشخصية العامة من كينز.[23] وقد كان عضوًا هامًا بمجموعة بلومزبري، والذي كان من ضمن أعضائه البارزين الرسام دونكان غرانت، ليتون ستراتشي، إي. إم. فورستر، وفيرجينيا وولف.

كان كينز ذا ميول جنسية مزدوجة؛ فقد كانت المثلية الجنسية[24][25] صفة واضحة في شبابه، ولم يخبئ عن مجموعة بلومزبري ذلك الأمر، وقد تزوج كينز في 1925 من راقصة الباليه الروسية ليديا لوبوكوفا (راقصة شهيرة في شركة Ballets Russes المملوكة للروسي سيرجي ديغليف، ولم تكن حينها مهنة تقليدية). لم تُتقبل بشكل كامل من قبل مجموعة بلومزبري، خاصة من فانيسا بيل، والتي وجدتها مفتقدة للعقلانية، ونتيجةً لذلك لم تستلطفهم ليديا. وقد اعتبر روبرت سكيدلسكي[S 6] أن ببعد كينز عن مجموعة بلومزبري؛ استطاع أن يدخل في أوساط فُضلى من دوائر السلطة، وأن يكتسب النضج الكافي لكتابة أعماله الاقتصادية الكبيرة.

عدة أعضاء من مجموعة بلومزبري في مونكس هاوس (en)، منزل فيرجينيا وولف. من اليسار لليمين: أنجيليكا غارنت، فانيسا بِل، كليف بِل، فيرجينيا وولف، جون مينارد كينز، وليديا لوبوكوفا
ليديا لوبوكوفا وكينز في العشرينيات

طوال حياته، كان كينز شغوفًا بفن الأوبرا، والرقص الذي ساعده ماليًا. ففي وقت الحرب، كان عضوًا بلجنة لتشجيع الموسيقى والفنون. وكان لاضطلاع كينز في مجال السياسة دور هام في صالح الفنون والثقافة. فقد قام هو وأعضاء مجموعة بلومزبري بإنشاء الأسس التعاونية والترابطية (Hogarth Press، The London Artists' Association) الهادفة لتوفير إطار ثابت للفنانين المستعدين للامتثال للحد الأدنى من القواعد، التي لا تمس حرية الإبداع، في مقابل المزيد من الدخل المنتظم. وفي القطاع الخاص، كان من كبرى إنجازاتهم مؤسسة الفن المعاصر (Contemporary Art Society)، الذي عمل كسلطة لمنح الشهادات للفنانين المعاصرين بهدف أن يعززوا من ذوق المجتمع وأن يضمنوا جودة ما يبيعون للمستهلك.[26] استؤنفت تلك المجهودات وتوسعت مع إنشاء مجلس الفنون البريطاني (British Arts Council)، والتي كان كينز من أوائل مديريها.

كان كينز محبًا للكتب ومجمعًا كبيرًا لها، وقد شارك ذلك الشغف مع فريدريش هايك، فيلسوف واقتصادي ينتمي للمدرسة الليبرالية الكلاسيكية، وكانت تجمعهما علاقة صداقة رغم خلافاتهما الاقتصادية العميقة. استطاع أن يضم لمجموعته العديد من مخطوطات إسحاق نيوتن حول الخيمياء[27]، وملاحظات جون كوندويت. وكانت أخر مؤلفات كينز «Newton, The Man» (نيوتن، الرجل)، والذي نُشر بمناسبة الذكرى المئوية لميلاده في 1942.

الخطوات الوظيفية الكبرى لكينز

كينز، موظف الخزانة رفيع المستوى

يمينفي

أغسطس 1914، أشار على لويد جورج (وزير المالية حينها)، بألا يعلق تحويل الجنية الاسترليني إلا في حالة الضرورة القصوى. في 6 يناير 1915، وفقًا لاقتراح إيدون مونتاغو (المستشار المالي للخزانة حينها) الذي ترك وزارة الهند، عُين كينز في خزانة الدولة وقت الحرب. وحين خلف مايكنا لويد جورج، عين كينز مستشارًا رئيسيًا في الحال[S 7]، وفي نفس الفترة، تأثر بتقسيم الخزانة المسؤولة عن تمويل الحرب.[S 8]

شارك كينز في النقاش المحتدم الذي أقلق الحكومة الإنجليزية حينها: هل يزودون من عدد الوحدات الموجودة على الجبهة الفرنسية وفي نفس الوقت يلجأون للتجنيد، أم لا؟ عارض كينز وماكينا ذلك الاختيار لسببين، أن الجنيد يعيق الصناعة البريطانية ويدفعها للاعتماد على الولايات المتحدة؛ وأن التجنيد يعارض حرية المواطنين، حيث أنه لا يصح بالحكومة أن تجبر مواطنيها أن تقدم أرواحها دون موافقتهم الصريحة. ولكن قررت الحكومة أن تتخذ الرأي الأخر، الحرب الكاملة، ما دفع بكينز أن يترك عمله بالخزانة.[lower-alpha 6] ورغم ضغوط أصدقائه من مجموعة بلومزبري، إلا أنه اختار أن يظل بالمنصب لأجل والديه. وفي 6 ديسمبر 1916، أصبح آندرو بونارد لو (من حزب المحافظين) وزير المالية الجديد محل ماكينا، وقد حافظ ذلك الوزير على علاقات جيدة بكينز، وقرر في مايو 1917 أن يعينه رئيس قطاع «أ» المسؤول عن التمويلات الخارجية، ونال وسام الفروسية الأعلى: Most Honourable Order of the Bath.

شارك كينز في عدد من الاجتماعات التحضيرية للجانب الاقتصاد من معاهد السلام المستقبلية. عارض إصلاحات مهمة للغاية وكان مع إلغاء ديون الحرب التي تكبدتها فرنسا والمملكة المتحدة تجاه الولايات المتحدة. كما أنه وجد أن مقترحات وودر ويلسون الخاصة بعصبة الأمم ناقصة من الناحية الاقتصادية - ولم يكن من الممكن إصلاح ذلك الجانب خلال الحرب العالمية الثانية. لم يُستمع لاقتراحات ففضل الاستقالة.

للتعبير عن أفكاره وتحفظاته تجاه معاهدة فرساي، كتب «التوابع الاقتصادية للسلام»، وقد نتج عن ذلك الكتاب دخول كينز في عالم الأثرياء واكتسابه شهرة دولية. وقد عاتب كينز في ذلك الكتاب جورج كليمانصو لدفاعه ونصرته لحل متأثر بنظرية الواقعية السياسية ووقوفه بجانب وودرو ويلسون ولويد جورج، بدلًا من الدفاع عن أفكاره القريبة من النظرية الليبرالية المفضلة للسلام وللتنمية الاقتصادية، ونتيجةً لذلك وجه أشد النقد تجاه الأخيرين. ورغم ذلك النجاح الكبير إلا الكتاب لم ينجح بفرنسا[lower-alpha 7]، حتى أنه في عام 1946، قام الاقتصادي الفرنسي إيتيان مانتو بنشر كتاب «السلام القرطاجي أو التوابع للاقتصادية للسيد كينز» بغرض تفنيد حجج كينز. أما بالنسبة لشارل كيندلبرغ[lower-alpha 8]، فقد جرح ذلك الكتاب الشعور الفرنسي، ما يفسر نفور اقتصاديي فرنسا من الكتاب وعدم اهتمامهم به إلا من بعد الحرب العالمية الثانية.

كينز، الرجل ذو النفوذ

ونستون تشرشل، خصم لكينز حينًا وحليفًا له حينًا أخربالاختلاف

عن عدد من أصدقائه من مجموعة بلومزبري، فكينز لم يكن وريثًا. وأيضًا، فحين غادر الخزانة العامة، كان عليه أن يمول شؤونه الحياتية، خاصةً بعد أن قلل من ساعات تدريسه بكامبريدج. دخل كينز بمجال الاستثمارات المالية، ونال مقعدًا بمجلس إدارة شركة National Mutual Life Assurance Company بـ 1919[S 9]، ثم Provincial Insurance Company منذ 1923.[D 1] كانت مهمته أن يعطي توقعات حول السلع (حين كان مديرًا بكلية كامبردج، طلب استغلال صحن الكنيسة في تخزين القمح) والجنية الاسترليني، فكان يلعب بمال عائلته دون أن يعلم. كان كينز ضد رائدي الأعمال والمضاربين، فقد كان الاثنان يجلبان التهديدات، على عكس أصحاب الدخول الذي «تمنى أن يموتوا موتًا رحيمًا».[28]

كان كينز يتكسب من كتاباته، مثل ونستون تشرشل: كان ينشر في Manchester Guardian التي غطى لها مؤتمر جنوة الاقتصادي عام 1921، وفي Nation and Athenaeum، وكان ينشر كتبًا ويتكلف طباعتها بنفسه حتى لا يعطي للناشر أكثر من 10% من المكسب. ووعلى المستوى الأكاديمي، كان يدير جريدة Economic Journal منذ 1911 حتى 1937.

كان لكينز قوة إعلامية كبيرة تتيح له نشر كتاباته، كما كان لو نفوذ كبير يمارسه عبر مشاركته في عدد من النوادي. فقد كان عضوًا بنادي Other Club المؤَسَس من قبل ونستون تشرشل، وكان من مؤسسي Tuesday Club الذي كان يجتمع فيه رجال السياسة والمال والجامعيون والصحفيون كل ثالث ثلاثاء من كل شهر[D 2]، وأسس بكامبريدج Political Economy Club الذي كان يجتمع الاثنين.

كينز ومعركة العملة

كان يستطيع كينز في 1920 أن يلحظ صحة أطروحاته: فقد كانت تُمول الإصلاحات وتُدفع الديون بشكل بطئ للغاية، وكان الموقف الاقتصادي في أوروبا مؤسفًا. كتاب كينز Tract on Monetary Reform (تخطيط الإصلاح النقدي)، كان من الأفكار[M 1] التي أكد عليها أن التضخم قد يؤدي للثورة، وأنه من الضروري إجراء إصلاح نقدي لإعادة بناء أوروبا، وأنه من الأفضل خفض قيمة العملة بدلًا من الوقوع في انكماش للاقتصاد وللسوق.

من ذلك المنطق، عارض كينز تشرشل[lower-alpha 9]، الذي تردد كثيرًا قبل أن يعود للغطاء الذهبي مع تكافؤ في السعر يعود لزمن إسحاق نيوتن[29]، ومضى في سياسات انكماشية حرضت على الاعتصامات والمشاكل الاقتصادية. ألهمت تلك الأحداث كينز لتأليف كتاب أخر: The Economic Consequences of Mr. Churchill (التوابع الاقتصادية لممارسات السيد تشرشل) (1925). عارض كينز الغطاء الذهبي في تلك الفترة لأنه وجد أنه يجبر الدول المأزومة بقبول أي تعديل، التي من شأنها أن توردهم غرقى في الكساد. شكل هذا القلق خاصية ثابتة في مشاريعه لإصلاح النظام النقدي العالمي.

كينز والحزب الليبرالي الإنجليزي

يمينفي

نهاية 1922، اشترى كينز بالاشتراك مع عائلة رونتري [Rowntree] جريدة The Nation المؤسسة منذ عام 1907. كانت تلك الجريدة معقلًا لليبرالية ثقافية جديدة حامت حول جامعة أوكسفورد قبل الحرب. كان هذا التيار مصرًا على ضرورة وجود سيطرة فضلى على السلطات العامة مع تحرر القطاع الخاص، ورأى أن الديمقراطية خير في حد ذاتها، ما جرح ميول كينز لسيطرة الدولة، وكذلك ميوله النخبوية.[S 10] من جانب أخر، فقد مدحته جماعة أكسفورد وفكر توماس هيل جرين، الذي شكك في صلاحية مبدأ حرية السوق عبر «مزيج من الهيجلية[lower-alpha 10] ومن اللغة البيولوجية التي وجدها كينز وجيله من كامبريدج تحت ضوء الإدانة».[S 11] فإن كان كينز قد حاز على تلك الجريدة، فمن جهة كان بهدف أن تكون منبرًا لنشر نظرياته النقدية، ومن الممكن أيضًا لنشر أفكار مدرسة كامبردج الاقتصادية.

وبشكل موازٍ، كان مجموعة من ليبراليي مانشستر أطلقوا مدارس صيفية كي يواكبو أوكسفورد وكامبردج بهدف خلق نواة لإطلاق حزب ليبرالي ذات سياسة مناسبة للعشرينات.[S 12] شارك كينز بعدة جلسات وُلد عنها مؤتمر في عام 1926 بعنوان «ألازلتُ ليبراليًا؟» مفكرًا بعض الوقت في أسكويث، الذي تركه بعدها بفترة لأجل لويد جورج، كتب كينز: «ليس من مكان أخر، باستثناء الجناح اليساري من حزب المحافظين، لهؤلاء المرتبطين بقوة للفردانية القديمة ولسياسة السوق الحرة بشكلها الصارم حتى ولو كانت لهما مساهماتهما الكبيرة في نجاح القرن التاسع عشر».[30]

بشكل عام، انخرط كينز بقوة في الحزب الليبرالي فيما بين 1924 لـ 1929. وفي 1927، شارك في كتابة الكتاب الأصفر للحزب، معنون باسم Britain's Industrial Future (مستقبل بريطانيا الصناعي). في 1928، كتب مع هوبرت هندرسون كراسة بعنوان Can Lloyd George do it? (هل يستطيع لويد جورج النجاح؟)، وذلك بغرض تأييد السياسات المعروضة في وثيقة الحزب الليبرالي We can Conquer Unemployment (نحن نستطيع القضاء على البطالة).[31] وفي النهاية فقد الحزب الليبرالي الانتخابات أمام حزب العمال، حيث وصل رامزي ماكدونالد للسلطة في عام 1929 مع سنودن كمستشار لخزانة الدولة، والذين استكملوا السياسة الانكماشية التي بدأها تشرشل، والتي لم تُهجر رسميًا إلا في 1931.[32]

كينز المُنَظِّر: الثلاثية

كاريكاتير للرسام ديفيد لُوْ، 1934

لم يعرض كينز نظريته الاقتصادية حقًا إلا متأخرًا، والتي سماها الاقتصادي دون باتنكن[DP 1] «ثلاثية كينز»، والتي ضمت A Treatise on Money (رسالة في المال) (1930) بجزئيه، ومؤلفه الرئيسي The General Theory (النظرية العامة) (1936).

رسالته في المال

خرجت A Treatise on Money (رسالة في المال) للنور عام 1930. كينز[DP 2]، الذي كان عضوًا بلجنة ماكميلان المكلفة بتقديم الاستشارة لحكومة رامزي ماكدونالد، لم يكن لديه الوقت لأخذ آراء الاقتصاديين في كتاباته أو أن يراجعها بالشكل الذي أراده. كما أن هذا الكتاب خيَّب أمل كينز سريعًا لأنه لم يسلط الضوء على العوامل التي تؤثر على مستوى الإنتاج.

تَكَوَّن الكتاب من جزئين، الأول، مُعَنْوَنًا بـ «النظرية الصافية في العملة»، عرَّف فيه كينز طبيعة العملة ومضى يصف أصوله التاريخية قبل استعراض نظرية تعرض الجوانب الإحصائية والديناميكية لها.[DP 3] أما الثاني، المُعَنْوَن بـ «النظرية التطبيقية في العملة»، عرض كينز دراسة تجريبية للمتغيرات الحرجة لنظريته، ثم ركز على الخصائص المؤسسية الكبرى التي ستشكل إطارًا عامًا لتلك النظرية.[DP 4] وفي النهاية، عرض السياسات النقدية، والتي تتصف خصائصها الكبرى، وفقًا لدون بانتكن[DP 5]، بأنها: «تتدفق مباشرةً عن تحليله النظري»، حيث قال كينز عن دورة الائتمان بأنها تُولد عن طريق تغير الأسعار المرتبط بمشاكل التكلفة الناتجة عن الربح (أو الخسارة)، ومن ثَم ارتفاع (أو انخفاض) الإنتاج وفرص العمل، فالحل إذن لتثبيت الاقتصاد وفقًا لكينز (كما سبقه في ذلك ويكسل، فيشر، بيجو، ومن بعدهم مدرسة شيكاغو في الثلاثينيات...)، يكون عبر تثبيت الأسعار.[lower-alpha 11] يستكمل كينز قائلًا بأن المتغير الأكبر في سبيل الوصول لذلك الهدف هو في تحديد البنك المركزي لسعر الفائدة الرسمي، الذي يجب أن يزيد حين ترتفع الأسعار وتقل حين تنخفض الأسعار.

نحو النظرية العامة

مينارد كينز مع كينغزلي مارتنمنذ

نهاية عام 1931، لم يعد الحزب الليبرالي نشطًا. فقد ضعفت نفوذ كينز واضمحل تأثيرها بسبب صعود المحافظين متجمعين حول نيفيل تشامبرلين، وذلك من بعد اندماج جريدة Nation مع New Statesman الصادرة عن الجمعية الفابية، فضعف تأثيره على الجريدة الجديدة نظرًا لاضطراره للعمل مع المحرر الجديد كينغزلي مارتن، والذي لم يشاركه الأفكار. فنتج عن ذلك قلة انشغال كينز بالحياة السياسية فصار لديه وقت أطول يُسخره للنظرية.

شهدت بدايات الثلاثينيات تغيرات مهمة على مستوى علاقاته، فقد تُوفي بعض من أصدقائه (ليتون ستراتشي، روجر فراي)، بينما ابتعد عنه البعض الأخر مثل هربرت هندرسون، ثم تقرب كينز من اقتصاديي كامبردج. وفي العام اللاحق على نشر كتابه رسالة في المال، تناولته «Cambridge Circus» (دائرة كامبردج)، الذي ضم حينها الأعضاء الأكثر شهرة: ريتشارد كاهن، جوان وأوستن روبنسون، جيمس ميد، بييرو سرافا، وغيرهم.[DP 6] وقد بدأ كينز فعليًا منذ بدايات عام 1932 في كتابة ما سيكون لاحقًا النظرية العامة.

يُعد كتابه، المستخلص عن مقالات جريدة تايمز: «The Means of Prosperity» (وسائل الرخاء)، مَعْلَمًا هامًا في ظهور ما سيصبح فيما بعد الثورة الكينزية.[S 13] كان كينز في ذلك الكتاب أكثر جدية، وأقل تركيزًا على المشاكل الإنجليزية[S 14]، فمقارنةً بمؤلفاته السابقة، كان تركيزه على الولايات المتحدة أكبر من تركيزه على إنجلترا، حيث كان لدى الأولى تركيز أقل على المرونة(لم تكن تُعد مشكلة حينها لها) ومساحة كبرى للشكوك.[S 15] وفي خريف 1934، أنهى كينز النسخة الأولى من النظرية العامة، وبعثها لقراء مثل هارولد روي فور، رالف جورج هاوتري، ودينيس هولم روبرتسون.[DP 7] خرج هذا الكتاب عام 1936، والذي أهل كينز كي يُعتبر كشخصية كبرى في الاقتصاد[33] (يزيد البعض بوصفه بالأب المؤسس للاقتصاد الكلي الحديث).

العودة للخزانة العامة

هاري ديكستر وايت (على اليسار)، الاقتصادي الأمريكي وسكرتير بالخزانة الأمريكية، إلى جانب كينز، حيث كان الاثنان يتفاوضان حول وجهة النظر التقنية الخاصة باتفاقيات بريتون وودز، عام 1946في

مايو 1937، أُصيب كينز بنوبة قلبية تعافى منها ببطء. وأثناء فترة نقاهته، ساهم في نشر أفكار ولكن دون نشاط حقيقي حتى عام 1939. حماه إيقاع الحياة والاحتياطات التي فرضها عليه المرض في فترة الحرب العالمية الثانية من فرط المجهود الذي قوض صحة الكثير من الشباب. عمل في البداية على كيفية تمويل الحرب دون خلق أي تضخم، ونشر ثمرة فكره تحت عنوان How to Pay the War (كيف تدفع ثمن الحرب؟) (1940). استقبلت خزانة الدولة ذلك الكتاب استقبالًا حافلًا وقدرت مقترحها حول كيفية تجنب التخطيط خلال الحرب. ورغم ذلك الاحفتاء بالكتاب إلا أن فكرته حول التقشف لم تُتبع.

عاد كينز للخزانة في أغسطس 1940[lower-alpha 12] بشكل تطوعي، وظل بها حتى وفاته. ساعد وزير المالية في وضع ميزانية عام 1941 بأدق التفاصيل، كما ساهم في التفكير في معضلة إيجاد تمويل لجهود الحرب الإنجليزية، كما فعل من قبل في الحرب العالمية الأولى، وقد شكل ذلك التمويل خلفية للمفاوضات التي قادت إلى اتفاقيات بيرتون وودز. وقد كان لكينز دور مزدوج، فقد كان مخططًا ومفاوضًا في نفس الوقت، مما كان يعقد عملية المفاوضات.

وفي عام 1942، قام ويليام بيفيردج بتقديم خطته بخصوص التأمين الاجتماعي، وحصل من الخزانة على فريق عمل يضمه هو شخصيًا، وليونيل روبنز، وخبيربشؤون التأمين، وذلك بغرض إعادة صياغة المشروع بشكل يجعله مقبولًا من الناحية المالية.[lower-alpha 13]

أثناء الحرب، كانت المشاكل الاقتصادية محل اهتمام ثلاثة مراكز رئيسية: الخزانة العامة، القطاع القانوني (Economic Section) المُدار من قبل ليونيل روبنز ومساعدة جيمس ميد، وبشكل أقل تأثيرًا، بنك إنجلترا. وبالاختلاف عن الولايات المتحدة التي كان لوزراؤها، ككورديل هل وهنري مورغنثاو، أهدافًا واضحة لما بعد الحرب، ترك السياسيون الإنجليز للخبراء مسؤولية رسم المستقبل. يعتبر روبرت سكيدلسكي[SF 1] أن الرؤية المستقبلية الناقصة والتورط في ملفات عدة فيما بعد الحرب يفسر سبب فشل ونستون تشرشل في الانتخابات اللاحقة على نهاية الحرب. كان كينز في المفاوضات مع الولايات المتحدة يؤدي أحيانًا وبشكل واعٍ أدوارًا تخص وزراء أخرين. كان لتواجد كينز في الخزانة أثر إيجابي وتقوية لدورها، حتى أن مؤلف سيرة ذاتية هامة لكينز[SF 2] يعتبره «تشرشل» الاقتصاد، مجال لم تسلط عليه السياسة الإنجليزية الكبرى إلا القليل من الضوء.

وفي أواخر حياته، نال كينز العديد من التكريمات، وصار مدير كلية إيتون، ونال لقب Lord عام 1942، بُناءً على اقتراح لتشرشل، وغيرها من التكريمات. ومات في 21 أبريل 1946 دون نسب، وفرق أخاه رماده في مدينة تيلتون، مكان إقامته الثانوي، في حين أن كينز أراد أن يظل رماده في كنيسة كلية كينغ.[D 3]

الأسس التي قام عليها فكر كينز

قبل الاهتمام بالاقتصاد، كان كينز يكتب في الفلسفة (كانت له كتابات موجهة إما لمجموعة «رسل كامبردج» (Cambridge Apostles) وإما لمجموعة بلومزبري، مثل My Early Beliefs)، والاحتمالات (كان كتابه الأول على المستوى الجامعي Treatise on Probability) والسياسة (إحدى كتاباته في شبابه كان نصًا عن إدموند بيرك).

كينز والفلسفة

كان كينز، مثله في ذلك «رسل كامبردج»، متأثرًا للغاية بكتاب Principia Ethica لجورج إدوارد مور. فقد كان إدوارد يعتبر أن مفهوم الخير لا يمكن تعريفه، وأن الحدس الإنساني هو الوحيد القادر على استيعابه (سنرى لاحقًا محل الحدس لدى كينز).[D 4] قاده ذلك لنقد الرؤية النفعية لجيرمي بنثام، الذي خلط المتعة بالخير، وكذلك المثاليين أمثال ماكتاجرت أو لويس ديكنسون.

في فكر مور، كان الأمر الذي يستحق الاهتمام هو «حالة العقل» (السعادة التي نحسها)، وأكثرها تقديرًا هي السعادة في العلاقات فيما بين البشر، وفي الشخص الذي يرى الجمال فيما حوله.[D 5][S 16] وتتكون حالة العقل من «وحدات عضوية شديدة التعقيد، تتألف من كل من المُجَرِّب والموضوع المُجَرَّب».[S 17] فبالنسبة له، التصرف الصحيح عليه أن يقود في النهاية إلى الحالة العقلية المرجوة. إذن فلابد من البحث عن الأفعال التي تنتج لنا نتائج إيجابية، مع العلم أنه من الصعب للغاية معرفة نتائج أفعالنا، ومن هنا يدلل مور على أن هذا هو سبب وجود مؤسسات تراقب وتوجه أفعالنا.

تلك الفكرة، التي طورها فريدريش هايك فيما بعد، رفضها كينز، ومن هنا سيبدأ اهتمامه بالاحتماليات. فبالاختلاف مع مور وديفيد هيوم الذين رأوا أن المعرفة المحتملة تُبنى على التجربة، اعتبر كينز أن الاحتماليات تمكننا من التنبأ بنقطة معينة في المستقبل أو على الأقل بنتائج أفعالنا. ولكنه اتفق مع مور في فكرة أهمية الهدف عن الوسيلة، وأن ذلك الهدف ليس ماديًا فقط كما يقول مور. كان كينز يعتبر أن الماركسية تكمن في معارضة نفعية بنثام وبرهان الخلف لبنثام.[S 18]

الاحتماليات كفرع من المنطق

بدأ اهتمام كينز بالاحتماليات منذ 1904، حيث كتب مقالة بهذا الشأن وقرأها على «رسل كامبردج»، وعاد لتناول الموضوع في 1907 بكتابته لورقة بحثية بخصوص ذلك الشأن للحصوص على زمالة كلية كينغ[D 6]، ولكنه فشل في ذلك، فقام بإعادة كتابة تلك الورقة ومراجعتها لنيل الزمالة في 1908. واستطاع في عام 1921 أن ينهي مشروعه، تحت عنوان Treatise on Probability (رسالة في الاحتماليات).

كان هدف كينز على مدار كتاباته أن يثبت خطأ مور، ويبين أن للإنسان قدرة حقيقية على التحكم في مصيره، وليس عليه أن يسلم يخضع نفسه بالكامل لتقاليد مجتمعه[S 19]، ولفعل ذلك، عارض النظرة التي ترى في الاحتماليات أنها مجرد ترددات غير مؤكده، فقد رآها، كما فعل غوتفريد لايبنتس من قبله، أنها فرع من المنطق.[D 7] وقد تأثر بتلك النظرة أيضًا برتراند راسل، وألفريد نورث وايتهيد، أحد ممحتنيه الذين صُدموا بنهج كينز.[D 8] بل أن كينز قد رأي أن الاحتمالية ليست مجرد تحليلًا مترددًا عن حقيقية من حقائق الطبيعة، ولكنها أيضًا تعبر عن درجة من القناعة المعقولة. فيرى كينز أننا نتلقى بشكل حدسي عدة علاقات سببية، والتي تكون لها الثقل الأكبر وبالتالي احتمالية كبرى بأن تكون صحيحة، فتكون الاحتمالية الأصح حينها هي تلك «المبنية على أكبر قدر من الأدلة ذات الصلة».[34] وقد شاركه راسل في تلك النظرة ورأى في كينز حليفًا قويًا للتجريبية المنطقية، فقد رأي أن المنطق لم يكن لا تجريبيًا ولا تحليليًا.[35]

وقد رأى روبرت سكيدلسكي[S 20] أن تلك النظرة الاحتمالية كان لها أثرين على تفكير كينز الاقتصادي: فمن جهة، رفض كينز فرضية أنه من الممكن حيازة معرفة يقينية في الاقتصاد - ولم يكن بذلك بعيدًا عن ألفرد مارشال الذي ما رأى القوانين الاقتصادية إلا اتجاهات بسيطة؛ ومن جهة أخرى، عارض كينز الشكليات المفرطة التي تسعى لإضفاء صفة اليقينية على ما هو احتمالي.

استقبل الفلاسفة وعلماء الرياضيات الشباب في العشرينيات - فرانك رامزي ولودفيغ فيتغنشتاين فو - فور خروجها للنور، وذلك لانتمائهما لمدرسة فلسفية أكثر تقنية، فقد كان «عالم رامزي مكون من التفضيلات والرهانات... البشر لكينز كانوا مفكرين مزودين بأداة التفكير: المنطق. أما لرامزي، فقد كان البشر فاعلين مزودين بأدوات الفعل، والقدرة على إجراء الحسابات».[S 21]

كينز وبيرك

إدموند بيرك الذي قرأ له كينز واستلهم منهكتب

كينز في 1904 مخوطة لم تُنشر بعنوان The Political Doctrine of Edmund Bruke (المذهب السياسي لإدموند بيرك).[36] وفقًا لدوستايلر، حين كان يصف كينز بيرك فقد كان أيضًا يصف نفسه: فقد وجد أنه مليئًا بالتناقضات، فهو «محافظ وليبرالي في آنٍ واحد، مع التجارة الحرة ومع الإمبريالية، ممجدًا لثورة إنجلترا المجيدة ومعاديًا للثورة الفرنسية»[36]، كما وجد فيه غرورًا غير مكروهًا للرجال الكبار. يتميز فكر بيرك بسمتين تبررا اعتناقه لفكره: فمن جهة (مثله في ذلك مثل كينز)، يرى أنه من الخطر التضحية بمصلحة حالية من أجل مصلحة مستقبلية غير موثوق منها؛ ومن جهة أخرى، يعتبر أن «عظمة بيرك تكمن في مجال الاقتصاد، في مذهب الـ expediency (النفعية)»[37] ورفضه التمسك بحق مجرد. إذا قدر كينز بيرك على أنه الفيلسوف الأول الذي يقبل بشكل متسق مبدأ أن السعادة الكبرى تكمن في سعادة أكبر عدد من البشر على المستوى السياسي، فقد تلمس أيضًا حرجه الكبير تجاه الإصلاحات، حتى أنه وجد أن بيرك قد دافع عن حق الملكية إلى حد يهدد جوهر الليبرالية ذاتها. وفيما يخص بيرك، يقول كينز:

«تظهر جوانبه الإيجابية في كل ما هو حاضر- السلام والاستقرار، الصداقة والمحبة، الحياة الأسرية، وكل تلك الأفعال العطائية الصغيرة والتي نساعد من خلالها غيرنا. فهو لا يرى أن الإنسانية تُقاد بالحديد والنار نحو مصلحة عليا ومجيدة في المستقبل البعيد؛ فليست هناك خطط ألفية سياسية توضع أولًا وتُدعم فيما بعد الجهد والتضحيات الحاضرة... على السياسيين أن يأخذوا الحكمة عن مدرسة بيرك، وإذا أرادوا أن يضعوها في سبيل خدمة أهداف كبيرة وصعبة، فعليهم أن يبحثوا في أفكار أخرى تدعمهم»[38]

متأثرًا بشكل ما ببيرك، يوجد لدى كينز بعض الميول النخبوية والتكنوقراطية، حيث يُنَوِّه جيل دوستالى (كاتب من الكيبيك) إلى أن «صورة المجتمع لدى كينز تتمثل في أن يُقاد بحزب تقوم عليه نخبة متنورة، وبشكل أدق، عبر اتحاد قيادي قوي ونخبة من المستشارين». استفزت تلك التوجهات الأرسطية هاري دكستر وايت أثناء اتفاقيات بريتون وودز، واستفزت أيضًا رامزي ماكدونالد الذي خرج مغتاظًا بعد اجتماع جمعه بكينز، معلنًا له أنه «يعتبر نفسه الاشتراكي الحقيقي الوحيد الحاضر!». ولكن على النقيض من ذلك، سهلت تلك الميول اتصاله بونستون تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية.

وفي أثناء النقاش حول مبدأ التخطيط الذي أثير في الثلاثينيات، كان تدخل كينز الوحيد هو في دفاعه عن هربرت جورج ويلز ضد انتقادات ستالين وجورج برنارد شو.[lower-alpha 14] فقد عرض ويلز في كتابه المنشور عام 1927، The World of William Clissod (عالم ويليام كليسود)، فكرة وجود طبقة وسطى من التقنيين والمهندسيين لها دور هام كي تلعبه في الغرب، في حين أن ستالين أنكر أن يكون هذا الدور مختصًا بالبروليتاريا. وحين تدخل كينز لدعم ويلز، كان فقط للإشارة إلى أن الأخير لم يُشِر إلى الدور المنوط بتلك الطبقة الاجتماعية، وهذا ما كان يسعى كينز لتعريفه وللتنظير فيه.

كينز ونهاية اقتصاد عدم التدخل

كتابه «نهاية اقتصاد عدم التدخل»، الناتج عن كلمة ألقاها في 6 نوفمبر 1924 في المؤتمر السنوي لـ Sidney Ball Foundation في أكسفورد، ثم في جامعة هوبولت في برلين في يونيو 1926 (وفقًا لفان دي فيلد[lower-alpha 15])، يدعم كينز أن «صفحة من التاريخ الإنجليزي والغرب قد قُلبت بلا رجعة على أعتاب القرن العشرين؛ تلك التي خلقت توافقًا حول اقتصاد عدم التدخل كوسيلة وحيدة للوصول للرفاه». وقد تساؤل كينز عن أسباب تسلط ذلك النوع من الاقتصاد القائم على مبدأ laissez-faire (دعه يفعل) على القرن التاسع عشر، افترض عدة افتراضات:

على مستوى الاقتصاد السياسي، اقترح كينز عدة مسارات. ففيما يخص المؤسسات الكبيرة ذات النفع العام، يفضل كينز أن تُنظم على وحدات مستقلة (كالجامعات الكبيرة) أو شبه مستقلة في هيئات تقع تحت مسؤولية الحكومة بشكل مباشر.[K 4] وإن كان كينز معارضًا لاشتراكية الدولة، والتي يرى أنها تنبع من نظريات جيريمي بنثام[K 5]، فهو يوكل للسلطات العامة 4 مسؤوليات:[K 6] السيطرة على النقد والائتمان، جمع البيانات الخاصة بالدولة للأعمال التجارية وانتشارها على نطاق واسع، تحديد مستوى التشقف والاستثمار، وتحديد سياسة رشيدة تمس المواطنين.

نُظمت تلك الأفكار على شكل اقتصادي مؤسسي، وعُرضت في كلمة أُلقيت في Liberal Summer School (المدرسة الليبرالية الصيفية) بكامبردج، في أغسطس 1925، مُعَنوَنة بـ «هل أنا ليبرالي؟»، والتي نُشرت فيما بعد في The Nation وAtheneum في 8 و15 أغسطس 1925.

لحق كينز بجون روجرز كومنز، الذي ميز بين ثلاث نظم اقتصادية متتابعة: عصر الندرة، وعصر الوفرة (حيث تقع ذروة القرن التاسع عشر)، وأخيرًا عصر الاستقرار والتي فكر الاثنان في الدخول إليها.[K 7] يتصف العصر الثالث بضعف الحريات الفردية، ويرجع ذلك لصعود قوة المؤسسات الكبيرة والاتحادات والشركات والنقابات. وفي تلك الظروف، ستكون مهمة الليبرالية الجديدة هي «السيطرة على تلك القوى الاقتصادية وقيادتها في سبيل خدمة العدالة والاستقرار الاجتماعي[K 8]»، مع تحديد «سياسة جديدة وأدوات جديدة للتكيف مع لعبة القوى الاقتصادية والتحكم فيها بشكل لا يضر بشدة بما نراه في حاضرنا كأمر عادي في شأن الاستقرار والعدالة الاجتماعية[K 9]».

الثورة الكينزية: النظرية العامة حول العمالة، والفائدة، والمال

استُعمل مصطلح «الثورة الكينزية» للمرة الأولى عبر لورنت كلين في 1947، في كتابه المُعَنوَن The Keynesian Revolution (الثورة الكينزية). ولتلك الثورة صفتان رئيسيتان: تفنيد قانون ساي، والذي يرى أن السوق هو الأقدر على ضبط نفسه، وصنع إطار تحليلي يضع مسارات عقلانية لسياسات اقتصادية.

النظرية العامة في مواجهة الكلاسيكيين

مبدئيًا، تلك النظرية تعتبر أن العمالة والإنتاج كلًا واحدًا، لا ينقطعان عن بعضهما البعض، وليس كما يقول الكلاسيكيون، بأنها نظرية تعرض استخدامات بديلة لكمية الموارد المتاحة.[S 22]

يرى كينز أن اقتصاد السوق لا يملك آليات تقوده تلقائيًا لاستغلال كامل الموارد المتاحة، ومن هنا تتواجد احتمالية حدوث بطالة لا إرادية (أي بالإجبار)، مما يؤكد على ضرورة تدخل قوة خارجية عن السوق.

Traité d'économie politique (رسالة في الاقتصاد السياسي) لجان باتيست ساي.

مضى تفكير كينز بقواعد الاقتصاد الكلي للعرض العام والطلب العام. ففي إطار الاقتصاد الكلي، الإنتاج، وبالتالي العمالة، تعتمدان على التكلفة. فإذا لم يكن الطلب مُرضيًا، فالشركات لن تنتج بشكل كاف ولن توظف كل العاملين، ومن هنا على الحكومة أن تقود سياسات لدعم الطلب، أي أن تدعم الاستهلاك و/أو الاستثمار. كما يصر كينز بشكل خاص على الاستثمار.

لماذا -على غير توقعات الكلاسيكيين- لم يتواجد توازن تلقائي؟

كان هذا التساؤل في قلب تفنيد كينز لقانون جان باتيست ساي القائل بأن العرض يخلق طلبه الخاص؛ يُبنى هذا القانون أو بالأحرى يُعَبِر عن رؤية متفائلة، وأيضًا أن طبيعة الاقتصاد الكلاسيكي لا يمكن أن تجعله يمر بأي أزمات اقتصادية على المدى البعيد. وقد علق كينز على ذلك القانون بعد التفكير فيه مليًا بأنه على المدى البعيد سوف نكون جميعًا أمواتًا. إذا كان كينز حساسًا لتلك النقطة، فمن ضمن أسباب تلك الحساسية أنه بسبب ذلك القانون، بشكل أو بأخر، رُفضت مقترحاته بسياسات اقتصادية في العشرينيات.

أما حجج كينز فهي كالآتي:

فمن جهة، فالمال من الممكن أن يكون هدفًا في حد ذاته، فالدخل المكتسب ليس بالضرورة أن يُصرف كله ويُستثمر، ولكن من الممكن أن يُدخر بشكل سائل، ما يمنع وجود مساواة بين العرض العام والطلب العام. مما يؤدي لاختلاف جوهري مع الكلاسيكيين، حيث فقد المال تأثيره على الآليات الحقيقية للسوق، أو كما قال كينز من قبل: في الاقتصاد الكلاسيكي، المال مجرد حجاب.

في حين أن المعرفة، بالنسبة للكلاسيكيين (الكلاسيكيين الإنجليز كانوا غالبًا تلامذة جيرمي بنثام)، قاطعة، وأنه من المفترض بالمنتجين أن يكونوا عالمين جيدًا بما سيكون عليه الطلب. أما بالنسبة لكينز فقد كان الأمر غير ذلك، ورأى أنهم يقومون بتوقعات، وأن الشكوك تتواجد دومًا. إذن، فإذا قدم رجال الأعمال توقعات (تُسمى «طلبات فعَّالة») متشائمة، فتلقائيًا ستوجد بطالة. جدير بالتذكرة أن في مسابقات جمال كينز، التوقعات لا يمكن أن تكون حقائق موضوعية. استلهم كينز تلك الملاحظة من مسابقة نظمتها مجلة لتحديد أجمل ستة وجوه، وكانت الفائزات هن اللاتي كن القربى من جمال متوسط القراء. كما أن منظمي المسابقة أنفسهم قد قرروا مسبقًا ألا يختاروا الشخص ذات الوجه الذي يسعدهم، ولكن الشخص ذات الوجه المُسعِد لأكبر عدد ممكن من الناس. فإذا كانت تلك الآلية تتواجد في المجال المالي[39]، والذي يهدد، بالنسبة لكينز، بتحويل ذلك المجال لملهٍ ليلى[40]، فهو يصف أيضًا انحيازات مسبقة قد تضرب التوقعات بعرض الحائط.

لماذا لم تتوقع النظرية الكلاسيكية وجود البطالة الجبرية؟

لأنها تفترض أن العمال يتصفون بالمرونة ويتكيفون على الطلب، من أعلاهم لأدناهم. يعتبر كينز أن تخفيض الأجور الرمزية يقلل من القوة الشرائية، ويؤدي أيضًا لتخفيض أسعار البيع وأخيرًا يؤثر على الأرباح، ومن هنا يأتي إصراره على ضرورة الحفاظ على ارتفاع الأجور في حالات الكساد.

النقاط الأخرى البارزة بالنظرية العامة

  • في النظرية العامة، يميل كينز[S 23] لاقتراح أن الميل للاستثمار بشكل عام ضعيف، وذلك بسبب الشكوك التي تحوم بالسوق، ويعتبر أن قوة الاستثمار في القرن التاسع عشر مجرد استثناء. ومن هنا تولد لديه إصرار على دور الدولة في ذلك المجال.
  • يقدر كينز أن سعر الفائدة ليس بوسعه أن يضبط التقشف والاستثمار، بل سعر العملة، لا رأس المال. جدير بالتذكرة أن الائتمان هو الوسيلة الرئيسية في خلق النقود، وأن مدى الائتمان يعتمد على سعر الفائدة. ومن جهة أخرى، يرى كينز أن العملة خارجية المنشأ، ما يعني أن السلطات النقدية هي التي تحدد كمية المال الدائرة بالسوق.
  • يعتمد الاستهلاكك على الدخل وعلى الميل الحدي للاستهلاك، والذي يتبع القاعدة النفسية الأساسية «والتي نستطيع أن نثق فيها بشكل كامل، من قبل حدوثها نظرًا لمعرفتنا بالطبيعة الإنسانية وكذلك من بعد حدوثها لتواجد التعاليم المُفَصَلَة من الخبرة...والتي ترى أن في المتوسط وفي أغلب الأوقات يميل الناس لزيادة استهلاكهم كلما زادت دخولهم، ولكن بكمية معتمدة على مدى زيادة الدخل».[41]
  • كما أخذ عن ريتشارد كاهن مفهوم «المُضَاعِف»، الذي يرى أن كل جنيه يُستثمر أو يُصرف يساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بـ 1.
  • على مستوى الأجور، يفرق كينز بين الأجر الرمزي (الذي يأخذه الموظف مقابل كل ساعة عمل أو شهر)، والأجر الحقيقي (أكثر أو أقل من الأجر خارج التضخم). يختلف كينز عن الكلاسيكيين من حيث أنه يرى أنه من غير الممكن تخفيض الأجر الرمزي، ولكن من الممكن اللعب على التضخم. وبالإضافة إلى العديد من الحجج الأخرى (النقابات، حق العمل، إلخ)، لشرح لِمَ الأجور الرمزية ثابتة بالنسبة له، فمن الجدير بالذكر أن كينز كان حساسًا للغاية لفن الإقناع - لهذا كان يقدر ونستون تشرشل. ومن تلك النظرة يتضح أنه من الأيسر تخفيض جدول الرواتب عن اللجوم للوهم النقدي، أي التضخم.

أدوات تنظيرية وسياسية اقتصادية

ديفيد ريكاردو، أحد كبار الاقتصاديين الكلاسيكيين بالقرن التاسع عشر. عارضه كينز في ثلاث نقاط كبرى: قانون ساي، نظريات قيمة العمل، والهدف من علم الاقتصاد، حيث يرى ريكاردو أن الهدف هو توزيع الثروات، أما كينز، فهو العمل على الإنتاج من ناحية الطلب بهدف تجنب البطالةلم

يكن كينز الاقتصادي الأول الذي شكك في قانون ساي. فقد وقف توماس مالتوس وجان دي سيسموندي مسبقًا ضد ذلك القانون. ولكن كان تميز كينز عن سابقين في تقديم نظرية بديلة. فعلى المستوى التنظيري، قام كينز، مثل ريكاردو، بتعيين عدد من المتغيرات الرئيسية (حددها في الاستهلاك، الاستثمار، سعر الفائدة، عرض وطلب المال بشكل رئيسي) من أجل إعطاء معنى لمشكلة معقدة. رغم أن كينز يحب المنظرين الحدسيين، كتوماس مالتوس أو ستانلي جيفونز، نظرًا لأنهما أكثر إبداعية، إلا أنه استلهم طرق تصميم النظرية من أدوات لاكتشاف الحقائق المتماسكة وغيرها من ألفرد مارشال، مازج ومُجمع للأفكار والآراء.[S 24] ونتج عن توفير النظرية لأدوات متاحة للتبني من قِبَل طيف واسع من الاقتصاديات، فقد تُبنيت النظرية الكينزية بسرعة «عبر الليبراليين والأنجلوساكسونيين المتطرفين بشكل أكبر من حزب العمال، الديمقراطيين الاشتراكيين، والاشتراكيين الإصلاحيين بأوروبا، وأيضًا عبر الديمقراطيين المسيحيين، المصلحين الاجتماعيين، أنصار التنمية الاجتماعية الوطنيين، ورثة كولبير، ولست، و[هنري شارل] كاري».[BD 4] كان كينز واعيًا بذلك، كما تبين في رسالة بعثها لغاردينر مينز في 10 أغسطس 1939:[SF 3]

«أريد أن أؤكد على التفرقة ما بين نظريتي العام، والتي يُنظر إليها كنظرية أكثر أو أقل عمومًا، وتطبيقاتها والتي من الممكن أن تُنفذ في ظروف مختلفة وفقًا لعدة افتراضات واقعية... أرى النظرية قابلة للتطبيق أيضًا بشكل جيد في الاقتصاد المرن عن الجامد أو في موقف وسط»

ستساهم تلك الأدوات التنظيرية، والتي سيصل بها الكينزيون الجدد لمرحلة الكمال[lower-alpha 16]، في بناء أساس لمجال سياسة الاستقرار.[lower-alpha 17]

لم يقترح كينز استبدال السوق ونظام الأسعار عبر التخطيط المركزي، وإنما ضبط السوق أثناء ترك الأفراد أحرارًا في إنفاق ما يكسبون، وذلك عبر سياسات اقتصادية بهدف تحقيق الانتعاش والاستقرار الاقتصادي.[SF 4]

ولأجل فهم مقصد السياسات الاقتصاد الكينزية، فلابد من الرجوع لوالتر ليبمان[lower-alpha 18]، والذي رأى أنه «لأجل تحقيق التوازن في القطاع الخاص فلابد من تدخلات تعويضية من القطاع العام».[42]

آدم سميث، اقتصادي قدره كينز. بعد اتفاقيات بريتون وودز، كتب بأنه لم يتخلَ عن رؤيته الاقتصادية، ولكنه استخدم التحليل الاقتصادي الحديث كي يضعها في نطاق التطبيق.[lower-alpha 19]أشار

كينز مرتين لمفهوم اليد الخفية، ففي مقالاته في جريدة The Times منذ 12 حتى 14 يناير 1937، أكد على «أنه ما من سبب لادعاء وجود يد خفية، تحكم آلي للنظام الاقتصادي، والذي يضمن من تلقاء نفسه أن كمية الاستثمار النشط تكون دومًا على المستوى المطلوب».[lower-alpha 20] ولكن، رغم أن اليد الخفية لا تؤدي بشكل تلقائي للوضع الاقتصادي الأمثل، كما تبين معارضته لقانون ساي، إلا أنه تتواجد قوى في السوق (اليد الخفية) التي تسعى، تحت عدة شروط مؤسسية، لأن تدفع نحو الاستقرار: «هناك تيارات قوية سرية في النظام السائد كامنة بتلك الأمور، قوى طبيعية كما يقول البعض، أو حتى اليد الخفية، والتي تدفع نحو التوازن».[lower-alpha 21]

يلزم التنويه بأن كينز ومن بعده الكينزيين الجدد حين ذكروا أنهم يرغبون بمنح الدولة الأدوات اللازمة لقيادة سياسات اقتصادية، فلم يريدوا الدولة بمعناها القانوني، وإنما بمعناها الواسع، أي المؤسسات العامة أو الخاصة التي تعمل على المصلحة العامة، لا مصلحة خاصة قصيرة المدى.[SF 5] ولكن بسبب ميول كينز النخبوية والتكنوقراطية، فقد توجه نحو موظفي الدولة الكبار الذي طبقوا الاقتصاد الكينزي في فرنسا أثناء الثلاثين المجيدة، ما أبعده عن الكينزيين الجدد الأمريكيين والأكثر ديمقراطية، الذين كانوا مفضلين لمفهوم القوى المضادة على المستوى السياسي عن الاقتصادي.

وعند تفحص محتوى السياسات الاقتصادية، يتبين أن كينز يفضل سياسة نقدية مسيرة، ويوكل للسياسة المالية مهمة القضاء على الكساد والتضخم.[SF 6]

وفيما يخص السياسات المختصة بالإنعاش الاقتصادي المبنية على الطلب، فقد عارض فكرة الضبط الدقيق للاستهلاك لجيمس ميد أثناء الحرب، ولذلك التحفظ سببان: فهو يرى أن المهم ليس الاستهلاك، بل الاستثمار، ومن جهة أخرى، رأى كينز أن القطاع الاقتصادي المُدار من قبل ليونِل روبنز وجيمس ميد يهمل بشكل كبير المشاكل المؤسسية الخاصة بالصناعة في الاقتصاد الإنجليزي، وبالتالي الاستثمارات المطلوبة لتجاوزها.[S 25] وفي المقالات الثلاث المنشورة بـ The Times الذين ذُكروا مسبقًا، يقترح كينز أن تكون الميزانيات متوازنة في دورة، بمعنى أنه من الممكن أن يكون هناك عجز بالفترات المنخفضة اقتصاديًا، ولكن لابد أن يكون هناك فائض أثناء الفترات المرتفعة.[SF 7] حين تفكر كينز في الوصول لهدف العمالة الكاملة غير التضخمية، حدده اللورد بيفيردج بنسبة 3%، أما كينز فبنسبة 4.5%.[BD 5]

بالإضافة إلى قيم الثورة الكينزية، فهناك سبب أخر ساعدها في الانتشار السريع، وهو اقترانها بثورة أخرى أقل ظهورًا، ولكنها أثرت بشدة في التيار الكلاسيكي الجديد: تحويل علم الاقتصاد لعلم قائم بشكل رئيسي على الرياضيات.[BD 6]

إذا كان كينز يدعو لتطوير الحسابات القومية الضرورية لتوفير معلومات مفيدة لهؤلاء الذين يرسمون السياسات الاقتصادية، فقد خشي من تحويل الاقتصاد لعلم رياضي لمخافته من إيهام الناس بأن الاقتصاد علم طبيعي، فقد رأى كينز أن على الاقتصاد أن يأخذ في حسابه الطبيعة البشرية، على عكس ليون والراس وجيرمي بنثام في مذهبه النفعي. فقد كان دورها قاصرًا على تقديم الأدوات المطلوبة بهدف تحسين الحاضر. ومنذ نشر White Paper on Employment Policy (الورقة البيضاء في سياسة التوظيف)، في 1944، حين أحس كينز بتوجه عدة اقتصاديين لمسلك والراس وبنثام، سخر منهم عبر ما سماه «Joy through Statistics» (اللهو بالإحصائيات).[SF 8]

حدود النظرية العامة

لم تكن النظرية العامة حول العمالة، والفائدة، والنقد عامةً كما يُتصور، أو هكذا يقول روبرت سكيدلسكي، كاتب سيرة كينز الذاتية.[S 26]

فقد ركز الكتاب حقيقةً على الطلب كسبب للبطالة المقنعة، ولكن ترك العديد من العوامل الأخرى، فإذا كان كينز واعٍ بالمشاكل المؤسسية التي من الممكن أن تصاحب السوق، فلم يتحدث عنها في النظرية العامة.

وبشكل عام، تميل نظرة كينز قصيرة المدى لاستبعاد التغيرات المؤسسية، والتي تُعتبر إحدى شروط التوازن لدى الكلاسيكيين، والكلاسيكيين الجدد، والمدرسة السويدية. وقد كانت مشكلة التطورات المؤسسية في قلب الخلاف فيما بين نمذوجي سولو وهارود دومار في النمو.

ويرى أنصار ما بعد الكينزية أنه إذا كان كينز قد أهمل التحليل الاقتصادي، فيظل فكره رافد لعدة مسلمات تربطه بشدة بالمدرسة الكلاسيكية: قانون الإنتاجية المتناقصة، النموذج الاقتصادي للعملة، وأيضًا التسوية ما بين التقشف والاستثمار. ومن هنا، وفقًا لهم، تقبل الاقتصاديون التقليديون بسهولة التحليلات الكينزية.

«نهر مع شجر الحور»، لوحة من 1912 لمعرض تايت (Tate Gallery)، للفنان روجر فراي

التأويلان الكبيران للنظرية العامة

منذ اجتماع في أكسفورد بسبتمر 1936، انبثق اتجاهان كبيران من التأويل.[S 27]

الاتجاه الأول كان للتيار الكلاسيكي الجديد لأنصار الكينزية الجديدة، والذي ذهب لتأويل النظرية في إطار نهج ليون والراس وترك الشكوك و«العقول الحيوانية» الخاصة بالفاعلين الاقتصاديين. ومن الممكن وصف رؤية هؤلاء المنظرين للنظرية العامة باستخدام تعبير دون باتنكن[DP 8]، بأن «الصوت كان صوت مارشال، أما الأيدي فكانت أيدي والراس». ومن تلك النظرة، يعود لكينز الفضل في تقليل عدد المتغيرات الرئيسية مما مكنه من الاستخدام العملي لنظرية التوازن العام، هذا يعني أن استخراج معلومات هامة عن أرض الواقع صار ممكنًا بشكل فوري.[DP 9] عُرض ذلك التأويل للمرة الأولى في مقالة لجون هيكس، عام 1937، مُعنوَنَة بـ «السيد كينز والكلاسيكيين»، والتي نُشرت فيما بعد في كتاب ألفن هانسن A Guide to Keynes (المرشد لكينز)، عام 1949، ويبين ذلك التأويل الطريقة التي قوبل بها كينز حتى الأيام الحاضرة في كتب الاقتصاد.[43]

أما الاتجاه الثاني فقد نتج عنه تيار ما بعد الكينزية، والذين يرون أن الثورة الكينزية تُعد قطيعة كاملة مع الكلاسيكية الجديدة التقليدية، مع الإصدار القوي على نقطتين مهملتين من قبل الكينزيين الجدد: الشك و«العقول الحيوانية».

كينز والعلاقات الدولية

كينز والسجال فيما بين التجارة الحرة والتفضيلات الاستعمارية

منذ بدايات القرن العشرين، حين أنهى كينز دراساته في إيتون ودخل كامبريدج، عاشت إنجلترا نقاشًا حاميًا بين أنصار التجارة الحرة وأنصار الكومونولث القائم على التفضيلات الاستعمارية، والذي كان من ضمنهم جوزيف تشامبرلين وزير شؤون المستعمرات البريطانية، أما أنصار الرأي الأول، فقد كان من ضمنهم اقتصاديي إنجلترا الكبار، كفردنسيس إيدجورث، ألفرد مارشال، وآرثر بيجو، والذين عبروا عن رؤيتهم في جريدة ذي تايمز.[M 2] وبالإضافة للحجج الاقتصادية، فقد رأى مارشال أن خلق علاقة توافقية بين الدول الأنغلو-ساكسونية أكثر أهمية من خلق إمبراطورية.[M 3]

وقد كان كينز في صف التجارة الحرة، حتى أنه من بعد إدموند بيرك واقتصاديي القرن الثامن عشر الكلاسيكيين (جون ستيورات ميل، هنري فاوست، تشارلز غيد، هنري سيدجويك، مارشال)، اعتبر أن التجارة الحرة أفضل للسلام[M 4]، وقد أيد الفكرة القائلة بأنه إذا سعت إنجلترا لخلق إمبراطورية معزولة ومكتفية ذاتيًا، فإن هذا سيؤدي لمعارك بين الإمبراطوريات مما سيهدد السلام العالمي. وفي عام 1909، في مقالة منشورة في The Economist، أصر كينز على أنه فقط بفضل التجارة الحرة أصبحت لندن مركز المال الرئيسي على مستوى العالم، ومضى في نقد مشروع تشامبرلين وتوضيح مخاطره.[M 5]

رغم ذلك، فلم تكن فكرة الإمبراطورية غائبة عن ذهن كينز. ففي رسالة كتبها أثناء مساره التعليمي، ميز بين حب الوطن، والذي اعتبره تقدير إيجابي لبلاده، والقومية، والتي نظر إليها على أنها معاداة للجنسيات الأخرى، حيث تضمنت شعورًا بأن «رفاهية شخص ما غيرنا يتسبب بضررنا». كما أن مفهوم الإمبراطورية لديه لم يكن بمفهوم الجينغوية، ولكن باتحاد الدول الحرة[lower-alpha 22] التي تمارس «استبدادًا مستنيرًا»[M 6] على غيرها.[lower-alpha 23]

كينز والاقتصاد السياسي الدولي

منزل تشارلستون الريفي، مسكن فانيسا بيل، والتي كتب كينز لديها التوابع الاقتصادية للسلام. وكان مسكنه الشخصي يبعد عدة أمتار عنهامنذ

نوفمبر 1918، شارك كينز في نقاشات حول التنظيم الاقتصادي للحلفاء، والتي كانت تحت رعاية الـ Political Intelligence Department (دائرة المخابرات السياسية) التابعة لوزارة الشؤون الخارجية، والتي شارك فيها أيضًا المُنَظِّر بالعلاقات الدولية ألفرد زيمرن. كما صار كينز عضوًا في المجلس الأعلى للاقتصاد منذ فبراير 1919، من بعد تلك النقاشات، وقد أحب أن يُحافظ على وجود تلك المؤسسة نت بعد معاهدة فرساي، ولكن وُكل دورها فيما بعد لعصبة الأمم، والتي انتقدها كينز في كتابه، التوابع الاقتصادية للسلام، عام 1919، حيث أصر على حقيقة فقدانها لمنظمة اقتصادية للسلام.

وفي بدايات العشرينيات، أكد كينز على العلاقة بين التجارة الدولية والسلام، فقد رأى أن التجارة تسمح بالرفاه، والتي يولد عنها الاعتدال والنظام[M 7]، وذلك لأن هؤلاء المؤمنين بأن مصلحتهم يعتمد على التجارة يبحثون عن التناغم الدولي بدلًا من الصراع. يرى دونالد ماركويل[M 8] أن كينز يُعد قريبًا مما سماه هدلي بُل: مثاليي ما بين الحربين، مثل ألفرد زيمرن، ديفيد متراني، وجيمس شوتويل، فقد كان يشاركهم الرأي في سوء تصميم معاهدة فرساي، وأهمية العمل على إقناع الرأي العام بفوائد السلام، وإنشاء إطار قانوني دولي، وقد كان لكينز مخاوفه من ذلك الإطار، فرغم اقتناعه بأهمية اتباع القانون، خشي أن يتحول الأمر لتقنين مفرط ومقيد[M 9]، أما على المستوى الاقتصادي، وهو إطار أهمله بقية المثاليين، فقد أصر على أهمية الترتيبات الاقتصادية بهدف استكمال السلام. ولهذا، يرى ماركويل [M 10] أن كينز ليبرالي مؤمن بدولة المؤسسات، ويقف في الوسط فيما بين اقتصاد عدم التدخل والاشتراكية.

وقد لُمس اقتناعه بالمؤسسية على مستويات عديدة. فعلى المستوى المالي، قويت حرب 1914 فكرة عبر عنها مسبقًا في Indian Currency (العملة الهندية)، وهي ضرورة استبدال معيار الذهب بنظام أكثر عقلانية واستقرارًا.[M 11] وفي سلسلة من المقالات المنشورة في جريدة Manchester Guardian Commercial، عام 1922، والتي تناولت إعادة بناء أوروبا، بين تفضيله الشديد للتجارة الحرة[44]، وقد تطور ذلك الموقف منذ 1924.

وفي يناير 1928، قال: «يجب ألا تكون التجارة الحرة المستقبلية مؤسَسَة على الإيجابيات المجردة لاقتصاد عدم التدخل والتي يتقبلها القليل في أيامنا الحالية، ولكن على الفرص والمزايا الملموسة لمثل تلك السياسة[45]»، وعلى الجانب الأخر، ذكر أنه «خائف للغاية من الحمائية كسياسة طويلة المدى».[46] يرى ماركويل أن كينز أصبح مؤيدًا للتجارة الحرة المؤهلة (qualified free trade)، والتي عُرضت سريعًا في الفصلين الـ 23 و24 من النظرية العامة. وقد أصر كينز على أنه كي تصبح التجارة الدولية مؤيدة للسلام، فيلزم وجود نظام نقدي دولي يسمح بسياسات العمالة الكاملة.[M 12]

ولكن في يونيو 1933، عبر كينز في مقالة «الكفاية الوطنية الذاتية» عن رغبته في الحمائية. ففي تلك المقالة، دافع عن فكرة الإنتاج في محيط أرض الوطن حين يكون ذلك ممكنًا ومعقولًا[47]، وعبر كينز أيضًا عن تعاطفه مع أنصار الحمائية، وتحدث عن أفكاره المفضلة للتجارة الحرة في الماضي. ولكن ظل يخشى هؤلاء الداعين لتغيير جذري للعقيدة الاقتصادية، كما يتمنى جناح اليسار من حزب العمال.

كينز واتفاقيات بريتون وودز

العلاقات الأمريكية - البريطانية وتمويل الحرب

فرانكين روزفلت وونستون تشرشل بالأرجنتين، على متن سفينة HMS Prince of Wales، أثناء اللقاء الذي أدى إلى ميثاق الأطلسي. وبعدها بفترة قليلة، ظن روزفلت وكوردل هُل أن الإنجليز لم يفهموا مدى ارتباطهم بمبدأ التجارة الحرة، ما أدى لكتابة المادة السابعة من قانون الإعارة والتأجير، ما أطلق من خلالها الآلية التي أدت إلى بريتون وودز ومن بعدها إلى اتفاقية الجاتفي

بداية الحرب، لم يكن كينز مؤيدًا على الإطلاق للتجارة الحرة لأنه رأى أنها خدمةً لمصالح بلاده. يرى روبرت سيدلكسي[SF 9] «أن هناك...قطيعة عاطفية ما بين ليبرالية كينز وحبه لوطنه» والتي لم تشكل مشكلة في القرن التاسع عشر حين كانت إنجلترا تقود «الأوركسترا الدولية».

وفي أثناء المفاوضات مع وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية، كانت تحفظات كينز حول العودة للتجارة الحرة من بعد الحرب تتسم بالقلق. وقد قام كوردل هُل ومستشاريه، الذين خشيوا أيضًا من الاستعمارية الإنجليزية وتصاعد الاشتراكية بأوروبا[M 13]، بالرجوع إلى روزفلت، واتُخذ قرار بتضمين المادة السابعة في قانون الإعارة والتأجير (الاتفاق الأمريكي - البريطاني في مارس 1941)، والتي أجبرتها واقعيًا على العودة للتجارة الحرة.[M 14]

نتج عن هذا التصرف نتيجتين فوريتين، فمن جهة توجه كينز للتحالف في الواقع مع أنصار التجارة الحرة الإنجليز من القطاع الاقتصادي: ليونيل روبنز وجيمس ميد، وابتعد عن مؤيدي الاستعمارية الأقوياء بالبنك المركزي الإنجليزي[M 15] فاقدي التأثير على الوفد المرافق لونستون تشرشل. تبين لكينز أن الهجر الكامل للتجارة الحرة سيضر بمكانة لندن وسيؤدي سياسيًا لعالم لا يرضى به. أما من الجهة الأخرى، فقد دفع ذلك كينز منذ صيف 1941 إلى بناء مشروع لنظام نقدي مبني على Clearing Union (اتحاد المقاصة)، والذي سيسمح لإنجلترا أن ترضى بصدق (دون الكثير من التردد) بالمادة السابعة.

وبشكل عام، تعود أصول Clearing Union في العديد من كتابات ما بين الحربين، خاصةً في Treatise of Money (رسالة في المال)، وقد دارت حول عملة جديدة أسماها كينز بالـBancor (بنكور)[lower-alpha 24] مدرجة بشكل متطور على الذهب، وحول العملات التي سيتحدد سعرها بالبنكور. ستتلقى كل دولة نصيبًا من البنكور على أساس نصيبها من التجارة الدولية. وإذا كانت نسب التغير ثابتة على المدى القصير، ففي المدى المتوسط سيُعاد تقييم العملات سواءً بالزيادة أو بالنقصان بشكل يؤدي لاتزان الميزان الخارجي.[M 16] من جهة أخرى، سيُتحكم في تحركات رؤوس الأموال وسيساهم الـ Clearing Union في جهود الاستثمار وإعادة الإعمار. ومن الممكن أيضًا، وتلك نقطة أصر عليها كينز[SF 10]، من الممكن أن تكون كالبنك مركزي وتطبع الأموال.

قام هنري دكستر وايت من جانبه، بناءً على طلب الوزير هنري مورغنثاو الذي يعتمد عليه، بعمل مشروع أخر في ديسمبر 1941 يكون فيه الدولار العملة المحورية. يتضمن هذا النظام مؤسسة (ستُسمى فيما بعد بصندوق النقد الدولي) تهدف للمساعدة في ضبط ميزان المدفوعات والمبادلات. بالاختلاف عن اتحاد المقاصة، حيث يُنشأ الاشتراك في رأس المال بالبنكور عبر البنك، وهنا على الدول أن تجلب حساباتها وفقًا لمدى قوتها الاقتصادية، وعلى الوضع الأخر، في حالة وجود مشاكل في ميزان المدفوعات، يقوم صندوق النقد بإعارة قدر من المال مع تحديد شروط للسياسة الاقتصادية التي يجب اتباعها. بالقطع كان المشروع الأول التفضيل الأول لإنجلترا التي عانت من نقص بالأموال وكانت تسعى للحفاظ على مكانتها: كان مقترح البنكور من شأنه أن يستر حقيقة أن العملة الرئيسية لم تعد الجنيه الاسترليني، وإنما الدولار.[SF 11]

أدرك كينز أن بلاده لم يعد بمقدورها أن تؤثر على العالم كما كانت في 1914، ولكنه بحث عن أفضل وضع ممكن لبلاده كي تستطيع من خلاله أن «تشارك إدارة» العالم مع الأمريكيين. وانطلاقًا من تلك وجهة النظر، رأى كينز أن اتحاد المقاصة سيكون بوضوح مؤسسة مدارة من قبل الأنجليز والأمريكيين.[SF 12] بعض الأمريكيين، خاصةًهاري ديكستر وايت[lower-alpha 25][SF 13]، رأوا على النقيض عن كينز، أن المسيطرين على العالم فيما بعد الحرب هم الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

اتفاقيات بريتون وودز والنظرية العامة

توقيع اتفاقية القرض فيما بين إنجلترا والولايات المتحدة، والتي فاوض فيها كينز (الجالس على اليسار) نيابةً عن المملكة المتحدة (ديسمبر 1945)

نُشرت خطط كينز ووايت في أبريل 1943. أدت المفاوضات في أبريل 1944 إلى Joint Statement by experts (بيان مشترك للخبراء). قدر الجانب الأمريكي -المتحكم بالمفاوضات- بأن خطة كينز مفرطة في ابتكاريتها وقد تؤدي بشكل كبير للتضخم. وفي 25 مايو 1944، دعا كوردل هل 45 دولة في بريتون وودز لإنهاء الاتفاقيات، قبلها كان هناك اجتماع أخير للصياغة في أتلانتيك سيتي، حيث استطاع كينز أن يضمن أن كل بلد سيحدد بنفسه سعر الصرف، وأن المؤسسات لن تبدأ بالعمل إلا بقرار مشترك لإنجلترا والولايات المتحدة. وفي بريتون وودز، لم يتبق إلا عدة أمور أخيرة لضبطها، وكان هاري ديكستر وايت يرى بأن المشكلة الوحيدة التي تعيق إنهاء الاتفاقيات هي الأسهم التي تحدد وزن الأصوات بصندوق النقد.

مقر صندوق النقد الدولي بواشنطن، فضل كينز أن يكون المقر في نيويورك كي يكون أبعد عن مراكز السلطة في الولايات المتحدةيمكن

التساؤل حول الأسباب التي أدت بكينز لا فقط للقبول، ولكن أيضًا المشاركة بقوة لتبني المشروع مقابل عدة تراخيص مع الواقع (يفضل روبرت سيدلسكي[lower-alpha 26] أن يصفها بالغموض).

بالنسبة للأخير، إذا كان نظام بريتون وودز ذي أيدلوجية كامنة، فهي أيدلوجية هنري مارغنثاو الذي أراد أن يركز القوة المالية والنقدية في واشنطن، وليست أيدلوجية النظرية العامة.[SF 14] وإذا كان كينز قد قبل، رغم كل شيء، اتفاقيات بريتون وودز، فذلك لإخضاع الولايات المتحدة لعدد من القواعد الدولية. ولكن بشكل عام، استطاع البريطانيون أن يتهربوا من عدة بنود.

ولكن يمكن النظر للأمور بشكل مختلف. يمكن التعبير عن الخلاف فيما بين خطتي كينز ووايت بحقيقة أن أفضل المصرفيين والخبراء الماليين لم يُردوا أيًا من الخطتين[SF 15]، وإنما أرادوا العودة لسياسة اقتصاد عدم التدخل. في الحقيقة، فأن تلك المعارضة من مجتمع الأعمال قد دفعت الوفدين تللتضامن معًا في المفاوضات النهائية.[SF 16] من جهة أخرى، فإن قراءة مؤَلَف دونالد ماركويل Keynes and International relations (كينز والعلاقات الدولية) يقود للتفكير في أن نظام بريتون وودز يحمل بصمات الفصلين 23 و24 من النظرية العامة لكينز، وهو ما لم يُذكر في كتاب سكيدلكسي. ويرى ماركويل أنه من الممكن استنتاج عدد من العناصر من النظرية العامة التي اعتبرها كينز مفضلة للسلام[M 17]، وعلى أساسها نال كينز رضا جزئيًا.

العنصر الأول: تطبيق سياسات العمالة الكاملة، والتي شكلت أهمية كبيرة لكينز. فهو لم يتقبل عودة التجارة الحرة إلا من بعد زيارة ألفين هانسن (اقتصادي أمريكي متأثر بالاقتصاد الكينزي ومتواجد بدوائر السلطة) ولوثر غوليك في سبتمبر 1941، حيث أكدا عليه أن العمالة الكاملة تحتل نفس مستوى الأولوية لعودة التجارة الحرة في واشنطن.[SF 17] وقد أراد ألفن هانسن تحقيق مستوى عالٍ من العمالة والاستقرار الاقتصادي عبر التجارة الدولية والتعاون الدولي.[M 18] والجدير بالذكر أن كينز كان واعيًا بأنه رغم تفضيل الاقتصاديين الأمريكيين للتجارة الحرة أكثر منه، فقد كانت أغلبيتهم مؤمنة بالصفقة الجديدة، ومتأثرين للغاية بالنظرية العامة، فكانت له مصلحة بعدم تضييع تلك الفرصة.

العنصر الثاني: وضع نظام نقدي دولي توسعي يسمح بالتغيرات في العملة ويوفر المساعدة في حاجة عجز ميزان المدفوعات. كشف نظام بريتون وودز عن توسعيته وضمَّن إعانة للبلاد التي تمر بصعوبات حتى ولو كانت بشكل أكثر شرطِيَةً وتحديدًا مما تمناه.

العنصر الثالث: ابتكار آلية تسوية دون تحمل العبء الأكبر، بحيث تجبر الدول العاجزة باللجوء لسياسات الركود. هنا كانت النتائج أكثر تواضعًا رغم أن بند النقد النادر دفع الأمريكيين بالنهاية للانفتاح على تجارة الدولية، ما كان إحدى الأهداف.

العنصر الرابع: وضع نظام يهدف لتمويل التنمية الدولية. فقد ساهم إنشاء البنك الدولي في تمويل عمليات إعادة الإعمار من بعد الحرب ومن بعدها عمليات التنمية. ورغم أن كينز قد تجاهل تلك المؤسسة في المرة الأولى، فقد وضعها بعدها آمالًا كبيرة عليها. وفي الفترة اللاحقة مباشرةً لما بعد الحرب، مع عدم كفاية الموارد، طُبقت فكرة كينز، التي وصت بضرورة تحقيق الولايات المتحدة بتطورات كبيرة بها، عن طريق مشروع مارشال.[48]

بشكل عام، استطاعت اتفاقيات بريتون وودز والنظرية العامة أن تتجنب أخطاء ما بعد الحرب العالمية الأولى، عبر عمل نظام نقدي فعَّال وعن طريق توفير الأموال اللازمة لتمويل عمليات إعادة الإعمار. يتساءل المتخصصون بدراسة كينز إذا كان قد عاد، بعد بريتون وودز، لالتزامه الأول المفضل للتجارة الحرة. يرى هارولد روي فور بأن الإجابة بالإيجاب. أما دونالد ماركويل، فعلى النقيض، يرى أن كينز لم يعد لقناعته قبل الحرب باليبرالية الكلاسيكية، بل صار مؤيدًا لما أسماه التجارة الحرة المشروطة (qualified free trade)[M 19]، بمعنى أنها مؤطرة بقوانين ومؤسسات بشكل يجعلها متوافقة مع هدف العمالة الكاملة ميزان المدفوعات التي لا تتصف باختلال كبير في التوازن.

وفي تلك النقطة، يبدو أن اتفاقيات بريتون وودز كانت فشلًا مهمًا لكينز، فقد صار الدولار العملة المحورية للعالم، وذلك بخلاف مقترح كينز عن الاعتماد على عملة مستقلة عن اقتصاديات الدول.[49][50] إضافةً لذلك أنه حتى مع رفع الحماية القانونية عن تلك الاتفاقيات وفقًا لأوضاع صندوق النقد الدولي، فالنظام الجديد للصرف الثابت والقابل للتعديل لا يجرم بآليات تلقائية أوجه العجز والفائض الأكثر أهمية في ميزانيات المدفوعات.[51] بالنهاية، كي يستمر ذلك النظام، افترض كينز أن الولايات المتحدة تبذل وسعها للحفاظ على مصداقية ربط الدولار بالذهب، وبذلك ستستفيد من ذلك الربط، إلى جانب تمتع الدولار بدور قيادي كعملة للاحتياطات والمعاملات الدولية، في العقود المقبلة كي يعوضوا أوجه العجز في العملة التي يصنعونها، ما سيحرض على نهاية الاتفاقيات بوقف قابلية تحويل الدولار لذهب في 15 أغسطس 1971.[52]

إرث كينز

أثره على الثلاثين المجيدة

يُعد تناول الثورة الكينزية أمرًا صعبًا في تقديرها وفي فصلها عن المؤثرات الأخرى كالتقدم التقني أو تأثير أفكار كالتخطيط المركزي أو الاشتراكية. لكن عبر الكينزيين الموجودين بالجامعات الأمريكية الكبيرة، والذين كانوا مستشارين للحكومات المتتابعة والذين شكلوا السياسات الاقتصادية فيما بعد، كان لكينز دور لا يمكن تجاهله. حيث يرى روبرت سكيدلكسي بأن الكينزيين الذين أشاروا على الحكومات بعد الحرب مباشرةً كانوا أكثر وفاءً لكينز من «الكرادلة» الكينزيين بفترة كينيدي.[SF 18]

التيار الكلاسيكي الجديد

ساحة هارفارد بكامبردج (ماساتشوستس)، والتي كانت ملتقً للكينزيين الجدد من التيار الكلاسيكي الجديد

ظهر التيار الكلاسيكي الجديد المرتكز على نموذج IS/LM(en) [الإنجليزية] مع نشر مقالة جون هيكس «Mr. Keynes and the "classics"» (السيد كينز و"الكلاسيكيون") عام 1937، كما ساهمت مقالة فرانكو موديلياني «Liquidity Preference and the Theory of Interest and Money» (تفضيل السيولة ونظرية الفائدة والمال)، المنشورة عام 1944، في هندسة النموذج المذكور. اشتهر ذلك النموذج بفضل ألفن هانسن، وكذلك بول سامويلسون عبر كتيبه المُعنوَن Economics والذي صدرت منه الطبعة الأولى في 1948. أثرت تلك الرسالة النظرية بشدة في الجامعات الشرقية كجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي عارضت المدرسة الكينزية لجامعة كامبريدج المُدارة من قِبَل جوان روبنسون. نشب عن تلك المعارض خلاف كامبردج حول رأس المال، وخاصةً حول نموذج النمو لهارود - دومار ونموذج سولو.

عام 1962، فتح نموذج IS/LM ذراعيه للاقتصاد الدولي وصار ما يُعرف الآن بنموذج ماندل - فليمنغ. وقُدم منحنى فيليبس في نهايات 1959 عن طريق سمويلسون، روبرت سولوْ، وروبرت ليبسي، حيث رأوا في ذلك المنحنى وسيلة للتحكيم فيما بين التضخم والبطالة. ففي البداية، كان شاغل فيليبس هو معرفة أثر البطالة على مستوى الأجور.[53]

رأى والتر هيللر، الذي ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين (Council of Economic Advisers) الأمريكي، أن الاقتصاد الكينزي الأمريكي له 3 مصادر: جون مينادر كينز، «أمْرَكَة» كينز عن طريق ألفن هانسن، و«حداثة الخمسينيات والستينيات».[lower-alpha 27] ومع إدارة جون كينيدي، وصل الاقتصاد الكينزي لمستوى عال من التطبيق، وسُميت لاحقًا من قِبَل السياسيين «fine-tuning » (الضبط الدقيق)، وقد هدفوا عبر استخدام منحنى فيليبس لتحقيق نسبة منخفضة للغاية من البطالة. ومع تلك التطورات الأخيرة، نشر ميشيل بو وغيل دوستايلر ما يُسمى بـ «الكينزية الهيدروليكية»، والتي تعني «كينزية مُبَسَطَة، تقتصر على آلية معتمدة على كميات شاملة أو تدفق هيدروليكي ومُفَرَغَة تمامًا من الأبعاد الأساسية لكينز: الوقت، الشك غير القياسي، التوقعات والتي ينبع منها وضع الظواهر المالية بالاعتبار».[BD 7]

استمر تدريس أفكار التيار الكلاسيكي الجديد بكبرى الجامعات الأمريكية كهارفارد، برنستون، وبركلي، ما مَثل معارضة معاصرة بين الجامعات واقتصاديي Salt Water مع اقتصاديي Fresh Water[lower-alpha 28] (جاءت تلك التسمية لوجود جامعة شيكاغو بجانب بحيرات عذبة).

أنصار ما بعد الكينزية

اختلف أنصار ما بعد الكينزية مع الكينزيين الجدد، حيث أصروا على ضرورة وجود مبدأ الشك وعلى باطنية المال (أن السلطات المالية لا تقرر كم المال المتاح).

من الممكن التمييز بين المدارس العديدة التي تلقب نفسها بما بعد الكينزية، حتى ولو كان التصنيف نفسه أكثر أو أقل تغيرًا. ظهرت العديد من الرؤى التي استلهمت الكينزية ككينزيي المدى الطويل (هارولد روي فور)؛ كينزيي الفصل الثاني عشر (جورج لينوكس شارمان شاكل)؛ الاقتصاد الكلي لميتشل كايلكي (المُستَلهَم من كتاباته) والذي مزجها بالماركسية، مدرسة كامبردج أو أنصار ما بعد الكامبردجية، والتي ضمت اقتصاديين معتَبَرين كنيكولاس كالدور، جوان روبنسون، ميتشل كايلكي، بيرو سرافا؛ نظرية الدوائر النقدية بفرنسا والتي بعثت الفيزيوقراطية للحياة مرة أخرى، وقد ركزوا على الدورة النقدية، وطوروا أفكارًا تنتقد الاقتصاد الجزئي بشدة.

انتقدت نظريات المدارس المذكورة التيار الكينزي الجديد الذي كان يمثل حينها التيار الرائج في الاقتصاد. وقد نوهوا إلى أن نموذج IS/LM، باعتراف مبتكره الأصلي جون هيكس، عانت من عيب رئيسي: «تُعد بسيطة نسبيًا. فمنحنيانها الاثنان [IS وLM] لا يقومان بشيء معًا. فواحد لقياس توازن التدفق النقدي، والأخر لقياس توازن الأسهم. ولكنهما لا يقومان بأي دور حين يجتمعا في رسم بياني واحد».[54]

انحدار التأثير في الثمانينات

بدأت النظرية الكينزية تفقد تأثيرها منذ بداية السبعينات لصالح المدرسة النقدية، وقد نافسها أيضًا وبشدة الكلاسيكيون الجدد (مدرسة أخرى غير التيار الكلاسيكي الجديد). كما فقد التيار الكلاسيكي الجديد لونه، حيث أصبح أكثر ميكانيكية وأقل قلقًا تجاه النفس البشرية التي توَلِد الشك، وقد ظهرت ضعيفة غير قادرة على المواجهة مع الصدمة البترولية التي سببت تضخمًا هائلًا. كما مثل صعود الريغانية والتاتشرية، المتأثرين بفكر فردريك هايك، مواجهة متصاعدة بالسياسات الاقتصادية تجاه الكينزية المتجذرة.

الكينزيون الجدد

رغم فقدان الفكر الكينزي لتأثيره على الحكومات، بدأ الكينزيون الجدد منذ الثمانينات في كشف التحدي الذي أطلقته المدرسة الكلاسيكية الحديثة ونظرية الدورة الحقيقية للحركة الاقتصادية. فقد اختلف الكينزيون الجدد مع المدرسة الكلاسيكية الحديثة، ورأوا أن قانون العرض والطلب ليس بكافٍ للتوازن السريع للسوق، ما ينتج عنه، حسب ما يرون، انعدام الثبات في الأجور والمرتبات بدلًا من المرونة، وذلك بسبب المعلومات المعيبة.[55]

بينما رأت المدرسة الكلاسيكية الحديثة أن «الدورات تفسر نفسها عبر صدمات نقدية أو حقيقية لا يمكن التنبؤ بها»[56]، كان فكر الاقتصاد الكينزي الجديد يرى بأن الركود يتسبب عن مرة أو عدة مرات من فشل السوق، يستنتج ذلك الفكر، خلافًا عن المدرسة المذكورة، أن بعض التدخلات الحكومية في السوق تُعد ضرورية ومُبَررة.[57] كما رأوا، خلافًا عن المدرسة الكلاسيكية الحديثة واتفاقًا مع المدرسة النقدية[58]، أن السياسة النقدية تستطيع التأثير لمدى قصير على العمالة والصناعة.

النهج ما بعد الكينزي

عارض عدد من أنصار ما بعد الكينزية[59] أنصار المدرسة النقدية، حيث قالوا بأن طبيعة المال الأساسية تكمن في كونه باطني المنشأ، حيث أن المال يُصنع عبر البنوك بهدف إشباع حاجات الاقتصاد؛ أما كميته فلا تُحدد عبر البنك المركزي، رغم أن تدخله فاقد للتأثير على تصرفات العملاء، وبذلك يصبح سعر فائدة الطرف الأخير خارجي المنشأ. «تُنشئ البنوك الحسابات والودائع، ثم تدير الأوراق المالية الصادرة عن البنك المركزي والمطلوبة من قِبَل عملائهم، مع الاحتياطي الإجباري الذي يلزم به القانون».[60]

وقد رأى أنصار ما بعد الكينزية في فشل السياسات النقدية المتبعة في الثمانينات لبول فولكر، رئيس النظام الاحتياطي الفيدرالي، تمثيلًا لصحة نظرتهم. وكانت تلك النقطة بطبيعتها مثار جدل، لذلك فكر أنصار الاقتصاديات التقليدية المحدثة في الخروج عن إطار النظرية الكمية للنقد مع محاولة إجراء استراتيجيات تستهدف التضخم والمصداقية.[61]

عودة لكينز من بعد أزمة 2008؟

مع الكارثة الاقتصادية التي بدأت عام 2007، عاد الفكر الكينزي لصدارة المشهد كأداة لتحليل ما حدث وكوسيلة لمواجهة الكارثة الاقتصادية التي تبعته.

تتسم تلك الكارثة المالية بعدة أوجه يمكن أن تُفسر عبر اقتصاد الكازينو الذي انتقده كينز بشراسة في الفصل الثاني عشر من النظرية العامة، فقد أدت «الأرواح الحيوانية» المرتبطة باقتصاد عدم التدخل إلى كارثة عميقة. وقد رأى جورج أكرلوف وروبرت شيلِّر مؤخرًا أن الاقتصاديين من بعد كينز قد أهملوا بشدة ذلك الجانب وألفوا كتابًا بعنوان الأرواح الحيوانية، والذي عددوا فيه خمس عوامل يمكن أن تزور المنطق العقلاني: «الثقة، قلق الإنصاف، إغراءات الميول «اللاجتماعية» (كالفساد)، التوهم النقدي، وأخيرًا «القصص »- تلك المحكيات التي رُفعت لمرتبة الأساطير».[lower-alpha 29]

وعند تفقد الحلول العلاجية لتلك الأزمة، يتبين أن تأثير كينز صارخ مع تضاعف خطط الإنعاش الاقتصادي وإصلاح الميزانية، إنشاء عملة تخضع لحقوق السحب الخاصة، والتي دعا لها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، محاولة التوافق الاقتصادي على المستوى العالمي، سياسات نقدية مرنة...

الانتقادات الموجهة لكينز

انتقادات جامعيي كامبريدج

كلية كينغ بكامبريدج، حيث صاغ كينز فكره الذي لم يخلُ من الصدام مع اقتصاديي جيلهمنذ

نشر النظرية العامة لكينز، لم يَألَف بيجو الهجمات الموجهة ضد نظرياته، كما تألم من الهجمات الموجهة نحو ألفرد مارشال. وقد اتهم هو ودينيس روبرتسون كينز بإطلاق مُسمى «كلاسيكي» على كل من يختلف معه.

اعتبر روبرتسون، في رسالة بعثها لبيجو، أن استخدام كلمة «كلاسيكي» يُعد سلوكًا صحفيًا.[S 28] وقد كان بيجو في الحقيقة يرفض نظرية الركود الاقتصادي التي وردت أيضًا في النظرية العامة.[S 29]

فيما بعد، تصالح روبرتسون مع كينز، وفي 1949، تراجع بيجو عن عدد من انتقاداته تجاه كينز.

فريدريش فون هايك

اعتبر هايك صديقه كينز أنه لم يملك المعرفة الكافية في النظرية الاقتصادية[62][63][64]، ورأى بأن كينز يحاول إعلاء المجتمع على الفرد.[65]

وقد عارضه هايك في 3 نقاط رئيسية:

  • سعى كينز، عبر النظرية العامة، أكثر من أي شخص أخر، لتقوية الاقتصاد الكلي، والحث على التقليل من شأن الاقتصاد الجزئي.[66] ورأى بأن كينز قد أخطأ حين ظن بأنه تتواجد علاقات بسيطة وثابتة بين التجمعات الاقتصادية، جبث رأى أن الاقتصاد الجزئي يبين العكس[67]؛
  • تفترض المدرسة الكلاسيكية أن النظام الاقتصاد دومًا بحالة العمالة الكاملة أو على وشك الوصول إليها، أما كينز فقد افترض خطأً أن الاقتصاد دومًا غير كامل العمالة، حيث رأى هايك بأن المسلمات الكلاسيكية تسمح بفتح آلية عمل الأسعار، أما افتراض كينز فقد جعل من نظام الأسعار غير قابل للفهم[68]؛
  • القناعة بأن صنع المزيد من المال يقود لمزيد من الإنتاج يؤدي إلى تضخم كبير، حيث يُفهم بالشكل المبسط للغاية الذي فُهم به من بعد الحرب. وقد أدرك كينز تلك النقطة وأظهر رغبة أكيدة في محاربة التضخم، ولكن انتقده ممثل المدرسة النمساوية لعدم وضع تصور لكيفية مكافحة التضخم في النظرية العامة.[69]

أما كينز، فقد قام من جانبه بقراءة كتاب فريدريش هايك الطريق إلى العبودية وهو على الباخرة في طريقه لعقد اتفاقيات بريتون وودز، والذي اتفق مع محتواه بشكل عميق.[70] وفي رسالة بتاريخ 28 يونيو 1944 لهايك، بعد أن نَوَّه عن عدم معارضة متلقي الرسالة لكل أنواع التدخل الحكومي، انتقده لعدم تكوينه إطار تحليلي ملائم للتمييز ما بين التدخل الحميد والسيء.[lower-alpha 30] ويرى كالدويل[71] أن تلك الانتقادات، إلى جانب انتقادات من أشخاص أخرين، دفعت هايك لكتابة The Constitution of Liberty (دستور الحرية).

جاك روف

نبعت معارضة جاك روف لكينز عن نهجه لطريق أخر في علم الاقتصاد. فقد كان لروف نظرة تتسم بالآلية للظواهر الاقتصادية، وذلك لدراسته بالمدرسة المتعددة التكنولوجية، والتي عارضت نهج كينز الذي اتسم بالتحليل النفسي، وقد ظهر ذلك في خلافهما حول العودة للغطاء الذهبي.

في أعقاب الحرب العالمية الأولى، من بعد تقرير كوندليف، أعلنت كافة الحكومات الأوروبية عن نيتها لمعادلة أموالهم بالذهب كما كان وضع قبل الحرب، ما كان يعني على المستوى العملي أنه على كل الفاعلين الاقتصاديين تعديل أسعار رسوم عقودهم بشكل مماثل، وفقًا لمسعى لخفض عام في الأسعار عبر إعادة تقييم أسعار المال نسبةً للذهب. ظنت حكومات ذلك العصر أن ذلك التعديل الانكماشي يتبع ببساطة المسار المعاكس للتعديل التضخمي الذي سبقه.[72]

رأى روف أن ما كان ممكنًا في حالة إنجلترا، التي اتخذت مسارًا مخالفًا لحكومات ما قبل الحرب، لم يتعَدَ الـ 10% (يرى شارلز كندلبرغ أن هذا الرقم يهمل ضرورة تبني الحسابات لمعادلة الأموال الناشئة عن المشاكل البنيوية التي وُلدت عن الحرب).[73] ولكنه رأى أن فرنسا لا يمكن أن تتخذ مسارًا مخالفًا، اتفاقًا مع كليمنت كولسن[71]، رغم أن اتخاذ مسار مخالف كان يُعد أكثر أهمية بفرنسا، ولم ينصح روف ريمون بوانكاريه بذلك. فبالنسبة لروف، يكمن سر الفشل الإنجليزي في جمود الأجور، وآليات حماية البطالة.[74] لم يرَ كينز بأن ذلك الحل ممكن، ليس فقط بسبب الصراعات الاجتماعية، ولكن أيضًا بسبب المشاكل المرتبطة بالتوقعات السلبية. كما أن في نظريته الكينزية، تظل الأجور التي تُعطى في مقابل عدد معين من ساعات العمل (ساعة، يوم، شهر...) جامدة عند الانخفاض. وبشكل عام، يتهم الكتاب الأنجلوساكسونيين الفرنسيين بلعبهم بشكل غير تعاوني مع خفض قيمة العملة بشكل تنافسي.

في عام 1976، نشر جاك روف مقالة يعلن فيها نهاية العصر الكينزي[75] - رغم أنه في الواقع كان نهاية عصر هيمنة النظرية الكلاسيكية الحديثة -، كما أنه بين أسباب معارضته لكينز في مقالته Les erreurs de la Théorie générale de Lord Keynes (سقطات النظرية العامة للسيد كينز)[76] عام 1947. وقد ولدت تلك المقالة خلافه مع جيمس توبن، والتي تكمن في عدة نقاط:

  • يرى روف أن «نظرية العمالة التي يصفها كينز بـ«العامة» لا تناسب إلا اقتصاديات بعينها؛ غير الحساسة تجاه تغيرات الأسعار والفوائد»[77]؛
  • اعتبر أن ذاتية الوحدة النقدية[lower-alpha 31] التي تهدف إلى أن تصبح «العملات والديون مجرد علامات خالية من القيمة» تكمن في تفاصيل النظرية العامة. وقد اعتبر ذلك النهج خطأ منهجي[78]؛
  • لم يكن مقتنعًا بأن يكون المال خارجي المنشأ، أي أن تُدار الكمية المتاحة في السوق عبر البنك المركزي، وقد قال في ذلك: «أرى بأن ما يحدد كمية الأموال الدائرة بالسوق مدى احتياج الأفراد للأموال السائلة».[79]

انتقادات المدرسة النقدية

يرى دي فرويه وماغرانج[80] أن للكينزية معنيان، فهي «من ناحية أداة مفاهيمية، نموذج IS/LM، ومن ناحية أخرى، مشروع سياسي لخدمة من صُممت لهم الأداة، المدافعين عن تدخل الدولة في السوق الهادف لتعويض فشل السوق». فيما يخص النقطة الأولى، شارك فريدمان مع كينز نفس الانتماء الفكري لنموذج مارشال، ولم يكن «معارضًا بقوة لنموذج IS/LM، بل ومدح صلاحية النسخة الكلاسيكية من النموذج، والذي افترض مرونة الأسعار»[80]، ولكنه عارض بشدة الكينزية بمفهومها السياسي والسياسات الاقتصادية المستلهمة منها.

ركز نقده على ثلاثة نقاط رئيسية:

  • عام 1957، صاغ فريدمان فرضية الدخل الدائم، والتي تقول بأن الاستهلاك يعتمد على الدخل الذي يتوقع الأفراد الحصول عليه في المدى البعيد. الفكرة المُتَضَمَنَة بتلك الفرضية هي فشل سياسات التحفيز عبر إطلاق أموال سائلة في السوق، نظرًا لأن الأفراد في ذلك الحال لن يصرفوا تلك الأموال لأنهم لا يتلقونها إلا كل حينٍ وأخر.
  • منذ الستينات، حين بدأ الركود التضخمي، أصر فريدمان ومعه المدرسة النقدية بشيكاغو على حقيقة عدم صلاحية منحني فيلبس في الاعتماد عليه. صاغ فريدمان قبلها مصلطح البطالة الطبيعية. كان للكينزيين الجدد مفهومًا قريبًا لمفهوم فريدمان، وهو NAIRU (Non-accelarating inflation rate of unemployment)، أي مستوى البطالة التي لا تساهم في التضخم. يرى فرانكو موديلياني أن «السمة الفارقة للمدرسة النقدية والموضوع الخلافي الحقيقي مع غير النقديين ليس النقد، وإنما غالبًا الدور المنوط بسياسات تحقيق الاستقرار... الرسالة الأساسية للنظرية العامة على المستوى العملي هي أن الاقتصاد القائم على الشركات الخاصة التي تستعمل عملة غير ملموسة يحتاج لمن يدعم استقراره، ومن ثم فلابد من ضمان ذلك عبر سياسات مناسبة للنقد والموازنة. على النقيض، رأى النقديون أنه ما من حاجة للتدخل لضمان استقرار الاقتصاد».[81]
  • عام 1953، كتب فريدمان مقالًا بعنوان The Case for Flexible Exchange Rates (قضية معدلات الصرف المرنة)، نَظَّر فريدمان لأفكار حول عملية صرف العملات، والتي عبر عنها منذ سنين عديدة.[82] برر تأييده لتعويم العملة بأنه الضبط الذي يسمح به ذلك النظام بين العملات المُتبادَلَة فيما بين اقتصاديات الدول المتخضمة وغير المتضخمة. وقد انتهى الأمر بمسألة التعويم بفرضه منذ مارس 1973، وقد تضمنته اتفاقيات جامايكا منذ 1976، ما قاد إلى نهاية نظام اتفاقيات بريتون وودز، وسمح بتوسع قوي للأسواق والابتكارات المالية.

الاقتصاد الكلاسيكي الحديث، قطيعة جذرية مع الكينزية

بالاختلاف عن ميلتون فريدمان، رفضت المدرسة الكلاسيكية الحديثة اتباع إطار كينزي المنهجي، حيث قام روبرت لوكاس جونيور (الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1955توماس سارجنت، نيل والاس، وغيرهم، بالتشكيك في السياسات الاقتصادية المستلهمة عن كينز، انطلاقًا من 3 مبادئ معارضة بقوة لتعاليمه:[BD 8]

  1. تُعد الأسواق في حالة استقرار نظرًا للعب الأسعار الدور المنوط بها وفقًا لليون والراس؛
  2. يتعامل الوكلاء بالشكل الأمثل مع المعلومة غير الكاملة التي يُعد نيلها غاليًا؛
  3. يقوم الوكلاء بتوقعات رشيدة.

نالت نظرية الدورة الحقيقية للحركة الاقتصادية عن طريق الاقتصاديين فين كيدلاند وإدوارد بريسكوت (الحائزين على جائزة نوبل في 2004)، وقد «اعتبرت [تلك النظرية] أن التقلبات ناتجة عن صدمات على مستوى الإنتاج، ما يضر الاقتصاديات التي تظل دومًا في حالة استقرار».[BD 9] وقد قام كيدلاند وبريسكوت في مقالتهما عام 1977 Rules Rather than Discretion (القوانين بدلًا عن حرية التصرف) بالتأكيد على مصداقية السياسات الاقتصادية، والتي تفترض أن مديريها لا يسيئوا استغلال الذرائع، وبالتالي على ضرورة عدم إساءة استغلال السياسات الاقتصادية الكينزية

كينز والمارسكيين

كان كينز ناقدًا للماركسية، وقد ظهر ذلك في نقده لكتاب جوان روبنسون الصغير An essay on Marxian Economics (رسالة في الاقتصاد الماركسي)، وقد كتب بأنه وجد الكتاب رائعًا، مع التحفظ على «وجود شيء مزعج في جوهره في محاولة لإعطاء معنى لما ليس له معنى».[S 30] على الرغم من ذلك، فقد قدر مثالية ماركسيي كامبردج، مثل الشاعر جوليان بِل.

وفي فرنسا، سَخَرَت المجلة الماركسية Nouvelle Critique (نوفال كريتيك) سلسلة من المقالات التي نُشرت في مارس، مايو، يونيو، يوليو، وأغسطس 1949. وقد نشر تشارلز بيتلهيم (اقتصادي ومؤرخ فرنسي يساري) مقالات ضده في المجلة الدولية بنهايات الأربعينات، وبدايات الخمسينات. يرى كروس[83] أن النقد الماركسي كان مزدوجًا في تلك الحقبة: «قدم كينز نظرية أنكرت الحقائق العلمية التي أقامها ماركس»؛ «لقد كان كينز جزءًا من الكتاب الخطرين على مسيرة العملية الثورية: الإصلاحيين».

وفي الستينات، انتقد الماركسي بول ماتيك كينز في كتابه Marx et Keynes, les limites de l'économie mixte (ماركس وكينز، حدود الاقتصاد المختلط). اعتبر ماتيك أن نقد الاقتصاد السياسي الذي بدأه ماركس أجدى في سبيل فهم التطورات الاقتصادية عن نظرية كينز. كما انتقده ماتيك أيضًا لمحاولته لحفظ الرأسمالية.[84]

انتقادات ألفرد سوفي

«كينز النبي، كينز المنقذ، لقد فعل كينز الكثير في سبيل زيادة البطالة. مفهوم الطلب العام، المؤهل لكي يصبح نهجًا شديد الرداءة، صار سريعًا مخالفًا للمنطق ومرشدًا مضلًا».[85]

يرتكز نقد ألفرد سوفي على أن بنية العمل لابد أن تتلاءم مع بنية الطلب المتوقع من قِبَل الوكلاء الاقتصاديين، فالبنيتان ليستا متداخلتان أبدًا. دفع الطلب عن طريق الإنفاق العام حين توفر الأوراق المالية سيكون له أثر ترفيهي؛ لكن حين تستجد لحظة الإنتاج، سيحدث اصطدام بحالة من الجمود، والتي ستثير حالة من البطالة أو التضخم. من البطالة، نظرًا لأن رؤوس الأموال المسحوبة عبر الجبايات العامة ستعالج نقصًا في الأرباح غير مرئي، ولكنه حقيقي وسيخرج للنور آنيًا أو عاجلًا؛ ومن التضخم نظرًا لأن الإفراط في خلق النقد سيؤدي إلى حدوث توتر على العمالة في عدة قطاعات اقتصادية. باختصار، فالتحكيم فيما بين «التجمع السكاني المطلوب» و«التجمع السكاني الفَعَّال» لن يتحقق أبدًا عبر الوسائل التي يقترحها كينز، بل سينتج «اقترانًا وحشيًا بين البطالة والتضخم».

المؤلَفَات

كتب كينز العديد من الكتب والمقالات، لذلك سيكون من المثير للاهتمام استعراض كافة أعمالة في قائمة مكتملة. يُرجى العلم بأن دونالد موغريدج قد حرر المؤلفات الكاملة لكينز المتاحة في عدة مكتبات جامعية. وقد كان شخص كينز وأعماله هدفًا للكثير من الأعمال الأخرى، وقد جُمعت المقالات الرئيسية والدراسات المُسَخَرَة لكينز منذ 1936 حتى 1981 في مجموعة تضم 150 مساهمة.[86]

قائمة الكتب

المصادر

الكتب

كتب كينز المذكورة

  • John Maynard Keynes, , Paris, Bibliothèque scientifique Payot, 1990 (1re éd.1936), 387 p. (ISBN 978-2-228-13770-6)
  • John Maynard Keynes, , Paris,غاليمار, 2002, 290 p. (ISBN 978-2-07-042244-9)

    هذا الكتاب المُستَهل من قبل جان بول فيتوسي وأكسل ليجونفود أعاد طباعة عدة مقالات لكينز، منها «هل أنا ليبرالي؟» و«نهاية اقتصاد عدم التدخل».

مقالات وأعمال جامعية

  • (en) Barry Eichengreen, « », The Journal of Economic History, vol. XLIV, no 2, 1984
  • Olivier Favereau, « », Économie et société, no 3, mars 1985,p. 29-72
  • Claude Ménard, « »,Économie et société, no 3, mars 1985
  • (en) Don Patinkin, « », The New Palgrave Dictionary of Economics, vol. 3, 1987
  • (en) Raymond Mikesell, , Princeton, International Finance Section, Dept. of Economics, Princeton University, 1994, 68 p., poche (ISBN 978-0-88165-099-0,رقم الضبط في مكتبة الكونغرس 94008984), Essays in International Finance nº192
  • (en) Malcolm Rutherford (dir.) et Craufurd Goodwin, , New York, روتليدج, 1998, 1e éd., 333 p., relié (ISBN 978-0-415-13355-5,رقم الضبط في مكتبة الكونغرس 97029576), « Vision accomplished : Harold Moulton and Leo Pasvolsky of the Brookings Institution as Champions of a New World Order »
  • Gilles Dostaler, « », جامعة كيبيك في مونتريال (document de travail), 2002 (lire en ligne)
  • (en) غريغ مانكيو, « », Journal of Economics Perspectives, vol. 20, no 4,automne 2006
  • Michel De Vroey et Pierre Malgrange, « », Revue française d'économie, vol. XXXI,janvier 2007
  • (en) غريغ مانكيو, « », The Concise Encyclopedia of Economics, 2008 (lire en ligne)
  • جوزيف ستيجلز, Carl Walsh, Florence Mayer et Jean-Dominique Lafay(trad. Florence Mayer), , Bruxelles, De Boeck, 2004, 2e éd., 1008 p. (ISBN 978-2-8041-4474-6, OCLC 62282993)

مقالات مبسطة

  • (fr) Denis Clerc, 2000, « Deux Keynes pour le prix d'une théorie »Alternatives économiques de mars
  • (fr) Denis Clerc, 1999, « Nouveaux keynésiens, les chantres du salaire d'efficience », Alternatives économiques, no 168, mars 1999.
  • (fr) Denis Clerc, 2007, « Les nouveaux keynésiens », Alternatives économiques Pratique, no 31, novembre 2007.
  • (fr) Pascal Combemale, « Keynes et les keynésiens », Cahiers français no 345, juillet-aoüt 2008.

مؤلفات أخرى

مواقع إنترنت مُستَخدَمة

انظر أيضًا

كتب

  • (fr) Gazier B., John Maynard Keynes, éditions PUF, collection Que Sais-je ?, 2009
  • (fr) Maris B., Keynes ou l'économiste citoyen, Presses de Sciences-Po, 1999, 98 p.
  • (fr) Minc A., Une sorte de diable : les vies de John Maynard Keynes, 2007
  • (fr) Henry G.M., Keynes, Armand Colin, 1997 (223 p.)
  • (fr) 
  • (fr) « Portrait : John Maynard Keynes (1883-1946) ». La nouvelle lettre, n°1076 (30 avril 2011) : 8.
  • (fr) Stewart M., Keynes, éditions du Seuil (Points-Économie), 1973
  • (fr) Ventelou B., Lire Keynes et le comprendre, Vuibert, 1997

روابط خارجية

الملاحظات والمراجع

ملاحظات

  1. الاقتصاد الكلي الكينزي (fr) هو إعادة شرح للاقتصاد الكلي قام به كينز، وهو قائم على مجاميع إحصائية مفترضة تمثل خصائص اقتصاد الدولة. وقد خدمت في تبرير العديد من سياسات تدخل الدولة في الاقتصاد. تقوم مسلمات ذلك الاقتصاد الكلي على أن تلك المجاميع، المقاسة إحصائيًا، تؤكد على عدة قواعد، وهي أن الدولة تستطيع أن تتدخل على تلك الإجراءات بطرق معينة، وفي حالة وجود تلك التدخلات، فعلى الدولة أن تحدد أهدافًا لتعديل خصائص الاقتصاد من أجل رفاهية المواطنين.
  2. Bernard Gazier, Les concepts centraux de la Théorie Générale (Chapitre III) et Keynes et le keynésianisme (Chapitre IV) in John Maynard Keynes, PUF, Que Sais-Je ?, 2009
  3. « For Keynes was, for want of a better word, a "neoliberal", perhaps the earliest. By his own admission, Keynes lay at the "liberal socialist" end of the broad spectrum of political and social thought that runs to Ludwig von Mises, Hayek and successors such as Milton Friedman at the other » Moggridge, 1976, p.42
  4. Estewell, 1987, p.47
  5. وُلد كينز في نفس العام الذي وُلد فيه جوزيف شومبتر، في وسط برجوازي فيكتوي يتصف بحسه التجاري، ذوقه تجاه الأشياء الجميلة، الثقافة والرفعة الأخلاقية
  6. لمعرفة ما إذا اعترض كينز على تجنيده لمعتقدات شخصية يُرجى النظر في Dostaler, 2005, pp.246-250
  7. ليس من المؤكد إن كان لكينز نظرة معظمة لفرنسا بشكل عام وسياساتها الاقتصادية بشكل خاص
  8. كما بين كينز قلة وده تجاه فرنسا في كتابه The Economic Consequences of the Peace... لم يهتم ولا اقتصادي فرنسي بقراءة مؤَلَفَه، إلى أن احتل الألمان فرنسا لفترة طويلة سمحت لهم بالكثير من وقت الفراغ
  9. في الواقع، لم يكن تشرشل مقتنعًا فعلًا برأيه، وإنما اتبع الرأي السائد الذي ندم عليه فيما بعد، فلم يكن تشرشل متمكنًا من علم الاقتصاد
  10. الهيجلية هي التيار الفلسفي الذي تطور من بعد موت هيجل، في القرن التاسع عشر ثم في القرن العشرين. يتضمن تلاميذ هيجل المباشرين ومن تلقى فكره من بعدهم (fr)
  11. للقراءة عن أزمة الائتمان
  12. لم يتردد في العودة من الخزانة، مع شخصيات أخرى من ضمنها ويليام بيفيردج الذين كان لهم دور أثناء الحرب العالمية الأولى، وأرادوا خدمة بلادهم، فكون كينز مجموعة الـ Old Dogs
  13. حول تلك النقطة، وحول عدم وجود تدخل حقيقي لكينز في السياسة االاجتماعية، يُرجي العودة إلى (Skidelsky, 2003, p. 137).
  14. وقع ذلك الخلاف بسبب مقابلة لستالين مع ويلز في جريدة The New Statesman. من أجل تفاصيل أكثر، انظر (Skidelsky, 2003, p.516).
  15. انظر مقدمة فان دي فيلد في مقالته La fin du laissez-faire في (Keynes, 2002, p.55).
  16. سيُتَعَمَق في كتاب كينز عن طريق الحركة الكلاسيكية الجديدة، والتي تدين بالكثير لهارفارد، MIT، وألفن هانسن، بروفيسور بهارفارد، والذي دعى عام 1947 في كتابه Economic Policy and Full Employment (السياسة الاقتصادية والعمالة الكاملة) لإعادة بناء اقتصاد مبني على السوق ومزود بمؤسسات جديدة تضمن استقرار التقلبات الاقتصادية عبر إدارة الطلب العام (Beaud et Dostaler, 1966, p. 86).
  17. سياسة الاستقرار: استخدام السياسات النقدية والماليّة من أجل تحقيق استقرار الناتج المحلي الإجمالي والعمالة الكلّيّة والأسعار (LDLP)
  18. يقول البروفيسور غودوين: «في الواقع، لقد انتشرت رسالة السياسة الكينزية الأصلية لجمهور واسع من هارفارد في محاضرات غودكين في مايو 1934 والتي ألقاها والتر ليبمان، وقد طُبعت في كتاب بعنوان The Method of Freedon منهاج فريدون (1935) (The Promise of expertise: Walter Lippmann and Policy sciences, Policy Sciences, 28, Kluwer Academic Publishers, Netherlands, p.336)»
  19. «تلك محاولة لاستغلال ما تعلمناه من الخبرة الحديثة والتحليل الحديث، لا لتفنيد، بل لتنفيذ حكمة آدم سميث» (CW,n)27, p.445)
  20. « There is no reason to suppose that there is "an invisible" an automatic control in the economic system which ensures of itself that the amount of active investment shall be continously of the right proportion » Collected Writings XXI, p.386
  21. « There are in these matters deep undercurrents at work, natural forces, one can call them, or even the invisible hand, which are operating towards equilibrium » The Balance of Payment of the United States de 1946, Collected Writings tome 27, p.445
  22. في بريتون وودز، حارب كي يكونوا دولتين
  23. انظر Markwell, 2006, p.19، خاصةً في نقد «سذاجة» كينز بخصوص تلك النقطة من قِبَل ماركسي يُدعى جون ستراتشي
  24. اسم أطلقه الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز على العملة التي اقترح أن يصدرها بنك مركزي دولي جديد للتداول لسداد ديون بين الدول. ولكن اقتراحه رفض في مؤتمر بريتون وودز في عام 1945 (LDLP)
  25. علم أدولف بيلري، مساعد وزير الشؤون الخارجية الذي تلقى معلومات عن شبكات التجسس التابعة للاتحاد السوفيتي في الولايات المتحدة، من كوردل هَل، أن وزير الشؤون الخارجية سيكون حاضرًا بالمفاوضات (Skidelsky, 2000, p.246). كما شارك عدد من أعضاء الوزارة (من ضمنهم بيرلي) في المفاوضات. صار هذا الوزير المحرك الحقيقي في سبيل التصديق على المشروع من كافة البلاد. وإذا كان الجمهور يعلم بأسماء وايت وكينز، فهذا لأنهما من قاما بصياغة المشروعات، ولأن معارضتهما عُدت ضربًا في الروح المعنوية. ولكن من الممكن الإشارة إلى أن الأفكار المُقَدَمة في الخطتين كانت المنطقة المشتركة فيما بين الأوساط المتخصصة، وأن المفاوضات، كما أن تلك المفاوضات ضمت العديد من الخبراء الذين كانوا يتدخلون لحل الخلافات فيما بين الوفدين ولتقديم استشاراتهم التخصصية
  26. (Skidelsky, 2000, p.336) من المرجح أنه تعبير ضعيف، فقد لعب كينز، بشكل ما، الدور الذي لم يلعبه سياسيو بلاده.
  27. انظر كتاب هيلين: Nouvelles Perspectives de la politique économique Paris Calman-Lévy, 1968. Citation extraite de Beaud et Dostaler, 1996, p.93
  28. أثناء التحدث عن المعارضة فيما بين الكينزيين والليبراليين الكلاسيكيين في الولايات المتحدة، يُستعمل بشكل عام لفظ Salt Water (الجامعات القريبة من البحر) في مواجهة Fresh Water http://angrybear.blogspot.com/2009/01/background-on-fresh-water-and-salt.html
  29. Article de Gérard Moatti, L'économiste et le « facteur psy » Les Échos du 29/10/2009. Dans cet article l'auteur fait un compte-rendu du livre d'Akerlof et de Schiller
  30. « You admit here and there that it is a question of knowing where to draw the line. You agree that the line has to be drawn somewhere, and that the logical extreme is not possible. But you give us no guidance whatever as to where to draw it » cité par Bruce Caldwell, 2004, Hayek’s Challenge: an Intellectual Biography of F.A Hayek University of Chicago Press, p.289
  31. نظريَّة تقرّر بأن المدين لا يلزم إلاّ بأداء عدد الوحدات النقديَّة الموضَّحة بالعقد بقيمتها الشرائيَّة في وقت الدَّفع رغم تقلّبات العملة، ومن ثمَّ يستفيد المدين من انخفاض قيمة النقد.

    مراجع

    • M. Beaud M. Dostaler, 1993, La pensée économique depuis Keynes,Michel Beaud, Gilles Dostaler, Points économie édition utilisée 1996.
    1. p.36
    2. p.36
    3. p.17
    4. p.86
    5. p.81
    6. p.84
    7. p.96
    8. p.195-196
    9. p.200
      • Dostaler G., 2005, Keynes et ses combats, de Paris, Albin Michel, 2005 ; nouvelle édition revue et augmentée, 2009.
      1. p.289
      2. p.2002
      3. p.458
      4. p.40
      5. p.41
      6. p.114
      7. p.115-116
      8. p.114
        • Keynes J.M., 2002, La pauvreté dans l'abondance, Gallimard (recueil d'articles de Keynes des années vingt et trente)
        1. p.68-69
        2. p.73
        3. p.75
        4. p.80-81
        5. p.82
        6. p.82-83
        7. p.27
        8. p.28
        9. p.29
          • (en) Skidelsky R., 2003, John Maynard Keynes, Macmillan
          1. p.40
          2. p.50
          3. p.105
          4. p.108
          5. p.110
          6. p.358-362
          7. p.189
          8. p.184
          9. p.265-267
          10. p.365
          11. p.36-366
          12. p.318
          13. p.494
          14. p.491
          15. p.480
          16. p.89
          17. p.288
          18. p.91
          19. p.283
          20. p.287
          21. p.292
          22. p.528
          23. p.535
          24. p.464
          25. p.279
          26. p.499
          27. p.547
          28. p.544
          29. p.539
          30. p.663
            • (en) Skidelsky R., 2000, Fighting for Britain, Macmillan
            1. p.137
            2. p.xv
            3. p.19
            4. p.68
            5. p.276
            6. p.XIX
            7. p.20
            8. p.283
            9. p.193
            10. p.249
            11. p.330
            12. p.207-218
            13. p.243
            14. p.357
            15. p.253-254
            16. p.354
            17. p.218
            18. p.506
              • (en) Donald Markwell (2006), John Maynard Keynes and International Relations: Economic Paths to War and Peace, Oxford & New York: Oxford University Press.
              1. p.142
              2. p.9
              3. p.10
              4. p.15
              5. p.13
              6. p.12
              7. p.129
              8. p.191
              9. p.13
              10. pp.174-176
              11. p.22
              12. p.186
              13. p.215
              14. pp.223-224
              15. p.248
              16. p.241
              17. pp.258-259
              18. p.237
              19. p.164
                • (en) Don Patinkin, 1987 « Keynes, John Maynard (1883-1943) » The New Palgrave Dictionary of Economics
                1. p.33
                2. p.34
                3. p.21
                4. p.21
                5. p.20
                6. p.23
                7. p.23
                8. p.35
                9. p.27

                  مراجع أخرى

                  1. وصلة : https://d-nb.info/gnd/118561804 — تاريخ الاطلاع: 9 أبريل 2014 — الرخصة: CC0
                  2. http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12041754c — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسية — الرخصة: رخصة حرة
                  3. http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12041754c — تاريخ الاطلاع: 22 أغسطس 2017 — المخترع: جون أوكونور و إدموند روبرتسون
                  4. معرف الشبكات الاجتماعية وسياق الأرشيف: https://snaccooperative.org/ark:/99166/w6q81dnz — باسم: John Maynard Keynes — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017
                  5. مُعرِّف الموسوعة الوطنيَّة السُّويديَّة (NE.se): https://www.ne.se/uppslagsverk/encyklopedi/lång/john-maynard-keynes — باسم: John Maynard Keynes — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017 — العنوان : Nationalencyklopedin
                  6. مُعرِّف فرد في قاعد بيانات "أَوجِد شاهدة قبر" (FaG ID): https://www.findagrave.com/cgi-bin/fg.cgi?page=gr&GRid=13917737 — باسم: John Maynard Keynes — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017
                  7. باسم: John Maynard Keynes — معرف مشروع مكتبة نتائج الموسيقى الدولية: https://imslp.org/wiki/Category:Keynes,_John_Maynard — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017 — الرخصة: رخصة المشاع الإبداعي الدولية الملزِمة بالنسب للمؤلف والترخيص بالمثل ذات الإصدار 4.0
                  8. وصلة : https://d-nb.info/gnd/118561804 — تاريخ الاطلاع: 10 ديسمبر 2014 — الرخصة: CC0
                  9. وصلة : https://d-nb.info/gnd/118561804 — تاريخ الاطلاع: 28 سبتمبر 2015 — المحرر: ألكسندر بروخروف — العنوان : Большая советская энциклопедия — الاصدار الثالث — الباب: Кейнс Джон Мейнард — الناشر: الموسوعة الروسية العظمى، جسك
                  10. وصلة : https://d-nb.info/gnd/118561804 — تاريخ الاطلاع: 27 سبتمبر 2015 — المحرر: ألكسندر بروخروف — العنوان : Большая советская энциклопедия — الاصدار الثالث — الباب: Кейнс Джон Мейнард — الناشر: الموسوعة الروسية العظمى، جسك
                  11. The Stage و The stage and television today — الصفحة: 11 — العدد: 2316 — تاريخ النشر: 6 أغسطس 1921
                  12. The Stage و The stage and television today — العنوان : Kindred Britain
                  13. مُعرِّف شخص في موقع "النُبلاء" (thepeerage.com): https://wikidata-externalid-url.toolforge.org/?p=4638&url_prefix=https://www.thepeerage.com/&id=p23573.htm#i235721 — تاريخ الاطلاع: 7 أغسطس 2020
                  14. رقم فهرس سيرة أكسفورد: https://doi.org/10.1093/ref:odnb/34310 — المحرر: كولن ماثيو — العنوان : Oxford Dictionary of National Biography — الناشر: دار نشر جامعة أكسفورد
                  15. http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12041754c — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسية — الرخصة: رخصة حرة
                  16. « Nul économiste n'a sans doute davantage influencé la pensée économique contemporaine que John Maynard Keynes » (جون مينارد كينز, 1re phrase de l'article)
                  17. Skidelsky, 2003, pp.3-4
                  18. Mooridge,Maynard Keynes. An Economist's Biography, p. 25-29
                  19. La vie et l'œuvre de Keynes [archive] نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
                  20. A. Samuelson,« Les grands courants de pensée économique », PUG, 1990, p.397
                  21. Don Patinkin, 1987, p.19
                  22. (en) Maev Kennedy « The beautiful science »,الغارديان, 24 novembre 2005 (lire en ligne [archive]) نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  23. Ronald Steel, 1998, Walter Lippmann and the American Century, Transaction Publishers, p.306.
                  24. Voir l'entrevue que Robert Skidelsky a accordé au quotidien espagnolEl Mundo à l'occasion de la publication en langue espagnole de sa biographie de Keynes ; (es)Pablo Rodríguez Suanzes, « 'Keynes recomendaría bajar impuestos en la recesión actual' »,El Mundo, 18 mai 2013 (lire en ligne [archive]) نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  25. (en) « John Maynard Keynes: Bisexuality, ballerinas and brilliance at economics too »,The Scotsman, 21 octobre 2008 (lire en ligne [archive]) نسخة محفوظة 13 يونيو 2015 على موقع واي باك مشين.
                  26. Craufurd D. Goodwin « Chapter 2 : Art and culture in the history of economic thought » in V. A. Ginsburgh,David ThrosbyHandbook of the Economics of Art and Culture p. 61-66.
                  27. انظر لمقالة نيويورك تايمز، 12 يونيو 2003. [الأرشيف] نسخة محفوظة 09 فبراير 2008 على موقع واي باك مشين.
                  28. Bernard Maris, « Les 7 vies de Keynes », dans La Marche de l'histoire, 5 décembre 2012
                  29. La France reviendra aussi à l’étalon-or mais en pratiquant une dévaluation compétitive ce que les anglais n’apprécièrent pas
                  30. Keynes, 2002,p. 23
                  31. Keynes et la politiques [archive], p.7 نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  32. Combemale (1999), p. 7
                  33. M. De Vroey, P. Malgrange, La théorie et la modélisation macroéconomiques, d’hier à aujourd’hui, Working paper, N° 2006–33, 2006[archive] [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 12 يناير 2012 على موقع واي باك مشين.
                  34. Keynes cité in Raffaelli, 2006, p.167
                  35. Raffaelli, 2006, p.166
                  36. Dostaler, 2002, p. 10
                  37. Dostaler, 2002, p.10
                  38. Keynes paper, UA/20, cité in Skidelsky 2003, p.98
                  39. Keynes, 1990, p.171
                  40. Keynes,1990 p.173
                  41. Keynes, 1990, p.117
                  42. Lippmann The Method of Freedon(1935), p.46
                  43. Sur ce point voir, Pascal Combemale (2006), p. 12
                  44. Eichengreen, 1984, p. 364
                  45. JMK, vol 19, p. 152, cité in Eichengreen 1984, p. 365
                  46. JMK, vol 20, p. 115 cité in Eichengreen 1984, p. 366
                  47. L'article en langue originale -http://www.mtholyoke.edu/acad/intrel/interwar/keynes.htm  نسخة محفوظة 2020-08-11 على موقع واي باك مشين.
                  48. Voir opinion d'آلفين هانسنdans Markwell, 2006, p.266
                  49. (en) How Global Institutions Rule the World [archive], J. Colomer, Palgrave Macmillan, 2014 نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  50. (en) The Battle of Bretton Woods: John Maynard Keynes, Harry Dexter White and the Making of a New World Order [archive], Benn Steil, Princeton University Press, 2013, p. 195 et suiv. نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  51. (en) Global Trade: Past Mistakes, Future Choices [archive], Greg Buckman, Zed Books, 2005, p. 222 et suiv. نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  52. Un piège nommé dollar (2/4) : le billet vert "aussi bon que l'or" [archive], Romain Renier, latribune.fr, 2 septembre 2014 نسخة محفوظة 27 مارس 2019 على موقع واي باك مشين.
                  53. Jean-Marc Daniel, « La منحنى فيليبس », Le Monde, 8 mars 2005
                  54. Klamer, A. (1989), « An Accountant Among Economists: Conversations with Sir John R. Hicks », Journal of Economic Perspectives, 3(4) : 167-80
                  55. Stiglitz, 2004, p.314
                  56. Pascal Combemale, 2008, p.17
                  57. Mankiw, 2008, p.4, consulté le 08/03/2009
                  58. Mankiw,2008, p.4, consulté le 08/03/2009
                  59. on référera encore aux ouvrages de Marc Lavoie pour une présentation exhaustive
                  60. Marc Lavoie,L'Économie post-keynésienne, La Découverte, 2004, p.55
                  61. voir le débat entre Edwin Le Héron et Philippe Moutot,Les Banques centrales doivent-elles être indépendantes ?, Éditions Prométhée, 2008
                  62. La critique autrichienne [archive], article dans ذي إيكونوميست du 11 juin 1983 : « Je crains bien que ceci ne m'oblige à dire franchement qu'il ne fait toujours pour moi aucun doute que Maynard Keynes ne maîtrisait pas parfaitement l'ensemble du corpus de la théorie économique disponible à l'époque, et ne se souciait pas vraiment d'apprendre aucun raisonnement au-delà de la tradition marshallienne qu'il avait apprise lors de la seconde moitié de ses années de premier cycle à Cambridge. » نسخة محفوظة 13 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  63. Hayek on Keynes's Ignorance of Economics [archive[ نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
                  64. Hayek, Choice in Currency, A Way to Stop Inflation, The Institute of economics affair, 1976, p. 10 : « a man of great intellect but limited knowledge of economic theory ».
                  65. F.A. Hayek, Droit, législation et liberté, puf 2004, p.104
                  66. فريدريش فون هايك, 1978, « Personal Recollections of Keynes and the “Keynesian Revolution” », Hayek New Studies, Routledge & Kegan Paul, p.284
                  67. Hayek, 1978, p.285
                  68. Hayek, 1978, p.286
                  69. Hayek,1978, p.287
                  70. Keynes Hayek [archive]. Keynes écrit au sujet du livre : "Morally and philosophically I find myself in agreement with virtually the whole of it: and not only in agreement with it, but in deeply moved agreement." نسخة محفوظة 27 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
                  71. Bruce Caldwell, 2004, Hayek’s Challenge: an Intellectual Biography of F.A Hayek University of Chicago Press, p.289
                  72. Jacques Rueff Souvenirs et réflexions de l'âge de l'inflation [archive], § Les politiques de stabilisation après la Première Guerre mondiale,conférence de 1956 reprise dans son ouvrage L'âge de l'inflation, Payot, 1963 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
                  73. Charles Kindleberger, La Grande crise mondiale de 1929-1939, Economica p.46
                  74. Jacques Rueff,Revue politique et parlementaire, 1925
                  75. Jacques Rueff, journal Le Monde, 1976
                  76. Jacques Rueff« Les Erreurs de la théorie générale de Lordجون مينارد كينز »Revue d'Économie Politique, 57, janvier-février 1947, pp.5-33 ; version anglaise : « The Fallacies of Lord Keynes' General Theory »,The Quarterly Journal of Economics, 61, mai 1947, pp.353-367
                  77. Rueff, 1947, p.24
                  78. Rueff, 1947, p.19
                  79. Rueff, 1947, p.22
                  80. De Vroey et Malgrange, 2007, p.13
                  81. Modigliani discours présidentiel de 1977 devant l'American Economic Association, cité dans Beaud et Dostaler, 1996, p.191
                  82. Colloque de 2001 sur les taux de change flottants [archive],بنك كندا[PDF] [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 2020-08-11 على موقع واي باك مشين.
                  83. Jacques Cros,1951, Le néo-libéralisme : étude positive et critique, Librairie de Médicis, p.322
                  84. Paul Mattick, Marx et Keynes, Gallimard, 2010,ISBN 978-2-07-012789
                  85. Alfred Sauvy inL'économie du Diable Calman-Levy, 1976(ISBN 2702100988)
                  86. J.C.Wood, éd. ; « JMKeynes : critical assessments », 4 volumes, Beckenham, 1983. P.Delfaud « Keynes et le keynésianisme », Que sais-je ? n°1686, 3e édition, 1983 pour une approche simplifiée.

                    اضافاته للاقتصاد

                    مؤسس النظرية الكينزية من خلال كتابه (النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود) 1936 وعارض النظرية الكلاسيكية التي كانت من المسلمات في ذلك الوقت.

                    من أهم ما تقوم عليه نظريته ان الدولة تستطيع من خلال سياسة الضرائب والسياسة المالية والنقدية ان تتحكم بما يسمى الدورات الاقتصادية. وله كتب أخرى في نظرية النقود ونظرية الاحتمالات الرياضية.

                    كانت لكينز مساهمة كبيرة سنة 1929 ازمة الكساد العالمية. حيث أنه حاول تسليط الضوء على سبب هذه الازمة وما هو المخرج منها. أما عن السبب فيرده كينز إلى :

                    • التشغيل الكامل غير مضمون اي يوجد ركود في العجلة الاقتصادية.
                    • الطريقة التعسفية المنتهجة في توزيع الدخول.
                    • نقص الطلب الكلي الناتج عن سوء توزيع الثروة (بؤرة الازمة تقع في قطاع التوزيع)

                    وجهة نظره للبطالة يرفض كينز ان إليه الاجور سبب للبطالة لان انخفاضها سيؤدي إلى انخفاض دخل العمال وبالتالي انخفاض الطلب على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع بالأسواق. من أقوال جون المشهورة " لا يمكن ان تنتهي الأزمات الاقتصادية في العالم الا عندما يكون معدل الفائدة صفر "

                    السياسة النقدية والسياسة المالية

                    على الرغم من أن كينز كان من أهم الاقتصاديين الذين أعادوا الاهتمام بالنقود وأدمجها في النظرية الإقتصادية، فإنه كثيراً ما يُعاب عليه أنه كان أقل اهتماماً بالسياسة النقدية، وركز الاهتمام على السياسات المالية. والحقيقة أنه ينبغي التمييز- لدى كينز- بين أهمية النقود والتحليل النقدي من ناحية، وبين السياسة الاقتصادية المناسبة سواء أكانت سياسة نقدية أو سياسة مالية من ناحية أخرى. فمن ناحية أهمية النقود في الاقتصاد، فإن الفضل يرجع إلى كينز في ضرورة إدماج النقود في النظرية الاقتصادية منذ البداية، فهو يرفض فكرة تقسيم التحليل الإقتصادي إلى تحليل عيني ثم إلى تحليل نقدي، ويرفض بالتالي المقولة التي ترى أن النقود محايدة ولا تأثير لها. فعند كينز النقود ليست مجرد وسيط في التبادل، بل إن هناك طلباً على النقود لذاتها (مخزن للقيم)، وبالتالي فإن الطلب على النقود ليس مشتقاً من الطلب على السلع.

                    كتبه

                    • المال والنقد الهندي 1913 Indian Currency and Finance
                    • 1914 Ludwig von Mises's Theorie des Geldes (EJ)
                    • اقتصاديات الحرب في ألمانيا 1915 The Economics of War in Germany (EJ)
                    • العواقب الاقتصادية للسلام 1919 The Economic Consequences of the Peace
                    • 1921 A Treatise on Probability
                    • 1922 The Inflation of Currency as a Method of Taxation (MGCRE)
                    • 1922 Revision of the Treaty
                    • 1923 A Tract on Monetary Reform
                    • انا ليرالي 1925 Am I a Liberal? (N&A)
                    • 1926 The End of Laissez-Faire
                    • 1926 Laissez-Faire and Communism
                    • 1930 A Treatise on Money
                    • 1930 Economic Possibilities for our Grandchildren
                    • 1931 The End of the Gold Standard (Sunday Express)
                    • 1931 Essays in Persuasion
                    • 1931 The Great Slump of 1930
                    • 1933 The Means to Prosperity
                    • 1933 An Open Letter to President Roosevelt (New York Times)
                    • 1933 Essays in Biography
                    • نظرية النقود 1936
                    • “النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود”- 1936 النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقد
                    • 1940 How to Pay for the War: A radical plan for the Chancellor of the Exchequer
                    • 1949 Two Memoirs. Ed. by David Garnett (On Carl Melchior and جورج إدوارد مور.)

                    روابط خارجية

                    المصادر

                        • بوابة فلسفة
                        • بوابة رأسمالية
                        • بوابة أعلام
                        • بوابة فنون
                        • بوابة الاقتصاد
                        • بوابة المملكة المتحدة
                        • بوابة السياسة
                        • بوابة اشتراكية
                        • بوابة ليبرالية
                        This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.