صندوق النقد الدولي

صندوق النقد الدولي هو وكالة متخصصة من منظومة بريتون وودز تابعة للأمم المتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية في عام 1944 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي. ويقع مقر الصندوق في واشنطن العاصمة، ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريباً بعددهم البالغ 189بلدًا.[4]

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي

 

 

البلد الولايات المتحدة [1] 
المقر الرئيسي واشنطن  
تاريخ التأسيس 27 ديسمبر 1945[2] 
اللغات الرسمية الإنجليزية  
الرئيس التنفيذي كريستينا جورجيفا (1 أكتوبر 2019–)
كريستين لاغارد (5 يوليو 2011–12 سبتمبر 2019)
دومينيك ستراوس كان (1 نوفمبر 2007–18 مايو 2011)
رودريجو راتو (7 يوليو 2004–31 أكتوبر 2007)
هورست كولر (1 مايو 2000–4 مارس 2004)
بير جاكوبسون (21 نوفمبر 1956–5 مايو 1963) 
المدير كريستينا جورجيفا (1 أكتوبر 2019–) 
المنظمة الأم الأمم المتحدة  
عدد الموظفين 2400 (2018)[3] 
الموقع الرسمي الموقع الرسمي 
الإحداثيات 38.899005555556°N 77.044225°W / 38.899005555556; -77.044225  
شعار صندوق النقد الدولي

نشأة الصندوق

مقر الصندوق بواشنطن

أنشئ صندوق النقد الدولي مع نهاية الحرب العالمية الثانية في سياق السعي لبناء نظام اقتصادي دولي جديد أكثر استقرارا وتجنبا لأخطاء العقود السابقة التي أسفرت عن خسائر فادحة، وعلى مدى السبعين عاما الماضية. ظل الصندوق في حالة تغير وتكيف دائمة، غير أنه تشكل مند إنشائه بفعل أحداث التاريخ وتأثر بالأفكار الاقتصادية والسياسية السائدة على مر السنين.

وحين اجتمع أعضاء وفود 44 بلدا في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير في يوليوز 1944 لإنشاء مؤسستين تحكمان العلاقات الاقتصادية الدولية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كان تركيزهم منصبا على تجنب تكرار الإخفاقات التي بني بها مؤتمر باريس للسلام الذي وضع نهاية للحرب العالمية الأولى، فرؤوا أنّ تأسيس بنك دولي للإنشاء والتعمير من شأنه العمل على استعادة النشاط الاقتصادي، وأنّ إقامة صندوق نقد دولي من شأنه المساعدة في استعادة قابلية تحويل العملات والنشاط التجاري متعدد الأطراف، وبالنسبة لكل من جون ماينارد كينز، رجل الاقتصاد الذي ترأس وفد بريطانيا، وهاري ديكستر وايت، صاحب الإسهام الأكبر في صياغة اتفاقية تأسيس الصندوق ممثلا للوفد الأمريكي، كان المبدأ الحافز لإنشاء الصندوق هو تحقيق النمو الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية بإنشاء مؤسسة تحول دون الانعكاس إلى هوة الانغلاق والحماية، وليس فقط تجنب تكرار أزمة الكساد الكبير.

دور الصندوق

صندوق النقد الدولي هو المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي - أي نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات الذي يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة.

ويستهدف الصندوق منع وقوع الأزمات في النظام عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة، كما أنه - كما يتضح من اسمه - صندوق يمكن أن يستفيد من موارده الأعضاء الذين يحتاجون إلى التمويل المؤقت لمعالجة ما يتعرضون له من مشكلات في ميزان المدفوعات. تتضمن الأهداف القانونية لصندوق النقد الدولي تيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولية، وتحقيق استقرار أسعار الصرف، وتجنب التخفيض التنافسي لقيم العملات، وإجراء تصحيح منظم لاختلالات موازين المدفوعات التي تتعرض لها البلدان. ولتحقيق هذه الأهداف، يقوم الصندوق بما بلي:

  • مراقبة التطورات والسياسات الاقتصادية والمالية في البلدان الأعضاء وعلى المستوى العالمي، وتقديم المشورة بشأن السياسات لأعضائه استناداً إلى الخبرة التي اكتسبها مند تأسيسه.
  • إقراض البلدان الأعضاء التي تمر بمشكلات في موازين مدفوعاتها، ليس فقط لإمدادها بالتمويل المؤقت وإنما أيضاً لدعم سياسات التصحيح والإصلاح الرامية إلى حل مشكلاتها الأساسية
  • تقديم المساعدة الفنية والتدريب في مجالات خبرة الصندوق إلى حكومات البلدان الأعضاء وبنوكها المركزية.

مجال اختصاص الصندوق

يهتم صندوق النقد الدولي في إشرافه على السياسات الاقتصادية للبلدان الأعضاء بأداء الاقتصاد ككل - وهو ما يشار إليه في الغالب بأداء الاقتصاد الكلي. ويشمل هذا الأداء الإنفاق الكلي (وعناصره الأساسية مثل الإنفاق الاستهلاكي واستثمارات الأعمال) والناتج وتوظيف العمالة والتضخم، وكذلك ميزان المدفوعات في البلد المعني - أي ميزان معاملاته مع بقية العالم.

ويركز الصندوق أساساً على السياسات الاقتصادية الكلية للبلدان - أي السياسات المتعلقة بميزان الحكومة، وإدارة النقد والائتمان وسعر الصرف - وسياسات القطاع المالي بما في ذلك تنظيم البنوك والمؤسسات المالية الأخرى والرقابة عليها، وإضافة إلى ذلك يوجه صندوق النقد الدولي اهتماماً كافياً للسياسات الهيكلية التي تؤثر على أداء الاقتصاد الكلي - بما في ذلك سياسات سوق العمل التي تؤثر على سلوك التوظيف والأجور، ويقدم الصندوق المشورة لكل بلد عضو حول كيفية تحسين سياسته في هذه المجالات، بما يتيح مزيداً من الفاعلية في السعي لبلوغ أهداف مثل ارتفاع معدل توظيف العمالة، وانخفاض التضخم، وتحقيق النمو الاقتصادي القابل للاستمرار - أي النمو الذي يمكن أن يستمر بغير أن يؤدي إلى مصاعب كالتضخم ومشكلات ميزان المدفوعات.

أهداف الصندوق

تتمثل أهداف صندوق النقد الدولي فيما يلي:

  1. تشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي بواسطة هيئة دائمة تهيئ سبل التشاور والتآزر فيما يتعلق بالمشكلات النقدية الدولية.
  2. تيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولية، وبالتالي الإسهام في تحقيق مستويات مرتفعة من العمالة والدخل الحقيقي والمحافظة عليها، وفي تنمية الموارد الإنتاجية لجميع البلدان الأعضاء، على أن يكون ذلك من الأهداف الأساسية لسياستها الاقتصادية.
  3. العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف والمحافظة على ترتيبات صرف منتظمة بين البلدان الأعضاء، وتجنب التخفيض التنافسي في قيم العملات.
  4. المساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد الأطراف فيما يتعلق بالمعاملات الجارية بين البلدان الأعضاء، وعلى إلغاء القيود المفروضة على عمليات الصرف والمعرقلة نمو التجارة العالمية.
  5. تدعيم الثقة لدى البلدان الأعضاء، متيحاً لها استخدام موارده العامة مؤقتاً بضمانات كافية، كي تتمكن من تصحيح الاختلالات في موازين مدفوعاتها دون اللجوء إلى إجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي.

صانع القرار في الصندوق

صندوق النقد الدولي مسؤول أمام بلدانه الأعضاء، وهي مسؤولية تمثل عنصراً لازماً لتحقيق فعاليته. ويتولى القيام بأعمال الصندوق اليومية مجلس تنفيذي يمثل البلدان الأعضاء البالغ عددهم 188 بلداً، وهيئة موظفين دوليين يقودهم المدير العام وثلاث نواب للمدير العام، علماً بأن كل عضو في فريق الإدارة يتم اختياره من منطقة مختلفة من العالم. وتأتي الصلاحيات المفوضة للمجلس التنفيذي في تسيير أعمال الصندوق من مجلس المحافظين، صاحب السلطة الإشرافية العليا.

ومجلس المحافظين، الذي يضم ممثلين لكل البلدان الأعضاء، هو صاحب السلطة العليا في إدارة صندوق النقد الدولي، وهو يجتمع في العادة مرة واحدة سنوياً خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ويقوم كل بلد عضو بتعيين محافظ (عادة ما يكون هو وزير المالية أو محافظ البنك المركزي في ذلك البلد) ومحافظ مناوب. ويبت مجلس المحافظين في قضايا السياسات الكبرى، ولكنه فوض المجلس التنفيذي في اتخاذ القرارات المتعلقة بأعمال الصندوق اليومية. ويجري النظر في قضايا السياسات الأساسية المتعلقة بالنظام النقدي الدولي مرتين سنوياً في إطار لجنة من المحافظين يطلق عليها اسم اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، (وهي التي كانت تعرف باسم اللجنة المؤقتة حتى سبتمبر 1999). أما لجنة التنمية، وهي لجنة مشتركة بين مجلس محافظي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فهي تقدم المشورة إلى المحافظين وترفع إليهم تقاريرها حول سياسات التنمية والمسائل الأخرى التي تهم البلدان النامية.

ويتألف المجلس التنفيذي من 24 مديراً، ويرأسه المدير العام للصندوق، ويجتمع المجلس التنفيذي عادة ثلاث مرات في الأسبوع في جلسات يستغرق كل منها يوماً كاملاً، ويمكن عقد اجتماعات إضافية إذا لزم الأمر، وذلك في مقر الصندوق في واشنطن العاصمة. وتخصص مقاعد مستقلة في المجلس التنفيذي للبلدان المساهمة الخمسة الكبرى وهي الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى جانب الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية. أما المديرون الستة عشر الآخرون فتتولى انتخابهم مجموعات من البلدان تعرف باسم الدوائر الانتخابية (constituencies) لفترات مدتها عامين.

الموارد المالية للصندوق

المصدر الرئيسي لموارد صندوق النقد الدولي هو اشتراكات الحصص (أو رأس المال) التي تسددها البلدان عند الانضمام إلى عضوية الصندوق أو في أعقاب المراجعات الدورية التي تزاد فيها الحصص. وتدفع البلدان 25% من اشتراكات حصصها بحقوق السحب الخاصة(الذهب الورقي) و 75% بعملته الوطنية، لأغراض الإقراض حسب الحاجة. وتحدد الحصص ليس فقط مدفوعات الاشتراك المطلوبة من البلد العضو، وإنما أيضاً عدد أصواته وحجم التمويل المتاح له من الصندوق ونصيبه من مخصصات حقوق السحب الخاصة. والهدف من الحصص عموماً هو أن تكون بمثابة مرآة لحجم البلد العضو النسبي في الاقتصاد العالمي، فكلما ازداد حجم اقتصاد العضو من حيث الناتج وازداد اتساع تجارته وتنوعها، ازدادت بالمثل حصته في الصندوق. والولايات المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصاد في العالم، تسهم بالنصيب الأكبر في صندوق النقد الدولي حيث تبلغ حصتها 17.6% من إجمالي الحصص. أما سيشيل، أصغر اقتصاد في العالم، فتسهم بحصة مقدارها 0.004%. وقد بدأ تنفيذ ما خلصت إليه مراجعة الحصص (الحادية عشرة) في يناير 1999، فازدادت الحصص في صندوق النقد الدولي (لأول مرة منذ عام 1990) بمقدار 45% تقريباً لتبلغ 212 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 290 مليار دولار أمريكي).

المدير العام للصندوق

منذ عام 1946 تناوب الأشخاص التاليون على منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي:

التاريخ الاسم الجنسية
16 مايو 19465 مايو 1951كميل جوت بلجيكا
23 أغسطس 19513 أكتوبر 1956ايفار رووث السويد
321 نوفمبر 19565 مايو 1963بير جاكوبسون السويد
41 سبتمبر 196331 أغسطس 1973بيير بول شفايتزر فرنسا
51 سبتمبر 197316 يونيو 1978يوهان ويتيفين هولندا
617 يونيو 197815 يناير 1987جاك دو لاروزيير فرنسا
716 يناير 198714 فبراير 2000ميشيل كامديسوس فرنسا
14 فبراير30 أبريل 2000ستانلي فيشر (مؤقت) الولايات المتحدة  إسرائيل
81 مايو 20004 مارس 2004هورست كولر ألمانيا
4 مارس7 يونيو 2004آني كروجر (مؤقت) الولايات المتحدة
97 يونيو 20041 نوفمبر 2007رودريجو راتو إسبانيا
101 نوفمبر 200718 مايو 2011دومينيك ستراوس كان فرنسا
15 مايو5 يوليو 2011جون ليبسكي (مؤقت) الولايات المتحدة
11منذ 5 يوليو 2011كريستين لاغارد فرنسا
121 أكتوبر 2019 -كريستينا جورجيفا بلغاريا

حق التصويت

تعتمد قوة التصويت في صندوق النقد الدولي على نظام الحصص. لكل عضو عدد من الأصوات الأساسية (يساوي عدد الأصوات الأساسية لكل عضو 5.502٪ من إجمالي الأصوات[5] بالإضافة إلى صوت إضافي لكل حق سحب خاص (SDR) يبلغ 100000 من حصة البلد العضو.[6] حقوق السحب الخاصة هي وحدة حساب صندوق النقد الدولي وتمثل مطالبة بالعملة. يقوم على سلة من العملات الدولية الرئيسية. تولد الأصوات الأساسية انحيازًا طفيفًا لصالح الدول الصغيرة، لكن الأصوات الإضافية التي يحددها (SDR) تفوق هذا التحيز.[6] تتطلب التغييرات في أسهم التصويت موافقة أغلبية فائقة تبلغ 85٪ من قوة التصويت.[7]

يوضح الجدول أدناه الحصص وحصص التصويت لأكبر أعضاء صندوق النقد الدولي[8]
مرتبةبلد عضو في صندوق النقد الدوليالحصة: بالمليون حقوق السحب الخاصةالحصة: النسبة المئوية من الإجماليالمحافظالبديلعدد الأصواتالنسبة من إجمالي الأصوات
1 الولايات المتحدة82,994.217.46ستيفن منوشينجيروم باول831,40716.52
2 اليابان30,820.56.48تارو أسوهاروهيكو كورودا309,6706.15
3 الصين30,482.96.41Zhou XiaochuanYi Gang306,2946.09
4 ألمانيا26,634.45.60Jens Weidmannأولاف شولتس267,8095.32
5 فرنسا20,155.14.24برونو لو ميرFrançois Villeroy de Galhau203,0164.03
6 المملكة المتحدة20,155.14.24ريشي سوناكمارك كارني (سياسي)203,0164.03
7 إيطاليا15,070.03.17Roberto GualtieriIgnazio Visco152,1653.02
8 الهند13,114.42.76نيرمالا سيترامان Shaktikanta Das132,6092.64
9 روسيا12,903.72.71أنطون سيلوانوفElvira S. Nabiullina130,5022.59
10 البرازيل11,042.02.32Paulo Guedesروبرتو كامبوس نيتو111,8852.22
11 كندا11,023.92.32Bill MorneauStephen Poloz111,7042.22
12 السعودية9,992.62.10إبراهيم بن عبد العزيز العسافمؤسسة النقد العربي السعودي101,3912.02
13 إسبانيا9,535.52.01Nadia CalviñoPablo Hernández de Cos96,8201.92
14 المكسيك8,912.71.87Arturo Herrera GutiérrezAlejandro Díaz de León90,5921.80
15 هولندا8,736.51.84Klaas KnotHans Vijlbrief88,8301.77
16 كوريا الجنوبية8,582.71.81Kim Dong-yeonLee Ju-yeol87,2921.73
17 أستراليا6,572.41.38Josh FrydenbergPhilip Gaetjens67,1891.34
18 بلجيكا6,410.71.35البنك الوطني البلجيكيMarc Monbaliu65,5721.30
19  سويسرا5,771.11.21توماس جوردن (أستاذ جامعي)إيفلين ويدمر شلمف59,1761.18
20 إندونيسيا4,648.40.98Perry WarjiyoMahendra Siregar47,9490.95

انتقادات

تعرض صندوق النقد الدولى لبعض الانتقادات من الكتاب والمراقبين الاقتصاديين ومنهم عالم الاقتصاد ميشيل تشوسودوفيسكي، الذي أكد أن برنامج صندوق النقد الدولي قد يترك البلد في بعض الأحيان فقيراً كما كانَ من قبل، لكن مع مديونية أكبر وصفوة حاكمة أكثر ثراءً.

وانتقد الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي الحائز على جائزة نوبل وأحد أهم مساعدي الرئيس الأسبق بيل كلينتون، صندوق النقد الدولي في أحد أبحاثه مؤكداً أن القروض التي تقدم من الصندوق إلى الدول تكون ضارة في حالات كثيرة خاصة التي توجه إلى الدول النامية ودول العالم الثالث.

ومن ضمن الانتقادات الموجهة أيضاً للصندوق سطوة الولايات المتحدة الأمريكية على البنك وتحكمها وقدرتها على إعطاء القرض من عدمه لأي دولة، حيث أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك حق الفيتو من بين الدول الأعضاء.[9]

ومن الانتقادات الأخرى أن صندوق النقد يتبنى سياسات رأسمالية تساعد على السوق الحر، فهو يرفض أية قيود من الدول المقترضة على النقد الأجنبي، وضد الرقابة على الصرف، وضد أي تدخل من الحكومات على السياسات النقدية، ويشجع أيضاً بشكل مباشر القطاع الخاص واقتصاد السوق الحر، حيث يعطي نفس التوصيات والنصائح لكل الدول، مما لا يعطي أية مساحات للدول التي قد يكون وضعها الاقتصادي والاجتماعي مختلفاً إلى حد كبير مع نظيرتها من الدول المقترضة الأخرى.[10]

ورغم أنّ صندوق النقد الدولي التابع للأمم المتحدة، دوره دعم الاقتصاد العالمي، والمعاملات التجارية بين البلاد المختلفة، فإنّه عادة ما يتم اتهامه بكونه أحد أدوات الشركات العالمية لبناء إمبراطورية تسيطر على اقتصاد العالم، وتهزم الدول، "ونهب وتدمير اقتصاد الدول النامية"، وفقاً لـ"جون بيركنز"، مؤلف كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي" الذي ترجم إلى ثلاثين لغة بما فيها اللغة العربية التي صدر فيها تحت عنوان: "الاغتيال الاقتصادي للأمم".[11]

ويوضح بيركنز أنه "على الدول التي توافق على شروط صندوق النقد أن تقبل مجموعة مفاهيم جديدة: تحرير التجارة، حقوق المستهلك، الخصخصة الكاملة للصحة والتعليم والمياه والكهرباء".[12][13][14]

ويقول: هناك طريقتان لاحتلال أو تفتيت أي بلد تريد أمريكا السيطرة عليه وعلى ثرواته: الأولى بالقوة أي باحتلاله، والثانية: بقتله اقتصادياً، أي بالخصخصة، وإغراقه بالديون، وبخضوعه للبنك الدولي، ويسيل اللعاب الأمريكي لاستيلاء على النفط أينما وجد، والجلوس على آباره لنهبها، إما برشوة أصحابه، أو بتخويفهم بإبعادهم عن كراسيهم، إذا ما حاولوا تأميمه، أو إبعاد أمريكا عن منابعه.[15]

وقد وصفت المسؤولة السابقة في برنامج الأمم المتحدة للتنمية "إيزابيل غرامبرغ" السياسات التي يفرضها الصندوق على الدول الأعضاء لا سيما النامية منها، والتي تؤدي في أكثر الأحيان إلى ارتفاع لمعدل البطالة، وانخفاض في القدرة الشرائية، وتبعية خاصة غذائية، ويضاف إليها تفكك للأنظمة الإنتاجية في العديد من الدول، وصفت هذه الأمور بالجريمة، معتبرة أن صندوق النقد الدولي ليس مشاركاً بها فقط، بل إنه المايسترو الذي يدير نظاماً شاملاً يسحب الأموال من الفقراء ليمول إنفاق أقلية غنية من الناس، والنتيجة هي انخفاض الدخل الوطني في البلدان النامية إلى حده الأدنى جراء تطبيق سياسات الصندوق، بالمقابل يزداد الدخل الوطني في البلدان الصناعية إلى حده الأقصى.[16][17]

كما أكد الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط في جامعة الفيوم، ورئيس الاتحاد المصري لسياسات التنمية، أنه، على مدار 90 سنة من وجود الصندوق، ما من دولة حصلت على قرض منه وحققت عائداً تنموياً ملموساً. وأشار إلى أن كل الدول التي حصلت على قروض من الصندوق لا تستطيع تحقيق نهضة اقتصادية أو تنموية، فالقرض يدمر الاقتصاد، ويؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى لتهبط إلى طبقة الفقراء، وتتقلص طبقة الأغنياء.[18]

ويقول الخبير الألماني أرنست فولف – أستاذ الفلسفة في جامعة بريتوريا – في كتابه "صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية" إن الصندوق قد استغل تراجع اقتصادات الدول الناشئة وأجرى مفاوضات مع حكوماتها لضمان سَداد ديونها المُتراكمة للمصارف العالمية.[17] ويقول بوضوح جليّ: "من الناحية الرسمية تكمن وظيفة الصندوق الأساسية في العمل على استقرار النظام المالي، وفي مساعدة البلدان المأزومة على تلافي ما تعانيه من مشاكل، غير أن تدخلاته تبدو في الواقع أشبه ما تكون بغزوات جيوش متحاربة، وكان في كل تدخلاته ينتهك سيادة هذه الدولة أو تلك، ويجبرها على تنفيذ إجراءات ترفضها الأغلبية العظمى للمواطنين، وتخلف وراءها مساحة عريضة من خراب اقتصادي واجتماعي. وفي كل هذه التدخلات لم يستخدم الصندوق أسلحة أو جنوداً، بل كان يستعين بوسيلة غاية في البساطة، وبواحدة من آليات النظام الرأسمالي، أعني عملية التمويل".[19]

ويتناول كتاب "ثلاثية الشر في مصر: الاحتكار.. مافيا التجار.. صندوق النقد الدولي" للكاتب الصحفي حمدي الجمل رئيس القسم الاقتصادي بالأهرام العربي؛ الآليات الخبيثة التي ينتهجها صندوق النقد الدولي لإيقاع الدول في شباكه، ويستشهد على ذلك بمهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، عندما سُئل كيف نهضت ماليزيا؟ فقال: "خالفت توصيات صندوق النقد الدولي، وفعلت عكس ما طلبه من إجراءات".[20]

انظر أيضاً

مراجع

  1. Global Research Identifier Database — تاريخ الاطلاع: 13 يونيو 2020 — المخترع: Digital Science — الرخصة: CC0
  2. https://www.imf.org/external/np/exr/chron/chron.asp
  3. https://www.imf.org/external/about/staff.htm
  4. IMF - About نسخة محفوظة 25 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  5. "Membership". About the IMF. International Monetary Fund. مؤرشف من الأصل في 26 مارس 2019. اطلع عليه بتاريخ 18 مارس 2012. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Blomberg & Broz 2006.
  7. Lipscy 2015.
  8. "IMF Members' Quotas and Voting Power, and IMF Board of Governors". مؤرشف من الأصل في 09 مارس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. "تعرف على صندوق النقد الدولي". إيكويتي. مؤرشف من الأصل في 25 يونيو 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. "كيف دمَّر «صندوق النقد» اقتصادات بعض الدول؟!". بوابة الآن الإخبارية. مؤرشف من الأصل في 9 أبريل 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. "اعترافات القاتل الاقتصادي جون بيركنز". روسيا اليوم. مؤرشف من الأصل في 9 أبريل 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. انظر كتاب: "الاغتيال الاقتصادي للأمم .. اعترافات قرصان اقتصادي" لجون بيركنز، ترجمة ومراجعة: مصطفي الطناني وعاطف معتمد، وتقديم الدكتور شريف دلاور. وانظر كتاب: "سياسات صندوق النقد الدولي وأثرها على الدول النامية" للدكتور محمد عبد الله شاهين محمد.
  13. "تجارب 3 دول دمر قرض «النقد الدولي» اقتصادها". فضائية الطريق. مؤرشف من الأصل في 19 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. "تجارب 3 دول دمر قرض "النقد الدولي" اقتصادها". الترا صوت. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. كتاب: قالوا التاريخ مُجرد قيل وقال (الجزء الثاني)، تأليف: عبدالله محمد أبو علم، الناشر: دار الفلاح للنشر والتوزيع، ص: 248.
  16. "الاحتلال بالديون". الاقتصاد العادل. مؤرشف من الأصل في 29 أغسطس 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. "صندوق النقد والبنك الدوليان.. ما لهما وما عليهما". شبكة الميادين الاعلامية. مؤرشف من الأصل في 3 أكتوبر 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. "كيف تنعكس قروض صندوق النقد الدولي سلباً على المواطنين؟". رصيف22. مؤرشف من الأصل في 25 سبتمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. "خبير ألماني يحذرنا... صندوق النقد الدولي احتلال جديد لبلادنا". مصراوي. مؤرشف من الأصل في 11 نوفمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  20. "حمدي الجمل يرصد الانهيارات المتوالية لاقتصاد مصر في "ثلاثية الشر"". بوابة الأهرام. مؤرشف من الأصل في 16 أكتوبر 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)

    وصلات خارجية

    • بوابة الولايات المتحدة
    • بوابة علاقات دولية
    • بوابة الأمم المتحدة
    • بوابة الاقتصاد
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.