حرية اقتصادية

الحرية الاقتصادية (بالإنجليزية: Economic freedom)‏ هي قدرة أفراد المجتمع على اتخاذ الإجراءات الاقتصادية، وهي مصطلح يُستخدم في الاقتصاد والمناظرات السياسية وأيضا في الفلسفة الاقتصادية.[1][2] يأتي أحد طرق الوصول إلى الحرية الاقتصادية من التقاليد الليبرالية التي تؤكد على حرية الأسواق والتجارة الحرة والملكية الخاصة في إطار المشاريع الحرة. وهنالك نهج آخر للوصول إلى الحرية الاقتصادية وهو التوسع في دراسة اقتصاد رفاه خيار الأفراد،[3] وزيادة الخيارات المتاحة التي تؤدي إلى زيادة الحرية الاقتصادية.[4] تشمل المفاهيم الأخرى للحرية الاقتصادية التحرر من الفقر وحرية المشاركة في المفاوضة الجماعية.[5]

جزء من سلسلة مقالات
أنظمة اقتصادية
  • بوابة الاقتصاد والأعمال
جزء من السلسلة الاقتصادية عن
الرأسمالية
  • بوابة الفلسفة
  • بوابة الاقتصاد
  • بوابة السياسة

تُعرِّف وجهة نظر السوق الحرة الليبرالية الحرية الاقتصادية بأنها حرية إنتاج أو استهلاك أو المتاجرة بأي سلع أو خدمات مكتسبة دون استخدام القوة أو الاحتيال أو السرقة. يتجسد ذلك في سيادة القانون وحقوق الملكية وحرية التعاقد، وتتميز الحرية الاقتصادية بالانفتاح الخارجي والداخلي للأسواق، وحماية حقوق الملكية وحرية المبادرة الاقتصادية.[6][7] هنالك العديد من مؤشرات الحرية الاقتصادية التي تهدف إلى قياس الحرية الاقتصادية للسوق الحرة. استنادًا إلى تلك التصنيفات، توصلت دراسات الارتباط إلى وجود نمو اقتصادي مرتفع مرتبط مع ارتفاع قيم مؤشرات الحرية الاقتصادية في تصنيفات البلد.[8] ذهب البعض فيما يتعلق بالمقاييس الأخرى مثل المساواة والفساد والعنف السياسي والاجتماعي وارتباطها مع الحرية الاقتصادية إلى أن مؤشرات الحرية الاقتصادية تخلط بين السياسات ونتائج السياسات غير ذات الصلة لتغطية الارتباطات السلبية بين النمو الاقتصادي والحرية الاقتصادية في بعض المكونات الفرعية.[9]

وجهة النظر الليبرالية

وفقًا لوجهة نظر السوق الحرة الليبرالية، فإن وجود نظام آمن لحقوق الملكية الخاصة هو جزء أساسي من الحرية الاقتصادية. وتشمل هذه النظم حقَّين رئيسيين هما الحق في السيطرة على الملكية والاستفادة منها والحق في نقل الملكية الطوعي. توفر هذه الحقوق للناس إمكانية الاستقلال الذاتي وتقرير المصير وفقًا لقيمهم وأهدافهم الشخصية. يرى الاقتصادي ميلتون فريدمان حقوق الملكية بأنها «أبسط حقوق الإنسان وركيزة أساسية لحقوق الانسان الأخرى».[10] مع حماية حقوق الملكية، يكون الأفراد أحرارًا في اختيار استخدامات ممتلكاتهم، والكسب من خلالها ونقل الملكية لأي أحد آخر، طالما كانوا يفعلون ذلك على أساس طوعي ودون اللجوء إلى القوة أو للاحتيال أو السرقة. يستطيع معظم الناس في مثل هذه الظروف تحقيق قدر أكبر من الحرية الشخصية والتنمية مقارنة بظروف نظام إكراه حكومي.[11] كما أن وجود نظام آمن لحقوق الملكية يقلل من حالة التشكك ويشجع الاستثمارات، ما يخلق ظروفًا ملائمة لنجاح الاقتصاد. تشير الأدلة التجريبية إلى أن الدول التي لديها نظم حقوق ملكية قوية تمتلك معدلات نمو اقتصادي أكبر بمرتين من الدول التي لديها نظم حقوق ملكية ضعيفة، وأن نظام السوق الذي يتمتع بحقوق ملكية خاصة معتبرة هو شرط أساسي من شروط تحقيق الديمقراطية. وفقًا لهيرناندو دي سوتو، فإن الكثير من الفقر في بلدان العالم الثالث ناتج عن الافتقار إلى أنظمة القوانين الغربية وحقوق الملكية الواضحة والمعترف بها عالميًا.[12] يقول دي سوتو إنه بسبب الحواجز القانونية لا يمكن للفقراء في تلك البلدان الاستفادة من الأصول التي في حوزتهم لإنتاج المزيد من الثروة. كان بيير جوزيف برودون (الاشتراكي اللاسلطوي) أحد المفكرين الذين شككوا في الملكية الخاصة وقال إن الملكية سرقة وحرية على حد سواء.[13]

حرية التعاقد

حرية التعاقد هي الحق في اختيار الشخص للأطراف التي يريد التعاقد معها والتداول معها وفقًا لأي شروط وأحكام يراها مناسبة. تسمح العقود للأفراد بوضع قواعدهم القانونية واجبة النفاذ، والتي تُكيَّف تبعًا لأوضاعهم الخاصة. رغم عدم حاجة جميع العقود لتدخل الدولة من أجل نفاذها، يوجد على سبيل المثال في الولايات المتحدة عدد كبير من محاكم تحكيم الطرف الثالث التي تحل النزاعات بموجب القانون التجاري الخاص. من بين الأمور التي يُساء فهمها أن حرية التعاقد هي تحرر من تدخل الحكومة وأحكام الإنصاف القيمية المفروضة. قدم السير جورج جيسيل، رئيس مكتب المحفوظات العامة في إنكلترا، أحد أشهر التعبيرات القانونية عن مفهوم «حرية التعاقد»، ويقول:

«توجد حاجة لسياسة عامة جديدة يمتلك فيها الرجال الراشدون ذوو الفهم الوافي أقصى درجات حرية التعاقد، وأن تكون عقودهم عند إبرامها بحرية وطواعية مقدسة ونافذة في محاكم العدل. لذلك يجب أخذ هذه السياسة العامة ذات الأهمية الكبيرة بعين الاعتبار، ولن يكون هنالك أدنى حاجة للتدخل بحرية التعاقد تلك».[14]

تجلى أحد أقوى التعبيرات القانونية لحرية التعاقد في قضية المحكمة العليا في الولايات المتحدة «لوكنر ضد نيويورك» التي ألغت القيود القانونية على ساعات عمل الخبازين.

يزعم منتقدو وجهة النظر الكلاسيكية لحرية التعاقد أن هذه الحرية وهمية عندما تكون قوة التفاوض للأطراف غير متكافئة إلى حد كبير، وعلى الأخص في حالة العقود بين أصحاب العمل والموظفين. مثل حالة القيود المفروضة على ساعات العمل، فقد يستفيد العمال من الحماية القانونية التي تمنع الأفراد من الموافقة على العقود التي تتطلب ساعات عمل طويلة. استشهدت المحكمة العليا بقرار سابق في قرارها بشأن قضية «شركة فندق ويست كوست ضد باريش» في عام 1937 ملغية الحكم في قضية «لوكنر».

«اعترفت الهيئة التشريعية أيضًا بالحقيقة التي أثبتتها تجربة المشرعين في العديد من الولايات، بأن أصحاب العمل وعمالهم لا يقفون على قدم المساواة، وأن مصالحهم متضاربة (صفحة 394) إلى حد ما. يرغب أصحاب العمل بشكل طبيعي في الحصول على أكبر قدر من العمل من موظفيهم، في حين أن الأخيرين غالبًا ما يدفعهم الخوف من الإقالة إلى الموافقة على القوانين التي تكون أحكامها عند تطبيقها بشكل عادل مضرة بصحتهم أو قوتهم. بعبارة أخرى، فإن أصحاب العمل يضعون القواعد والعمال مقيدون عمليًا بإطاعتها. في مثل هذه الحالات، تكون المصلحة الذاتية دليلًا غير آمن، وقد ينبغي على الهيئة التشريعية التدخل وفقًا لسلطتها بالشكل الملائم».

من تلك القضية فصاعدًا، رفضت المحاكم الأمريكية وجهة نظر «لوكنر» بشأن حرية التعاقد.[15]

الحرية الاقتصادية والسياسية

يؤكد بعض مؤيدي السوق الحرة على أن الحريات السياسية والمدنية توسعت في آن واحد مع توسع الاقتصادات القائمة على السوق، ويقدمون أدلة تجريبية لدعم الادعاء بترابط الحريات الاقتصادية والسياسية.[16][17]

في كتاب الرأسمالية والحرية (1962)، طور فريدمان فكرة فريدريش فون هايك التي تقول بإن الحرية الاقتصادية (التي هي بحد ذاتها عنصر مهم من عناصر الحرية الكاملة) هي أيضًا شرط ضروري لتحقيق الحرية السياسية. وعلق قائلًا إن السيطرة المركزية على الأنشطة الاقتصادية كانت دائمًا مصحوبة بالقمع السياسي. يرى أن الطابع الطوعي لجميع العمليات التجارية في اقتصاد السوق الحرة والتنوع الواسع الذي يسمح به يشكلان تهديدًا رئيسيًا للقادة السياسيين القمعيين ويقلل كثيرًا من قوة الإكراه. تُفصَل القوة الاقتصادية عن القوة السياسية من خلال القضاء على السيطرة المركزية على الأنشطة الاقتصادية، ويمكن أن يُمثل الفرد قوة مكافئة للآخر. يشعر فريدمان أن الرأسمالية التنافسية ذات أهمية بشكل خاص لمجموعات الأقليات، نظرًا إلى أن قوى السوق غير الشخصية تحمي الأفراد في أنشطتهم الاقتصادية من التمييز لأسباب لا علاقة لها بإنتاجيتهم.[18]

أكد لودفيغ فون ميسيس (خبير الاقتصاد في المدرسة النمساوية) على اعتماد كل من الحرية الاقتصادية والحرية السياسية على بعضها البعض، ويقول: «إن فكرة إمكانية الحفاظ على الحرية السياسية في غياب الحرية الاقتصادية، والعكس بالعكس، هي مجرد وهم. الحرية السياسية هي نتيجة طبيعية للحرية الاقتصادية. لم يكن من باب الصدفة أن عصر الرأسمالية أصبح أيضًا عصر الحكم من قبل الشعب».[19]

قائمة الدول

مؤشر الحرية الاقتصادية حول العالم 2017 - أعلى وأقل 15 دولة في الترتيب
نشرت بواسطة وال ستريت جورنال و(the Heritage Foundation) [20]
الترتيبالدولة% الحرية
1 هونغ كونغ
89.8
2 سنغافورة
88.6
3 نيوزيلندا
83.7
4 سويسرا
81.5
5 أستراليا
81.0
6 إستونيا
79.1
7 كندا
78.5
8 الإمارات العربية المتحدة
76.9
9 أيرلندا
76.7
10 تشيلي
76.5
11 تايوان
76.5
12 المملكة المتحدة
76.4
13 جورجيا
76.0
14 لوكسمبورغ
75.9
15 هولندا
75.8
الترتيبالدولة% الحرية
166 أوكرانيا
48.5
167 سورينام
48.1
168 بوليفيا
48.0
169 غينيا بيساو
47.7
170 تركمانستان
47.6
171 جيبوتي
47.4
172 الجزائر
46.7
173 تيمور الشرقية
46.5
174 غينيا الاستوائية
46.3
175 زيمبابوي
45.0
176 إريتريا
44.0
177 جمهورية الكونغو
40.0
178 كوبا
33.9
179 فنزويلا
27.0
180 كوريا الشمالية
4.9

انظر أيضًا

مراجع

  1. Bronfenbrenner, Martin (1955). "Two Concepts of Economic Freedom". Ethics. 65 (3): 157–70. doi:10.1086/290998. JSTOR 2378928. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Sen, Amartya. "Rationality and Freedom": 9. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  3. Economic Freedom and its Measurement. 2. سبرنجر. 2004. صفحات M1 161–71. ISBN 978-0-7923-8607-0. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. "Franklin Roosevelt's Annual Address to Congress – The "Four Freedoms"". January 6, 1941. مؤرشف من الأصل في 29 مايو 2008. اطلع عليه بتاريخ 10 نوفمبر 2008. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Jacoby, Daniel (1998). Laboring for Freedom: A New Look at the History of Labor in America (eBook). Armonk, NY: ME Sharpe. صفحات 8–9, 148, 166–67. ISBN 978-0-585-19030-3. مؤرشف من الأصل في 17 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Surjit S. Bhalla. Freedom and economic growth: a virtuous cycle?. Published in Democracy's Victory and Crisis. (1997). Cambridge University Press. (ردمك 0-521-57583-4) p. 205
  7. David A. Harper. Foundations of Entrepreneurship and Economic Development. (1999). Routledge. (ردمك 0-415-15342-5) pp. 57, 64
  8. Ayal, Eliezer B.; Karras, Georgios (Spring 1998). "Components of economic freedom and growth: an empirical study". Journal of Developing Areas. Western Illinois University. 32 (3): 327–38. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Carlsson, Fredrik; Lundström, Susanna. "Economic Freedom and Growth: Decomposing the Effects" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 11 أغسطس 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  10. Rose D. Friedman, Milton Friedman. Two Lucky People: Memoirs. (1998). University of Chicago Press. (ردمك 0-226-26414-9) p. 605
  11. Bernard H. Siegan. Property and Freedom: The Constitution, the Courts, and Land-Use Regulation. Transaction Publishers. (1997). (ردمك 1-56000-974-8) pp. 9, 230
  12. David L. Weimer. The political economy of property rights. Published in The Political Economy of Property Rights. Cambridge University Press. (1997). (ردمك 0-521-58101-X) pp. 8–9
  13. Pierre-Joseph Proudhon. No Gods, No Masters: An Anthology of Anarchism. Edited by Daniel Guerin, translated by Paul Sharkey. 2005. AK Press. (ردمك 1-904859-25-9) pp. 55–56
  14. Lochner v New York. نسخة محفوظة 14 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  15. "The Supreme Court . Capitalism and Conflict . Landmark Cases . Lochner v. New York (1905) |PBS". مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Lewis F. Abbott. British Democracy: Its Restoration & Extension, ISR/Google Books, 2006, 2010. Chapter Five: “The Legal Protection Of Democracy & Freedom: The Case For A New Written Constitution & Bill Of Rights”. نسخة محفوظة 18 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  17. Freedom in the World. (1999). Transaction Publishers. (ردمك 0-7658-0675-4) p. 12
  18. Milton Friedman. Capitalism and freedom. (2002). The University of Chicago. (ردمك 0-226-26421-1) pp. 8–21
  19. Hayek, Friedrich (2007). The Road to Serfdom: Text and Documents. University of Chicago Press. صفحات 53–57. ISBN 978-0-226-32055-7. مؤرشف من الأصل في 17 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  20. Index of الحرية الاقتصادية- دليل سنوي ينشر بواسطة وال ستريت جورنال و(The Heritage Foundation)|date=31 ديسمبر 2017}} نسخة محفوظة 05 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.

    وصلات خارجية

    • بوابة ليبرالية
    • بوابة رأسمالية
    • بوابة حقوق الإنسان
    • بوابة الاقتصاد
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.