الإسلام في قبرص
كانت جزيرة قبرص محل صراع للدول القوية عاشت في شرقي البحر المتوسط، فتعاقب عليها الفاتحون منذ منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، وكان الرومان[؟] أخر الغزاة قبل الفاتحين المسلمين غزوا الجزيرة في النصف الثاني من القرن الأول بعد الميلاد، وأنت الجزيرة إلى الروم البزنطيين في سنة 359 هـ.
وكانت فتوح الشام جبهة صدام بين الإسلام والرومان[؟]، وبعد أن فتح المسلمون بلاد الشام من الروم، اتخذ الروم من الأماكن المجاورة قواعد للإغارة على البلاد الإسلامية، وكانت قبرص إحدي هذه القواعد، ولذا عندما ثم بناء الاسطول الإسلامي عهد عثمان بن عفان، كان غزو قبرص أحد أهدافه، ففي سنة 28 هـ أرسلت الحملات الإسلامية البحرية إليها من شواطيء مصر والشام واشترك فيها عددا من الصحابة، وكانت هذه أولي الفتوحات الإسلامية البحرية وفي سنة 34 هـ أرسل معاوية حملة ثانية بعد أن تمرد أهلها فأعاد فتحها وأسكن فيها 12، 000 من المسلمين فبنوا المساجد بها. وفي 109 هـ أغار الأسطول الإسلامي علي جزيرة قبرص مرة أخرى. وذلك على أثر هجمات الروم علي البلاد الإسلامية، واستمر الصراع بين المسلمين والروم طيلة العصر الأموي.
العصر العباسي
في العصر العباسي شهدت جزيرة قبرص فتحا إسلامياً في عهد هارون الرشيد، بعد أن نشطت مهاجمة الروم للسفن الإسلامية، ففتح المسلمون قبرص في سنتي 174 هـ - 190 هـ وهكذا ظلت قبرص محل نزاع بين الروم والمسلمين في العصر العباسي.
أثناء الحروب الصلبية
وفي أثناء الحملة الصلبية قاد ريتشاد قلب الأسد ملك إنجلترا قبرص في 587 هـ، وبعد فشل الحروب الصلبية هاجر العديد من الصليبين قبرص وبقي بها المارون حتي الآن، وأصبحت قيرص مركزاً لأعمال القرصنة ضد البلاد البلاد الإسلامية، فهاجم القبارصة مدينة الإسكندرية في سنة 767 هـ، مما اضطر المماليك إلي إرسال العديد من الحملات إلي قبرص، ونجحت إحداها في أسر ملك قبرص جيمس لوزنيان وحملته إلي القاهرة.
عهد العثمانيين
فتح الأتراك العثمانيون قبرص 979 هـ، وقام الأتراك بالعديد من الأعمال التي أكدت حرية العقدية للقبارصة، وأعادوا للكنيسة الأرثوذكسية[؟] نفوذها بعد أن سلبها البيزنطيون هذا النفوذ لمدة ثلاثة قرون، وظلت تركيا تحكم جزيرة قبرص حتى سنة 1296 هـ، عندها فرض البريطانيون على الدولة العثمانية معاهدة عرفت باسم التحالف الدفاعي، وأكره فيها السلطان العثماني على قبول الاحتلال البريطاني للجزيرة.
الاحتلال البريطاني والمشكلة القبرصية
وفي ظل الحكم البريطاني لقبرص زادت هجرة اليونانيين إلى الجزيرة، وبالمقابل هاجر الأتراك منها، لا سيما في فترةالحرب العالمية الأولى تنازلت بريطانيا عن تبعية قبرص لها في معاهدة لوزان، وتعاقبت الاصطدامات بعد ذلك بين الطائفتين التركية واليونانية، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية طالب القبارصة الاتراك باستقلال الجزيرة.
وبرز في هذه الأثناء الاسقف مكاريوس وطالب بوحدة الجزيرة، وحاولت اليونان التدخل لضم الجزيرة إليها، وعرضت القضية على هيئة الأمم المتحدة عدة مرات، ولم تصل إلى نتيجة مرضية، وظهرت المنظمات السرية مثل منظمة (أيوكا)، وانتشرت أعمال العنف، وعرضت قضية قبرص مرة أخرى على هيئة الأمم المتحدة في سنة 1367 هـ ولم تصل إلى حل، وأمام تفاقم حركات العنف ضد المسلمين الأتراك، اقترحت تركيا تقسيم الجزيرة بينما أصرت اليونان على الاستفتاء، ونتائجه مضمونة بسبب الأغلبية اليونانية، وأمام هذه الأحداث عقد مؤتمر زيوريخ بين رئيس وزراء اليونان، وتوصل إلى عقد اتفاق، وينص على أن تكون قبرص جمهورية مستقلة رئيسها من العرقية اليونانية ونائبه من العرقية التركية، ويضم مجلس الوزراء سبعة من اليونانيين وثلاثة من الأتراك، كما أن المجلس النيابي يضم 70 % من اليونانيين و 30% من الأتراك.
ولم يستمر هذا الاتفاق طويلا، فتجددت أعمال العنف ضد المسلمين، واضطرت هيئة الأمم المتحدة إلى إرسال قوات حفظ السلام بالجزيرة حتى الآن، ورغم هذا عادت أحداث العنف مرة أخرى، وفي الستينات من القرن العشرين، قام القبارصة اليونان بمذابح ضد المسلمين فأحرقوا 133 قرية.
إعلان الجمهورية القبرصية التركية غير المعترف بها
تدخلت تركيا في سنة 1394 هـ واحتلت المنطقة الشمالية من الجزيرة حتى وصلت العاصمة نيقوسيا وتكونت حكومة للأتراك وتشكلت الجمهورية القبرصية التركية الغير معترف بها في سنة 1395 هـ - 1975 م.
المصدر
- الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا – سيد عبد المجيد بكر.
- بوابة الإسلام