نظام غذائي خال من الغلوتين

النظام الغذائي الخالي من الغلوتين[1] هو حمية غذائية تعتمد على الاستغناء الكامل عن الغلوتين، الذي هو خليط من البروتينات الموجودة في القمح والحبوب المُشابهة، بما في ذلك الشعير والجاوار والشوفان وجميع أنواعها وهجنها (مثل الهجاء والكاموت والتريتيالي). لا يزال إدراج الشوفان في نظام غذائي خالٍ من الغلوتين مثيرًا للجدل، وقد يعتمد على صنف الشوفان والتلوث المتقاطع مع الحبوب الأخرى المحتوية على الغلوتين.[2][3][4][5]

قمح.

يسبب الغلوتين مشاكل صحية لمن يعاني من اضطرابات متعلقة بالغلوتين، بما في ذلك مرض الاضطرابات الهضمية وتحسس غلوتيني لابطني وترنح الغلوتين والتهاب الجلد الهربسي الشكل وحساسية القمح. يظهر النظام الغذائي الخالي من الغلوتين كعلاجٍ فعال عند هؤلاء الناس، ولكن العديد من الدراسات تظهر أن حوالي 79% من الأشخاص الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية لديهم انتعاش غير مكتمل للأمعاء الدقيقة، على الرغم من اتباعهم نظام غذائي صارم خال من الغلوتين؛ وذلك بسبب التناول غير المقصود للغلوتين، فالناس الذين يعانون من ضعف في التعليم الأساسي وفهم النظام الغذائي الخالي من الغلوتين يعتقدون في كثير من الأحيان أنهم يتبعون النظام الغذائي بدقة، لكنهم يرتكبون أخطاء بشكل متكرر. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي اتباع نظام غذائي خال من الغلوتين، في بعض الحالات على الأقل، إلى تطور الأعراض المعدية المعوية أو الجهازية في أمراض مثل متلازمة الأمعاء المتهيجة، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والتصلب المتعدد أو اعتلال الأمعاء بفيروس نقص المناعة البشرية، وغيرها.  كما تم الترويج للأنظمة الغذائية الخالية من الغلوتين كعلاج بديل للأشخاص المصابين بالتوحد، ولكن الدليل الحالي على فعاليتها في إجراء أي تغيير في أعراض التوحد محدود وضعيف. البروتينات الغلوتينة لها قيمة غذائية وحيوية منخفضة، والحبوب التي تحتوي على الغلوتين ليست ضرورية في الغذاء البشري.  مع ذلك، فإن الاختيار غير المتوازن للغذاء والاختيار غير الصحيح لمنتجات بديلة خالية من الغلوتين قد يؤديان إلى قصور في التغذية. قد يؤدي استبدال الدقيق من القمح أو الحبوب المحتوية على الغلوتين مع الدقيق الخالي من الغلوتين في المنتجات التجارية إلى انخفاض كمية المغذيات الهامة، مثل الحديد وفيتامين ب. بعض منتجات الاستبدال التجارية الخالية من الغلوتين غير مخصبة أو محصنة كما نظائرها المحتوية على الغلوتين، وغالبًا ما تحتوي على نسبة أكبر من الدهون/الكربوهيدرات. غالباً يستهلك الأطفال هذه المنتجات، مثل الوجبات الخفيفة والبسكويت. يمكن الوقاية من المضاعفات الغذائية عن طريق التعليم الغذائي الصحيح.  يجب أن يعتمد النظام الغذائي الخالي من الغلوتين أساسًا على الأطعمة الخالية من الغلوتين بشكل طبيعي مع توازن جيد بين العناصر الغذائية الصغرى والكبيرة: اللحوم والأسماك والبيض والحليب ومنتجات الألبان والبقوليات والمكسرات والفواكه والخضروات والبطاطا والأرز والذرة، جميعها مُكونات مناسبة لهذا النظام الغذائي، إذا استُخدمت منتجات بديلة خالية من الغلوتين تم إعدادها تجاريًا، فإن اختيار المنتجات المخصبة أو المحصنة بالفيتامينات والمعادن هو الأفضل. يعتبر الكينوا، القطيفة، والحنطة السوداء، وبعض الحبوب الثانوية هي بدائل صحية لهذه المنتجات المُحضرة ولها قيمة بيولوجية وغذائية عالية.

الأسباب الكامن وراء اتباع هذه الحمية                                                                                                       

الداء البطني

الداء البطني هو مرض مزمن، ومتواسط بالمناعة، وهو عملية معوية بشكل أساسي تنتج عن تناول القمح، والشعير والجاودار، ومشتقاتها، يظهر لدى الأشخاص المؤهلين وراثيًا من كل الأعمار. الداء البطني ليس مرضًا هضميًا فقط، فهو يصيب عدة أعضاء، ويسبب مجموعة كبيرة من الأعراض غير الهضمية، والأهم أنه قد يكون لا عرضيًا بشكل كامل في أغلب الأحيان.[6] من الصعوبات الإضافية أمام وضع التشخيص أن الواسمات المصلية (ترانسغلوتاميناز المضاد للنسيج) لا تكون موجودة دائمًا، وقد يكون لدى العديد من الأشخاص المصابين بالداء البطني آفات مخاطية صغيرة دون حدوث نقص تصنع في الزغابات المعوية.[7]

يصيب الداء البطني نحو 1 – 2% من الناس عمومًا في كل أنحاء العالم، ونسبة الإصابة به في ازدياد، لكن لا يجري التعرف على معظم الحالات فتبقى بذلك غير مُشخَّصة ولا تُعالَج ما يعرض المريض لخطر حدوث اختلاطات طويلة الأمد. قد يعاني الناس من أعراض المرض الشديدة، ويخضعوا لاستقصاءات كثيفة طوال سنوات قبل الوصول إلى التشخيص الصحيح. قد يسبب الداء البطني غير المعالج سوء امتصاص، ونقصًا في جودة الحياة، وعوز الحديد، وهشاشة عظام، واختلاطات توليدية (ولادة جنين ميت، وتحدد النمو داخل الرحم، والولادة المبكرة، وانخفاض وزن الولادة، وصغر حجم الجنين بالنسبة لسن الحمل)، وزيادة خطر حدوث اللمفومات المعوية، ومعدل فيات أعلى. يرتبط الداء البطني ببعض الأمراض المناعية الذاتية مثل داء السكري نمط 1، والتهاب الغدة الدرقية، ورنح الغلوتين، والصدفية، والبهاق، والتهاب الكبد المناعي الذاتي، والتهاب الجلد الهربسي الشكل، والتهاب الأقنية الصفراوية المصلب البدئي، وغيرها.[8]

إن المرض البطني المترافق «بأعراض كلاسيكية»، تشمل التظاهرات الهضمية مثل الإسهال المزمن، وانتفاخ البطن، وسوء والامتصاص، وفقد الشهية، وقصور النمو، هو في الوقت الحالي أقل أشكال التظاهرات شيوعًا، ويصيب بصورة أساسية الأطفال الصغار بعمر أصغر من عامين عمومًا.[9]

المرض البطني المترافق «بأعراض غير كلاسيكية» هو أشيع نمط سريري، ويحدث لدى الأطفال بعمر أكبر من عامين، واليافعين، والكبار. يتميز بوجود أعراض هضمية أخف أو قد تكون غائبة، وبطيف واسع من التظاهرات غير المعوية التي قد تشمل أي عضو في الجسم، ويشيع أن يكون غير عرضي لدى الأطفال (على الأقل 43% من الحالات) والكبار.

إن اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين مدى الحياة هو العلاج الوحيد المقبول طبيًا للمصابين بالداء البطني.[10]

تحسس الغلوتين غير البطني

يوصف تحسس الغلوتين غير البطني بأنه حالة مرضية تترافق بأعراض متعددة تتحسن عند الاعتماد على نظام غذائي خالٍ من الغلوتين، وذلك بعد استبعاد الحساسية من القمح والداء البطني. قد يعاني المصابون بتحسس الغلوتين غير البطني من أعراض هضمية تشبه تلك التي يعاني منها المصابون بمتلازمة القولون المتهيج أو طيف من الأعراض غير الهضمية.[11]

قد تشمل الأعراض الهضمية أي من التالي: ألم بطني، وانتفاخ، وشذوذات في العادات المعوية (إما إسهال أو إمساك)، وغثيان، وابتلاع الهواء، وداء القلس المعدي المريئي، والتهاب المعدة القلاعي. يشار إلى وجود طيف من الأعراض خارج المعوية التي يُقال بانها تكون التظاهر الوحيد لتحسس الغلوتين غير البطني في حال غياب الأعراض الهضمية، لكن ذلك يبقى مختلفًا عليه. تشمل هذه الأعراض: صداع، أو شقيقة، أو «تشوش ذهن»، أو إعياء، أو ألم عضلي ليفي، أو ألم مفصلي وعضلي، أو خدر (نقص الحس) في الذراع أو الساق، أو مذل في الأطراف، أو التهاب جلد (أكزيما أو طفح جلدي)، أو اضطرابات تأتبية مثل الربو والتهاب الأنف والحساسيات الأخرى، أو اكتئاب، أو قلق، أو فقر دم بعوز الحديد، أو عوز الفولات، أو الأمراض المناعية الذاتية.[12]

تحسس الغلوتين غير البطني متورط أيضًا في بعض الاضطرابات العصبية النفسية بما فيها الفصام، واضطرابات الأكل، والتوحد، واعتلال الأعصاب المحيطي، والرنح، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. يوجد لدى أكثر من 20% من المصابين بتحسس الغلوتين غير البطني حساسية متواسطة بـ IgE تجاه واحد أو أكثر من المستنشقات، أو الأطعمة، أو المعادن، يشيع منها السوس (قراديات)، والنجيلية، وباريتاريا، وشعر الكلاب أو القطط، والمحاريات، والنيكل. يعاني تقريبًا 35% من المصابين بتحسس الغلوتين غير البطني من عدم تحمل الأطعمة بشكل أساسي عدم تحمل اللاكتوز.[13]

إن الآلية المرضية لتحسس الغلوتين غير البطني غير مفهومة حتى الآن. لذلك فهي متلازمة مختلف عليها، وما زال بعض الباحثين يشكك بوجودها. هناك أدلة على أن ليس فقط الغليادين (مولد الضد السمي الخلوي الأساسي في الغلوتين) بل البروتينات الأخرى أيضاً التي تدعى بمثبطات أميلاز تربسين القمح تكون موجودة في الحبوب الحاوية على الغلوتين (القمح، والشعير والجاودار، ومشتقاتها) تلعب دورًا في حدوث الأعراض. إن مثبطات أميلاز تربسين القمح هي مفعلات محتمله لجهاز المناعي الفطري. تكون الفودماب موجودة بكميات قليلة في الحبوب الحاوية على الغلوتين، وقد حُدِّدت بأنها سبب محتمل لبعض الأعراض الهضمية لدى المصابين بتحسس الغلوتين غير البطني. بدءًا من 2019، خلصت مراجعات إلى أنه على الرغم من أن الفودماب (الكربوهيدرات القابلة للتخمر) وخاصة الفركتانز قد تلعب دورًا في حدوث تحسس الغلوتين غير البطني إلا أنها تفسر حدوث بعض الأعراض الهضمية فقط مثل الانتفاخ، لكن قد تحدث أعراض غير هضمية أيضًا لدى المصابين بتحسس الغلوتين غير البطني مثل الاضطرابات العصبية، والألم العضلي الليفي، والاختلالات النفسية، والتهاب الجلد.[14]

انظر أيضًا

مراجع

  1. "Al-Qamoos القاموس - English Arabic dictionary / قاموس إنجليزي عربي". www.alqamoos.org. مؤرشف من الأصل في 20 أغسطس 2018. اطلع عليه بتاريخ 19 أغسطس 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Ciacci C, Ciclitira P, Hadjivassiliou M, Kaukinen K, Ludvigsson JF, McGough N; et al. (2015). "The gluten-free diet and its current application in coeliac disease and dermatitis herpetiformis". United European Gastroenterol J (Review). 3 (2): 121–35. doi:10.1177/2050640614559263. PMC 4406897. PMID 25922672. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Explicit use of et al. in: |مؤلف= (مساعدة)صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  3. "Role of oats in celiac disease". World J Gastroenterol. 21 (41): 11825–31. نوفمبر 7, 2015. doi:10.3748/wjg.v21.i41.11825. PMC 4631980. PMID 26557006. It is necessary to consider that oats include many varieties, containing various amino acid sequences and showing different immunoreactivities associated with toxic prolamins. As a result, several studies have shown that the immunogenicity of oats varies depending on the cultivar consumed. Thus, it is essential to thoroughly study the variety of oats used in a food ingredient before including it in a gluten-free diet. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. "Gluten-free diet in children: an approach to a nutritionally adequate and balanced diet". Nutrients. 5 (11): 4553–65. نوفمبر 18, 2013. doi:10.3390/nu5114553. PMC 3847748. PMID 24253052. For CD patients on GFD, the nutritional complications are likely to be caused by the poor nutritional quality of the GFPs mentioned above and by the incorrect alimentary choices of CD patients. (...) the limited choice of food products in the diet of children with CD induces a high consumption of packaged GFPs, such as snacks and biscuits. (..) It has been shown that some commercially available GFPs have a lower content of folates, iron and B vitamins or are not consistently enriched/fortified compared to their gluten containing counterparts. (...) The first step towards a balanced diet starts from early education on CD and GFD, possibly provided by a skilled dietitian and/or by a physician with expert knowledge in CD. (...) It is advisable to prefer consumption of naturally GF foods, since it has been shown that they are more balanced and complete under both the macro- and micro-nutrient point of view. In fact, these foods are considered to have a higher nutritional value in terms of energy provision, lipid composition and vitamin content as opposed to the commercially purified GF products. Within the range of naturally GF foods, it is preferable to consume those rich in iron and folic acid, such as leafy vegetables, legumes, fish and meat. During explanation of naturally GF foods to patients, it is a good approach for healthcare professionals to bear in mind the local food habits and recipes of each country. This may provide tailored dietary advice, improving acceptance and compliance to GFD. Furthermore, increasing awareness on the availability of the local naturally GF foods may help promote their consumption, resulting in a more balanced and economically advantageous diet. Indeed, these aspects should always be addressed during dietary counseling. With regards to the commercially purified GFPs, it is recommended to pay special attention to the labeling and chemical composition. (...) Increasing awareness on the possible nutritional deficiencies associated with GFD may help healthcare professionals and families tackle the issue by starting from early education on GFD and clear dietary advice on how to choose the most appropriate gluten-free foods. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. "Pure Oats as Part of the Canadian Gluten-Free Diet in Celiac Disease: The Need to Revisit the Issue". Can J Gastroenterol Hepatol (Review). 2016: 1576360. 2016. doi:10.1155/2016/1576360. PMC 4904650. PMID 27446824. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Fasano, A; Catassi, C (Dec 20, 2012). "Clinical practice. Celiac disease". The New England Journal of Medicine. 367 (25): 2419–26. doi:10.1056/NEJMcp1113994. PMID 23252527. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "Gluten tolerance; potential challenges in treatment strategies". Gastroenterol Hepatol Bed Bench. 4 (2): 53–7. 2011. PMC 4017406. PMID 24834157. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. "Support for patients with celiac disease: A literature review". United European Gastroenterol J (Review). 3 (2): 146–59. Apr 2015. doi:10.1177/2050640614562599. PMC 4406900. PMID 25922674. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. "Celiac disease and obstetric complications: a systematic review and metaanalysis". Am J Obstet Gynecol. 214 (15): 01194–1. Oct 9, 2015. doi:10.1016/j.ajog.2015.09.080. PMID 26432464. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. "Coeliac disease and autoimmune disease-genetic overlap and screening". Nat Rev Gastroenterol Hepatol. 12 (9): 507–15. Sep 2015. doi:10.1038/nrgastro.2015.136. PMID 26303674. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. "Non-celiac gluten sensitivity: a work-in-progress entity in the spectrum of wheat-related disorders". Best Pract Res Clin Gastroenterol. 29 (3): 477–91. Jun 2015. doi:10.1016/j.bpg.2015.04.006. PMID 26060112. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "Nonceliac gluten sensitivity". Gastroenterology (Review). 148 (6): 1195–204. May 2015. doi:10.1053/j.gastro.2014.12.049. PMID 25583468. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. "Non-celiac gluten sensitivity: the new frontier of gluten related disorders". Nutrients (Review). 5 (10): 3839–3853. 2013. doi:10.3390/nu5103839. ISSN 2072-6643. PMC 3820047. PMID 24077239. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. De Palma, Giada; Nadal, Inmaculada; Collado, Maria Carmen; Sanz, Yolanda (2009). "Effects of a gluten-free diet on gut microbiota and immune function in healthy adult human subjects". British Journal of Nutrition. 102 (8): 1154–1160. doi:10.1017/S0007114509371767. PMID 19445821. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة مطاعم وطعام
    • بوابة طب
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.