التاريخ العسكري للولايات المتحدة

يمتد التاريخ العسكري للولايات المتحدة ليشمل فترة تزيد عن قرنين. خلال تلك الأعوام، تطورت الولايات المتحدة من دولة حديثة العهد تحارب بريطانيا العظمى سعيًا للاستقلال (1775–1783)، شهدت الحرب الأهلية الأمريكية البارزة (1861–1865)، ثم تعاونت مع الحلفاء وحققت النصر في الحرب العالمية الثانية (1941–1945)، لتصبح قوة عظمى منذ أواخر القرن العشرين وحتى اليوم.[1]

التاريخ العسكري للولايات المتحدة
معلومات عامة
المقر
البنتاغون، مقاطعة أرلنغتون، فرجينيا، الولايات المتحدة
التكوين
فرع من
الفروع
مقالات ذات صلة
التاريخ

أسس الكونغرس القاري عام 1775 الجيش القاري والبحرية القارية ومشاة البحرية القارية، وجعل من الجنرال جورج واشنطن قائد الجيش. استطاع هذا الجيش المُنشأ حديثًا، والذي حارب إلى جانب الجنود والبحارة الفرنسيين، تحقيق النصر على القوات البريطانية خلال الحرب، وقاد البلاد نحو الاستقلال عبر معاهدة باريس. جعل الدستور الجديد الذي أُقرّ عام 1789 رئيسَ الجمهورية قائدًا أعلى للقوات المسلحة، ومنح الكونغرس السلطة في فرض الضرائب وصياغة التشريعات وإعلان الحرب.[2]

اعتبارًا من 2019، تتألف القوات المسلحة الأمريكية من القوات البرية وقوات مشاة البحرية والبحرية والقوات الجوية والقوات الفضائية الأمريكية، تخضع جميعها لقيادة وزارة الدفاع الأمريكية وحرس السواحل، والذي يخضع لسلطة وزارة الأمن الداخلي.

رئيس الولايات المتحدة هو رئيس الأركان، ويمارس سلطته عبر وزير الدفاع الأمريكي ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، وهو الذي يشرف على العمليات القتالية. يسيطر حكام الولايات على قوات الجيش ووحدات الحرس الوطني الجوي بغرض تحقيق أهداف محدودة. يملك الرئيس القدرة على توحيد وحدات الحرس الوطني، ويجمعها بحيث تخضع لسلطة وزارة الدفاع فقط.[3]

الحروب الاستعمارية (1620–1774)

تكمن بدايات القوات المسلحة الأمريكية في مستوطني التخوم المدنيين، والذين تسلحوا من أجل الصيد والبقاء على قيد الحياة في البرية. نُظم هؤلاء المدنيون المسلحون ضمن ميليشيات محلية لتنفيذ عمليات عسكرية صغيرة، معظمها ضد القبائل الأمريكية الأصلية، وأيضًا لمقاومة الغارات المحتملة التي تشنها القوات العسكرية الصغيرة التابعة للمستوطنات الأوروبية الأخرى. اعتمد الأمريكيون على الجيش النظامي البريطاني والبحرية أثناء أداء العمليات العسكرية الهامة.[4]

في العمليات العسكرية الكبرى خارج المناطق المحلية، لم تُسخّر تلك الميليشيات لأداء مهام قتالية. بدلًا من ذلك، كانت المستعمرات تطلب متطوعين (وتدفع لهم أموالًا)، أغلب هؤلاء المتطوعين أعضاءٌ في تلك الميليشيات.[5]

في الأعوام الأولى من فترة الاستعمار البريطاني لأمريكا الشمالية، جاءت العمليات العسكرية في المستعمرات الثلاث عشرة، والتي ستشكل الولايات المتحدة لاحقًا، نتيجة الصراعات مع سكان أمريكا الأصليين، مثل حرب البيكوات عام 1637 وحرب الملك فيليب عام 1675 وحرب ياماسي عام 1715 وحرب الاب رال عام 1772.

بدءًا من عام 1689، انخرطت المستعمرات في سلسلة من الحروب بين بريطانيا العظمى وفرنسا من أجل السيطرة على أمريكا الشمالية، وكانت حرب الملكة آن إحدى أهم تلك الحروب، فاستولى خلالها البريطانيون على مستعمرة أكاديا الفرنسية، بالإضافة إلى الحرب الفرنسية والهندية الأخيرة (1754–63) التي انتصرت فيها بريطانيا على كافة المستعمرات الفرنسية في أمريكا الشمالية. منحت تلك الحرب الأخيرة آلاف المستعمرين، من بينهم جورج واشنطن الذي كان عقيد جيش فرجينيا، خبرة عسكرية استفادوا منها خلال حرب الاستقلال الأمريكية.[6]

حرب أذن جينكنز (1739–1748)

كانت المنافسة بين بريطانيا العظمى وفرنسا في أوجها سعيًا للهيمنة على أمريكا الشمالية، بينما كان الصراع مع إسبانيا، التي تلاشت قوتها، صراعًا مهمًا لكنه ثانوي. بلغ الصراع الأخير ذروته خلال حرب أذن جينكنز، وهي الحرب التي مهدّت لحرب الخلافة النمساوية التي بدأت عام 1739 وحرّضت البريطانيين والمستعمرين الأمريكيين ضد الإسبان.[7]

في المستعمرات الأمريكية، جاءت الحرب على شكل صراع تأرجحت كفته بين الإسبان في فلوريدا والهند الغربية والمستعمرين البريطانيين في مقاطعتي كارولينا الجنوبية وجورجيا. كانت أشهر حلقات ذلك الصراع رسوّ حملة بريطانية في جامايكا ونشوب معركة في قرطاجنة، الميناء الرئيس للمستعمرة الإسبانية في كولومبيا. جهزت مستعمرات البر الرئيس كتيبة كي تشارك في الغزوة وتندرج تحت صفوف الجيش البريطاني النظامي الخاضع للقيادة البريطانية. انتهت الحملة بشكل كارثي، لأسباب عديدة كأحوال الطقس والأمراض وفشل القادة البريطانيين، ولم يرجع من الأمريكيين الذين شاركوا في الغزوة سوى 600 فردٍ من أصل 3000.[7]

حرب الاستقلال (1775–1783)

وصلت التوترات السياسية النامية بين بريطانيا العظمى والمستعمرات الثلاث عشرة إلى أزمة عام 1774 عندما أخضعت بريطانيا مستعمرةَ خليج ماساتشوستس لقانون الأحكام العرفية بعدما اعترض الوطنيون على الضرائب المفروضة، والتي اعتبروها خرقًا لحقوقهم الدستورية بصفتهم مواطنين إنجليز. عندما بدأ إطلاق النار إبان معارك ليكسينغتون وكونكورد في أبريل عام 1775، سارعت كتائب الميليشيا إلى بوسطن آتية من كافة أنحاء نيو إنجلاند، وطوّقت الإنجليز في المدينة. عيّن الكونغرس القاري جورج واشنطن في منصب قائد أركان الجيش القاري المؤسس حديثًا بعد تعزيز قوته بميليشيات المستعمرات على مرّ الحرب. بالإضافة إلى الجيش، أنشأ الكونغرس البحرية القارية وقوات المشاة البحرية القارية. استطاع واشنطن دحر البريطانيين عن بوسطن، لكن في أواخر صيف 1776، عاد البريطانيون إلى نيويورك وكانوا على مقربة من أسر جيش واشنطن. في تلك الأثناء، طرد الثوار المسؤولين البريطانيين من المستعمرات الثلاث عشرة، وأعلنوا الولايات المتحدة دولة مستقلة في الرابع من يوليو عام 1776.[8]

افتقد البريطانيون، في المقابل، القيادة الموحدة والاستراتيجية الواضحة لتحقيق النصر. استطاع البريطانيون، بعدما استعانوا بالبحرية الملكية، الاستيلاء على مدنٍ ساحلية، بينما استعصى عليهم فرض سيطرتهم على الأرياف. انتهت غارة بريطانية انطلقت من أراضي كندا عام 1777 بالاستسلام الكارثي للجيش البريطاني في معركة ساراتوغا. تزامنًا مع مجيء الجنرال فون شتويبن عام 1777، بدأ تدريب وضبط القوات الأمريكية على طول الخطوط البروسية، وبدأ تطور الجيش القاري ليتحول إلى قوة حديثة. دخلت فرنسا وإسبانيا الحرب بعدها في تحالفٍ مع الولايات المتحدة ضد بريطانيا العظمى، ما أنهى هيمنتها البحرية وأدى إلى تنامي الصراع ليصبح حربًا عالمية. انضمت هولندا لاحقًا إلى جانب فرنسا، فكانت جيوش الحلفاء متفوقة عدديًا على الجيش البريطاني في البر والبحر ضمن حرب عالمية، ولم يملك البريطانيون أي حليفٍ رئيس باستثناء القبائل الهندية والموالين للملكية وجنود هسن.

أدى تحوّل الاهتمام نحو الولايات الأمريكية الجنوبية عام 1779 إلى سلسلة من الانتصارات لصالح بريطانيا، لكن الجنرال ناثانيل غرين انخرط في حرب عصابات ولم يتمكن من تحقيق تقدّم استراتيجي. حوصر الجيش البريطاني الرئيس على يد القوات الأمريكية بقيادة واشنطن والقوات الفرنسية في يوركتاون عام 1781، وعندما منع الأسطول الفرنسي وصول المساعدة من البحرية الملكية، سعى البريطانيون للتفاوض من أجل السلام.

جورج واشنطن

أثبت الجنرال جورج واشنطن (1732–1799) أنه إداري وضابط ممتاز، عمل بنجاح مع الكونغرس وحكام الولايات، وكان يختار ويراقب ضباطه الأصغر منه، ويدعم ويدرب جنوده مبقيًا جيشه الجمهوري جيشًا مثاليًا. كانت الإمدادات والخدمات اللوجستية أكبر تحدٍ واجهه، فلم يملك الكونغرس ولا الولايات قدرة على التمويل المادي من أجل توفير المعدات والذخيرة والملبس ورواتب الجنود، بل حتى إمدادات الطعام الخاصة بهم، على نحوٍ كافٍ. بصفته خبيرًا تكتيكيًا في المعارك، هُزم واشنطن مرارًا على يد أنداده البريطانيين. لكن من ناحية التخطيط والاستراتيجية، كان لدى واشنطن فكرة أفضل عن كيفية الفوز في الحرب مقارنة بالبريطانيين. بعث البريطانيون 4 جيوش غازية، فأجبرت استراتيجية واشنطن الجيش الأول على الخروج من بوسطن عام 1776، وكانت خططه مسؤولة عن استسلام الجيشين الثاني والثالث في ساراتوغا (1777) ويوركتاون (1781).

انظر أيضًا

مراجع

  1. John Whiteclay Chambers, ed., The Oxford Guide to American Military History (1999)
  2. Jeremy Black, America as a Military Power: From the American Revolution to the Civil War (2002)
  3. Fred Anderson, ed. The Oxford Companion to American Military History (2000)
  4. Spencer C. Tucker, James Arnold, and Roberta Wiener eds. The Encyclopedia of North American Colonial Conflicts to 1775: A Political, Social, and Military History (2008) excerpt and text search نسخة محفوظة 3 مارس 2021 على موقع واي باك مشين.
  5. James Titus, The Old Dominion at War: Society, Politics and Warfare in Late Colonial Virginia (1991)
  6. Fred Anderson, The War That Made America: A Short History of the French and Indian War (2006)
  7. Matloff, Maurice, المحرر (1969). "2. Beginnings". American Military History. Washington, DC: Office of the Chief Of Military History of Military History, United States Army. مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)  تتضمن هذه المقالة نصًا من هذا المصدر المُتاح في الملكية العامة.
  8. Don Higginbotham, The war of American independence: military attitudes, policies, and practice, 1763–1789 (1983)
    • بوابة التاريخ
    • بوابة الحرب
    • بوابة الولايات المتحدة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.