التأثير المسيحي على الحضارة الإسلامية
لعب المسيحيون دورًا مهمًّا في ظل الدولة الإسلامية حيث برزت مساهمة القبائل المسيحية إبان الفتوحات العربية، وفي تثبيت أركان الحكم، وبقيت مجتمعات مسيحية على دينها مثل أقباط مصر، وموارنة لبنان، وتغالبة الجزيرة، وكان مسيحيو الشام من القبائل التغلبية يشكلون سندًا للأمويين في الجيش، وفي الأسطول[1] اعتمدت الدولة الإسلامية على المسيحيين في إدارة الدولة ودواوينها، فقد كان للمسيحيين العرب دور بارز في العصر الأموي، في إنشاء الدواوين،[1] فاستفاد الأمويون والعباسيون منهم في تعريب الدواوين والإدارة وأبقوهم على رأس وظائفهم؛ وكذلك فعل الفاطميون في مصر، ولم يقتصر الأمر على موظفي الإدارة، بل تعداه إلى الوظائف الكبيرة في الدولة، فقد عمل السريان والنساطرة خلال العصر العباسي في الترجمة والعلوم والفلك والطب فاعتمد عليهم الخلفاء.[2]
كما وقاد المسيحيون النهضة القومية العربية،[3][4] وقد انتقل بعض هؤلاء المفكرين ذوي الأغلبية المسيحية من سوريا ولبنان إلى القاهرة والإسكندرية التي كانت في ظل الخديوي إسماعيل المكان الأكثر انفتاحًا في الدولة العثمانية؛[5] كذلك فقد استقر بعض هؤلاء في المهجر،[6] لقد أطلق هؤلاء المسيحيون بصحفهم وجمعياتهم الأدبية والسياسية النهضة العربية في القرن التاسع عشر والتي سرعان ما اتسعت لتشمل أطياف المجتمع برمته.[7][8] وقد سطع أيضًا نجم عدد وافر من الشخصيات المسيحية العربية في الوطن العربي والمهجر في مناصب سياسية واقتصادية بارزة، كما ولا يزال للطوائف المسيحية، دور بارز في المجتمع العربي، لم ينقطع، لعلّ أبرز مراحله النهضة العربية في القرن التاسع عشر، ومسيحيّو الشرق الأوسط هم أغنياء نسبيًا، ومتعلمون، ومعتدلون سياسيًا،[9] كما ولهم اليوم دور فاعل في مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.[10] ويدير المسيحيون اليوم عددًا من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي والمستشفيات والجامعات، وتقدّم هذه المؤسسات مستوى عاليًا من الخدمات.
العصر الأموي
شغل المسيحيون في العصر الأموي وظائف هامة، فكان منهم الأطباء والوزراء والشعراء، فقد عين معاوية الطبيب ابن أثال عاملاً على ولاية حمص،[1] وكان منصور بن ياسر سرجيون وزيراً، وكان طبيبه الخاص عربياً مسيحياً، كما وتقلد بعض المسيحيين الوزارة كسعيد بن ثابت، وكان شاعر البلاط في عهده الأخطل، الذي كان ثالث أشهر شعراء «النقائض» مع جرير والفرزدق.[1] وكان منهم أيضاً حرفيون مهرة، شارك عدد غير قليل منهم في بناء الجامع الأموي الكبير، الذي أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك ببنائه.[1] وعين سليمان بن عبد الملك كاتباً نصرانياً، كما عين المأمون العباسي اسطفان بن يعقوب مديراً لخزينة الخليفة، وتم تقليد ديوان الجيش لمسيحيٍّ مرتين، وشغل سعيد بن ثابت وزارة، وتولى عبيد بن فضل قيادة الجيش، وكان عيسى بن نسطور وزيراً في بلاط العزيز الخليفة الفاطمي، وكان لعضد الدولة وزير نصراني اسمه نصر بن هارون، وكُلّفَ مسيحيون كثيرون بمسؤوليات حكومية أيام الدولة الفاطمية.[1]
العصر العباسي
كان للمسيحيين خاصًة السريان من يعاقبة ونساطرة دور مهم في الترجمة والعلوم،[2] بخاصة أيام الدولة العباسية، وأدت الترجمة مهمة رئيسة في ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، وقد أتقن العرب، والمسيحيون منهم خاصة، الترجمة واستوعبوا محتويات الكتب المترجمة، بعدما عربوها وأعادوا صياغتها وطوروا مضمونها وأجروا عمليات نقد عليها وأعادوا إنتاج الثقافات السابقة لهم ووضعوها بين يدي العالم في ما بعد. لقد ترجم المسيحيون من اليونانية والسريانية والفارسية،[11] واستفادوا من المدارس التي ازدهرت فيها العلوم قبل قيام الدولة العربية خصوصاً مدارس مدن "الرها ونصيبين وجنديسابور وإنطاكية والإسكندرية" المسيحية والتي خرجت هناك فلاسفة وأطبّاء وعلماء ومشرّعين ومؤرّخين وفلكيّين، وحوت مستشفى ومختبرًا ودار ترجمةٍ ومكتبةً ومرصد.[12] واشتهر من المترجمين شمعون الراهب وجورجيوس أسقف حوران وجوارجيوس وجبريل بن بختيشوع الذين اشتهروا في الطب خصوصاً، وبقيت أسرتهم آل بختيشوع مسؤولةً عن الطب في الدولة العباسية طوال ثلاثة قرون، وخدم أبناؤها كأطباء خاصّين للخلفاء العباسيين،[13] وعيّن المأمون يوحنا بن ماسويه الذي ترجم وألف خمسين كتاباً رئيساً لبيت الحكمة وكان أبوه أيضًا طبيبًا،[13] وحنين بن إسحق كان أيضاً رئيساً لبيت الحكمة ومن بعده ابن اخته حبيش بن الأعسم، وقد ترجم حنين بن إسحق 95 كتابًا [13]، وسعيد بن البطريق وله عدد من المصنفات، وقسطا بن لوقا. وقد أقام المأمون يوحنا بن البطريق الترجمان أميناً على ترجمة الكتب الفلسفيّة من اليونانيّة والسريانيّة إلى العربيّة،[13] وتولّى كتب أرسطو وأبقراط. ومنهم أيضًا إسحق الدمشقي ويحيى بن يونس والحجاج بن مطر وعيسى بن يحيى ومتى بن يونس وأسطفان بن باسيل ويحيى بن عدي وعبد المسيح الكندي، [13] وقد ترجموا وألفوا في الفلسفة والنواميس والتوحيد والطبيعيات والإلهيات والأخلاق والطب والرياضيات والنجوم والموسيقى وغيرها. يشير عدد من الباحثين بنوع خاص إلى تطور الفيزياء في اللغة السريانية.[14] وكان لترجمتهم كتب الفلسفة إلى العربية أثر كبير في ظهور «فرق المعتزلة» التي تجعل من العقل الحكم الوحيد في تفسير أحكام الشريعة الإسلامية.[15]
وأسهم الأقباط بدورهم في التطور العلمي،[16] فهم الذين قاموا بالدور الأساسي في بناء الأسطول العربي في بداية العصر الأموي، وهم الذين أقاموا دار الصناعة في الإسكندرية، ودار الصناعة في تونس، وذهب عدد من العمال الفنيين الأقباط إلى الشام للهدف نفسه.[17]
وقد وصف الجاحظ وضع المسيحيين خلال العصر العباسي :«إن النصارى متكلمين وأطباء ومنجمين وعندهم عقلاء وفلاسفة وحكماء... وان منهم كتّاب السلاطين وفرّاشي الملوك وأطباء الأشراف والعطّارين والصيارفة... وأنهم أتخذزا البراذين والخيل واتخذوا الشاكرية والخدم والمستخدمين وامتنع كثير من كبرائهم من عطاء الجزية».[18]
في الثقافة العباسيَّة الشعبية ظهرت العديد من الشخصيات المسيحية الفلكلورية الأسطورية في مجموعة متنوعة من القصص الشعبية والأشعار منها على سبيل ألف ليلة وليلة[19] التي تحتوي على شخصيات أدبية مسيحية خيالية مشهورة منها السمسار القبطي والخطاط السرياني وحكاية الأميرة شيرين ورهبان عمورية وتتكرر شخصية الطبيب والتاجر المسيحي بكثرة وتضمنت الشخصيات المسيحية الخيالية مسيحيين من بغداد وسائر العالم الإسلامي ومن روم الإمبراطورية البيزنطية.[20]
العصر العثماني
النهضة العربية الحديثة
- مقالات مفصلة: النهضة العربية
- موارنة
لعب المسيحيون العرب دورًا رائدًا في النهضة الثقافية العربية، فكانوا أول من أدخل المطبعة إلى البلدان العربية مطبعة دير قزحيا في لبنان ثم مطبعة حلب عام 1706، وساعدوا منذ منتصف القرن التاسع عشر على نشر التعليم وتأسيس المدارس العربية، فافتتحت الجامعات المسيحية بجهود المرسلين كانت أولها الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1866 وجامعة القديس يوسف عام 1875 مما أدى إلى انتعاش الحركة الفكرية، وقد خرَّجت المداراس المسيحية عددًا وافرًا من أعلام العربية في تلك المرحلة،[21] وقد أسهم المسيحيون في إحياء التراث والأدب العربي، وكان من أبرز أعلام الأدب جبران خليل جبران وقسطاكي الحمصي وميخائيل نعيمة ومي زيادة وأمين الريحاني وشفيق معلوف وإلياس فرحات، ومن الشعراء والمؤرخين برز إيليا أبو ماضي وخليل مطران والأخطل الصغير ونعمة الله الحاج وعيسى إسكندر وصليبا الدويهي ورشيد سليم الخوري.
وبرز في الصحافة جرجي زيدان مؤسس مجلة الهلال عام 1892، ويعقوب الصروف مؤسس صحيفة المقطم، وسليم العنجوي مؤسس «مرآة الشرق»، وإسكندر شلهوب مؤسس مجلة السلطنة عام 1897، وسليم تقلا وشقيقه بشارة تقلا مؤسسي جريدة الأهرام.[22]
كما ولعب كل من ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم اليازجي وبطرس البستاني - أول من ابتدأ بمشروع دائرة معارف باللغة العربية - دورًا في إعادة استخدام اللغة الفصحى بين العرب في القرن التاسع عشر. أما على صعيد المسرح فقد كان للمسيحيين دور متألق مع مارون عبود ومارون النقاش الذين ساهما في تأسيس الحركة المسرحية في مصر.
وقد شارك المسيحيون في نقل مفاهيم الدولة الحديثة إلى العرب، كمفاهيم الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص والحق بالتعليم وتحديث الدولة، وأكدوا اعتزازهم بانتمائهم القومي[23]، ومنهم بطرس البستاني الذي دعا إلى تعليم العلوم الحديثة، وعمل لنشر مبدأ العدالة وفصل السلطات في الدولة وإدخال التعليم الإلزامي، وألف القاموس المحيط ثم بدأ تاليف دائرة المعارف وأنشأ صحفاً "الجنان، الجنينة"، وافتتح مدارس على أسس قومية طلابها مسلمون ومسيحيون، وأسهم في إحياء التراث العربي[23]، وفرنسيس مراش الذي تحزب للعقل ونادى بالحرية والمساواة ومحاربة الاستبداد والاستعباد وطالب بالمواطنة مرجعية للجميع[23]، ومنهم أيضاً أديب إسحق الذي عارض الاستعمار والتدخل الاجبني، ونادى بالوحدة العربية.[23] ولعل فرح أنطون من أهم النهضويين العرب، فقد كان محرراً في عدد من الصحف وترجم إلى العربية مؤلفات عديدة وألف كتباً وساجل محمد عبده ونادى بالمساواة والعدالة والولاء القومي.[23]
وقد لعب المسيحيون العرب أدوارًا مماثلةً في الأدب والشعر العربيين والمسرح والصحافة، ليس فقط في العالم العربي، إذ إن أعدادًا كبيرة قد هاجرت نحو العالم الجديد وشهدت نيويورك ميلاد الرابطة القلمية.
أسهم المسيحيون العرب في تأسيس الجمعيات، بدءاً من أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر،[24] وأخذت الجمعيات أسماءً غير سياسية، لكنها كانت أحزاباً بأسماء جمعيات، أهدافها الحقيقية سياسية وقومية وتنويرية، وهدفها كان العمل لانتزاع حقوق العرب من السلطة العثمانية، وأخيراً تحقيق اللامركزية.
وانتشرت الجمعيات في المدن العربية، وأصدرت الصحف والكتب والمنشورات، وقامت بنشاطات ثقافية وسياسية واسعة،[24] وكان من أبرز الجمعيات: الجامعة العربية والإخاء العربي العثماني والمنتدى الأدبي والجمعية العربية الفتاة وجمعية العهد والجمعية القحطانية وحزب الإصلاح، وكان حوالي نصف عدد أعضاء المؤتمر العربي الأول باريس 1913 من العرب المسيحيين.[24]
تركيا
كان المسيحيون خاصًة الأرمن واليونانيين عماد النخبة المثقفة والثرية في عهد الدولة العثمانية، وكانوا أكثر الجماعات الدينية تعليمًا،[25] ولعبوا أدوارًا في تطوير العلم والتعليم واللغة والحياة الثقافية والاقتصادية.[26]
ظهر في القرن الثامن عشر نفوذ يونان الفنار في الدولة العثمانية. ويونان الفنار هم أبناء عائلات يونانية أرستقراطية سكنت في حي الفنار في مدينة إسطنبول، وحي الفنار هو مركز بطريركية القسطنطينية المسكونية، أي مركز الأرثوذكسية الشرقية. كان لهذه العائلات نفوذ سياسي داخل الدولة العثمانية ونفوذ ديني في تعيين البطريرك، الزعيم المسيحي في الدولة العثمانية. كانت عائلات حي الفنار عائلات يونانية فارتبطت بالحضارة الهلنستية والحضارة الغربية فشكلت الطبقة المتعلمة والمثقفة في الدولة العثمانية، مما أفسح لها نقوذًا سياسيًّا وثقافيًّا.[27] اشتغل أفراد هذه العائلات في التجارة والصيرفة وفي السياسة والتعليم، وينتمي غالبيتهم إلى عائلات من أصول النبلاء البيزنطيين.
خلال القرن التاسع عشر تحسنت أوضاع الملّة الارمنية الأرثوذكسية لتصبح أكثر طوائف الدولة العثمانية تنظيمًا وثراءً وتعليمًا، وعاشت النخبة من الأرمن في عاصمة الإمبراطورية العثمانية مدينة اسطنبول حيث تميزوا بالغناء الفاحش وعلى وجه الخصوص العائلات الكبيرة المعروفة آنذاك كعائلة دوزيان وباليان ودادايان حيث كان لهم نفوذ اقتصادي كبير في الدولة.[28] إلى جانب الاستفادة من تطور بنية المدراس الارمنية التابعة للكنيسة عمل الارمن في التجارة والمهن الحرة مما أدى إلى تحسن أوضاعهم الاجتماعية، ظهر أشخاص احتلت مناصب هابة مثل المحسن ورجل الأعمال كالوست كولبنكيان والذي لعب دورًا رئيسيًا في جعل احتياطي النفط في الشرق الأوسط متاحًا للتنمية الغربية.
أنشأ الارمن الصحافة الأولى في الدولة العثمانية ولعّل دريان كليكيان الصحفي ومؤسس أولى الصحف في تركيا وبروفسور في جامعة اسطنبول العثمانية أبرز هؤلاء ولعب ارمن تركيا دور في تطوير الأدب الارمني، وبرزت أسرة باليان الارمنية في مجال العمارة والهندسة ولمدة خمسة أجيال صممت سلالة باليان عدد هام من المباني الرئيسية في الدولة العثمانية بما في ذلك القصور والأكشاك والحمامات العامة والمساجد والكنائس والمباني العامة المختلفة، ومعظمها في الآساتنة. خدم تسعة من أعضاء العائلة ستة سلاطين في سياق قرن تقريبًا وكانوا مسؤولين عن الهندسة المعمارية للعاصمة.[29] نظم الأرمن أنفسهم فأنشاؤوا النوادي، الأحزاب السياسية، والجمعيات الخيرية بالإضافة إلى المدارس والكنائس والمستشفيات.
إيران
في عام 1606 أنشئ الحي الأرمني بواسطة مرسوم من الشاه عباس الأول، وهو شاه بارز من السلالة الصفوية. قدم إلى الحي أكثر من 150,000 من الأرمن إلى جولفا من ناخيتشيفان. وقد جاء الأرمن إلى بلاد فارس فارين من الاضطهادات في الإمبراطورية العثمانية؛ في حين وفقًا لإدعاءات أوروبية وأرمنية تقول أن السكان الأرمن تم نقلهم بالقوة في 1604 إلى أصفهان من قبل الشاه عباس الأول. على الرغم من اختلاف أسباب قدوم الأرمن إلا أنّ جميع الإدعاءات تتفق أن الأرمن من سكان جولفا ازدهرت على أيديهم التجارة خاصًة تجارة الحرير الخاصة بهم، وعمل الأرمن في أصفهان كتجار أغنياء، ولهم دور بارز في تطوير الصناعات الفنية الدقيقة الخاصة بالمجوهرات والآلات الدقيقة، ويساهمون اليوم في الصناعات البترولية.[30]
في أواخر القرن السابع عشر، سيطر الأرمن تقريبًا على كل التجارة الفارسية.[31] وأنشأ الأرمن شبكات تجارية واسعة والأرمن في مدن مثل بورصة، حلب، البندقية، ليفورنو، مرسيليا، وأمستردام.[32] وهكذا أصبح الأرمن المسيحيين النخبة التجارية في المجتمع الصفوي ومن خلال وجود رأس مال كبير أتاح للمسيحيين حرية دينية كبيرة فضلًا عن ثراء وسطوة.[33]
العصر الحديث
لقد كوّن المسيحيون في العصر الحديث الطبقة البرجوازية الأساسية في الشام ومصر[34] مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثر كبير، على نحو ما كانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار بفكرهم ومؤلفاتهم وعملهم.[35]
وحتى اليوم ما يزال المسيحيون في الشرق الأوسط يلعبون دوراً حضارياً وثقافياً وعلمياً وقومياً ويشكلون النخبة في مجتمعاتهم.[10] ويعتبر المسيحيون في الشرق الأوسط الأكثر تعلمًا[36] ووضعهم الاقتصادي- الاجتماعي الأفضل مقارنة بباقي السكان،[37] وهم من أغنياء نسبيًا، ومتعلمين، ومعتدلين سياسيًا.[9] وكذلك الأمر في المهجر إذ وصل المسيحيون العرب إلى مناصب سياسية واقتصادية مهمة واستنادًا إلى كريسشان ساينس مونيتور يعتبر المسيحيون العرب في المهجر "أغنياء ومتعلّمين وذوي نفوذ".[38]
برز المسيحيين في كافة المجالات، ففي السياسية هناك ميشال عفلق أحد مؤسسي حزب البعث، وأنطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وفارس الخوري الذي شغل منصب رئيس الوزراء في سوريا، وإميل حبيبي وتوفيق طوبي وعزمي بشارة أمثال جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحنان عشراوي وبطرس غالي رئيس وزراء مصر وحفيده بطرس بطرس غالي الذي شغل منصب أمين عام الأمم المتحدة ومكرم عبيد.[10] وشارل مالك الذي أشرف على وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بطلبٍ من الأمم المتحدة، ووزيرة الصحة الأمريكية دونا شلالا، والسياسيَّين الأمريكيَّين رالف نادر وفيليب حبيب، والعسكري الأمريكي وقائد القوات الأمريكية الأسبق في العراق جون أبي زيد، والنائب في البرلمان الكندي ماريا موراني.
على صعيد الفن هناك عدد من المغنين المسيحيّين المشهورين على مستوى الشرق الأوسط، أمثال فيروز ووديع الصافي، وماجدة الرومي وجورج وسوف ونوال الزغبي واليسا ونجوى كرم وغيرهم، وعلى صعيد التمثيل هناك باسم ياخور وقصي خولي وغيرهم، والإخراج يوسف شاهين ونادين لبكي.
وفي المجال العلمي هناك إلياس خوري الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء وبيتر مدور الحائز على جائزة نوبل في الطب من المورانة[39]، ومايكل عطية عالم في الرياضيات والهندسة الرياضية، وشارل العشي مسؤول في وكالة الفضاء الأميركية ناسا وسالم حنا خميس الخبير الاقتصادي في هيئة الأمم المتحدة، وجورج حاتم طبيب الملايين الذي ساند ماو تسي تونغ في ثورته الشيوعية، كما ويعتبر كل من مجدي يعقوب ومايكل دبغي رواد جراحة القلب في العالم.[40] وفي الاختراعات طوني فاضل وهو أحد مخترعي مشغل آي بود وهاتف آي فون. وعلى الصعيد الاقتصادي فيذكر أن أثرى رجل في العالم هو الماروني المكسيكي اللبناني الأصل كارلوس سليم الحلو،[41] وكارلوس غصن رئيس شركة نيسان ورينو[42] ونيكولا حايك[43] رئيس شركة سواتش، وأنطون شويري الذي يطلق عليه إمبراطور الإعلان العربي وهو الرئيس المؤسس لمجموعة الشويري، وهي مجموعة شركات رائدة في حقل التمثيل التجاري لوسائل الإعلام، كما وتحتل أسرة أنسي ساويرس رأس قائمة أغنى أغنياء مصر، وذلك حسب التصنيف السنوى الذي تصدره مجلة فوربس.[44] ويذكر أنه وفق تقرير حكومي عام 2007 أن أكثر من 30% من الاقتصاد المصري يديره أقباط.[45]
ولا يقتصر دور المسيحيين على الدول الإسلامية العربية بل يمتد إلى كافة الدول، فمثلاً في إيران وتركيا للمسيحيين دور في العمارة والموسيقى والتصوير والطباعة والسينما وغيرها من المجالات.[46] كما لعب أرمن أصفهان وجنوب إيران أدوارًا هامَّةً في التجارة، إذ كان الأرمن تجَّارًا أغنياء، ولهم دور بارز في تطوير الصناعات الفنية الدقيقة الخاصة بالمجوهرات والآلات الدقيقة، ويساهمون في الصناعات البترولية.[47]
انظر أيضًا
مراجع
- دور المسيحيين العرب في النهضة العربية نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- دور الحضارة السريانية في تفاعل دور العرب والمسلمين الحضاري [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 27 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- دور الموارنة أحد ضرورات مستقبل المنطقة، موقع أصول، 28 أيلول 2010. نسخة محفوظة 02 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
- دور العرب المسيحيين المشارقة فــي تحديث العالم العربي نسخة محفوظة 03 ديسمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
- الشوام في مصر...وجود متميز خـــــــــلال القـرنين التاسع عشر والعشرين نسخة محفوظة 1 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص. 175
- سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص. 212
- دور المسيحيين العرب في النهضة العربية نسخة محفوظة 26 يوليو 2014 على موقع واي باك مشين.
- Pope to Arab Christians: Keep the Faith. نسخة محفوظة 18 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- المسيحيون العرب.. طليعة النهضة وهمزة وصل التقدّم نسخة محفوظة 02 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
- الترجمة، الموسوعة العربية، 15 كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 14 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- هناك العديد من المدارس والمكتبات السريانية الأخرى انظر المدارس والمكتبات السريانية من القرن الثالث حتى القرن الثالث عشر، بوابة تركال، 9 كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 03 نوفمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- دور المراكز الثقافية السريانية في تفاعل العرب والمسلمين الحضاري نسخة محفوظة 27 يناير 2020 على موقع واي باك مشين. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 27 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 31 مايو 2020. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - الفيزياء في المؤلفات السريانية - المطران بولس بهنام، مركز الدراسات والأبحاث السريانية، 13 كانون الأول 2010. [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- الفكر السرياني وأثره في الحضارة العربية الإسلامية، كنيسة القديسة تريزيا بحلب، 14 كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
- تأثير الأقباط على الحضارة الإسلامية والأوروبية نسخة محفوظة 28 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- تأثير الأقباط على الحضارة نسخة محفوظة 24 فبراير 2015 على موقع واي باك مشين.
- الجاحظ، رسائل الجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجبل، بيروت 1411\1991 الجزء الاول ص.316
- الآخر في حكايات ألف ليلة وليلة نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
- الشخصية المسيحية في حكايات ألف ليلة وليلة نسخة محفوظة 13 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- محطات مارونية من تاريخ لبنان، مرجع سابق، ص.183
- تاريخ الكنائس الشرقية، مرجع سابق، ص.111
- دور المسيحيين الريادي في حركة القومية العربية نسخة محفوظة 10 مارس 2016 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
- المسيحيون العرب.. الحضور التاريخي وتجديد الدور نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- Harrison 2002، صفحات 276–277: "The Greeks belonged to the community of the Orthodox subjects of the Sultan. But within that larger unity they formed a self-conscious group marked off from their fellow Orthodox by language and culture and by a tradition of education never entirely interrupted, which maintained their Greek identity."
- Kakavas 2002، صفحة 29: "All the peoples belonging to the flock of the Ecumenical Patriarchate declared themselves Graikoi (Greeks) or Romaioi (Romans - Rums)."
- "يونانيو إسطنبول: البطريركية المسكونية على عتبة القرن الـ 21، جماعة تبحث عن مُستقبل" نسخة محفوظة 12 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- Ortaylı, İlber. Son İmparatorluk Osmanlı (The Last Empire: Ottoman Empire), İstanbul, Timaş Yayınları (Timaş Press), 2006. pp. 87-89. ISBN 975-263-490-7 (the book is in Turkish)
- The Balian Family نسخة محفوظة 21 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- معالم الثقافة الأرمنية في إيران نسخة محفوظة 19 ديسمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
- Savory; p. 195-8
- Savory; p. 213.
- Savory; p. 202.
- الشوام في مصر... وجود متميز خـــــــــلال القـرنين التاسع عشر والعشرين نسخة محفوظة 1 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- عروبة المسيحيين ودورهم في النهضة نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- المسيحيون في الشرق الاوسط نسخة محفوظة 30 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- المسيحيون العرب نسخة محفوظة 23 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
- The invisible occupation of Lebanon نسخة محفوظة 22 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- INTELLECTUAL OUTPUT نسخة محفوظة 28 نوفمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
- Ackerman, Todd (2008-07-12). "Dr. Michael DeBakey: 1908-2008; 'أعظم جراحي القرن العشرين' dies". Houston Chronicle. مؤرشف من الأصل في 29 يونيو 2011. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - أثرى أثرياء العالم كارلوس سليم حلو في وطنه الأم لبنان نسخة محفوظة 09 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- كارلوس غصن نسخة محفوظة 07 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- "حايك باق على راس مجموعة سواتش". مؤرشف من الأصل في 09 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
(مساعدة) - _10-03-2011_ مجلة_فوربس_الأمريكية_ مجلة فوربس الأمريكية: عائلة ساويرس أغنى أغنياء مصر، مصرس، 10 مارس 2011 نسخة محفوظة 22 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
- ملف التمييز ضد الأقباط في مصر، الجزيرة نت، 20 نوفمبر 2011. نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2011 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
- الارمن نسخة محفوظة 06 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- Ahmadinejad: Religious minorities live freely in Iran (PressTV, 24 Sep 2009) [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 03 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
مواقع خارجية
- بوابة تاريخ العلوم
- بوابة الإسلام
- بوابة التاريخ الإسلامي
- بوابة ثقافة
- بوابة المسيحية