دعاء عرفة

دعاء الحسين بن علي بن أبي طالب يوم عرفة، من الأدعية التي يهتمّ بها ويقرأها الشيعة، في يوم عرفة. فحجّاجهم يقرءونه في صحراء عرفة اقتداءً بالحسين بن علي الإمام الثالث عند الشيعة والآخرون الذين لم يكونوا حاضري عرفة، يقرأونه بصورة جماعية في مساجدهم وحسينياتهم والعتبات المقدسة في يوم عرفة.

سند الدعاء

ذكر رضي الدين علي بن طاوس في كتاب مصباح الزائر قال : روى بِشر وبشير الأسديان أن الحسين بن علي بن أبي طالب خرج عشية عرفة يومئذ من فسطاطه متذلّلا خاشعا فجعل يمشي هوناً هوناً حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل مستقبل البيت الحرام ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثم بدأ بالدعاء وقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ، وَلَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ، وَلَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ و... الخ.[1]

والأسديان هما:

محتوي الدعاء

هذا الدعاء عبارة عن معارف دينية، وتعاليم عرفانية وعقائدية، من جملة ما ورد فيه:

  • معرفة الله وبيان صفاته .
  • معرفة صفاة الأنبياء والاعتقاد بنبوتهم قلباً وقالباً.
  • التفكر في خلق الإنسان وما حوله في الكون.
  • الحمد والشكر لله على نعمه وما تفضّل به على عبده.
  • التضرع والخضوع والإقرار لله بالخطأ والذنب وطلب العفو والمغفرة والتوبة والإنابة، وطلب الأعمال الحسنة والمثابرة عليها.
  • طلب الحوائج الدينية والدنيوية.
  • الصلاة على النبي محمد و آل بيته.
  • طلب العفو والهداية والرحمة والسعة في الرزق والأجر في الآخرة.... الي آخر الدعاء.

زمان قراءته

مراسم دعاء عرفة في الحضرة الرضوية - مشهد - أغسطس 2017
مراسم دعاء عرفة في مسجد جامعة طهران- أغسطس 2017

يواظب الشيعة علي قراءة هذا الدعاءفي يوم عرفة عصراً، فحجاجهم يقرءنه في صحراء عرفة والأخرون الذين لم يكونوا حاضري عرفة، يقرأونه بصورة جماعية في العتبات المقدسة ومساجدهم وحسينياتهم ومقامات ومزارات أبناء أهل بيت النبي محمد في يوم عرفة.[4][5][6]

مقتطفات من الدعاء

يبدأ الدعاء بهذه العبارات:

اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفي عَلَيْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ، جازى كُلِّ صانِع، وَرائِشُ كُلِّ قانع، وَراحِمُ كُلِّ ضارِع، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ، بِالنُّورِ السّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ، وَلا شئَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شئٌ، وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شئ قَديرٌ...

و في قسم آخر يقول:

فابْتَدَعْتَ خَلْقى مِنْ مَنِىّ يُمْنى، وَاَسْكَنْتَنى في ظُلُمات ثَلاث، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد، لَمْ تُشْهِدْنى خَلْقى، وَلَمْ تَجْعَلْ اِلَىَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرى، ثُمَّ اَخْرَجْتَنى لِلَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنى فِى الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنى مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِى الاُْمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلاْتَنى مِنْ طَوارِقِ الْجآنِّ، وَسَلَّمْتَنى مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابِغَ الانْعامِ، وَرَبَّيْتَنى آيِداً في كُلِّ عام، حَتّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتى، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتى، اَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَتَّكَ، بِاَنْ اَلْهَمْتَنى مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنى بِعَجايِبِ حِكْمَتِكَ، وَاَيْقَظْتَنى لِما ذَرَأتَ في سَمآئِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنى لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنى ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لى تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَىَّ في جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ...

ويستمرّ حتي يصل إلي هذه العبارات:

وقال وعيناه سالتا دموعاً: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَ أَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَ لَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وَ خِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَ بَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَ لَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي، وَ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَ الْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي، وَ النُّورَ فِي بَصَرِي، وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِي، وَ مَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي، وَ اجْعَلْ سَمْعِي وَ بَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَ انْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَ ارْزُقْنِي مَآرِبِي وَ ثَأْرِي، وَ أَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي، وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي، وَ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَ اخْسَأْ شَيْطَانِي، وَ فُكَّ رِهَانِي، وَ اجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى ... .

وفي قسم آخر من الدعاء يذكر الحسين بن علي أنعُم الله وإحسانه ويقول:

يَا مَوْلَايَ أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْت، أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبَارَكْتَ رَبِّي وَ تَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً، وَ لَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً.

و يستمرّ في العبارة التالية من الدعاء ويذكر تصرّفه وسلوكه(تصرفات وسلوك الإنسان بشكل عام) أمام الله رغم إعطاءه تلكَ النعَم والألطاف الإلهية ويقول:

ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِي أَغْفَلْتُ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ . إِلَهِي أَعْتَرِفُ بِنِعْمَتِكَ عِنْدِي، وَ أَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْ لِي، يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وَ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَ الْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ صَالِحاً بِمَعُونَتِهِ وَ رَحْمَتِهِ ... الخ.

و ينتهي الدعاء بفقرة «ثمّ رفع رأسه وبصره إلى السّماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان وقال بصوت عال:

يَا اَسْمَعَ السّامِعينَ، يَا اَبْصَرَ النّاظِرينَ، وَيَا اَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيَا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد السّادَةِ الْمَيَامينَ، وَاَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ حاجَتِى اَّلتى اِنْ اَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّنى ما مَنَعْتَنى، وَاِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْنى ما اَعْطَيْتَنى، اَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتى مِنَ النّارِ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شئ قَديرٌ، يَا رَبُّ يَا رَبُّ.

وكان يكرّر قوله يَا رَبُّ وشغل مَن حضر ممّن كان حوله عن الدّعاء لانفسهم واقبلوا على الاستماع له والتّأمين على دعائه، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض النّاس معه».

شروح علي الدعاء

نظرا لأهمية ومكانة هذا الدعاء عند الشيعة قام بعض علماءهم بشرحه والوقوف على بعض فقراته، ومنها:

  • اصول المعرفة في شرح دعاء عرفه للإمام الحسين عليه السلام، تأليف: عباس أحمد الريس الدرازي البحراني(معاصر)، يقع في 3 أجزاء ،1409 هـ، وطبع في منشورات مكتبه العلوم العامة، المنامة، البحرين. ودارالبلاغة، عام 1411 هـ، بيروت.
  • شرح دعاء عرفة للسيد خلف بن عبد المطلب المشعشعي الحويزي المعاصر للشيخ البهائي.[7] ويظهر من بعضهم أنه شرح لدعاء الإمام علي بن الحسين يوم عرفة في الصحيفة السجادية.[8]
  • هداية المستبصرين: شرح دعاء عرفة، للميرزا أحمد بن سلطان علي صدر الأفاضل المتوفى سنة 1343 هـ، من أحفاد السيد علي خان المدني شارح الصحيفة السجادية، أتّمه سنة 1338 هـ.[9]
  • مديح الإم‍ام‌ ال‍ح‍س‍ي‍ن ع‍ل‍ي‍ه ال‍س‍لام ف‍ي ص‍ح‍راء ع‍رف‍ة، ت‍ال‍ي‍ف م‍ح‍م‍د ت‍ق‍ي ال‍ج‍ع‍ف‍ري، م‍ؤس‍س‍ة ت‍دوي‍ن ون‍ش‍ر آث‍ار الع‍لام‍ه الج‍ع‍ف‍ري، 1998 م.[10]

انظر أيضا

الوصلات الخارجية

المصادر

  1. البلد الأمين، تأليف: الشيخ الكفعمي، مؤسسة الأعلمي، ص352، 1417 هـ/1997م، بيروت
  2. معجم رجال الحديث، تأليف: السيد أبو القاسم الخوئي، الطبعة الخامسة، ج4، ص227، 1413 هـ ـ 1992 م ، مكتبة الداوري، قم المقدسة
  3. معجم رجال الحديث، تأليف: السيد أبو القاسم الخوئي، الطبعة الخامسة، ج 4 ص 237، 1413 هـ ـ 1992 م ، مكتبة الداوري، قم المقدسة
  4. مراسيم عرفة بالعتبة الحسينية تستهل بالدعاء للعراق بحضور مواكب من مختلف الجنسيات [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 27 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  5. بالصور: مراسيم دعاء عرفة بصحراء عرفة نسخة محفوظة 10 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  6. تقام مراسيم دعاء العرفة في مساجد محافظة أذربيجان الشرقية نسخة محفوظة 27 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  7. آقا بزرگ الطهراني، الذريعة، ج13،ص 258
  8. السيد إعجاز حسين، كشف الحجب والأستار، ص335
  9. السيد أحمد الحسيني، تراجم الرجالف ج1، ص71ـ 72
  10. شرح العلامة الجعفري علي دعاء العرفة نسخة محفوظة 07 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة الإسلام
    • بوابة القرآن
    • بوابة شيعة
    • بوابة كتب
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.