تطور كبروي

التطور الكبروي أو الماكروي أو تطور الأنواع هو تطور يحدث على نطاق تجميعات الجينات المنفصلة.[1] دراسات التطور الكبروي تتمحور حول التغيرات التي تحدث في أو فوق مستوى النوع، وذلك بخلاف التطور الصغري،[2] الذي يشير إلى التغيرات التطورية التي تحدث على نطاق أصغر (عادةً توصف بالتغيرات في تواترات الألائل) ضمن النوع أو التجمع الأحيائي.[3]

عملية الانتواع يمكن أن تقع في إطار التطور الصغري أو التطور الكبروي، والأمر يعتمد على القوى التي يُعتقد أنها قد حركتها. هنالك أربعة علوم تعطي معظم الأدلة للأنماط والعمليات التي يمكن تصنيفها كتطورات كبروية، ألا وهي: علم الأحياء القديمة، علم الأحياء التطوري النمائي، علم المجينات المقارن [الإنجليزية]، وعلم تطبق السلالات المجيني [الإنجليزية]. ظهور الريش أثناء تطور الطيور من ديناصورات ثيروبودية يُعد مثالا على التطور الكبروي.

أصل المصطلح

صاغ عالم الحشرات يوري فيليبشينكو مصطلحي «التطوري الكبروي» و«التطوري الصغروي» لأول مرة في عام 1927 في مؤلَّفه الألماني «تباين واختلاف» Variabilität und Variation. ومنذ أن أتى المصطلحان، تمت مراجعتهما لمرات عديدة. لكن مصطلح التطور الكبروي كان يُزدرى عندما يستولي عليه كتاب من أمثال عالم الحفريات أوتو شنايديفولف لوصف نظرياتهم عن استقامة التطور، وهو الاعتقاد في أن الكائنات الحية تتطور في مسار محدد بفعل «قوة دافعة» داخلية.[4][5]

يشتمل التطور الكبروي على حدوث تغيرات في نطاق زمني جيولوجي، وذلك بالضد من التطوري الصغروي، والذي يحدث في أي نطاق زمني.[6]

التطور الكبروي والتركيبة التطورية الحديثة

ضمن التركيبة التطورية الحديثة للقرن العشرين، يعتبر التطور الكبروي مركبا من آثار التطوري الصغروي.[7] وبذلك فإن الفرق بين التطور الصغروي والكبروي ليس جوهريا –فالفرق الوحيد بينهما هو النطاق الزمني. وكما لاحظ إرنست ماير، فإن «التطور العابر للنوع ليس سوى استقراء وتكبير لأحداث تأخذ مجراها داخل مجموعات الكائنات الحية والأنواع...ومن المضلل أن يتم التفريق بين أسباب التطور الصغروي والكبروي.»[7] لكن رغم ذلك، لا يعد الزمن عاملا مميزا ضروريا –فالتطور الكبروي يمكن أن يحدث دون تراكب تدريجي للتغيرات الصغيرة؛ فقد ينجم عن تكرار الجينوم الكامل انتواع يحدث عبر جيل واحد –وهذا الأمر شائع بالأخص لدى النباتات.[8]

وقد اقترح أن التغييرات الجينية التي تنظم النمو لها دور هام في إحداث انتواع عبر تغييرات كبيرة وفجائية نسبيا في مورفولوجيا الحيوانات.[9][10]

أنواع التطور الكبروي

هناك العديد من الطرق التي يُنظر بها إلى التطور الكبروي، كأن يتم، على سبيل المثال، رصد التغيرات في الجينات، الموروفولجيا، التصنيف، البيئة، وسلوك الكائنات الحية، وجميعها أمور مترابطة ببعضها البعض. في بحث لساهني وآخرين، ذُكر الارتباط على أنه «في الوقت الذي يزداد فيه التنوع الأصنوفي، فإن غرائز رباعيات الأرجل تحثهم على الانتقال إلى أنماط حياة جديدة، حيث تكون الموارد منذ البداية غير محدودة، ويكون هناك قليل من المنافسين والنازحين المحتملين من الأخطار. وبينما يزداد التنوع البيئي، تتنوع الأصنوفة نزولا من أسلافها بمعدلات أكبر بكثير بين المجموعة الحيوانية، وبتكيفات أكفأ، أحدث، أو أكثر مرونة».[11]

يحدث التطور الجزيئي عبر تغيرات ضئيلة على المستوى الجزيئي أو الخلوي. وعبر فترة طويلة من الزمن، يتمكن ذلك من إحداث تأثيرات كبيرة في جينات الكائنات الحية. يحدث التطور الأصنوفي عبر التغيرات الصغيرة بين مجموعات الكائنات الحية ثم النوع. وعبر فترة طويلة من الزمن، يتمكن ذلك من إحداث تأثيرات كبيرة على تصنيف الكائنات الحية، وينمو فرع حيوي جديد كليا فوق المستوى النوعي.

يحدث التطور المورفولوجي عبر تغيرات ضئيلة في مورفولوجيا الكائن الحي. وعبر فترة طويلة من الزمن، يتمكن ذلك من إحداث تأثيرات كبيرة في مورفولوجيا الأفرع الحيوية الرئيسية. وبالإمكان رؤية هذا بوضوح لدى الحيتانيات، حيث في فترة التطور المبكرة للمجموعة، كانت الأطراف الخلفية لا تزال موجودة. لكن عبر ملايين السنين، تراجعت الأطراف الخلفية وأصبحت داخلية.[12]

يندر حدوث التحولات المفاجئة من نظام بيولوجي إلى آخر، كعلى سبيل المثال انتقال الحياة من الماء إلى اليابسة أو الانتقال من اللافقاريات إلى الفقاريات. لقد ظهرت أنماط بيولوجية قليلة خلال التاريخ التطوري للحياة. وحينما تأخذ أشكال الحياة مثل تلك القفزات العملاقة، فإنها تقابل قليلا من المنافسة أو لا منافسة على الإطلاق، وتكون قادرة على استغلال المنافذ المتاحة الكثيرة، وتتبع إشعاعا تكيفيا. يمكن لذلك أن يتسبب في تطور متقارب، حيث تمتلأ المنافذ الفارغة بأي شكل من أشكال الحياة التي تواججها.

مراجع

  1. Matzke, Nicholas J. and Paul R. Gross. 2006. Analyzing Critical Analysis: The Fallback Antievolutionist Strategy. In Eugenie Scott and Glenn Branch, List of works on intelligent design#Anthologies 2|Not in Our Classrooms: Why Intelligent Design is Wrong for Our Schools, Beacon Press, Boston ISBN 0-8070-3278-6
  2. Dobzhansky, Theodosius Grigorievich (1937). Genetics and the origin of species. New York: Columbia Univ. Press. صفحة 12. LCCN 37033383. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Reznick DN, Ricklefs RE (2009). "Darwin's bridge between microevolution and macroevolution". Nature. 457 (7231): 837–42. doi:10.1038/nature07894. PMID 19212402. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Bowler, Peter J. (1989). Evolution: The History of an Idea. University of California Press. pp. 268–270. (ردمك 0-520-06385-6)
  5. إرنست ماير. (1988). Toward a New Philosophy of Biology: Observations of an Evolutionist. Harvard University Press. p. 499. (ردمك 0-674-89666-1)
  6. Gingerich, P. D. (1987). "Evolution and the fossil record: patterns, rates, and processes". Canadian Journal of Zoology. 65 (5): 1053–1060. doi:10.1139/z87-169. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Kutschera U, Niklas KJ (June 2004). "The modern theory of biological evolution: an expanded synthesis". Die Naturwissenschaften. 91 (6): 255–76. doi:10.1007/s00114-004-0515-y. PMID 15241603. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Rieseberg LH, Willis JH (August 2007). "Plant Speciation". Science. 317 (5840): 910–4. doi:10.1126/science.1137729. PMC 2442920. PMID 17702935. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Valentine JW, Jablonski D (2003). "Morphological and developmental macroevolution: a paleontological perspective". The International Journal of Developmental Biology. 47 (7–8): 517–22. CiteSeerX = 10.1.1.624.7402 10.1.1.624.7402. PMID 14756327. مؤرشف من الأصل في 15 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Johnson NA, Porter AH (2001). "Toward a new synthesis: population genetics and evolutionary developmental biology". Genetica. 112–113: 45–58. doi:10.1023/A:1013371201773. PMID 11838782. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Sahney, S., Benton, M.J. and Ferry, P.A. (2010). "Links between global taxonomic diversity, ecological diversity and the expansion of vertebrates on land". Biology Letters. 6 (4): 544–547. doi:10.1098/rsbl.2009.1024. PMC 2936204. PMID 20106856. مؤرشف من الأصل (PDF) في 13 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  12. McGowen, M. R.; Gatesy, J; Wildman, D. E. (2014). "Molecular evolution tracks macroevolutionary transitions in Cetacea". Trends in Ecology & Evolution. 29 (6): 336–46. doi:10.1016/j.tree.2014.04.001. PMID 24794916. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة علم الأحياء التطوري
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.