تنظيم ما بعد النسخ

تنظيم ما بعد النسخ (بالإنجليزية: Post-transcriptional regulation)‏ هي مرحلة من تنظيم التعبير الجيني وتتكون من جميع الآليات التي يتم بواسطتها التأثير على التعبير الجيني على مستوى الرنا، أي بعد النسخ وقبل الترجمة.[2][3] يسمح تنظيم ما بعد النسخ للخلايا بالتأقلم مع التغيرات المناخية. لدى حقيقيات النوى جزيء الرنا الرسول الذي لا يخضع لتعديل ما بعد الترجمة يكون عمره أقصر نسبيا بسبب تواجد جزيئات الرناز وهي البروتينات التي تفكك الرنا.

مثال لدى بدائيات النوى: يمكن للسلمونيلا المعوية (متقلبات غاما ممرضة) التعبير عن بورينين بديلين وذلك حسب البيئة الخارجية (معوية أو مياه عكرة) يعتمد هذا النظام على بروتين EnvZ (مجس أسموزي) والذي ينشط عامل النسخ OmpR الذي يمكنه الارتباط بمحفز عالي الألفة حتى في تراكيز منخفظة وبالمحفز منخفض الألفة عندما يكون بتراكيز مرتفعة فقط: عندما يكون تركيز عامل النسخ هذا مرتفعا يقوم بتنشيط التعبير عن جيني OmpC وmicF ويثبط التعبير عن الجين OmpF، يثبط OmpF بشكل أكثر ما بعد النسخ بواسطة الرنا micF الذي يرتبط بالرنا الرسول الخاص بـOmpF.[1]

التنظيم بواسطة الرنا الميكروي

تنظِّم جزيئات الرنا الميكروي التعبير عن ما يزيد عن 60% من الجينات المشفرة للبروتين في الجينوم البشري.[4] إذا تواجد الرنا الميكروي بكثرة فإن بإمكانه التصرف "كقاطعة" وتشغيل التعبير عن بعض الجينات أو إطفائه.[5] مع ذلك، التعبيرات الجينية المتحكم فيها بواسطة الرنا الميكروي لا تؤدي سوى إلى تغيرات متواضعة حوالي 1.5 إلى 4 مرات في مقدار التعبير عن الجينات المستهدفة.[5] عادة ما يثبط جزيء الرنا الميكروي المفرد عدة مئاتٍ من الجينات المستهدفة.[4][6] ويحدث التثبيط إما عبر إسكات ترجمة الرنا الرسول أو عبر تفكيكه بواسطة ترابط تكاملي يكون في الغالب مع تسلسلات في المنطقة 3' غير المترجمة من الرنا الرسول للجين المستهدف.[7] آلية إسكات أو تفكيك الرنا الرسول تتم بواسطة مركب ريسك (RISC ).

الأهمية

حصل هذا المجال من الدراسة على أهمية أكبر بسبب الدلائل المتزايدة على أن تنظيم ما بعد النسخ يلعب دورا أكبر مما اعتُقد سابقا. رغم أن البروتينات ذات النطاقات المرتبطة بالدنا أكثر وفرة من البروتينات ذات النطاقات المرتبطة بالرنا، أظهرت دراسة حديثة أنه أثناء تنشيط خلية تائية 55% من التغييرات المعتبرة في معدل حالة الاستقرار لم يكن لها تغيرات ذات صلة على معدل النسخ، ما يعني أنها كانت نتيجة لتنظيم الاستقرار وحده.[8]

فضلا عن ذلك، الرنا الموجود في النواة أكثر تعقيدا من نظيره الموجود في السيوتوبلازم: أزيد من 95% من الرنا (القواعد) المخلق بواسطة بوليميراز الرنا 2 لا يصل أبدا إلى السيتوبلازم. السبب الرئيسي لذلك هو إزالة الإنترونات والتي تشكل حوالي 80% من مجموع القواعد.[9] أظهرت بعض الدراسات أنه حتى بعد عملية المعالجة معدلات الرنا الرسول بين النواة والخلية مختلفة بشكل كبير جدا.[10]

علم الأحياء النمائي مصدر جيد لآليات التنظيم، لكن لصعوبات تقنية فإنه من السهل تحديد تسلسل عمليات عامل النسخ بدل التنظيم على مستوى الرنا. في الحقيقة، جينات مفتاحية مثل نانوس يُعرف بأنها ترتبط بالرنا، لكن في الغالب أهدافها غير معروفة.[11] رغم أن الرنا المرتبط بالبروتينات يمكن أن ينظم ما بعد النسخ كمية كبيرة من النسخوم، إلا أن استهداف جين واحد هو ما يهمُّ المجتمع العلمي لأسباب طبية. تدخل الرنا والرنا الميكروي مثالان على تنظيم ما بعد النسخ، حيث ينظمان تفكيك الرنا وتغيير بنية الكروماتين. تُستخدم العديد من التقنيات لدراسة تعديل ما بعد النسخ مثل رقاقة ريب ( الترسيب المناعي للرنا على رقاقة).[12]

مراجع

  1. Mims, Cedric A.; Nash, Anthony; Stephen, John (2001). Mims' Pathogenesis of Infectious Disease (الطبعة 5th). Academic Press. ISBN 978-0-12-498264-2. مؤرشف من الأصل في 15 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Bruce Alberts; Alexander Johnson; Julian Lewis; Martin Raff; Keith Roberts; Peter Walter (2007). Molecular Biology of the Cell (الطبعة Fifth). Garland Science. صفحات 1268 pages. ISBN 978-0-8153-4105-5. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Weaver, Robert J. (2007). "Part V: Post-transcriptional events". Molecular Biology. Boston: McGraw Hill Higher Education. ISBN 978-0-07-110216-2. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Friedman RC, Farh KK, Burge CB, Bartel DP (2009). "Most mammalian mRNAs are conserved targets of microRNAs". Genome Res. 19 (1): 92–105. doi:10.1101/gr.082701.108. PMC 2612969. PMID 18955434. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Farazi TA, Spitzer JI, Morozov P, Tuschl T (2011). "miRNAs in human cancer". J. Pathol. 223 (2): 102–15. doi:10.1002/path.2806. PMC 3069496. PMID 21125669. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Lim LP, Lau NC, Garrett-Engele P, Grimson A, Schelter JM, Castle J, Bartel DP, Linsley PS, Johnson JM (2005). "Microarray analysis shows that some microRNAs downregulate large numbers of the target mRNAs". Nature. 433 (7027): 769–73. doi:10.1038/nature03315. PMID 15685193. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Hu W, Coller J (2012). "What comes first: translational repression or mRNA degradation? The deepening mystery of microRNA function". Cell Res. 22 (9): 1322–4. doi:10.1038/cr.2012.80. PMC 3434348. PMID 22613951. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Cheadle C, Fan J, Cho-Chung YS, Werner T, Ray J, Do L, Gorospe M, Becker KG (2005). "Control of gene expression during T cell activation: alternate regulation of mRNA transcription and mRNA stability". BMC Genomics. 6: 75. doi:10.1186/1471-2164-6-75. PMC 1156890. PMID 15907206. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Jackson DA, Pombo A, Iborra F (2000). "The balance sheet for transcription: an analysis of nuclear RNA metabolism in mammalian cells". FASEB J. 14 (2): 242–54. doi:10.1096/fasebj.14.2.242. PMID 10657981. مؤرشف من الأصل في 17 يناير 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Schwanekamp JA, Sartor MA, Karyala S, Halbleib D, Medvedovic M, Tomlinson CR (2006). "Genome-wide analyses show that nuclear and cytoplasmic RNA levels are differentially affected by dioxin". Biochim. Biophys. Acta. 1759 (8–9): 388–402. doi:10.1016/j.bbaexp.2006.07.005. PMID 16962184. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Gilbert, Scott F.; Barresi, Michael J. F. (2003). Developmental Biology. Sinauer Associates. ISBN 0-87893-258-5. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Keene JD, Komisarow JM, Friedersdorf MB (2006). "RIP-Chip: the isolation and identification of mRNAs, microRNAs and protein components of ribonucleoprotein complexes from cell extracts". Nat Protoc. 1 (1): 302–7. doi:10.1038/nprot.2006.47. PMID 17406249. مؤرشف من الأصل في 28 يوليو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة الكيمياء الحيوية
    • بوابة علم الأحياء
    • بوابة علم الأحياء الخلوي والجزيئي
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.