تاريخ جمهورية الهند

تاريخ جمهورية الهند يبدأ في 26 يناير عام 1950. أصبحت الهند أُمة مستقلة ضمن الكومنولث البريطاني في 15 أغسطس عام 1947. أدت الإدارة المباشرة من قبل البريطانيين، التي بدأت في عام 1858، إلى توحيد سياسي واقتصادي لشبه القارة. عندما انتهى الحكم البريطاني في عام 1947، قُسمت شبه القارة على أسس دينية إلى دولتين منفصلتين: الهند، بأغلبية الهندوس، وباكستان، بأغلبية المسلمين؛ انقسم الجزء الشرقي من باكستان في وقت لاحق لتشكيل بنغلاديش.[1] في نفس الوقت، فُصل شمال غرب الهند البريطانية وشرقها صاحبا الأغلبية المسلمة إلى دومينيون باكستان، عن طريق تقسيم الهند. أدى التقسيم إلى نزوح أكثر من 10 ملايين شخص من السكان بين الهند وباكستان وموت مليون شخص تقريبًا. أصبح زعيم المؤتمر الوطني الهندي جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند، لكن الزعيم الأكثر ارتباطًا بصراع الاستقلال، المهاتما غاندي، لم يقبل تبوء أي منصب. جعل الدستور المعتمد في عام 1950 الهندَ دولة ديمقراطية، وهو الأمر الذي بقي على حاله منذ ذلك الحين. تُعد الحريات الديمقراطية المستدامة في الهند فريدة من نوعها بين دول العالم المستقلة حديثًا.[2]

جزء من سلسلة حول
تاريخ الهند
Satavahana gateway at Sanchi, 1st century CE

واجهت البلاد العنف الديني، والطبقية، والناكسالية، والإرهاب، والتمردات الانفصالية الإقليمية. لدى الهند نزاعات إقليمية غير محلولة مع الصين تصاعدت في عام 1962 إلى الحرب الصينية الهندية، ونزاعات مع باكستان أسفرت عن حروب في أعوام 1947، و1965، و1971، و1999. كانت الهند محايدة في الحرب الباردة، وكانت رائدة في حركة عدم الانحياز. كانت لديها حقبة قصيرة من التحالف مع الاتحاد السوفييتي السابق، حين كانت باكستان متحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية.

الهند دولة تملك أسلحة نووية، أجرت أول تجربة نووية لها في عام 1974، تلتها خمس تجارب أخرى في عام 1998. منذ خمسينيات القرن العشرين وحتى ثمانينياته، اتبعت الهند سياسات مستوحاة من الاشتراكيين. تأثر الاقتصاد بالتنظيم الواسع والحمائية والملكية العامة، ما أدى إلى تفشي الفساد وبطء النمو الاقتصادي. ابتداءً من عام 1991، حوّلت الإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية الهند إلى ثالث أكبر اقتصادات العالم ومن بين الأسرع نموًا.[3] من كونها دولة فقيرة نسبيًا في سنوات تكوينها، برزت الجمهورية الهندية بوصفها اقتصادًا رئيسيًا سريع النمو لمجموعة العشرين مع إنفاق عسكري مرتفع،[4] وهي تسعى للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

يُشار أحيانًا إلى الهند بأنها دولة كبرى وقوة عظمى مرتقبة نظرًا إلى اقتصادها وجيشها وتعدادها الكبير المتنامي لشعبها.[5][6][7][8][9][10]

1947–1950: اتحاد الهند

تميزت السنوات الأولى للهند المستقلة بأحداث مضطربة؛ تبادل سكاني هائل مع باكستان، والحرب الهندية الباكستانية في عام 1947، واندماج أكثر من 500 دولة أميرية لتشكيل دولة موحدة. يُنسب الفضل في الاندماج السياسي للهند إلى حد كبير إلى فالاباي باتل (نائب رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت)،[11] الذي تعاون بعد الاستقلال مع جواهر لال نهرو والماهاتما غاندي قبل وفاته لضمان أن يكون دستور الهند المستقلة علمانيًا.[12]

تقسيم الهند

هاجر ما يُقدر بنحو 3.5 مليون[13] من الهندوس والسيخ الذين يعيشون في ولاية البنجاب الغربية، والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية، وبلوشستان، والبنغال الشرقية، والسند، إلى الهند خوفًا من الهيمنة والقمع في باكستان المسلمة. قتل العنف الطائفي ما يُقدر بنحو مليون هندوسي ومسلم وسيخي، وزعزع استقرار الدومينيونات على طول حدود البنجاب والبنغال، ومدن كلكتا ودلهي ولاهور. توقف العنف في أوائل شهر سبتمبر بسبب الجهود التعاونية لكل من القادة الهنود والباكستانيين، وخاصة بسبب جهود موهانداس كرمشاند غاندي، زعيم النضال الهندي من أجل الحرية، الذي قام بصوم حتى الموت في كلكتا ولاحقًا في دلهي لتهدئة الناس والتشديد على السلام رغم التهديد لحياته. أنشأت الحكومتان معسكرات إغاثة كبيرة للاجئين القادمين والمغادرين، وحُشد الجيش الهندي لتقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع.

نُفذ اغتيال موهانداس غاندي في 30 يناير عام 1948 على يد ناتهورام فيناياك غودسي، وهو قومي حمّله مسؤولية التقسيم واتهم موهانداس غاندي باسترضاء المسلمين. فاضت شوارع دلهي بأكثر من مليون شخص لمتابعة موكب الحرق وتقديم تعازيهم الأخيرة.

في عام 1949، سجلت الهند نحو مليون لاجئ هندوسي في البنغال الغربية وولايات أخرى من باكستان الشرقية، نتيجة تعرضهم للعنف والتخويف والقمع الطائفي من قبل السلطات المسلحة. أثارت حالة اللاجئين غضب القوميون الهنود والهندوس، واستنفد عدد السكان اللاجئين موارد الولايات الهندية، التي لم تكن قادرة على استيعابهم. رغم عدم استبعاد الحرب، دعا رئيس الوزراء نيهرو وساردار باتل رئيسَ الوزراء الباكستاني لياقت علي خان لإجراء مناقشات في دلهي. مع أن العديد من الهنود وصفوا ذلك بأنه هدنة، عقد نيهرو اتفاقية مع لياقت علي خان متعهدًا بكلتا الدولتين لحماية الأقليات وإنشاء مجالس أقلية. على الرغم من معارضة المبدأ، قرر باتل أن يدعم هذه الاتفاقية بهدف تحقيق السلام، ولعب دورًا خطيرًا بتجميع الدعم من غرب البنغال ومن أنحاء الهند وبتنفيذ شروط الاتفاقية. عقد خان ونيهرو أيضًا اتفاقية تجارية وتعهدا بحل النزاع بين الطرفين باستخدام الوسائل السلمية. عاد مئات الآلاف من الهندوس إلى شرق باكستان ولكن ذوبان الجليد في العلاقات لم يدُم طويلًا، بسبب النزاع في كشمير بالدرجة الأولى.

إدماج الدول الأميرية

تألفت الهند البريطانية من 17 مقاطعة و562 ولاية أميرية. مُنحت المقاطعات للهند وباكستان، في حالات معينة تحديدًا -البنجاب والبنغال- بعد تجزئتها. ومع ذلك، مُنح الأمراء في الولايات الأميرية الحق إما بإبقائها مستقلة أو أن تنضم إلى أي دومينيون. ولذلك، واجه القادة الهنود احتمالية توارث أمة مجزأة بمقاطعات وممالك مستقلة متفرقة عبر البر الرئيسي. تحت قيادة ساردار فالاباي باتل، أجرت حكومة الهند الجديدة مفاوضات سياسية لتدعم حق اختيار (وفي مناسبات عدة، استخدام) الإجراء العسكري لضمان أولوية الحكومة المركزية والدستور الذي تجري صياغته بعد ذلك. أقنع ساردار باتل وفابالا بانغوني مينون حكام الولايات الأميرية المجاورة للهند بالانضمام إلى الهند. ضُمِنت العديد من حقوق حكام الولايات الأميرية وامتيازاتهم، وخصوصًا ممتلكاتهم الشخصية وثرواتهم الخاصة، لإقناعهم بالانضمام. عُين بعض منهم في منصب راجبراموك (محافظ) وَأوبراجبراموك (نائب محافظ) للولايات المتحدة الهندية. اتحدت العديد من الولايات الأميرية الصغرى لتشكيل ولايات إدارية تتمتع بمقومات البقاء مثل سوراشترا، واتحاد ولايتَي باتيالا وشرق البنجاب، وفينديا براديش، وماديا بهارات. انضمت بعض الولايات الأميرية مثل تريبورا ومانيبور لاحقًا في عام 1949.

كانت هناك ثلاث ولايات أثبتت صعوبة اندماجها أكثر من غيرها:

  1. جوناغاد (ولاية ذات أغلبية هندوسية مع نواب مسلم): أدى استفتاء ديسمبر 1947 العام إلى تصويت بنسبة 99%[14] للاندماج مع الهند، ملغيًا الانضمام المثير للجدل إلى باكستان، الذي قام به  نواب ضد رغبات شعب الولاية الذين كانت غالبيتهم من الهندوس ومع أن جوناغاد ليست متجاورة مع باكستان.
  2. حيدر آباد (ولاية ذات أغلبية هندوسية مع نظام مسلم): أمر باتل الجيش الهندي بإسقاط حكومة آل نظام، العملية التي أُطلق عليها اسم عملية بولو، بعد فشل المفاوضات التي تمت بين 13 و17 سبتمبر عام 1948. أُدرجت باعتبارها ولاية من ولايات الهند في العام التالي.
  3. سرعان ما أصبحت منطقة كشمير (ولاية ذات أغلبية مسلمة مع ملك هندوسي) في أقصى شمال شبه القارة مصدرًا للجدل الذي اندلع في الحرب الهندية الباكستانية الأولى التي استمرت منذ عام 1947 وحتى عام 1949. في النهاية، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، ما ترك الهند تسيطر على ثلثي المنطقة المتنازع عليها. وافق جواهر لال نهرو في البداية على اقتراح مونتباتن لإجراء استفتاء في الولاية بأكملها فور توقف الأعمال العدائية، ووافق الطرفان على وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة في 1 يناير عام 1949. ومع ذلك، لم يُجرَ استفتاء على مستوى الولاية، لكن نهرو سحب دعمه في عام 1954 بعد أن بدأت باكستان بتلقي الأسلحة من الولايات المتحدة. دخل الدستور الهندي حيز التنفيذ في كشمير في 26 يناير عام 1950 مع بنود خاصة للولاية.

مراجع

  1. "India | History, Map, Population, Economy, & Facts". Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 25 يونيو 2020. اطلع عليه بتاريخ 03 أبريل 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Metcalf & Metcalf 2006، صفحة 304.
  3. Fisher, Michael H. (2018), An Environmental History of India: From Earliest Times to the Twenty-First Century, Cambridge University Press, صفحة 8, ISBN 978-1-107-11162-2, مؤرشف من الأصل في 25 يونيو 2020 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  4. Metcalf, Barbara D.; Metcalf, Thomas R. (2012), A Concise History of Modern India, Cambridge University Press, صفحات 265–266, ISBN 978-1-107-02649-0, مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 2020 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  5. Strategic Vision: America & the Crisis of Global Power by Zbigniew Brzeziński, pp. 43–45. Published 2012.
  6. Malik, Mohan (2011). China and India: Great Power Rivals. United States: FirstForumPress. ISBN 978-1935049418. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "NIC Global Trend". مؤرشف من الأصل في 16 يونيو 2012. اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. "USATODAY.com - Prediction: India, China will be economic giants". مؤرشف من الأصل في 29 يونيو 2011. اطلع عليه بتاريخ 11 سبتمبر 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. "Lowy Institute paper - The Next Economic Giant" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 25 يونيو 2020. اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)[وصلة مكسورة]
  10. "India: Asia's Other Superpower Breaks Out - Newsweek: World News - MSNBC.com". 28 مارس 2006. مؤرشف من الأصل في 28 مارس 2006. اطلع عليه بتاريخ 22 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. The Indian Journal of Political Science, Vol. 28, No. 4 (October–December 1967), pp. 236–241
  12. "The Hindu : Patel vs. Gandhi?". Thehindu.com. مؤرشف من الأصل في 25 يونيو 2020. اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Pakistan, Encarta. Archived 2009-10-31. نسخة محفوظة 28 أكتوبر 2009 على موقع واي باك مشين.
  14. Gandhi, Rajmohan (1991). Patel: A Life. Navajivan. صفحة 292. ASIN B0006EYQ0A. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة الهند
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.