بقاء الطفل
يعتبر موضوع بقاء الطفل (بالإنجليزية: Child survival)، والذي يشير إلى الإبقاء على حياة الطفل، مجالاً من مجالات الصحة العامة (بالإنجليزية: public health) المعنية بخفض معدلات وفيات الأطفال (بالإنجليزية: child mortality)، وتهدف تدخلات الإبقاء على حياة الطفل إلى معالجة الأسباب الأكثر شيوعاً في حدوث وفيات الأطفال والتي تشمل الإسهال، ذات الرئة أو الالتهاب الرئوى الحاد، الملاريا، وظروف الولادة. ومن بين تلك النسبة من الأطفال ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات، نجد أنه بما يقدر بـ 9.2 مليون طفلٍ يموتون سنوياً؛ معظمهم جراء أسبابٍ يمكن الوقاية منها. ووفقاً لتقديرات منظمة اليونسيف (بالإنجليزية: UNICEF)، فإنه يمكن منع وقوع نحو مليون حالةٍ من وفيات الأطفال سنوياً واليت تقدر تكلفتها بما يُقَدر بـ "بليار دولار أمريكي"" سنوياً (أي ما يعادل في المتوسط 1000 دولار أمريكي لكل طفلٍ).[1]
وقد نشرت مجلة لانسيت (بالإنجليزية: The Lancet) الطبية البريطانية سلسلة واسعة النطاق من المقالات المنقولة والتي اشتملت على خمس مقالاتٍ تحدد الموقف الحالى للإبقاء على حياة الأطفال، ومما ناقشت: التحديات والحلول الممكنة والتي اشير إليها باسم "سلسلة لانسيت لبقاء الطفل". حيث تستعرض تلك السلسلة عدداً من التدخلات العلاجيه والطبية لبقاء الطفل والتي ثبت علمياً أنها تُقَلل من معدل وفيات الأطفال، ومنها علاج إعادة الترطيب الفمي (بالإنجليزية: oral rehydration therapy)، النوم تحت الناموسيات (بالإنجليزية: mosquito nets) المعالَجة بالمبيدات الحشرية، مكملات فيتامين ألف، والعلاج بالمضادات الحيوية المجتمعية لذات الرئة أو للالتهاب الرئوى الحاد. ومن الوكالات والمنظمات العالمية التي تقوم بتعزيز وتقديم الدعم وتطبيق استراتيجيات بقاء الطفل كلٍ من: منظمة اليونسيف، والمنظمات الغير حكومية (بالإنجليزية: non-governmental organization) والتي تمثل المتبروعين بالمعونات الأساسية اللازمة لبقاء الطفل عبر أرجاء العالم أجمع ومنها: البنك الدولي، وزارة التنمية الدولية (بالإنجليزية: Department for International Development) التابعة للحكومة البريطانية، الوكالة الكندية للتنمية الدولية (بالإنجليزية: Canadian International Development Agency)، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (بالإنجليزية: United States Agency for International Development). إلا أن غالبية المنظمات غير الحكومية ووكالات بقاء الطفل في الولايات المتحدة تنتمي إلى مجموعة المحور (بالإنجليزية: CORE Group)، والتي تمثل مجموعة ائتلاف تعمل، من خلال النشاط التعاوني الجماعي، على إنفاذ حياة الأطفال الصغار في أكثر بلدان العالم فقراً.
هذا وتتوافق استراتيجيات وتدخلات بقاء الطفل مع الهدف الرابع من الأهداف (المباغي) الانمائية للتنمية، والذي تركز على الحد من وفيات الأطفال، (بنسبة الثلثين) للأطفال دون سن الخامسة مع حلول عام 2015. كما كرست الكثير من الدول بعضاً من مجهوداتها بهدف التدخل العلاجى لبقاء الأطفال كوسيلةٍ للحد من معدل وفياتهم. وبدورها تتدخل مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي (بالإنجليزية: African, Caribbean and Pacific Group of States) مع دول المفوضية الأوروبي، بالتمويلات والمساعدات التقنية اللازمة لصناديق الدعم، لمساعدة دول التعاون الزراعي والريفي في دعم وتعزيز خدماتهم الوقائية من خلال مشروع يطلق عليه (بالإنجليزية: EU-PRIME) والذي كان نتاجاً لاتفاقية كوتونو الموقعة فيما بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي. ولعل الهدف العام من هذا المشروع يتمثل في الحد من تأثير وانتشار أمراض يمكن الوقاية منها باستخدام اللقاح (VPDs)، في تلك الدول المعنية بهذا التدخل.
ويموت نحو 10 ملايين طفلاً سنوياً ممن هم دون سن الخامسة، معظمهم يتوفى نتيجة أمراضٍ يمكن علاجها أو الوقاية منها. حيث يموت ما يقرب من 27.000 طفلاً يومياً نتيجة الإصابة بأمراضٍ كالالتهاب الرئوي الحاد، الإسهال، ومضاعفات فترة الولادة. كما يسهم سوء التغذية بشكلٍ رئيسىٍ في أكثر من نصف تلك النسبة من حصيلة الوفيات. وبالمثل وجد أن 400.000 طفلاً حديثي الولادة يموتون في الأسابيع الأربعة الأولى من العمر (حيث تمثل تلك النسبة نحو 40% من معدل الوفيات لمن هم دون سن الخامسة). وهنا يجب ملاحظة أن 98% من الوفيات ضمن من هم دون الخامسة من العمر تقع في 42 بلداً من دول العالم النامية.
وقد ثبت أن التدخلات العلاجية والوقائية، الفعالةٌ من حيث التكلفة، في إنقاذ حياة الملايين من الأطفال في العام الواحد. إلا أننا نلاحظ أن التدخلات التحصينية لم تنجح بعد في الوصول إلى ثلاثين مليون طفلٍ، على الرغم من نجاح التحصينات في الحد من أمراض شلل الأطفال، التيتانوس، والحصبة. حيث لا زال كلٌ من مرضي التيتانوس والحصبة هما السبب وراء ما يزيد على وفاة مليون طفلاً ممن هم دون الخامسة سنوياً. وعلى الرغم من أن تكلفة توفير فيتامين (أ) هي 0.02 سنت ثمناً للكبسولة، إلا أنه عند تناوله من مرتين إلى ثلاث مراتٍ في العام الواحد، يقي من الإصابة بالعمي والموت. وبالرغم من أن مكملات فيتامين (أ) أنقذت 2.3 مليون فردٍ فيما بين عامى 1999 و 2004، إلا أنه لم يحصل عليه سوى نصف إجمالي الأطفال الصغار في الدول الفقيرة. وبالتالى نجد أنه ما بين 250 إلى 500 ألف طفلاً يصابون بالعمى، ويموت منهم نحو 70% في غضون 12 شهراً بسبب نقص هذا الفيتامين. وساعد علاج إعادة الترطيب الفمي (بالإنجليزية: oral rehydration therapy) على الحد من الوفيات بمقدار إلى نحو النصف سنوياً، مما يُبقي على حياة نحو مليون فرداً سنوياً؛ إلا أنه مع ذلك، لا زال هناك مليوني شخص يموتون سنوياً جراء الأسباب المصاحبة للإسهال.
هذا ولسبل الرعاية الأساسية للوليد والتي منها: تطعيم الأمهات ضد التيتانوس، ضمان ممارسات الولادة في بيئةٍ نظيفةٍ صحيةٍ، تجفيف وتغليف الوليد مباشرةً بعد ولادته، توفير الدفء اللازم الملائم، دعم وتشجيع الرضاعة الطبيعية بصورةٍ متواصلةٍ وفوريةٍ بعد الولادة مباشرةً، وكذلك التطعيم والعلاج من الأمراض المعدية باستخدام المضادات الحيوية، القدرة على إنقاذ حياة نحو 3 ملايين طفلاً يولدون سنوياً. كما أنه من خلال إتباع التعليمات الصحية السليمة وتناول المياه النقية النظيفة الصالحة للشرب، يمكن تقليص عدوى الأطفال، وبالتالي الحد من الإسهال فما يزيد عن 40% من سكان العالم لا يملكون فرصاً للحصول على الخدمات الصحية الأساسية، وما يزيد على مليار شخصاً يستخدمون مصادراً غير نظيفةٍ لمياه الشرب.