بالاد (موسيقى)
البالاد (بالإنجليزية: ballad) هو شكل شعري، يقوم غالبًا مقام نص سردي على خلفية موسيقية. اشتُقت مقطوعات البالاد من أغاني البالاديه الفرنسية القروسطية (بالفرنسية: chanson balladée أو ballade)، التي كانت في الأصل «أغاني راقصة». وكان البالاد سمة مميزة على وجه التحديد للغناء والشعر الشعبيين في بريطانيا وأيرلندا منذ أواخر القرون الوسطى وحتى القرن التاسع عشر. واستُخدمت مقطوعات البالاد على نحو واسع في أنحاء أوروبا، ثم لاحقًا في أستراليا وشمال إفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية. وغالبًا ما يتكون البالاد من 13 سطرًا تُكتب وفق صيغة ABABBCBC الشعرية، وتتألف من مقاطع شعرية ثنائية (بيتان شعريان في كل مقطع) مقفاة، بحيث يتكون كل مقطع من 14 وحدة لفظية. ومن الصيغ الشعرية الشائعة الأخرى شكل يقوم على تكرار صيغة ABAB أو ABCB، بسطور تتألف من ثماني وست وحدات لفظية على التناوب.
كُتب العديد من مقطوعات البالاد وبِيع على شكل أوراق مفردة مطبوعة على جانب واحد. وكثيرًا ما استُخدم هذا الشكل من قِبل الشعراء والمؤلفين الموسيقيين بدءًا من القرن الثامن عشر لإنتاج مقطوعات بالاد غنائية. وفي أواخر القرن التاسع عشر، بات المصطلح يشير إلى شكل بطيء من أغاني الحب الشعبية، وكثيرًا ما يُستخدم للدلالة على كل أغاني الحب، ولا سيما أغاني البالاد العاطفية في موسيقى البوب والروك، على الرغم من ارتباط المصطلح في الوقت نفسه بمفهوم الأغاني أو القصائد ذات الأسلوب السردي المحدد، وبالأخص عند استخدامه عنوانًا لعمل فني من شكل آخر مثل الأفلام.
نشأته
اشتُق اسم البالاد من الأغاني الراقصة السكوتلندية القروسطية التي تًسمى باسم «البالار» (باللاتينية: ballares)،[1] من نفس الجذر الذي اشتُق منه اسم رقص الباليه، وكذلك حال الشكل البديل المنافس الذي بات يُعرف باسم البالاد الفرنسي.[2][3] ولكون مقطوعات البالاد أغاني سردية، فمن المحتمل أن تكون فكرتها الرئيسية ووظيفتها قد جاءت من منشأ يعود إلى تراث رواية القصص الاسكندنافي والجرماني الذي يُمكن تمييزه في قصائد مثل بيوولف.[4] ومن الناحية الموسيقية، تأثرت مقطوعات البالاد بأغاني المينيليدر (بالألمانية: Minnelieder) التي تنتمي إلى شكل المينيزانغ (بالألمانية: Minnesang) التراثي.[5] ويتجسد أقدم مثال لمقطوعة تنتمي إلى شكل البالاد على نحو يمكن التعرف عليه ضمن إنجلترا في مقطوعة «يهوذا» التي وُجدت في مخطوط يعود إلى القرن الثالث عشر.[6]
خارج أوروبا
مقطوعات البالاد الأمريكية
جرى التعرف على أصول مستمدة من البالاد البريطاني التقليدي أو ذي الأوراق المفردة في نحو 300 مقطوعة بالاد مغناة في أمريكا الشمالية.[7] ويُذكر من بين الأمثلة أغنية «ذا ستريتس أوف لاريدو»، التي عُثر عليها في بريطانيا وأيرلندا باسم «ذا أنفورتشنيت ريك». وفي المقابل، جرى تحديد 400 مقطوعة أخرى ابتُكرت في أمريكا، من بين أكثرها شهرة أغنيتا «ذا بالاد أوف ديفي كروكيت» و«جيسي جيمس». وأصبحت هذه المقطوعات موضعًا للاهتمام المتزايد من قِبل الباحثين في القرن التاسع عشر، وسُجل معظمها أو فُهرِس على يد جورج مالكولم لوز، على الرغم من اكتشاف أصول بريطانية لبعضها منذ ذلك الوقت إلى جانب جمع أغانٍ إضافية أخرى.[7] وعادةً ما تُعتبر هذه المقطوعات أقرب بشكلها إلى البالاد البريطاني ذي الأوراق المفردة، ويصعب التمييز بين النمطين إلى حد كبير من حيث الأسلوب، غير أنها تُظهر اهتمامًا محددًا بالمهن والأسلوب الصحفي وكثيرًا ما تفتقر إلى البذاءة التي تميز البالاد البريطاني ذي الأوراق المفردة.[8]
بالاد البلوز
يُنظر إلى مقطوعات بالاد البلوز على اعتبارها مزاوجة بين الأساليب الموسيقية الإنجليزية الأمريكية والإفريقية الأمريكية منذ القرن التاسع عشر. وتميل مقطوعات بالاد البلوز إلى التعامل مع شخصيات رئيسية نشيطة، عادةً ما تكون عبارةً عن أبطال مخالفين للعرف، يقاومون المِحن والسلطة، غير أنها كثيرًا ما تفتقر إلى البنية السردية القوية وتستعيض عن ذلك بالتركيز على الشخصيات.[7] وكان غناؤها غالبًا يترافق مع عزف على آلات البانجو والإيتار وفق صيغة البلوز الموسيقية. ويُذكر من بين أشهر مقطوعات بالاد البلوز تلك التي تتحدث عن جون هنري وكيسي جونز.[7]
بالاد الأحراش (بوش بالاد)
(بالإنجليزية: Bush ballad). وصل البالاد إلى أستراليا عن طريق المستوطنين الأوائل القادمين من بريطانيا وأيرلندا، وحظي بموطئ قدم راسخ في المناطق الريفية النائية. وكثيرًا ما ارتبطت الأغاني والقصائد والحكايات المقفاة المكتوبة وفق شكل البالاد بالروح الجوالة المتمردة التي تميز مناطق الأحراش الأسترالية، ودرجت الإشارة إلى مؤلفيها ومؤديها باسم شعراء الأحراش. وقد مثّل القرن التاسع عشر العصر الذهبي لمقطوعات بالاد الأحراش. وانكب العديد من الجامعين على فهرسة هذه الأغاني، بمن فيهم جون ميريديث الذي تحول تدوينه الذي وضعه في خمسينيات القرن العشرين إلى القاعدة التي قامت عليها المجموعة الموجودة في المكتبة الوطنية الأسترالية.[9] تروي هذه الأغاني قصصًا شخصية تتحدث عن الحياة في الريف الأسترالي الشاسع المفتوح، ويُذكر من بين المواضيع الشائعة التي تتناولها عمل المناجم، وتربية الماشية ورعيها، وجز صوف الخراف، والتجوال، وقصص الحرب، وإضراب جزازي الصوف الأستراليين في عام 1891، والنزاعات الطبقية بين الطبقة العاملة التي لا تملك أرضًا وبين محتلي الأراضي بغي حق (الملّاك)، والخارجون عن القانون من أمثال نيد كيلي، إضافة إلى شؤون الحب ومشاغل أكثر حداثة مثل قيادة الشاحنات.[10] وأكثر أغاني بالاد الأحراش شهرةً هي «والتزنج ماتيلدا»، التي يُطلق عليها لقب «النشيد الوطني غير الرسمي لأستراليا».[11]
أغاني البالاد العاطفية
تعود نشأة أغاني البالاد العاطفية، التي تسمى أحيانًا الأغاني المدرة الدموع «التير جيركر» (بالإنجليزية: tear-jerkers) أو بالاد الصالونات «دراوينغ روم بالاد» (بالإنجليزية: drawing-room ballads) بسبب شعبيتها بين أفراد الطبقة الوسطى، إلى صناعة الموسيقى في «تين بان آلي» أواخر القرن التاسع عشر. وكانت هذه الأغاني تتصف على العموم بكونها عاطفية وسردية وإنشادية، وكانت تُنشر كل على حدة أو باعتبارها جزءًا من عمل أوبرالي (متحدرة ربما من البالاد ذي الأوراق المفردة، لكنها تعتمد على تدوين موسيقي، إضافة إلى كونها ذات تأليف موسيقي جديد عادةً). ويُذكر من بين هذه الأغاني «ليتل روزوود كاسكت» (1870)، و«آفتر ذا بول» (1892)، و«داني بوي». وأدى هذا الارتباط بالنزعة العاطفية إلى استخدام مصطلح «بالاد» للتعبير عن أغاني الحب البطيئة بدءًا من خمسينيات القرن العشرين. ويُذكر من بين التنويعات الحديثة على هذا اللون كل من «بالاد الجاز» و«بالاد البوب» و«بالاد الروك» و«بالاد الآر أند بي» و«الباور بالاد».[12]
انظر أيضا
مراجع
- W. Apel, Harvard Dictionary of Music (Harvard, 1944; 2nd edn., 1972), p. 70.
- W. Apel, Harvard Dictionary of Music (1944, Harvard, 1972), pp. 70-72.
- A. Jacobs, A Short History of Western Music (1972, Penguin, 1976), p. 21.
- J. E. Housman, British Popular Ballads (1952, London: Ayer Publishing, 1969), p. 15.
- A. Jacobs, A Short History of Western Music (Penguin 1972, 1976), p. 20.
- A. N. Bold, The Ballad (Routledge, 1979), p. 5.
- N. Cohen, Folk Music: a Regional Exploration (Greenwood, 2005), pp. 14-29.
- T. A. Green, Folklore: An Encyclopedia of Beliefs, Customs, Tales, Music, and Art (ABC-CLIO, 1997), p. 353.
- Kerry O'Brien December 10, 2003 7:30 Report, abc.net.au نسخة محفوظة 2010-01-10 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
- G. Smith, Singing Australian: A History of Folk and Country Music (Pluto Press Australia, 2005), p. 2.
- Who'll come a waltzing Matilda with me?", The National Library of Australia, retrieved 14 March 2008. نسخة محفوظة 30 نوفمبر 2012 على موقع واي باك مشين.
- N. Cohen, Folk Music: a Regional Exploration (Greenwood, 2005), p. 297.
- بوابة شعر
- بوابة موسيقى
- صور وملفات صوتية من كومنز