أبو مسلم الخراساني

أبو مسلم الخُراساني هو عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، صاحب الدعوة العباسية في خراسان[2] ، ومن ثم واليها، قيل أن اسمه إبراهيم بن خكّان وهو حسب الروايات واحد من أحفاد آخر الأكاسرة يزدجرد الثالث الذي بدوره تنبأ بعودة الحكم لأحفاده حيث لما تم إجلاء الفرس عن القادسية وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من وزيره رستم وإدالة العرب عليه وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعا وجاء مبادرٌ وأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هاربًا في أهل بيته ووقف بباب الإيوان وقال: السلام عليك أيها الإيوان ها أنا ذا منصرف عنك وراجع إليك، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه.[3]

عبد الرحمن بن مسلم
(بالعربية: أبو مسلم)‏، و(بالفارسية: بهزادان)‏ 
 

والي خراسان
في المنصب
127هـ / 744م – 137هـ / 754م
 
كبير دعاة العباسيين في خراسان
سليمان بن كثير
 
معلومات شخصية
الميلاد 100هـ / 718م
أصفهان - إيران [1]
الوفاة 137هـ / 754م
المدائن - العراق
سبب الوفاة اغتيال
مواطنة الدولة الأموية
الدولة العباسية  
الديانة الإسلام
الحياة العملية
المهنة قائد عسكري ،  ووال  
اللغات الفارسية  
الخدمة العسكرية

نشأته وبداية ظهور أمره

ولد أبو مسلم الخراساني سنة 100هـ في ماه بالبصرة مما يلي أصبهان عند عيسى ومعقل ابني إدريس العجلي فربياه إلى أن شبّ فكان غلاماً سراجاً واتصل أبو مسلم بعد ذلك بإبراهيم بن الإمام محمد من بني العباس وكان في خدمته إلى أن أرسله إلى خراسان داعية بعد أن لمس فيه إخلاصاً وحماساً وشجاعة وعلماً رغم حداثة سنه، فقام فيها واستمال أهلها ووثب على ابن الكرماني وَالِي نيسابور فقتله واستولى عليها. وسيّر أبو مسلم جيشًا لمقاتلة مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية فهزمه أبو مسلم وفرّ مروان إلى مصر فقُتل في بوصير وزالت الدولة الأموية سنة 132 هـ. استمر أبو مسلم بعد ذلك في دعوته رغم موت الإمام، ووطأ المنابر للدولة العباسية، حتى قامت في 132هـ. وفي دعوته قال نصر بن سيار:

أرى خلل الرماد وميض نار وتوشك أن يكون لها ضرام

التف حوله الفُرس والموالي لاعتقادهم أنه من أحفاد آخر ملوك فارس، واقتربوا منه فأعجبوا بشخصيته وتبعوه على حداثة سنه. وكان بين القيسية واليمانية في خراسان خلافٌ وفرقة فلما رأوا التفاف العجم حول أبي مسلم اتفقوا عليه لضرب دعوته في مهدها، وقد كادوا يفلحون لولا أن ضربهم أبو مسلم ببعضهم البعض مستخدماً دهاءه وحنكته. كانت هيبته كبيرة، وكان كريماً، زاحم موكبه في الحج موكب أبي جعفر المنصور فاتجه الناس إليه لكرمه فأسرها له أبو جعفر المنصور في نفسه وانتقم منه فيما بعد. كما أنه كان بليغاً قليل الكلام إذا قال أوجز وأعجز، وإليه ينسب البيت:

محا السيف أسطار البلاغة وانتحى عليك ليوث الغاب من كل جانب

قاله لما أحرق كتاب عبد الحميد الكاتب وكان قد كتب إليه أثناء حصاره لآخر الخلفاء الأمويين مروان بن محمد.

في الكوفة تعرّف أول مرة على بعض الأتباع من الشيعة العلوية، وجذبه العمل من أجل أهل البيت، وظلّ ملازماً أبا موسى السرّاج يعمل معه في صناعة السروج، ويتلقى منه الآراء الشيعية والولاء لأهل البيت، وحينما التقى بعض الدعاة العباسيين رأوا فيه كفاءة وذكاء، فكسبوه إلى دعوتهم، وأخذوه معهم إلى إبراهيم الإمام بعد أن أذن لهم بذلك أبو موسى السرّاج، وقد رأى إبراهيم الإمام فيه الكفاءة والذكاء والقدرة، فأخبر الشيعة العباسية بأنه قد «تأمل فيه شمايل الذي يقوم بهذا الأمر (أي الثورة)، فاحفظوا به…» وبدل اسمه إلى عبد الرحمن، وكنَّاه بأبي مسلم.

بقي أبو مسلم في خدمة الإمام إبراهيم يستعمله في حمل رسائله إلى خراسان والكوفة حتى سنة 128هـ/745م، وحينما اختمرت الدعوة، وضعف أمر السلطة الأموية في خراسان طلب النقباء الخراسانيون من إبراهيم الإمام إرسال من ينوب عنه من أهل البيت؛ ليمثله في خراسان، فأرسل أبا مسلم، بعد أن أخفق في إقناع عدد من الرجال مثل سليمان الخزاعي وقحطبة الطائي، وإبراهيم بن سلمه.

كان أبو مسلم على معرفة بأحوال خراسان إذ زارها عدة مرات قبل ذلك، على أن إبراهيم الإمام حين أرسل أبا مسلم هذه المرّة قال له: «أنت رجل منا أهل البيت»، تلك العبارة التي تدل على ثقته التامة به؛ والتي رفعت كثيراً من منزلته بين شخصيات خراسان العربية، وهي تُذكِّر بموقف الرسولr من سلمان الفارسي الذي عده من أهل بيته.

الصعود و السيطرة على خراسان

لم يكن موقف سليمان الخزاعي من أبي مسلم ودياً في بادئ الأمر؛ لأنه عندما طلب من إبراهيم الإمام ممثلاً له من «أهل البيت» أي من الهاشميين ـ خاصة العباسيين ـ لم يكن يتخيل أنه سيرسل له مولى له؛ ليمثّله في خراسان، ولكن موقف أبي مسلم كان مرناً، ويدل على ذكاء حيث تقرّب من سليمان، وأعلمه بأن الإمام أوصاه بألا يعصي له أمراً، وأنه أطوع له من يمينه، ولم يكن شيعة العباسيين في قرى خراسان ومدنها يطيعون إلا سليمان الخزاعي «صاحبهم والمنظور إليه منهم»؛ ولذلك كتب إليهم سليمان يخبرهم بأمر إبراهيم الإمام وإرساله أبا مسلم الخراساني ممثلاً عنه.

اتفق أمر النقباء في الاجتماع الذي عقدوه للنظر في أمر المكان الملائم لإعلان الثورة، أن مرو أصلح مكان لإعلانها، وأُرسِل الدعاة؛ ليخبروا الشيعة بالالتقاء والتجمع في مرو في الوقت المحدد، وكان يوم عيد الفطر سنة 129هـ. فلما سمع نصر بن سيار والي خراسان بنبأ تجمع الشيعة في مرو وضواحيها؛ قرر أن يكمن لهم، ويلتقطهم جماعة جماعة، ويقضي عليهم، ولكن سليمان الخزاعي وأبا منصور كامل بن المظفر علما بالأمر، وأشارا على أبي مسلم بضرورة التجمع وإعلان الظهور قبل الموعد المحدد، وإلا «تشتت الشيعة، وفشلت الحركة»، فأعلنها أبو مسلم، ولمّا يبق من رمضان إلا خمسة أيام، وعسكر في مكان حصين تابع لسليمان الخزاعي الذي أصبح نقطة تجمع أنصار الدعوة لآل البيت، وحين فشا خبر أبي مسلم أقبلت الشيعة من كل جانب إلى مرو، وكثر جمعهم، وسودوا ثيابهم، ونصبوا أعلامهم، ونشروا راياتهم، فصلى بهم سليمان بن كثير الخزاعي يوم العيد، وهي أول جماعة كانت لأهل الدعوة.

نجح أبو مسلم في وقت قصير في أن يسيطر على زمام الموقف في خراسان، وأن يهزم نصر بن سيار، وأن يستولي على مدينة مرو قاعدة خراسان سنة 131هـ، واضطر نصر بن سيار إلى الانسحاب تتبعه الجيوش العباسية، ولكنه مات في الطريق في قرية ساوة بنواحي الري ربيع الأول 131هـ/تشرين الأول 748م.

وفي حين كان أبو مسلم يقوم بإتمام السيطرة على خراسان، واصلت الجيوش زحفها نحو العراق بقيادة قحطبة بن شبيب، واضطر عامل العراق يزيد بن هبيرة إلى الانسحاب والتقهقر نحو مدينة واسط جنوبي العراق والتحصن بها، وفي ربيع الأول سنة 132هـ بويع أبو العباس السفاح بالخلافة في الكوفة، وهُزم الخليفة الأموي مروان بن محمد في موقعة الزاب، ثم قتل في أواخر سنة 132هـ، وزالت الدولة الأموية، ولم يبق للأمويين من مدافع سوى يزيد بن هبيرة الفزاري، فلما قُتل مروان رأى أن لا فائدة من المقاومة، فاتفق مع أبي جعفر المنصور على التسليم مقابل التأمين على حياته.

توطّدت سلطة أبي مسلم الخراساني بعد قضائه على منافسيه من رجال العرب الذين كانوا يطمحون في نيل ولاية خراسان، كما أنه خرج منتصراً بعد سحقه كثيراً من الانتفاضات التي قادها إما دعاة عباسيون انقلبوا على الثورة أو أنصار العلويين. وأصبح أبو مسلم زعيم خراسان غير المنافس، وازدادت سلطته اتساعاً، ولم يستطع الخليفة أبو العباس عمل شيء تجاه ازدياد نفوذ أبي مسلم في الجناح الشرقي من الدولة، وبذلك بدأت بوادر التصادم في السلطة تظهر، وتتبلور تدريجياً، ولكي يتعرف الخليفة أبو العباس من قرب على نفوذ أبي مسلم ونواياه أرسل أخاه أبا جعفر إلى خراسان، والظاهر أن هذه الزيارة زادت في شكوك أبي جعفر بنوايا أبي مسلم الذي قتل سليمان بن كثير الخزاعي نقيب النقباء دون أخذ رأي أبي جعفر كما أنه لم يبد الاحترام المطلوب لأبي جعفر أخي الخليفة، حيث كان يستأذن مثلاً قبل دخوله مجلس أبي مسلم كما يروي الطبري؛ ولذلك كان رأي أبي جعفر في أبي مسلم قوله للخليفة: «لستَ خليفة ولا أمرك بشيء؛ إن تركت أبا مسلم ولم تقتله»، ولكن الخليفة رفض أن يتعرض له بسوء خوفاً من المتاعب التي قد تنجم عن قتله ولاسيما أن الدولة لازالت بحاجة إلى جهود أبي مسلم وإلى جنوده الخراسانيين الذين كانوا في ذلك الوقت دعامة الدولة العباسية.

إن حقد أبي جعفر المنصور على أبي مسلم لم يمنعه بعد أن تولى الخلافة من الاستعانة به في القضاء على عمه عبد الله بن علي الذي خرج عن طاعته، وبايع لنفسه بالخلافة في مدينة حرّان بالجزيرة.

دامت الحرب بين أبي مسلم وعبد الله بن علي نحو ستة أشهر، تمكّن فيها أبو مسلم من الانتصار على خصمه سنة 137هـ، وازداد اعتداد أبي مسلم بنفسه بعد انتصاره على عبد الله حتى إنه كان كما يروي الطبري: «يأتيه الكتاب من أمير المؤمنين، فيقرأه، ثم يلوي شدقه على سبيل السخرية منه». أما المنصور فإنه أراد أن يُشعر أبا مسلم بأنه أحد عماله؛ فأرسل إليه رسولاً ليحصي الغنائم التي غنمها في الحرب مع عمه عبد الله، فأثار هذا غضب أبي مسلم، وقال: «أؤتمن على الأرواح، ولا أؤتمن على الأموال؟» ثم خرج من الجزيرة غاضباً متجهاً إلى خراسان. ويبدو أنه كان عازماً على الخلاف والعصيان بدليل أنه لم يمر على الخليفة بالعراق لاستئذانه في العودة كما جَرت العادة بذلك.

وفاته

ومع قيام الدولة العباسية ارتفعت مكانة أبو مسلم وكان محبوباً من أتباعه ومعظماً بينهم فخشي منه الخليفة أبو جعفر المنصور فاحتال لقتله بعد أن أمنه وقال لأهل خراسان عند ثورتهم لموت أبي مسلم قولته المشهورة:
"أيها الناس لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية ولا تسروا غش الأئمة"

كانت حياة أبي مسلم قصيرة، فقد قتل وهو يبلغ اثنتين وثلاثين سنة أو خمسا وثلاثين، ولما مات أبو العباس السفاح في ذي الحجة سنة 136هـ خلفه أخوه أبو جعفر المنصور فرأى المنصور من أبي مسلم ما أخافه أن يطمع بالمُلك فاستشار بعض أصحابه فأشاروا عليه بقتله. فدبَّر له المنصور مكيدة حتى قتله بروْمة المدائن سنة 137هـ وثارت لمقتله جماعة بزعامة (سنباذ) سنة 137هـ ولكن لم تلبث أن أخمدت ثورتهم. وقد عاش أبو مسلم الخرساني (37 سنة) بلغ بها منزلة عظماء العالم حتى قال فيه الخليفة المأمون: أجلّ ملوك الأرض ثلاثة وهم الذين قاموا بنقل الدولة وتحويلها: الإسكندر وأردشير وأبو مسلم الخرساني.[4]

وصفه

ذكره القاضي شمس الدين بن خلكان فقال : كان قصيرا ، أسمر ، جميلا ، حلوا ، نقي البشرة ، أحور العين ، عريض الجبهة ، حسن اللحية ، طويل الشعر ، طويل الظهر ، خافض الصوت ، فصيحا بالعربية وبالفارسية ، حلو المنطق ، وكان راوية للشعر ، عارفا بالأمور ، لم ير ضاحكا ، ولا مازحا إلا في وقته ، وكان لا يكاد يقطب في شيء من أحواله .[5]

تأتيه الفتوحات العظام ، فلا يظهر عليه أثر السرور ، وتنزل به الفادحة الشديدة ، فلا يرى مكتئبا . وكان إذا غضب لم يستفزه الغضب . . . إلى أن قال : وكان لا يأتي النساء في العام إلا مرة -يشير إلى شرف نفسه ، وتشاغلها بأعباء الملك .[5]

يشبهه بعض المؤرخين بـ الحجاج بن يوسف الثقفي في كثرة القتل وسفك الدماء ففي حروبه ومعاركه أفنى خلقاً كثيراً وكان يأخذ الناس بالظنة وأجرى مذهب القتل فيمن خالف سلطانه ولم يكن له صاحب أو مؤتمن كما كان لا يضحك ولا تبدو في وجهه علامات السرور.

طالع أيضا

مصادر ومراجع

  1. "ABŪ MOSLEM ḴORĀSĀNĪ – Encyclopaedia Iranica" en. مؤرشف من الأصل في 18 يوليو 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Invalid |script-title=: missing prefix (مساعدة)
  2. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 6، ص 48- 73
  3. المقتضب - لإبن عياش
  4. في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص80
  5. "إسلام ويب - سير أعلام النبلاء - الطبقة الرابعة - أبو مسلم الخراساني- الجزء رقم6". islamweb.net. مؤرشف من الأصل في 6 يناير 2021. اطلع عليه بتاريخ 06 يناير 2021. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة أعلام
    • بوابة أفغانستان
    • بوابة إيران
    • بوابة الحرب
    • بوابة الدولة الأموية
    • بوابة الدولة العباسية
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.