أبو جعفر المنصور
أبو جعفر عبد الله المنصور بن مُحمد بن عَلي بن عبد الله بن العباس بن عَبْد المُطلّب بن هَاشم القُرشيّ (95 هـ / 714 : 158 هـ / 775) هو الخليفة العشرون من خلفاء الرسول، والخليفة العباسي الثاني، وهُو المؤسس الحقيقي للدولة العباسيةِ، وباني بغداد، وقد بويع له بالخلافة في شهر ذي الحجة عام 136 هـ بعد وفاة أخيه أبي العباس عبد الله السفاح، وكان السفاح أصغر منه سنًا، ولكن تولى الخلافة قبله امتثالًا لوصية أخيهم إبراهيم الإمام، وكان السبب في هذا هو أن السفاح أمه عربية حرة، وكانت أم المنصور أَمة بربرية تُدعى سلامة. وُلِدَ المنصور في الحميمة من أرض الشراة من البلقاء الواقعة في الشام في جنوب الأردن تحديدًا في صفر في عام 95 هـ، ونشأ بها ثم ارتحل إلى الكوفة مع عائلته بعد أن ألقى مروان بن محمد القبض على أخيه إبراهيم الإمام، وقد ساعد أخاه أبا العباس السفاح في السيطرة على الدولة الإسلامية، وفي تثبيت حكم بني العباس، وقد ولاه السفاح أرمينية وأذربيجان والجزيرة الفراتية، وأيضًا استعان به في إخماد الثورات التي قامت عليهم في بدايات الدولة العباسية، وقد عهد له السفاح بالخلافة من بعده، وبعد وفاة السفاح في أواخر عام 136 هـ أصبح المنصور هو الخليفة، وبويع له في البلاد في أول عام 137 هـ.[2]
عبد الله | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
أبو جعفر عبد الله المنصور بن مُحمد بن عَلي بن عبد الله بن العباس بن عَبْد المُطلّب بن هَاشم القُرشيّ | |||||||
تخطيط لاسم المنصور الخليفة أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي القرشي | |||||||
معلومات شخصية | |||||||
الميلاد | 95 هـ / 714 الحميمة، الشام، الدولة الأموية | ||||||
الوفاة | 158 هـ / 775 مكة المكرمة، الحجاز، الدولة العباسية | ||||||
مواطنة | الدولة العباسية | ||||||
الكنية | أبو جعفر | ||||||
اللقب | المنصور | ||||||
الديانة | مسلم | ||||||
الزوجة | أم موسى بنت منصور الحميرية حمادة بنت عيسى | ||||||
أبناء | أبو عبد الله محمد المهدي جعفر الأكبر | ||||||
الأب | محمد بن علي بن عبد الله بن العباس | ||||||
الأم | سلامة البربرية | ||||||
إخوة وأخوات | |||||||
عائلة | بنو العباس [1] | ||||||
منصب | |||||||
ثاني الخلفاء العباسيين | |||||||
الحياة العملية | |||||||
معلومات عامة | |||||||
الفترة | (136 هـ / 754 : 158 هـ / 775) | ||||||
التتويج | آخر ذي الحجة 136 هـ / 754 | ||||||
|
|||||||
السلالة | العباسيون | ||||||
المهنة | سياسي | ||||||
ولادته ونشأته
ولد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة (95 هـ/ 714 م)في قرية الحميمة التي تقع في معان جنوب الأردن، ونشأ بين كبار رجال بني هاشم الذين كانوا يسكنون الحميمة، فشب فصيحا عالما بالسير والأخبار، ملما بالشعر والنثر. وكان أبوه محمد بن علي هو الذي نظّم الدعوة العباسية، وخرج بها إلى حيز الوجود، واستعان في تحركه بالسرية والكتمان، والدقة في اختيار الرجال والأنصار والأماكن التي يتحرك فيها الدعاة، حيث اختار الحميمة والكوفة وخراسان[؟]، وأمه أم ولد اسمها سلامة البربرية.
حين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة سنة (132 هـ/750 م) واستعان بأخيه أبي جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شؤون الدولة، وأرسله كذلك لقتال إسحاق بن مسلم العقيلي في سميساط في الجزيرة الفراتية وأحد قادة مروان بن محمد وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في ذي الحجة 136 هـ/ يونيو 754 م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.[3]
نسبه
أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو (قريش) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الهاشمي القرشي.[4]
صفاته
كان أبو جعفر المنصور فحل بنى العباس هيبةً وجبروتاً، وكان يلبس الخشن، ويرقع القميص ورعًا وزهدًا وتقوى، ولم يُرَ في بيته أبدًا لهو ولعب أو ما يشبه اللهو واللعب. ولم يقف ببابه الشعراء لعدم وصله لهم بالأعطيات كما كان يفعل غيره من الخلفاء. وهو من أعظم رجال بني العباس فقد كان في خلقه الجد والصرامة والبعد عن اللهو والترف. فقد اتصف بالشدة والبأس واليقظة والحزم والصلاح والاهتمام بمصالح الرعية وعرف بالثبات عند الشدائد ولاشك بأن هذه الصفة كانت من بين أبرز الصفات التي كفلت له النجاح في حكم الدولة العباسية.
وذكر عن حماد التركي أنه قال: كنت واقفاً على رأس المنصور فسمع جلبةً في الدار فقال : ما هذا يا حماد أنظر، فذهبت فإذا خادم له قد جلس بين الجواري وهو يضرب بالطنبور وهن يضحكن فجئت فأخبرته فقال وأي شيء الطنبور فوصفته له فقال له أصبت صفته فما يدريك أنت ما الطنبور فقال رأيته بخراسان ثم قام حتى أشرف عليهم فلما بصروا به تفرقوا فأخذ الضارب وكسر الطنبور على رأسه وأخرجه من قصره.
وقد عرف عن المنصور ميله إلى الاقتصاد في النفقات حتى امتلأت بالأموال خزائنه، ولم يكن المنصور يعطي الشعراء تلك العطايا البالغة حد السرف وإنما كانت أعطياته أرزاق العمال أيام المنصور 300 درهم ولم يزل الأمر على ذلك إلى أيام المأمون فكان أول من سن زيادة الأرزاق هو الفضل بن سهل.[5]
القضاء على عمه عبد الله بن علي
كان عبد الله يطمع في الخلافة بعد أبي العباس، ولما بويع المنصور لم يوافق على ذلك، فخرج على المنصور في بلاد الشام، فأرسل له المنصور جيشا بقيادة أبي مسلم الخراساني الذي استطاع إلحاق الهزيمة به، وهرب عبد الله، وبقي متخفيا، حتى ظفر به المنصور وسجنه، فمات في السجن.[6]
نهاية أبي مسلم الخراساني
بدأ الجو يصفو لأبي جعفر بعد هزيمة عمه "عبد الله" في الشام إلا من الإزعاج الذي كان يسببه له أبو مسلم الخراساني؛ وبسبب مكانته القوية في نفوس أتباعه، واستخفافه بالخليفة المنصور، ورفضه المستمر للخضوع له؛ فأبو مسلم يشتد يومًا بعد يوم، وساعده يقوى، وكلمته تعلو، أما وقد شم منه رائحة خيانة فليكن هناك ما يوقفه عند حده، وهنا فكر المنصور جديّا في التخلص منه، وقد حصل له ما أراد، فأرسل إلى أبي مسلم حتى يخبره أن الخليفة ولاه على مصر والشام، وعليه أن يوجه إلى مصر من يختاره نيابة عنه، ويكون أقرب من الخليفة وأمام عينيه وبعيدًا عن خراسان؛ حيث شيعته وموطن رأسه، إلا أن أبا مسلم أظهر سوء نيته، وخرج على طاعة إمامه، ونقض البيعة، ولم يستجب لنصيحة أحد، فأغراه المنصور حتى قدم إليه في العراق، فقتله في سنة 137 هـ/ 756 م، ولأن مقتل رجل كأبي مسلم الخراساني قد يثير جدلا كبيرًا، فقد خطب المنصور مبينًا حقيقة الموقف، قال: "أيها الناس، لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، ولا تمشوا في ظلمة الباطل بعد سعيكم في ضياء الحق، إن أبا مسلم أحسن مبتدئًا وأساء معقبًا، فأخذ من الناس بنا أكثر مما أعطانا، ورجح قبيح باطنه على حسن ظاهره، وعلمنا من خبيث سريرته وفساد نيته ما لو علمه اللائم لنا فيه لعذرنا في قتله، وعنفنا في إمهالنا، فما زال ينقض بيعته، ويخفر ذمته حيث أحل لنا عقوبته، وأباح لنا في دمه، فحكمنا فيه حكمه لنا في غيره، ممن شق العصا، ولم يمنعنا الحق له من إمضاء الحق فيه".[7]
بناء بغداد
بنى الخليفة أبو جعفر المنصور مدينة بغداد على شكل دائرة وأطلق عليها اسم مدينة السلام أو دار السلام وتم بناء المدينة في أربع سنوات من (149-145) على شكل دائرة يحيط بها سور يسمى السور الأعظم، وأربع بوابات، البوابة الأولى تسمى باب الشام التي تقود إلى بلاد الشام، والبوابة الثانية تسمى باب الكوفة التي تقود إلى محافظة الكوفة والبوابة الثالثة تسمى باب البصرة التي تقود إلى محافظة البصرة والبوابة الرابعة باب خراسان الذي يقود إلى الفارسيين أو دولة إيران وداخل المدينة كان هناك جامع المنصور الذي كان مربع الشكل ودواوين الحكومة ومساكن الناس والجيش. ونشطت الحركة العلمية حيث وصلت الحضارة العباسية إلى أوج عظمتها فكان هناك عدداً من العلماء منهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي اشتهر بعلوم النحو وعلوم العروض (لمعرفة نظام الشعر وأوزانه) والقاضي أبو يوسف في علم الفقه والمسعودي في الجغرافية واليعقوبي ويبرز جابر بن حيان في الكيمياء وابتكروا الإسطرلاب لرصد حركة النجوم والكواكب وحنين بن إسحاق ومعظم من إفراد أسرته في اللغة والأدب وكان حنين يشرف على أهم مكتبة في عهد المأمون وهي مكتبة بيت الحكمة فأصبحت بغداد أكبر مركز علمي وثقافي آنذاك يقصدها طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم للدراسة في مدارسها وجامعاتها مثل المدرسة المستنصرية.[8]
ثورة سُنباذ
كان ممن غضب لمقتل أبي مسلم الخراساني، رجل مجوسي اسمه "سُنباذ"، فثار والتف حوله الكثيرون من أهل "خراسان"، فهجموا على ديار المسلمين في نيسابور و"قومس" و"الري"، فنهبوا الأموال وقتلوا الرجال وسبوا النساء، ثم تبجحوا، فقالوا: إنهم عامدون لهدم الكعبة، فأرسل إليهم المنصور جيشًا بقيادة جمهور بن مرار العجلي، فهزمهم واستردَّ الأموال والسبايا، ولا يكاد أبو جعفر يتخلص من "سنباذ" سنة 137 هـ/ 756 م، حتى واجه ثائرًا ينادى بخلع المنصور، إنه "جمهور بن مرار العجلي" قائد جيوش المنصور التي هزمت "سنباذ".[9]
انقلاب جمهور بن مرار العجلي على المنصور
لما هزم "جمهور" سنباد، واسترد الأموال، كانت خزائن أبي مسلم الخراساني من بينها، فطمع "جمهور"، فلم يرسل المال إلى الخليفة المنصور، بل ونقض البيعة ونادى بخلع المنصور، فماذا كان؟ أرسل المنصور القائد الشجاع "محمد بن الأشعث" على رأس جيش عظيم، فهزم "جمهورًا" الذي فر هاربًا إلى "أذربيجان"، وكانت الموقعة في سنة 137 هـ/ 756 م.[10]
ثورات الخوارج
ثورات متتالية كانت تهدد الحياة وتحول دون الاستقرار والأمن في بداية حكم العباسيين. منها ثورات للخوارج الذين أصبحوا مصدر إزعاج للدولة العباسية. لقد خرج آنذاك "مُلَبّد بن حرملة الشيباني" في ألف من أتباعه بالجزيرة من العراق، وانضم إليه الكثيرون، فغلب بلادًا كثيرة، إلى أن تمكنت جيوش المنصور بقيادة خازم بن خزيمة من هزيمته في سنة 138 هـ/ 757 م. وتحرك الخوارج مرة ثانية في خلافة المنصور سنة 148 هـ بالموصل تحت قيادة "حسا بن مجالد الهمداني"، إلا أن خروجه هو الآخر قد باء بالفشل.
وواجه الخليفة المنصور العباسي ثورات منحرفة لطوائف أخرى، ففي سنة 141 هـ/ 759 م. واجه المنصور ثورة أخرى لطائفة من الخوارج يقال لها الراوندية ينتسبون إلى قرية "راوند" القريبة من أصفهان. إنهم يؤمنون بتناسخ الأرواح، ويزعمون أن روح آدم انتقلت إلى واحد يسمى "عثمان بن نهيك" وأن جبريل هو الهيثم بن معاوية -رجل من بينهم-، بل لقد خرجوا عن الإسلام زاعمين أن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو "أبو جعفر المنصور"، فراحوا يطوفون بقصره قائلين: هذا قصر ربنا. ولم يكن ينفع هؤلاء إلا القتال، فقاتلهم المنصور حتى قضى عليهم جميعًا بالكوفة.[9]
ثورة محمد النفس الزكية
من أخطر الثورات التي واجهت المنصور خروج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، من سويقة المدينة (سويقة الثائرة) وكان من أشراف بني هاشم علمًا ومكانة، وكان يلقب بـ "النفس الزكية" فاجتمع العلويون والعباسيون معًا وبايعوه أواخر الدولة الأموية، وكان من المبايعين "المنصور" نفسه، فلما تولى الخلافة لم يكن له هم إلا طلب محمد هذا خشية مطالبته بطاعة هؤلاء الذين بايعوه من قبل، وهنا خرج "محمد" النفس الزكية بالمدينة سنة 145 هـ/763 م، وبويع له في كثير من الأمصار. وخرج أخوه "إبراهيم" بالبصرة، واجتمع معه كثير من الفقهاء، وغلب أتباعه على "فارس" و"واسط" و"الكوفة"، وشارك في هذه الثورة كثير من الأتباع من كل الطوائف.
بعث المنصور إلى "محمد النفس الزكية" يعرض عليه الأمن والأمان له ولأولاده وإخوته مع توفير ما يلزم له من المال، ويرد "محمد" بأن على المنصور أن يحكم بدين الله ولا يمكن شراء المؤمن بالمال. وكانت المواجهة العسكرية هي الحل بعد فشل المكاتبات، واستطاعت جيوش أبي جعفر أن تهزم "النفس الزكية" بالمدينة وتقتله، وتم القضاء على أتباع إبراهيم في قرية قريبة من الكوفة وقتلهم.[11]
ثورة كافر خراسان
في سنة 150 هـ خرج أحد المتمردين ببلاد خراسان واستولى على أكثرها، وانضم له أكثر من ثلاثمائة ألف، وقتلوا خلقًا كثيرًا من المسلمين، وهزموا الجيوش في تلك البلاد، ونشروا الفساد هنا وهناك، فبعث أبو جعفر المنصور بجيش قوامه أربعون ألفا بقيادة "خازم بن خزيمة"، الذي قضى على هؤلاء الخارجين، ونشر الأمن والاستقرار في ربوع خراسان.[12]
بناء بغداد
رغب الخليفة أبو جعفر المنصور في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها الخروج على الخلافة كالكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع، فاختار "بغداد" على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها سنة (145 هـ == 762 م) واستخدم عددا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادا هائلة من البنائين والصناع، فعملوا بجد وهمة حتى فرغوا منها في عام (149 هـ == 766 م) وانتقل إليها الخليفة وحاشيته ومعه دواوين الدولة، وأصبحت منذ ذلك الحين عاصمة الدولة العباسية، وأطلق عليها مدينة السلام؛ تيمنا بدار السلام وهو اسم من أسماء الجنة، أو نسبة إلى نهر دجلة الذي يسمى نهر السلام. ولم يكتف المنصور بتأسيس المدينة على الضفة الغربية لدجلة، بل عمل على توسيعها سنة (151 هـ = 768 م) بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، جعلها مقرا لابنه وولي عهده "المهدي" وشيد لها سورا وخندقا ومسجدا وقصرا، ثم لم تلبث أن عمرت الرصافة واتسعت وزاد إقبال الناس على سكناها.[13]
نهضة اقتصادية
مع اهتمام المنصور بالزراعة والصناعة وتشجيعه لأصحاب المهن والصناعات، وتأمينه خطوط التجارة والملاحة في الخليج العربي حتى الصين من خطر القراصنة الذين كانوا يقطعون طرق التجارة، ويقتلون التجار، ويستولون على الأموال، وراح قُواده يؤدبون هؤلاء اللصوص. وكثيرًا ما يعود قواده من الغزو في البحر بالغنائم والأسرى حتى انقطعت القرصنة بعد عام 153 هـ، 770 م، ولقد تم في عهده إعادة فتح مدينة طبرستان عام 141 هـ، 759 م، في بلاد ما وراء النهر.[14]
العناية بالحدود
أعطى المنصور اهتماماً بالغاً بجهة الشمال؛ فأمر بإقامة التحصينات والرباطات على حدود بلاد الروم. وكانت الغزوات المتتابعة سبباً في أن ملك الروم راح يطلب الصلح، ويقدم الجزية صاغرًا سنة 155 هـ، 772 م. وقام المنصور بحملة تأديبية على جزيرة قبرص في البحر الأبيض المتوسط، أثر قيام أهلها بمساعدة جيش الروم، ونقضهم العهد الذي أخذوه على أنفسهم يوم أن فتح المسلمون جزيرة قبرص.[15]
وفاة المنصور
ذهب الخليفة المنصور للحج عام 158 هـ، 775 م، وكان ابنه محمد "المهدي" قد خرج ليشيعه في حجه، فأوصاه بإعطاء الجند والناس حقهم وأرزاقهم ومرتباتهم، وأن يحسن إلى الناس، ويحفظ الثغور، ويسدد دينًا كان عليه مقداره ثلاثمائة ألف درهم، كما أوصاه برعاية إخوته الصغار، وقال: إنني تركت خزانة بيت مال المسلمين عامرة، فيها ما يكفى عطاء الجند ونفقات الناس لمدة عشر سنوات. مرض المنصور في الطريق، ونزل قرية قد أفرغها سيدها من أهلها وقرأ على الجدار أبيات شعر فيها علامة على وفاته:
أبـا جـعــفر حـانت وفـاتـك وانقضت | سنوك وأمر الله لابد واقع | |
أبا جعفر هل كاهن أو منجم | لك اليوم من حر المنية مانع |
وأمر حاجبه الربيع بن يونس أن يدخل ويقرأ، فدخل ولم يجد شيئًا، ودخل خلفه المنصور فلم يجد شيئًا، وراح يتلمس الجدار الذي كان قد قرأ عليه الأبيات، فعلم في نفسه بوفاته، وكتب لابنه المهدي بعض الوصايا. وقبل أن يدخل مكة توفي على أبوابها.[13]
بيت الحكمة
من الأعمال الجليلة التي تُذكر للمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد، وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزًا للترجمة إلى اللغة العربية. ولكن المؤسس الحقيقى لبيت الحكمة كمكتبة عالمية هو الخليفة العالم المأمون وفعل مثل ما فعل أبو جعفر المنصور وأبوه هارون الرشيد، وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك، فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية.[16]
كتب ودراسات عنه
- أبو جعفر المنصور وعروبة لبنان، عجاج نويهض،
- أبو جعفر المنصور وسياسته الداخلية والخارجبة ، فاضل حسن زعين العاني ، أطروحة دكتوراة بجامعة القاهرة، ونشرت بدار الرشيد للنشرـ بغداد 1980 .
الأعمال الفنية
تم عمل العديد من الأعمال عن شخصية أبو جعفر المنصور، منها:
- تمثال ابي جعفر المنصور الموجود في بغداد.
- مسلسل باسمه ولعب دوره عباس النوري،
- مسلسل صقر قريش لعب دوره زهير عبد الكريم،
انظر أيضًا
مصادر
- صفحة أبو جعفر المنصور من موقع Answers.com
- كتاب دليل خارطة بغداد المفصل - تأليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة - مطبعة المجمع العلمي العراقي - بغداد - 1958 م.
- كتاب العباسيون الاوائل - تأليف الدكتور فاروق عمر فوزي - لندن -1977 .
- تاريخ بغداد تأليف الخطيب البغدادي.
- أبو جعفر المنصور وسياسته الداخلية والخارجية - تأليف الدكتور حسن فاضل زعين العاني -بغداد 1980.
المراجع
- العنوان : Аль-Мансур — نشر في: Entsiklopedicheskiy Leksikon. Tom 1, 1835
- كتاب دليل خارطة بغداد المفصل - تأليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة - مطبعة المجمع العلمي العراقي - بغداد - 1958 م ص97. كتاب العباسيون الاوائل - تأليف الدكتور فاروق عمر فوزي - لندن -1977 ص43
- أبو جعفر المنصور وسياسته الداخلية والخارجية - تأليف الدكتور حسن فاضل زعين العاني -بغداد 1980.
- أبو الفوز محمد أمين; السويدي البغدادي. سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (PDF). مصر: المكتبة التجارية الكبرى. مؤرشف من الأصل (PDF) في 7 أبريل 2020. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - عماد البحراني، أبو جعفر المنصور "المؤسس الحقيقي للدولة العباسية"، دورية كان التاريخية، ع5 سبتمبر2009. ص 54 - 58.
- فاروق عمر فوزي ، العباسيون الاوائل ص 65
- كتاب دليل خارطة بغداد المفصل - تأليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة - مطبعة المجمع العلمي العراقي - بغداد - 1958 م ص55. كتاب العباسيون الاوائل - تأليف الدكتور فاروق عمر فوزي - لندن -1977 ص21
- مصطفى جواد ، دليل خارطة بغداد ، ص 65
- انظر :كتاب دليل خارطة بغداد المفصل - تأليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة - مطبعة المجمع العلمي العراقي - بغداد - 1958 م. كتاب العباسيون الاوائل - تأليف الدكتور فاروق عمر فوزي - لندن -1977
- عبد الحي شعبان ، الدولة العباسية 34
- فاروق عمر فوزي ، الدولة العباسية ج1 ص97
- د. حسن فاضل زعين العاني ، سياسة أبي جعفر المنصور الداخلية والخارجية ، دار الرشيد للنشر ، بغداد ، 1979 ، ص 54
- كتاب دليل خارطة بغداد المفصل - تأليف الدكتور مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة - مطبعة المجمع العلمي العراقي - بغداد - 1958 م. كتاب العباسيون الاوائل - تأليف الدكتور فاروق عمر فوزي - لندن -1977
- فاروق عمر : التاريخ الاسلامي وفكر القرن العشرين ص 83
- عبد الحي شعبان ، الدولة العباسية ص 76
- صالح احمد العلي ، بغداد ص 123
قبلــه: أبو العباس عبد الله السفاح |
الخلافة العباسية 754 - 775 |
بعــده: أبو عبد الله محمد المهدي |
- بوابة الوطن العربي
- بوابة السياسة
- بوابة أعلام
- بوابة العراق
- بوابة التاريخ
- بوابة الإسلام
- بوابة التاريخ الإسلامي
- بوابة الدولة العباسية
- صور وملفات صوتية من كومنز
- اقتباسات من ويكي الاقتباس