عودة ارتباط

عودة الارتباط في الفيزياء و الفلك (بالإنجليزية: Recombination) هو أرتباط أيون موجب الشحنة بإلكترونه (سالب الشحنة) فتتشكل الذرة أو الجزيء ويعود إلى حالتها المتعادلة كهربائيا . وتمثل عملية عودة الارتباط معكوس عملية التأين التي تفقد خلالها الذرة أحد إلكتروناتها أو أكثر وتصبح أيونا مشحونا.

مقدمــــة

من أجل حدوث التأين في مادة ، أي فصل الشحنة السالبة (إلكترون) عن الشحنة الموجبة في الذرة (النواة الذرية) لا بد من إمداد الذرة بطاقة من الخارج . ويمكن إحداث ذلك عن طريق رفع درجة الحرارة أو عند امتصاص الذرة لفوتون ، أو قد يحدث التأين أيضا خلال اصتدام الذرات بعضها البعض وتنفصل بعض الإلكترونات . وعند حدوث عودة الارتباط فإن تلك الطاقة تنطلق من الذرة في هيئة شعاع ضوئي (فوتون) أو بانتقال الطاقة من تلك الذرة إلى ذرة أو جزيء آخر أو في هيئة اهتزازات كمومية (فونون أي فوتون صوتي ) في البنية البلورية للمادة .

يحدث تأين الذرات في التفاعلات الكيميائية ، كما يحدث في الكيمياء الكهربائية في البطاريات وفي المركمات .

من الوجهة الفلكية فتشير القياسات إلى حدوث عودة الارتباط خلال عصر مبدئي في عمر الكون عندما كان عمر الكون بين 300.000 إلى 400.000 سنة بعد الانفجار العظيم . خلال هذه الحقبة كانت درجة الحرارة قد انخفضت عدة آلاف من الدرجات بحيث استطاعت الإلكترونات الترابط مع البروتونات ، وتسمى تلك الحقبة "حقبة عودة الارتباط " . بهذا تكوّن الهيدروجين ، وهو متعادل كهربائيا حيث أن شحنتي الإلكترون والبروتون متساويتان ومعكوستي الإشارة . وبتكون الهيدروجين قلـّت الإلكترونات الحرة والبروتونات الحرة التي كانت تمتص الإشعة الكهرومغناطيسية - وأصبح الكون شفافا .

الأشعة التي تكونت في ذلك الزمان لازلنا نستطيع تسجيلها في يومنا هذا ، إلا أنها بتزايد اتساع الكون وتزايد انخفاض درجة حرارة الكون فقد فقدت الكثير من طاقتها وأصبحت طاقة تلك الفوتونات منخفضة التردد في حيز موجات الميكروويف ولها درجة حرارة 7و2 كلفن . تلك الأشعة الباقية تعرف فيزيائيا وفي علم الفلك بإشعاع الخلفية الميكرويفي الكوني.

عودة الارتباط / البلازما

نعهد عودة الارتباط دائما في الغازات المتأينة. وعند حدوث عودة الارتباط تنتج إضاءة ويعرفه الإنسان منذ قديم الأزل عندما تحترق شهب في جو الأرض بسرعات عالية ، ويحدث تأين لجزيئات الهواء. وعندما حدوث عودة الارتباط للأيونات والإلكترونات عبر مسار الشهاب فإننا نرى ما ينتج عن ذلك من ضوء .

حالة الأيونات والإلكترونات المنفصلة عن بعضها البعض تسمى بلازما.

عودة الارتباط خلال تصادمات ثلاثية

يحدث احيانا في الغازات عودة الارتباط خلال تصادمات ثلاثية ، وفيها يصتدم أيون موجب الشحنة بإلكترونين في نفس الوقت . فيتحد الأيون مع الإلكترون الأول مكونا ذرة متعادلة . و طاقة الارتباط المتحررة خلال ذلك يتلقاها الإلكترون الثاني وترتفع طاقته . وربما تلتقط ذرة أخرى طاقة الارتباط وتعلو طاقتها .

عودة الارتباط في ايونوسفير

تحدث في الايونوسفير ثلاثة أنواع من عودة الارتباط ، ينتج عنها اتحاد إلكترونات سالبة الشحنة مع أيونات موجبة الشحنة وينتجان ذرات متعادلة كهربائيا.

  • يتحد إلكترون مع أيون ذري وينتجان ذرة متعادلة و فوتون: .[1]
  • عودة ارتباط انقسامية : وفيها يتحد إلكترون مع أيون جزيء وينتجان ذرتين متعادلتين :
  • تآثر بين أيون وذرة + عودة ارتباط انقسامية : وفيها يحدث تفاعل أولا بين أيون وذرة ، وينتجان أيون جزيء :

في هذا التفاعل تفاعل أيون ذري مع جزيء مكون من ذرتين ، ونتج عن التفاعل أيون موجب الشحنة وذرة متعادلة . ثم يلتقط الأيون الموجب الشحنة إلكترونا ويحدث له انقسام إلى ذرتين X و Y متعادلتين .

عودة الارتباط في أشباه الموصلات

عندما نتحدث عن عودة الارتباط في شبه موصل نعني عودة إلكترون مُثار من نطاق التوصيل إلى نطاق التكافؤ في ذرة أو مجموعة ذرات مصحوبا بإبعاثه فوتونا (ضوء) أو فونونا (اهتزاز بلوري). في تلك الحالة نسمى ذلك "عودة ارتباط باعثة للضوء " وبالتالي "عودة ارتباط غير باعثة للضوء" .

فمثلا في الثنائي الضوئي تتسبب عودة الارتباط لحاملات الشحنة في انبعاث ضوء بصفة أساسية . ولكن في معظم أشباه الموصلات السيليكونية تكون عودة الارتباط من دون انبعاث ضوء .

العملية العكسية لعودة الارتباط هي عملية "توليد" Generation ، وخلالها يتسبب التأين في انفصال إلكترون عن ثغرة إلكترونية (توليد إلكترون-ثغرة). وتأتي طاقة التأين عن طريق فوتون أو فونون فيتحرر الإلكترون مخلفا ثغرة . وفي حالة التوازن الترموديناميكي يكون معدل عودة الارتباط مساويا لمعدل التوليد .

ومن خواص أشباه الموصلات فيكون لها معدل معين لعودة الارتباط ، أي عدد عودة الارتباط في الثانية (في حجم معين) :

بالنسبة لمعدل الإلكترونات :

وبالنسبة لمعدل الثغرات:

.

n و p هما تركيزي الإلكترونات وبالتالي الثغرات و في حالة توازن التركيزين ، و وبالتالي عمر حاملات الشحنات (الإلكترونات و الثغرات) . ويزداد معدل عودة الارتباط بارتفاع تركيز حاملات الشحنات عن التركيز المتوازن .

وتوجد عدة تأثيرات تلعب دورا هاما في عملية عودة الارتباط :

فالفوتونات والفونونات ذات طاقة (E = h·ν) أعلى من " فرق الطاقة" Eg في شبه الموصل يمكنها إعطاء طاقتها إلي إلكترونات التكافؤ ، وتنتج بذلك "زوج إلكترون-ثغرة" في شبه الموصل . وتذهب حاملات الشحنات (الإلكترونات و الثغرات) إلى حافة النطاق ، حيث تنخفض طاقتها إلى أقل حد ممكن . هذا التأثير يؤثر في الواقع على كفاءة الخلية الشمسية ويحددها ، ولكن يمكن تحسين ذلك باستخدام خلايا شمسية تبادلية .

ويمكن أن تؤدي عودة ارتباط الإلكترونات بالثغرات إلى انبعاث ضوء أو تكون غير باعثة للضوء . وعندما تكون باعثة للضوء فيسمى هذا التأثير ضيائية . وتسمى تلك العملية " الانتقال المباشر" أو شبه الموصل المباشر (أنظر نموذج النطاقات ) .

وتوجد ثلاثة أنواع من عودة الارتباط : باعثة للضوء ، و عودة ارتباط شوكلي-ريد-هول SRH , و عودة ارتباط أوجي Auger Recombination.

أنواع عودة الارتباط : عودة الارتباط مباشرة باعثة للضوء ، و عودة ارتباط شوكلي-ريد-هول SRH (عبر مرحلة وسطية) , و عودة ارتباط أوجي .

عودة ارتباط باعثة للضوء

خلال هذا النوع من عودة الأرتباط يتحد الإلكترون مع ثغرة باعثا فوتونا. يحمل الفوتون الناشيء طاقة E = h·ν ، و هي مساوية لفرق الطاقة بين النطاقين الذي انتقل اللإكترون بينهما.

ويُعبر عن "عودة الارتباط الباعثة للضوء" بعلاقة بين كثافة حاملات الشحنات و "معامل عودة ارتباط" Cdir خاص بمادة شبه الموصل . وبافتراض أن كثافة حاملات الشحنة n و p و كثافة التوصيل الذاتي ni ، وتنطبق المعادلة :

نموذج نطاقات الطاقة في المادة الصلبة

في المواد الصلبة وفي أشباه الموصلات تتخذ البنية الإلكترونية نظاما طبقيا يتحدد بحسب خواص المادة البلورية . ويوصف توزيع الإلكترونات وطاقتها بمستوى فيرمي و يعتمد على درجة حرارة المادة . عند الصفر المطلق لدرجة الحرارة تكون لجميع الإلكترونات طاقة أقل من مستوى فيرمي ، وعند ارتفاع درجة الحرارة تتخذ توزيع طاقات الإلكترونات توزيع بولتزمان.

بنية نطاقات الإلكترونات في مادة شبه موصل.

يقع مستوى فيرمي لأشباه الموصلات في وسط نطاق فجوة band gap بين "نطاقين مسموحين " للإلكترون ، يسميان نطاق التكافؤ و نطاق التوصيل . ويقع نطاق التكافؤ تحت نطاق الفجوة ويكون مشغولا كاملا بالإلكترونات. في تلك الحالة يكون نطاق التوصيل فوق مستوى فيرمي ويكاد أن يكون خاليا من الإلكترونات (قارن بالشكل المجاور ) . ونظرا لامتلاء نطاق التكافؤ بالإلكترونات فهي تكون غير متحركة ، ولا يمكنها توصيل التيار الكهربائي.

فإذا حصل إلكترون في نطاق التكافؤ على طاقة على طاقة كافية للوصول إلى نطاق التوصيل ، عندئذ يصبح حرا ويمكنه الحركة في نطاق التوصيل . في نفس الوقت فإن هذا الإلكترون سوف يترك ورائه ثغرة إلكترونية ، تستطيع هي الأخرى التحرك مثلما يتحرك جسيم موجب الشحنة .

هذه عملية تسمى "توليد حاملات شحنات" يكتسب خلالها إلكترون طاقة وينتقل من نطاق التكافؤ إلى نطاق التوصيل ويصبح لدينا حاملين للشحنة : الكترون (سالب) و ثغرة (موجبة) . عكس تلك العملية تسمى عودة الارتباط وفيها يأتي إلكترون من نطاق التوصيل ويفقد الطاقة الزائدة ويرتبط بالثغرة الموجودة في نطاق التكافؤ .

المراجع

  1. The electron concentration profile. In: Ionospheric Physics. University of Leicester. Retrieved on 2013-01-08.

    انظر أيضاً

    • بوابة الفيزياء
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.