علم التأويل (فلسفة)
علم التأويل [1][2] أو التفسيرية أو الهرمنيوطيقا هي المدرسة الفلسفية التي تشير لتطور دراسة نظريات تفسير وفن دراسة وفهم النصوص في فقه اللغة واللاهوت والنقد الأدبي. ويستخدم مصطلح هرمنيوطيقا في الدراسات الدينية للدلالة على دراسة وتفسير النصوص الدينية. وفي الفلسفة هي المبدأ المثالي الذي من خلاله تكون فيه الحقائق الاجتماعية (وربما أيضا الحقائق الطبيعية) رموزا أو نصوصا والتي بدورها يجب أن يتم تفسيرها بدلا من وصفها أو إيضاحها بموضوعية.
أصل ودلالة الكلمة
وتحمل هذه الكلمة الكثير والكثير من التراث الدلالي... حيث تشير كلمة Hermeneutics في علم الفلسفة إلى الفرع الذي يدرس مبادئ التأويل والإدراك. فيما تحمل الكلمة ذاتها اسم نظرية معروفة في الميثودولوجيا -علم المناهج- في أسلوب تأويل النصوص المقدسة وتفسيرها -بالأخص التوراة والانجيل. ويعود أصل مصطلح الهرمنتيكية إلى الفعل اليوناني hermeneueien والذي يعني يفسر، يصرح، يعلن، يوضح وأخيرا يترجم.[3] وقد تم اشتقاق المصطلح أيضا من اسم الإله اليوناني هيرميز، والذي نسبت له الإغريق أصل اللغة والكتابة واعتبروه راعي الاتصال والتفاهم بين البشر. ومن المؤكد أن هذا المصطلح في الأصل كان يعبر عن فهم وشرح أي حكم غامض أو مبهم من الآلهة كان يحتاج إلى التفسير الصحيح. ويعود اشتقاق مصطلح الهرمنتيكية مباشرة إلى الصفة اليونانية ἑρμηνευτικἡ والذي يعني الفعل يعرف أي التوضيحية أو التفسيرية، وخاصة من الكتاب المقدس، ومعاني كلمات النصوص. وبالتالي فإن تحليل النظرية نفسها أوالعلم قد تحول إلى تفسير وتأويل العلامات وقيمتها الرمزية. ومصطلح الهرمينوطيقا مشتقّ من " Hermé"وتعني القول والتعبير والتأويل والتفسير، وكلّها دلالات متقاربة، من حيث الاتّجاه نحو الإيضاح والكشف و البيان.[4] أمّا في علم اللاهوت فيعرف بكونه فنّ تأويل وترجمة الكتاب المقدّس، فالتأويل هو "العلم الديني بالأصالة والذي يكوّن لبّ فلسفة الدين ويقوم عادة بمهمتين متمايزتين تماما:
- البحث عن الصحة التاريخية للنص المقدس عن طريق النقد التاريخي
- فهم معنى النص عن طريق المبادئ اللغويّة [5] ."
وهناك معنى آخر يقترب من مصطلح Herméneuein بمعنى التعبير هو معنى«الترجمة»، أي ترجمة لغة إلى لغة أخرى.[6]
تطوّر المصطلح
يكون مصطلح الهرمينوطيقا منذ البدء ملتصقا بالتجربة اللغويّة بما هي علامة دالة على وجود الإنسان في الوجود. ويتّقد استشكالها أثناء التواصل حيث العلاقة متوتّرة بين الباثّ والمتلقّي (أو القارئ )، حيث أنّ الرسالة الواقعة بينهما ينحجب فيها المطلوب قصد تمكين المتلقّي من فكّ شفرتها أو رموزها ومن ثمّ تقفّي أثر المعنى. مثل هذا التشكيل أهّل الهرمينوطيقا لأجل أن تكون في الحقل اليوناني فنّا، بمعنى فن التأويل أو كشف المتحجّب من المعنى.[7] وينظر معظم مؤرّخو الهرمينوطيقا المحدثون إلى العمل الذي قدّمه فريديريك شليرماخر (1768-1843)، على أنّه الفعل الذي دفع بالهرمينوطيقا من دائرة الاستخدام اللاهوتي ليكون علما أو فنّا لعمليّة الفهم وشروطها في مستوى تحليلها للنصوص ؛ ومن ثمّ نقل التأويليّة من وضع الاحتكار الوظيفي إلى وضع المشاعية الأداتية، عبر الارتقاء بها إلى درجة علم يؤسّس عمليّة الفهم، وبالتالي عمليّة التفسير.[8]
فالهرمينوطيقا ارتبطت بداية بالشعر و الرواية ومن ضوابطها إتقان الحديث عن الآخرين وحسن التقديم والمهارة في تأويل نقاط الاتّفاق بين سائر الشعراء . ومن ثمّ يكون الهرمينوطيقي هو كرجل اختصاص متقن لحقله المباشر له وهو ما يختلف به عن الفيلسوف بما هو باحث عن الكلّي، وإن كان هذا التحيّز المعرفي لا يفصله عن الفيلسوف حال الاتّحاد في قيمة الحبّ من حيث كونها قيمة فنيّة كليّة مشتركة . ممّا يجعل الهرمينوطيقي بقواعده ممارسا لفعله البحثي وفق نسق ضابط الاستغراق . لأنّه حينما يكتسب معرفة بفنّ بالكليّة يكون بحثه عن الجيّد والرديء أمرا واحدا بعينه.[9] إن تاريخ الهرمينوطيقا عريق جدّا في الثقافات الإنسانية. قد تناسلت مناهجه وأساليبه التي كانت تركز على البحث عن المعنى الأصلي إلى البحث عن أثر النص [10]
مراجع
- ترجمة Hermeneutics حسب بنك باسم للمصطلحات العلمية؛ مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، تاريخ الوصول: 05 02 2017.
- ترجمة حسب قاموس المعاني نسخة محفوظة 10 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- "الهرمنيوطيقا". elmessiri. مؤرشف من الأصل في 6 مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 12 أكتوبر، 2012. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
(مساعدة) - Kelkel, (Arion Lothar), La légende de l’Etre, language et poésie chez Martin Heidegger (Libraries philosophique, Jean Vrin, Paris, 1980), p 186
- حنفي (حسن)، تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهراتي وتطبيقه في الظاهرة الدينية، مكتبة النافذة، ط1، 2006، ص 384.
- بارة، (عبد الغني)، الهرمينوطيقا و الترجمة، مقاربة في أصول المصطلح وتحولاته، ، مجلّة الآداب الأجنبية فصلية، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق، ع:133، شتاء2008، ص 93.
- Dès l'Antiquité, l'herméneutique désigne l'art d'interpréter (ars interpretandi),voir: http://www.universalis.fr/encyclopedie/hermeneutique نسخة محفوظة 25 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
- الحوار المتمدن.عبد العظيم (حسني إبراهيم) http://www.ahewar.org نسخة محفوظة 2008-10-06 على موقع واي باك مشين.
- الخويلدي (زهير)، محاورة أيون الأفلاطونية أو الينبوع الفلسفي الأول للهرمينوطيقا ،الحوار المتمدن،http://www.ahewar.org/-
- غازي (عز الدين)، الهرمينوطيقا أو علم تأويل الخطابات، http://www.ahewar.org/debat/show.art.
مصادر
- De La Torre, Miguel A., "Reading the Bible from the Margins," Orbis Books, 2002.
- Fellmann, Ferdinand, "Symbolischer Pragmatismus. Hermeneutik nach Dilthey", rowohlts enzyklopädie, 1991.
- Köchler, Hans, "Zum Gegenstandsbereich der Hermeneutik", in Perspektiven der Philosophie, vol. 9 (1983), pp. 331–341.
- Köchler, Hans, "Philosophical Foundations of Civilizational Dialogue. The Hermeneutics of Cultural Self-comprehension versus the Paradigm of Civilizational Conflict." International Seminar on Civilizational Dialogue (3rd: 15–17 September 1997: Kuala Lumpur), BP171.5 ISCD. Kertas kerja persidangan / conference papers. Kuala Lumpur: University of Malaya Library, 1997.
- Peirce, C.S., Collected Papers of Charles Sanders Peirce, vols. 1–6, تشارلز هارتشورن and باول وايس (eds.), vols. 7–8, آرثر بيركس (ed.), Cambridge, MA: Harvard University Press, 1931–1935, 1958. Cited as CP vol.para.
- Peirce, C.S. (c. 1903), "Logical Tracts, No. 2", in Collected Papers, CP 4.418–509. Eprint.
- Khan, Ali, "The Hermeneutics of Sexual Order". Eprint.
- Mantzavinos, C. "Naturalistic Hermeneutics", Cambridge University Press ISBN 978-0-521-84812-1
- Masson, Scott. "The Hermeneutic Circle" ISBN 978-0-7546-3503-1
- بوابة اللغة
- بوابة أدب
- بوابة فلسفة
- بوابة علم الاجتماع