دول حوض النيل
معوقات التكامل بين دول حوض النيل
النزاعات الحدودية
تتعدى هذه النزاعات حوالي 26 نزاعاً نذكر منها عشرة نزاعات فقط وهي كالآتي:
- النزاع الحدودي الإثيوبي الصومالي علي منطقة الأوجادين، والذين أدى إلى الحروب في الأعوام 1964، 1977، 1982 بين الدولتين، ورغم التوصل إلي اتفاقية عام 1988، إلا أن المشكلة مازالت تمثل تهديداً للاستقرار في المنطقة.
- النزاع بين الصومال وكينيا علي إقليم «أنفدي».[1]
- النزاع بين السودان وكينيا علي مثلث «أليمي».
- النزاع بين تنزانيا وكينيا.
- النزاع الحدودي بين السودان وكل من إثيوبيا وإريتريا.
- النزاع الحدودي بين كينيا وأوغندا.
- النزاع الحدودي بين السودان وأوغندا.
- النزاع بين الكونغو الديمقراطية وكل من أوغندا ورواندا.
- النزاع بين رواندا وبوروندي.
- النزاع الذي أثير بين مصر والسودان حول «حلايب وشلاتين»، والذي شهد توتراً بين الدولتين في الأعوام 1958، 1985، 1986، 1991، 1995، 2005 فكلما تسوء العلاقات تثار مشكلة الحدود.
مشكلة تبادل الاتهامات بين دول المنطقة
تتم مسألة تبادل الاتهامات بشكل تكراري وثابت ومنها إيواء قوي المعارضة السياسية والمنظمات المسلحة والمناوئة لنظم الحكم في الدول المجاورة، بل وتقديم الدعم السياسي، والعسكري وتشجيعها علي ممارسة أنشطة تحريض سياسي ضد الدول المجاورة ـ وقد تأخذ المسألة شكلاً آخراً من حيث تمكين بعض المنظمات الانفصالية، أو بعض الأجنحة العسكرية من شن هجمات بمساندة قوات حكومية تابعة لدول الجوار من أراضيها ضد دولة اخري وقد تأخذ شكلاً ثالثاً ويتمثل في حشد عناصر مسلحة، أو جماعات قبلية في مناطق الحدود المشتركة، وتحريكها بين الحين والآخر لخلق واقع حدودي جديد لأي من الدول علي حساب الدولة المتاخمة لها .
مشكلة التعثر الديمقراطي
نخلص من متابعة الأداء الديمقراطي خلال الفترة الأخيرة إلي أن معظم التغييرات التي حدثت في منطقة حوض النيل لم تكن نتيجة التحول الديمقراطي السلمي، بل حدثت نتيجة الإقصاء أو الاغتيال أو الوفاء ؛ وينطبق ذلك علي إزاحة الرئيس كابيندا في رواندا في يوليو عام 1973 ، ومقتل الرئيس الراحل السادات في أكتوبر عام 1981 ، وإزاحة الرئيس الجنرال تيتو أوكيللو في يناير عام 1986 علي يد موسيفينى في أوغندا، وإزاحة الرئيس البوروندي الأسبق جان باتست في سبتمبر عام 1987 وإقصاء سياد بري في الصومال في يناير عام 1991 ، ومنجستو هيلاماريام في إثيوبيا في نفس العام، وموبوتو في زائير عام 1997 ، ثم خليفته لوران كابيلا في عام 1999 ن فضلاً عن مصرع رئيس رواندا وبوروندي في حادث الطائرة الشهير عام 1994
انتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف في المنطقة
وتبدأ هذه الظاهرة بمحاولة اغتيال الرئيس مبارك في إثيوبيا في يونيو عام 1995 ، وتفجير سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في نيروبي، ودار السلام في 7 أغسطس عام 1998 في وقت واحد واحتجاز مجموعة من العاملين في الصليب الأحمر بإثيوبيا علي يد مجموعة الاتحاد الإسلامي المسلحة في 25 يونيو عام 1998 ، ثم أطلق سراحهم بعد ذلك ووقوع انفجار في فندق تجراي وسط العاصمة الإثيوبية في 11 سبتمبر 2002 ، ووقوع انفجار مماثل في نفس الفندق قبل ذلك في عام 1996 ، فضلاً عن حدوث هجمات علي طائرة إسرائيلية، وفندق باراديس الذي يملكه إسرائيليون في ميناء ممباسا الكيني في 28 نوفمبر 2002
التدخل الدولي
وتتلخص مسألة التدخل الدولي في محاولات الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لتسوية قضية جنوب السودان والقضية الصومالية، والتدخل في قضية الكونغو الديمقراطية بالاتفاق مع فرنسا، وتوارد الأنباء عن بقاء قاعدة عسكرية أمريكية في إريتريا في ميناء عصب وتتمثل أهداف إسرائيل من تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وأهمها: تحقيق الأمن القومي وتأمين الوجود والتي تمثلت في الفترة منذ قيام الدولة وحتي منتصف الستينيات إثبات الشرعية السياسية ؛ التي تنطوي علي ضمان الوجود دولياً، والاعتراف القانوني، والواقعي بها في المنطقة، والتي برزت في الفترة من منتصف الستينيات حتي مطلع السبعينيات الهيمنة الإقليمية تأكيداً للصفة الاستعمارية العنصرية للدولة الإسرائيلية، وللشعب اليهودي والإصرار علي التدخل في شئون الدول الأخرى وانتهاك سياستها وتهدف إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية إلي النفاذ الي عمق الأمن القومي المصري الجنوبي، وتوظيف دول القرن الأفريقي، ومعظمها دول حوض النيل ؛ وهي دول المنبع لحصار دول المصب، كما تهدف الاستراتيجية إلي السيطرة علي منطقة آسيا الوسطي، والمنطقة العربية، ومنطقة حوض النيل لتمكين إسرائيل ن الاندماج في المنطقة، وفرض سلامها، وتكثيف وجودها مع دول منابع النيل، وإشعال النيران في عمق مصر الاستراتيجي ( السودان ) ، وتفعيل النزاع في دارفور بل وتدويله إذا أمكن ذلك وجدير بالذكر، أن حجم التعامل التجاري بين إسرائيل والدول الأفريقية يصل إلي أكثر من مليار دولار، كما أنها تهيمن علي 58% من الخطوط الملاحية الأفريقية وهناك تحرك إسرائيلي في منطقة حوض النيل سواء في مجال المساعدات الفنية، أو تدريب الأفارقة في مجال البحوث الزراعية، أو الأنشطة العمالية كما ان لإسرائيل علاقات مع 9 دول من دول الحوض ما عدا السودان وهناك تصاعد في النشاط التجاري، والاستعماري والإعلامي لإسرائيل مع دول الحوض ومحاولاتها ترسيخ العلاقات مع الجاليات اليهودية ؛ فقد تم تهجير أعداد كبيرة من يهود " الفلاشا " من إثيوبيا في الثمانينات والتسعينات فضلاً عن يهود كينيا ولا يخفف علي أحد الضلوع الإسرائيلي في إقامة مشروعات إثيوبية حول منابع نهر النيل في مجالات زراعية وكهربائية، علي أن يتم تمويلها بالقروض، والمساعدات من الدول المانحة والبنك الدولي كما قامت إسرائيل بعمل الدراسات التفصيلية حول التربة الإثيوبية لإقامة مشروعان لبناء سدود صغيرة بهدف زيادة نسبة استخدام إثيوبيا لمياه الأمطار التي تغذي مياه نهر النيل ؛ وذلك لأن الهضبة الإثيوبية لا يمكن جغرافياً إقامة سد كبير عليها ؛ ومن هذه المشروعات : مشروع ري أومو، ومشروع أوسو باتجاه النيل الأزرق، ومشروع سد فنشا، ومشروع الليبرو علي نهر السوباط، ومشروع موز القاش علي الحدود مع السودان كما وافقت إسرائيل خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لإسرائيل في مايو عام 1993 علي إقامة معهد عال للبحوث الزراعية بهدف تطوير التنمية الزراعية الإثيوبية، ويقدر أن تؤثر تلك المشروعات علي حصة مصر بمقدار 7 مليارات م 3 أو ما يعادل 20% من الإيراد الكلي لمصر من نهر النيل لكن مصر دائماً ما تعلن بصفة دائمة بأنها ملتزمة باتفاقها مع السودان عام 1959 ، ولا توافق علي إقامة أية مشروعات من شأنها المساس بحصتها ن المياه هذا الي جانب سعيها المستمر للتنسيق والتشاور مع دول الحوض وخاصة إثيوبيا سواء علي المستوي الثنائي، أو الجامعي، والحرص الدائم علي التعاون لتحقيق المصالح المشتركة بين مصر وتلك الدول ولا يخفي علي أحد الدور الإسرائيلي لإقامة علاقة مع إريتريا سواء لتدريب الجيش الإريتري أو حصول إسرائيل علي تسهيلات بحرية وجوية وإنشاء مطار عسكري علي ساحل البحر الأحمر في مناطق جزر مور وفاطمة ودهلك فضلاً عن الدور الذي تقوم به أجهزة المخابرات الإسرائيلية ( الموساد ) في زعزعة الاستقرار في الكونغو الديمقراطية، ـ والسودان والصومال وعلي الجانب الآخر، فإن إسرائيل تعاني من نقص في الموارد المائية يصل إلي 56% من نسبة احتياجاتها، وهي تسعي لتعويض هذا النقص من بدائل عديدة منها محاولاتها الحصول علي مياه النيل وتسعي الولايات المتحدة الأمريكية لتأمين إسرائيل مائياً عن طريق خلق بؤر التوتر في المنطقة، لا سيما وأن هناك بعض التصريحات غير المسئولية لبعض المسئولين من دول حوض النيل عن إمكانية بيع المياه لإسرائيل سبقت الإشارة إلي تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا إلي إسرائيل ومن الطبيعي ان يكون لهم جذور باقية، وتحاول إسرائيل استثمار هذا الموضوع للضغط علي إثيوبيا لبحث مشكلات هؤلاء اليهود بعد هجرتهم الي إسرائيل، وحاجتهم للمياه كمصدر اساسي للحياة والتنمية وقد اشارت عدة تقارير الي ان إسرائيل كانت تقوم بإمداد كل من إثيوبيا وإريتريا بالسلاح لأن التوتر الدائم في هذه المنطقة يصب لصالح إسرائيل
تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
تعاني دول حوض النيل كغيرها من الدول الأفريقية الأخرى من استخدام الطرق البدائية في الزراعة، ونقص الموارد المالية للتنمية، وعدم كفاءة الدراسة التكنولوجية وتخلف الصناعة، أما إنتاج المعادن فتسيطر عليه الشركات الأمريكية، أو الأوروبية، كما أن معدل التبادل التجاري من غير صالح تلك الدول ؛ حيث تعتمد علي الموارد الخام، أو المحاصيل الزراعية التي تباع بأبخس الأثمان، بينما تتزايد أسعار المواد المصنعة التي تستوردها من تلك الدول ومن حين اتجهت تلك الدول إلي المؤسسات المالية الدولية ؛ مثل صندوق النقد الدولي، أو البنك الدولي فرضت عليهم شروطاً قاسية منها ضرورة القضاء علي عجز الموازنة وترشيد الإنفاق والإصلاح الضريبي وتصحيح هيكل الأسعار، وتثبت اسعار السوق، والتحكم في ظاهرة التضخم في الوقت الذي تلهث فيه تلك الدول لإشباع الحاجات الملحة من الطعام ومياه الشرب والملبس والمسكن والحصول علي التعليم والرعاية الصحية الأساسية إلي جانب مشاكل النقل والمواصلات والديون ومشاكل الأمية ومشكلة اللاجئين وانتشار الأمراض المتوطنة، والمشاكل السكانية والبطاقة وارتباط اقتصاديات تلك الدول بالاقتصاد الأوروبي والآثار السلبية للعولمة
الممارسات الاستعمارية
لاشك في ان الممارسات الاستعمارية قد عمدت الي تزكية حالة من التناقض المفتعل بين الشمال الأفريقي بهويته العربية والإسلامية والجنوب الأفريقي بهويته الزنجية وأحياناً المسيحية والتي انسحبت تبعاته إلي توتر العلاقات بين دول حوض النيل كما أن تقسمات الحدود التي وضعها المستعمر لم تأخذ في الحسبان أوضاع القبائل التي تم تقسيمها بين دولتين أو أكثر ؛ مثل شعب " الماساي" المقسم بين كينيا وتتزانيا، وقبائل " الباكونجو بين زائير " الكونغو الديمقراطية "، والكونغو برازافيل، وقبائل " الأزاندي بين السودان وزائير، وشعب الصومال الذي يمتد بين إثيوبيا وكينيا وقبائل " الأنواك" بين السودان وإثيوبيا و" الانشولي " بين أوغندا والسودان وشعب "الالورين "بين الكونغو وأوغندا. وهذه التقسيمات أدت بدورها إلي الصراع بين القبائل بسبب الخلاف علي زعامة القبيلة أو الخلاف علي ملكية الأراضي أو المراعي أو مناطق الصيد أو الصراع علي النفوذ السياسي أو الاجتماعي ؛ كما فرض المستعمر لغته، وأحكم السيطرة علي المؤسسات التعليمية عن طريق الإرساليات التبشيرية، ففي جنوب السودان على سبيل المثال تم نشر اللغة الإنجليزية وميز بين الشمال والجنوب ولعبت الإرساليات دوراً في التفرقة بين الشمال المسلم والجنوب الأفريقي
مشكلة اللاجئين
تعرضت دول حوض النيل إلي كثير من الصراعات المسلحة والحروب الأهلية أو الانقلابات العسكرية التي أدت الي تخريب البنية الأساسية والمنشآت العامة، كما كان لها آثاراً سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وبيئية ضارة وقد أدت تلك الحروب والصراعات الي بروز مشكلة اللاجئين التي تعد من أعتي المشاكل التي تواجه هذه المنطقة، وقد يكون اللاجئون سبباً في إحداث تلك الحروب إضافة إلي إنهم قد يشكلون عبئاً علي الدولة المضيفة لهم، وقد يتم استخدامهم لمؤازرة النظام الحاكم ؛ ومن امثلة ذلك اتهام اللاجئين من رواندا إلي أوغندا بأنهم كانوا يستخدمون كأدوات بطش للمعارضة الأوغندية أيام حكم عيدي أمين، وحين انهار النظام اتجه أوبوتي إلي مطاردتهم، فارتموا في أحضان موسيفيني الذي قدم لهم العون فشكلوا الحركة الوطنية في رواندا بعون أوغندي ومن أمثلة ذلك أيضاً توطين سياد بري للأوجادين في شمال الصومال، وقام بتسليحهم ليقهروا قبائل إسحاق فزاد الصراع الذي أسفر عن نهاية الدولة ومن جهة اخري قد يترتب علي الحروب نزوح اللاجئين الي الدول المجاورة ؛ فمع تصاعد الحرب الأهلية في السودان نزح ما يقرب من مليون نسمة، ورحل 170 ألف لاجئ الي الدول المجاورة مثل نزوح اللاجئين بين السودان وإثيوبيا، وأوغندا، وإريتريا، ورواندا، وبورندي والصومال وهو الأمر الذي يؤدي إلي موجات متتابعة من اللجوء الجماعي في اتجاهات متعاكسة، ومتبادلة في كثير من الأحيان
هناك بعض التوجهات التي يمكن لدول الحوض الاسترشاد بها وهي كما يلي
اولا: الاعتراف المتبادل والصادق بتثبيت الحدود السياسية للدول القائمة، وعدم العبث بها، ومحاولة تغييرها حسبما تقضي بذلك قرارات منظمة الوحدة الأفريقية ثم الاتحاد الأفريقي فيما بعد
ثانيا: عدم الاعتراف بانفصال الأقاليم المتمردة ؛ لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلي تفتيت دول المنطقة، وإدخالها في دوامة لا تنتهي من النزاعات والحروب
ثالثا: الالتزام بالنهج الديمقراطي لحل المشكلات الداخلية في كل دولة، واحترام حقوق الإنسان، ومظاهر التعددية الإثنية، والثقافية، والدينية واللغوية السائدة في المنطقة
رابعا: تعزيز سبل التعاون الإقليمي من خلال المنظمات القائمة مثل الكوميسا في الشرق والجنوب، والإيكواس في الغرب، والسادك في الجنوب، والعمل علي حل المشكلات الاقتصادية والسياسية لدول المنطقة عن طريق برامج التنمية
خامسا: الاتفاق والتشاور المستمر فيما بين دول الحوض حول تنظيم الاستفادة القصوى من مياه نهر النيل، وتغليب لغة التعاون علي لغة الصراع
سادسا: خلق إطار للحوار والتفاهم بين مجموعة الدول العربية والأفريقية، وإيجاد صيغة جديدة للحوار والتعاون بين جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي من جهة، وبين التجمعات الاقتصادية الإقليمية القائمة، ومؤسسات الحوار العربي الأفريقي، ومؤسسات الحوار العربي الأفريقي، والدول العربية المانحة للمساعدات من جهة أخرى وكذلك العمل علي تجنيب المنطقة ويلات التدخلات الخارجية ما أمكن ذلك واخيراً فإنه في ظل التوسع البشري، والاقتصادي والعمراني والبدء في إقامة المشروعات المصرية مثل مشروع توشكي، ومشروع تعمير سيناء، وشرق العوينات والوادي الجديد فإن مصر سوف تحتاج إلي قدر من المياه أكثر من حصتها التي تقدر ب55,5 مليار م 3، والتي تحصل عليها بموجب اتفاقية 1959 مع السودان، فإن مصر تحتاج إلي 140 مليار م 3 في غضون عام 2030 ، وهذا يقتضي العمل علي زيادة حصة المياه لمواجهة المشروعات الاقتصادية السابق الإشارة إليها، أو أية مشروعات مستقبلية أخرى
مراجع
- د.عبد المجيد عمارة «التكامل الاقتصادي والسياسي بين دول حوض النيل: الواقع والمأمول». آفاق أفريقية (العدد التاسع والعشرون: 2009)