حق الملكية
يُصنف حق الملكية كحق إنساني للأشخاص الطبيعيين فيما يتعلق بممتلكاتهم. ونادراً ما يعترف عموماً بالحق في الملكية الخاصة، وهو عادة ما يكون مقيدا إلى حد كبير من حيث امتلاك الممتلكات للأشخاص الاعتباريين (أي الشركات) وحيث يستخدم للإنتاج بدلا من الاستهلاك.[1]
والحق في الملكية معترف به في المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكنه غير معترف به في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[2] وتعترف الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في المادة 1 من البروتوكول الأول، بحق الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في "التمتع السلمي بممتلكاته"، رهناً بالمصلحة العامة أو ضمان دفع الضرائب.
التعريف
يعد حق الملكية من أكثر الحقوق الإنسانية إثارةً للجدل من ناحية الوجود والتطبيق. يُعنى بالجدل القائم حول حق الملكية عدم إدراجه ضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يتركز الجدل حول أحقية من يحظى بحماية حقوق الملكية (البشر والشركات على سبيل المثال) ونوع الملكية التي المراد حمايتها (الملكية المستخدمة لغرض الاستهلاك أو الإنتاج) والأسباب التي تسمح بتقييد الملكية (على سبيل المثال، بسبب التشريعات أو الضرائب أو التأميم أو بغرض المصلحة العامة).[3] في جميع صكوك حقوق الإنسان، توجد هناك قيود ضمنية أو علنية تتعلق بالممتلكات المحمية. تصون المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حق الملكية كالتالي:
«1) لكل شخص الحق في التملك سواء وحده أو مع آخرين. 2) لا يجوز حرمان أحد من ملكيته تعسفًا».
يتضمن قانون الملكية المعروف حاليًا إما من ملكية مملوكة فعلًا أو مُحاز عليها، أو من ممتلكات مكتسبة أو سيمتلكها شخص ما بوسائل قانونية. على النقيض من ذلك، تتبنى بعض المقترحات حقًا عالميًا للملكية الخاصة، بمعنى يُحِق لكل شخص أن يحصل فعليًا على قدر معين من الممتلكات، بالاستناد إلى حق المطالبة بموارد الأرض الطبيعية أو نظريات أخرى للعدالة.[4]
أفريقيا
يضمن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب حق التملك بشكل صريح في المادة 14،[5] إذ يقول:
«يجب ضمان حق الملكية. ولا يجب تجاوزه إلا في إطار ما يصب بالمصلحة العامة أو بما فيه خير على المجتمع وفق القوانين المناسبة».
أغنت المادة 13 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب حقوق الملكية، إذ أُكد على حق كل مواطن بالمشاركة الحرة في حكم بلده، والمساواة في حق استخدام الخدمات العامة وتأكيد الحق في استخدام الملكية والخدمات العامة من قبل جميع الأشخاص بالتساوي أمام القانون. تنظر المادة 12 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب إلى حق جميع البشر بإنفاق ثروتهم ومواردهم الطبيعية وأنه يجب ممارسة هذا الحق ضمن إطار المصلحة الشخصية لهم، ولا يجب حرمانهم من هذا الحق. كما يرد في المادة 12 «من حق الناس استرداد ممتلكاتهم والحصول على تعويض في حال تعرضها للسلب والنهب».[6]
الأمريكتان
خلال وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ناقشت بلدان أخرى من الأمريكتين بمحدودية حماية الملكية الخاصة بما يكفي للعيش والاستمرار. لاقى هذا الاقتراح معارضة، إلا أنه أُكّد في الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان، والذي نوقش وطُبق في نفس الوقت قبل سنة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.[7] تنص المادة 23 من الإعلان على:
«يمتلك كل فرد الحرية في امتلاك ملكية خاصة بما يتماشى مع الاحتياجات الأساسية للعيش الكريم وما يساعد في الحفاظ على كرامة الفرد والمنزل».
كثيرًا ما تأثر تعريف حق الملكية بالمفهوم الغربي حوله، إلا أنه وبسبب اختلاف حق الملكية بين مختلف الأنظمة القانونية، لم يمكن تحديد معايير عالمية تخص حق الملكية. تنظر صكوك حقوق الإنسان في كل من أوروبا وأفريقيا والأمريكتين إلى حق حماية الملكية بدرجات مختلفة.[8] تعترف الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان بحق حماية الملكية بما فيه الحق في الحصول على تعويض عادل. كما تحظر الإنفاقية الربا وغيرها من أشكال الاستغلال، وهو ما يميزه بين بقية صكوك حقوق الإنسان. تنص المادة رقم 12 على التالي:
«1) يمتلك الجميع حق الاستخدام والتمتع بملكيته. قد يُخضع القانون مثل هذا الاستخدام والتمتع بما يخدم مصلحة المجتمع.
2) لا يجوز أن يُسلب أحد من ملكيته إلا بدفع تعويض عادل مقابله لأسباب الاستخدام العام أو مصلحة المجتمع وفي بعض الحالات التي يحددها القانون.
3) يمنع القانون السلب أو أي أشكال أخرى من نهب شخص لآخر».
أوروبا
بعد فشل محاولات إدخال حق حماية الملكية ضمن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أكّدت الدول الأوروبية على الحق في حماية الملكية ضمن المادة 1 من البروتوكول الأول للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بوصفه «حقًا في التمتع السلمي بالممتلكات»،[9] إذ يُعرف حق حماية الملكية كالتالي:
«1) يحق لكل إنسان طبيعي أو قانوني التمتع السلمي بممتلكاته. لا يجب أن يُسلب أحد من ملكيته إلا بما يخدم المصلحة العامة وبما يخضع للشروط التي تقدمها المبادئ العامة للقانون الدولي. 2) لا تُعنى أي من الأحكام السابقة بأي شكل بإضعاف حق الدولة في تنفيذ القوانين الضرورية للسيطرة على استخدام الممتلكات بما يخدم المصلحة العامة أو لتأمين دفع الضرائب أو مساهمات أخرى أو العقوبات».
وبذلك، ينص القانون الأوروبي لحقوق الإنسان على الحق في التمتع السلمي بالملكية، ويُخضع التجريد من الممتلكات إلى شروط محددة، ويرى إمكانية موازنة الدول بين حق التمتع السلمي بالملكية فوق المصلحة العامة. ترجمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مفهوم «الممتلكات» ليتضمن أكثر من مجرد الملكية الملموسة، بل ليشمل المصالح الاقتصادية والعقود والاتفاقيات ذات القيمة الاقتصادية ومطالبات التعويض أمام الحكومة والمطالب المتعلقة بالقانون العام مثل الرواتب التقاعدية. تُقرّ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن حق الملكية ليس مطلقًا، وأن الحكومات تمتلك درجة واسعة من حرية التصرف للحد من الحقوق. على هذا النحو، يُعتبر حق الملكية الأكثر مرونة بين بقية حقوق الإنسان الأخرى. أوضحت قضية هانديسايد ضد المملكة المتحدة» مدى حرية تصرف الحكومة، وهي قضية نظرت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 1976.[10] تتضمن القضايا الملحوظة التي وجدت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خرقًا في حق الملكية قضية «سبورونج ولونروث ضد السويد»، التي نُظر إليها عام 1982، حيث أبقى القانون السويدي الممتلكات تحت خطر مصادرة الملكية مدة طويلة من الزمن. مُنح أعلى تعويض اقتصادي بعد صدور حكم من محكمة ستراسبورغ في هذا الشأن بمبلغ قدره 13 مليون يورو فيما يخص قضية «بيلير ضد إيطاليا».[11]
الاتفاقيات الدولية
عرف حق الملكية أيضًا ضمن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وقد نصت في مادتها الخامسة على حق الجميع في المساواة أمام القانون دون التمييز على أساس العرق أو اللون أو الأصل العرقي أو القومي، بما يتضمن الحق لكل شخص في التملك سواء وحده أو مع آخرين، إضافةً إلى حق التوريث. عرف حق الملكية أيضًا ضمن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في مادتها رقم 16، التي تنص على تساوي الحقوق بين كلا الزوجين في ملكية الممتلكات وحيازتها وإدارتها والتمتع والتصرف بها، والمادة رقم 15 والتي تنص على حق المرأة في إبرام العقود.
أُكد على حق الملكية في الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. لا تقدم هذه الصكوك الدولية لحقوق الإنسان حقًا منفصلًا للملكية، إلا أنها تحظر التمييز فيما يتعلق بحقوق الملكية إذ إنها تضمن هذه الحقوق.[12]
المراجع
- See generally AA Berle, 'Property, Production and Revolution' (1965) 65 Columbia Law Review 1 نسخة محفوظة 10 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Doebbler, Curtis (2006). Introduction to International Human Rights Law. CD Publishing. صفحات 141–142. ISBN 978-0-9743570-2-7. مؤرشف من الأصل في 6 يوليو 2014. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Doebbler, Curtis (2006). Introduction to International Human Rights Law. CD Publishing. صفحات 141–142. ISBN 978-0-9743570-2-7. مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Stilman, Gabriel. "La Biblia, Laudato Si y el derecho universal a la propiedad privada". El Dial – Biblioteca Jurídica online. مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 02 فبراير 2016. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Alfredsson, Gudmundur; Eide, Asbjorn (1999). The Universal Declaration of Human Rights: a common standard of achievement. Martinus Nijhoff Publishers. صفحة 372. ISBN 978-90-411-1168-5. مؤرشف من الأصل في 25 أبريل 2016. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - "African Charter on Human and Peoples' Rights". Organisation of African Unity. صفحات Article 13 and 21. مؤرشف من الأصل في 4 أكتوبر 2015. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Alfredsson, Gudmundur; Eide, Asbjorn (1999). The Universal Declaration of Human Rights: a common standard of achievement. Martinus Nijhoff Publishers. صفحة 370. ISBN 978-90-411-1168-5. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Alfredsson, Gudmundur; Eide, Asbjorn (1999). The Universal Declaration of Human Rights: a common standard of achievement. Martinus Nijhoff Publishers. صفحة 364. ISBN 978-90-411-1168-5. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Alfredsson, Gudmundur; Eide, Asbjorn (1999). The Universal Declaration of Human Rights: a common standard of achievement. Martinus Nijhoff Publishers. صفحة 366. ISBN 978-90-411-1168-5. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Alfredsson, Gudmundur; Eide, Asbjorn (1999). The Universal Declaration of Human Rights: a common standard of achievement. Martinus Nijhoff Publishers. صفحة 367. ISBN 978-90-411-1168-5. مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - The handling of the affair by the Italian authorities has never been the most mirrored, although it is clear that, in the case Beyeler, the right and wrong was not all on one side: Buonomo, Giampiero (2002). "Il contribuente paga il conto dell'adeguamento ai principi di legalità e buona amministrazione". Diritto&Giustizia edizione online. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) – via Questia (التسجيل مطلوب) - Alfredsson, Gudmundur; Eide, Asbjorn (1999). The Universal Declaration of Human Rights: a common standard of achievement. Martinus Nijhoff Publishers. صفحة 373. ISBN 978-90-411-1168-5. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة)
- بوابة رأسمالية
- بوابة الاقتصاد
- بوابة القانون
- بوابة حقوق الإنسان
- بوابة ليبرالية