حساب كمومي

الحساب الكمومي[1] (بالإنجليزية: Quantum computing)‏ هو أي وسيلة تعتمد على مبادئ ميكانيكا الكم وظواهره، مثل حالة التراكب الكمي والتشابك الكمي، للقيام بمعالجة البيانات. في الحواسيب التقليدية، تكون كمية البيانات مقاسة بالبت : أما في الحاسوب الكمي فتقاس كمية البيانات بالكيوبت qubit (اختصارا ل Quantum bits). المبدأ الأساسي للحوسبة الكمية هي القدرة على الاستفادة من الخواص الكمية للجسيمات لتمثيل البيانات ومعالجتها، إضافة لاستخدام قواعد ميكانيكا الكم لبناء وتنفيذ التعليمات والعمليات على هذه البيانات.[2]

كرة بلوخ هي أحد تمثيلات الكيوبت، الوحدة الأساسية للحوسبة الكمومية.

التاريخ

منذ ظهور أول حاسوب(ميكانيكي) في العام 1941 حدثت العديد من الاكتشافات والاختراعات الفيزيائية التي غيرت وجه عالم الحواسيب وصنعت منها الأجهزة الحديثة والمتطورة التي نراها اليوم.أهم هذه الاختراعات والاكتشافات الفيزيائية هي: الأنابيب المفرغة، الترانزستورات والدوائر المتكاملة.

تطورت الحواسيب في اتجاهات مختلفة فهي الآن صغيرة الحجم، خفيفة الوزن، جميلة المظهر، وفوق ذلك ذات إمكانيات متطورة وكفاءة عالية بالمقارنة مع الحواسيب القديمة كالذي يظهر في الشكل 1.1 والتي كانت ذات أحجام كبيرة (في حجم غرفة تقريباً) واستخدمت تكنولوجيا الأنابيب المفرغة الإلكترونية مما اكسبها كفاءة متدنية جدا بالمقارنة مع أي حاسوب شخصي في أيامنا هذه.

حاليا تجرى الأبحاث على كلا الجانبين : البرمجيات والمكونات الصلبة للحواسيب. فحتى هذه اللحظة ما زال علينا حمل حواسيب محمولة تزن عدة كيلوغرامات، استخدام لوحة المفاتيح، إعادة تكرار الأوامر والإجابة على أسئلة بسيطة يطرحها الحاسوب. (الشكل 1.2 يظهر حاسوباً تقليدياً من النوع المعروف باسم الحاسبات الشخصية. ولكن معضلات أخرى ما زالت موجودة. مثلاً البنوك، كبرى الشركات، وحتى الحكومات دائماً في حالة قلق من اختراق بياناتها المحوسبة وكسر سريتها، مما يكلفها أمولا طائلة للتشديد من سرية المعلومات، ولكن قراصنة الحاسوب أيضا يتطورون يوما عن يوم. تحليل الأرقام الكبيرة إلى عواملها الأولية[3] يمثل تحدياً آخر لعلماء الرياضيات. فمثلاً لتحليل رقم يتكون من 230 رقماً ستتطلب هذه العملية وقتاً يقاس بملايين السنين عن طريق أحدث الحواسيب الكلاسيكية. حواسيب الكم ربما تمثل حلاً لمثل هذه المعضلات. أو بمعنى آخر نستطيع القول أن حواسيب الكم أعلى كفاءة من الحواسيب الكلاسيكية. إذن؛ ما هي حواسيب الكم؟ كيف تختلف عن الحواسيب الكلاسيكية؟ وما المتوقع منها بالضبط؟.

في العام 1994 اعلن عالم الرياضيات بيتر شور عن اكتشافه لخوارزمية بسيطة لتحليل الأرقام إلى مكوناتها الأولية [4] بواسطة آلة حاسوبية تقوم على أسس فيزياء الكم. ومنذ ذلك الوقت مانفكت الأبحاث محاولةً تحقيق هذه الآلة (حاسوب الكم). لذا لابد أن يتكون الحاسوب الكمي من مكونات إلكترونية صغيرة جداً تماثل الذرات المنفردة حجماً. وبالتالي ستخضع هذه المكونات ذات الأحجام الصغيرة جدا لقوانين ميكانيكا الكم موفيةً بذلك الشرط اللازم لعمليات الحاسوب الكمي. ولهذا السبب يعتبر الحاسوب الكمي جزءاً من تكنولوجيا النانو الحديثة والتي تتعامل مع الأنظمة التي تحتوي علي مكونات نانوية الأبعاد (أجهزة ذات حجم ~ 1 نانو متر =10–9 متر).

بينما وحدة المعلومات في الحواسيب الكلاسيكية هي البت، تعتبر البت الكمية هي الوحدة النظيرة من المعلومات في الكمبيوتر الكمي. بت واحدة تعادل احدي حالتين 0 او1 واللذان يمثلان النظام الثنائي الذي تتعامل معه الحواسيب الكلاسيكية. بينما البت الكمية تستطيع أن تمثل بالإضافة إلى هاتان الحالتان حالة التراكب الكمي المكونة منهما معا، وبالتالي فان زوجاً من البت الكمية بستطيع أن يمثل أي تراكب كمي من الحالات الأربعة : I0,0>, I0,1>, I1,0> or I1,1> حيث نستخدم طريقة ديراك لتمثيل الحالة الكمية.[5] بالعموم فان الحاسوب الكمي المكون من n بت كمية يمكن أن يكون أي تراكب اعتباطياً من 2n حالة مختلفة متواجدين آنيا، بينما في الحواسيب العادية n عدد من البتات يعني n حالة محددة ولا توجد أي حالات متزامنة آنياً. وهذا يعكس القوة الحوسبية الكبيرة التي تقدمها الحواسيب الكمية بالمقارنة مع الحواسيب الكلاسيكية.

الحواسيب الكمية ما زالت تحت البحث وما زال الجدل قائماً حول ما إذا كان إيجاد مثل هذه الحواسيب علي أرض الواقع في المستقبل ممكناً أو لا.وعلي كل حال فإن العمل علي الحواسيب الكمية يستطيع إثراء فيزياء الكم الأساسية وفي الوقت نفسه يستطيع إثراء الأبحاث علي مستوي القياس النانوي. في وقت قريب تم بناء حاسوب كمي صغير يتكون من سبعة بتات كمية مثلت بواسطة سبعة مغازل نووية (nuclear spins) خمسة منها من نويات الفلور واثنان من نويات الكربون -13 (انظر الشكل1.3) في معامل آي بي إم وستانفورد.[6]

بشكل مماثل لقضيب مغنطيسي يشير إلى الشمال أو الجنوب يستطيع كل مغزل أن يمثل الأرقام الثنائية "0" أو "1" أو كلاهما معاً (انظر إلى الأسهم السوداء في الشكل 1.3). ويمكن التحكم في ذلك عن طريق مجالات مغنطيسية وموجات الراديو(تقنية الرنين المغنطيسي النووي). بواسطة حاسوب السبع بتات الكمية هذا أمكن الاستفادة من ميزة الحوسبة الكمية الفريدة -ألا وهي قابلية التراكب- لقياس الأعداد الأولية المكونة للرقم 15 ألا وهي 3و 5. ولكن تحليل الأعداد الكبيرة إلى عواملها الأولية يتطلب حاسوباً ذو عدد أكبر من البتات الكمية، ويبقى هذا تحدياً لبناء حاسوب كمي حقيقى كبير.

آلة تورنغ

آلة تورنغ والتي وضعها آلان تورنغ في ثلاثينيات القرن العشرين، هي آلة نظرية تتألف من شريط لانهائي الطول مُقسم إلى مربّعات صغيرة، كل من هذه المربّعات يَحمل الرمز 1 أو 0 أو يبقى فارغاً. يقوم جهاز (قراءة/كتابة) بقراءة هذه الرموز والفراغات وهذا ما يعطي الآلة التعليمات لتقوم بعملٍ ما. الآن في آلة تورنغ الكمومية الفرق أنّ الشريط ورأس (القراءة/كتابة) يوجد في حالةٍ كمومية وهذا يعني أنّ الرموز على الشريط يمكن أن تكون 0 أو 1 أو حالة مُختلطة من 0 والـ 1. بعبارة أخرى الرموز تكون 1 و0 (وكل النقط بينهما) في نفس الوقت. فبينما تقوم آلة تورنغ العادية بتنفيذ عملية واحدة في وقت واحد، تقوم آلة تورنغ الكمومية بتنفيذ العديد من العمليات في نفس الوقت. تعمل حواسيب اليوم –كآلة تورنغ- بمعالجة البيتات الموجودة في حالتين 0 أو 1. الحواسيب الكمومية ليست مُقيّدة بحالتين فهي تُرمز المعلومات على شكل بيتات كمومية أو اختصاراً (qubits) والتي يمكن أن توجد في الحالة المختلطة. يمكن تمثّيل البتات الكمومية عبر: ذرّات، أيونات، فوتونات أو إلكترونات والأجهزة التي تتحكّم بها والتي تعمل معاً فتصبح ذاكرة أو معالج. لأنّ الحواسيب الكمومية تحوي هذه الحالات المُتعددة وبنفس الوقت، فهي تملك القدرة على أن تكون أقوى بملايين المرات من الحواسيب الفائقة الموجودة اليوم.

التحكم بالحواسيب الكمومية

يتحكم علماء الحواسيب بالأجزاء المجهرية التي تتصرف كبتات كمومية في الحواسيب الكمومية مستخدمين أجهزة تحكم

  • لاقط الأيونات: يستخدم حقل ضوئي أو مغناطيسي (أو مزيج من الاثنين) لالتقاط الأيونات.
  • اللاقطات الضوئية: تستخدم الأمواج الضوئية لتتحكم بالجزيئات.
  • النقط الكمومية: تصنع من مواد نصف ناقلة وتستخدم لتحوي الإلكترونات وتتلاعب بها.
  • أنصاف نواقل مشوبة: تحوي الإلكترونات باستخدامها ذرات “غير مطلوبة” موجودة في المواد نصف الناقلة.
  • دارات فائقة النقل: تسمح للإلكترونات أن تتدفق من دون أي مقاومة تقريبًا وعند درجات حرارة منخفضة.

انظر أيضا

مراجع

  1. "Al-Qamoos القاموس | English Arabic dictionary / قاموس إنجليزي عربي". web.archive.org. 2019-06-02. مؤرشف من الأصل في 4 مايو 2020. اطلع عليه بتاريخ 02 يونيو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. "Quantum Computing with Molecules" article in ساينتفك أمريكان by Neil Gershenfeld and Isaac L. Chuang - a generally accessible overview of quantum computing and so on. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 3 سبتمبر 2009. اطلع عليه بتاريخ 21 مايو 2007. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Andrew Steane, Quantum Computing, arXiv:quant-ph/9708022v2, 24 Sep 1997, page 18.
  4. Peter W. Shor, Algorithms for Quantum Computation: Discrete Logarithms and Factoring, 0272-5428/94 $04.00 0 1994 IEEE, page 124 – 134
  5. Dirac P A M, The Principles of Quantum Mechanics, Oxford, Clarendon Press, (1947)
  6. Lieven M.K. Vandersypen et al, Experimental realization of Shor’s quantum factoring algorithm using nuclear magnetic resonance, arXiv:quant-ph/0112176v1 30 Dec 2001
    • بوابة تقنية المعلومات
    • بوابة تعمية
    • بوابة الفيزياء
    • بوابة رياضيات
    • بوابة تقنية النانو
    • بوابة عقد 1980
    • بوابة علم الحاسوب
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.