جاك دريدا

جاك دريدا (بالفرنسية: Jacques Derrida)‏ (1930 - 2004)، هو فيلسوف وناقد أدب فرنسي ولد في مدينة الأبيار بالجزائر يوم 15 يوليو 1930 - وتوفي في باريس يوم 9 أكتوبر 2004.بمرض السرطان.

جاك دريدا
(بالفرنسية: Jacques Derrida)‏ 
 

معلومات شخصية
اسم الولادة (بالفرنسية: Jacques Derrida)‏ 
الميلاد 15 يوليو 1930 [1][2][3][4][5][6][7] 
بلدية الأبيار [8] 
الوفاة 9 أكتوبر 2004 (74 سنة) [9] 
الدائرة الخامسة في باريس [9] 
سبب الوفاة سرطان البنكرياس  
مكان الدفن ريس أورنجيس  
مواطنة فرنسا [10] 
عضو في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم  
الحياة العملية
المدرسة الأم مدرسة الأساتذة العليا
جامعة هارفارد
جامعة باريس 1 - بانتيون سوربون (التخصص:إنسانيات ) (الشهادة:دكتوراه ) (–1980)[11]
كلية الفنون في باريس 
مدرسة لويس الكبير الثانوية  
تعلم لدى ميشال فوكو ،  ولوي ألتوسير  
التلامذة المشهورون برنار هنري ليفي  
المهنة فيلسوف ،  وناقد أدبي ،  وأستاذ جامعي ،  وكاتب  
اللغات الفرنسية [12] 
مجال العمل فلسفة  
موظف في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية [13]،  ومدرسة الدراسات العليا الأوروبية  ،  وجامعة كاليفورنيا، إرفاين  
تأثر بـ مارتن هايدغر ،  وأفلاطون ،  وجيمس جويس ،  وفريدريك نيتشه ،  وفرديناند دو سوسور ،  وإيمانويل ليفيناس ،  وسيغموند فرويد ،  وإدموند هوسرل ،  وجان جاك روسو ،  وكارل ماركس ،  وكلود ليفي ستروس ،  وجورج فيلهلم فريدريش هيغل  
التيار ما بعد البنيوية ،  وتفكيكية  
المواقع
IMDB صفحته على IMDB 

يعد دريدا أول من استخدم مفهوم التفكيك بمعناه الجديد في الفلسفة، وأول من وظفه فلسفياً بهذا الشكل وهو ما جعله من أهم الفلاسفة في القرن العشرين[14][15][16] يتمثل هدف دريدا الأساس في نقد منهج الفلسفة الأوربية التقليدية[17]، من خلال آليات التفكيك الذي قام بتطبيقها إجرائيا من أجل ذلك .

بالنسبة لدريدا فإن للتفكيك تأثيرا ايجابيا من أجل الفهم الحقيقي لمكانة الإنسان في العالم فقد أزاحه عن موقعه المركزي بعيدا، كان دريدا بأفكاره الفلسفية مختلفا تمام الاختلاف ومغايرا للسائد الفلسفي لذا كان يتلقى دائما اتهامات في قضايا عدة فأحياناً كان يُتهم بالمبالغة في التحليل وأحياناً كان يُوصف بالظلامية والعبثية وتعمد الغموض، حاول دريدا الإجابة على أسئلة خصومه الذين كان من أشدهم وطأة عليه هابرماس .

عالج دريدا مجموعة واسعة من القضايا والمشاكل المعرفية السائدة في التقاليد الفلسفية (المعرفة، الجوهر، الوجود، الزمن) فضلا على معالجاته المستمرة حتى وفاته لمشاكل : اللغة، والأدب، وعلم الجمال، والتحليل النفسي، والدين، والسياسة والأخلاق.[18] لكنه في فتراته الأخيرة ركز على القضايا السياسية والأخلاقية .

شذرات من سيرته

في عام 1942 طُرد من المدرسة بسبب جنسيته (عندما انشأت حكومة فيشي صفاً خاصاً لليهود) وفي عام 1948 أصبح مهتماً بشكل جدّي بفلسفة روسو ونيتشيه وكامو ، وفي سن التاسعة عشر انتقل دريدا للعيش في فرنسا، حيث استطاع التسجيل في المدرسة العادية العليا، وهناك بدأ يعد لمحاضرات فوكو وتعرف عليه شخصياً كما تعرف على العديد من المفكريين الفرنسيين المشهورين في وقت لاحق ومنذ عام 1960 حتى عام 1964 كان مساعداً في جامعة السوربون، قبل أن يصبح مدرساً للفلسفة في غراندس ايغولوسGrandes Ecoles في باريس وفي عام 1966 شارك في الندولة الدولية (انقاذ اللغات والسانيات) في جامعةJohns Hopkins University(التيمورBaltimore) في الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ عام 1968 حتى 1974 درس في جامعة جونس هوبكينز(Johns Hopkins University) وجدير بالذكر أن دريدا في وقت سابق وفي هذه الجامعة أذاع بيانه الهام الذي كان إيذانا بنهاية البنيوية وولادة ما بعد البنيوية وفي عام 1974 أصبح مدرساً في جامعة بيل وقد توفي دريدا في 9 أكتوبر عام 2004 في باريس بعد اصابته بسرطان البنكرياس .

أعماله

نشر دريدا عمله الأول وكان بعنوان (بداية الهندسة) مع مقدمة خاصة في عام 1962 ، وبين الأعوام 1963 - 1967 نشر دريدا مقالات في المجلات الدورية قبل أن يتم تضمينها في أعماله (في علم الكتابة) و (الكتابة والاختلاف).

في عام 1967 انتشرت الكتب التي جعلت من دريدا شخصية مشهورة وهي كتب في علم الكتابةDe la grammatologie و الكتابة والإختلافÉcriture et différence أول كتب تم نشره وأكثر كتاب تمت قراءته.[19] كما وأكمل مقال (الصوت والظاهرة) .

كتابه في علم الكتابة كان مخصصا لتحليل اللغة الفلسفية عند روسو وآخرين، لكن محتوى الكتاب كان أضخم بكثير حيث احتوى على المبادئ التي وضعها دريدا، كان الموضوع العام للكتاب تاريخ تطور مفهوم الكتابة الذي تم تجاهله والاعلاء من أهمية الصوت .

أما كتابه الكتابة والإختلاف فقد كان عبارة عن مجموعة من المقالات المخصصة لمختلف جوانب نظرية اللغة، يستكشف هذا الكتاب أعمال ديكارت وفرويد وأرتو وغيرها. ويوفر تعريفات لمفاهيم هامة لدريدا كالبنية والاختلاف والعقار وغيرها. كان مقال "كوجيتو ومشكلة الجنون" بداية مناقشة دريدا وفوكو حول دور الجنون في تطوير العقلانية الغربية. لابد من الإشارة إلى أن الأديب العراقي المغترب كاظم جهاد يعد أول من قام بجهد مثمر في ترجمة التراث الدريدي إلى اللغة العربية فضلا على براعته في نقل عدد من المصطلحات الدريدية إلى العربية بطريقة غير مسبوقة كما في ترجمته لمصطلح الاختلاف فقد وضع حرف التاء في هذه المفردة بين قوسين لتؤدي معنى الإخلاف بدون النطق به ومعنى الاختلاف مع النطق به وهو ما أراده دريدا أصلا حين سن هذا المصطلح الجديد على اللغة الفرنسية .

فلسفته

دريدا: فيلسوف اللغة

يُعد دريدا فيلسوف لغة لذا يرى أن اللغة ليست موجودة للتعبير عن الحقيقة أو للتعبير عن افكار فلسفية، لأنها أولا لا تملك أساسا علميا يجعلها مرتبطةً بالعالم الخارجي، فهي لا تخضع للقوانين المنطقية المتناقضة أساسا في طبيعتها لذا فإن اللغة ليس لديها ثبات في المعاني ويمكن أن تحتوي على نسبة كبيرة من الغموض والكلمات الدلالية والمصطلحات التي لا تؤكد جميعا، أنها وببساطة غير مستقرة أبدا فهي مجموعة دالات ليس إلا، دالات في عملية بحث مستمرة عن مدلولات لا تعثر عليها أبدا، إنها تشبه أشياء تنزلق على سطح أملس دون قرار .....الخ.[20]

لكننا مع ذلك نحن من يخلق العالم ونحن من يوجده باللغة، فاللغة هي التي تصنع أراء الأشخاص حول العالم من جهة أخرى يرى دريدا أن هناك تناقضاً واضحاً بين اللغة الأصلية القبل منطقية واللغة التي شوهها المنطق وفرض قوانينه عليها وخطأ التقليد الفلسفي الغربي منذ اليونان يقوم ضمنياً على افتراض أن هذه القوانين تصف للعالم الخارجي حقيقة، موقف الفلسفة التقليدية الغربية هذا أدى لظهور اشكاليات لا منطقية تمثلت بالثنائيات اللا معقولة كثنائيات الخير والشر والرجل الأسود والرجل الأبيض.[20]

يشير دريدا إلى نفسه بوصفه مؤرخًا.[21] طرح دريدا عددًا من التساؤلات حول افتراضات تراث الفلسفة الغربية والثقافة الغربية بصورة عامة. انصبت محاولات دريدا على دمقرطة المشهد الجامعي وتسييسه، من خلال التساؤل حول الخطابات السائدة، ومحاولة تعديلها. يُطلق دريدا على تساؤلاته بشأن الفلسفة الغربية مصطلح «التفكيك». يشير دريدا إلى التفكيك بوصفه فلسفة راديكالية تتسم بروح ماركسية.[22]

يطرح دريدا، بناءً على قراءة متعمقة في أعمال التراث الفلسفي الغربي بدايةً من أفلاطون إلى روسو وهايدغر، أن الفلسفة الغربية سمحت لنماذج مجازية بالتحكم في مفاهيمها عن اللغة والوعي، دون محاولات نقدية جادة. يرى دريدا أن هذه الافتراضات غير المعلومة جزء من «ميتافيزيقا الحضور»، التي ربطت الفلسفة نفسها بها. يطرح دريدا أن «مركزية اللوغوس» تنشئ تقابلات ثنائية «تراتبية»، لها أثر على كل شيء، بدايةً من مفهوم الحديث المنطوق وعلاقته بالكتابة، إلى فهمنا عن الاختلافات العرقية. يُعد التفكيك محاولة لعرض هذه «الميتافيزيقا» وتقويضها.

تتمحور مقاربة دريدا للنصوص بوصفها مبنية على تقابلات ثنائية يصيغها الحديث المنطوق إذا أراد أن يتسم بالمعنى. تتأثر مقاربة قراءة النصوص بهذا الشكل، على نحو عام، بعلم العلامات ورائده فرديناند دو سوسور. يُعتبر سوسور واحدًا من آباء البنيوية، التي تطرح أن المصطلحات تكتسب معناها بعلاقتها مع غيرها من المصطلحات داخل اللغة.[23]

ثمة عبارة شهيرة يتناولها دريدا وتُقتبس منه في العديد من المواضع، تظهر في مقالته عن روسو في كتابه «في علم الكتابة 1967»، تنص هذه العبارة على الآتي: «ليس ثمة خارج-السياق». يُتهم نقاد دريدا بسوء ترجمة هذه العبارة من الفرنسية والتي كتبها كالآتي (il n'y a pas de hors-texte) فاقترحوا أنه كتبها كالآتي (Il n'y a rien en dehors du texte) وتعني «لا يوجد شيء خارج النص»، وأنهم نشروا هذه الترجمة لإظهار أن دريدا يقترح عدم وجود أي شيء إلا الكلمات. شرح دريدا مقولته ذات مرة قائلًا إنها «أصبحت نوعًا من الشعارات، بترجمة رديئة عن التفكيك [...] وتعني: ليس ثمة خارج-السياق. بهذا الشكل، ستكون الصيغة أقل فزعًا بالتأكيد.[24]

المفاهيم الأساسية

كان كتاب دريدا في علم الكتابة الذي نُشر في عام 1967 نقدا عنيفا للفلسفة الأوربية، وفي هذا الكتاب استخدم دريدا مفاهيم مثل : التواجد أو الوجود، ميتافيزيقيا الحضور، الاختلاف، المغايرة، التجديد، الخ.

الوجود يمثل المفهوم الأساسي في الفلسفة الغربية[17]، يعني دائما اكتمال الهوية، الهوية الذاتية، الاكتفاء الذاتي وهو يشير إلى الأساس والسبب الجذري أو ما يسميه دريدا المركز، ويمكن أن يعبر عنه في المتن الفلسفي السائد بأشكال مثل الجوهر، الوجود، المادة، الموضوع، السمو، الوعي، الله، الإنسان، إلخ.[25]

ومصطلح اللوغسكرينتية(التمركز على العقل) الذي سنه دريدا منتقدا من خلاله الفلسفة الغربية كان يمثل على مدى التاريخ حقيقة ثابتة في الفلسفة الغربية رغم أن المعنى ليس هو العقل فقط بقدر ما هو الأصوات والكلمات التي تمثل دالات فقط تبحث عن مداليل، لذا يقترح دريدا ايجاد طريقة لاحتواء عدد من المفاهيم أو تقريبها بما يشكل تسلسل هرمي لوصف حالة الفكر الأوربي، ويمكن أن تأخذ المركزية الأخلاقية شكل (المركز) ، أو ربما المركزية (العرقية).[18]

وميتافيزيقيا الحضور مصطلح أساس آخر عند دريدا رغم أنه استعاره من هيدجر، يقوم هذا المصطلح على التمركز حول العقل(اللوغسكرينتية) أو الذات أو الأنا أو النحن لذا كان التقسيم الذي انتقده دريدا دائما يفرق بين مركز وهامش والغلبة دائما للطرف الأول في هذه الثنائية (معقول - مفهوم / الحقيقة - الأكاذيب / الخير - الشر / الروح، الجسد / الكلام - الكتابة / الثقافة - الطبيعة، الخ)[17]، دائماً هناك واحدة من هذه المفاهيم تميل دائماً للسيطرة وغالبا ما تكون الطرف الأول، ونقد هذه التمركز وهذه الثنائيات أساس مفهوم التفكيك عند دريدا وعليه أنصب كتابه (في علم الكتابة).[25]

التفكيك عند دريدا يكشف المواقف الأولية للفلسفة (والثقافة الأوروبية بشكل عام) ، تلك المواقف التي تستند إليها جميع الفرضيات والحواجز الأخرى، مما يدل على نسبيتها.

الكتابة والكلام

يرى دريدا أن كل ما أنتجه الغرب من حضارة وثقافات وعلوم وفلسفة يعتمد على الكتابة الأبجدية[26]، لذا تطوع دريدا لنسف هذا التقليد من خلال العودة إلى بيان أسبقية الكلام وبهذا أخذ دريدا ينقض مفهوم الكتابة وعلم الكتابة مرتدا به إلى نزعة التمركز على العقل وميتافيزيقيا الحضور فالكتابة ثابتة وسلبية وغير متجددة أما الكلام فقابل للاختلاف وايجابي ويشير إلى التمييز وغياب الدلالة وتعددها .

الأعمال المبكرة

بدأ دريدا حياته المهنية بفحص حدود الفينومينولوجيا. تتعلق كتاباته الأكاديمية الأولى بأعمال إدموند هوسرل، المكتوبة في دراساته الخاصة بدبلومة الدراسات العليا، المقدَّمة في 1945. نشر دريدا إدموند هوسرل: مقدمة عن أصول علم الهندسة في عام 1962، واحتوى العمل على ترجمته لمقالة هوسرل. ورد عدد من أفكار دريدا بالفعل في هذا العمل. يقول دريدا في مقابلات مجمعة في كتاب مواقف (1972): «وردت إشكالية الكتابة في هذه المقالة بالفعل، مرتبطة ببنية [التأجيل] غير القابلة للاختزال، وعلاقتها بالوعي والحضور والعلم والتاريخ وتاريخ العلم والاختفاء أو تأجيل الأصل... إلخ [...] يمكن قراءة هذه المقالة بصفتها الجانب الآخر من الحديث والفينومينولوجيا».[27]

سُلطت الأضواء على دريدا للمرة الأولى خارج فرنسا من خلال محاضرته «البنية والعلامة والخفة في خطاب العلوم البشرية»، التي ألقاها في جامعة جونز هوبكينز في عام 1966 (وأُدرجت بعد ذلك في الكتابة والاختلاف). تعلق المؤتمر الذي قُدمت فيه هذه الورقة بالبنيوية، التي بلغت ذروة تأثيرها في فرنسا في تلك الفترة، ولكنها كانت في مهدها في الولايات المتحدة. اختلف دريدا عن الآخرين بعدم التزامه الصريح بالبنيوية. أثنى دريدا على منجزات البنيوية، ولكن كان لديه بعض التحفظات بشأن حدودها الداخلية، ما دفع الأكاديميين الأمريكيين لإطلاق مصطلح «ما بعد البنيوية» على فكره.[28]

بلغ تأثير ورقة دريدا أشده، لدرجة أن وقائع المؤتمر نُشرت بعنوان جدلية البنيوية في عام 1970. التقى دريدا في المؤتمر أيضًا بول دي مان، الذي أصبح صديقًا مقربًا ومصدر جدل كبير، وحيث التقى أيضًا المحلل النفسي الفرنسي جاك لاكان، الذي استمتع دريدا بإقامة العلاقات المختلطة مع أعماله.

المناظرة بين الفينومينولوجيا والبنيوية

شرع دريدا بالحديث والكتابة في بواكر ستينيات القرن الماضي، مخاطبًا أغلب المواضيع الإشكالية في عصره. كانت البنيوية موضوع إحدى هذه المناظرات التي اشترك فيها دريدا، الرائجة عن سابقتها الفينومينولوجيا، التي بدأها هوسرل قبل ستين عامًا. أعاد تناول دريدا المؤثر للقضية تأطير المناقشات حولها، من الاحتفاء بانتصار البنيوية إلى «مناظرة البنيوية مقابل الفينومينولوجيا».

تُمثل الفينومينولوجيا، كما يراها هوسرل، منهجية للتساؤل الفلسفي ترفض الانحياز العقلاني السائد في الفكر الغربي منذ أفلاطون، لصالح منهجية التيقظ التأملي والإحاطة بـ«التجربة الحية للفرد»، فالهدف بالنسبة للفينومينولوجيا يكمن في فهم التجربة باستيعاب منشأها، أي السيرورة التي تنشأ بها التجربة من أصل أو حدث ما. كانت تلك مشكلة زائفة بالنسبة للبنيويين، إذ يعتقدون أن «عمق» التجربة ما هو إلا أثر للبنية، التي ليست تجريبية بذاتها.[29]

طرح دريدا سؤالًا في هذا السياق، في عام 1959، قائلًا: ألا يجب أن يكون للبنية أصل، وألن يكون الأصل، نقطة المنشأ، مبنية بالفعل، لكي تكون منشأ شيء ما؟ أو بعبارة أخرى، لكل ظاهرة بنيوية أو «تزامنية» تاريخ، ولا يمكن فهم البنية دون فهم منشأها. وفي نفس الوقت، لنشوء حركة أو احتمال، لا يمكن أن يكون أصلها وحدة محضة أو بسيطة، بل يجب أن يكون معقدًا، كي تنشأ منه العملية التعاقبية. لا يجب فهم تعقُّد الأصل بصفته مفترضًا موضعيًا، بل بصفته الحالة الافتراضية للأصل، التي يشير إليها دريدا بمصطلحات التكرارية، الكتابية، أو النصية. كانت تلك الفكرة عن تعقُّد الأصل مهد أعمال دريدا، واشتُقت منها كل المصطلحات الأخرى، ومنها مصطلح «التفكيك».[30]

تتكون منهجية دريدا من إيضاح أشكال تعقُّد الأصل المختلفة، وعواقبها المتعددة في عدد من المجالات. حقق دريدا ذلك من خلال قراءة النصوص الفلسفية والأدبية قراءة دقيقة يقظة حساسة تحويلية؛ لتحديد جوانب تلك النصوص التي تتعارض مع نسقيتها الظاهرية (الوحدة البنيوية) أو المعنى المقصود (المنشأ التأليفي «المنسوب للمؤلف»). يأمل دريدا، من خلال إيضاح مواطن الإلغاز واللاحسمية في الفكر، أن يظهر الطرائق الرفيعة اللانهائية التي يعمل بها تعقُّد الأصل، الذي لا يمكن معرفته ابتداءً، على إحداث الأثر البنائي والتفكيكي.[31]

انظر أيضاً

المراجع

  1. وصلة : https://d-nb.info/gnd/118677888 — تاريخ الاطلاع: 26 أبريل 2014 — الرخصة: CC0
  2. مُعرِّف قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت (IMDb): https://www.imdb.com/name/nm1104986/ — تاريخ الاطلاع: 13 أكتوبر 2015
  3. http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb11899710z — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسية — الرخصة: رخصة حرة
  4. مُعرِّف موسوعة بريتانيكا على الإنترنت (EBID): https://www.britannica.com/biography/Jacques-Derrida — باسم: Jacques Derrida — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017 — العنوان : Encyclopædia Britannica
  5. مُعرِّف فناني معهد هولندا لتاريخ الفن (RKDartists): https://rkd.nl/explore/artists/446969 — باسم: Jacques Derrida — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017
  6. معرف الشبكات الاجتماعية وسياق الأرشيف: https://snaccooperative.org/ark:/99166/w6p84tvf — باسم: Jacques Derrida — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017
  7. مُعرِّف فرد في قاعد بيانات "أَوجِد شاهدة قبر" (FaG ID): https://www.findagrave.com/cgi-bin/fg.cgi?page=gr&GRid=9580205 — باسم: Jacques Derrida — تاريخ الاطلاع: 9 أكتوبر 2017
  8. https://www.britannica.com/biography/Jacques-Derrida
  9. https://deces.matchid.io/id/Ht6wto0fLnZr
  10. https://libris.kb.se/katalogisering/hftwwt414hrjfk0 — تاريخ الاطلاع: 24 أغسطس 2018 — تاريخ النشر: 18 سبتمبر 2012
  11. http://www.sudoc.fr/046771506
  12. http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb11899710z — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسية — الرخصة: رخصة حرة
  13. https://www.theses.fr/027287130
  14. "Асташкин А.М. Анализ онтологического статуса виртуальных объектов: модальная логика и современная французская философия (Ж.Делёз, К.Мейясу, Ж. Бодрийар и Ж. Деррида)". Философская мысль. 10 (10): 75–85. 2018-10. doi:10.25136/2409-8728.2018.10.26563. ISSN 2409-8728. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  15. "Humanities citation ranking - Hmolpedia". www.eoht.info. مؤرشف من الأصل في 20 يوليو 2018. اطلع عليه بتاريخ 20 فبراير 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Hannabuss, Stuart (2006-01). "The Oxford Companion to Philosophy (2nd edition)200610Edited by Ted Honderich. The Oxford Companion to Philosophy (2nd edition). Oxford: Oxford University Press 2005. xix + 1056 pp., ISBN 0 19 926479 1 £30, $60". Reference Reviews. 20 (1): 16–19. doi:10.1108/09504120610638401. ISSN 0950-4125. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  17. Franco, Eli (2007-07-14). "The Macmillan Encyclopedia of Philosophy–40 years later". Journal of Indian Philosophy. 35 (3): 287–297. doi:10.1007/s10781-006-9006-0. ISSN 0022-1791. مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); no-break space character في |عنوان= على وضع 44 (مساعدة)
  18. Hannabuss, Stuart (2006-06). "The Edinburgh Dictionary of Continental Philosophy2006183Edited by John Protevi. The Edinburgh Dictionary of Continental Philosophy. Edinburgh: Edinburgh University Press 2005. xii+628 pp., ISBN 0 7486 1715 9 (hbck); 0 7486 1716 7 (pbck) £70 (hbck); £25 (pbck)". Reference Reviews. 20 (4): 13–14. doi:10.1108/09504120610664097. ISSN 0950-4125. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  19. "Ахтямова А.А. Различие между лечением и улучшением человека". Философия и культура. 3 (3): 64–69. 2017-03. doi:10.7256/2454-0757.2017.3.22550. ISSN 2454-0757. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  20. Novikova, Elena G. (2015-06-01). "Translation issues in Jacques Derrida's deconstruction program". Vestnik Tomskogo gosudarstvennogo universiteta. Filologiya (3(35)): 179–188. doi:10.17223/19986645/35/14. ISSN 1998-6645. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  21. Derrida (1988) Afterword, pp. 130–1
  22. Derrida (1976) Where a Teaching Body Begins, English translation 2002, p. 72
  23. Saussure, Ferdinand de (1916 [trans. 1959]). Course in General Linguistics. New York: New York Philosophical Library. صفحات 121–22. مؤرشف من الأصل في 31 يوليو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
    «In language there are only differences. Even more important: a difference generally implies positive terms between which the difference is set up; but in language, there are only differences without positive terms. Whether we take the signified or the signifier, language has neither ideas nor sounds that existed before the linguistic system, but only conceptual and phonic differences that have issued from the system. The idea or phonic substance that a sign contains is of less importance than the other signs that surround it. [...] A linguistic system is a series of differences of sound combined with a series of differences of ideas; but the pairing of a certain number of acoustical signs with as many cuts made from the mass thought engenders a system of values.»
  24. Glendinning, Simon (2011). Jacques Derrida: A Very Short Introduction. Oxford University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  25. Глазьев, Сергей Юрьевич (2017). "ГЭЛБРЕЙТ: ВОЗВРАЩЕНИЕ / ПОД РЕД. С.Д. БОДРУНОВА. М.: КУЛЬТУРНАЯ РЕВОЛЮЦИЯ, 2017. 424 С, "Социологические исследования"". Социологические исследования (10): 165–169. doi:10.7868/s0132162517100208. ISSN 0132-1625. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  26. ПОГАДАЕВ, Виктор Александрович (2017). "ХРИСТИАНСТВО В ЮЖНОЙ И ВОСТОЧНОЙ АЗИИ: ИСТОРИЯ И СОВРЕМЕННОСТЬ. ГЛ. РЕД. И.И.?АБЫЛГАЗИЕВ; ОТВ. РЕД. О.В.?НОВАКОВА М.: КЛЮЧ-С. 352 С., "Восток. Афро-Азиатские общества: история и современность"". Восток. Афро-Азиатские общества: история и современность (5): 208–211. doi:10.7868/s0869190817050223. ISSN 0869-1908. مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); no-break space character في |عنوان= على وضع 15 (مساعدة)
  27. J. Derrida (1967), interview with Henri Ronse, p. 5.
  28. «(...) the entire history of the concept of structure, before the rupture of which we are speaking, must be thought of as a series of substitutions of centre for centre, as a linked chain of determinations of the centre. Successively, and in a regulated fashion, the centre receives different forms or names. The history of ما وراء الطبيعة, like the history of the West, is the history of these استعارةs and كناية. Its matrix [...] is the determination of كينونة as presence in all senses of this word. It could be shown that all the names related to fundamentals, to principles, or to the centre have always designated an invariable presence – نظرية المثل, archē, telos, energeia, موجودية (essence, existence, substance, subject), اليثيا, transcendentality, consciousness, God, man, and so forth.»  "Structure, Sign and Play" in Writing and Difference, p. 353.
  29. Jacques Derrida, "'Genesis' and 'Structure' and Phenomenology," in Writing and Difference (London: Routledge, 1978), paper originally delivered in 1959 at Cerisy-la-Salle, and originally published in Gandillac, Goldmann & Piaget (eds.), Genèse et structure (The Hague: Morton, 1964), p. 167:
    «All these formulations have been possible thanks to the initial distinction between different irreducible types of genesis and structure: worldly genesis and transcendental genesis, empirical structure, eidetic structure, and transcendental structure. To ask oneself the following historico-semantic question: "What does the notion of genesis in general, on whose basis the Husserlian diffraction could come forth and be understood, mean, and what has it always meant? What does the notion of structure in general, on whose basis Husserl operates and operates distinctions between empirical, eidetic, and transcendental dimensions mean, and what has it always meant throughout its displacements? And what is the historico-semantic relationship between Genesis and structure in general?" is not only simply to ask a prior linguistic question. It is to ask the question about the unity of the historical ground on whose basis a transcendental reduction is possible and is motivated by itself. It is to ask the question about the unity of the world from which transcendental freedom releases itself, in order to make the origin of this unity appear.»
  30. It is opposed to the concept of original purity, which destabilises the thought of both "genesis" and "structure", cf. Rodolphe Gasché, The Tain of the Mirror (Cambridge, Massachusetts, & London: Harvard University Press, 1986), p. 146:
    «It is an opening that is structural or the structurality of an opening. Yet each of these concepts excludes the other. It is thus as little a structure as it is an opening; it is as little static as it is genetic, as little structural as it is historical. It can be understood neither from a genetic nor from a structuralist and taxonomic point of view, nor from a combination of both points of view.»
    And note that this complexity of the origin is thus not only spatial but temporal, which is why différance is a matter not only of difference but of delay or deferral. One way in which this question is raised in relation to Husserl is thus the question of the possibility of a phenomenology of history, which Derrida raises in Edmund Husserl's Origin of Geometry: An Introduction (1962).
  31. Cf. Rodolphe Gasché, "Infrastructures and Systematicity," in John Sallis (ed.), Deconstruction and Philosophy (Chicago & London: University of Chicago Press, 1987), pp. 3–4:
    «One of the more persistent misunderstandings that have thus far forestalled a productive debate with Derrida's philosophical thought is the assumption, shared by many philosophers as well as literary critics, that within that thought just anything is possible. Derrida's philosophy is more often than not construed as a license for arbitrary free play in flagrant disregard of all established rules of argumentation, traditional requirements of thought, and ethical standards binding upon the interpretative community. Undoubtedly, some of the works of Derrida may not have been entirely innocent in this respect and may have contributed, however obliquely, to fostering to some extent that very misconception. But deconstruction which for many has come to designate the content and style of Derrida's thinking, reveals to even a superficial examination, a well-ordered procedure, a step-by-step type of argumentation based on an acute awareness of level-distinctions, a marked thoroughness and regularity. [...] Deconstruction must be understood, we contend, as the attempt to "account," in a certain manner, for a heterogeneous variety or manifold of nonlogical contradictions and discursive equalities of all sorts that continues to haunt and fissure even the successful development of philosophical arguments and their systematic exposition.»

    وصلات خارجية

    • بوابة فلسفة
    • بوابة فرنسا
    • بوابة أعلام
    • بوابة الجزائر
    • بوابة اليهودية
    • بوابة مدينة الجزائر
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.