الحملة الصليبية الأولى
الحملة الصليبية الأولى (1096م–1099م) هي حملة عسكرية شنها الصليبيون تلبية للدعوة التي أطلقها البابا أوربان الثاني سنة 1095م في كليرمونت جنوب فرنسا من أجل انتزاع القدس وعموم الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين وإرجاعها للسيطرة المسيحية.
الحملة الصليبية الاولى | |||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من حملات صليبية | |||||||||
لحظة دخول الصليبيين القدس | |||||||||
معلومات عامة | |||||||||
| |||||||||
المتحاربون | |||||||||
العالم المسيحي الإمبراطورية الرومانية المقدسة |
العالم الإسلامي سلاجقة الروم سلاجقة الشام والجزيرة دانشمنديون الدولة الفاطمية | ||||||||
القادة | |||||||||
جودفري بالدوين الأول ريموند صنجيل بوهيموند الأول تانكرد هيو كونت فرماندوا ستيفن الثاني، كونت بلوا روبرت الثاني كونت فلاندر روبرت كورتز ألكسيوس الأول كومنينوس تاتيكيوس |
ياغيسيان قلج أرسلان الأول فخر الملك رضوان شمس الملوك دقاق كربغا غازي بن الدانشمند الأفضل شاهنشاه افتخار الدولة | ||||||||
القوة | |||||||||
40-60 ألف [1] | غير معروف | ||||||||
الخسائر | |||||||||
كبيرة | كبيرة | ||||||||
|
|||||||||
شارك في الحملة عدد من القادة أبرزهم جودفري دوق اللورين، وريموند دوق الناربون، وبوهيموند كونت تورانتو، وروبرت دوق النورماندي وروبرت الثاني كونت فلاندر وهيو كونت فرماندوا.
افترق أمراء الحملة الأولى في 4 طرق واجتمعوا في القسطنطينية عام 1097 عاصمة الإمبراطورية البيزنطية. وواصلوا زحفهم حتى وصلوا إلى القدس في صيف عام 1099 واستولوا عليها في يوليو من عام 1099م بعد حصار استمر أكثر من أربعين يوماً، استطاع الصليبيون تأسيس مملكة بيت المقدس وغيرها من الممالك الصليبية. ورغم أن هذه المكاسب دامت أقل من قرنين، فإن الحملة الصليبية الأولى تعد نقطة تحول رئيسية في توسع القوى الغربية، ومؤشراً على فتور التفوق في العالم الإسلامي نتيجة انقساماته.
شرق المتوسط نهايات القرن الحادي عشر
كان جوار أوروبا المباشر جنوباً هو الإمبراطورية البيزنطية، والتي كانت مسيحية ولكنها كانت اتبعت نهجاً أرثوذكسياً شرقياً مختلفاً منذ زمن. وتحت حكم الإمبراطور ألكسيوس الأول كومنينوس، كانت الإمبراطورية محصورة بين أوروبا والشواطئ الغربية للأناضول، وواجهت عداوة النورمان في الغرب والسلاجقة في الشرق. وبالاتجاه شرقاً كانت كل الكيانات التي تسيطر على الأناضول والشام ومصر إسلامية، ولكنها كانت منقسمة ومتناحرة سياسياً وثقافياً ومذهبيا في زمن الحملة الصليبية الأولى، مما لعب الدور الأكبر في نجاح تلك الحملة.
كانت كل من الشام والأناضول تحت سيطرة السلاجقة السنة، والتي كانت إمبراطورية واحدة كبيرة، ولكن في تلك الفترة كانت منقسمة إلى دويلات أصغر. وكان ألب أرسلان قد هزم البيزنطيين في معركة ملاذكرد عام 1071 وضمّوا الكثير من الأناضول لمناطق السلاجقة، ولكن هذه الإمبراطورية انقسمت بحرب أهلية بعد وفاة ملك شاه الأول سنة 1092. وفي دولة سلاجقة الروم في الأناضول، خلف قلج أرسلان ملكشاه، وفي الشام خلفه تتش بن ألب أرسلان الذي توفي عام 1095. فورث أبناء تتش رضوان ودقاق حلب ودمشق على الترتيب، مقسمين الشام إلى إمارات يعادي بعضها بعضاً، كما تعادي كربوغا أتابك الموصل (الجزيرة). وكانت هذه الدويلات أكثر اهتماماً في الحفاظ على مناطقها وكسب مناطق جديدة من جيرانها، أكثر من اهتمامها بالتعاون ضد الحملة الصليبية.
وفي مكان آخر تحت السيطرة الاسمية للسلاجقة كان الأرتقيون يسيطرون على القدس حتى عام 1098م. وفي شرق الأناضول وشمال الشام كان هناك دولة أسسها الدانشمنديون، وهم أيضاً سلاجقة؛ لم يكن للصليبيين اتصال يذكر مع أي من المجموعتين إلى ما بعد الحملة. كما أصبح الحشاشون ذوي دور مهم في شؤون سوريا.
كانت مصر تحت سيطرة الفاطميين الشيعة، والذين تقلصت مساحة دولتهم بشكل ملحوظ منذ وصول السلاجقة؛ نصح ألكسيوس الأول الصليبيين بأن يتعاونوا مع الفاطميين ضد عدوهم المشترك متمثلاً بالسلاجقة[بحاجة لمصدر]. أما الفاطميين، فكان يحكمهم في ذلك الوقت الخليفة المستعلي (مع أن السلطة الحقيقية كانت بيد الوزير الأفضل شاهنشاه)، خسرت القدس لمصلحة السلاجقة عام 1076، ولكن عادوا ليسطروا عليها من الأرتقيين عام 1098 حين كانت القوات الصليبية تتحرك. لم يعتبر الفاطميون في البدء الحملة الصليبية خطراً يهددهم، مفترضين أنهم أرسلوا من قبل البيزنطيين للسيطرة على شمال الشام، وأنهم لن يصلوا فلسطين.
التتابع الزمني لأحداث الحملة
انعقاد مجمع كليرمون
في مارس 1095م أرسل ألكسيوس الأول رسلاً إلى مجمع بياشنزا ليطلب من أوربانوس المساعدة ضد الأتراك. تلقى البابا أوربانوس طلب الإمبراطور بكثير من الحفاوة، فكان يتمنى بأن يلتأم الشرخ بين الكنيستين الذي كان عمره 40 عاما، وأراد إعادة توحيد الكنيسة تحت السلطة البابوية كرئيس أساقفة العالم، وذلك بمساعدة الكنائس الشرقية لدى استصراخها.
وفي مجمع كليرمون، الذي عقد في وسط فرنسا في نوفمبر 1095م، ألقى أوربانوس خطبة مليئة بالعواطف لحشد كبير من النبلاء ورجال الدين الفرنسيين. فدعى الحضور إلى انتزاع السيطرة على القدس من يد المسلمين. وقال إن فرنسا قد اكتظت بالبشر، وأن أرض كنعان تفيض حليباً وعسلاً. وتحدث حول مشاكل العنف لدى النبلاء وأن الحل هو تحويل السيوف لخدمة الرب: "دعوا اللصوص يصبحون فرساناً." وتحدث عن العطايا في الأرض كما في السماء، بينما كان محو الخطايا مقدماً لكل من قد يموت أثناء محاولة السيطرة. هاجت الحشود وصرخت بحماس قائلة:"Deus lo vult!" ("هي إرادة الرب!").
خطبة أوربان هي واحدة من أهم الخطب في تاريخ أوروبا. وهناك العديد من نسخ الخطبة المختلفة، ولكنها جميعاً كتبت بعد السيطرة على القدس، ومن الصعب معرفة ما قيل فعلاً وما تم إضافته بعد الأحداث ونجاح الحملة. ولكن من المؤكد أن ردة الفعل على الخطاب كانت أكبر من المتوقع. ولبقية سنة 1095 ولعام 1096، نشر أوربان الرسالة في أنحاء فرنسا، وحث أساقفته وكهنته بأن يعظوا في أسقفياتهم في بقية مناطق فرنسا وألمانيا وإيطاليا أيضاً. حاول أوربان منع أشخاص معينين (من ضمنهم النساء والرهبان والمرضى) من الانضمام للحملة، ولكنه وجد ذلك شبه مستحيل. وفي النهاية كان السواد الأعظم من هؤلاء الذين انضموا للحملة الصليبية من غير الفرسان، ولكنهم كانوا أقنانًا ولم يكونوا اثرياء ولديهم قليل من المهارة في أساليب القتال، ولكن المعتقدات بأهمية أحداث الألفية والنبوءة وجدت منفذا أخرجت هؤلاء من اضطهاد حياتهم اليومية، في حميم من المشاعر الجديدة والتقوى الذاتية لم يكن من السهل السيطرة عليها من قبل الأرستقراطية والأرستقراطية الدينية.
حملة الفقراء
- مقالة مفصلة: حملة الفقراء الصليبية
سار بطرس الناسك بجموع الفلاحين والفقراء وسبق جيوش أمراء النصارى النظامية، ولما كان هؤلاء يسيرون بلا نظام فقد سببوا الفوضى والدمار لكل المناطق التي مروا عليها حتى النصرانية منها، بل حتى اشتكى منهم إمبراطور القسطنطينية، وعندما وصلوا بلاد المسلمين صبوا جام غضبهم فأهلكوا الزرع والضرع، وأحرقوا الأخضر واليابس، وعاثوا في الأرض الفساد، وقتلوا ومثلوا، وانتهكوا من الحرمات ما شاء لهم هواهم أن يفعلوا ذلك، وتصدى لهم السلاجقة، فالتقوا بهم في نيقية وأفنوا كل هذا الجيش تقريباً عام 489 هـ .[2]
تحرك الحملة
تحركت في اغسطس عام 1096 من اللورين بقيادة جودفري وانضم إليها أتباعه (أخوه الأكبر الكونت يفتسافي من بولون وأخوه الأصغر بالدوين البولوني، كما انضم بودوان له بورغ ابن عم غودفري، والكونت بودوان من اينو والكونت رينو من تول) على إثر الدعوة التي انطلقت لها حملة الفقراء، مشت هذه الفصائل على طريق الراين- الدانوب التي سارت عليها قبلهم فصائل الفلاحين الفقراء. حتي وصلت القسطنطينية نهاية عام 1096م.
وفي 6 مايو أجتمعت القوات الصليبية بعد عبورها مضيق البسفور لحصار مدينة نيقية، وقدم إمبراطور القسطنطينية أليكسيوس الأول كومنينوس الإمدادات للصليبيين من المؤنة إلى آلات الحصار أستمر الحصار حتى 26 يونيو حيث استسلمت المدينة لقوات ألكسيوس ومنع ألكسيوس قوات الصليبيين من دخول المدينة ونهبها وامتصاصاً لغضبهم قدم لهم الهبات والمنح للأمراء وطبقات الفرسان وأمر بتوزيع قطع نحاسية على المشاة.
بعد تسليم المدينة للقوات البيزنطية تقدمت قوات الصليبيين إلى القدس وخلال المسير تقرر تقسيم الجيش إلى قسمين نظراً لكثرته على أن تكون المسافة الفاصلة بينهما مسيرة يومين، وفي هذه الأثناء حشد قلج أرسلان حاكم قونية جموعه ضد الصليبيين بعدما اخذوا منه نيقية إلا أنه تعرض لهزيمة شديدة في معركة ضورليوم ومهد هذا النصر للصليبيين الاستيلاء على على مدن وحصون عديدة في الأناضول بسبب إخلاء السلاجقة لها أو معاونة الأرمن لهم.
وقبل مسير الصليبيين إلى انطاكية لحصارها انفصل بلدوين عن الجيش الرئيسي مصطحبا معه 80 فارسا بعدما طلب منه أهالي الرها القدوم إليهم لنجدتهم.
وكانت الرها تحكم من قبل أمير أرمني يسمى طوروس الذي كان يخضع للسلاجقة وأراد طوروس ان يكون بلدوين وفرسانة جندا له بعدما سمع بانتصارات الصليبيين إلا أن فكرة ان يكون بلدوين وفرسانه جندا لطوروس لم يتقبلها بلدوين فتقرر ان يتبنى طوروس بلدوين كابن له لاسيما كون طوروس رجلا عقيما ومسنا.
قامت بعدها ثورة في الرها أسفرت عن مقتل طوروس وتنصيب بلدوين حاكما على الرها كوريث لطوروس.
اما الجيش الرئيسي للصليبيين فتابع مسيره حتى أنطاكية حيث أستمر في حصارها طوال ثمانية أشهر ابتداء من العشرين أكتوبر حتى صبيحة اليوم الثالث من يوليو حيث دخل الصليبيين انطاكيه بعد خيانة أحد المستحفظين على الأبراج ويدعى فيروز الذي مهد لهم للصعود إلى أحد الأبراج وفتح الأبواب والدخول إلى المدينة.
وأسفرت الحملة الأولى عن احتلال القدس عام 1099 وقيام مملكة بيت المقدس بالإضافة إلى عدّة مناطق حكم صليبية أخرى، كإمارة الرها وانطاكية وطرابلس بالشام.
ولعبت الخلافات بين حكام المسلمين المحليين دوراً كبيراً في الهزيمة التي تعرضوا لها، كالخلافات بين الفاطميين بالقاهرة، والسلاجقة الأتراك بنيقية بالأناضول وقتها. وباءت المحاولات لطرد الصليبيين بالفشل كمحاولة الوزير الأفضل الفاطمي الذي وصل عسقلان ولكنه فر بعدها أمام جيوش الصليبيين التي استكملت السيطرة على غالبية الأراضي المقدسة.
انظر أيضا
المراجع
- The Oxford Encyclopaedia of Medieval Warfare and Military Technology, Volume 1
- موسوعة التاريخ الإسلامي،المجلد السادس، الدولة العباسية، الجزء الثاني، لمحمود شاكر، الناشر: المكتب الإسلامي في بيروت ودمشق وعمان، الطبعة السادسة 1421هـ-2000م، ص242
- بوابة التاريخ
- بوابة العصور الوسطى
- بوابة الأديان
- بوابة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية
- بوابة المسيحية
- بوابة الحرب
- بوابة الإسلام
- بوابة التاريخ الإسلامي
- بوابة فلسطين
- بوابة الدولة السلجوقية
- بوابة الدولة الفاطمية
- بوابة تركيا
- بوابة اليونان
- بوابة مصر