ياغي سيان

مؤيد الدين ياغي سيان بن محمد بن ألب السلجوقي (1011 - توفي 2 يونيو 1098) ابن أمير أنطاكيا محمد بن ألب. عينه ملك شاه الذي استولى على انطاكية عام 1085 أميرا أو والياً عليها حوالي عام 1090. وكان له ابن هو الأمير شمس الدولة و ابنته التي تزوجت من الملك رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن داوود بن ميكائيل بن سلجوق ملك حلب. ولما مات الملك رضوان تولى الحكم ابنه ألب أرسلان (الأخرس) وعمره ست عشرة سنة وهو ابن بنت الأمير ياغي سيان. وسمي بالأخرس لأنه كان يعاني من تمتمة في صوته.[1]

ياغي سيان
بوهيموند يصعد إلى نافذة برج أنطاكيا حيث كان ياغي سيان (حاكم المدينة) مُحاصراً فيها.

معلومات شخصية
تاريخ الميلاد القرن 11
الوفاة يونيو 2, 1098
أنطاكية
الجنسية  الدولة العباسية
الديانة الإسلام
الأب محمد بن ألب
الخدمة العسكرية
الولاء الدولة السلجوقية

بعد وفاة ملك شاه أصبح تتش بن ألب أرسلان (تاج الدولة) والياً على الشام وأقر ياغي سيان على حكم أنطاكية وضم إليه قرى منبج وتل باشر. وبعد مقتل تتش عام 1095 تقاتل ولديه رضوان حاكم حلب ودقاق (شمس الملوك) حاكم دمشق وانضم ياغي سيان إلى رضوان (نسيبه وزوج ابنته) وحاصروا دمشق لكن عجزوا عن دخولها فرجعوا. وراسل دقاق ياغي سيان في مفارقة رضوان وحصار حلب فاجتمعوا في قنسرين وأقتتلوا فيها ثم أصطلحوا على ان يخطب لرضوان في دمشق وانطاكية قبل دقاق. في وقتاً لاحق من عام 1097، تشاجر رضوان مع جناح الدولة ، فزاد من تحالفه مع رضوان بزواج ابنته منه. كان الاثنان على وشك الإقتتال في شيزر عندما وصلت أنباء الحملة الصليبية ، وتراجعت جميع الأطراف إلى أراضيها استعدادًا للهجمات القادمة.

الحصار

علم ياغي سيان بأن جيشاً صليبياً يسير عبر الأناضول قادماً إلى أنطاكية، ورغم التحالف، إلا أن ياغي سيان تُرك بمفرده مع جيشه في أنطاكية ليواجه الحملة الصليبية الأولى. استعدادًا للحصار ، قام ياغي سيان بنفي العديد من القادة المسيحيين لكنائس الروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، الذين اعتبرهم غير موثوق بهم، فيما إنقاذ السريان الأرثوذكس في الغالب، لإعتبارهم أكثر ولاءً له ، ومعادون لليونانيين والأرمن.

مروراً بجبال طوروس ومن خلال طريقين مختلفين وصلت الحملة الصليبية الأولى إلى أنطاكية خلال الشتاء أواخر1097 م، حوصر ياغي سيان في أنطاكية مدة 9 شهور، حيث طلب المساعدة من دقاق عندما توغلت "مجموعات البحث عن الطعام الصليبية" في أماكن أبعد، وعُرف لياغي سيان من مخبريه أن هناك خلافات بين المسيحيين، حيث أراد كل من ريمون تولوز وبوهيموند المدينة لأنفسهم. فبينما كانت قوات بوهيموند تبحث عن الطعام بعيدًا في 29 ديسمبر 1097، تلقى باغي سيان نبأ مغادرة جزءاً كبيراً من الصليبيين معسكرهم، لنفاد مخزون جيش الصليبيين من المواد الغذائية والمؤن،[2] فقام بغارة ليلية مفاجأة على المعسكر الصليبي الواقع شمال نهر العاصي. وبدأ يتسبب في خسائر كبيرة لدى لصليبيين، وكان من بين ضحايا الهجوم حامل لواء البابا لجيش الصليبيين. إلا أن ريمون تولوز (قائد الصليبيين) جمع بسرعةً فيلق من الفرسان لمواجهة هذه الغارة المفاجئة ، ونظم على الفور هجومًا كثيفًا لسلاح الفرسان. سرعان ما تراجعت وحدة المشاة (لجيش ياغي سيان) إلى القلعة بإنتظام، كي لا تصتدم بهجوم الفرسان الثقيل.

في 30 ديسمبر، مُنيت التعزيزات التي أرسلها دقاق بالفشل من قبل مجموعة بوهيموند التي كانت تبحث عن الطعام حيث تراجعت القوات إلى حمص. ولم يدرك جيش دمشق أن جيشًا صليبيًا نورمانديًا آخر تحت قيادة بوهيموند كان يتأخر قليلاً عن هذا الجيش الصليبي، حيث لم يجرِ بحثًا وملاحظة جيدة، وبتأخير جيش بوهيموند قليلاً، تم تشتيت انتباه جيش دمشق وخسر المعركة.

ومع بداية الحصار، قرر رضوان مغادرة حلب والتصدي للصليبيين، ودارت معركة بينهما بتاريخ 8 و 9 فبراير 1098، فلم يتمكن جيش رضوان من التصدي للصليبيين، كما سارع ياغي سيان اثناء المعركة لمهاجمة المشاة الذين ترِكوا للدفاع عن المعسكر الصليبي، ونصب كمينًا للذين يجلبون الخشب والعتاد إلى المعسكر. كما أصيب المعسكر الصليبي بأنطاكية بإرتباك جماعي عندما سمعوا بمقتل ريموند وبوهيموند، وهاجم ياغي سيان بقية الجيش تحت قيادة جودفري، لكن سرعان ما عاد بوهيموند وريموند من أرض المعركة حيث وصلت الأخبار إلى الجيش ياغي سيان بأن فرسان الصليبيين قد بددوا دعم رضوان، وأدرك ياغي سيان على الفور ماهية هذا الخبر، وتمكن من سحب جيشه بانتظام خلف الجدران، وهزم الصليبيون جيش الفرسان الخفيف الذي أرسله رضوان إلى المعركة وبسبب عدم كفاءتهم في الحرب.[2]

هذه المرة توجه محافظ أنطاكيا لكربغا أتابك الموصل في عام 1098،عندما سمع بحصار أنطاكية من قبل الصليبيين قام بجمع جنوده وسار إلى تحرير المدينة، في طريقه حاول استعادة الرها التي احتلها بالدوين الأول حديثاً حتى لا يترك أية حاميات للفرنجة خلفه في طريقه إلى أنطاكية،[3] إلا أن كربغا أُجبر على الانسحاب والتراجع أمام الجيش الصليبي الذي كان كبيراً للغاية، وعاد إلى الموصل.[4]

سقوط أنطاكيا

تم بناء جدران قلعة أنطاكيا على تل شديد إلانحدار، وتم بناء الجدران بطريقة لا يمكن حتى لقوات صغيرة المرور بها. ومع ذلك، في بعض أجزاء الجدران، أتيحت الفرصة للأفراد داخل القلعة وخارجها للتحدث فيما بينهم، كذالك الدخول والخروج من و إلى القلعة. وأتاح ياغي سيان فرصة للسكان المحليين للتحدث إلى عائلاتهم داخل القلعة ولاعطاء مواقفهم من المحادثات والتفاوضات. ونتيجة للذلك، شكل القادة المسيحيون الصليبيون (خاصة بوهيموند، الذي كان عينًا لحكم أنطاكيا) وياغي سيان شبكة تجسس بأقصر وقت ممكن. وهكذا، بدأ الطرفان في استخدام إمكانيات التعلم مما فعله الطرف الآخر وما يريدانه باستخدام شبكات التجسس .[2]

في الوقت الذي توجه محافظ أنطاكية إلى الموصل لطلب المساعدة من كربغا، علم الصليبيون أن عليهم الاستيلاء على المدينة قبل وصول التعزيزات الجيش، فأقام الصليبيون بالقرب من قلعة أنطاكية على تلً قريب، وكان ياغي سيان قد عهد إلى قائد أرمني أسلم أخيرًا بحماية أبراج المدينة، يدعى فيروز أو بالزرّاد لكن هذا الأرمني خان المسلمين فسلمها إلى الأعداء مقابل رشوة! [5]، حيث أراد هذا الأرميني (الذي كان يعمل مُصلِحاً للدروع) بإلانتقام من عقاب ياغي سيان الذي سجنه بسبب أنشطته في السوق السوداء، ومع اكتشف القائد الصليبي بوهيموند لذلك، اتصل به من خلال شبكة تجسس وتفاوضا سراً على جدران القلعة، ووعده بتبرعات ضخمة من الذهب والأرض إذا كان بإمكانه إدخال الصليبيين إلى المدينة. وإيمانًا منه بهذه الوعود، فتح فيروز النافذة للصليبيين في "برج الأختين" ، أحد الأبراج العظيمة لأسوار مدينة أنطاكيا، ليلة 2 / 3 يونيو. وتسلق بوهيموند هذه النافذة أولاً، ثم تسلقت فرقة من الصليبيين المختارة للبرج ، وانتقلت إلى شوارع المدينة، ونجحت هذا الخيانة في فتحِ أبواب المدينة أمام القوات الصليبية التي كانت مختبئة أمام البوابات، وانتشرت قوات الصليبيين في شوارع المدينة ونشب القتال بين الطرفين. وفي 3 يونيو، تمكن الصليبيين من الاستيلاء والسيطرة على مدينة أنطاكيا. [6]

فتح باغي سيان باب البلد وخرج هاربًا مع ثلاثين غلامًا. وفي ذلك يقول المؤرخ عز الدين بن الأثير في ‘الكامل‘:

"فلما طال مُقام الفرنج على أنطاكية راسلوا أحد المستحفَظين للأبراج، وهو زرّاردٌ (= صانع دروع) يُعرف بـ‘رُوزبة‘، وبذلوا له مالا وإقطاعًا، وكان يتولى حفظ برجٍ يلي الوادي، وهو مبني على شباك في الوادي، فلما تقرّر الأمر بينهم وبين هذا الملعون الزرّاد، جاءوا إلى الشُّبّاك ففتحوه، ودخلوا منه"؛ وسقطت المدينة بسبب هذه الخيانة![5]

مقتله

ويروي ابن الأثير في الكامل في التاريخ ما نصه:

أما باغي سيان فإنه لما طلع عليه النهار رجع إليه عقله وكان كالولهان فرأى نفسه وقد قطع عدة فراسخ فقال لمن معه: أين أنا فقيل: على أربعة فراسخ من أنطاكية فندم كيف خلص سالمًا ولم يقاتل حتى يزيلهم عن البلد أو يقتل وجعل يتلهف ويسترجع على ترك أهله وأولاده والمسلمين فلشدة ما لحقه سقط عن فرسه مغشيًا عليه فلما سقط إلى الأرض أراد أصحابه أن يركبوه فلم يكن فيه مسكة قد قارب الموت فتركوه وساروا عنه واجتاز به إنسان أرمني كان يقطع الحطب وهو بآخر رمق فقتله وأخذ رأسه وحمله إلى الأفرنج في انطاكية

في ليلة 3 يونيو 1098 هاجم الصليبيون مدينة أنطاكية بعد 9 شهور من الحصار، وبقي شمس الدولة (ابن باغي سيان) محاصراً في القلعة عندما تركها ياغي سيان ورفاقه هرباً، فأصابه الغم و الحسرة عندما سمع أن ابنه محبوسًا في القلعة مع القوات التي جمعها وندم على تركه. فبينما كان يسافر على دربً جبلي وهو في حزنٌ عميق ، فقد وعيه وسقط من على حصانه وأصيب بجروح خطيرة. فأراد رجاله وضعه على حصانه مرة أخرى ، لكن عندما رأوا أنه يحتضر ، غادروا وتركوه. في غضون ذلك ، وجدهُ فلاحاً أرميني قام بقطع رأسه وأرسله هديةً إلى بوهيموند.[7]

طالع أيضاً

مراجع

  1. راجع كتاب المؤلف جمال محمد حسن عبدالرحيم زنكي بعنوان: مؤيد الدين ياغي سيان صاحب أنطاكية والحملة الصليبية الاولي : 477-491ه/ 1085-1098م/، منشورات جامعة الكويت 1998، 242 صفحة، تصنيف AS 587.K8. No 126. 1998.
  2. Dünden bugüne Yunus Emre. Ankara: Atatürk Kültür, Dil ve Tarih Yüksek Kurumu. 1995. ISBN 975-16-0678-0. OCLC 39937872. مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Runciman, Steven (1951–52). A History of the Crusades I: The First Crusade. Penguin Classics. صفحة 191. ISBN 978-0-141-98550-3. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); |access-date= بحاجة لـ |url= (مساعدة)صيانة CS1: تنسيق التاريخ (link)|access-date= requires |url= (help)CS1 maint: Date format (link) نسخة محفوظة 11 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  4. Gesta Francorum:The Defeat of Kerbogha, excerpt online at Medieval Sourcebook, accessed November, 2008. نسخة محفوظة 14 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
  5. أيوب, محمد شعبان. "سلاطين تنصّروا لحفظ عروشهم وآخرون سلموا القدس مرتين وباعوا الأندلس بالتقسيط.. "صفقات التطبيع" الخاسرة في تاريخ المسلمين". www.aljazeera.net. مؤرشف من الأصل في 11 أغسطس 2020. اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Öz Varıcı, Fatıma Gül (2019-07-01). "Amin Maalouf, Arapların Gözünden Haçlı Seferleri". Milel ve Nihal: 227–234. doi:10.17131/milel.585001. ISSN 1304-5482. مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "YAĞISIYAN - TDV İslâm Ansiklopedisi". islamansiklopedisi.org.tr (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 20 أغسطس 2020. اطلع عليه بتاريخ 20 أغسطس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة التاريخ
    • بوابة أعلام
    • بوابة الإسلام
    • بوابة الدولة السلجوقية
    • بوابة التاريخ الإسلامي
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.