اضطراب مزعج سابق للحيض

الاضطراب المزعج السابق للحيض هو شكل حاد ومعيق للمتلازمة السابقة للحيض يصيب 1.8-5.8% من النساء في فترة الحيض.[1] يشمل الاضطراب مجموعة متنوعة من الأعراض الوجدانية والسلوكية والجسدية التي تتكرر شهريًا خلال الطور الأصفري من الدورة الشهرية.[2][3] يؤثر على النساء من بدايات سن المراهقة حتى سن اليأس، باستثناء اللاتي يعانين من انقطاع الحيض وطائي المنشأ أو في أثناء فترة الحمل والرضاعة الطبيعية.[4] تكون النساء المصابات بالاضطراب المزعج السابق للحيض أكثر عرضة للانتحار، مع ارتفاع معدلات الأفكار الانتحارية 2.8 مرة، وتاريخ التخطيط للانتحار 4.15 مرة، ومحاولات الانتحار 3.3 مرة.[5]

تنتج التأثيرات العاطفية للاضطراب المزعج السابق للحيض عن تقلبات شديدة في الهرمونات التناسلية، لأنها تسبب خلل في امتصاص السيروتونين وانتقاله، وربما استقلاب الكالسيوم، والنظم اليوماوي، وعامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ، بالإضافة إلى المحور الوطائي-النخامي-الكظري والوظيفة المناعية.[6] اقترحت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب المزعج السابق للحيض هم أكثر عرضة لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، لكن عُثر على أدلة أخرى تنفي هذه النتائج.[7] أُضيف الاضطراب المزعج السابق للحيض إلى قائمة الاضطرابات الاكتئابية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في عام 2013. لهذا الاضطراب 11 عرض رئيسي، ويجب أن تظهر على الأقل خمسة منها على المرأة لتشخيص الاضطراب المزعج السابق للحيض. تعاني نحو 20% من النساء في فترة الحيض من بعض أعراض الاضطراب المزعج السابق للحيض، لكن إما لديهن أقل من خمسة أعراض أو ليس لديهن خلل وظيفي.[8]

غالبًا ما يُعالج الاضطراب بمضادات الاكتئاب مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية بالإضافة إلى تثبيط الإباضة باستخدام حبوب منع الحمل ومضاهئات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية، تعد مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية العلاج الأكثر شيوعًا لأنها تساعد في تحسين كل من الأعراض الجسدية والعاطفية بالإضافة إلى السلوك والوظائف العامة.

العلامات والأعراض

الاضطراب المزعج السابق للحيض هو شكل حاد من المتلازمة السابقة للحيض. مثل المتلازمة السابقة للحيض، يتبع الاضطراب المزعج السابق للحيض نمطًا دوريًا يمكن التنبؤ به. تبدأ الأعراض في الطور الأصفري المتأخر من الدورة الشهرية (بعد الإباضة) وتنتهي بعد فترة قصيرة من بدء الحيض.[9] في المتوسط، تستمر الأعراض ستة أيام لكنها قد تبدأ قبل الحيض بأسبوعين، ما يعني أنه يمكن الشعور بالأعراض لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع خارج فترة الدورة. يمكن أن تبدأ الأعراض شديدة وتتفاقم حتى بداية الحيض، مع عدم الشعور بالراحة حتى أيام قليلة بعد انتهاء الحيض. تحدث الأعراض الأكثر حدة في الأسبوع والأيام التي تسبق اليوم الأول لتدفق دم الدورة الشهرية. عادةً ما تتوقف الأعراض بعد وقت قصير من بدء الدورة الشهرية أو بعد أيام قليلة من نهايتها. يُعد ظهور الأعراض فقط في أثناء الطور الأصفري أو قريبًا منه الأساس في تشخيص المرأة المصابة بالاضطراب المزعج السابق للحيض بدلًا من أي اضطرابات مزاجية أخرى.[10]

تكون الأعراض جسدية أو عاطفية، لكن يجب أن تكون الأعراض المزاجية موجودة للتشخيص الأكيد. قد يكون لدى النساء المصابات بالاضطراب المزعج السابق للحيض أفكار انتحارية. قد يساعد تسجيل الحالات المزاجية للمرأة بمرور الوقت في التوجه نحو الاضطراب.

تحدد الجمعية الدولية لدراسة الاضطرابات السابقة للحيض فئتين من الاضطرابات السابقة للحيض: الاضطراب المزعج السابق للحيض الأساسي والاضطراب المزعج السابق للحيض اللانموذجي.

الحالات المرافقة

يعد الاكتئاب ثنائي القطب واضطرابات القلق وغيرها من اضطرابات المحور الأول أكثر شيوعًا لدى النساء اللاتي يعانين من الاضطراب المزعج السابق للحيض. تعاني نسبة 50-78% من بين النساء المصابات بالاضطراب المزعج السابق للحيض من اضطرابات نفسية مختلفة مثل اضطراب القلق العام، والاضطراب العاطفي الفصلي، والاضطراب الاكتئابي.[11]

السبب

تظهر الأعراض المزاجية للاضطراب المزعج السابق للحيض فقط لدى النساء في فترة الحيض. لا تحدث الأعراض أثناء الحمل وبعد انقطاع الطمث. عادةً ما تستمر اضطرابات المزاج الأخرى في كامل فترة الإنجاب ولا علاقة لها بحدوث الدورة الشهرية للمرأة أو عدمها.[12]

أكثر الاحتمالات المتفق عليها حول أسباب الاضطراب المزعج السابق للحيض حاليًا هي زيادة الحساسية تجاه تقلبات مستويات هرمونات معينة (مثل الهرمونات التناسلية) والإجهاد البيئي والاستعداد الوراثي. للستيرويدات الجنسية -هرموني الاستروجين والبروجسترون- فعالية عصبية. لوحظت مشاركتها في مسارات السيروتونين في نماذج الفئران. يشارك السيروتونين في تنظيم المزاج بالإضافة إلى هرمون الاستروجين، الذي توجد مستقبلاته في القشرة أمام الجبهية والحُصين- وهي مراكز تنظيم المزاج والإدراك بشكل عام.[13][14]

رغم أن توقيت الأعراض يشير إلى أن التقلبات الهرمونية هي سبب الاضطراب المزعج السابق للحيض، لم يُحدد اختلال هرموني واضح لدى النساء المصابات بالاضطراب المزعج السابق للحيض. في الواقع، لا يمكن تمييز مستويات الهرمونات التناسلية ومستقلباتها لدى النساء المصابات باللاضطراب المزعج السابق للحيض أو بدونه. بدلًا من ذلك، يُفترض أن النساء المصابات بالاضطراب المزعج السابق للحيض أكثر حساسية للتقلبات الطبيعية لمستويات الهرمونات، التي تشمل غالبًا هرموني الاستروجين والبروجسترون، والتي تنتج عمليات كيميائية حيوية في الجهاز العصبي تسبب أعراض سابقة للحيض. تكون هذه الأعراض أكثر شيوعًا لدى النساء اللاتي لديهن استعداد للإصابة بالاضطراب.[13][15]

من الواضح أن اضطرابات ما قبل الحيض هي اضطرابات بيولوجية وليست فقط ظاهرة نفسية أو ثقافية. أُبلغ عن الاضطراب المزعج السابق للحيض من قبل نساء في فترة الحيض من جميع أنحاء العالم، ما يشير إلى أساس بيولوجي غير محصور جغرافيًا. استنتج معظم علماء النفس أن هذا الاضطراب ناتج عن استجابة الجسم لاختلال مستويات الهرمونات بالإضافة إلى المكونات الجينية. هناك أدلة على وراثة أعراض ما قبل الحيض في العديد من الدراسات على التوائم والعائلات التي أجريت في تسعينيات القرن العشرين، إذ أثبتت أن وراثة الاضطراب المزعج السابق للحيض بلغت نسبة 56%.[16][17][18]

غالبًا ما تحدث الاضطرابات من هذا النوع بسبب مزيج من العوامل البيئية والبيولوجية. وُجد أن الضغوط البيئية تزيد من خطر أعراض الاضطراب المزعج السابق للحيض مستقبلًا. الوراثة لا تعمل في فراغ: تلعب المكونات البيئية مثل الإجهاد والتقلبات الهرمونية وعلم الخلق دورًا رئيسيًا في الإمراضية وظهور الاضطراب. لاحظت بعض الدراسات وجود أدلة على أن الصدمات الشخصية (العنف المنزلي، أو الصدمة الجسدية أو العاطفية، أو تعاطي المخدرات) أو التغيرات الموسمية (ما يجعل الاضطراب المزعج السابق للحيض مصاحبًا للاضطراب العاطفي الفصلي) لها تأثير على خطر الإصابة بالاضطراب المزعج السابق للحيض. أكثر الاضطرابات الموجودة مسبقًا والشائعة لدى الأشخاص الذين شُخصوا باللاضطراب المزعج السابق للحيض هو الاضطراب الاكتئابي، إما أصيبوا به بالفعل أو شُخصوا بشكل خاطئ عندما كان يجب تشخيصهم بالاضطراب المزعج السابق للحيض. العامل البيئي الأخير هو في المقام الأول علم الاجتماع: الجوانب الاجتماعية والثقافية للأنثى، وأداء الأدوار الجندرية الأنثوية، والضغط الناتج عن انخراط الإناث في النشاط الجنسي.[19]

طالع أيضاً

المراجع

  1. Rapkin AJ, Lewis EI (November 2013). "Treatment of premenstrual dysphoric disorder". Women's Health. 9 (6): 537–56. doi:10.2217/whe.13.62. PMID 24161307. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (5th Edition). Arlington, VA: American Psychiatric Association. 2013. صفحة 625.4. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة) Code: 625.4 (N94.3)
  3. Yonkers, Kimberly Ann; O'Brien, Shaughn; Eriksson, Elias (April 2008). "Premenstrual syndrome". The Lancet. 371 (9619): 1200–1210. doi:10.1016/S0140-6736(08)60527-9. PMC 3118460. PMID 18395582. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Reid, Robert; Soares, Claudio (November 2017). "Premenstrual Dysphoric Disorder: Contemporary Diagnosis and Management". Journal of Obstetrics and Gynaecology Canada. 40 (2): 215–223. doi:10.1016/j.jogc.2017.05.018. PMID 29132964. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Pilver, Corey E.; Libby, Daniel J.; Hoff, Rani A. (March 2013). "Premenstrual Dysphoric Disorder as a correlate of suicidal ideation, plans, and attempts among a nationally representative sample". Social Psychiatry and Psychiatric Epidemiology. 48 (3): 437–446. doi:10.1007/s00127-012-0548-z. ISSN 0933-7954. PMC 3774023. PMID 22752111. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Pearlstein, Teri (2016). "Treatment of Premenstrual Dysphoric Disorder: Therapeutic Challenges". Expert Review of Clinical Pharmacology. 9 (4): 493–96. doi:10.1586/17512433.2016.1142371. PMID 26766596. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Studd, John; Nappi, Rossella E (2012). "Reproductive depression". Gynecological Endocrinology. 28 (s1): 42–45. doi:10.3109/09513590.2012.651932. PMID 22394303. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Steiner, M; Macdougall, M; Brown, E (2003). "The premenstrual symptoms screening tool (PSST) for clinicians". Archives of Women's Mental Health. 6 (3): 203–209. doi:10.1007/s00737-003-0018-4. PMID 12920618. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Steiner, M; Pearlstein, T; Cohen, LS; Endicott, J; Kornstein, SG; Roberts, C; Roberts, DL; Yonkers, K (2006). "Expert guidelines for the treatment of severe PMS, PMDD, and comorbidities: the role of SSRIs". Journal of Women's Health. 15 (1): 57–69. doi:10.1089/jwh.2006.15.57. PMID 16417420. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Biggs, WS; Demuth, RH (October 2011). "Premenstrual syndrome and premenstrual dysphoric disorder". American Family Physician. 84 (8): 918–24. PMID 22010771. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Kim DR, Gyulai L, Freeman EW, Morrison MF, Baldassano C, Dubé B (February 2004). "Premenstrual dysphoric disorder and psychiatric co-morbidity". Archives of Women's Mental Health. 7 (1): 37–47. doi:10.1007/s00737-003-0027-3. PMID 14963731. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Douma, SL; Husband, C; O'Donnell, ME; Barwin, BN; Woodend, AK (October 2005). "Estrogen-related mood disorders: reproductive life cycle factors". Advances in Nursing Science. 28 (4): 364–75. doi:10.1097/00012272-200510000-00008. PMID 16292022. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Hantsoo L, Epperson CN (November 2015). "Premenstrual Dysphoric Disorder: Epidemiology and Treatment". Current Psychiatry Reports. 17 (11): 87. doi:10.1007/s11920-015-0628-3. PMC 4890701. PMID 26377947. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Nguyen, TV; Reuter, JM; Gaikwad, NW; Rotroff, DM; Kucera, HR; Motsinger-Reif, A; Schmidt, CP; Nieman, LK; Rubinow, DR (August 2017). "The steroid metabolome in women with premenstrual dysphoric disorder during GnRH agonist-induced ovarian suppression: effects of estradiol and progesterone addback". Translational Psychiatry. 7 (8): e1193. doi:10.1038/tp.2017.146. PMC 5611719. PMID 28786978. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. Rubinow, DR; Schmidt, PJ (July 2006). "Gonadal steroid regulation of mood: the lessons of premenstrual syndrome". Frontiers in Neuroendocrinology. 27 (2): 210–216. doi:10.1016/j.yfrne.2006.02.003. PMID 16650465. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Wilson, Carol A; Turner, Charles W; Keye, William R (March 1991). "Firstborn adolescent daughters and mothers with and without premenstrual syndrome: a comparison". Journal of Adolescent Health. 12 (2): 130–137. doi:10.1016/0197-0070(91)90455-U. PMID 2015237. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. Condon, John T (April 1993). "The Premenstrual Syndrome: A Twin Study". The British Journal of Psychiatry. Cambridge University Press. 162 (4): 481–486. doi:10.1192/bjp.162.4.481. PMID 8481739. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Kendler, Kenneth S; Karkowski, Laura M; Corey, Linda A; Neale, Michael C (September 1998). "Longitudinal Population-Based Twin Study of Retrospectively Reported Premenstrual Symptoms and Lifetime Major Depression". The American Journal of Psychiatry. 155 (9): 1234–1240. doi:10.1176/ajp.155.9.1234. PMID 9734548. مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. Epperson, C Neill; Steiner, Meir; Hartlage, S Ann; Eriksson, Elias; Schmidt, Peter J; Jones, Ian; Yonkers, Kimberly A (May 2012). "Premenstrual Dysphoric Disorder: Evidence for a New Category for DSM-5". The American Journal of Psychiatry. 169 (5): 465–475. doi:10.1176/appi.ajp.2012.11081302. PMC 3462360. PMID 22764360. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة المرأة
    • بوابة طب
    • بوابة علم النفس
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.