مارتن لوثر

مارتن لوثر (10 نوفمبر 1483 - 18 فبراير 1546) راهب ألماني، وقسيس، وأستاذ للاهوت، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا،[2] بعد اعتراضه على صكوك الغفران. نشر في عام 1517 رسالته الشهيرة المؤلفة من خمس وتسعين نقطة تتعلق أغلبها بلاهوت التحرير وسلطة البابا في الحل من "العقاب الزمني للخطيئة"؛ رفضه التراجع عن نقاطه الخمس والتسعين بناءً على طلب البابا ليون العاشر عام 1520 وطلب الإمبراطورية الرومانية المقدسة ممثلة بالإمبراطور شارل الخامس أدى به للنفي والحرم الكنسي وإدانته مع كتاباته بوصفها مهرطقة كنسيًا وخارجة عن القوانين المرعيّة في الإمبراطوريّة.

مارتن لوثر
(بالألمانية: Martin Luther)‏ 
لوثر عام 1533

معلومات شخصية
اسم الولادة (بالألمانية: Martin Luther)‏ 
الميلاد 10 نوفمبر 1483(1483-11-10)
أيسلبن، الإمبراطورية الرومانية
الوفاة 18 فبراير 1546 (62 سنة)
أيسلبن، الإمبراطورية الرومانية
المعمودية 11 نوفمبر 1483 
الإقامة أيسليبن (–1484)
مانسفيلد (1484–1497)
مغدبورغ (1497–1498)
أيسناخ (1498–1501)
إرفورت (1501–1508)
فيتنبرغ (1508–) 
الجنسية ألماني
اللقب مطلق الإصلاح البروتستانتي
الديانة المسيحية
الزوجة كاترينا فون بورا
أبناء هانز، إيزابيل، المجدلية
مارتن، بول، مارغريت
الحياة العملية
التعلّم دكتوراه في أصول الدين
ودكتوراه في الكتاب المقدس
المدرسة الأم جامعة إرفورت (الشهادة:ماجستير ) (1501–1505) 
المهنة راهب، واعظ.
اللغات اللاتينية ،  والألمانية [1] 
موظف في جامعة فيتنبرغ  
سبب الشهرة الإصلاح البروتستانتي
أعمال بارزة القضايا الخمس والتسعون  
التيار النهضة الألمانية ،  وإصلاح بروتستانتي  
التوقيع
المواقع
IMDB صفحته على IMDB 

أبرز مقومات فكر لوثر اللاهوتي هي أنّ الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هديّة مجانيّة ونعمة الله من خلال الإيمان بيسوع المسيح مخلصًا، وبالتالي ليس من شروط نيل الغفران القيام بأي عمل تكفيري أو صالح؛ وثانيًا رفض «السلطة التعليمية» في الكنيسة الكاثوليكية والتي تنيط بالبابا القول الفصل فيما يتعلق بتفسير الكتاب المقدس معتبرًا أنّ لكل إمرئ الحق في التفسير؛[3] وثالثًا أنّ الكتاب هو المصدر الوحيد للمعرفة المختصة بأمور الإيمان؛ وعارض رابعًا سلطة الكهنوت الخاص باعتبار أن جميع المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة،[4] وخامسًا سمح للقسس بالزواج.[5] ورغم أن جميع البروتستانت أو الإنجيليين في العالم يمكن ردهم إلى أفكار لوثر، إلا أن المتحلقين حول تراثه يطلق عليهم اسم الكنيسة اللوثرية.

قدّم لوثر أيضًا ترجمة خاصة به للكتاب المقدس بلغته المحليّة بدلاً من اللغة اللاتينيّة التي كانت اللغة الوحيدة التي سمحت الكنيسة الرومانية باستخدامها لقراءة الكتاب المقدس، ما أثر بشكل كبير على الكنيسة وعلى الثقافة الألمانيّة عمومًا، حيث عزز الإصدار من قياس مفردات اللغة الألمانيّة وطورت بذلك أيضًا مبادئ الترجمة،[6] وأثرت ترجمته لاحقًا على ترجمة الملك جيمس باللغة الإنكليزية للكتاب المقدس؛[7] كما ألّف لوثر عددًا كبيرًا من التراتيل الدينيّة التي أثرت في تطور فن الترنيم في الكنائس.[8] في السنوات الأخيرة من حياته، تزامنًا مع مرضه وتدهور حالته الصحيّة، كتب لوثر ضد اليهود وطالب بالتضييق على حرياتهم وحرق كنسهم ومنازلهم، ما دفع إلى رشقه بمعاداة الساميّة.[9]

حياته المبكرة

الطفولة والتعليم

هانز ومارغريت لوثر، والدا مارتن.

ولد مارتن لوثر من لودر هانز ومارغريت نيي يندمان في 10 نوفمبر 1483 في أيسلبن ضمن ألمانيا حاليًا،[10] والتي كانت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ككاثوليكي روماني، وقد عُمّد في صباح اليوم التالي لمولده في عيد القديس مارتن. انتقلت عائلته إلى مانسفيلد في 1484، حيث استأجر والده منجمًا للنحاس وشغل منصب واحد من أربعة ممثلين للمدينة في المجلس المحلي. كان له عدد من الأخوة والأخوات، أقربهم لمارتن هو شقيقه جاكوب.[11][12]

عرف عن هانز لوثر كونه طموحًا، إلى جانب رغبته في أن يرى مارتن ابنه الأكبر محاميًا؛ ولتحقيق هذه الغاية بعث به إلى إحدى المدارس اللاتينيّة في مانسفيلد، ثم إلى ماغديبرغ عام 1497، حيث انضمّ إلى مدرسة يديرها مجموعة من الرهبان على أسس الحياة المشتركة، وأخيرًا إلى إيزنباخ عام 1498.[13] كان القاسم المشترك بين المدارس الثلاث اعتمادها بشكل مُركّز على ما يدعى «الفنون الثلاثة» أي النحو والبلاغة والمنطق. في عام 1501، حين كان لوثر في سن التاسعة عشر، دخل جامعة إيرفورت - والتي وصفها في وقت لاحق بأنها حانة للجعة وبيت للدعارة -،[14][15] حيث كان نظام التعليم مركزًا، وصفه لوثر بأنه يوم شاق من التعلّم عن ظهر قلب، وغالبًا ما يكون مترافقًا مع تمارين روحيّة.[16] حصل لوثر من جامعة إيرفورت على الماجستير عام 1505.

لوثر في الرهبنة الأوغسطينية.

طبقًا لرغبة والده، التحق لوثر بكلية الحقوق في إيرفورت عام 1505، غير أنه بدأ بالتسرب من الدراسة بعد مدة وجيزة تقريبًا واعتبر أن القانون يمثل عدم اليقين، ملتفتًا نحو اللاهوت والفلسفة، ومعربًا عن اهتمام خاص بأرسطو وعدد من الفلاسفة القروسطيين أمثال غابرييل بيال،[16] الذين أثروا على فكره اللاهوتي سيّما من حيث التركيز على استخدام العقل في الدين دون أن يعلو على «الله المحب» والذي لعب الدور المحوري في فكر لوثر اللاهوتي،[17] جنبًا إلى جنب مع اعتقاده بأن البشر لا يمكن أن يتعلموا شيءًا عن الله إلا من خلال الوحي الإلهي، وبالتالي أصبح الكتاب المقدس متزايد الأهميّة بالنسبة له.[17]

قرر لوثر أن ينخرط في الرهبنة، وعزا قراره هذا في وقت لاحق إلى حدثٍ له في 2 يوليو 1505، حين نزلت صاعقة بالقرب منه حين كان على ظهر الخيل نتيجة عاصفة رعديّة أثناء عودته إلى الجامعة من منزل ذويه، فصرخ معلنًا أنه إن نجا سيغدو راهبًا، مع التعهد بعدم فسخ النذر أيًا كان.[18] ربما تكون وفاة اثنين من أصدقائه والحزن الذي أصيب به في أعقاب وفاتهما أثر أيضًا على انخراطه في سلك الرهبنة. في 17 يوليو 1505،[19] ترك كلية القانون، وباع كتبه الدراسية، ودخل دير الرهبنة الأوغسطينية، وقد عبّر والده عن سخطه من تصرف ابنه، بسبب ما اعتبره مضيعة لتعليم لوثر.[20]

الرهبنة والحياة الأكاديمية

خلال حياته الرهبانيّة، كرّس لوثر قسطًا طويلاً من يومه للصوم الطويل والتأمل والصلاة، والحج والاعتراف المتكرر.[21] لوثر وصف هذه الفترة من حياته لاحقًا بأنها مرحلة من اليأس الروحي العميق، وقال أنه فقد الاتصال مع المسيح المعزي، والذي تحوّل إلى سجّان ومضطهد للفقراء، في ظل غياب العدالة والظلم الواقع في ألمانيا آنذاك.[22][23] لاحقًا، قرر يوهان فون ستايبيتز، رئيس الرهبنة، أن لوثر بحاجة إلى العمل لصرفه عن التأمل المفرط، وأمره بمتابعة العمل الأكاديمي؛ بناءً على ذلك عُين عام 1507 أستاذًا للكهنوت في كان، وفي عام 1508 بدأ تدريس اللاهوت في جامعة فيتنبرغ،[24] ثم حصل على درجة البكالوريوس في دراسات الكتاب المقدس في 9 مارس 1508، ودرجة أخرى للبكالوريوس في عام 1509،[25] وفي 19 أكتوبر 1512 حصل على درجة دكتوراه في أصول الدين، وأخيرًا في 21 أكتوبر 1512 حصل على درجة الدكتوراه في الكتاب المقدس، وعاد إلى جامعة فيتنبرغ، حيث قضى القسط الأوفر من حياته.[26]

بدايات الإصلاح

باب كنيسة جميع القديسين في فيتنبرغ، والتي علق لوثر على بابها القضايا الخمس والتسعين، في 31 أكتوبر 1517، والتي شكلت بداية الإصلاح.

في عام 1516 أُرسل يوهان تيتزل، الراهب الدومينيكاني والمفوض البابوي الخاص إلى ألمانيا لبيع صكوك الغفران، بغية جمع الأموال اللازمة لإعادة بناء كاتدرائية القديس بطرس في روما.[27] كان اللاهوت الكاثوليكي الروماني يرى أن الإيمان وحده - أو التوبة وحدها - غير كافيّة للحل وغفران الخطيئة بل يجب أن تترافق مع أعمال صالحة كالأعمال الخيريّة التي من ضمنها التبرع بالمال للكنيسة.[28] في 31 أكتوبر 1517، كتب لوثر إلى أسقفه ألبرت الماينزي، احتجاجًا على بيع صكوك الغفران، ومعتبرًا أن الإيمان وحده كافٍ لنيل التبرير،[29] أرفق لوثر مع رسالته نسخة من أحد كتبه التي عرفت باسم الأطروحات أو القضايا الخمس والتسعين، والتي أعلن فيها لوثر أنه لا ينوي مواجهة الكنيسة أو البابوية مطلقًا،[30] لكن الرسائل والمناظرات خلال تلك الفترة وأسلوب الكتابة، ينمّ عن وجود نوع من التحدي في العديد من الأطروحات لاسيّما الرسالة 86، والذي سأل فيها: «لماذا يريد البابا بناء بازليك القديس بطرس من مال الفقراء، بدلاً من ماله أو مال الفاتيكان الخاص؟».[30] اعترض لوثر أيضًا على قول منسوب إلى الموفد البابوي يوهان بمعنى أنه حالما ترنّ العملة في قاع الصندوق، فإنّ أرواحًا تتخلص من العذاب. رغم كون هذه العبارة غير مؤكدة نسبتها تمامًا.[31]

ركّز فكر لوثر اللاهوتي، أنّ الله يمنح المغفرة بمعزل عن أي عمل صالح، وأن الغفران يحلّ من أي عمل تكفيري أو عقوبة مرتبطة به، واعتبر أنه لا يجوز على أتباع المسيح القبول بمثل هذه «الضمانات الكاذبة» المتعلقة بالعمل الصالح. في يناير 1518 قام مجموعة من أصدقاء لوثر بترجمة الأطروحات الخمسة والتسعين من اللاتينية إلى الألمانية وطبعت ثم وُزعت النسخ على نطاق واسع،[32] ما جعلها واحدة من أول أكثر الكتب انتشارًا في التاريخ، وفي غضون أسبوعين انتشرت في مختلف أنحاء ألمانيا، وفي غضون شهرين في جميع أنحاء أوروبا؛ وتعممت في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا عام 1519، وفي فيتنبرغ احتشد الطلاب لسماع مواعظ لوثر وأفكاره. حيث نشر، بعد القضايا الخمس والتسعين، كتيبات أشبه بالتعليق على الرسالة إلى أهل غلاطية وسفر المزامير؛[33] كان هذا الجزء الأول من شهادة لوثر وأعماله الإنتاجية التي لاقت بدورها قبولاً واسعًا؛ غير أن أشهر ثلاث مؤلفات للوثر نشرت عام 1520، وهي: النبالة المسيحية والأمة الألمانيّة وكتاب السبي البابلي للكنيسة وكتاب حرية المسيحي.

بالإيمان وحده

بين عامي 1510 و1520 كتب لوثر وحاضر عن سفر المزامير، والرسالة إلى أهل روما، والرسالة إلى العبرانيين والرسالة إلى أهل غلاطية؛ كما درس هذه الأجزاء وناقش استخدام مصطلحات خاصة مثل صلاح وتكفير في طريقة جديدة غير تلك التقليدية في الكنيسة الكاثوليكية. خرج نتيجة دراساته هذه بنتيجة مفادها بأنّ الفساد قد لحق بأساليب الكنيسة الرسمية في دراسة الكتب المقدسة، فقدت بنتيجتها الرؤية فيما عدّه جزءًا من الحقائق المركزيّة للمسيحيّة. وكان الأهم بالنسبة للوثر عقيدة التبرير - أي غفران الخطايا من قبل الله وتبرير الإنسان أمامه - حيث دافع لوثر عن كون التبرير يتم بنعمة من الله وحده، ولا حاجة لأي عمل كفاري يرافق أو يلي فعل التوبة لنيل الغفران.[34] بدأ لوثر بتدريس هذه العقيدة واعتبرها إحدى صخور الإيمان، كما كتب أنها المادة الرئيسيّة للعقيدة المسيحية برمتها، والتي من خلالها يمكن فهم أسباب التقوى.[35]

أضخم أعمال لوثر مناقشة لعقيدة التبرير بالإيمان وحده، كان كتابه عبودية الإرادة الذي نشر عام 1525، والذي كان ردًا على كتاب الراهب ايرازموس لعام 1524 حول الإرادة الحرة. استند لوثر في تدعيم موقفه على رسالة القديس بولس إلى أفسس 8: 2-10 ليبرهن أن الأعمال الصالحة التي يقوم بها المؤمنون لا تساهم في فعل التبرير، ومن ثم فالتبرير قادم من الله دون أي فعل مشاركة من الإنسان وذلك عن طريق سر الفداء؛ فسر الفداء حسب لوثر لا يمنح البر، بل هو البر بحد ذاته.[36] كتب لوثر أنّ التبرير والغفران هما هدية من الله، وأنه عن طريق الإيمان شعر بأنه «شخص قد ولد من جديد»، وأن اكتشافه «بر الله» لا يقل سعادة عن دخوله الجنة، وأنّ المتبرر يعيش بالإيمان ويعضده بالعمل الصالح كثمرة له دون أن يكون داخلاً في تركيب سيرورته.[37] ومن مقالات لوثر حول الموضوع:[38]

بموت المسيح من أجل خطايانا لمرة واحدة تبررنا (روما 3: 24-25) وأنه وحده هو حمل الله الذي حمل خطايا العالم (يوحنا 1: 29) وأنّ الرّب قد وضع عليه إثم جميعنا (أشعياء 6: 53). فالجميع قد أخطأوا، والله قد برر وغفر لهم بغض النظر عن أعمالهم السابقة وتفاوتها (روما 3: 23-25)، وهو أمر ضروري يجب أن يكون موضع إيمان. فلا يمكن الحصول على التبرير أو اغتنام الغفران من قبل أي قانون أو عمل صالح، فالتبرير هو هدية للمؤمن، تثمر الأعمال الصالحة.

النزاع مع البابوية

البابا ليون العاشر، بريشة رافائيل.

لم يقم مطران ماينز وماغديبرغ بالرد على رسالة لوثر التي طرح فيها القضايا الخمس والتسعين الخاصة به، وأعرب عن قناعاته بأنها تحوي بدعًا وهرطقات، وأرسل إشعارًا إلى روما بذلك.[39] وجه البابا ليون العاشر أمرًا إلى سلسلة من اللاهوتيين المختصين في «إصلاح الهراطقة» لمحاججة لوثر وذلك «بقدر كبير من العناية» وكما «هو صحيح».[40] and he responded slowly, "with great care as is proper."[41] وعلى مدى السنوات الثلاث التالية نشر اللاهوتيون سلسلة مقالات ضد لوثر، التي لم يكن من أثارها سوى تصلّب معاداة لوثر للبابوية، حيث أشار مجددًا إلى الأموال التي تستخدم من أعمال التكفير في بناء كاتدرائية القديس بطرس.[42] أخيرًا رفع الراهب الدومينيكاني سلفستر مازوليني دعوى قضائية على لوثر أمام محاكم العقيدة بتهمة الهرطقة، فاستدعي لوثر إثر قبول الدعوى إلى روما. غير أن القرار عدّل لاحقًا، بحيث تتم جلسات الاستماع إلى لوثر في أوغسبورغ برئاسة الموفد البابوي الكاردينال كاجيتان، في مبنى برلمان أوغسبورغ وبضمانته.[43] عقدت الجلسة الأولى في أكتوبر 1518 حيث أعلن لوثر أنّ البابوية غير منصوص عنها في الكتاب المقدس، وتحولت الجلسة إثر إعلانه إلى مشادة كلاميّة، وطوال الجلسات ركز لوثر على مهاجمة البابا رغم كون قضية جلسات الاستماع هي مناقشته القضايا الخمس والتسعون الخاصة برسالته الشهيرة.[44][45]

لم يستطع الموفد البابوي اعتقال لوثر في أوغسبورغ، حيث ضمنت الحكومة الأمان للوثر، رغم أن التعليمات الصادرة عن روما للموفد البابوي تنصّ على اعتقال لوثر في حال رفض الارتداد عن معتقداته. كما أن لوثر غادر المدينة في الليل ودون إبلاغ الكاردينال أو الحصول على إذنه. في يناير 1519 عينت البابوية القاصد الرسولي كارل فون ميلتيز في ألتنبرغ في ولاية سكسونيا لإعادة الاستماع إلى لوثر. كان القاصد الرسولي ذو نهج أكثر ميلاً للمصالحة وقدم بعض التنازلات للوثر في التفاصيل. وفي شهري يونيو ويوليو 1519 نظمت مناظرات بين أنصار لوثر وأنصار التقليد الكاثوليكي، وتمت دعوة لوثر شخصيًا للمناظرة. أكد لوثر بشكل أجرأ خلال هذه الفترة أن متى 18: 16 لا يضفي على البابوات الحق الحصري في تفسير الكتاب المقدس، ومن ثم طعن في العصمة البابوية في الأمور العقائدية.

في 15 يونيو 1520 أصدر البابا مرسومًا يقضي بالطرد والحرم الكنسي للوثر في حال لم يتراجع عن 41 جملة مأخوذة من كتاباته بما فيها القضايا الخمس والتسعين، وذلك ضمن مهلة ستين يومًا. حاول يوهان إيك في ميسين، وكارل فون ميلتيز والسفير البابوي التوسط في إيجاد حل؛ ولكن لوثر الذي أرسل للبابا نسخة من كتابه «حرية المسيحي» في أكتوبر، أضرم النار في المرسوم البابوي على الملأ في فيتنبرغ يوم 10 ديسمبر 1520. وانتهت هذه القضية بصدور الطرد والحرمان من قبل البابا ليون العاشر بحق لوثر في 3 يناير 1521.[46]

تصاعد نشاطه

مجلس ورمز

لوثر قبيل مجلس ورمز.

في 18 أبريل 1521 عُرض مارتن لوثر على مجلس ورمز. كان المجلس مجمعًا في مدينة ورمز على نهر الراين يضم قضاة من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ويترأسه الإمبراطور نفسه. وكان سبب انعقاد المجمع الذي بدأ أعماله في 28 يناير وحتى 25 مايو، على مناقشة القضايا الخمس والتسعين التي طرحها لوثر، وآلية تفعيل الحرم الكنسي عليها. حضور لوثر لهذا المجلس، جاء بعد أن حصل على صكّ أمان من الأمير فريدريك الثالث.

قدّم يوهان إيك، متحدثًا نيابة عن الإمبراطور، نسخًا من كتابات لوثر، وسئل بداية إذا ما كانت الكتب من وضعه، ولا يزال موافقًا على محتوياتها. أكّد لوثر أن الكتب من تأليفه، وطلب وقتًا للإجابة على السؤال الثاني. صلى لوثر، واستشار أصدقاءه، وقدّم رده في اليوم التالي، بأنه مقتنع ولديه ثقة بشهادة الكتاب المقدس وحدها، دونًا عن البابا أو المجامع، التي تخطأ وتناقض نفسها في كثير من الأحيان. واعتبر لوثر نفسه في نصّ جوابه الرسمي «أسير كلمة الله»، ورفض الارتداد عن أفكاره، وقال أنه لا يجوز أن يكره بأن يعتقد ما هو ضد ضميره.[47][48]

على مدى الأيام الخمسة التالية، عقدت جلسات متوالية لتحديد مصير لوثر. قدّم الإمبراطور المسوّدة النهائية التي يراها ملائمة في 25 مايو 1521، وفيها إدانة لوثر بوصفه خارجًا عن القانون، وحظر مؤلفاته، كما طالب باعتقاله بوصفه "زنديق سيء السمعة"؛[49] كذلك فقد نصّ القرار على تجريم كل مواطن في ألمانيا يأوي لوثر أو يقدم له مساعدة، كما أهدر دمه بمعنى أن قتله العمد لن يتسبب بأي أثر قانوني.

في قلعة فرتبرغ

قلعة فرتبرغ، المكان الذي التجأ إليه لوثر بعد محاكمة مجلس ورمز.

قام الأمير فريدريك الثالث بنقل لوثر تحت حماية فرسان ملثمين إلى قلعة فرتبرغ بعد انفضاض مجلس ورمز. وخلال إقامته في القلعة الواقعة في منطقة إيزنباخ، ترجم لوثر العهد الجديد من اليونانية إلى اللغة الألمانية، ووضع عددًا من الكتب الجدليّة، كان من ضمنها كتابًا تهجم فيه على ألبريشت رئيس أساقفة ماينز، كما ألف كتبًا أخرى في شرح مبدأ التبرير، وتفنيد لاهوت التبرير في الكنيسة الكاثولكية، وشرح عدد من الكتابات اللاهوتية.[50][51]

جميع هذه الأعمال، ركزت على الإيمان، وقال إنّ العمل الجيد الذي يقوم به المرء بهدف كسب أجر من الله هو خطيئة. وبيّن أنّ كل البشر خطاؤون بالطبيعة، وأنه بدون نعمة الله، لا يمكن للإنسان أن يقوم بعمل صالح. في 1 أغسطس 1521 كتب لوثر إلى ملنشثون حول الموضوع ذاته: «"كن خاطئا، بل وخطاياك قويّة، ولكن دع ثقتك في المسيح تكن أقوى، لتفرح في المسيح المنتصر على الخطيئة والموت.»[52] في المرحلة ذاتها من مراحل تطوّر فكره، هاجم لوثر التقوى الشعبيّة، مثل الحج أو زيارة الكنائس أو سواها من الممارسات الكنسيّة. قال أن القداس الإلهي هو هدية من الإله، وأدان فكرة اعتبارها تجسيداً للتضحيّة، وذهب لحد وضع هذا التصوّر بأنه وثنية. رفض لوثر، خلال تواجده في قلعة واتبرغ، سر الاعتراف بشكل إلزامي، وقال أنه بدلاً من الاعتراف لدى قس، يجب التشجيع على الاعتراف والغفران بشكل خاص، وقال أنّ "كل مسيحي هو مُعرّف".[53] وفي نوفمبر، اعتبر لوثر أن كسر النذور الرهبانيّة، وأهمها نذر العفّة، ليست خطيئة، لأن هذه النذور كانت محاولة غير شرعيّة وقاصرة ودون جدوى للفوز بالخلاص.[54]

الغرفة التي أقام فيها لوثر، في قلعة فارتبورغ.

أثارت هذه الكتابات الكثير من الاضطرابات، لاسيّما في أوساط الرهبنة الأوغسطينية التي تخرج منها لوثر، والتي تمرد بها الرهبان محطمين الأيقونات في الكنائس ومعلنين دعمهم لأفكار لوثر وشجبهم مجلس ورمز؛ بعد زيارة سريّة وسريعة قام بها إلى فيتنبرغ في ديسمبر 1521، كتب لوثر عتابًا لمناصريه على هذه التصرفات، ودعا كافة المسيحيين لتوقي خطر التمرد والثورة.[55] التقلبات في فيتنبرغ استمرت إلى ما بعد عيد الميلاد، حيث دأبت عصابات صغيرة من أنصار لوثر الأكثر تعصبًا، على أعمال شغب، ووعظ حول معمودية الكبار، والعودة الوشيكة للمسيح. وقبيل نهاية العام، سمح مجلس فيتنبرغ بعودة لوثر إليها.[56][57]

العودة إلى فيتنبرغ وحرب الفلاحين

عاد لوثر سرًا إلى فيتنبرغ في 6 مارس 1522. وكتب "خلال غيابي، دخل الشيطان إلى حظيرة الأغنام في بلادي، جالبًا ويلات عديدة لا يمكن إصلاحها عن طريق الكتابة فقط، بل من خلال وجودي الشخصي وكلماتي المعاشة".[58] ابتداءً من يوم الأحد 9 مارس، ولمدة ثمانية أيام لمناسبة الصوم الكبير، أعلن لوثر ثمانية خطب، أصبحت تعرف باسم "العظات"، ناقش خلال هذه الخطب أهمية سيادة «القيم المسيحية» الأساسية مثل الحب، والصبر، والإحسان، والحرية، والثقة بكلمة الله بدلاً من العنف في إحداث تغيير ولو كان ضروريًا.[59] وعظ لوثر فيما يخصّ الموضوع الأخير: "هل تعرف بماذا يفكر الشيطان عندما يرى الرجال يستخدمون العنف لنشر الإنجيل؟".[60] ليستنتج أنّ الشيطان هو من يجني الفائدة في ذلك، وأنه يخاف بالأحرى وينهزم عندما يرى الكلمة والعمل هما سلاحا الميدان في المعركة.[60]

صورة لأحد معارك حرب الفلاحين في القرن السادس عشر في ألمانيا.

كان تأثير عودة لوثر كبيرًا للغاية، فبعد العظة السادسة، كتب فقيه فيتبرغ جيروم سشورف: "يا للفرحة من عودة الدكتور مارتن، تنتشر بيننا كلماته من خلال الحرمة الإلهية، وإعادة جميع المضللين اليوم، إلى سبيل الحقيقة".[61] أما المجموعة الثانية من عظات لوثر، فكانت حول إقرار أو تعديل ممارسات كنسيّة بعينها، كما عمل خلال تلك الفترة مع السلطات المدنية لاستعادة النظام العام؛ وقد واجه معارضة قويّة من المحافظين الذين أرادوا المحافظة على الطقوس دون مساس، وهو ما أدى إلى إثارة الاضطرابات الاجتماعية والعنف.[62]

وعلى الرغم من نبذ لوثر للعنف، فإن مساعديه من الدعاة أمثال نيكولاس ستورش وأنصار الأنبياء تسفيكا، وتوماس منتزر، قاموا بتحريض الفلاحين الألمان خلال فترة 1524-1525 للثورة، ارتكبت خلالها العديد من الفظائع، وغالبًا تحت اسم لوثر. كانت الثورات الفلاحيّة على نطاق صغير، أمرًا منتشرًا في ألمانيا خلال القرن الخامس عشر،[63] لكن منشورات لوثر عن رفض التراتبية الهرمية في الكنيسة، وتكرار استخدام عبارات مثل حريّة وليبرالية، أجج اعتقاد الطبقات الفلاحيّة بأن لوثر سيدعم أي هجوم على الطبقات العليا بشكل عام. اندلعت ثورات في فرانكوفونيا، وشوابيا، وساكسونيا السفلى في عام 1524، وتحول الأمر إلى صدامات مسلحة أشبه بحرب.[64]

تعاطف لوثر مع شكاوى بعض الفلاحين، وأظهر ردًا مستفيضًا في مقالاته الإثني عشر التي صدرت في مايو 1525، لكنه أكّد في الوقت ذاته على وجوب طاعة السلطات الزمنيّة.[65][66] وصرّح خلال جولة له في ساكسونيا السفلى، أنه غضب على نطاق واسع من حرق الأديرة ومقرات الأساقفة والمكتبات؛ وعمليات القتل والسرقة؛ التي قامت بها عصابات الفلاحين الداعمة له. بعد عودته إلى فيتنبرغ، قدّم تفسيره لرأي الإنجيل في الثورة، وأدان بشدة أعمال العنف التي وصفها بكونها أعمال إبليس، بل دعا النبلاء إلى إخماد المتمردين «مثل الكلاب المسعورة».[67]

تبريرات لوثر لمعارضته ثورة الفلاحين كانت في ثلاثة أسباب، السبب الأول أنهم اختاروا العنف في وجه حكومة زمنيّة شرعيّة، متجاهلين قول المسيح في «تقديم ما لقيصر لقيصر، وما لله لله»، واستشهد أيضًا بالرسالة إلى روما 13: 1-7 حيث أوضح القديس بولس أنّ السلطة هي من الله وبالتالي لا يمكن مقاومتها. والسبب الثاني، الأعمال المخالفة للوصايا الإلهية خلال الثورة من قتل وسرقة ونهب والتي وضعت الفلاحين خارج «شرع الله وقوانين الإمبراطورية» لذلك فهم «يستحقون الموت في الجسد والروح، إذ غدوا قطاع طرق وقتلة» والسبب الثالث هو التجديف، إذ إنهم قد قاموا بأفعالهم هذه، تحت شعار الإنجيل.[68]

ومن دون دعم لوثر للانتفاضة، ألقى العديد من المتمردين أسلحتهم، وشعر البعض الآخر بالخيانة. وبعد معركة فرانكن هوسن في 15 مايو 1525، انتهت حرب الفلاحين. ليجد بعض المتطرفين ملاذهم في جماعات أخرى نشأت على غرار اللوثرية مثل حركة تجديد العماد.[69]

كاترينا فون بورا، زوجة مارتن لوثر.

زواجه

تزوج مارتن لوثر من كاترينا فون بورا، وهي واحدة من اثني عشر راهبة كاثوليكية هربنّ من دير سترسن في أبريل 1523، وساعدهنّ لوثر في الهروب. كان عمر كاترينا 26 عامًا، بينما لوثر 41 عامًا. تزوج لوثر في 13 يونيو 1525.[70][71]

كان بعض القسس المناصرين للوثر متزوجًا بالفعل قبلاً، مثل كرلستدت أندرياس وجوناس يطس، ولكن زفاف لوثر كان ختم الموافقة على زواج رجل الدين.[72] ورغم أن بعض كتاباته قد أدانت عهود العفة التي برأيه لا يمكن أن تنسب إلى الكتاب المقدس، لكن قراره بالزواج قد فاجأ كثيرين، بمن فيهم مقربون منه، أمثال ملنشثون الذي وصف تصرفه بالمتهور.[73] كتب لوثر في 30 نوفمبر 1524 مبررًا زواجه، فإلى جانب الحب، و«اكتشاف الجسد»، فإن لوثر كما اعترف كان يعيش على أبسط أنواع الطعام، ودون أدنى اهتمام، بحاجياته، كسريره مثلاً.

كان لوثر ذي زواج «سعيد وناجح»، أنجب منه ستة أطفال، هانز - يونيو 1526؛ إليزابيث -ديسمبر 1527، والتي توفيت بعد شهور قليلة؛ المجدلية -1529، التي توفت عام 1542؛ مارتن - 1531؛ بول -يناير 1533؛ مارجريت - 1534.[74] إلى جانب عمله الكنسي، فإن لوثر قد ساعد زوجته كاترينا في زراعة الأرض، وبيع منتوجاتها. صرّح لوثر في 11 أغسطس 1526، أنه يملك كل شيء، وأنه لن يبدل «فقر بلده، بثروات كرويسوس».[75]

تنظيم الكنيسة

زجاجية تظهر مارتن لوثر يعظ بالإنجيل في كنيسة القديس متى، في الولايات المتحدة.

مع عام 1526 وجد لوثر نفسه وبشكل متزايد، ينظّم كنيسة جديدة.[76][77] بين عامي 1525 و1529 شكّل لوثر هيئة للإشراف على الكنيسة، لخدمة المكان ووضع الكتب والشروح وتنظيم أشكال العبادة. أراد أن تكون الكنيسة لا مركزية، بحيث لا يمكن استبدال النظام التراتبي المعمول به في الكنيسة الكاثوليكية بآخر شبيه، ولذلك فقد أوجد الكنائس المحليّة، مثل كنيسته في ولاية سكسونيا والتي لا تتدخل في شؤون الكنائس في سائر الولايات الألمانيّة، وإنما تتعامل كمستشار لكنائس المناطق الجديدة لا غير.[78] فصل لوثر الإدارة المالية من رجال الدين، وأناطها بمسيحيين عاديين في مجالس خاصة لهذه الغاية، حسب بريشت كاتب سيرة مارتن لوثر، فإن هذه الخطوة، كانت بداية تطور غير مقصود في تاريخ البشرية، حول سيطرة السلطة الزمنيّة على ممتلكات وأموال الكنيسة.[79] تصريحات لوثر التي أطلقها لرعاة الكنائس عام 1528 شكلّت تراجعًا عن حدة مواقفه السابقة، فالبيان الذي صاغه ملنشتون بموافقة لوثر، شدد على دور التوبة في غفران الخطايا، على الرغم من موقف لوثر أن الإيمان كافي للتبرير؛ كذلك فقد أدان تدريس كون الإيمان منفصل عن الأعمال. هذه التعليمات، في وثيقة رسمية صادرة عن لوثر، شكلت مشكلة لأولئك الذين يسعون لتطور ثابت في الفكر والممارسة عند لوثر.[80]

كان لوثر، وبناءً على طلب أتباع الكنيسة، قد كتب ونشر قداسًا ونشره في بداية عام 1526،[81] وهو يشبه إلى حد بعيد الرتبة الرومانيّة الكاثوليكية، غير أن الفروق تميزت باللغة، فالكنيسة الرومانية كانت توجب تلاوة نصّ القدّاس باللاتينية حتى المجمع الفاتيكاني الثاني الذي انعقد في النصف الثاني من القرن العشرين، في حين أن لوثر ومنذ القرن السادس عشر وضع نصّ القداس باللغة الألمانية السائدة؛ كما أنه قام بتبسيط بعض الحركات الطقسية؛ وأغفل من النص أي عمل كفاري من قبل المشاركين في القدّاس عن خطاياهم. احتفظ لوثر بالتنظيم الكنسي التقليدي، من حيث ارتفاع الهيكل ووجوب الكأس، في حين جعل الشموع وغطاء المذبح وثياب القس المحتفل اختياريّة.[82][83] بعض المصلحين البروتستانت اللاحقين أمثال زوينجلي نظر إلى قداس لوثر وتنظيمه على أنه «بابوي جدًا»؛[84] المؤرخون لاحظوا أن أغلب تعديلات لوثر أدخلت لاحقًا على رتبة القداس الكاثوليكي الروماني نفسها.

قدّم لوثر أيضًا رتبًا عن العماد والزواج، وعيّن مواعيد يوميّة في الكنائس لتلقين التعليم للأطفال أو الشباب أو الفقراء.[85] هذا التنظيم، الذي بدأ في العام 1527، شكل بنوع أو بآخر، أساس مدارس الأحد لدى سائر الطوائف حديثًا؛ والدافع الأساسي له، كتابات لوثر عن عدم معرفة الناس كثيرًا عن العقيدة المسيحية، وأشار إلى كون كثير من القساوسة تنقصهم المهارة والأسلوب في الوعظ والتدريس، لذلك فقد وضع لوثر نظامًا آخر، لتقوية الوعظ في الكنائس؛ كما نشر عام 1529 كتابه الشهير عن التعليم المسيحي، والذي قدّمه كدليل للرعاة والمعلمين، ويشتمل على تعاليم مسيحية سهلة الفهم مثل الوصايا العشر، والصلاة الربيّة، والعشاء الأخير. أشار لوثر أنه من غير المطلوب أن يحفظ المسيحيون فقط عن التعليم المسيحي، بل أن يفهموها أيضًا.[86][87] ولا يزال، كتاب لوثر عن التعليم المسيحي مستعملاً حتى اليوم، إلى جانب العديد من الترانيم التي صاغها، وترجمته الخاصة للكتاب المقدس. ولقد أثبت التعليم الذي قدمه لوثر - لا سيّما المنشورات اللاحقة التي قدمها في كرّاسات صغيرة - فعاليّة كبيرة، في مساعدة الآباء تعليم أطفالهم، وكذلك كان فعالاً بالنسبة للقساوسة.[88] استخدام اللغة الألمانية العاميّة وتبسيط العقيدة، كانتا النقطتان الأساسيتان في تأليف لوثر.[89]

ترجمة الكتاب المقدس

النسخة الأصلية لترجمة لوثر للكتاب المقدس عام 1534.

نشر لوثر ترجمته الألمانية للعهد الجديد عام 1522،[90] ثمّ أنهى ومعاونيه ترجمة العهد القديم عام 1534، ليُتمّ بذلك ترجمة الكتاب المقدس كلّه. واستمرّ على دراسة اللغات القديمة والعمل على صقل الترجمة حتى نهاية حياته.[91] انتُقد لوثر لإضافته كلمة "وحده" بين كلمة "الإيمان" في روما 3: 28،[92] غير أن لوثر استفاض بتبرير عمله لكون الخلاص بالإيمان وحده حسب رأي لوثر هو العقيدة الأساسية في المسيحية، وأن القديس بولس كان يريد أن يوصل هذه الفكرة، وبالتالي فإضافة الكلمة أمر ضروري لكي يتضح بشكل ناصع فحوى العقيدة المسيحية في التبرير كما رآها لوثر.[93]

انتشرت ترجمة لوثر في جميع أنحاء ألمانيا، وقال أنه يعتزم العمل بكامل طاقاته لجعل الوصول إلى الكتاب المقدس سهلاً ويوميًا بالنسبة لجميع الألمان، وإزالة أي عائق قد يراه الشخص أمام بعض المفاهيم أو الألفاظ. حظيت ترجمة لوثر بشعبية كبيرة وتأثيرًا كبيرًا في ترجمة الكتاب المقدس، ودفعت إلى ارتفاع الطلب على المنشورات باللغة الألمانية، كما ساهمت مساهمة فعالة في تطور اللغة والأدب الألمانيين؛[94] وذهب البعض إلى أن انتشار اللوثرية في مختلف أصقاع ألمانيا يعود لترجمته هذه؛[95] ومما يذكر، هو تأثير هذه على ترجمات أخرى لاحقة مثل ترجمة الكتاب المقدس للإنجليزية عام 1525، ومن ثم ترجمة الملك جيمس الشهيرة لاحقًا.[96]

الترانيم

ترك لوثر إرثًا غزيرًا من الترانيم، التي جاء بعضها تلحينًا لمقاطع من الكتاب المقدس، أو وحيًا من مقاطع بعينها منه. قدّم لوثر ألحانًا للطبقات العليا، وكذلك استخدم الموسيقى الشعبية، بحيث تجمّع حول ترانيمه رجال الدين والرجال العاديين والنساء والأطفال.[97] انتشرت ترانيم لوثر في العبادات، والمدارس، والمنازل، والساحات العامة. الكثير من ترانيم لوثر، كانت مرتبطة بمواقف معينة من حياته لاسيّما كفاحه في سبيل الإصلاح، فمناظراته مع الكنيسة الرومانيّة هي التي دفعت لتقديمه ترنيمة نشيدًا جديدًا، نرفع نحن. (بالألمانية: Ein neues Lied wir heben an) والتي ترجمت لاحقًا إلى الإنجليزية ولحنتها ماريا تيدمان عام 1875.[98][99]

في عام 1524 قدّم لوثر ترنيمته العقائديّة التي تشرح وجهة نظره للمعتقدات المسيحية بعنوان نحن جميعًا نؤمن بإله واحد حقيقي (بالألمانية: Wir glauben all an einen Gott) وهي من ثلاث مقاطع تشرح إيمان الرسل، وتشكل أحد أساسات التعليم المسيحي؛ وتم توسعتها وتطويرها في مراحل لاحقة وباتت أحد أهم الاناشيد الواسعة الانتشار في الكنائس اللوثرية، كما تعتبر من أشهر الترانيم اللاهوتيّة في القرن الثامن عشر، غير أن لحنها الصعب جعل استخدامها نادرًا في القرن العشرين.[97] وفي عام 1538 قدّم لوثر الصلاة الربية ملحنة، مع تفاسير لها تتوافق مع التعليم المسيحي كما رآه لوثر، وذلك بتعليق على كل مقطع من الطلبات السبعة التي قدمها المسيح في الصلاة، وترنّم في الكنائس اللوثرية كتهيئة للقداس، وكوسيلة لدراسة المرشحين لتولي التعليم المسيحي. عدّل لوثر ونقّح في النص مرات متعددة، مما يدلّ على رغبة لوثر في تعزيز النص واللحن لتوفير الصلاة بشكل أكثر ملائمة.[100]

في عام 1523 استوحى لوثر من المزمور 130 ترنيمته من أعماق الويل، أبكي لك (لغة ألمانية: Aus tiefer Not schrei ich zu dir) وأرسلها كعينة لتشجيع زملائه على تلحين المزامير أو وضع أناشيد على غرارها لاستخدامها في العبادات؛ ونشرت هذه الترنيمة مع سبع أخرى في كتاب التراتيل اللوثرية الأول. وفي العام التالي، وضع لوثر ترنيمة عقائديّة أخرى بعنوان وحدها النعمة والتي استخدمت على نحو واسع في الطقس اللوثري لاسيّما في الجنازات. كما أصدر لوثر لحنًا للمزمور 67 وآخر للمزمور 51، مع شرحه من كتاب التعليم المسيحي للوثر والخاص بسر الاعتراف.[101] وعلى الغرار نفسه في وضع الترانيم العقائديّة، كتب لوثر عام 1540 ترنيمة إلى الأردن جاء المسيح (لغة ألمانية: Christ unser Herr zum Jordan kam) ليعكس بخلالها بصيغة الأسئلة والأجوبة متعلقات بالتعليم المسيحي عن العماد. هناك عدد كبير من الترانيم الشهيرة الأخرى التي صاغها لوثر حول عيد الميلاد وعيد الفصح والمجيء الثاني للمسيح والوصايا العشر،[97] أثرت لاحقًا على الفن الموسيقي الديني في أوروبا، كما أثرت في كبار الموسيقيين أمثال يوهان باخ الذي أعاد تقديم عدد من ترانيم لوثر في صيغ حديثة.

آراء جدالية

نصب لمارتن لوثر في برلين، ألمانيا.

خلافًا لآراء العديد من المصلحين أمثال كالفن وملنشثون،[102][103] كان لوثر يعتقد بأن الروح "ترقد وتنام" بعد انفصالها عن الجسم في الموت، حتى يوم القيامة.[104] وبذلك نفى التفسيرات التقليدية لبعض مقاطع الكتاب المقدس، مثل مَثل الغني والعازر.[105] وخلافًا للكنيسة الكاثوليكية، رفض لوثر فكرة وجود مطهر، يكفّر فيها الموتى عن الخطايا التي لم تكفّر بعد في الحياة الأرضية.[106][107] وأكد لوثر أيضًا على استمرار هوية المرء الشخصية إلى ما بعد الموت. وقد لاحظ اللاهوتي اللوثري فرانز بيبر أن تعليم لوثر عن حالة الروح بعد الموت تختلف عن اللاهوتيين اللوثريين في وقت لاحق أمثال غيرهارد يوهان.[108]

في أكتوبر 1529 استدعى فيليب الأول مجموعة من علماء الدين من ألمانيا وسويسرا لعقد مجلس في ماربوغ بهدف إنشاء وحدة مذهبية في الدول البروتستانتية الناشئة؛[109] وبنتيجة المجلس تم التوصل لاتفاق على 14 نقطة من أصل 15 نقطة مطروحة، والخلاف الوحيد كان عن طبيعة القربان الأقدس - سر الإفخارستيا - وهي مسألة حاسمة في الفكر اللوثري.[110]

اختلف رجال الدين ولاهوتيو البروتستانتية حول تفسير الآيات المتعلقة بتقديم المسيح الخبز على أنه جسده في العشاء الأخير، فبينما ذهب أغلب لاهوتيي الكنيسة البروتستانتية إلى تأويل النص وأخذه مجازيًا، فقد أصرّ لوثر على الوجود الحقيقي وبشكل سرّي للجسد والدم في الخبز الفطير والنبيذ المكرّس، متفقًا بذلك جزئيًا مع تعليم مجمع ترنت في الكنيسة الكاثوليكية؛[111][112] في حين اعتقد خصوم هذا الرأي بأن لا تحوّل يحصل، وأنّ الأمر هو تحوّل روحي أو مجرد رمز.[113] تحول النقاش إلى جدال ومواجهة في كثير من الحالات، خصوصًا مع زوينجلي. وعلى الرغم من هذا الخلاف حول سر القربان المقدس، فإن مجلس ماربوغ مهد الطريق للتوقيع عام 1530 على اعتراف أوغسبورغ والذي شكّل جامعة للدول البروتستانتيّة وشارك به حشد كبير ومرموق من النبلاء والأمراء البروتستانت.[114][115]

مع بداية العام 1537 كان يوهانس أغريكولا وهو أحد القسس الواعظين في آيسلبن مسقط رأس لوثر، يعظ بإسقاط الوصايا العشر بحجة كونها واردة في العهد القديم، وقال بأنه لا يجوز تدريسها كجزء من التعليم المسيحي.[116] قام لوثر بالرد على أطروحات أغريكول في ستة رسائل مفتوحة، بيّن فيها لوثر قراءة جديدة للوصايا العشر، فهي برأيه تساعد في اكتشاف الخطيئة وبالتالي تحثّ على التوبة وطلب الغفران، وتبيّن بشكل جلي ما جاء المسيح ليعمله في الإنجيل.[117] ومن ناحية ثانية، أشار لوثر إلى أن الوصايا العشر تشكل إرادة الله الأبديّة أي بمعنى آخر القانون الطبيعي، الذي يبين كيف يمكن للمسيحي أن يعيش.[118]

كذلك، فإنّ من الآراء والمواقف الجدليّة البارزة التي عُرف بها لوثر، علاقته بزواج فيليب الثاني مع احتفاظه بزوجته الأولى، أي رعايته تعدد الزوجات.[119] كان فيليب قد التمس موافقة لوثر وملنشثون وعددًا من كبار اللاهوتيين حول تعدد الزوجات، مستندًا إلى تعدد الزوجات الذي قام به عدد من الآباء الأولين أمثال إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى. لم يكن لاهوتيو الكنيسة الناشئة، بمن فيهم لوثر نفسه، قادرين على مواجهة الحاكم والنفوذ السياسي، لذلك فقد رخصوا له بالزواج الثاني شرط أن يكون سريًا وغير مفضوح، ونتيجة هذا الترخيص تزوج فيليب الثاني في 4 مارس 1540 من مارغريت فون ديرسيل.[120]

لاحقًا هدد فيليب الثاني بفضح لوثر، الذي قام بدوره بإنكار أي صلة له بالزواج الثاني، أما كاتب سيرة مارتن لوثر بريخت، يرى أن الموافقة الضمنيّة التي قدمها لوثر على زواج فيليب الثاني كانت «واحدة من أسوأ الأخطاء التي قام بها لوثر»، وأنه أخطأ في حساب الآثار السياسية المترتبة على عمل كهذا، ومن ثم فإن افتضاح هذه القضيّة تسببت بأضرار بالغة على سمعة لوثر.[121]

لوثر والأديان الأخرى

موقفه من الإسلام

خلال انعقاد مجلس ماربورغ، كان سليمان القانوني يحاصر فيينا عاصمة النمسا.[122] كان لوثر قد رفض مقاومة العثمانيين في شرح له يعود لعام 1518 للقضايا الخمس والتسعين، فاتهم بالانهزاميّة. كان لوثر يرى الأتراك آفة أرسلت لمعاقبة المسيحيين من قبل الله، وأنهم جزء من الويلات التي تحدث عنها سفر الرؤيا إلى جانب البابوية التي اعتبرها لوثر خلال تلك المرحلة ضد المسيح.[123] لبث لوثر معارضًا أي حرب على أساس ديني، معتبرًا إياها مخالفة لعقيدة المسيح، ومن ثم عاد عام 1526 وقبل بحق الدفاع عن النفس ضد الأتراك أو سواهم، وفي أواخر حصار فيينا، كتب لوثر صلاة من أجل الخلاص من الأتراك، سائلاً الله أن «يعطي الفوز للإمبراطور، دائمًا على أعدائنا».[124][125]

في عام 1542 قرأ لوثر ترجمة لاتينية للقرآن،[126] وكتب عدة تعليقات عن الإسلام الذي كان يدعوه «المحمدية» أو «الأتراك».[127] وعلى الرغم من أن لوثر قد وجد الإسلام «أداة للشيطان»، إلا أنه عارض منع نشر القرآن في أوروبا، وعبّر عن أهمية تعرضه للتدقيق والتمحيص في الغرب، كما أبدى عدم مبالاة تجاه العبادات الإسلامية وكتب: «دعوا الترك، يؤمنون ويعيشون كما يشاؤون».[128][129]

معاداة اليهودية والساميّة

غلاف كتاب لوثر المعادي للساميّة عن اليهود وأكاذيبهم.

كتب لوثر عن اليهود في جميع مراحل نشاطه، على الرغم من العدد القليل جدًا من اليهود الذين تعامل معهم، لكن مواقفه كانت تعكس التقاليد اللاهوتية والثقافية في الغرب آنذاك والتي صنفت اليهود كشعب رفض قبول المسيح ومن ثم تورط في قتله، وعاش ضمن مجتمعات منعزلة عن المحيط العام في أوروبا.[130][131] اعتبر لوثر اليهود غير مؤمنين لأنهم رفضوا الاعتراف بأن يسوع هو المسيّا،[132] رغم أنه في الوقت نفسه، كان يعتقد بأن جميع البشر على اختلاف مللهم وأعمالهم قد اشتركوا في الذنب نفسه وفي ارتكاب الشر ضد الله.[133] في عام 1523 نصح لوثر بالعطف تجاه اليهود، وبرر ذلك بأن يسوع نفسه قد ولد يهوديًا، لكنه أوضح أن الهدف من المعاملة الحسنة بهدف تحويلهم إلى المسيحية، وأمام فشل مثل هذه الجهود، زادت عدائية لوثر لليهود.[134]

كانت أعمال لوثر الرئيسية عن اليهود هي نحو 60,000 مقالة جمعها في كتاب عن اليهود وأكاذيبهم (لغة ألمانية: Von den Juden und Ihren Lügen) وكتاب الاسم المقدس ونسب المسيح (لغة ألمانية: Vom Schem Hamphoras und vom Geschlecht Christi) وكلاهما نشرا في عام 1543 أي قبل ثلاث سنوات من وفاته.[135] قال لوثر، بأن اليهود لم يعودوا شعب الله المختار وإنما «أناس الشيطان»،[136][137] ودعا لإحراق الكنس اليهودية وتدمير منازلهم ومنع الحاخامات من الوعظ والاستيلاء على أملاكهم، ووصفهم بأنهم "الديدان السامة" التي يجب أن "تعمل أو تطرد إلى الأبد"، وبين أنه " من الخطأ عدم قتلهم".[138] أعمال لوثر، تركت تأثيرًا على أتباعه حتى بعد وفاته،[139] وعلى الرغم من أن السلطات المدنية آنذاك رفضت طرد اليهود بناءً على اقتراح لوثر، فإن أعمال شغب اندلعت خلال عقد 1580 تعرض خلالها اليهود لطرد جماعي من المقاطعات الألمانية اللوثرية. وبحسب عدد كبير من المؤرخين، فإن للوثر وشعبيته أثر بالغ في تطوير معاداة السامية في ألمانيا، وخلال فترة 1930-1940 استخدم الحزب النازي كتابات لوثر، لتكون "الدعامة المثالية" لمعاداتهم الساميّة ومحاولات القضاء على اليهود،[140][141][142][143] وبحسب روبرت مايكل، فإن كل كتاب مطبوع خلال عهد الرايخ الثالث يحوي اقتباسات من لوثر.[144] وفي 10 نوفمبر 1938 تزامنًا مع عيد لوثر، أُحرقت العديد من الكنس في ألمانيا، ووفقًا لجيري ديك وهو مدرس تاريخ، فإنّ النازية حصلت على دعمها الشعبي والكم الأكبر من أصواتها من المقاطعات البروتستانتية في ألمانيا، خلافًا للمقاطعات الكاثوليكية. في المقابل، فإن بعض المؤرخين برأ لوثر من كونه أصل معاداة السامية، وقال أن تأثير كتبه عن اليهود كان محدودًا ومؤقتًا، لكنّ النازيين استغلوا اسمه بشكل انتهازي. كاتب سيرته مارتن بريخت، أشار إلى وجود فرق شاسع بين اعتقاد لوثر بأن الخلاص لن يناله اليهود، وبين الكراهية لهم على أساس عنصري. ورغم محاولات التبرير هذه، فإن صورة لوثر كمعاد للسامية، والمتسبب بالكراهية لليهود، لا تزال بارزة؛ ومن أصحاب الآراء الشهيرة في هذا الخصوص رولاند باينتون وهو مؤرخ كنسي لوثري، قال أنه يتمنى لو كان لوثر قد مات قبل أن يضع كتابه "عن اليهود وأكاذيبهم".[145]

تباعًا خلال عقد 1980 تنكرت الكنائس اللوثرية من تصريحات مارتن لوثر حول اليهود، ورفضوا استخدامها للتحريض ضد اليهود أو ضد اليهودية بأي شكل من الأشكال.[146][147]

تصوير لوثر

خلافًا لقديسي الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسيّة، قدُمت صور لوثر من دون رموز، يتضح من خلالها بأنه رجل قوي البنية، مع ذقن مزدوجة وفم قوي وعيون عميقة، ورقبة غليظة وقصيرة. هذه الصورة «المدنية» للوثر، كانت تهدف إلى إبراز عدم ابتعاد لوثر عن الملذات الدنيوية مثل الشرب أو الزواج، وهو ما كان يتناقض بشكل صارخ مع التقشف المأمور به في الحياة الدينية للقرون الوسطى. صدرت أغلب صور لوثر خلال مرحلة 1530 - 1540، وكانت ترفق بكتاباته، التي شكلت العامل الأبرز لانتشار البروتستانتية.[148]

السنوات الأخيرة ووفاته

لوثر كان يعاني من اعتلال صحي لسنوات عديدة، لا سيّما الدوار، والإغماء، والطنين، وانسداد إحدى عينه،[149] بدءًا من عام 1531 وحتى 1546 حين تدهورت حالته الصحية بشكل كبير. الصراع مع روما، والانشقاقات بين زملائه الإصلاحيين، والفضيحة التي نجمت عن موافقته قيام الأمير فيليب بزوجتين، كل ذلك أدى إلى المزيد من التدهور في حالته الصحية.[150] في عام 1536 أخذ لوثر يعاني من الحصى في الكلى والمثانة، والتهاب المفاصل، والتهاب الأذن، وتمزق طبلة الأذن. وفي ديسمبر 1544، بدأ يشعر بآثار الذبحة الصدرية.[150]

المنزل الذي توفي فيه لوثر في آيسبلن.

تدهور صحته البدنية، جعله سريع الغضب، وأشد قسوة في كتاباته وتعليقاته، وقد قالت زوجته كاترينا صراحة: "لقد كنت وقحًا للغاية".[151] آخر خطبة للوثر كانت في كنيسة أيسلبن مسقط رأسه في 15 فبراير 1546، قبل ثلاث أيام من وفاته.[152] وقد خصصها بشكل كامل، لليهود، واقترح فيها الاستعجال بطردهم من ألمانيا إن لم يصبحوا مسيحيين، لتتخلص ألمانيا من الربا والافتراء، كما برر.[153] في 17 فبراير اختتم بنجاح مفاوضاته مع أشقائه حول إرث والده في التجارة والتعدين. وفي مساء تلك الليلة نفسها، بعد الساعة الثامنة مساءً، قال أنه شعر بآلام في الصدر. وعندما ذهب لينام، صلّى: "يا رب في يدك أستودع روحي". العبارة المقتبسة من سفر المزامير 31: 5، وهي من صلوات الاحتضار. وفي 1.00 صباحًا، استيقظ نتيجة شعوره بآلام مبرحة في الصدر، والتي خفف عنها بالمياه الساخنة. آخر سؤال كان للوثر، من قبل صديقيه جوستوس جوناس وماكيل كوليوس: "أيها القس الأب، هل أنت مستعد للموت بثقة في المسيح، وأنت متعرف بالمذهب الذي كنت قد علمت باسمه؟"، وبشكل متميز كان رد لوثر: "نعم". السكتة الدماغية اللاحقة، منعته من الكلام، وتوفي بعدها بوقت قصير في 2:45 صباحًا يوم 18 فبراير 1546 وله من العمر 62 عام، في أيسلبن مسقط رأسه، ودفن في كنيسة القلعة في فيتنبرغ تحت المنبر، وترأس صلاة الجنازة عليه عدد من أصدقاءه أمثال ملنشقون فيليب.[154][155] وفي العام التالي، دخلت قوات الإمبراطور شارل الخامس - عدوّ لوثر - البلدة، لكن أمرًا من الأميز تشارلز، منع تدنيس قبره.[155]

وعُثر في وقت لاحق على قطعة من الورق التي كان لوثر قد كتبها خلافًا لعادته باللاتينية، كتب فيها، لا يمكن للمرء أن يفهم فيرجيل ما لم يكن مزارعًا لخمس سنوات على الأقل؛ ولا يمكن لمرء أن يفهم رسائل شيشرون أو حتى يدرسها ما لم يكن قد شغل نفسه في السياسة مع الدول العظمى عشرين عامًا؛ ولا يمكن لأحد أن ينغمس في الكتاب المقدس كليًا، ما لم يكن قد أدار كنائس لمائة عام، مع أنبياء مثل إيليا واليسع ويوحنا المعمدان والمسيح والتلاميذ الرسل، "نحن متسولون وهذا صحيح."[156][157]

يحتفل بعيد لوثر في 18 فبراير في الكنيسة اللوثرية وفي الولايات المتحدة؛ أما في كنيسة إنكلترا يحتفل به مع عيد جميع القديسين في 31 أكتوبر.

مؤلفاته

الاسم
الاسم بالألمانية
تاريخ الإصدارالموضوع العام
الخطبة في الغفران والرحمة
Eynn Sermon von dem Ablasz unnd Gnade
1518لاهوت التبرير وآلية الغفران عن الخطايا.
حصن قويّ هو إلهنا
Ein feste Burg ist unser Gott
1529مجموعة ترانيم دينية، مع ألحانها.
حول الحرب ضد الأتراك
Vom Kriege wider die Türken
1528يناقش العقيدة المسيحية في الحروب والدفاع عن النفس.
التعليم الكبير1529من أهم الكتب، ناقش فيها الكتاب المقدس ونصوصه كالصلاة الربيّة، والوصايا العشرة.
ترجمة الكتاب المقدس1534تعتبر أول ترجمة للغة محليّة في الغرب، نالت انتشارًا واسعًا.
عن عبودية الإرادة
De Servo Arbitrio
1525ينافح لوثر في هذا الكتاب عن كون حرية الإرادة في الإنسان محدودة وغير مطلقة، وهي محكومة بالنزوع نحو الخطأ.
في الحرية المسيحية
Von der Freiheit eines Christenmenschen
1520ناقش فيه لوثر المفهوم الكتابي للحرية، والمعروف باسم "حرية أبناء الله".
حول عبودية بابل في الكنيسة1520من أكثر الكتب هجومية على الكنيسة الكاثوليكية، اعتبر فيها البابا بمثابة ضد المسيح. فكرة بابل، تعود لسفر الرؤيا، حيث تمثل بابل رمز الشرّ الذي سيقضي عليه المسيح في مجيئه الثاني.
التعليم الصغير
Der Kleine Katechismus
1529استكمالاً لما بدأ في التعليم الكبير، يقوم لوثر باستكمال شروحه وتفاسيره للكتاب المقدس.
تكريم الأسرار
Vom Anbeten des Sakraments des heiligen leichnams Christi
1523خصصه لوثر لمناقشة سر القربان.
حول سر جسد ودم المسيح- ضد المتعصبين
Sakrament des Leibes and Blutes Christi wider die Schwarmgeister
1526كتابه الثاني حول سر القربان. "المتعصبين" هنا، الذين قالوا بتمام تحول الجوهر واختفاء جوهر الخبز. نافح لوثر عن بقاء جوهر الخبز لدعم الشكل، ووجود جوهر المسيح في القربان دون شكل.
لاهوت الصليب
Theologia Crucis
1518من كتبه المبكرة، ناقش فيه سر الفداء، والتبرير المجاني الذي يمنحه الله للإنسان في المسيح.
القضايا الخمس والتسعون
Disputatio pro declaratione virtutis indulgentiarum
1517يحتوي خمس وتسعين نقطة يعترض فيها لوثر على لاهوت التبرير الكاثوليكي وأهمية أعمال التكفير؛ كان بداية سبب الخلاف مع البابوية.
النبالة المسيحية للأمّة الألمانية
An den christlichen Adel deutscher Nation
1520خصصه لوثر للحديث عن السلطة والعلاقة بين السلطة المدنية والسلطة الدينية وفعل الروح في الأمة.
العقيدة فيما يتعلّق بعشاء المسيح
Vom Abendmahl Christi, Bekenntnis
1528كتابه الثالث عن سر القربان، ينافح به عن نظرية الجوهريين، وانعدام المعجزة ببقاء الشكل غير مسنودًا بجوهر.
التعليم حول المملكتين
Zwei-Reiche-Lehre
1528كتابه الثاني حول السلطة، المملكتين هما مملكة السماء أي السلطة الدينية ومملكة الأرض وهي السلطة المدنية.
صيغة القداس
Formula missae
1523يعتبر أول كتاب طقسي ليتورجي، يشرح تعديلات لوثر على الطقوس اللاتينيّة في القداس وسواه.
القداس الألماني
Deutsche Messe
1526ثاني كتبه حول الليتورجيا.
ضد القتلة
Wider die räuberischen und mörderischen Rotten der Bauern
1526مقالات كتابها لوثر ضد أتباعه من الفلاحين الذين ثاروا على الإقطاع مرتكبين جرائم كالسرقة والقتل.
مقالات حول التعليم
Schmalkaldische Artikel
1537ثالث كتب لوثر عن التعليم المسيحي، يعتبر الجزء الثالث من التعليمين الصغير والكبير.
عن اليهود وأكاذيبهم
Von den Jüden und iren Lügen
1543مجموعة مقالات متفرقة، اتهم فيها لوثر اليهود بمختلف الشوائب، وأقذع النعوت. ويعتبر من المؤلفات اللا سامية.
عن الاسم الغير مدرك، ونسب المسيح
Vom Schem Hamphoras
1543كتابه الثاني ضد اليهود، قارن فيه بين اليهود والشيطان.
في المجامع الكنسية1539ناقش أعمال المجامع المسكونية، وأقر فيه قوانينها.

انظر أيضًا

المراجع

  1. http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb119136609 — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسية — الرخصة: رخصة حرة
  2. Plass, Ewald M. "Monasticism," in What Luther Says: An Anthology. St. Louis: Concordia Publishing House, 1959, 2:964.
  3. Ewald M. Plass, What Luther Says, 3 vols., (St. Louis: CPH, 1959), 88, no. 269; M. Reu, Luther and the Scriptures, Columbus, Ohio: Wartburg Press, 1944), 23.
  4. Luther, Martin. Concerning the Ministry (1523), tr. Conrad Bergendoff, in Bergendoff, Conrad (ed.) Luther's Works. Philadelphia: Fortress Press, 1958, 40:18 ff.
  5. Bainton, Roland. Here I Stand: a Life of Martin Luther. New York: Penguin, 1995, p. 223.
  6. Fahlbusch, Erwin and Bromiley, Geoffrey William. The Encyclopedia of Christianity. Grand Rapids, MI: Leiden, Netherlands: Wm. B. Eerdmans; Brill, 1999–2003, 1:244.
  7. Tyndale's New Testament, trans. from the Greek by William Tyndale in 1534 in a modern-spelling edition and with an introduction by David Daniell. New Haven, CT: جامعة ييل Press, 1989, ix–x.
  8. Bainton, Roland. Here I Stand: a Life of Martin Luther. New York: Penguin, 1995, 269.
  9. Hendrix, Scott H. "The Controversial Luther", Word & World 3/4 (1983), Luther Seminary, St. Paul, MN, p. 393. Also see Hillerbrand, Hans. "The legacy of Martin Luther", in Hillerbrand, Hans & McKim, Donald K. (eds.) The Cambridge Companion to Luther. Cambridge University Press, 2003."نسخة مؤرشفة" (PDF). Archived from the original on 26 يناير 2012. اطلع عليه بتاريخ 24 سبتمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  10. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, p. 1.
  11. Brecht, Martin. Martin Luther. tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 1:3–5.
  12. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, p. 3.
  13. Rupp, Ernst Gordon. "Martin Luther," Encyclopædia Britannica, accessed 2006.
  14. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, pp. 2–3.
  15. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, p. 4.
  16. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, p. 5.
  17. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, p. 6.
  18. Brecht, Martin. Martin Luther. tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 1:48.
  19. Schwiebert, E.G. Luther and His Times. St. Louis: Concordia Publishing House, 1950, 136.
  20. مارتن إي. مارتي. Martin Luther. Viking Penguin, 2004, p. 7.
  21. Bainton, Roland. Here I Stand: a Life of Martin Luther. New York: Penguin, 1995, 40–42.
  22. Kittelson, James. Luther The Reformer. Minneapolis: Augsburg Fortress Publishing House, 1986), 53.
  23. Kittelson, James. Luther The Reformer. Minneapolis: Augsburg Fortress Publishing House, 1986, 79.
  24. Bainton, Roland. Here I Stand: a Life of Martin Luther. New York: Penguin, 1995, 44–45.
  25. Brecht, Martin. Martin Luther. tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 1:93.
  26. Brecht, Martin. Martin Luther. tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 1:12–27.
  27. "يوهان تتسل،" Encyclopædia Britannica, 2007.
  28. (Trent, l. c., can. xii: "Si quis dixerit, fidem justificantem nihil aliud esse quam fiduciam divinae misericordiae, peccata remittentis propter Christum, vel eam fiduciam solam esse, qua justificamur, a.s.")
  29. (cf. Trent, Sess. VI, cap. iv, xiv)
  30. Hillerbrand, Hans J. "Martin Luther: Indulgences and salvation," Encyclopædia Britannica, 2007.
  31. Thesis 55 of Tetzel's One Hundred and Six Theses. These "Anti-theses" were a reply to Luther’s القضايا الخمس والتسعون and were drawn up by Tetzel’s friend and former Professor, Konrad Wimpina. Theses 55 & 56 (responding to Luther's 27th Theses) read: "For a soul to fly out, is for it to obtain the vision of God, which can be hindered by no interruption, therefore he errs who says that the soul cannot fly out before the coin can jingle in the bottom of the chest." In, The reformation in Germany, Henry Clay Vedder, 1914, Macmillon Company, p. 405. Animam purgatam evolare, est eam visione dei potiri, quod nulla potest intercapedine impediri. Quisquis ergo dicit, non citius posse animam volare, quam in fundo cistae denarius possit tinnire, errat. In: D. Martini Lutheri, Opera Latina: Varii Argumenti, 1865, Henricus Schmidt, ed., Heyder and Zimmer, فرانكفورت & Erlangen, vol. 1, p. 300. (طباعة عند طلب edition: Nabu Press, 2010, ISBN 1-142-40551-6 ISBN 978-1-142-40551-9). See also:  "Johann Tetzel". الموسوعة الكاثوليكية. نيويورك: شركة روبرت أبيلتون. 1913. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة) "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 23 يناير 2017. اطلع عليه بتاريخ 24 سبتمبر 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  32. Brecht, Martin. Martin Luther. tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 1:204–205.
  33. Spitz, Lewis W. The Renaissance and Reformation Movements, St. Louis: Concordia Publishing House, 1987, 338.
  34. Wriedt, Markus. "Luther's Theology," in The Cambridge Companion to Luther. New York: Cambridge University Press, 2003, 88–94.
  35. Bouman, Herbert J. A. "The Doctrine of Justification in the Lutheran Confessions", Concordia Theological Monthly, 26 November 1955, No. 11:801. نسخة محفوظة 22 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  36. Dorman, Ted M., "Justification as Healing: The Little-Known Luther", Quodlibet Journal: Volume 2 Number 3, Summer 2000. Retrieved 13 July 2007. نسخة محفوظة 22 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  37. "Justification by Faith: The Lutheran-Catholic Convergence". مؤرشف من الأصل في 29 يونيو 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  38. Luther, Martin. "The Smalcald Articles," in Concordia: The Lutheran Confessions. Saint Louis: Concordia Publishing House, 2005, 289, Part two, Article 1.
  39. Michael A. Mullett, Martin Luther, London: Routledge, 2004, ISBN 978-0-415-26168-5, 78; Oberman, Heiko, Luther: Man Between God and the Devil, New Haven: Yale University Press, 2006, ISBN 0-300-10313-1, 192–93.
  40. Richard Marius, Luther, London: Quartet, 1975, ISBN 0-7043-3192-6, 85.
  41. Papal Bull Exsurge Domine, 15 June 1520.
  42. Mullett, 68–69; Oberman, 189.
  43. Mullett, 81–82.
  44. Mullett, 92–95; Roland H. Bainton, Here I Stand: A Life of Martin Luther, New York: Mentor, 1955, OCLC 220064892, 81. نسخة محفوظة 4 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  45. G. R. Elton, Reformation Europe: 1517–1559, London: Collins, 1963, OCLC 222872115, 177. نسخة محفوظة 4 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  46. Brecht, Martin. (tr. Wolfgang Katenz) "Luther, Martin," in Hillerbrand, Hans J. (ed.) Oxford Encyclopedia of the Reformation. New York: Oxford University Press, 1996, 2:463.
  47. Brecht, 1:460.
  48. Wilson, 153, 170; Marius, 155.
  49. Bratcher, Dennis. "The Diet of Worms (1521)," in The Voice: Biblical and Theological Resources for Growing Christians. Retrieved 13 July 2007. نسخة محفوظة 03 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  50. Reformation Europe: 1517–1559, London: Fontana, 1963, 53; Diarmaid MacCulloch, Reformation: Europe's House Divided, 1490–1700, London: Allen Lane, 2003, 132.
  51. Luther, Martin. "Letter 82," in Luther's Works. Jaroslav Jan Pelikan, Hilton C. Oswald and Helmut T. Lehmann (eds), Vol. 48: Letters I, Philadelphia: Fortress Press, 1999, c1963, 48:246; Mullett, 133. يوحنا البطمسي، author of وحي، had been exiled on the island of Patmos.
  52. Brecht, 2:27–29; Mullett, 133.
  53. Brecht, 2:18–21.
  54. Marius, 163–64.
  55. Mullett, 135–36.
  56. Wilson, 192–202; Brecht, 2:34–38.
  57. Bainton, Mentor edition, 164–65.
  58. Letter of 7 March 1522. Schaff, Philip, History of the Christian Church, Vol VII, Ch IV; Brecht, 2:57. نسخة محفوظة 23 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  59. Brecht, 2:60; Bainton, Mentor edition, 165; Marius, 168–69.
  60. Schaff, Philip, History of the Christian Church, Vol VII, Ch IV. نسخة محفوظة 23 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  61. Marius, 169.
  62. Mullett, 141–43.
  63. Michael Hughes, Early Modern Germany: 1477–1806, London: Macmillan, 1992, ISBN 0-333-53774-2, 45.
  64. A. G. Dickens, The German Nation and Martin Luther, London: Edward Arnold, 1974, ISBN 0-7131-5700-3, 132–33.
  65. Hughes, 45–47.
  66. Hughes, 50.
  67. Jaroslav J. Pelikan, Hilton C. Oswald, Luther's Works, 55 vols. (St. Louis and Philadelphia: Concordia Pub. House and Fortress Press, 1955–1986), 46: 50–51.
  68. Mullett, 166.
  69. Andrew Pettegree, Europe in the Sixteenth Century, Oxford: Blackwell, ISBN 0-631-20704-X, 102–103.
  70. Wilson, 232.
  71. Schaff, Philip, History of the Christian Church, Vol VII, Ch V, rpt. Christian Classics Ethereal Library. Retrieved 17 May 2009; Bainton, Mentor edition, 226. نسخة محفوظة 23 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  72. Scheible, Heinz (1997). Melanchthon. Eine Biographie (باللغة الألمانية). Munich: C.H.Beck. صفحة 147. ISBN 3-406-42223-3. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  73. Lohse, Bernhard, Martin Luther: An Introduction to his Life and Work,, translated by Robert C. Schultz, Edinburgh: T & T Clark, 1987, ISBN 0-567-09357-3, 32; Brecht, 2:196–97.
  74. Oberman, 278–80; Wilson, 237; Marty, 110.
  75. Bainton, Mentor edition, 228; Schaff, "Luther's Marriage. 1525."; Brecht, 2: 204. نسخة محفوظة 07 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  76. MacCulloch, 164.
  77. Bainton, Mentor edition, 243.
  78. Mullett, 186–87; Brecht, 2:264–65, 267.
  79. Brecht, 2:260–63, 67; Mullett, 184–86.
  80. Brecht, 2:268.
  81. Brecht, 2:251–54; Bainton, Mentor edition, 266.
  82. Mullett, 183; Eric W. Gritsch, A History of Lutheranism, Minneapolis: Fortress Press, 2002, ISBN 0-8006-3472-1, 37.
  83. Brecht, 2:256; Mullett, 183.
  84. Brecht, 2:256; Bainton, Mentor edition, 269–70.
  85. Mullett, 186. Quoted from Luther's preface to the Small Catechism, 1529; MacCulloch, 165.
  86. Marty, 123.
  87. Marty, 123; Wilson, 278.
  88. Luther, Martin. Luther's Works. Philadelphia: Fortress Press, 1971, 50:172–73; Bainton, Mentor edition, 263.
  89. Brecht, 2:277, 280.
  90. Mullett, 145; Lohse, 119.
  91. Mullett, 148–50.
  92. Mullett, 148; Wilson, 185;
  93. Lindberg, Carter. "The European Reformations: Sourcebook". Blackwell Publishing Ltd., 2000. pg. 49. Original sourcebook excerpt taken from "Luther's Works". St. Louis: Concordia/Philadelphia: Fortress Press, 1955–86. ed. Jaroslav Pelikan and Helmut T. Lehmann, vol. 35. pgs. 182, 187–189, 195.
  94. Marius, 162.
  95. Lohse, 112–17; Wilson, 183; Bainton, Mentor edition, 258.
  96. Daniel Weissbort and Astradur Eysteinsson (eds.), Translation—Theory and Practice: A Historical Reader, Oxford: Oxford University Press, 2002, ISBN 0-19-871200-6, 68.
  97. Christopher Boyd Brown, Singing the Gospel: Lutheran Hymns and the Success of the Reformation. (2005)
  98. For a short collection see online hymns نسخة محفوظة 16 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  99. "Flung to the heedless winds". Hymntime. مؤرشف من الأصل في 04 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 07 أكتوبر 2012. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  100. Robin A. Leaver, "Luther's Catechism Hymns." Lutheran Quarterly 1998 12(1): 79–88, 89–98.
  101. Robin A. Leaver, "Luther's Catechism Hymns: 5. Baptism." Lutheran Quarterly 1998 12(2): 160–169, 170–180.
  102. Psychopannychia (the night banquet of the soul), manuscript Orléans 1534, Latin Strasbourg 1542, 2nd.ed. 1545, French, Geneva 1558, English 1581.
  103. Liber de Anima 1562
  104. D. Franz Pieper Christliche Dogmatik, 3 vols., (Saint Louis: CPH, 1920), 3:575
  105. Sermons of Martin Luther: the House Postils, Eugene F. A. Klug, ed. and trans., 3 vols., (Grand Rapids, Michigan: Baker Book House, 1996), 2:240.
  106. "Smalcald Articles, Part II, Article II, paragraph 12". Bookofconcord.org. مؤرشف من الأصل في 7 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2012. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  107. "Smalcald Articles, Part II, Article II, paragraph 28". Bookofconcord.org. مؤرشف من الأصل في 7 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 15 أغسطس 2012. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  108. Gerhard Loci Theologici, Locus de Morte, § 293 ff. Pieper writes
  109. Mullett, 194–95.
  110. Brecht, 2:325–34; Mullett, 197.
  111. Wilson, 259.
  112. طبعة فايمار لأعمال مارتن لوثر 26, 442; Luther's Works 37, 299–300.
  113. Oberman, 237.
  114. Brecht 2:329.
  115. Oberman, 238.
  116. Cf. Luther, Only the Decalogue Is Eternal: Martin Luther's Complete Antinomian Theses and Disputations, ed. and tr. H. Sonntag, Minneapolis: Lutheran Press, 2008, 23–27. ISBN 978-0-9748529-6-6
  117. Cf. ibid., 11–15.
  118. Cf. Luther's Works 41, 113–114, 143–144, 146–147.
  119. Brecht, Martin, Martin Luther, tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 3: 206.
  120. Oberman, Heiko, Luther: Man Between God and the Devil, New Haven: Yale University Press, 2006, 294.
  121. Brecht, Martin, Martin Luther, tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 3:212.
  122. Mallett, 198; Marius, 220.
  123. Andrew Cunningham, The Four Horsemen of the Apocalypse: Religion, War, Famine and Death in Reformation Europe, Cambridge: Cambridge University Press,. 2000, ISBN 0-521-46701-2, 141; Mullett, 239–40; Marty, 164. نسخة محفوظة 27 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  124. From On War against the Turk, 1529, quoted in William P. Brown, The Ten Commandments: The Reciprocity of Faithfulness, Louisville, KY: Westminster John Knox Press, 2004, ISBN 0-664-22323-0, 258; Lohse, 61; Marty, 166. نسخة محفوظة 27 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  125. Brecht, 2:365; Mullett, 239.
  126. Brecht, 3:354.
  127. Daniel Goffman, The Ottoman Empire and Early Modern Europe, Cambridge: Cambridge University Press, 2002, ISBN 0-521-45908-7, 109; Mullett, 241; Marty, 163. نسخة محفوظة 27 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  128. From On war against the Turk, 1529, quoted in Roland E. Miller, Muslims and the Gospel, Minneapolis: Kirk House Publishers, 2006, ISBN 1-932688-07-2, 208. نسخة محفوظة 27 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  129. Brecht, 3:355.
  130. Michael, Robert. Holy Hatred: Christianity, Antisemitism, and the Holocaust. New York: Palgrave Macmillan, 2006, 109; Mullett, 242.
  131. Edwards, Mark. Luther's Last Battles. Ithaca: Cornell University Press, 1983, 121.
  132. Brecht, 3:341–43; Mullett, 241; Marty, 172.
  133. Rupp, Gordan. Martin Luther and the Jews. London:، 1972, 9.
  134. Noble, Graham. "Martin Luther and German anti-Semitism," History Review (2002) No. 42:1–2; Mullett, 246.
  135. Brecht, 3:341–47.
  136. Luther, On the Jews and their Lies, quoted in Michael, 112.
  137. Luther, Vom Schem Hamphoras, quoted in Michael, 113.
  138. Luther, On the Jews and Their Lies, Luthers Werke. 47:268–271.
  139. Gritsch, 113–14; Michael, 117.
  140. Wallmann, 72–97.
  141. Siemon-Netto, The Fabricated Luther, 17–20.
  142. Siemon-Netto, "Luther and the Jews," Lutheran Witness 123 (2004) No. 4:19, 21.
  143. Bernd Nellessen, "Die schweigende Kirche: Katholiken und Judenverfolgung," in Buttner (ed), Die Deutschen und die Judenverfolgung im Dritten Reich, p.265, cited in Daniel Goldhagen, Hitler's Willing Executioners (Vintage, 1997)
  144. Berger, Ronald. Fathoming the Holocaust: A Social Problems Approach (New York: Aldine De Gruyter, 2002), 28; Johnson, Paul. A History of the Jews (New York: HarperCollins Publishers, 1987), 242; وليام شيرر. The Rise and Fall of the Third Reich, (New York: Simon and Schuster, 1960).
  145. باول لورانس روز. Revolutionary Antisemitism in Germany from Kant to Wagner. Princeton University Press, 1990. Cited in Berger, Ronald. Fathoming the Holocaust: A Social Problems Approach. New York: Aldine De Gruyter, 2002, 28.
  146. Synod deplores and disassociates itself from Luther’s negative statements about the Jewish people and the use of these statements to incite anti-Lutheran sentiment, from a summary of Official Missouri Synod Doctrinal Statements [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 12 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
  147. Lull, Timothy Martin Luther's Basic Theological Writings, Second Edition (2005), p. 25
  148. Roper, Lyndal (2010). "Martin Luther's Body: The 'Stout Doctor' and His Biographers". American Historical Review. 115 (2): 351–362. doi:10.1086/ahr.115.2.351. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  149. Iversen OH (1996). "[Martin Luther's somatic diseases. A short life-history 450 years after his death]". Tidsskr. Nor. Laegeforen. (باللغة النرويجية). 116 (30): 3643–46. PMID 9019884. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  150. Edwards, 9.
  151. Spitz, 354.
  152. Die Beziehungen des Reformators Martin Luther zu Halle buergerstiftung-halle.de نسخة محفوظة 07 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  153. Luther, Martin. Sermon No. 8, "Predigt über Mat. 11:25, Eisleben gehalten," 15 February 1546, Luthers Werke, Weimar 1914, 51:196–197.
  154. Brecht, Martin. Martin Luther. tr. James L. Schaaf, Philadelphia: Fortress Press, 1985–93, 3:369–79.
  155. McKim, Donald K. (2003). The Cambridge companion to Martin Luther. Cambridge University Press. صفحة 19. ISBN 0-521-01673-8. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  156. Kellermann, James A. (translator) "The Last Written Words of Luther: Holy Ponderings of the Reverend Father Doctor Martin Luther". 16 February 1546. نسخة محفوظة 04 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  157. Original German and Latin of Luther's last written words is: "Wir sein pettler. Hoc est verum." Heinrich Bornkamm, Luther's World of Thought, tr. Martin H. Bertram (St. Louis: Concordia Publishing House, 1958), 291.

    وصلات خارجية

    • بوابة فلسفة
    • بوابة أعلام
    • بوابة الإمبراطورية الرومانية المقدسة
    • بوابة المسيحية
    • بوابة موسيقى
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.