حرب شاملة

الحرب الشاملة هي الحرب التي يستعمل فيها أحد طرفي حرب أو كلاهما معظم الثروات المادية والبشرية المتوفرة للمجهود الحربي، إضافة إلى ذلك فاٍنه لا تتم في هذه الحرب التفرقة بين المحاربين والمدنيين نتيجة لذلك يدفع المدنيين العزل جزء لا يستهان به من ضريبة الدم بالإضافة إلى الجيوش المتحاربة.[1][2][3] الآن تميل الحروب الحديثة لأن تأخذ شكل الحروب الشاملة، مقابل الحرب الشاملة هي الحرب المحدودة التي تكون أقل تأثيرا على الاقتصاد وأقل بكتير في عدد الضحايا المدنيين.

الانفجار النووي بناغاساكي

صنّف العلماء في منتصف القرن التاسع عشر الحرب الشاملة على أنها فئة منفصلة من الصراعات. في الحرب الشاملة، وهو أمر لا ينطبق على النزاعات الأقل شمولًا إلى حدٍ ما، لا يوجد اختلاف بين من هو مقاتل ومن هو أعزل، ويُعتبران هدفًا واحدًا في كثير من الأحيان، وذلك نظرًا لقدرة الأطراف المتصارعة على اعتبار جميع الموارد البشريّة، حتى غير المقاتلة منها، جزءًا من المجهود الحربي.

الخلفيّة

يمكننا تتبّع اصطلاح «الحرب الشاملة» إلى إصدار مذكّرات الجنرال الألماني إريش لودندورف عن الحرب العالمية الأولى عام 1935 والتي حملت عنوان (الحرب الشاملة). إذ يُوسّع بعض المؤلفين هذا المفهوم وصولًا إلى عمل كارل فون كلاوزفيتز الكلاسيكي (بعنوان عن الحرب)، ويعتبرونها حربًا مُطلقةً، على الرغم من عدم استخدامه للمصطلح؛ فإن لدى البعض الآخر تفسيرات مختلفة لكلاوزفيتز. يصف مصطلح الحرب الشاملة أيضًا «حرب العصابات الفرنسية» خلال فترة الحرب الفرنسية البروسية.[4][5][6]

كتب الجنرال في الاتحاد هنري هاليك في رسالته التي وجهها إلى رئيس أركان الحرب الأهلية الأمريكية بتاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر 1864: «لم يكن الاتحاد يُقاتل الجيوش المعادية فحسب، بل الشعب الخصم أيضًا، ويجب أن تجعل هذه الحرب كلًا من كبار السن والشباب، الأغنياء منهم والفقراء؛ يشعرون بضربة الحرب القاسية، جنبًا إلى جنب مع جيوشهم المنظّمة»، دفاعًا عن مسيرة شيرمان نحو البحر، تلك الحملة التي أسفرت عن تدمير هائل للبنى التحتيّة في جورجيا.[7]

حدّث الجنرال في القوات الجوية الأمريكية كورتيس لي ماي مفهوم عصر الذرّة. إذ اقترح أولًا في عام 1949 أن الحرب الشاملة في عصر الذرّة ستتضمن إلقاء كامل الترسانة النووية بضربة ساحقة واحدة، قد تصل إلى «قتل أمّة».[8]

التاريخ

العصور الوسطى

كان الدمار الذي لحق بإمبراطورية المغول خلال العصور الوسطى في القرن الثالث عشر، مثالًا فعّالًا على الحرب الشاملة. حيث قامت جيوش جنكيز خان بذبح كل السكّان وتدمير أي مدينة قاومتهم:

مارس المغول، باعتبارهم أمةً معتديةً بشكل لا يقل عن النازيين الجدد، حربًا شاملة ضد من اعتبرتهم دولًا معادية، وذلك عبر تنظيم كل الموارد المتاحة، بما في ذلك الأفراد العسكريون، والقوى العاملة من غير المُقاتلين، والمخابرات الحربية، وقطاعات النقل، والمال، والذخيرة.[9]

أمريكا الشمالية

يُعتبر مفهوم الحرب الشاملة من المفاهيم المحجوزة بشكل عام لوصف الصراعات بين الدول الصناعية الحديثة، لكن قد ينطبق هذا المصطلح على الصراع الدائر بين شعوب «باوني»، و«سو» و«شايان» في أمريكا الشمالية، إذ لم يقتصر العنف في هذا الصراع على المقاتلين فحسب؛ بل كان موجّهًا ضد جميع السكّان.[10]

تُعتبر حملة سوليفان العسكرية في عام 1779، واحدةً من أوائل الأمثلة الحديثة على الحرب الشاملة. بينما قام كل من الهنود وقوات المحافظين بقتل المواشي، وإحراق المباني في المناطق النائية (حيث كان الدمار واضحًا بشدّة)؛ نصح الرئيس الأمريكي جورج واشنطن سوليفان أن يسعى نحو (تدمير وتخريب شامل لمستوطناتهم، واحتجاز أكبر عدد ممكن من السجناء من كافة الأعمار والأجناس). وبذلك كانت نتيجة حملة سوليفان العسكرية تدمير أربعة عشرة بلدةٍ، وأكثر محاصيل الذرة ازدهارًا في نيويورك. لكنهم على الرغم من اتساع رقعة هذا الدمار؛ فشلوا في طرد الهنود من تلك الأرض.[11][12][13]

اعتُبر تجريد جنرال قوات الاتحاد، فيليب شيريدان، من وادي شيناندو، خلال الحرب الأهلية الأمريكية، والذي بدأ في 21 سبتمبر عام 1864، واستمر لمدة أسبوعين، «حربًا شاملة». كان الهدف منه إلغاء الطعام والإمدادات الحيوية من العمليات العسكرية في الجنوب، إضافة إلى توجيه ضربة لمعنويات المدنيين الجنوبيين. استغل شريدان الفرصة عندما أدرك أن القوى المعارضة أصبحت أضعف بكثير من أن تقاوم جيشه.[14]

دمّر «مسير الجنرال في جيش الاتحاد، ويليام شيرمان، إلى البحر» في شهر نوفمبر وديسمبر عام 1864 الموارد التي يحتاجها الجنوب لشن الحرب. عارض الجنرال يوليسيس إس. غرانت والرئيس إبراهام لينكولن في البداية الخطة، حتى أقنعهم شيرمان بضرورتها.[15]

من بين الباحثين الذين كانوا يعارضون فكرة استخدام شيرمان لمصطلح «الحرب الشاملة»، هو نوا أندريه ترودو، الذي كان يعتقد أن أهداف شيرمان وأساليبه لا تتوافق مع تعريف الحرب الشاملة، ويقترح أن ذلك قد يكون «إساءة قراءة لنوايا شيرمان، وإساءة فهم لنتائج ما حدث».[16]

أمثلة لحروب شاملة

مراجع

  1. "William T. Sherman to Henry W. Halleck". مؤرشف من الأصل في 20 ديسمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 05 أغسطس 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. DeGroot, Gerard J. (2004). The bomb: a life (الطبعة 1st Harvard University Press pbk.). Cambridge, Mass.: Harvard. صفحة 153. ISBN 0-674-01724-2. مؤرشف من الأصل في 21 مايو 2016. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. p. 67. NB Gunn cites this Wikipedia article as it was on 27 September 2005, but on only for the text of the song "The Thing-Ummy Bob". نسخة محفوظة 10 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  4. Roger Chickering; Stig Förster (2003). The shadows of total war: Europe, East Asia, and the United States, 1919–1939. Cambridge University Press. صفحة 8. ISBN 978-0-521-81236-8. مؤرشف من الأصل في 12 مايو 2020. اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  5. Bertrand Taithe (1999). Defeated flesh: welfare, warfare and the making of modern France. Manchester University Press. صفحة 35 and 73. ISBN 978-0-7190-5621-5. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Stig Förster (2002). On the Road to Total War: The American Civil War and the German Wars of Unification, 1861–1871. Cambridge University Press. صفحة 550. ISBN 978-0-521-52119-2. مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "William T. Sherman to Henry W. Halleck". مؤرشف من الأصل في 20 ديسمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 05 أغسطس 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. DeGroot, Gerard J. (2004). The bomb: a life (الطبعة 1st Harvard University Press pbk.). Cambridge, Mass.: Harvard. صفحة 153. ISBN 978-0-674-01724-5. مؤرشف من الأصل في 22 فبراير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. Janice J. Terry, James P. Holoka, Jim Holoka, George H. Cassar, Richard D. Goff (2011). "World History: Since 1500: The Age of Global Integration". Cengage Learning. p. 717. (ردمك 978-1-111-34513-6) نسخة محفوظة 23 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  10. Mark van de Logt (2012). War Party in Blue: Pawnee Scouts in the U.S. Army. University of Oklahoma Press. pp. 35–36. (ردمك 978-0-8061-8439-5) نسخة محفوظة 23 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  11. Buskirk, Judith Van. Standing in Their Own Light: African American Patriots in the American Revolution. University of Oklahoma Press. صفحة 78. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Fischer, Joseph R. (1997) A Well-Executed Failure: The Sullivan Campaign against the Iroquois, July–September 1779 Columbia, South Carolina: University of South Carolina Press (ردمك 978-1-57003-137-3)
  13. Understanding U.S. Military Conflicts through Primary Sources. ABC-CLIO. 2016. صفحة 149. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Lance Janda (1005) "Shutting the gates of mercy: The American origins of total war, 1860–1880" Journal of Military History v.59 n.1 pp. 7–26 نسخة محفوظة 8 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  15. "Sherman's March to the Sea – Ohio History Central". مؤرشف من الأصل في 20 يناير 2013. اطلع عليه بتاريخ 05 أغسطس 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  16. Trudeau, Noah Andre (2008) Southern Storm. New York: Harper. p. 534

    انظر أيضا

    • بوابة الحرب العالمية الثانية
    • بوابة الحرب العالمية الأولى
    • بوابة الحرب
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.