جنوب أفريقيا وأسلحة الدمار الشامل
سعت جنوب أفريقيا منذ ستينيات القرن الماضي حتى تسعينياته إلى إجراء البحوث العلمية على أسلحة الدمار الشامل، ومنها الأسلحة النووية[1] والبيولوجية والكيميائية. وجمعت ستة أسلحة نووية. فككت حكومة جنوب أفريقيا كل أسلحتها النووية،[2] قبل التحول المتوقع إلى حكومة بقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي ذي الأغلبية المنتخبة في تسعينيات القرن الماضي، لتصبح بذلك أول دولة تتخلى طواعية عن أسلحتها النووية التي طورتها بنفسها.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة مقالات حول |
أسلحـة الدمار الشامل |
---|
حسب النوع |
حسب البلد |
|
الانتشار |
|
المعاهدات |
|
بوابة الطاقة النووية · بوابة الأسلحة |
وقَّعت الدولة على معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية منذ 1975، ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية منذ 1991، ومعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية منذ 1995. صدَّقت جنوب أفريقيا على معاهدة حظر الأسلحة النووية في فبراير 2019، لتصبح أول دولة نووية تفكك أسلحتها وتوقِّع على المعاهدة.
الأسلحة النووية
بدأت طموحات جمهورية جنوب أفريقيا بحيازة الأسلحة النووية في عام 1948، بعد تفويض منظمة الطاقة الذرية في جنوب أفريقيا، المنظمة المنوطة بمتابعة تعدين اليورانيوم والتجارة الصناعية. توصلت جنوب أفريقيا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بعد توقيع تعاون لمدة 50 عامًا تحت إشراف برنامج السماح، أتوم فور بيس «ذرات من أجل السلام». سمحت المعاهدة لجنوب أفريقيا بحيازة مفاعل نووي بحثي واحد، ودعمتها بيورانيوم عالي التخصيب، يقع في بيلاندابا. [3]
سلمت الشركة التابعة للولايات المتحدة، أليس-تشالمرز، مفاعلًا نوويًا بحثيًا بقوة 20 ميجاواط، في عام 1965، باسم سافاري-1، بالتوازي مع وقود من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 90% تقريبًا، إلى هيئة جنوب أفريقيا للطاقة النووية. سعت جنوب أفريقيا إلى استغلال طاقة البلوتونيوم، وبناء مفاعل نووي خاص بها، وأطلقت عليه اسم سافاري-2 في بيلاندابا أيضًا، واستخدمت كتلة حرجة 606 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 2% للوقود، و5.4 طن من الماء الثقيل، كلاهما من إمداد الولايات المتحدة.
افتُرض أن يُدار مفاعل سافاري-2 بالماء الثقيل، ويغذيه وقود من اليورانيوم الطبيعي، بينما يعتمد نظام التبريد على الصوديوم المصهور. تخلت جنوب أفريقيا عن المشروع في عام 1969؛ لأن المفاعل استهلك موارد برنامج تخصيب اليورانيوم الذي بدأ في عام 1967. بدأت جنوب أفريقيا بالتركيز على نجاح برنامج تخصيب اليورانيوم الخاص بها، الذي رأى العلماء سهولته مقارنة ببرنامج البلوتونيوم. [4]
كانت جنوب أفريقيا قادرة على تعدين خام اليورانيوم محليًا، واستخدمت أساليب التخصيب النافثة الإيروديناميكية لإنتاج أسلحة. قابل اثنان من علماء جنوب أفريقيا المخضرمين المهندس النووي الباكستاني سلطان محمود في عام 1969، في جامعة برمنغهام؛ لإجراء البحوث والتجارب المستقلة على تخصيب اليورانيوم. درس علماء باكستان وجنوب أفريقيا استخدام العملية النفاثة النافورية الإيروديناميكية لتخصيب الوقود في جامعة برمنغهام، وذلك لبناء المشاريع الوطنية فيما بعد.[5]
حصلت جنوب أفريقيا على خبرة معتبرة في التكنولوجيا النووية، لاستغلالها في تطوير برنامج حكومة الولايات المتحدة عن التفجيرات النووية السلمية. منح وزير التعدين في جنوب أفريقيا الموافقة للبرنامج في عام 1971، مصرحًا بهدف استخدام البرنامج في صناعة التعدين. يُثار التساؤل حول تاريخ تحويل برنامج التفجيرات النووية السلمية إلى صناعة السلاح. ظلت احتمالية تعاون جنوب أفريقيا مع فرنسا وإسرائيل لتطوير السلاح النووي مسألة خاضعة للتفكير أثناء سبعينيات القرن الماضي. [6]
طورت جنوب أفريقيا ترسانة من مدافع الانشطار النووي الرادعة في الثمانينيات. وأقامت منهم ستة مدافع، وظلت سائر المدافع تحت الإنشاء حتى انتهاء البرنامج. [7]
أنتجت جنوب أفريقيا سلاحًا تنفيذيًا بعد استحواذ شركة أرمسكور على خط الإنتاج. أنشأت شركة أرمسكور أول سلاح تنفيذي في عام 1982، وأطلق عليه كود هوبو، ثم سُمي فيما بعد كابوت. أسفر هذا السلاح عما يعادل 6 كيلو طن من مادة تي إن تي المتفجرة. فُككت في نهاية المطاف وأعيد استخدامها في إنتاج قنبلة أولية. أنشأت أرمسكور لاحقًا سلسلة من النماذج الإنتاجية وقبل الإنتاجية باسم هامركوب أو رأس المطرقة (على اسم الطائر). لم يُفعَّل هوبو/كابوت، ولكن أقيمت سلسلة هامركوب من القنابل الذكية الموجهة تليفيزيونيًا.[8]
اختبار السلاح النووي الأول
اختار مجلس الطاقة الذرية في جنوب أفريقيا موقع اختبار في صحراء كالاهاري في مدى سلاح فاستراب شمال آبنغتون. اكتمل عمودا تخصيب للاختبار في عام 1976 و1977. كان أحد العمودين بعمق 385 مترًا، والآخر بعمق 216 مترًا. أسس مجلس الطاقة الذرية في جنوب أفريقيا منشآت البحوث والتطويرات السلاحية عالية التأمين في عام 1977، في بيلاندابا، وانتقل المشروع أثناء تلك السنة من سومخيم إلى بيلاندابا. قدم مجلس الطاقة الذرية في جنوب أفريقيا سلاحًا حربيًا في منتصف عام 1977، دون استخدام قلب من اليورانيوم عالي التخصيب. كان مفاعل Y قيد التشغيل، ولكنه لم ينتج كثيرًا من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة النووية. تفوقت التطورات في الأسلحة على وتيرة إنتاج المادة الانشطارية كما حدث في برامج دول أخرى.
قال مسؤولو مفوضية الطاقة الذرية أن «الاختبار البارد» (اختبار بلا يورانيوم-235) كان مخططًا إجراؤه في أغسطس 1977. قال مسؤول من أرمسكور غير منخرط في المسألة آنذاك أن الاختبار كان اختبارًا تحت الأرض مجهزًا بالكامل، وقلبه رديء. وكان الغرض الرئيس منه اختبار الخطط اللوجستية للتفجير الفعلي.
عرف الرأي العام كيف ألغي هذا الاختبار. علمت المخابرات السوفيتية بشأن إعدادات الاختبار الأولية، ونبهت الولايات المتحدة في أول أغسطس، تأكدت المخابرات الأمريكية من وجود موقع اختبار عن طريق طائرة تجسس من طراز لوكهيد إس آر-71 بلاك بيرد. اقتبست واشنطن بوست من ضابط الولايات المتحدة في 28 أغسطس قوله: «أقول لقد كنا متأكدين بنسبة 99% من تخصيص هذا البناء لتحضير اختبار ذري». [9]
اقتنعت حكومة الاتحاد السوفيتي والحكومات الغربية بإعداد جنوب أفريقيا لاختبار نووي كامل. ضغطت الأمم الغربية على جنوب أفريقيا للتوقف عن الاختبار. حذَّر وزير الخارجية الفرنسي في 22 أغسطس من «عواقب وخيمة» لهذا الفعل على العلاقات بين جنوب أفريقيا وفرنسا. لم يوضح الوزير الفرنسي قصده، ولكن انطوت جملته على استعداد فرنسا لفسخ تعاقدها بتزويد جنوب أفريقيا بمفاعلات كوبيرغ النووية.
قال ويناند دي فيليرز في عام 1933 أنه أمر بإيقاف موقع الاختبار بعد كشفه مباشرةً. أغلقت الحُفر وتخلت جنوب أفريقيا عن الموقع. افتتُح أحد الأعمدة مؤقتًا في عام 1988 إعدادًا لاختبار آخر، ولم يحدث هذا الاختبار، وقُصد بهذا التحرك تقوية صفقة جنوب أفريقيا خلال المفاوضات لإنهاء الحرب مع أنغولا وكوبا.[10]
التسليم القابل للاستمرار
صُممت الرؤوس الحربية لتُسلَّم من أحد الطائرات متعددة الأنواع، ثم لسلاح الجو الجنوب أفريقي، ومنها كانبيرا وبلاكبيرن بوكانير. تصاعدت المخاوف بشأن نقاط ضعف الطائرات المتهالكة أمام شبكة الدفاع الجوي الكوبية في أنغولا، ودفعت سلاح الجو الجنوب أفريقي إلى التحقيق في نظم التسليم عبر الصواريخ.
كان من المفترض أن توجد الصواريخ في قاذفة شافيت آر إس إيه-3 وآر إس إيه-4، التي بُنيت واختُبرت من أجل برنامج الفضاء الخاص بجنوب أفريقيا. طبقًا لمؤلف كتاب كيف أنشأت جنوب أفريقيا ستة قنابل ذرية، آل جي فينتر، لم تكن تلك الصواريخ متوافقة مع الرؤوس الحربية الكبيرة المتاحة في جنوب أفريقيا. يدعي فينتر أن سلسلة آر إس إيه مصممة لحمولة 340 كجم، ومن المقترح أن تقبل رؤوس حربية بوزن 200 كجم، أي «ما يفوق أفضل جهود بذلتها جنوب أفريقيا في آخر ثمانينيات القرن الماضي». يحلل فينتر هذا الوضع بأنه قُصد به إظهار نظام تسليم معقول مصحوب باختبار نووي منفصل، في التماس دبلوماسي أخير لقوى العالم في حالة من الطوارئ، ولكنهم لم يقصدوا منه نظامًا مسلحًا أبدًا. [11]
المراجع
- Von Wielligh, N. & von Wielligh-Steyn, L. (2015). The Bomb: South Africa’s Nuclear Weapons Programme. Pretoria: Litera.
- John Pike. "Nuclear Weapons Program – South Africa". Globalsecurity.org. مؤرشف من الأصل في 25 مايو 2011. اطلع عليه بتاريخ 15 مايو 2011. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Executive release. "South African nuclear bomb". Nuclear Threat Initiatives. Nuclear Threat Initiatives, South Africa (NTI South Africa). مؤرشف من الأصل في 28 سبتمبر 2012. اطلع عليه بتاريخ 13 مارس 2012. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Chaudhry, PhD (Political science), M.A. "Separating Myth from Reality§ The Uranium Enrichment programme: Building Kahuta Research Laboratories (KRL)". M.A. Chaudhry's article published at The Nation, 1999. مؤرشف من الأصل في 8 يوليو 2011. اطلع عليه بتاريخ 5 مارس 2012. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - "Carl Rowan: South Africa emulates Nazi Germany (1977)". The Sedalia Democrat. 26 أكتوبر 1977. صفحة 19. مؤرشف من الأصل في 31 أغسطس 2017. اطلع عليه بتاريخ 31 أغسطس 2017. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - "Scenarios Always See Confrontation (Israel, South Africa, nuclear weapons) (1977)". Colorado Springs Gazette-Telegraph. 24 نوفمبر 1977. صفحة 137. مؤرشف من الأصل في 31 أغسطس 2017. اطلع عليه بتاريخ 31 أغسطس 2017. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - "South Africa: Nuclear Case Closed?" (PDF). National Security Archive. 19 ديسمبر 1993. مؤرشف (PDF) من الأصل في 29 أغسطس 2008. اطلع عليه بتاريخ 26 أغسطس 2008. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Lewis, Jeffrey (3 ديسمبر 2015). "Revisiting South Africa's Bomb". Arms Control Wonk. Leading Voices on Arms Control, Disarmament and Non-Proliferation. مؤرشف من الأصل في 6 ديسمبر 2015. اطلع عليه بتاريخ 6 ديسمبر 2015. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Albright, David (July 1994). "South Africa and the Affordable Bomb". Bulletin of the Atomic Scientists. Jul 1994 (4): 41. Bibcode:1994BuAtS..50d..37A. doi:10.1080/00963402.1994.11456538. مؤرشف من الأصل في 16 فبراير 2020. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Frank V. Pabian. "South Africa's Nuclear Weapon Program: Lessons For U.S. Non Proliferation Policy" (PDF). James Martin Center for Nonproliferation Studies. صفحة 8. مؤرشف (PDF) من الأصل في 7 أبريل 2010. اطلع عليه بتاريخ 8 ديسمبر 2008. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Engelbrecht, Leon. "Book Review: How SA built six atom bombs - defenceWeb". www.defenceweb.co.za. مؤرشف من الأصل في 26 أغسطس 2014. اطلع عليه بتاريخ 6 مايو 2018. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة)
- بوابة طاقة نووية
- بوابة جنوب أفريقيا