ثرمداء
ثرمداء هي بلدة قديمة تاريخية من إقليم اليمامة كانت لها سيادة على أقليم اليمامة قديماً وهي من ضمن أربع قوى مُسَيطرة في نجد قديماً تهاجم ولا يُهجّم عليها.[بحاجة لمصدر]
ثرمداء | |
---|---|
إحداثيات: 25°07′50″N 45°29′28″E | |
تقسيم إداري | |
البلد | السعودية |
التسمية
قيل سميت بهذا الاسم نسبة إلى نبتة الثرمد (الرمث) ولكن ذلك غير صحيح فهذه النبتة لا وجود لها في مساحة المنطقة، والاصح انها سميت لكثرة آبارها ومائها، فمعنى ثرمداء المكان الخصيب فيقال: نعم مأوى المعزى ثرمداء، وهي قرب ( بهدى )
ورد ذكر ثرمداء لدى الشعراء من جاهليين وأمويين وغيرهم، ولعل أشهر ذلك ما ورد في شعر علقمة الفحل الذي عاش في الجاهلية ومات قبل الإسلام بحوالي خمسين عاماً وكان معاصراً لامرئ القيس بن حجر الكندي حيث قال:
- وما أنت أم ما ذكرها رَبعيّة ـ يخط لها من ثرمداء قليبُ.[1]
وقال فيها جرير:
- انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى ـ والعيس جائلة، أعراضها جُنُفُ.
كما قال عن ثرمداء و (بهدى) التي يسمى حالياً وادي الباطن:
- وأقفر وادي ثرمداء وربما ـ تدانى بهدى حلول الأصارم.
وحظيت ثرمداء بالذكر في كتابات البلدانيين الأوائل والمعاصرين، كما حظيت بنصيب في دراسات ومدونات الرحالة والمبعوثين والمستكشفين، ففي كتابه «بلاد العرب» ذكر الحسن بن عبد الله الأصفهاني الذي عاش قبل 1100 عام ثرمداء وقال عنها: قال أبو المسلَّم: (قرى الوشم بين ثرمداء وهي قرية من قرى الوشم وبين مراة ووادي الجمل وبه نخل وبالرَّغام أي (نفود عريق البلدان الآن) قرى كثيرة. وجلُّ الوشم لبني امرئ القيس (ابن زيد مناة بن تميم)، مراة وثرمداء وأثيفية والقصيبة وذات غسل والشقراء وأشيقر. قال: وعُظم بلاد تميم الوشم). وقال الهمداني الذي توفي قبل حوالي 1095 عاماً: (الوشم من أرض اليمامة وهو للقراوشة من بني نمير، وأول الوشم ثرمداء وأثيفية وهي لمعشر عمارة بن عقيل..). وقال البكري الأندلسي الذي توفي قبل 942 عاماً: (ثرمداء.. قرية بالوشم، وهي خيرة، وإليها تنتهي أوديته جمعاء، وهي من منازل بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بنجد، ثم أورد بيت علقمة السابق) وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: ثرمداء: قال الأزهري: ماء لبني سعد في وادي الستارين، وقد وردته، يستقي منه بالعقال لقرب قعره، وقال الخارزنجي: هو بكسر الميم، قال: وهو بلد، وقيل قرية بالوشم من أرض اليمامة، وقال نصر: ثرمداء موضع في ديار بني نمير أو بني ظالم من الوشم بناحية اليمامة، وهو خير موضع بالوشم، وإليه تنتهي أوديته، ويروى بكسر الثاء، وقال أبو القاسم محمود بن عمر: ثرمداء: قرية ونخل لبني سحيم، وأنشد بيت جرير الذي ذكر فيه بهدى، وقال: وذو بهدى وأدبه نخل، والموضعان متقاربان. وقال السكوني: ثرمداء من أرض اليمامة لبني امرئ القيس بن تميم، والعرب تتنقل في مساكنها، فلا ضير ان تسكنها فروع من قبائل نجد خصوصا
وقد نسب حميد بن ثور الهلالي البرود إلى ثرمداء، وكان ابنه يراه يمضي إلى الملوك ويعود مكسواً، فأخذ بعيراً لأبيه فقصد مروان، فرده ولم يعطه شيئاً فقال:
- ردك مروان لا تفسخ إمارته ـ ففيك راع، ما عشت سرسور
- ما بال بُردِكَ لم تمس حواشيه ـ من ثرمداء ولا صنعاء تحبيرُ
- ولو درى أن ما جاهرتني ظهراً ـ ما عدت ما لألأت أذنابها النورُ
- وقال الشيخ محمد بن عبد الله بن بلهيد في كتابه «صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار»: ثرمداء مدينة كبيرة وعظيمة بها نخيل...
وقال الشيخ عبد الله بن خميس في كتابه معجم اليمامة: «موقع ثرمداء كما وصف علماء المنازل والديار من أحسن المواقع في الوشم باعتبار أن البطن الذي تقع فيه خصيب طيب التربة كثير الإنتاج..».
ويذكر العلامة حمد الجاسر في تعليقه على بحث نشر بمجلة العرب للباحث عبد الله بن ماجد: «أن الربان الشهير ابن ماجد كان من أسرة توجد الآن بثرمداء..»، وربما هو توهم أو مشابهة أسماء، وان ابن ماجد بحار يستبعد ان يكون من صحراء نجد، ثم ان عصره ليس بعيدا حتى يدعى في نسبه، والاصل انه من عشائر عمان .
وأورد الشيخ حافظ وهبة، وهو من رجال الملك عبد العزيز، عبارات موجزة عن ثرمداء في كتابه «جزيرة العرب في القرن العشرين» حيث قال: (ثرمداء في الجنوب الشرقي من شقراء، وهي تكاد تكون مخربة مما حل بها في سنة 1903 م، يبلغ عدد سكانها نحو ألفي نسمة وفيها قلعة وسوق، وكثير من البيوت الجميلة، وبها كثير من البساتين الواسعة وهي تروى من آبار عمقها من 60 ـ 70 قدماً. سجل رحالة مروا بثرمداء معلومات عنها، حيث قال الحاج المرتضى بن علي بن علوان الدمشقي، الذي أدى الحج قبل 309 سنوات من اليوم، وغادر الديار المقدسة مروراً بالأراضي النجدية باتجاه الأحساء: (.. وفي هذه المسافة مررنا على بلاد نجد، فإذا هي بلاد عظيمة رحيبة البقاع عظيمة الاتساع طيبة الهواء لطيفة الماء والرُبا، وردنا منها ثلاثة من البلاد: الأولى يقال لها نفي والثانية يقال لها ثرمداء والثالثة بلدة اسمها العينية وهي أعظم الثلاث وفيها من الحمض الكباد والنقاش ما لا يوجد مثله، إلا في صالحية دمشق، وأما المياه فلا تقاس بغيرها طيباً وصفاء وهضماً..).
وفي عام 1819 م قام الكابتن البريطاني سادلير برحلة عبر الجزيرة العربية بهدف مقابلة إبراهيم باشا إثر تدميره للدرعية وتهنئته بانتصاراته ومعرفة مدى مساهمته وتعاونه مع الإنجليز في الخليج ضد القواسم في رأس الخيمة الذين كانوا تابعين للسيادة السعودية.. وقد دون سادلير الكثير مما رآه في رحلته الطويلة الشاقة من ساحل الخليج إلى ساحل البحر الأحمر مرورا بنجد.
ويقول ضمن مذكراته اليومية في 16 أغسطس 1819 م :
«سرنا في الثالثة والنصف من هذا الصباح بطريق غربي ثم شمالي ثم غربي. الصحراء مجدبة، والتربة مخلوطة بالحصى. وفي التاسعة والنصف صباحا وصلنا ثرمداء التي محيت آبارها ودمرت من قبل الباشا. يقطن هذه القرية بعض السكان وترى غيضات النخيل التي فيها من مكان بعيد، ويلاحظ ان الاراضي المجاورة لها محروثة وخاضعة لرعاية كبير».
وفي عام 1288 هـ في أثناء فترة الاضطراب الواقع في نجد والنزاع بين أبناء الامام فيصل بن تركي، قام الشيخ داوود السعدي (العراقي) برحلته للحج مرورا بالاحساء إلى الرياض فالحجاز وسجل معلومات عن الأماكن والموارد التي تقع على هذا الطريق.. وزار الرياض واستضافه الأمير محمد بن فيصل بن تركي نيابة عن أخيه الامام عبد الله بن فيصل الذي كان خارج الرياض.
ويقول عندما غادر الرياض في شهر ذي القعدة 1288 هـ:
«يوم الثلاثاء: منها إلى الدرعية بلدة عظيمة اثارها وهي كثيرة الماء.
يوم الأربعاء: منها إلى الحيسية قرية بوادي حنيفة قليلة البساتين كثيرة الماء. يوم الخميس: أيضا بوادي حنيفة ومررنا على بساتين وقرى كثيرة.
يوم الجمعة: إلى قريب ثرمدة ببرٍ أقفر موجود المرعى عديم الماء اسمه العريج (عريق البلدان).
يوم السبت: نزلنا ثرمدة قرية كثيرة المياه والبساتين والاهالي..» وفي أواخر عام 1325 هـ صحب عبد الله عبد الاله القناعي حامل لقب (خان بهادر) الكولونيل هاملتون المعتمد البريطاني في الكويت في رحلته من الكويت إلى نجد. وسجل القناعي يوميات رحلته التي مرت فيها البعثة على حوالي خمس وثلاثين بلدة وموردا من بينها ثرمداء، وقال في ذلك مستخدماً اللهجة الدراجة: في 9 نوفمبر 1917 م الموافق 23 من المحرم 1326 هـ يوم الجمعة ثورنا الساعة الواحدة وصلنا إلى ثرمدة الساعة الثالثة اميرها عبد الرحمن بن ناصر العنقري ارسلنا له قدامنا طامي البعير مع سعد العجمي وادم بن سعود وتقهوينا عنده جميعا. وارسل لنا رأسين غنم لاجل العشاء لاننا ما قمنا إلى اخر النهار، كذلك الصاحب اعطاه خمسين روبية وعباءة برقة طيبة وزبون بريم، واعطى خدامه الثلاثة اربع عشرة روبية.. وثورنا من ثرمدة الساعة الثامنة وعشينا الساعة الحادية عشر في طرف نفود الثويرات ومن عقبنا نفود الثويرات رحنا حدر مطلع الشمس إلى البرة ورأينا خشم الحصان ضلع من ضلع الطويق شرق شمال حول ثادج.
وهنا نلاحظ ان القناعي ذكر نفود الثويرات والصحيح نفود عريق البلدان (الرغام) الذي يمتد قبل رمال الثويرات ويذهب جنوبا بمحاذاة غرب المحمل وجنوب الوشم ويسمى طرفه الجنوبي (طريق الحبل).. كما ان القناعي يقصد بالصاحب أي الكابتن هاملتون.
وفي عام 1337 هـ الموافق 1918 م قام الرحالة الشهير سانت جون فيلبي المعروف بعد ذلك بعبد الله فيلبي الذي اصدر عددا من المؤلفات عن تاريخ المملكة وعن رحلاته ومشاهداته، بزيارة لمدن وقرى الوشم ومن بينها ثرمداء، فقال في كتابه «جزيرة العرب الوهابية»: «وبعد مسير قصير (من مرات) باتجاه الشمال وصلنا إلى ثرمداء، حيث وجدنا مخيم ابن سعود إلى الناحية الشرقية من المدينة، قريبا من انقاض حصن كبير بني في اثناء الاحتلال التركي في منتصف القرن الماضي بواسطة خورشيد باشا.. وفي اثناء احتلال ابن رشيد للبلاد الوهابية، كانت ثرمداء أحد معاقله الرئيسية، واحتلت بالتالي تلك القلعة التركية واصبحت تحت سيطرة قواته، ولقد حوّل ابن سعود تلك القلعة إلى انقاض وذلك لرد الجميل ومكافأة لأهالي ثرمداء لولائهم ودعمهم له بدلا من حكم خصمه ابن رشيد.. فالسور الخارجي المنهار والابراج المتداعية في اركانه لم تعد قادرة على الحماية.. وحوّل الجزء الداخلي من الحصن إلى حقول قمح.
واحة ثرمداء التي هي بشكل قطعة مستطيلة من النخيل يبلغ طولها ميلا واحدا وعرضها نصف ميل، تقع إلى الشمال وجنوب وادي البطين، بينما تبعد عنها رمال النفود حوالي نصف الميل من الشرق، وترتفع هضبة الصخور الرملية مباشرة من مزارع النخيل من الغرب.
يحيط بهذه الواحة كاملة سور مدعم بأبراج على اركانه، وتقع المدينة في داخل هذا المحيط في الركن الشمالي الشرقي، ويميز المدينة وجود سوق يتكون من حوالي خمسة عشر إلى عشرين محلا.. وهي فيما عدا ذلك مكان غير متناسق بمبانيها وبطرقها المتعرجة، ويبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة آلاف نسمة، ويملك معظم اجزائها العناقرة من بني تميم وعناصر مختلفة.
وتفصل بين المدينة والحصن مساحة مفتوحة وبوابتان من بوابات السور الخارجي للمدينة توصلان إلى ذلك الحصن، هما البوابتان الجنوبية والشرقية، بينما تقع المقبرة خارج المدينة.
تقع ست من مزارع النخيل خارج الجزء الرئيسي من الواحة على حافة النفود، بينما يوجد في البطين عدد من القصور المهجورة والابار المعطلة في وسط حقول من القمح، أما الماء الذي يوجد على عمق بين ست إلى ثماني اذرع، فهو يميل إلى الملوحة.
كان من بين ضيوف ابن سعود في المخيم الأمير المحلي عبد الرحمن العنقري مصحوبا بوجهاء البلدة الذين حظوا بضيافة وتقدير عاليين منه».
وفي عام 1341 هـ الموافق 1922 م زار الرحالة العربي الاديب اللبناني أمين الريحاني الجزيرة العربية قادما من اميركا وقابل ملوكها وامراءها وفي مقدمتهم الملك عبد العزيز الذي اتاح له فرصة تدوين مشاهداته في قلب نجد.
يقول الريحاني بعد مغادرته الرياض باتجاه الوشم: «بعد خروجنا من الحيسية نطل على أول بلد في الوشم، ذاك القاع الكائن بين وادي حنيفة ووادي السر، الذي يمتد غربا من سفح جبل طويق، ان الوشم مشهور بقصوره ومزارعه وتاريخه وتقاليده».
أما ثرمدا بعدها، ثرمدا الكثيرة القلبان: فإن الماء المالح والماء القراح يجريان فيها جنبا إلى جنب تحت النخيل، سكانها من بني تميم وأميرها العنقري الذي اضافنا وحدثنا عن العصامي والعظامي من الرجال، هو من بني سعد وهم أطيب جذوع تميم في الزمان الأول.
قال لي هذا العنقري التميمي العصامي وأكد قوله ان عندهم في ثرمدا ثلاثمائة قليب، منها آبار تاريخية جاهلية، وثلاثة آلاف مجاهد. ومن آبارها التاريخية الجاهلية الكليبية سميت على بني كليب بن يربوع من تميم، ومنها بئر المحاربية سميت على بني محارب القيسية وهي لآل رَمّاح المحاربي . وعرف ان العرب تسمي ماءها على قبائلها لتحفظ اسمها وملكية مائها .
وفي عام 1396 هـ قام الاستاذ عاتق بن غيث البلادي، صاحب كتاب «معجم معالم الحجاز» برحلته التي اطلق عليها عنوانا لكتابه «الرحلة النجدية» فقال عن ثرمداء: «بلدة اصغر من سابقتها في واد ينحدر صوب الشرق إلى سهل قرقري.. وصلناها من بعد ستة اكيال أو زيادة طفيفة، ليس بها ما يلفت النظر، ولم تتقدم كثيرا باستثناء مبان حديثة البناء، مما يدل على انها مقبلة على تغيير معالمها ككل مدن الجزيرة العربية اليوم، غير ان للمدينة مجدا غابرا، وذلك ما رواه الشيخ عبد الله بن خميس.. فاذن نحن امام بلدة تجتر امجادها، كانت أم الوشم فأصبحت مجرد مساكن للذين لم يستطيعوا النزوح إلى معادن الثروة.. والحق أن أهل ثرمداء الذين استوطنوا الرياض وجدة ومكة يكادون ينسون ثرمداء..».
لقد كان البلادي محقا في رأي الباحث من أن اهالي البلدان الذين جذبتهم العاصمة والمدن الكبرى نسوا بلدانهم إلا قليلا منهم.. ولكن يمكن القول ان بوادر العودة والحنين بدأت تتسرب الآن إلى قلوب هؤلاء بعد أن ضاقوا ذرعا بحياة المدينة وصخبها واتساعها وتباعد مسافاتها.
من خلال عرض مشاهدات الرحالة السبعة المذكورين عن ثرمداء من عام 1121 هـ إلى 1396 هـ: وهي مدة تقارب ثلاثة قرون نجد هناك قواسم مشتركة وشهادات متواترة وانطباعات متطابقة تتمثل في: خصب ارض ثرمداء وطيب مائها ووفرة نخيلها ومزروعاتها، ووقوعها على درب المسافرين وطرق الحج والقوافل، وهذا يتيح للبلدة الاستفادة من التبادل التجاري والحضاري، ووجود آثار وبقايا الحصون والقلاع التي اقامها الاتراك والمصريون في ثرمداء في أثناء غزواتهم لنجد واستقرارهم لتكون مركزا عسكريا بديلا للدرعية، ودور امرائها العناقرة في استقبال الضيوف أو الرحالة واكرامهم والانطباع الحسن لدى الرحالة عن أمراء البلدة وأهلها.
ورغم شح المصادر التي دونت تاريخ نجد وبلدانها في المرحلة التي سبقت قيام الدولة السعودية الأولى في منتصف القرن الثاني عشر الهجري.. إلا أنه قد جرت محاولات ساعدت في رسم ملامح تلك الحقبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. ونرى ذلك فيما كتبه ابن بسام والمنقور وابن ربيعة وابن يوسف وابن عباد وابن غنام وابن لعبون والفاخري وابن بشر وابن عيسى والذكير وغيرهم في الحوادث التي سجلوها أو التواريخ التي الفوها وحققها اخرون أصحاب المصادر الأخيرة ابن بشر وابن عيسى والذكير اعتمدوا بشكل كبير على مدونات من سبقهم من المؤرخين، ثم اضافوا لها ما في عهودهم من احداث.
وكان ابن بشر قد انفرد بمنهج جديد هو وضع سوابق لتاريخه أي الحوادث السابقة لما ارخّه هو من احداث عاصرها أو نقلها مشافهة من معاصريه، معللا ذلك بضرورة بيان الفرق بين حوادث السنين المظلمة قبل قيام الدولة السعودية وما تلاها من استقرار في العهد السعودي.
ومن جملة هذه المصادر التاريخية نستطيع ان نستخلص سير الأمراء العناقرة الذين تولوا الامارة في ثرمداء والأحداث التي وقعت في عهودهم وهم: عبد الله بن إبراهيم بن خنيفر العنقري. تولى من سنة 1081 هـ إلى وفاته 1100 هـ. قال ابن بشر (وفيها «أي 1081 هـ» شاخ عبد الله بن إبراهيم بن خنيفر العناقر)، ثم قال عن سنة 1100 هـ: (ومات فيها عبد الله بن إبراهيم رئيس بلدة ثرمداء)، فتكون مدة ولايته بذلك قريبا من عشرين سنة. وأما الذكير فقال:(وأول أمير تولى فيها حسب ما نعلم هو عبد الله بن إبراهيم العنقري، سطا فيها سنة 1081 هـ، واستولى عليها وتولى الامارة فيها).
وفي هذه المرحلة يذكر المؤرخون تولي راشد بن إبراهيم العنقري في بلدة مرات المجاورة لثرمداء سنة 1084 هـ، ثم خبر مقتله سنة 1093 هـ، وتولي عبيكة بن جار الله العنقري بعده، ثم خبر مقتله سنة 1096 هـ.
ريمان بن إبراهيم بن خنيفر العنقري، تولى من سنة 1100 هـ إلى مقتله سنة 1116 هـ. قال الفاخري: (وفي سنة 1116 هـ قتل ريمان بن إبراهيم بن خنيفر العنقري راعي ثرمداء وملكها آل ناصر).
وقال عبد الله البسام في مخطوطته «تحفة المشتاق من اخبار نجد والحجاز والعراق»: في هذه السنة قتل ريمان بن إبراهيم بن خنيفر العنقري أمير بلدة ثرمداء المعروفة من بلاد الوشم قتلوا آل ناصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري واستولوا على بلدة ثرمداء).. أي ان هذه الحادثة وقعت بين الأمير ريمان وأبناء أخيه ناصر الذين يبدو أنهم كثيرون بدليل إشارة المؤرخين آنذاك اليهم بآل ناصر.
ونجد في هذه المرحلة أحداثا أخرى معاصرة، لها ارتباط بتاريخ العناقرة في بلدة مرات استكمالا لما أوردناه سلفا، حيث يقول الفاخري في أحداث سنة 1115 هـ: (وفيها ملك إبراهيم بن جار الله العنقري بلدة مرات).
وقال في أحداث 1121 هـ: (وفيها ظهر إبراهيم بن جار الله العنقري من بلدة مرات وتولى فيها مانع بن ذباح العنقري).. وفي أحداث 1124 هـ: قال البسام: (وفيها سطا إبراهيم بن جار الله العنقري في بلدة مرات واستولى عليها «للمرة الثانية».. وفيها قتل مهنا بن بشر العنقري).
بداح بن بشر بن ناصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري. تولى امارة ثرمداء سنة 1119 هـ، (أو قبلها بقليل) إلى وفاته سنة 1136 هـ. وقد جرت في أثناء إمارته أحداث شتى من الغزو والإغارة كحال بلدان نجد في تلك الحقبة المريرة قبل قيام الدولة السعودية الأولى.. ومن ذلك ما جرى في سنة 1119 هـ حين سار الأمير بداح ومعه الصمدة من الضفير وتوجهوا لقتال أهل بلدة أثيثية (اثيفية) المجاورة لثرمداء فخرج اهلها وحصل بينهم قتال شديد قتل فيه من أهل اثيفية عدة رجال.
- "أدب .. علقمة الفحل : طَحَا بكَ قَلبٌ في الحِسان طروبُ". www.adab.com. مؤرشف من الأصل في 24 نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 04 أغسطس 2019. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة)
- محطة لقوافل الحجاج
- وفي سنة 1120 هـ نزل حجاج الاحساء بقيادة نجم بن عبيد الله بن غرير ثرمداء.. وهذا يعني ان ثرمداء من المحطات التي تتوقف فيها قوافل الحج من الأحساء إلى الديار المقدسة.
وفي سنة 1124 هـ وقع مرض في ثرمداء والقصب ورغبة والبير والعودة وفيها جرت مقتلة بين آل ناصر العناقرة وبين أهل مرات، وتسمى وقفة الظهيرة: وما حدث في سنة 1225 هـ، حين سطا آل إبراهيم وأهل ثادق على آل ناصر في ثرمداء، فلم يحصلوا على طائل وقتل آل ناصر منهم رجالا.
وفي سنة 1125 هـ تولى إبراهيم بن جار الله العنقري في مرات، وفيها قتل مهنا بن بشر بن ناصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري.
وفي سنة 1130 هـ تحارب أهل رغبة وأهل ثرمداء. وفي سنة 1131 هـ تصالح آل عناقر أهل ثرمداء وآل عوسجة أهل ثادق والعرينات أهل العطار.
تلك نبذ من أحداث ثرمداء في زمن الأمير بداح العنقري مما دونه مؤرخو تلك الحقبة بشكل موجز لا يحقق تصورا لأسباب المشكلات ودواعي القتل والحروب والصلح والعلاقات بين البلدان.
ويرد هنا تساؤل: هل الأمير بداح بن بشر العنقري هذا هو بداح العنقري الشاعر الذي ذاع صيته في نجد وخارجها؟ اننا نجد المؤرخ ابن خميس قال عنه في معجم اليمامة: الأمير الشجاع الشاعر بداح العنقري صاحب القصيدة التي منها:
البدو واللي بالقرى نازلينا كل عطاه الله من هبة الريح ثم قال في كتابه الموسوعي الآخر «تاريخ اليمامة» في فصل شعراء اليمامة:
(هو بداح العنقري من أسرة العناقرة من بني سعد من تميم والذي كان يسكن ثرمداء ويتنقل اوقات الربيع في احضان البادية.. وهو شاعر غزل. له شعر رقيق ونفحات جيدة جرت بينه وبين احدى الفتيات البدويات محاورة حول شجاعة الحضر وشجاعة البدو ضمنها هذه القصيدة). ونلاحظ هنا انه لم يصفه بالأمير.. فهل ذلك بسبب انه قال هذا الشعر قبل توليه الامارة؟ أو لأن حديث ابن خميس عنه في معرض بروزه الشعري دون الإشارة إلى امارته التي استمرت سبعة عشر عاما إلى تاريخ وفاته سنة 1136 هـ.
إن الباحث هنا يميل إلى ان بداح بن بشر العنقري هو بداح الشاعر الأمير: لأنه لم يشتهر في تاريخ العناقرة وفق ما مر بنا من مصادر باسم بداح سوى هذه الشخصية، وشخصية أخرى هي بداح بن إبراهيم بن سليمان العنقري الذي تولى الامارة بعد والده.
ـ إبراهيم بن سليمان بن ناصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري. تولى الامارة في ثرمداء بعد وفاة ابن عمه بداح العنقري عام 1136 هـ واستمرت ولايته نحو خمسة واربعين عاما إلى وفاته عام 1281 هـ.. وهو الأمير الذي ينسب اليه بناء القصر (قصر العناقر)، وعاصر قيام الدولة السعودية الأولى ودعوتها الإصلاحية.
وقد ذكر المؤرخ الذكير في مؤلفه مطالع السعود انه بعد وفاة بداح العنقري أراد آل ذباح سلطان وأخوه استرجاع الامارة لأنفسهم. فقام عليهم إبراهيم بن سليمان العنقري وقتلهم، وتولى الامارة في ثرمداء.
وقدم ابن عيسى في تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد تفصيلا للحادثة بقوله: (وفيها في ربيع الأول 1136 هـ قتل سلطان بن ذباح هو وولده وأخوه وإبراهيم بن جار الله رئيس بلدة مرات. وهم من رؤساء العناقر.. قتلهم إبراهيم بن سليمان بن ناصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري رئيس بلدة ثرمداء).
رابع المدن النجدية كان إبراهيم بن سليمان كما يقول الذكير: من الامراء البارزين والشجعان المعدودين: بعيد الهمة واسع المطمع، تصفها امارته عن خصلة من خصاله، اكتسبت ثرمداء في أيامه شهرة أكبر.. وكاد يكون القائد الأول في جميع الوشم على ما فيه من البلدان الأخرى لا تعد ثرمداء بجانبها شيئا.. كلمته نافذة وهيبته راسخة، وكانت ثرمداء في أيامه رابع مدينة من المدن التي تهجم ولا يهجم عليها وهي: الدرعية، الرياض، ثرمداء، الدلم، كما ذكر مقبل الذكير في كتابه مطالع السعود، حيث يقصد هنا الأمير محمد بن سعود في الدرعية ودهام بن دواس في الرياض والعنقري في ثرمداء، وزيد بن زامل في الدلم.. وقد أضاف اليهم في موضع آخر عثمان بن حمد بن عمر أمير العيينة.
حكم إبراهيم بن سليمان ثرمداء احدى وعشرين سنة قبل قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157 هـ وعاصرها لمدة أربع وعشرين سنة، شهدت فيها العلاقة بين ثرمداء والدرعية في مرحلة ما قبل الدعوة الهدوء والوئام.. ثم أصبحت فيها العلاقات في المرحلة الثانية بعد قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب غير سلمية في معظمها إلى ان انتهت الأمور في أواخر ولاية إبراهيم بن سليمان بالطاعة والولاء والاقتناع بالدعوة الإصلاحية.
وخلال الإحدى والعشرين سنة الأولى من ولاية إبراهيم بن سليمان قبل قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157 هـ جرت احداث في ثرمداء منها: ما وقع عام 1140 هـ من حرب بين أهل أشيقر والعناقرة في ثرمداء، وما ذكره ابن يوسف: ان أهل وثيثية وأهل الوقف تبعوا العناقرة عام 1148 هـ وما ذكره ابن عيسى بقوله: وفي سنة 1151 هـ قتل إبراهيم بن سليمان العنقري رئيس بلدة ثرمداء عيال بداح العنقري في ثرمداء، وما ذكره الشيخ ابن عباد انه في سنة 1154 هـ انتقل هو إلى ثرمداء بعد أن عين قاضيا للبلدة من قبل العنقري.
معارضة وتأييد ونظرا لكون ثرمداء أهم بلدان الوشم ونجد قبل قيام الدولة السعودية فقد أولاها قادة الدولة السعودية، إثر نهوضهم بالدعوة الإصلاحية، اهتماما واضحا من أجل ضم هذه البلدة ضمن التكوين السياسي للدولة الجديدة، حيث تشير رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى جانب كبير من هذا الاهتمام، ومن ذلك رسالة الشيخ إلى الشيخ محمد بن عباد قاضي ثرمداء وامام مسجدها ردا على رسالة بعثها ابن عباد تتضمن بيانا حسنا في تحقيق التوحيد. وطلب من الشيخ الرد عليها بما يرى فيها من أمور قد تكون خافية عليه.
وقد اثنى الشيخ في رده على ما جاء في رسالة ابن عباد من أمور عقدية مع ابداء بعض الملاحظات.
لم يستطع ابن عباد التأثير ايجابيا في أمير البلدة لصالح الدرعية في المرحلة التي سبقت معارضة ابن عباد للدعوة الإصلاحية، ولذا كرر الشيخ بن عبد الوهاب المراسلات والمداولات العقدية والفقهية مع شيخ ثرمداء وقاضيها الشيخ محمد بن عيد الذي خلف ابن عباد: إلا ان موقف ابن عيد من الدعوة يشبه تماما موقف ابن عباد في اقتناعه بصحتها ابتداء، ومحاولته التأثير في أمير البلدة، ثم يشبهه في تأييد هذا الأمير في معارضته للدعوة والدولة، ولذلك عُد إبراهيم بن سليمان أحد الأمراء النجديين الذين لم يؤيدوا الدعوة ولم يدخلوا في طاعة الدولة في هذه الفترة المبكرة.
وفي واقع الأمر، فإن علاقة إبراهيم بن سليمان بالامام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب قبل عقد اتفاق الدرعية كانت علاقة حسنة، إلا انه بسبب تبني الدعوة للجهاد بعد اخفاق وسيلة المراسلات والمناظرات اختلف موقف إبراهيم من الزعامة الدينية والسياسية في الدرعية، وهب لمقاومتها وذلك بتأثير من دهام بن داوس أمير الرياض الذي قام بدور كبير في حث بلدان نجد على مناوأة الدرعية.
وعلى هذا الأساس شنت الدرعية غارات على ثرمداء، أولاها سنة 1161 هـ بقيادة عبد العزيز بن محمد بن سعود ومعه عثمان بن معمر رئيس العيينة في بطين ثرمداء، والثانية سنة 1164 هـ في وقعة الوطية بقيادة عبد العزيز بن محمد ومشاري ابن معمر.
وفي أوائل محرم 1168 هـ غزا إبراهيم بن سليمان بلدة ضرما، وكان محمد ابن عبد الله قد جاءه من ينذرة حين خروجهم من ثرمداء، فارسل إلى الامام محمد بن سعود يستنجده فارسل ابنه عبد العزيز بن محمد بن فحصل قتال بين الطرفين عند قصر الفضيلي وصارت الهزيمة على أهل ثرمداء، وبعد ذلك في عام 1171 هـ حدثت وقعة البطحاء وهي نخل معروف آنذاك في ثرمداء، حيث قام الأمير عبد العزيز بن محمد بوضع كمين في وادي الجمال ودخلوا من جهة نخل البطيحاء وحصلت معركة بين الطرفين قتل فيها من اتباع الدرعية نحو ثلاثين رجلا، ومن أهل ثرمداء ثمانية منهم: ابن أمير البلدة عبد المحسن بن إبراهيم بن سليمان.
وكانت آخر المواجهات بين الدرعية وثرمداء وقعة الصحن سنة 1180 هـ وهو موضع معروف بقرب سور البلدة التحم فيه القتال بين جنود الامام عبد العزيز بن محمد وبين أهل البلدة، وحصلت الهزيمة على إبراهيم بن سليمان وقتل ابناه راشد وحمد وامام البلدة محمد بن عيد.
واثر ذلك جنح الأمير إبراهيم بن سليمان العنقري للسلم ووفد إلى الدرعية في بداية سنة 1181 هـ وبايع الامام عبد العزيز بن محمد والشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتم تثبيته في امارة ثرمداء ليقوم بتوطيد النفوذ السعودي فيها: لما عرف عنه من تدبير وقوة، توفي بعد ذلك الأمير إبراهيم في أواخر سنة 1181 هـ بعد أن أمضى خمسة وأربعين عاما أميرا لثرمداء.
وما زالت امارة ثرمداء بيد أسرة العنقري، وقد تولى بعد إبراهيم بن سليمان خمسة عشر أميرا من الأسرة إلى وقتنا الحاضر. ورئيس المركز الآن هو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري ويقوم بجهود مباركة لربط ماضي البلدة العريق بحاضرها المشرق.
وقد تولى الامارة منذ بداية عهد الملك عبد العزيز كل من عبد المحس بن عثمان بن عبد الله بن إبراهيم بن سليمان العنقري 1321 ـ 1322 هـ وعبد الرحمن بن ناصر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن سليمان العنقري 1323 ـ 1362 هـ. وسلطان بن عبد الرحمن بن ناصر بن محمد العنقري 1362 ـ 1368 هـ. ومحمد بن عبد الرحمن بن ناصر بن محمد العنقري 1368 ـ 1374. وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن ناصر بن محمد العنقري 1374 ـ 1411 هـ.
قصر العناقرة مركز النشاط السياسي والإداري يُعد قصر العناقرة الذي بناه إبراهيم بن سلمان العنقري قبل 293 عاما من أشهر معالم المدينة، وتبلغ مساحته الاجمالية 1800 متر مربع، ويحتوي القصر في جنباته عدة بيوت من بينها بيت الشيخ محيس العنقري جد الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز، وقد تبنى الأمير مشروع ترميم القصر الاثري وفاء لوالدته الأميرة موضي بنت محيسن العنقري، ولبلدة اخواله واسرتهم واهالي ثرمداء وذلك بتكلفة قدرها 5 ملايين ريال، وقد اطلع الأمير طلال بن عبد العزيز والأمير سلمان بن عبد العزيز على المشروع وباركاه. واشار الدكتور عبد اللطيف الحميد الذي قدم دراسة تاريخية اثرية معمارية عن القصر إلى ان منشئ القصر عام 1136 هـ هو إبراهيم بن سلمان العنقري الذي تولى إمارة ثرمداء عام 1136 هـ. واستمرت ولايته نحو خمسة واربعين عاما إلى وفاته عام 1281 هـ. منها إحدى وعشرون سنة قبل قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157 هـ. واربع وعشرون سنة معاصرا للدولة.
كانت ثرمداء في زمن إبراهيم بن سليمان العنقري بلدة مهابة الجانب، قوية النفوذ في الوشم والأقاليم المحيطة.. ثم اكتنفها الضعف وتراجع نفوذها في المنطقة في اواخر القرن الثاني عشر الهجري. قام إبراهيم بن سليمان بإنشاء القصر في أوائل مدة إمارته في عام 1136 هـ على وجه التقريب تعبيرا عن قوة نفوذه وبروز بلدته بين البلدان المجاورة. كما جاء بناء القصر بمثابة مرحلة جديدة من توسع البلدة، إذ اختار إبراهيم بن سليمان بناء القصر باتجاه الجنوب كي يزحف توسع المدينة بهذا الاتجاه لان ثرمداء القديمة كان مركزها إلى الشمال.. ومع تغير الماء ونضوبه وزيادة ملوحته امتدت البلدة جنوبا.. فبنى بكر العنقري ما يعرف بـ (المدينة).. ثم جاء إبراهيم بن سليمان ليجعل من قصره محور البلدة فيما بعد.
ويشير البعض إلى ان مراحل امتداد المدينة من الشمال إلى الجنوب مر عبر فترات متباعدة من جو إلى السفالة ثم إلى العلاوة، وهي مواقع نخيل مشهورة في ثرمداء.
ويرى الدكتور الحميد أن شهرة إبراهيم بن سليمان في زمنه وقوة نفوذه في الوشم والأقاليم الأخرى قد جعلت من القصر مركزا لنشاط الأمير السياسي والإداريز، فقد كانت له علاقات ودية مع معاصريه من الأمراء مثل دهام بن دواس في الرياض وعثمان بن معمر في العيينة وآل زامل في اثيثية وعريعر بن دجين في الاحساء.. وفي آخر الأمر علاقته الودية وتبعيته السياسية التي انهى بها مرحلة المناوأة مع الدرعية بزيارته ومبايعته للامام عبد العزيز بن محمد والشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرعية، معتبراً أن هذه العلاقات الواسعة مع امراء البلدان اتاحت بلا شك نوعا من الزيارات المتبادلة والوفود القادمة لقصر إبراهيم بن سليمان في ثرمداء ابان فترة ولايته.
وقد شهد هذا القصر في مراحل لاحقة ضيوفا كبارا دخلوه وحلوا ضيوفا على امراء العناقرة.. وكان آخرهم الأمير عبد الرحمن بن ناصر العنقري الذي عرف بالسخاء والكرم وابناؤه من بعده.
يقع القصر داخل ثرمداء القديمة وداخل السور القديم المسمى العقدة.. وقد تطور هذا السور في مرحلة أخرى ليصبح محيطه خمسة كيلومترات تقريبا.. يضم بين جنباته المزارع والآبار والمساجد والاسواق والبيوت.
وللسور اربعة أبواب تغلق ليلا ونهارا وهي: باب الحويطة غربا، وباب الحياط جنوبا، وباب السقالة شرقا، وباب العرفجية شمالا.. ويدخل سور العقدة داخل هذا السور الواسع ثم يدخل قصر العناقرة داخل سور العقدة.. وكان موقع القصر في الزاوية الجنوبية للبلدة، ثم ما لبث ان أصبح مركز البلدة مع مرور الوقت واتساع العمران. ولو نظرنا إلى الموقع العام للقصر بصورته الراهنة في الوقت الحاضر لوجدنا انه محاط بشارع بعرض 20 مترا باتجاه الغرب، ومسجد مسلح من الشمال الغربي بني على انقاض المسجد الجامع الطيني القديم، ومحاط بمبان طينية قديمة من جهتي الشمال والشرق.
لا يسمح وضع القصر الحالي بإعطاء وصف دقيق لمكونات القصر الأثرية بسبب طول مدة خلو القصر من السكان والانهدامات التي سببتها السيول، وخاصة السيل الجارف الذي اغرق البلدة القديمة في عام 1395 هـ.. ومع ذلك فإن أجزاء لا بأس بها من القصر ما زالت على حالتها السابقة.. الأمر الذي يساعد الباحث ورجل الآثار على تتبع مكونات القصر وعناصره.وتبلغ مساحة القصر الاجمالية 1800 متر مربع تقريبا. ويحيط بالقصر خندق عميق من ثلاث جهات هي: الجهة الشمالية والجهة الشرقية والجهة الجنوبية. واما الجهة الغربية فلا تبدو فيها آثار خندق اما بسبب ان هذه الجهة كانت جزءا من سور البلدة الغربي القديم أو ان معالم الخندق قد اختفت في هذه الناحية. ويبلغ عمق الخندق 3 امتار واتساعه في الناحية الشمالية 4 امتار والشرقية 6 امتار والجنوبية 10 امتار. ومحيطه سور حجري غاية في الدقة والنظام وتبلغ مساحة الخندق 1025 مترا. [1]
وافضل كتاب ارخ لثرمداء هو ثرمداء عبر التاريخ للفاضل الشيخ سليمان بن إبراهيم الدخيّل .
الموقع
تقع ثرمداء في منطقة الوشم شمال غربي مدينة الرياض، ينتمي إليها الصحابي الجليل قيس بن عاصم التميمي سيد أهل الوبر وهي بلدة تاريخية كما يروي ياقوت الحموي في معجم البلدان أنها كانت قاعدة الوشم في زمانه.. انتهى كلامه، ولقد جعلها الباشا عاصمة له ابان الهجوم على الدرعية. ويعتبر موقعها مميزا لوقوعها بين الرمال الذهبية من جهة الشرق والمرتفعات الجبلية من جهة الغرب التي تنحدر منها الأودية الهامة مثل : وادي النخيل ووادي الصنع ووادي الجمل، ووادي الكليبية الذي استوطنه بني كليب من تميم في العصر الجاهلي وصدر الإسلام الذي منهم الشاعر / جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي
وقال صاحب معجم البلدان (2/ 76): ثرمداء موضع في ديار بني نمير أو بني ظالم من الوشم بناحية اليمامة وهو خير موضع بالوشم وإليه تنتهي أوديته.
مراجع
- صحيفة الشرق الاوسط (الجمعـة 15 ذو القعـدة 1429 هـ 14 نوفمبر 2008 العدد 10944)