الملاحة عبر الأقمار الصناعية

الملاحة عبر الأقمار الصناعية (بالإنجليزية: Satellite navigation أو إختصارا satnav)‏ هو نظام يستخدم الأقمار الصناعية لتوفير معلومات عن الموقع الجغرافي.[1][2][3] يسمح النظام لأجهزة إستقبال الكترونية صغيرة بتحديد موقعها (خط الطول، دائرة العرض، و الإرتفاع/الإرتفاع الجغرافي) بدقة عالية بإستخدام إشارات زمنية مرسلة من الأقمار الصناعية بواسطة الراديو. يمكن استخدام النظام للملاحة أو لتتبع موضع شيء ما مزود بجهاز إستقبال (التتبع بواسطة الأقمار الصناعية). الإشارات تسمح أيضا للمستقبل الإلكتروني بحساب التوقيت المحلي بدقة عالية، مما يتيح مزامنة الوقت. تعمل أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية بشكل مستقل عن أي إستقبال هاتفي أو إنترنت، رغم أن هذه التقنيات بإمكانها تحسين معلومات الموقع الجغرافي.

يُطلق على نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية ذي التغطية العالمية اسم نظام الملاحة العالمي عبر الأقمار الصناعية (جي ان أس أس). اعتبارًا من أكتوبر 2018، فإنّ النظام العالمي لتحديد المواقع (جي بي أس) الخاص بالولايات المتحدة والنظام العالمي للملاحة الخاص بروسيا (غلوناس) هما أنظمة ملاحة عالمية عبر الأقمار الصناعية يعملان بشكلٍ كامل، ومن المُخطط بدء تشغيل بايدو للملاحة بالأقمار الصناعية الخاص بالصين (بي دي أس) ونظام غاليليو الخاص للاتحاد الأوروبي في عام 2020 بشكلٍ كامل. يُعتبر نظام الأقمار الصناعية الأوجي-الظاهري الخاص باليابان (كيو زد أس أس) نظامًا قائمًا على الأقمار الصناعية يهدف لتعزيز دقة نظام تحديد المواقع العالمي، من خلال نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية مستقل عن نظام تحديد المواقع العالمي إذ يُخطط البدء بتشغيله عام 2023. لدى الهند بالفعل نظام هندي إقليمي للملاحة بالأقمار الصناعية (آي آر أن أس أس) يُطلق عليه اسم نافيك، وهو نظام ملاحة إقليمي ذي تحكمٍ ذاتي بالأقمار الصناعية يوفر خدمات تحديد المواقع والتوقيت في الوقت الحقيقي بدقة، ومن المُخطط توسعته ليصبح عالميًا على المدى الطويل.[4][5]

تتحقق التغطية العالمية لكل نظام عمومًا من خلال تشكيل كوكبةٍ من الأقمار الصناعية مكونة من 18 إلى 30 قمرًا تدور في المدار الأرضي المتوسط موزعة بين عدة مستوياتٍ مدارية. تختلف الأنظمة الفعلية، ولكنها تتمتع بميلٍ مداري يزيد عن 50 درجة وفترات مدارية تبلغ اثني عشر ساعة تقريبًا (على ارتفاع حوالي 20000 كيلومتر أو 12000 ميل).

نظرة تاريخية

جرى استخدام الملاحة الراديوية الأرضية منذ فترة طويلة. استخدمت أنظمة ديكا ولوران وجيي وأوميغا الملاحية أجهزة إرسال راديوية أرضية ذات موجاتٍ طويلة تبث نبضة راديوية من موقع «رئيسي» معروف، تليها نبضة مكررة من عدد من المحطات «المُستعبدة». أتاح التأخير بين استقبال الإشارة الرئيسية والمُستعبدة للمستقبِل استنتاج المسافة التي تفصله عن المحطات المُستعبدة، ما يعني تحديد موقعها.

يُعتبر نظام ترانزيت أول نظام للملاحة عبر الأقمار الصناعية، وهو نظام أطلقه الجيش الأمريكي في الستينيات. استند نظام ترانزيت على تأثير دوبلر: تتحرك الأقمار الصناعية في مداراتٍ معروفة وتبث إشاراتها على شكل تردداتٍ لاسلكية معروفة. سيختلف التردد المستقبَل قليلًا عن تردد البث بسبب حركة القمر الصناعي بالنسبة للمُستقبِل. من خلال مراقبة هذا الانزياح في التردد خلال فترة زمنية قصيرة، يمكن للمستقبِل تحديد موقعه على أحد جانبي القمر الصناعي، ويمكن للعديد من هذه القياسات مجتمعة مع المعرفة الدقيقة لمدار القمر الصناعي تحديد موقع معين. تحدث أخطاءٌ في تحديد الموقع المداري للأقمار الصناعية نتيجة الاختلافات في مجال الجاذبية للأرض وانكسار أشعة الرادار، بالإضافة لعوامل أخرى. حُلّت هذه المشاكل من قبل فريق بقيادة هارولد أل. جوري من قسم بان آب للفضاء الجوي في فلوريدا بين عامي 1970 و1973. باستخدام استيعاب البيانات في الوقت الحقيقي والتقدير الذاتي، تم تضييق الأخطاء المنهجية والزائدة إلى مستوى يمكن التحكم فيه للسماح بالملاحة الدقيقة.[6]

تضمن جزء من بث القمر الصناعي المداري بياناته المدارية الدقيقة. من أجل ضمان الدقة، يرصد مرصد البحرية الأمريكية (يو أس أن أوه) باستمرار المدارات الدقيقة لهذه الأقمار الصناعية. في حالة انحرف مدار القمر الصناعي، سيقوم مرصد البحرية الأمريكية بإرسال المعلومات المحدثة إلى القمر الصناعي. سوف تحتوي عمليات البث اللاحقة من القمر الصناعي المحدث على أحدث تقويمٍ فلكي.

تكون الأنظمة الحديثة أكثر مباشرةً في عملها. يبث القمر الصناعي إشارة تحتوي على البيانات المدارية (التي يمكن من خلالها حساب موضع القمر الصناعي) والوقت المحدد لإرسال الإشارة. تشمل البيانات المدارية تقويمًا فلكيًا تقريبيًا لجميع الأقمار الصناعية للمساعدة في العثور عليها. يُرسل التقويم الفلكي المداري في رسالة بيانات تُوضع على رمز يعمل كمرجعٍ للتوقيت. تستخدم الأقمار الصناعية ساعاتٍ ذرية للحفاظ على التزامن بين جميع الأقمار الصناعية في الكوكبة. يُقارن جهاز الاستقبال وقت البث المشفّر في إرسال ثلاثة (على مستوى سطح البحر) أو أربعة أقمار صناعية مختلفة، وبالتالي يمكن قياس زمن رحلة كل قمرٍ صناعي. يمكن إجراء العديد من هذه القياسات في نفس الوقت للأقمار الصناعية المختلفة، مما يسمح بتحديد الموقع في الوقت الفعلي بشكلٍ مستمر باستخدام نسخة معدلة من التثليث المساحي.

يضع كل قياسٍ للمسافة، بغض النظر عن النظام المستخدم، جهاز الاستقبال على غلاف كروي على المسافة المقاسة من جهاز البث. عن طريق أخذ العديد من هذه القياسات ثم البحث عن نقطة اجتماعها، يُحدّد الموقع. ومع ذلك، في حالة أجهزة الاستقبال سريعة الحركة، يتحرك موضع الإشارة أثناء تلقي الإشارات من عدة أقمار صناعية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الإشارات الراديوية تبطئ قليلًا عندما تمر عبر الغلاف الأيوني للأرض، ويختلف هذا التباطؤ باختلاف الزاوية بين المستقبِل والقمر الصناعي، لأن ذلك يغير المسافة عبر الغلاف الأيوني. وبالتالي تُحاول الحسابات الأساسية العثور على أقصر خطٍ موجهٍ مماسي لأربعة أغلفةٍ كروية مفلطحة تتركز على أربعة أقمار صناعية. تقلل مُستقبلات الملاحة عبر الأقمار الصناعية من الأخطاء عن طريق استخدام مجموعات من الإشارات الصادرة عن عدة أقمارٍ صناعية وروابط متعددة، ثم استخدام تقنيات مثل ترشيح كالمان لدمج البيانات المُشوشة، والجزئية، والمتغيرة باستمرار في تقدير واحدٍ للموضع، والوقت، والسرعة.

تطبيقات

كان الدافع الأصلي للملاحة الفضائية هواستخدامها في التطبيقات العسكرية. توفر الملاحة عبر الأقمار الصناعية دقةً في إيصال الأسلحة إلى الأهداف المطلوبة، مما يزيد بشكلٍ كبير من فتكها مع تقليل الإصابات غير المقصودة من الأسلحة غير الموجهة بشكلٍ صحيح. تسمح الملاحة عبر الأقمار الصناعية أيضًا بتوجيه القوات وتحديد مواقعها بسهولة أكبر، مما يقلل من ضباب الحرب.

الآن، تُستخدم أنظمة الأقمار الصناعية للملاحة العالمية، على غرار نظام غاليليو، لتحديد موقع المستخدمين وموقع الأشخاص أو الأشياء الأخرى في أي لحظة معينة. يعد نطاق تطبيقات الأقمار الصناعية في المستقبل هائلًا، الذي يشمل القطاعين العام والخاص عبر العديد من قطاعات السوق مثل العلوم، والنقل، والزراعة وما إلى ذلك.[7]

كما أنّ القدرة على توفير إشارات الملاحة عبر الأقمار الصناعية تعني القدرة على رفضها. يُحتمل أن يكون لدى مشغل نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية القدرة على تقليل أو إزالة خدمات الملاحة عبر الأقمار الصناعية فوق أي إقليم يرغب فيه.

الإستخدامات المدنية والعسكرية

الدافع الرئيسي لاختراع أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية هو لإستخدامها في التطبيقات العسكرية.

المراجع

  1. "معلومات عن الملاحة عبر الأقمار الصناعية على موقع d-nb.info". d-nb.info. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. "معلومات عن الملاحة عبر الأقمار الصناعية على موقع explore.data.parliament.uk". explore.data.parliament.uk. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. "معلومات عن الملاحة عبر الأقمار الصناعية على موقع psh.techlib.cz". psh.techlib.cz. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. "IRNSS-1G exemplifies 'Make in India', says PM". صحيفة ذا ستيتس مان. 28 أبريل 2016. مؤرشف من الأصل في 23 سبتمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 28 أبريل 2016. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. "Global Indian Navigation system on cards". The Hindu Business Line (باللغة الإنجليزية). 2010-05-14. مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Jury, H, 1973, Application of the Kalman Filter to Real-time Navigation using Synchronous Satellites, Proceedings of the 10th International Symposium on Space Technology and Science, Tokyo, 945-952.
  7. "Applications". www.gsa.europa.eu (باللغة الإنجليزية). 2011-08-18. مؤرشف من الأصل في 20 يونيو 2019. اطلع عليه بتاريخ 08 أكتوبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة كهرباء
    • بوابة الفضاء
    • بوابة الصين
    • بوابة إلكترونيات
    • بوابة الاتحاد الأوروبي
    • بوابة جغرافيا
    • بوابة روسيا
    • بوابة الاتحاد السوفيتي
    • بوابة نقل
    • بوابة الولايات المتحدة
    • بوابة استكشاف
    • بوابة رحلات فضائية
    • بوابة طيران
    • بوابة ملاحة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.