المسيحية في تركمانستان
تُشكّل المسيحية في تركمانستان ثاني أكثر الديانات انتشاراً بين السكان بعد الإسلام،[1] وفقًا لإحصائية مركز بيو للأبحاث عام 2010 يُشّكل المسيحيين ومعظمهم من أصول روسيَّة حوالي 6.4% من مجمل السكان في تركمانستان،[2] أي حوالي 320,000 نسمة.[3] وتُعتبر الأرثوذكسية الشرقية أكبر الطوائف المسيحية في تركمانستان. الكنيسة الروسية الأرثوذكسية هي المذهب الرئيسي بين مسيحيي تركمانستان، والأغلبيَّة الساحقة من أعضاء هذه الكنيسة هم من الناطقين بالروسية ويعود وجودهم إلى استيطان الروس والأوكرانيين خلال حقبة الإمبراطورية الروسية، بينما الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي الأكثر انتشارًا في بين الإثنية البولندية والألمانية القاطنة في البلاد. وتُعد الكنائس البروتستانتية المختلفة احدى أبرز المذاهب بين مسيحيي تركمانستان، وعدد من أعضاء هذه الكنائس هم من الإثنيَّة التركمانيَّة ومعظمهم من معتنقي المسيحية.[4]
تعود جذور المسيحيَّة في البلاد إلى القرن السادس قبل ظهور الإسلام، حيث ضمت البلاد مجتمعات مسيحية شرقية لا بأس بها، بما في ذلك النساطرة والسريان الأرثوذكس وكان أتباع كنيسة المشرق من المتعلمين الذين اتقنوا السريانية. وبدأت كنيسة المشرق بالوهن في البلاد بعد القرن الثالث عشر تحت ضغط الصراعات بين المنغول والصليبيين والمسلمين وأدت سلسلة اضطهادات شنها قادة الترك والمنغول الداخلين حديثا إلى الإسلام إلى انهيار المجتمعات المسيحية في آسيا الوسطى. أعيد إحياء المسيحية في البلاد خلال القرن التاسع عشر وذلك بعد الغزو الروسي في القرن التاسع عشر، عندما تم بناء الكنائس الأرثوذكسية الروسية المختلفة في المدن الكبيرة.
تاريخ
كان المسيحيون الأوائل الذين دخلوا آسيا الوسطى (بما في ذلك تركمانستان) مبشرين نساطرة في القرن الرابع، حيث قاموا بالتبشير في المسيحية بين السكان المحليين.[4] وكان في بلاد ما وراء النهر أقليَّة من النساطرة المسيحيين، نزحوا إليها هربًا من بلاد الروم نتيجةً لِمُطاردة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة لِلنساطرة المُنشقين على الكنيسة، فانطلق أولئك المُضطهدون يلتمسون مجالًا لِنشاطهم في الشرق الأقصى، فمهَّدت كراهيَّتهم لِلروم البيزنطيين لِكسب عطف الفُرس الساسانيين عليهم، وقد اتَّخذت المسيحيَّة مركزًا في سمرقند حيثُ أنشأت لها أُسقُفيَّة فيما بين سنتيّ 411 و415م. من القرن الخامس وما بعده كانت هناك حركات كبيرة للشعوب في آسيا وكان هذا يعني بالنسبة لأوروبا وتركمانستان وصول قبيلة تركية من شرق آسيا تسمى أوغوز (أسلاف التركمان الحاليين).[4] في القرن الثامن دخل الإسلام المنطقة، وبدأت كنيسة المشرق بالوهن في البلاد بعد القرن الثالث عشر تحت ضغط الصراعات بين المنغول والصليبيين والمسلمين وأدت سلسلة اضطهادات شنها قادة الترك والمغول الداخلين حديثاً إلى الإسلام إلى انهيار المجتمعات المسيحية في آسيا الوسطى.[4]
في القرن السادس عشر، أصبحت تركمانستان جزءًا من خانية الأوزبك وهي حقبة أثرت بعمق في ثقافة البلد ودينه.[4] يعود الوجود الحالي للمسيحيين في تركمانستان إلى القرن التاسع عشر. في عام 1867 وسعت الإمبراطورية الروسية أراضيها إلى آسيا الوسطى خلال عدد من الحملات العسكريَّة، وقهرت خانية الأوزبك في خيوة وبخارى.[4] ومع السيطرة الروسية بدأ الروس الذين ينتمون في الغالب إلى الكنيسة الروسية الأرثوذكسية بالإستيطان في البلاد.[4] خلال الحرب العالمية الثانية، أمر جوزيف ستالين بترحيل أعداد كبيرة من الألمان والأوكرانيين والبولنديين والكوريين إلى آسيا الوسطى. ومعهم، وجدت الطوائف المسيحية الأخرى طريقها إلى تركمانستان.[4]
الوضع الحالي
أشار تعداد عام 1995 إلى أن المواطنين من أصول روسيَّة يشكلون 7% تقريبا من السكان، علمًا أنَّ الهجرة اللاحقة للمواطنين من ذوي الأصول الروسيَّة إلى روسيا وأماكن أخرى قد خفضت هذه النسبة. معظم المواطنين في تركمانستان من ذوي الأصول الروسيَّة والأرمنيَّة هم من المسيحيين الأرثوذكس. تتواجد في البلاد ثلاثة عشرة كنيسة روسية أرثوذكسية، منها ثلاثة مدينة في عشق آباد. ويقود كاهن مقيم في عشق آباد إدارة الكنيسة الأرثوذكسية داخل البلد، ويعمل في إطار الولاية الدينية لرئيس أساقفة الأرثوذكس الروس في طشقند بأوزبكستان. ولا توجد في البلاد أي من الأكاديميات الروسية الأرثوذكسية. تضم البلاد مجتمعات صغيرة من الطوائف غير المسجلة التالية وهي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وشهود يهوه، والعديد من الجماعات المسيحية الإنجيلية بما في ذلك الكنيسة المعمدانية، والجماعات الخمسينية. وهناك جماعة صغيرة من المواطنين من الأصول الألمانية، ومعظمهم يعيشون في مدينة سيراكس وحولها، ويعتنق معظمهم المسيحية على مذهب اللوثرية. ويعيش ما يقرب من ألف مواطن من أصول بولنديَّة؛ وقد تم استيعابهم إلى حد كبير في المجتمع الروسي ويعتبرون أنفسهم أرثوذكس. تتمركز الجماعة الكاثوليكية في عشق آباد، والتي تضم بين صفوفها مواطنين وأجانب، ويتعبدون في كنيسة نونسياتور الرسوليَّة.
يعاني ويتأثر البروتستانت، بالإضافة إلى مجموعات مثل شهود يهوه بالقوانين التي تحظر التبشير، وقد تم تغريم شهود يهوه وسجنهم وتعرضوا للضرب لإيمانهم أو بسبب كونهم مستنكفين ضميريًا.[5] وقد دمر الثوريون الشيوعيين في العشرينيات من القرن العشرين جميع الهياكل الأساسيَّة الكاثوليكية في البلاد.[6] وفي عام 1997 بعد استقلال البلاد، قدم طلب بالاعتراف بالطائفة الكاثوليكية المحلية، ولكن رفض ذلك لأن الكنيسة المحلية لم يرأسها مواطن من من التركمان.[6] واعتبارًا من عام 2010 ضمت الكنيسة حوالي مئة عضوًا وثلاثين مدرس دينيًا.[6] وفي تموز من عام 2010، تلقت البعثة الكاثوليكية اعترافًا حكوميًا رسميًا.[6] وهناك خطط جارية لطلب الإذن ببناء كنيسة كاثوليكية، واستعادة الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية في تركمنباسي، فضلاً عن بناء كنيسة في سندار.[6] ويوجد حاليا كاهنان، وشماس يخدم السكان الكاثوليك.[6]
الطوائف المسيحية
الأرثوذكسية
الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وهي كنيسة معترف بها رسميًا تُشّكل أكبر أقلية دينية،[7][8] وفقاً لمركز بيو للأبحاث عام 2010 يشكل أتباع الكنائس الأرثوذكسية حوالي 5.3% من السكان أي حوالي 270,000 نسمة.[9] والكنيسة هي تحت ولاية رئيس الأساقفة الأرثوذكسي في مدينة طشقند في أوزبكستان.[8] ومعظم أتباع الكنيسة من المواطنين من العرقيَّة الروسيَّة. وهناك ثلاثة عشرة كنيسة روسية أرثوذكسية، وثلاثة منها في مدينة عشق آباد. ولا توجد معاهد دينيَّة تابعة للكنيسة الروسية الأرثوذكسية.
تضم تركمانستان جالية أرمنيَّة وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المواطنين الأرمن في تركمانستان يتراوح بين 30,000 إلى 34,000 نسمة.[10] ويتبع الغالبية العظمى منهم إلى الكنيسة الأرمنيَّة الأرثوذكسيَّة. ويتوزع الأرمن في البلاد على ثلاثة مجموعات وهي: الأرمن المواطنين التركمان، واللاجئين الأرمن من أذربيجان، والمواطنين الأرمن من أرمينيا.
طوائف مسيحية أخرى
يعيش حوالي 250 كاثوليكي في تركمانستان،[6] بعضهم من نسل العائلات البولنديَّة التي قدمت إلى البلاد قبل الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى العديد من المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية الكاثوليكية، أو كاثوليك من خلفيَّة روسيَّة أرثوذكسيَّة أو خلفيَّة لادينية.[11][12] وتضمّ البلاد أيضًا جاليةً ألمانيةً، والتي تنتمي في غالبها إلى البروتستانتية على مذهب اللوثرية؛[8] في حين هناك أيضًا وجود لبعض المسيحيين الإنجيليين من السكان المحليين في تركمانستان.[13] وينتمون إلى كنائس منها كنيسة تركمانستان المعمدانيّة الإنجيلية، والأدفنتست، والخمسينية، وكنيسة النعمة الكبرى في تركمانستان، وكنيسة المسيح الدولة، والكنيسة الرسولية الجديدة في تركمانستان وجميع هذه الطوائف المسيحية مسجلة رسميًا من قبل الحكومة.[8] ومنذ عام 2003 على جميع الجماعات الدينية أن تسجل رسميًا والنشاط الغير مسجل يعتبر نشاط غير قانوني.[13][8] وفقاً لمنطمة أبواب مفتوحة عام 2018 تُقدر أعداد التركمان الأصليين الذين تحولوا من الإسلام إلى المسيحية بحوالي ألف شخص.[4]
المراجع
- What is each country’s second-largest religious group? نسخة محفوظة 20 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
- "Turkmenistan". CIA World Factbook. مؤرشف من الأصل في 6 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 25 نوفمبر 2013. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - Living as Majorities and Minorities نسخة محفوظة 25 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- WWL 2018 Church History & Facts - TURKMENISTAN, LEVEL 3 (EMBARGO UNTIL 11 JANUARY 2018)
- "Imprisoned for Their Faith" نسخة محفوظة 28 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Fides Staff (2010-07-15). "ASIA/TURKMENISTAN - Local Catholic Church receives official government recognition". Fides. مؤرشف من الأصل في 1 فبراير 2020. اطلع عليه بتاريخ 05 فبراير 2013. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة) - The EFC - Religious Freedom Turkmenistan نسخة محفوظة 10 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
- Turkmenistan نسخة محفوظة 19 يناير 2012 على موقع واي باك مشين.
- تركمانستان: المسيحيون (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 6 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
- Демоскоп Weekly - Туркмениская СССР نسخة محفوظة 06 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ASIA/TURKMENISTAN - A small community founded on the Word of God نسخة محفوظة 12 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
- Turkmenistan Catholic Church 'like in Acts of the Apostles' نسخة محفوظة 12 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
- :: Betanien - Newsletter :: نسخة محفوظة 14 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
انظر أيضًا
- الكنيسة الروسية الأرثوذكسية.
- المسيحية في أوزبكستان.
- المسيحية في كازاخستان.
- المسيحية في طاجيكستان.
- المسيحية في قيرغيزستان.
- بوابة المسيحية
- بوابة تركمانستان