العبودية في البرازيل

بدأت العبودية في البرازيل قبل وقت طويل من إنشاء أول مستعمرة برتغالية في عام 1516، إذ كان أعضاء القبيلة الواحدة يستعبدون الأعضاء المأسورين من القبائل الأخرى. لاحقًا، كانت المستعمرات تعتمد بشدة على عمالة السكان الأصليين خلال المراحل الأولى لإنشاء المستعمرات للحفاظ على ديمومة الاقتصاد، وكان السكان الأصليون يُؤسَرون غالبًا من خلال حملات تسمى بانديراس (أو «الأعلام»، جاءت تسميتها من علم البرتغال الذي حملوه للمطالبة الرمزية بأراضٍ جديدة للبلد). بدأ استيراد العبيد الأفارقة في منتصف القرن السادس عشر، لكن استعباد الشعوب الأصلية استمر حتى القرنين السابع عشر والثامن عشر.[1]

العبودية في البرازيل

خلال عصر تجارة الرقيق في المحيط الأطلسي، استقبلت البرازيل عبيدًا أفارقة أكثر من أي بلد آخر. أُحضر بشكل تقريبي 6.9 مليون عبد من أفريقيا إلى البرازيل خلال الفترة الواقعة بين عامي 1501 و1866. حتى بدايات خمسينيات القرن التاسع عشر، أُجبر معظم العبيد الأفارقة الذين وصلوا إلى شواطئ البرازيل على المغادرة من موانئ أفريقية وسط غرب أفريقيا، خاصة في لواندا (تُسمى حاليًا أنغولا).

كانت عمالة الرقيق القوة التي توجه نمو اقتصاد السكر في البرازيل، وكان السكر المادة الأساسية المُصدّرة للمستعمرة من عام 1600 حتى عام 1650. اكتُشفت مخازن الألماس والذهب في البرازيل في عام 1690، ما أدى إلى زيادة استيراد العبيد الأفارقة من أجل دعم تشغيل التعدين الجديد المرُبح في ذلك الوقت. طورت أنظمة النقل للبنية التحتية للتعدين، وازدهر عدد السكان بسبب المهاجرين الذين يسعون للمشاركة في تعدين الذهب والألماس.[2]

لم يتراجع الطلب على العبيد الأفارقة بعد تراجع صناعة التعدين في النصف الثاني من القرن الثامن. انتشرت تربية المواشي وإنتاج المواد الغذائية بعد النمو السكاني، إذ اعتمد كلاهما على عمالة العبيد. استُورد 1.7 مليون عبد إلى البرازيل من أفريقيا منذ عام 1700 حتى عام 1800، وأدى ارتفاع البن في ثلاثينيات القرن التاسع عشر إلى زيادة انتشار تجارة العبيد.

كانت البرازيل آخر بلد في العالم الغربي يلغي العبودية. بحلول الوقت الذي أُلغيت فيه بعد سنوات من الحملات التي قام بها الإمبراطور بيدرو الثاني في عام 1888، استورد ما يقدر بأربعة ملايين عبد من أفريقيا إلى البرازيل، أي 40% من إجمالي عدد العبيد الذين أُحضروا إلى الأمريكتين.

نبذة تاريخية

الأصول

انخرط البرتغاليون بتجارة الرقيق الأفريقية في البداية خلال «حروب الاسترداد» (أو «سقوط الأندلس» حسب المصادر الإسلامية) في شبه الجزيرة الإيبيرية بشكل رئيسي من خلال وساطة الفكّاك: وهو الشخص الذي كانت مهمته إنقاذ الأسرى البرتغاليين والعبيد وسجناء الحرب، ثم لاحقًا في عام 1441، قبل فترة طويلة من استعمار البرازيل، لكنهم يعتبرون الآن تجار رقيق. جاء العبيد الذين صُدّروا من أفريقيا خلال الفترة الأولى من تجارة الرقيق البرتغالية من موريتانيا، ثم لاحقًا من ساحل غينيا العليا. يقدر الباحثون أنه جرى تصدير 156 ألف عبد منذ عام 1441 حتى عام 1521 إلى شبه الجزيرة الإيبيرية وجزر المحيط الأطلسي من الساحل الأفريقي. تحولت التجارة من أوروبا إلى الأمريكتين ليصبحا وجهة رئيسية للعبيد في عام 1518 تقريبًا. قبل هذا الوقت، كان مطلوبًا من العبيد أن يمروا عبر البرتغال كي يدفعوا ضرائب ثم يكملوا طريقهم إلى الأمريكتين.[3][4][5]

استعباد السكان الأصليين

سافر البرتغاليون في البداية إلى البرازيل في عام 1500 نتيجة حملة بيدرو ألفاريس كابرال، على الرغم من أنه لم يتم تأسيس المستعمرة البرتغالية الأولى حتى عام 1516. قبل مجيء الأوروبيين إلى البرازيل بوقت طويل وبدء استعمارها، استعبدت مجموعات من السكان الأصليين، مثل الباباناس وغوياناس وتومباناس وكاديوس، العناصرَ المأسورين من قبل القبائل الأخرى.[6][7][8] عاش الأسرى في مجتمعاتهم الجديدة وعملوا فيها على أنهم غنائم تدل على براعة القبيلة الحربية. تمكّن بعض المُستعبدين من الهرب في نهاية المطاف، لكن من غير الممكن أن يستعيدوا مكانتهم السابقة في قبيلتهم بسبب وصمة العار الاجتماعية القوية تجاه العبودية والقبائل المنافسة. خلال فترة وجودهم في القبيلة الجديدة، قد يتزوج السكان الأصليون المستعبدون كدليل على القبول والعبودية. بالنسبة للمستعبدين من قبل قبائل وحشية، قد يجري الإعدام لأغراض الافتراس «احتفالات آكلي لحوم البشر» في أي لحظة. على الرغم من أن أفراد القبائل الأخرى لا يستهلكون لحوم البشر، فقد كانوا يسخّرون مستعبديهم للعمل أو يسجنونهم ويستخدمونهم رهائن، ويقتلونهم بلا رحمة. بعد وصول البرتغاليين إلى البرازيل، بدأ الأمريكيون الأصليون بالتجارة بسجنائهم -بدلًا من استخدامهم عبيدًا أو طعامًا- مقابل السلع. لكن كان من الممكن أن يحصل استعباد الأوروبيين بعد أن يتحرروا، مثلما حصل مع هانس ستادن الذي ألّف كتابًا بعد أن أُطلق صراحه يتحدث فيه عن عادات السكان الأصليين الأمريكيين.[9][10]

أكدت الجهود الاستعمارية أنها كانت مهمة صعبة في قارة شاسعة كهذه، إذ سرعان ما تحولت عمالة السكان الأصليين العبيد لدعم احتياجات القوى العاملة الزراعية. كانت شبكات الحملات العدوانية لليسوعيين البرتغاليين هي القوة المسؤولة عن هذا التجنيد، ونجحوا في حشد قوى عاملة من السكان الأصليين لتعيش في القرى المستعمرة وتعمل في الأرض. كانت هذه الحملات الاستعبادية للسكان الأصليين معروفة باسم بانديراس.[11]

كانت هذه الحملات مؤلفة من البانديرانتيس، وهم مغامرون تسللوا باطّراد نحو الغرب في بحثهم عن العبيد الهنود. جاء هؤلاء المغامرون من خلفيات متنوعة، بمن فيهم مالكي المزارع والتجار وعناصر الجيش، بالإضافة إلى أشخاص من أصول مختلطة وعبيد هنود مأسورين سابقًا. في عام 1629، قاد أنطونيو رابوسو تافاريس حملة بانديرا المؤلفة من 2000 شخص من الحلفاء والهنود و900 من الميلوكوس والميستيثو و69 من البيض، من أجل إيجاد المعادن والأحجار الثمينة وأسر الهنود بغرض استعبادهم. كانت هذه الحملات وحدها مسؤولة عن استعباد أكثر من 60 ألف من السكان الأصليين.[12][13][14][15][16]

الاستعباد من مجموعات متنوعة

أصبحت العبودية الأفريقية شائعة أكثر في البرازيل خلال منتصف القرن السادس عشر، مع ذلك استمر استعباد السكان الأصليين حتى القرن السابع عشر وأيضًا القرن الثامن عشر في الأراضي الخلفية من البرازيل. أول 250 عام بعد استعمار الأرض، كان 70% تقريبًا من المهاجرين إلى المستعمرة مستعبدين.[17] بقي العبيد من السكان الأصليين خلال هذا الوقت أرخص بكثير من نظرائهم الأفارقة، إذ إنهم عانوا من معدلات وفيات مروعة بسبب الأمراض الأوروبية. على الرغم من أن العبد الأفريقي المتوسط كان يعيش حتى عمر 23 عامًا بسبب ظروف العمل السيئة، بقي هذا العمر أكبر بأربع سنوات من العبيد من السكان الأصليين، ما شكل عاملًا كبيرًا في ارتفاع أسعار العبيد الأفارقة. على الرغم من أن أسعار العبيد من السكان الأصليين كانت أرخص، لم يكن هناك اهتمام بالحفاظ على أسر العبيد. ذلك لأن الأشخاص المستعبدين كانوا متوفرين دائمًا، سواء كان من خلال عمليات الغزو أو من خلال شرائهم من السوق، ولم يلعب الحافز الاقتصادي أي دور في الحفاظ على الأسر أبدًا.[11][18]

لم تكن العبودية مقتصرة على الهنود الأصليين أو السود. لم يكن التمييز بين سجناء الحرب والعبيد واضحًا، لكن استعباد الأوروبيين كان يحدث ولو كان على نطاق أقل. ذكرت تقارير أن الهولنديين باعوا البرتغاليين المأسورين في البرازيل على أنهم عبيد، وأنهم استخدموا العبيد الأفارقة في البرازيل الهولندية، وهناك أيضًا تقارير عن المستعبدين البرازيليين من قبل القراصنة البربريين أثناء عبورهم المحيط.[19]

في القرون اللاحقة، أصبح العديد من العبيد المحررين وأحفاد العبيد مالكين للعبيد. يقدر إدواردو فرانسا بايفا أن نحو ثلث مالكي العبيد كانوا إما عبيدًا محررين أو أحفادًا لعبيد.[20]

مراجع

  1. SOUSA, Gabriel Soars. Tratado Descritivo do Brasil em 1587 نسخة محفوظة 6 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
  2. "VERGONHA AINDA MAIOR: Novas informações disponíveis em um enorme banco de dados mostram que a escravidão no Brasil foi muito pior do que se sabia antes (". Veja (باللغة البرتغالية). مؤرشف من الأصل في 13 مارس 2015. اطلع عليه بتاريخ 16 مارس 2015. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Leon), Alfonso X. (King of Castile and (1 January 2001). "Las Siete Partidas, Volume 2: Medieval Government: The World of Kings and Warriors (Partida II)". University of Pennsylvania Press. مؤرشف من الأصل في 5 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 16 فبراير 2017 عبر Google Books. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Monumenta Henricina Volume VIII – p. 78.
  5. Sweet, James H. Recreating Africa: Culture, Kinship, and Religion in the African-Portuguese World, 1441–1770. Chapel Hill: University of North Carolina, 2003. Print.
  6. "Um pouco de história" (باللغة البرتغالية). IBRAC. مؤرشف من الأصل في 10 أغسطس 2019. اطلع عليه بتاريخ 18 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "Biografia de Cristóvão Jacques" (باللغة البرتغالية). Ebiografia.com. مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 18 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Bergad, Laird W. 2007. The Comparative Histories of Slavery in Brazil, Cuba, and the United States. New York: Cambridge University Press.
  9. Índios do Brasil، صفحة. 112, في كتب جوجل
  10. Mattoso, Katia M.; Schwartz, Stuart B. (1986). To Be a Slave in Brazil: 1550–1888. New Brunswick, NJ: Rutgers Univ. Press. ISBN 0-8135-1154-2. مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Skidmore, Thomas E. (1999). Brazil: Five Centuries of Change. New York: Oxford UP. ISBN 0-19-505809-7. مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. "bandeira - Brazilian history". مؤرشف من الأصل في 4 يونيو 2008. اطلع عليه بتاريخ 16 فبراير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. "bandeira - Brazilian history". مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2006. اطلع عليه بتاريخ 16 فبراير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. "History of Brazil - the Bandeirantes". مؤرشف من الأصل في 16 أكتوبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 16 فبراير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. António Rapôso Tavares نسخة محفوظة 2012-09-01 على موقع واي باك مشين.
  16. Colonial Brazil: Portuguese, Tupi, etc نسخة محفوظة 2009-04-02 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  17. De Ferranti, David M. (2004). "Historical Roots of Inequality in Latin America". Inequality in Latin America: Breaking With History? (PDF). World Bank Publications. صفحات 109–122. مؤرشف من الأصل (PDF) في 12 أبريل 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  18. Degler, Carl N. "Slavery in Brazil and the United States: An Essay in Comparative History." The American Historical Review 75, no. 4 (1970): 1004-028. Accessed September 11, 2014. http://jstor.org/stable/1852267.
  19. "Longe de casa - Revista de História". مؤرشف من الأصل في 09 مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 16 فبراير 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  20. O 'bruxo africano' de Salvador نسخة محفوظة 2014-01-07 على موقع واي باك مشين.

    روابط خارجية

    • بوابة البرازيل
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.