التطهير العرقي في الحرب البوسنية

في ظل التطهير العرقي الواسع النطاق الذي رافق الحرب في البوسنة والهرسك (1992 – 1995)، اضطرت أعداد كبيرة من مسلمي البوسنة (البوشناق) والكروات البوسنيين إلى الفرار من منازلهم وتم طردهم على يد صرب البوسنة؛[1] كما نفذ بعض الكروات البوسنيين حملة مماثلة ضد البوسنيين المسلمين والصرب. وكذلك قام مسلمو البوسنة بأعمال مماثلة ضد الكروات، ولا سيما في وسط البوسنة.[2] ومع ذلك، كان نطاق الجرائم التي ارتكبها الكروات البوسنيون والبوسنيون المسلمون أقل بكثير من تلك التي ارتكبها صرب البوسنة.

التوزيع العرقي على مستوى البلديات في البوسنة والهرسك قبل (1991) وبعد الحرب (1998)

في البداية في عام 1991، أدت الاضطرابات السياسية في البلقان إلى تشريد نحو2700000 نسمة بحلول منتصف عام 1992، منهم ما يزيد عن 700000 طلبوا اللجوء إلى أوروبا.[3][4]

وقد شملت الأساليب المسخدمة خلال حملات التطهير العرقي في البوسنة أساليب العنف ووسائل مستلهمة من الإرهاب ضد السكان المدنيين من مجموعة عرقية أو دينية مختلفة من مناطق جغرافية معينة[5]، من بينها "القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي والاحتجاز والإعدام خارج نطاق القضاء والاغتصاب والاعتداءات الجنسية، فضلاً عن حصار السكان المدنيين الذين يقطنون في مناطق الغيتو وتهجير وترحيل السكان المدنيين بشكل قسري والهجمات العسكرية المتعمدة أو التهديدات بشن هجمات على المدنيين والمناطق المدنية والتدمير المتعمد للممتلكات".[6]

التعريفات

يعد التطهير العرقي "سياسة هادفة تضعها مجموعة عرقية أو دينية واحدة للتخلص من السكان المدنيين من جماعة عرقية أو دينية أخرى من مناطق جغرافية معينة عن طريق العنف والوسائل المستلهمة من الإرهاب. (تم إنشاء لجنة من الخبراء بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 780)".[5]

وقد وصفت صياغة سابقة من لجنة الخبراء التطهير العرقي بأنه "مخطط للتخلص المتعمد من سكان إقليم معين، لأشخاص من مجموعة عرقية معينة، وذلك باستخدام القوة أو التخويف، حتى تكون تلك المنطقة متجانسة عرقيًا. وقد اعتمد هذا التعريف على "العديد من التقارير التي تصف السياسات والممارسات التي تم تنفيذها في يوغوسلافيا السابقة، حيث أجريت "عمليات التطهير العرقي" باستخدام وسائل القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي والاحتجاز والإعدام خارج نطاق القضاء والاغتصاب والاعتداء الجنسي وحصار السكان المدنيين في مناطق الغيتو، إلى جانب تهجير وترحيل السكان المدنيين بشكل قسري، وكذلك الهجمات العسكرية المتعمدة أو تهديدات بشنها على المدنيين والمناطق المدنية، فضلاً عن التدمير المتعمد للممتلكات. وتشكل تلك الممارسات جرائم ضد الإنسانية، ويمكن دمجها مع جرائم حرب محددة. وعلاوة على ذلك، يمكن لهذه الأفعال أن تندرج أيضًا في إطار المعنى الذي تشير إليه اتفاقية منع الإبادة الجماعية"./[7] وتكمن الفكرة في التطهير العرقي في "إجبار الناس على المغادرة والوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الغاية النهائية والتي تتفاوت بين القانونية وشبه القانونية".[8] ويعتبر بعض الأكاديميين الإبادة الجماعية كمجموعة فرعية من "التطهير العرقي الإجرامي".[9] ولهذا، فإن هذه المفاهيم مختلفة، لكنها ذات صلة "فحرفيًا ومجازيًا يصب التطهير العرقي في الإبادة الجماعية، حيث إن القتل الجماعي يُرتكب للتخلص من بعض الناس."[10]

وباستعراض ما رأته محكمة العدل الدولية (ICJ) فيما يتعلق بقضية الإبادة الجماعية البوسنية في الحكم الصادر في قضية جورجيك ضد ألمانيا في 12 يوليو عام 2007، استشهدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بقرار محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية البوسنية للتمييز بين التطهير العرقي والإبادة الجماعية.

كثيرًا ما يُستخدم مصطلح "التطهير العرقي" للإشارة إلى الأحداث التي اندلعت في البوسنة والهرسك والتي كانت موضوع هذه القضية ... وقد أشار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 47/121 في تمهيده إلى "السياسة المقيتة" "للتطهير العرقي"، والتي تعد شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية، كتلك التي ارتكبت في البوسنة والهرسك. ... ويمكن أن يكون [التطهير العرقي] فقط شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية في إطار معنى اتفاقية [الإبادة] الجماعية، إذا كان مطابقًا أو يقع ضمن واحدة من فئات الأفعال التي تحظرها المادة الثانية من الاتفاقية. لا تعتبر النية، كمسألة تتعلق بسياسة متبعة، لجعل المنطقة "متجانسة عرقيًا"، ولا العمليات التي يمكن أن تجرى لتنفيذ تلك السياسة، إبادة جماعية: فالنية التي تميز الإبادة الجماعية تكمن في "التدمير كليًا أو جزئيًا" لجماعة معينة، كما لا يعتبر ترحيل أو تهجير أعضاء هذه الجماعة، حتى لو تم تنفيذ هذا بالقوة، أمرًا مرادفًا بالضرورة لتدمير هذه الجماعة، ولا يعتبر هذا التدمير نتيجة تلقائية للتهجير. وهذا لا يعني أن الأعمال الموصوفة بكونها "تطهيرًا عرقيًا" لا يمكن أن تشكل إبادة جماعية، وذلك في حالة تم وصفها، على سبيل المثال، بأنها "التأثير المتعمد على ظروف معيشة المجموعة بهدف الإهلاك الفعلي لها كليًا أو جزئيًا"، وذلك بما يخالف أحكام المادة الثانية، الفقرة (ج) من الاتفاقية، شريطة أن يتم هذا العمل مع وجود نية محددة لازمة (القصد الإجرامي المشدد)، أي بغية تدمير الجماعة، وهو ما يختلف عن أمر ترحيلها من المنطقة. كما لاحظت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أنه بينما "يوجد تشابه واضح بين سياسة الإبادة الجماعية والسياسة المعروفة باسم "التطهير العرقي" (Krstić, IT-98-33-T، حكم المحكمة، 2 أغسطس 2001, الفقرة 562)، إلا أن هناك[فرقًا] واضحًا بين التدمير المادي ومجرد تشتيت الجماعة. ولا يكفي طرد جماعة أو جزء منها في حد ذاته للإشارة إلى إبادة جماعية. |الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في اقتباس من محكمة العدل الدولية.[11]

التطهير العرقي في وادي لاشفا

استنادًا إلى الأدلة المأخوذة من العديد من هجمات مجلس الدفاع الكرواتي (HVO) في هذا الوقت، خلصت الدائرة الابتدائية لمحكمة الجنايات الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضية كورديتش وسيركيز أنه بحلول أبريل عام 1993 كانت القيادة الكرواتية لديها تصميم مشترك أو خطة تم وضعها وتنفيذها بهدف التطهيرالعرقي للبوسنيين الإسلاميين الذين يعيشون في وادي لاشفا. وقد تم اكتشاف أن داريو كورديتش، بصفته زعيمًا سياسيًا محليًا، هو المخطط والمحرض في هذه الخطة.[12] ووفقًا لمركز سراييفو للبحث والتوثيق (IDC)، فإن حوالى 2000 من البوسنيين المسلمين من وادي لاشفا فُقدوا أو قتلوا خلال هذه الفترة.[13]

التطهير العرقي للكروات

تدمير المباني الدينية الرومانية الكاثوليكية في الحرب البوسنية (1992-1995)

تدمير المباني الدينية الرومانية الكاثوليكية في الحرب البوسنية (1992-1995)
المبنى محطم تضرر بشدة تضرر الإجمالي
من جانب المتطرفين الصرب من جانب المتطرفين المسلمين من جانب المتطرفين الصرب من جانب المتطرفين المسلمين من جانب المتطرفين الصرب من جانب المتطرفين المسلمين من جانب المتطرفين الصرب من جانب المتطرفين المسلمين الإجمالي
كنائس الرعية 64 1 40 14 43 23 147 38 185
كنائس أخرى 53 7 40 13 38 17 131 37 168
كنائس صغيرة 44 19 32 23 57 52 133 94 227
بيت القسيس 56 9 65 19 56 21 177 49 226
أديرة 8 - 9 5 6 2 23 7 30
مقابر - 8 27 26 68 35 95 69 164
الإجمالي 269 313 418 1000
المصدر:[14]

تدمير المباني الدينية الإسلامية في البوسنة 1992-1995

تدمير المباني الدينية الإسلامية في البوسنة 1992-1995)[15]
المبنى محطم تضرر الإجمالي
من جانب المتطرفين الصرب من جانب المتطرفين الكروات من جانب المتطرفين الصرب من جانب المتطرفين الكروات إجمالي ما تم تدميره خلال الحرب إجمالي ما تعرض للضرر خلال الحرب الإجمالي إجمالي العدد قبل الحرب النسبة المئوية لما تعرض للضرر أو الدمار قبل الحرب
مسجد جامع 249 58 540 80 307 620 927 1,149 81%
مسجد صغير بالحي 21 20 175 43 41 218 259 557 47%
مدارس القرآن 14 4 55 14 18 69 87 954 9%
أكواخ الدراويش 4 1 3 1 5 4 9 15 60%
أضرحة ومقامات 6 1 34 3 7 37 44 90 49%
مباني الأوقاف الدينية 125 24 345 60 149 405 554 1,425 39%
الإجمالي 419 108 1152 201 527 1353 1880 4190 45%

انظر أيضًا

المراجع

  1. Committee on Foreign Relations, US Senate, The Ethnic Cleansing of Bosnia-Hercegovina, (US Government Printing Office, 1992)
  2. "Studia Croatica:ANATOMY OF DECEIT, by Jerry Blaskovich, M.D." © 1997 Jerry Blaskovich. مؤرشف من الأصل في 05 سبتمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 31 مارس 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ أرشيف= (مساعدة)
  3. Bosnia: Dayton Accords نسخة محفوظة 10 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
  4. Resettling Refugees: U.N. Facing New Burden نسخة محفوظة 26 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  5. Report of the Commission of Experts Established Pursuant to United Nations Security Council Resolution 780 (1992), 27 May 1994 (S/1994/674), English page=33, Paragraph 130 نسخة محفوظة 30 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. Report of the Commission of Experts Established Pursuant to United Nations Security Council Resolution 780 (1992), 27 May 1994 (S/1994/674), English page=33, Paragraph 129 نسخة محفوظة 30 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  7. [Schabas W. A., 2000, Genocide in International Law, Cambridge: Cambridge University Press.] نسخة محفوظة 29 يوليو 2019 على موقع واي باك مشين.
  8. Naimark, 2001 [Naimark N. M., 2001, Fires of Hatred: Ethnic Cleansing in 20th Century Europe, Cambridge: Harvard University Press.] نسخة محفوظة 1 يناير 2014 على موقع واي باك مشين.
  9. [Mann M., 2005,The Dark Side of Democracy: Explaining Ethnic Cleansing, Cambridge: Cambridge University Press.] نسخة محفوظة 13 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  10. [Naimark, N. 2007, Theoretical Paper:Ethnic Cleansing, Online Encyclopedia of Mass Violence نسخة محفوظة 12 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
  11. ECHR Jorgic v. Germany §45 citing Bosnia and Herzegovina v. Serbia and Montenegro (“Case concerning the application of the Convention on the Prevention and Punishment of the Crime of Genocide”) the International Court of Justice (ICJ) found under the heading of “intent and 'ethnic cleansing'” § 190 [وصلة مكسورة] "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 28 مايو 2020. اطلع عليه بتاريخ 31 مايو 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  12. "ICTY: Kordic and Cerkez verdict" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 30 أكتوبر 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. centers.htm "IDC: Victim statistics in Novi Travnik, Vitez, Kiseljak and Busovaca" تحقق من قيمة |مسار أرشيف= (مساعدة). مؤرشف من الأصل في 18 أبريل 2009. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. www.slobodanpraljak.com نسخة محفوظة 13 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  15. Islam and Bosnia: Conflict Resolution and Foreign Policy in Multi-Ethnic States, Maya Shatzmiller, page 100, 2002
    • بوابة حقوق الإنسان
    • بوابة عقد 1990
    • بوابة البوسنة والهرسك
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.