التجاني الطيب بابكر

التجاني الطيب بابكر (1927 - 2011)، هو سياسي سوداني، اسم في عالم السياسة و الصحافة السودانية. وهو أحد مؤسسي الحزب الشيوعي السوداني في أربعينات القرن العشرين، وأحد أبرز قيادات التجمع الوطني الديمقراطي.

التجاني الطيب بابكر
معلومات شخصية
الميلاد 1927
شندي
الوفاة 23 نوفمبر 2020 (93 سنة)
أم درمان
الجنسية  السودان
الزوجة فتحية بابكر
أبناء عزة
الحياة العملية
المهنة صحافى و سياسى

ولادته ونشأته

  • ولد في شندي وهي مدينة شمال الخرطوم عاصمة السودان ودرس فيها المرحلة الابتدائية ودرس المرحلة المتوسطة في امدرمان والمرحلة الثانوية في كلية غرودن التذكارية. اتجه إلى مصر بداية عام 1947 وقبل بجامعة فؤاد، اعتقل في مايو 1948 في القاهرة بسبب نشاطاته الشيوعية واحتجز بمعسكر الهكوستيب إلى أن تم ترحيله للسودان فوصل إلى شندي يوم 30 4 (عدد) 1949.موطنه شندي ولكنه يقضي معظم وقته بام درمان، عمل كمعلم بمدرسة الأحفاد ام درمان [1]
  • تزوج من من بت عمه فتحية البدوي بابكر ولد منها بنته الوحيدة عزة.قضى في السجون حوالى 12 (توضيح)[؟] عاما و عشرة سنوات تحت الارض [2]
  • وصفه الحزب الاشتراكى الاسترالى بانه وهب قرون من حياته من اجل كفاح الشعب السودانى و برحيله يفقد العالم و السودان رجل و مناضل وهب حياته من اجل الفقراء و الكادحين.[3]
  • كان هو آخر جيل في مستوى المرحلة الثانوية بكلية غردون 1945 ، من بعد أتت المدارس الثانوية ذات الكينونة الريفية، من جيله: دفعة 1945:عوض عبد الرازق، عبد الخالق محجوب

وعثمان وقيع الله ومحمد خير البدوي ومصطفى حسن والوسيلة وأحمد محمد خير.[4]

التجانى و عالم الصحافة

  • أسس التجاني الطيب بابكر جريدة الضياء عام 1968 وكان صاحب الامتياز ورئيس التحرير. صدرت الجريدة[؟] بعد حل الحزب الشيوعى السودانى واغلاق صحيفة الميدان , صدرت كجريدة جديدة تماما إلى جانيها أخبار الاسبوع الجريدة التي كان يملكها صديق الحزب الشيوعى السودانى الاستاذ عوض برير واستمرت الضياء وقتها لمدة عام حتى العام 1969[5]
  • في الفترة 7 (عدد) 856 (عدد) 1989 كان رئيس تحرير صحيفة (الميدان) الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني .[6]
  • الاستاذ التجاني الطيب مدرسة في العمل الصحفي والحزبي الملتزم وذو مقدرة فائقة على صياغة وكتابة المواقف السياسية الرصينة وهو أحد اساتذة جيلناوالاجيال التي تلت تاسيس الحركة الوطنية الحديثة ضد الاستعمار البريطاني.ياسر عرمان [7]

لمحة عن التجاني الطيب بابكر

  • اشتهر بكتابة افتتاحية صحيفة الميدان[؟] كأرفع نماذج ( السهل الممتنع) الموزونة بميزان الذهب
  • تدرب على يديه الكثير من الصحفيين
  • عاش وقضى معظم حياته في السجون و تحت الارض
  • ظل أنموذجاً في الصلابة والحزم ضد نظام الإنقاذ الشمولي
  • منذ تلك السنوات الباكرة وحتى مماته ظل ثابتاً في انحيازه للديمقراطية والتقدم الاجتماعي

وفاته

فقده السودانيين برحيله المفاجى في صباح يوم 23 نوفمبر 2011

شيعته جماهير غفيرة يوم 24 (توضيح)[؟] نوفمبر 2011 إلى مقابر البكرى بامدرمان تقدمها د. حسن الترابي ومولانا حسن أبو سبيب و بحضور كافة قيادات الحزب وممثلي القوى السياسية [8]

من اقواله

* نحن مع الخيارات التي حددتها مقررات مؤتمر القضايا المصيرية: الديمقراطية والتعددية والاقتسام العادل للسلطة والثروة والمساواة في الحقوق والواجبات. ونحن مع سودان موحد ولامركزية (بدون مصطلحات) تمنح الاقاليم والأطراف صلاحيات واسعة على حساب المركز، بدون اي تهديد للوحدة الوطنية.[9]
* جزء من مرافعة المناضل ]] التجانى الطيب بابكر [[امام محكمة أمن الدولة و التي قضت بالحكم عليه بالسجن عشر سنوات في اكتوبر 1982
السادة رئيس واعضاء المحكمة
ليست هذه أول مرة اواجه فيها القضاء، فانا مناضل منذ الصبا الباكر، اي قبل أكثر من اربعين عاما، و الفضل في ذلك يعود إلى ابي و معلمي الذي كان قائدا لثورة 1924 في شندي و ظل وطنيا غيورا حتى وفاته قبل شهور، كما يعود إلى جيلنا العظيم جيل الشباب الذي حمل على اكتافه القوية اعباء نهوض الحركة الوطنية و الديمقراطية الحديثة. و انني اعتز بانني كنت من المبادرين و المنظمين البارزين لاول مظاهرة بعد 24 (توضيح)[؟] و هي مظاهرة طلاب المدارس العليا في مارس 1946، و اعتز بانني كطالب في مصر اديت نصيبي المتواضع في النضال المشترك مع الشعب المصري الشقيق ضد الاستعمار و حكومات السراي و الباشوات و نلت معه نصيبي المتواضع من الاضطهاد باعتقالي سنة و قطع دراستي، واعتز بانني شاركت مع رفاق اعزاء في كل معارك شعبنا من اجل الحرية و التقدم الاجتماعي و الديمقراطي، و قمت بدوري المتواضع في بناء الحركة العمالية و تنظيماتها و نقاباتها و الحركة الطلابية و اتحاداتها، و اعتز بانني في سبيل وطني و شعبي شردت و اعتقلت و سجنت و لوحقت و انني لم اسع إلى مغنم ولم اتملق حاكما و لا ذا سلطة و لم اتخلف عن التزاماتي الوطنية كما اعتز بانني ما زلت مستعدا لبذل كل تضحية تتطلبها القضية النبيلة التي كرست لها حياتي، قضية حرية الوطن و سيادته تحت رايات الديمقراطية و الاشتراكية. و لست اقول هذا بأية نزعة فردية فانا لا اجد تمام قيمتي و ذاتي و هويتي الا في خضم النضال الذي يقوده شعبنا و قواه الثورية، الا كمناضل يعبر عن قيم و تطلعات و اهداف ذلك النضال، الا عبر تاريخ شعبنا و معاركه الشجاعة التي بذل و يبذل فيها المال و الجهد و النفس دون تردد في سبيل الحرية و الديمقراطية و التقدم الاجتماعي، انني جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ المجيد و هذه القيم و التطلعات النبيلة. ان هدف السلطة من تقديمي لهذه المحاكمة ليس شخصي بالدرجة الاولى و انما مواصلة مساعيها لمحو التاريخ الذي امثله و التطلعات التي اعبر عنها.. و لكن هيهات.. وشكرا على سعة صدركم.[10]
  • ليس هنالك حزب يختار العمل في الخفاء طواعية. هنالك عوامل دفعتنا للعمل السرى و هو عمل شاق و قاسى نفسيا و ماديا و يضييق علاقة الحزب بالجماهير. ان ظروف العمل السرى مفروضة علينا لتفادى اعتقال القيادات و الكوادر و هي تحد من حركة و عمل الحزب، مثال على ذلك تحرر الجريدة سرا و تطبع سرا و توزع سرا. أنا شخصيا جربت الاختفاء و مشقته.. توتر 24 (توضيح)[؟] ساعة لايام و اسابيع و شهور و سنوات.. و الاختفاء وضع شاق و يحتاج لمجهود مضن و المختفى يختفى عن جميع مظاهر الحياة (الاهل، الأصدقاء,الاسرة). الشيوعيون السودانيون يعتقلون بالسنين و يتعرضون للاضطهاد و التعذيب و الحرمان من ابسط ضروريات الحياة و يتحملون ببسالة و شجاعة و صمود دون شكوى أو ملل ايمانا منهم بقضايا شعبهم، الحزب لا يفرض الاختفاء على كوادره و لكن هذه الكوادر مقتنعة بضرورة الاختفاء الذي يتطلب شجاعة و قدرات عالية. نعم أن العمل السرى يقلل كثيرا من نشاط الحزب وسط الجماهير علما بأن الكوادر المختفية اختفت لكى تعمل في تلك الظروف و هي بالفعل تعمل في تلك الظروف الشاقة، و الحزب يعمل على تقليل عدد المختفين بقدر الإمكان.[11]

قيل عنه

القائل سيرة بسيطة عنه القول
د. عبد السلام نور الدين عالم ومفكر سودانى ومن رواد العلمانية في السودان

لقد خر صريعا صباح الثالث والعشرين من نوفمبر 2011 جبل مرة الحزب الشيوعي السوداني التجاني الطيب بابكر وانفلق بذلك أخدود عظيم ذو نتواءات وشعب يفصل بين ثقافات وافكار وتوجهات اجيال كثير عديدها ظلت تتدافع و تصطف وتتلاطم وتتحد داخل هذه المؤسسة التي بلغ عمرها سن التقاعد الاجباري في بلد كالمملكة المتحدة (65 عاما) وظل الاستاذ التجاني الطيب عبر كل ذلك الزمان غير القصير وفي سياق سباق الاجيال وتنازعها وتلاحمها كجبل مرة يصل بين سلاسل بركانية عديدة ويوائم مناخات لفصول متباينة ويزن ويوازن بين حاجات أكثر من تربة وتواريب محسنه تلائم أكثر من بيئة لتنمية تقاليد قوميات وطبقات وفئات وقبائل وشخصيات فيؤلف ويزاوج بينها بنسج سديد ونظرحصيف فحافظت هذه المؤسسة بفضل ذلك على خضرتها واعشوشابها وتدفق ينابيعها وطيبات عطائها رغم البلايا والرزيا والاحن والافات التي اصابتها عبر مسيرتها المحفوفة بالمزالق والكبوات والترصد لها بالضرب والطعن والأغتيال وكادت أن تبيدها فاستقوتها بفضل التراث والاصالة التي مثلها وتمثلها التجاني الطيب الانسان والفكر والجيل الذي كان نقيضا في كل تفاصيله اليومية للمنبت الذي لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقي.[12]

طلال عفيفى مخرج[؟] و مصور

تعلمت على يد الأستاذ التيجاني الطيب الشيء الكثير، عملت ببعضه وتركت بعضه الآخر لأسباب تقنية تتعلق بقدراتي وطاقتي.. على يد التيجاني الطيب تعلمت أشياء تخص تجويد الأداء التنظيمي، وهو شيء لم أستمر فيه كثيراً لإرتفاع معايير الإنفلات في دمي، لكن ما رسخ وبقي لدي هو الإيمان العميق بأن في الدنيا بشر أقوياء: بشر قادرين على مواجهة أشد الظروف بأساً والسير في أكثر الليالي حلكة. تأملي لقصة خروجه من السودان )وكامل الدولة تطارده(. مراقبته للعمل الخارجي. إنضباطه المعيشي. تقشفه. إلتزامه الروحي بما يعتمل في قلبه من مباديء. صبره على المكاره: كل هذا كان شيئاً عجيباً بالنسبة لي وأنا أتأمله في تلك العمر وأنا في بدايات حياتي.[12]

فيصل محمد صالح صحافى رحل التجاني الطيب وفي حلقه غصة، أظن أن كلّ من هم من عمره وجيله يحملها معه للقبر، فبعد عقود قضوها في خدمة الوطن والمبادئ التي ظلوا يحملونها، ها هم يشاهدون وطنهم مقسما وممزقا، وهو شئ أكبر من تصورهم واحتمالهم. لم أزامل عم التجاني في حزب أو تنظيم أو صحيفة، لكني شاهدته واقتربت منه في العمل العام لعقدين من الزمان، تغيرت الدنيا والأشياء حوله، ولم يتغير هو، ظل الرجل نفس الرجل، كتلة من الالتزام والصبر والقدرة على العمل والنضال في أقسى الظروف. شاهدناه في جريدة الميدان بعد الانتفاضة، لكن لم نكن نملك القدرة على الاقتراب منه، كنا نملك عنه صورة واحدة، إنه "صعب" وصارم، ولم تكن لدينا القدرة على التعامل مع صرامته تلك. ثم دخلت سجن كوبر في أوائل التسعينات، وساقتني الظروف لأكون معه في قسم الشرقيات. وحرصت أيضا أن أكون بعيدا عنه، لكن أكثر من حدث جعلني اقترب منه واكتشف قدر الإنسانية والطيبة التي يحملها في قلبه، ويخفيها بذلك المظهر الصارم.[12]
ياسر عرمان الامين العام للحركة الشعبيه لتحرير السودان شمال هو من اقدم رؤساء التحرير لم تنقطع صلته بصحيفته طوال حياته سواء منعت صحيفته أو سمح لها طوال العهود السياسية السودانية المتقلبة وظل وفيا لمهنته والالتزام بها حتى اخر يوم في حياته.. عندما تقرا افتتاحية التجانى الطيب في الميدان تدرك على الفور ان كاتبها شخصا متفردا ومبدعافريدا ومثقفا من طراز سياسى يفوق اقرانه حيث تجد غزارة المعلومات والرؤية الواضحة الملتزمة بالخط الذي كان يؤمن به حيث تختلط المفاهيم السياسية بالمهنية الصحفية بالقدرات الثقافية والتعليمية والخبرات المتراكمة على مر الايام والسنين التي مرت بالوطن.. لم التق من قبل بالاستاذ التجانى الطيب وكم كنت حريصا على مقابلته بالقاهرة عام 1996 عندما علمت بان الاخ والصديق صلاح ابوجبرة وهو من الاوفياء للاستاذ الراحل يسكن معه ولم تتم المقابلة لظروق خاصة علمت بها عندما التقيت مع الاخ صلاح..ولكن منذ ان تفتحت عيناى على قراءة الصحف كنت من المداومين على قراءة الميدان وخاصة الافتتاحية منذ ايام الحكم العسكرى الأول وإلى الاخير في فترات المنع والفسح..والى اخر اقتتاحية قام بكتابتها قبل مرضه الاخير.[12]
تاج السر عثمان بابو كاتب و سياسى. ولايمكن الحديث عن التيجاني بمعزل عن تاريخ الحركة الوطنية السودانية الحديثة التي انفجرت بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن خمدت جذوتها بهزيمة ثورة 1924م، وشارك التيجاني في مظاهرات الطلاب التي اندلعت عام 1946م بعد أحداث كبري عباس وهتافاتها الداوية ضد الاستعمار ومن أجل استقلال البلاد، ومقاومة الجمعية التشريعية 1948م وتأسيس الأحزاب السياسية ونقابات واتحادات العمال والطلاب والمعلمين والمزارعين واتحادات الشباب والنساء ومنظمات أنصار السلام، حتي تمّ تتويج نضال شعب السودان بتوقيع اتفاقية فبراير 1952م التي فتحت الطريق للحكم الذاتي بعد قيام الانتخابات العامة عام 1954م، وقيام الجبهة المتحدة لتحرير السودان التي توحدت من أجل استقلال البلاد حتي تم اعلانه من داخل البرلمان واعلانه رسميا في مطلع يناير 1956م. كما لايمكن الحديث عن التيجاني بمعزل عن تاريخ الحزب الشيوعي السوداني الذي تأسس في أغسطس 1946م باسم " الحركة السودانية للتحرر الوطني" ، ساهم التيجاني في تأسيس الحلقات الأولي للحزب وفي تأسيس اتحاد الطلاب السودانيين بمصر، وبسبب نشاطه السياسي تعرض للاعتقال والتعذيب في السجون المصرية، والابعاد من مصر قبل أن يكمل دراسته. وبعد عودته للسودان عمل لفترة معلما في مدرسة الأحفاد الوسطي، وساهم في تأسيس اتحاد معلمي المدارس الأهلية، وبعد ذلك تفرغ للحزب في اوائل خمسينيات القرن الماضي. وساهم بنشاط في المؤتمر التداولي لكادر الحزب الذي عقد عام 1949م والذي صحح مسار الحزب وارسي الديمقراطية فيه، ومهد الطريق لعقد المؤتمر الأول للحزب في اكتوبر 1950م، والذي قدم فيه لأول مرة تقارير سياسية وتنظيمية واجيز دستور الحزب الذي تطور فيما بعد، وتم انتخاب لجنة مركزية. ووقف التجاني مع وحدة الحزب في الصراع الداخلي والذي حسمه المؤتمر الثاني في أكتوبر 1951م لمصلحة وجود الحزب المستقل بدلا أن يكون جناحا يساريا في الأحزاب الاتحادية، وتأكيد طبيعته الطبقية ومنهجه الماركسي المستند الي واقع السودان، حيث النظرية ترشد الممارسة، والممارسة تخصّب وتظور النظرية.[12]
فتحي الضـو صحفى سودانى عرفت التيجاني في منتصف ثمانيات القرن الماضي، عندما زرت السودان للمرة الأولى بعد انتفاضة أبريل 1985م حينها قدمت من الكويت لإجراء حوارات صحافية مع عدد من قادة النشاط السياسي، وبالطبع كان من بينهم الأستاذ محمد إبراهيم نقد، ذلك للألق الذي صاحب اختفائه، ونظراً لتاريخ الحزب التليد في مقاومة ذلك النظام الديكتاتوري يومذاك. قصدت صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي مصحوباً برسالة شفهية من صديقي العزيز الدكتور مصطفى خوجلي. وكانت الصحيفة تقبع في دار متواضعة في شارع صغير متفرع من شارع الحرية. دخلتها حيث بدأت قصتي مع التيجاني، أو ذاك الشخص الصارم القسمات، والذي هالني بأنه يتحدث لزملائه بصوت جهور كأنه في خضم تظاهرة. سألته عن الأستاذ نقد بعد أن قدمت له نفسي، فلم يزحزح ذلك من الأمر شيئاً. جاوبني باختصار يبعث الضيق في النفس (أنتظره هنا يمكن يجي)! كنت آنذاك طراً غريراً توهمت أن الحزب الشيوعي سيحتفي بي وسيفرش لي بساطاً أحمراً أتبختر فيه كيما أتفق، لكن تضاءلت أوهامي هذه عندما وجدت الحزب نفسه يبحث عن مغيث، صحيفة تقبع في دار متواضعة تتكون من غرفتين ربما ثلاثة بالكاد تسع شاغليها. وزاد من إحباطي أن الرجل الذي قالوا لي إنني سأجد عنه مقصدي، كان صارماً حد العجرفة كأنه يتأهب لمعركة محتملة. غادرت المكان وتوالى حضوري لأصطدم بذات الإجابة المختصرة مرة ومرتين وثلاث. خرجت في الأخيرة وأنا عازم بعدم العودة مرة أخرى. كانت المفاجأة أن التقي مصطفى خوجلي في بوابة الدار، وكان قد قدم للتو من الكويت أيضاً. أبديت له ضيقي وتبرمي فضحك ضحكته الودودة التي تمتص منك الغضب وإن تراكم جبالاً، ثمّ أمسك بيدي ودلفنا للدار مرة أخرى وقدمني للتيجاني، فلم أشعر بأن الأمر تغير في كبير شيء. اختصاراً لتفاصيل كثيرة ليست بذات أهمية، نلت مراميَّ، أما علاقتي بالتيجاني فقد بدأت تأخذ منحىً آخراً عند كل زيارة للوطن في ظل ديمقراطية وارفة أو هكذا نظن! لمست فيها ما خفي عني في شخصه، أو بالأحرى ما لا يمكن معرفته إلا بالاقتراب منه![12]
الصادق المهدي امام الأنصار و رئيس حزب الامة القومى الطيب زميل نضال مع جيل الرواد لاستقلال السودان، وزميل نضال لي ضد الدكتاتوريات الثلاث التي شقى بها السودان. عرفته في السجون وخارجها قوي الإرادة صبورا على مشقة النضال. ومهما اختلفنا في الرأي فقد اتصلت المودة بيننا، يجمع بيننا الحرص على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وكان مع حزمه في التمسك بالمبدأ ودودا حافظا لبروتوكول السودان غير المكتوب الذي يفرض الوصال الاجتماعي على كافة الاعتبارات.[12]
د. صدقي كبلو أستاذ جامعي واقتصادى

أهم ميزات عم تجاني، إلى جانب شخصيته الصارمة والودودة في نفس الوقت، فكره المتناسق والمعبر عن رؤيا ماركسية غير دوغمائية قائمة دائما على استعمال المنهج الماركسي في تحليل الواقع الملموس إن كان عالميا أو إقليميا أو وطنيا، والتعبير عن ذلك الفكر بلغة عربية أو إنجليزية واضحة وصحيحة وممتعة، حتى أن أحد الأصدقاء قال لي مرة أن يدرس لغة كلمة الميدان التي يكتبها التجاني لأنها تعبر عن مدرسة صحفية وسياسية وفكرية متكاملة[12]

د. حيدر إبراهيم علي مفكر و باحث سودانى يمثل (التيجاني) جزءا من ظاهرة عامة هي:الشيوعيون السودانيون، وفي داخل الظاهرة حالة شديدة الخصوصية هي شخصه وشخصيته انتجتها شروط أن تكون شيوعيا عام 1948 وفي السودان.شذوذ المكان والزمان، هول التحدى وعظمة الاستجابة.كانت الجرأة الأقرب الي الجنون أن تخرج طليعة من الشباب تدعو للشيوعية، في بلد يرزح تحت الطائفية، وشبه الاقطاع، وذيول الرق، والفقر والمجاعات، والسخرة ونظام الشيل؛هذا علي المستوي السياسي والاقتصادي.أما اجتماعيا وثقافيا، مازال سائدا الختان الفرعوني،والشلوخ، ودق الشلوفة، والبطان.وتلبس النساء الرحط والقرقاب والكنفوس؛ويأكل الناس ملاح ام تكشو والجراد والفئران.ويتحدثون في مثل هذه المعطيات من الفقر والجهل والمرض أو الثالوث الذي يردده المثقفون؛عن الصراع الطبقي، وديكتاتورية البروليتاريا،والمرتد كاوتسكي، والمنشقة روزا لوكسمبورج.وهذا موقف شديد الالتباس، يراه البعض غير ماركسي لأنه غير عاكس للواقع.وهذا نقد غير دقيق، لأن الماركسية لا تقف عند تفسير العالم بل تغييره.بالتأكيد لا يحدث التغيير بالارادوية أي نتيجة ارادتنا الذاتية، ولكن هل من الممكن تسريع الثورة؟البعض يري أن الازمة الثورية في روسيا في أكتوبر عام 1917،ناضجة تماما ولكن قدرات لينين والبلاشفة، كانت حاسمة.لم يقوموا ب” دفر” التاريخ الي الأمام، ولكنهم عظموا من دور الفكر والتنظيم في الثورة.هذا رأي ينفي عن الرواد الشيوعيين الاوائل الدونكيشوتية والتسرع، خاصة وأنهم لم يكونوا ينوون اقامة دولة شيوعية في هذا البلد المتخلف بل هم في حقيقة أمرهم ورغم تحرر وطني وتحديث.ولكن الطائفية والاخوان المسلمين ومعهم البريطانيون، في مرحلة تفاقم الحرب الباردة، تحالفوا في عملية خلق العدو:الخطر الشيوعي.وحولت القوى الرجعية والاستعمارية المعركة السياسية –الثقافية الي اخري دينية-عقدية لارهاب وعزل القوى الجديدة الصاعدة.وضمن هذا العداء والحصار تربي(التيجاني) ورفاقه وتم تعميدهم بالنار.ففي وسط هذا الجحيم كانوا يناضلون في قلب معركة الحداثة.تصور في مثل هذا المجتمع ركد طويلا وكأنه لم يغادر عام 1504حين اتفق عمارة دونقس مع عبد الله جماع.لقد اجترحوا مغامرة تأسيس المنظمات الحديثة:اتحاد نقابات السودان،الاتحاد النسائي، اتحاد الشباب، اتحادات المزارعين في الجزيرة وجبال النوبة نعم جبال النوبة.ومازلت حين أقرأ كتاب كامل محجوب:تلك الأيام، عن تأسيس اتحاد المزارعين في الجزيرة، شعرة جلدي تكلب.خاصة حين يحكي قصة القميص الواحد الذي يغسله بالليل ليلبسه الصباح.وهو الذي كان يمكن أن يكون افنديا ببدلة وبرنيطة.هذه هي تضحيات السلف الصالح والكادح، وقد كان التيجاني في قلب المدرسة أو المصهر للأسف، السودانيون دائما يبخسون اشياءهم.[13]

فيديوهات

  • موقف التجمع الوطنى الديمقراطى من الانتخابات في السودان[14]
  • إفادة الأستاذ التجاني الطيب حول انقسامات الأحزاب[15]

انظر أيضًا

المراجع

  1. معلمون وطلاب وأطباء وعمال ورجال أعمال ودعاة في ملفات المخابرات نسخة محفوظة 25 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. Al-Tijani Al-Tayeb: A revolutionary path نسخة محفوظة 25 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. Sudan: Farewell Uncle Al Tijani — a remarkable revolutionary (+ Tijani's 1982 address to the court in defence of the SCP) نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. التجاني الطيب بابكر: تجلي الولي الصوفي في هيآة شيوعي نسخة محفوظة 06 مايو 2017 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  5. التجاني الطيب، رحيل مناضل رائد عظيم نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. جريدة الميدان تحتفل بعيد ميلادها الخمسين نسخة محفوظة 25 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  7. تجاني الطيب بابكر .. صناعة الشجاعة والثبات في زمن الوجبات السريعة نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  8. الموت يُغيّب التجاني الطيب القيادي بـ «الشيوعي» نسخة محفوظة 31 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  9. التيجاني الطيب عضو قيادة «التجمع» السوداني: المعارضة تواجه مصاعب وتعقيدات والاخفاقات ليست مسؤولية الميرغني وحده بل المسؤولية جماعية-الشرق الاوسط نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  10. "التجاني الطيب بابكر". مؤرشف من الأصل في 27 يوليو 2017. اطلع عليه بتاريخ 24 مارس 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. لقاء مع الاستاذ / التجاني الطيب بابكر نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  12. التجانى الطيب ...صحفى وسياسى سودانى مثال للاستقامة والاخلاص ...توثيق اطلع عليه بتاريخ 24 يناير، موقع سودانيزاونلاين’’ نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  13. الزعيم التجاني الطيب بابكر (1) . نسخة محفوظة 09 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  14. Egypt - Sudanese Opposition On Upcoming Election نسخة محفوظة 07 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  15. إفادة الأستاذ التجاني الطيب حول إنقسامات الأحزاب نسخة محفوظة 16 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة أعلام
    • بوابة السودان
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.