أيديولوجية الثورة الإيرانية

لقد وصفت أيديولوجية الثورة الإسلامية بأنها "تركيبة معقدة من القومية والشعبوية السياسية ومذهب الشيعة "الراديكالية الدينية".[1]

لقد عبرت الثورة الإيرانية عن نفسها مستخدمةً لغة الإسلام، أي قدمت نفسها باعتبارها حركة دينية تتزعمها قيادة دينية، فهي نقد للنظام القديم قائم على أساس ديني، وعبرت عن خطط النظام الجديد في إطار إسلامي. فقد كان الثوريين المسلمون ينظرون إلى نشأة الإسلام كنهج يهتدون به ويرون أنفسهم يخوضون صراعًا ضد الكفر والظلم والإمبراطورية.|Bernard Lewis|[2]

لقد كان أهم شيء في التفسيرات الأيديولوجية المختلفة للإسلام داخل التحالف العظيم الذي أدى إلى ثورة 1979 هو الطمأنينة في المذاهب الدينية، أيديولوجية الخميني و أيديولوجية علي شريعتي الإسلامية اليسارية و الإسلام الديمقراطي الليبرالي لدى مهدي بازرکان. وكان الأقل قوة هم جماعات العصابات الاشتراكية الإسلامية و عناصر علمانية متنوعة، والدستوريون العلمانيون في الجبهة الجبهة الديمقراطية القومية الاشتراكية والأشكال القومية.[3]

كان الشعار الذي يتغنى به المتظاهرون هو - "استقلالية، حرية، جمهورية إسلامية" [4] ولقد وصف هذا الشعار بأنه "محوري ولكن مطالبه واسعة النطاق" من الثوريين.[5] ولقد ثار الثوريون اعتراضًا على الفساد والشطط والطبيعة الاستبدادية للحكم البهلوي;[6] وضد السياسات التي تساعد الأغنياء على حساب الفقراء وسيطرة الأجانب غير المسلمين على الاقتصاد والثقافة الإيرانية واستغلالهم لهما، لا سيما الأمريكيين.[7]

إحدى أكبر مستشفيات طهران والمسماة على اسم عالم الاجتماع الإيراني الشهير علي شريعتي (تقع في حي أمير آباد.)

ممن ساهموا في رسم أيديولوجية الثورة جلال آل أحمد الذي وضع فكرة غربزاديجى — أي يجب رفض الثقافة الغربية ومحاربتها باعتبارها وباء أو سمًّا يصرف المسلمين عن جذورهم وهويتهم. لقد أثر علي شريعتي تأثيرًا كبيرًا في العديد من الشباب الإيراني بتفسيره لإيران باعتباره الطريق الصحيح الوحيد لنصرة المضطهدين وتحرير العالم الثالث من الاستعمارية والاستعمارية الجديدة.[8]

الخميني

لقد كان الرجل الذي صاغ أيديولوجية الثورة في النهاية، رغم أنه كان من هيمن عليها - هو آية الله الخميني. فقد كان يقول إن الثورة، وبصورة خاصة الشهادة، ضد الظلم والطغيان جزء من الإسلام الشيعي،[9] وينبغي أن يحشد رجال الدين أنصارهم ويقودهم في العمل وألا يقتصر الأمر على تقديم النصح لهم. واستخدم المصطلحين القرآنيين -- المستضعفين ('الضعفاء')[10] والمستكبرين ('الغرور والقوة')[11] — مكان المصطلح الماركسي الفرق بين المُضطهِدين والمضطهَدين.[12] ولقد رفض تأثير كل من القوتين العظميين السوفيتية والأمريكية في إيران بشعار "لا شرقية ولا غربية - جمهورية إسلامية"

ولاية الفقيه

لكن الأمر الأهم أنه قد وضع أيديولوجية من سيتولى زمام الأمور في الجمهورية الإسلامية وشكل الحكومة فيها. كان الخميني يؤمن إيمانًا شديدًا بفكرة أن الإسلام يستلزم تطبيق مبدأ ولاية الفقيه في الحكم، ويقصد بها أن كل فرد من المسلمين بحاجة إلى "إرشاد" في شكل حكم أو إشراف يقدمه الفقيه الإسلامي أو الفقهاء الإسلاميون الرئيسيون - مثل الخميني نفسه.[13] وهذا ضروري لأن الإسلام يوجب طاعة قوانين الشريعة الإسلامية الموروثة فقط. فاتباع تلك القوانين ليس الفعل الإسلامي الصحيح فقط، فهذا قد يمنع الفقر والظلم و"استيلاء" الكفار الأجانب على أراضي المسلمين. ولكن حتى يحدث كل هذا، يجب حماية الشريعة من التجديد والتحريف، وهذا يقتضي وضع الفقهاء الإسلاميين على رأس الحكم.[14]

فإنشاء تلك الحكومة الإسلامية وطاعتها كان أمرًا من الأهمية بمكان فهي "حقًا تعبير عن طاعة الله" وهي في النهاية "أهم من الصلاة والصيام" في الإسلام فدونها لن يحيا الإسلام الحقيقي.[15] فهذه الحكومة مبدأ عالمي وليست قاصرة على إيران. فكل ما يحتاجه العالم ويستحقه هو الحكم، أي الحكم الإسلامي الصحيح، ويرى الخميني أن "تصدير الثورة الإسلامية أمر حتمي." [16] ولكن حسب قوله، لا يعني "تصدير الثورة: "أن نتدخل في شئون الدول الأخرى",[17] ولكن "الإجابة عن أسئلتهم بشأن معرفة الله" [18][19]

لكن تتعارض هذه الرؤية الثورية للحكم الثيوقراطي تعارضًا صارخًا مع المذهب الشيعي الطمأنيني الذي يدعو إلى الانسحاب من الحياة السياسية، أو الانسحاب على الأقل من الحكم حتى عودة المهدي. وليست هناك حاجة لنقول إن هذا يتعارض مع أحلام وخطط العلمانيين الديمقراطيين واليساريين الإسلاميين في إيران. وكان الخوميني يدرك في الوقت نفسه أن وجود قاعدة ثورية عريضة أمر ضروري، ولم يتردد في تشجيع تلك القوى على التوحد مع مؤيديه للإطاحة بالشاه.[20] نتيجة لذلك عرف عن أيديولوجية الثورة قبل انتصارها "عدم وضوحها" [21] أو "غموض ملامحها",[22] مع السمة المميزة لولاية الفقيه/ الحكم الثيوقراطي الذي ينتظر أن يُعلن على الملأ عندما يكون الوقت مناسبًا.[23] ويرى الخميني أن معارضة القوى الثورية الأخرى لحكم ولاية الفقيه/ الحكم الثيوقراطي جاءت نتيجة الحملة الدعائية التي شنها الإمبرياليون الأجانب الذين يسعون لمنع الإسلام من إنهاء احتيالهم. ولقد كانت تلك الحملة الدعائية خبيثة جدًا فقد اخترقت حتى صفوف البؤر الإسلامية وجعلت من الضروري "مراقبة مبادئ التقية" (أي إخفاء الحق دفاعًا عن الإسلام)، عند الحديث عن الحكم الإسلامي (أو عدم الحديث عنه).[24][25]

لقد أدى هذا الشقاق بين العناصر العامة والخاصة في أيديولوجية الثورة إلى كسر وحدة الصف الثوري عندما تخلى الخميني عن التقية[26][27] وعمل بجد على إنشاء حكم يقوده رجال الدين الإسلامي بينما استمر معارضو الحكم الثيوقراطي في المعارضة. (انظر أدناه: الخميني يسيطر على الحكم والخميني يوحد السلطة ومعارضة الثورة) وفي النهاية لم يكن الأمر قاتلاً. فلقد سحقت المعارضة وسادت الأيديولوجية الثورية.

تطبيق الأيديولوجية

تجلت الأيديولوجية عقب انتصار الثورة في السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

عند الحديث عن الملابس، تم منع رابطات العنق للرجال ومنعت المرأة من تعرية رأسها وذراعيها إلخ. ولكن كانت هناك تغييرات أخرى لا تتعلق بالدين، مثل التأكيد على ملابس وأخلاقيات وعادات البروليتاريا، في مواجهة الأرستقراطية الغربية أو ترف وبذخ الطبقة البرجوازية في عصر الشاه. فعلى سبيل المثال، رصد المراقبون في الأيام الأولى من الثورة طبيعة "أطعمة الكافيتريا" في وجبات المطاعم، والذي يقصد به "بخس نصر البروليتاريا المسلمة." فيما يتعلق بملابس الرجال، يصف أحد القضاة "التحول السريع" في فبراير 1979 في وزارة العدل في طهران:

لم يعد الرجال يرتدون البذات وربطات العنق ولكنهم يرتدون قمصانًا سادة دون ياقة، وكان معظم تلك القمصان متكرمشة وقد تكون حتى ملطخة. حتى أن أنفي قد تنشقت هذا التغيير. فلقد اختفت رائحة العطور الذكية من الممرات لا سيما في الصباح.[28]

انظر أيضًا

المراجع والملاحظات

  1. Abrahamian, Ervand, A History of Modern Iran, 2008, p.143
  2. Islamic Revolution, by Bernard Lewis. نسخة محفوظة 8 أبريل 2010 على موقع واي باك مشين.
  3. {{استشهاد ويب |وصلة=http://web.mit.edu/ISG/iaqfall04mahdavi.htm |عنوان=Iran Analysis Quarterly Volume 1 No
  4. Islamism and education in modern Iran, with special reference to gendered social interactions and relationships, H Godazgar:498. نسخة محفوظة 04 2يناير2 على موقع واي باك مشين.
  5. Iran: a green wave for life and liberty, Asef Bayat, 7 - 07 - 2009 accessed 14-July-2009 نسخة محفوظة 10 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. Abrahamian Iran, (1982) p.478-9
  7. Graham, Iran (1980), p.233-4
  8. Keddie, Modern Iran, (2003) p.201-7
  9. The Last Great Revolution Turmoil and Transformation in Iran, by Robin WRIGHT. نسخة محفوظة 12 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  10. from Q4:75
  11. Q16:22-23
  12. Dabashi, Theology of Discontent (1993)
  13. Dabashi, Theology of Discontent (1993), p.419, 443
  14. Khomeini; Algar, Islam and Revolution, p.52, 54, 80
  15. See: Velayat-e faqih (book by Khomeini)#Importance of Islamic Government
  16. "Staying the Course: the "Lebanonization" of Hizbullah - Lebanon - Al Mashriq". مؤرشف من الأصل في 10 أكتوبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 4 نوفمبر 2013. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  17. صدور انقلاب به معناي دخالت در شئون مردم كشورهاي ديگر نيست.
  18. بلكه به معناي پاسخ دادن به سؤالهاي فكري بشر تشنه معارف الهي است.
  19. پيام امام (ره) به گورباچف نسخة محفوظة 04 2يناير2 على موقع واي باك مشين.
  20. Abrahamian, Iran, (1983), p.478,479, 524
  21. Abrahamian Iran(1982), p.478-9
  22. Amuzegar, Dynamics of the Iranian Revolution (1991), p.10
  23. Schirazi, Constitution of Iran (1997) p.29-32
  24. See: Hokumat-e Islami : Velayat-e faqih (book by Khomeini)#Why Islamic Government has not been established
  25. Khomeini and Algar, Islam and Revolution (1981), p.34
  26. Taheri, The Spirit of Allah, p.229-230
  27. Schirazi, Constitution of Iran, (1997) p.19-32
  28. Ebadi, Shirin, Iran Awakening by Shirin Ebadi with Azadeh Moaveni, Random House New York, 2006, p. 185, 41

    قائمة المصادر

    • Amuzgar, Jahangir (1991). The Dynamics of the Iranian Revolution: The Pahlavis' Triumph and Tragedy: 31. SUNY Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Arjomand, Said Amir (1988). Turban for the Crown: The Islamic Revolution in Iran. Oxford University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Abrahamian, Ervand (1982). Iran between two revolutions. Princeton University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Benard, Cheryl and Khalilzad, Zalmay (1984). “The Government of God” — Iran's Islamic Republic. Columbia University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
    • Graham, Robert (1980). Iran, the Illusion of Power. St. Martin's Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Harney, Desmond (1998). The priest and the king: an eyewitness account of the Iranian revolution. I.B. Tauris. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Harris, David (2004). The Crisis: the President, the Prophet, and the Shah — 1979 and the Coming of Militant Islam. Little, Brown. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Hoveyda, Fereydoun (2003). The Shah and the Ayatollah: Iranian mythology and Islamic revolution. Praeger. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Kapuscinski, Ryszard (1985). Shah of Shahs. Harcourt Brace, Jovanovich. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Keddie, Nikki (2003). Modern Iran: Roots and Results of Revolution. Yale University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Kepel, Gilles (2002). The Trail of Political Islam. Harvard University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Mackey, Sandra (1996). The Iranians: Persia, Islam and the Soul of a Nation. Dutton. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Miller, Judith (1996). God Has Ninety Nine Names. Simon & Schuster. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Moin, Baqer (2000). Khomeini: Life of the Ayatollah. Thomas Dunne Books. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Roy, Olivier (1994). The Failure of Political Islam. Harvard University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Ruthven, Malise (2000). Islam in the World. Oxford University Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Schirazi, Asghar (1997). The Constitution of Iran. Tauris. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Shirley, Edward (1997). Know Thine Enemy. Farra. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Taheri, Amir (1985). The Spirit of Allah. Adler & Adler. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Wright, Robin (2000). The Last Great Revolution: Turmoil And Transformation In Iran. Alfred A. Knopf: Distributed by Random House. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Zabih, Sepehr (1982). Iran Since the Revolution. Johns Hopkins Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • Zanganeh, Lila Azam (editor) (2006). My Sister, Guard Your Veil, My Brother, Guard Your Eyes : Uncensored Iranian Voices. Beacon Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: نص إضافي: قائمة المؤلفون (link)
    • بوابة الإسلام
    • بوابة شيعة
    • بوابة إيران
    • بوابة السياسة
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.