أخلاق مسيحية

الأخلاق المسيحية ترتكز على تعاليم يسوع خاصةً عظة الجبل، وشكلت تعاليم الكتاب المقدس وآباء الكنيسة والمجامع المسكونية، المرجع الأخلاقي الرئيسي للمسيحية. وفي القرون الوسطى تبنّى القديس توما الإكويني الفضائل الأربعة الرئيسية لأفلاطون وهي العدالة والشجاعة والاعتدال والحكمة وأضاف إليها الفضائل المسيحية مثل الأمل والإيمان والإحسان، والتي ذكرها القديس بولس.[1] وشملت أيضًا السبع خطايا المميتة والفضائل السبع وهي العفة، والاعتدال، والإحسان والاجتهاد والصبر واللطف والتواضع، لتصبح ركائز الأخلاق المسيحية.

لوحة "الموعظة على الجبل" بريشة كارل بلوخ، تعد تعاليم الموعظة على الجبل ركيزة الأخلاق المسيحية.

تاريخ

فرسان المسيح، كان للفرسان المسيحيون أثر في الدفاع عن الضعفاء والمحتاجين خلال القرون الوسطى.

دعا يسوع المسيح إلى مساعدة الآخرين والكنيسة تطلق على هذه المساعدات اسم أعمال الرحمة، وتأخذ هذه الأعمال أهمية خصوصًا لدى الكنيسة الكاثوليكية، والأرثوذكسية والميثودية وينظر إلى هذه الأعمال كوسيلة لنيل النعمة والقداسة.[2] تقليديًا تم تقسيم أعمال الرحمة إلى فئتين، في كل منها سبعة عناصر: أعمال الرحمة البدنية والتي تهتم بالاحتياجات المادية للآخرين، وأعمال الرحمة الروحية التي تهتم بالاحتياجات الروحية للآخرين.

واتباعًا لتعاليم يسوع في خدمة الآخرين أنشأت الكنيسة المستشفيات والمدارس والجامعات والجمعيات الخيرية ودور الأيتام والملاجئ لمن هو بلا مأوى.[3][4][5] وخلال القرون الوسطى ظهرت فرق دينية كاثوليكية من الفرسان وكانت وظيفتهم حماية العزّل والضعفاء والعجزة، والكفاح من أجل المصلحة العامة للجميع. كانت هذه بعض الإرشادات والواجبات الرئيسية لفرسان القرون الوسطى؛ التي بنيت على مبدأ رئيسي في توجيه حياة الفرسان وهو الرجولة والشهامة، وقد رُمز الشهامة بتناول ثلاثة مجالات رئيسية هي: الجيش، والحياة الاجتماعية، والدين.[6]

وقد تأثر مبدأ الشهامة من الأخلاق المسيحية، وساعدت الحملات الصليبية في وقت مبكر لتوضيح رمز الشهامة وارتباطه الأخلاقي بالدين. نتيجة لذلك، بدأت فرق الفرسان المسيحية تكريس جهودها لخدمة أغراض مقدسة. ومع مرور الوقت، طالب رجال الدين الفرسان استخدام أسلحتهم في المقام الأول من أجل حماية النساء والضعفاء والعزل بشكل خاص، واليتامى، والكنائس.[7]

في العهد الجديد ركزّت تعاليم يسوع على المحبة والتسامح وعدم اللجوء إلى العنف، وفي العصور المسيحية المبكرة اعتبرت المسيحية بحسب المؤرخين ديانة مسالمة، لكن طرأت تغييرات بعدما أعلنت المسيحية كديانة رسمية للامبراطورية الرومانية إذ تم تسيس المسيحية.

خلال القرون الاولى للمسيحية، رفض العديد من المسيحيين الانخراط في المعارك العسكرية. في الواقع، كان هناك عدد من الأمثلة الشهيرة من الجنود الذين أصبحوا مسيحيين، ورفضوا الانخراط في القتال بعد اعتناقهم الدين، وأعدم لاحقًا الكثير منهم لرفضهم القتال.[8] ويرجع سبب التزام السلمية ورفض الخدمة العسكرية حسب المؤرخ مارك المان إلى مبدأين: «أولًا كان ينظر إلى استخدام القوة والعنف كتناقض مع تعاليم يسوع. وثانيًا كان ينظر إلى الخدمة في الجيش الروماني كنوع من العبادة المطلوبة لتأليه الإمبراطور الذي هو شكل من أشكال الوثنية بالنسبة للمسيحيين».[9]

معارضة العنف

تاريخيًا تمتلك المسيحية تقليدًا طويلاً مع معارضة العنف،[10] لعلّ كتابات آباء الكنيسة أبرز تجلياته، فكتب أوريجانوس: «لا يمكن أبدا أن يذبح المسيحيين أعدائهم، حتى لو كان أكثر الملوك والحكام والشعوب اضطهادًا لهم، وكان ذلك سببًا لزيادة في عدد وقوة المسيحيين».[11] وكتب إكليمندس الإسكندري: «قبل كل شيء، لا يسمح للمسيحيين في استعمال العنف».[12] كما جادل ترتليان بقوة ضد كل أشكال العنف، معتبرًا الإجهاض والحرب والعقوبات القضائية حتى الموت شكل من أشكال القتل.[13][14] وتعتبر هذه المواقف لثلاثة من آباء الكنيسة والتي تتمسك بها اليوم كل من الكنيسة الكاثوليكية[15] والأرثوذكسية.[16] وقد نشأت في الوقت الحاضر عدة كنائس مسيحية دعيت باسم كنائس اللاعنف، وتدعو إلى الاعتراض الضميري على الخدمة العسكرية، جزء أساسي من الإيمان.[17]

في القرن العشرين تبنّى مارتن لوثر كنغ أفكار غاندي اللاعنفية وكيفها في لاهوت الكنيسة المعمدانية وسياستها،[18] كما برزت العديد من الجمعيات والحركات المسيحيّة النسويّة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة.[19]

انظر أيضًا

مراجع

  1. كورنثوس الاولى 13/1
  2. John Stephen Bowden. Encyclopedia of Christianity. مطبعة جامعة أكسفورد. مؤرشف من الأصل في 11 أكتوبر 2013. اطلع عليه بتاريخ 05 يوليو 2011. Works of mercy are, therefore, not merely good deeds but also channels through which Christians receive God's grace. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Muslim-Christian Relations. Amsterdam University Press. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 2007–10–18. The enthusiasm for evangelization among the Christians was also accompanied by the awareness that the most immediate problem to solve was how to serve the huge number of new converts. Simatupang said, if the number of the Christians were double or triple, then the number of the ministers should also be doubled or tripled and the role of the laity should be maximized and Christian service to society through schools, universities, hospitals and orphanages, should be increased. In addition, for him the Christian mission should be involved in the struggle for justice amid the process of modernization. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  4. Fred Kammer. Doing Faith Justice. Paulist Press. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 2007–10–18. Theologians, bishops, and preachers urged the Christian community to be as compassionate as their God was, reiterating that creation was for all of humanity. They also accepted and developed the identification of Christ with the poor and the requisite Christian duty to the poor. Religious congregations and individual charismatic leaders promoted the development of a number of helping institutions-hospitals, hospices for pilgrims, orphanages, shelters for unwed mothers-that laid the foundation for the modern "large network of hospitals, orphanages and schools, to serve the poor and society at large." الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  5. Christian Church Women: Shapers of a Movement. Chalice Press. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 2007–10–18. In the central provinces of India they established schools, orphanages, hospitals, and churches, and spread the gospel message in zenanas. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  6. Chivalry - New Advent نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  7. "St. George's Chapel: History: Order of the Garter". See the definition of the Order of the Garter as "a society, fellowship and college of knights" there. - St. George's Chapel, Windsor Castle. 2005. مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 2006. اطلع عليه بتاريخ 06 نوفمبر 2006. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. "No known Christian author from the first centuries approved of Christian participation in battle; citations advocating pacifism are found in → Tertullian, → Origen, Lactantius, and others, and in the testimonies of the martyrs Maximilian and Marcellus, who were executed for refusing to serve in the Roman army. Grounds for opposition to military service included fear of idolatry and the oath of loyalty to Caesar, as well as the basic objection to shedding blood on the battlefield.", Fahlbusch, E., & Bromiley, G. W. (2005). Vol. 4: The encyclopedia of Christianity (2). Grand Rapids, Mich.; Leiden, Netherlands: Wm. B. Eerdmans; Brill.
  9. Allman, Mark; Allman, Mark J. (2008). Who Would Jesus Kill?: War, Peace, and the Christian Tradition. Saint Mary's Press. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. "Members of several small Christian sects who try to literally follow the precepts of Jesus Christ have refused to participate in military service in many nations and have been willing to suffer the criminal or civil penalties that followed."Encyclopædia Britannica 2004 CD Rom Edition — Pacifism.
  11. Origen: Contra Celsus, Book 7 (Roberts-Donaldson) نسخة محفوظة 25 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  12. Clement of Alexandria: Fragments نسخة محفوظة 03 يوليو 2016 على موقع واي باك مشين.
  13. Osborn, Eric (2003). Tertullian, First Theologian of the West. Cambridge University Press. صفحة 230. ISBN 9780521524957. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. Tertullian rejects all violence, even killing by soldiers or by courts of law, any form of abortion, and even attendance at the amphitheatre. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  14. Nicholson, Helen J. (2004). Medieval warfare: theory and practice of war in Europe, 300-1500. Palgrave Macmillan. صفحة 24. At the beginning of the third century, Tertullian recorded that some Christians did fight, but indicated that he did not approve. He argued that God's command not to fight overrode Paul's command to obey the authorities that God had appointed. Tertullian observed that one of the last words of Christ before he was led away to be crucified was when he instructed Simon Peter to put away his sword. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  15. Evangelium Vitae [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 06 سبتمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  16. Orthodoxy and Capital Punishment نسخة محفوظة 28 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  17. Speicher, Sara and Durnbaugh, Donald F. (2003), Ecumenical Dictionary:Historic Peace Churches نسخة محفوظة 05 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  18. King, Jr., Martin Luther (1992). The papers of Martin Luther King, Jr. University of California Press. ISBN 0520079507. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  19. Hood, Helen (2003). "Speaking Out and Doing Justice: It's No Longer a Secret but What are the Churches Doing about Overcoming Violence against Women?" (PDF). EBSCO Publishing. صفحات 216–225. مؤرشف من الأصل (PDF) في 9 سبتمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 19 مايو 2010. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)

    انظر أيضًا

    • بوابة أخلاقيات
    • بوابة المسيحية
    • بوابة فلسفة
    • بوابة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية
    • بوابة الأديان
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.