نظرية المعرفة

نظريّة المعرفة هي دراسة لطبيعة المعرفة، الشّرح التبرير، وعقلانيّة الاعتقاد/ الإيمان.[1] يوجد جدل كبير حول مراكز نظريّة المعرفة التي تتفرع إلى أربع مناطق:

  1. التحليل الفلسفي لطبيعة المعرفة ومدى ارتباطها بمفاهيم مثل الحقيقة، والمعتقد والتّبرير.[2][3]
  2. مشاكل ومواضيع التّشكيك المختلقة.
  3. مصادر ومجالات المعرفة والمعتقدات المُبرّرة.
  4. معايير المعرفة والتّبرير.

تتناول نظريّة المعرفة أسئلة مثل "ما الذي يجعل المعتقدات المبرّرة مُبرّرة؟"،[4] "ماذا يعني أن نقول أنّنا نعرف شيئاً ما؟"؛[5] وبشكل أساسي ورئيسي "كيف نعلم أنّنا نعلم؟".[6]

مشكلة الشك

يتساءل المشكّكون ما إن كانت المعرفة ممكنة أم لا، ويزعمون أنّ الإيمان بشيء ما لا يبرر ما إن كان صحيحاً أم لا.[7] يعتمد وصف المعرفة بالقوّة أو بالضّعف على وجهة نظر كل شخص وتوصيفه للمعرفة.[7] معظم معلوماتنا حول نظريّة المعرفة مستمدّة بالأساس من الشّكوك العقليّة والفلسفيّة بشكل خاص.[8]

يعارض المشكّكون ما يُسمَّى أحياناً بـ"التأسيسيّة العقائديّة"، والتي تنصّ على أنّه يجب أن يكون هنالك بعض المواقف الأساسيّة التي تبرر نفسها أو التي لا يمكن تبريرها بدون الرّجوع إلى الآخرين.

تم تعديل هذه المشكلة وتحسين فلسفتها مع الوقت، ومن هذه التّعديلات:[7] الخياليّة لن تدّعي امتلاكها للمعرفة، لكنّها تلتزم ببعض الاستنتاجات حول القليل من المعايير مثل الفائدة والمنفعة، والجماليّات، وغيرها من المعايير الشخصيّة دون الادّعاء بأنّ أي استنتاج هو في الواقع "صحيح".

تعريف المعرفة

يجادل العلماء بأنّ المعرفة يجب أن تقيّم خصائص النّاس أو ما يُعرف بالفضائل الفكريّة وليس فقط خصائص الفرضيّات والمواقف الذهنيّة المُقترفة.

الإيمان

باللغة العاميّة فإن كلمة "الإيمان"، تعبّر عن الثقة بشخص ما أو سلطة معيّنة أو أي كيان آخر، ولكن نظريّة المعرفة تهتمّ بما نؤمن به، لذلك فإنها تُضمّن كلمة الإيمان معاني أخرى، مثل الحقيقة، أو أي شيء آخر نعتبره حقيقيّ بالنسبة لنا من وجهة النّظر المعرفيّة الخاصّة بنا.

الحقيقة

صحة اعتقاد الإنسان بشيء ما، ليست شرطاً للاعتقاد. أي أنّه إذا اعتقد أحد الأشخاص أن جسراً ما آمنٌ بما فيه الكفاية لعبوره، ثم عبره وانهار به، نقول: "اعتقد أن الجسر كان آمناً، لكن اعتقاده كان خاطئاً"؛ أما إذا عبر الجسر بأمان، نقول: "كان يعتقد أن الجسر كان آمناً، لكنّه الآن بعلم أنّه آمنٌ".

يجادل علماء نظريّة المعرفة حول ما إذا كان الاعتقاد/الإيمان هو حامل الحقيقة الصحيح. حيث يفضّل البعض وصف المعرفة بأنّها نظام من الافتراضات الصّحيحة المبرّرة، في حين أن البعض الآخر يعتبرها نظاماً من الجمل الصّحيحة المبرّرة؛ ويقول أفلاطون في كتابه (Gorigias): "الاعتقاد هو حامل الحقيقة الأكثر شيوعاً".[9]

التبرير

امتلك سقراط عدة نظريّات حول ماهيّة المعرفة، وآخرهن كان اعتقاده بأنّ المعرفة هي اعتقاد حقيقيّ "مع حساب"؛ وكان يقصد أنها اعتقاد مبرر ومشروح؛ ووفقاً للنظريّة القائلة بأن المعرفة هي اعتقاد حقيقيّ مبرر، فإنك من أجل أن تعلم أن مقترحاً ما هو مقترحٌ صحيحٌ، يجب عليك ألا تؤمن بحقيقته فقط، بل يجب أن تمتلك سبباً وجيهاً لذلك أيضاً.

مشكلة غيتير

اشتهر إدموند غيتير بورقة بحثية قصيرة بعنوان "هل الاعتقاد الحقيقيّ المبرر معرفة؟"، نشرت الورقة في عام 1963م، شكك غيتييه فيها بنظريّة المعرفة التي كانت مهيمنة بين الفلاسفة منذ آلاف السّنين. وهذا بدوره طرح تساؤلات حول القيمة الحقيقيّة للفلسفة خصوصاً بعد أن تبيّن أن معادلة واضحة وسهلة لمثل هذه النظريّة الكبيرة لم يتم ملاحظاتها عبر آلاف السّنين.[10]

جادل غيتييه أيضاً، بأنه يوجد حالات قد يكون فيها اعتقاد المرء مبرراً وصحيحاً، ومع ذلك لا يمكن اعتبار ذلك "معرفة".

المدارس الفكرية

المدرسة التاريخية

الدراسة التاريخيّة لنظريّة المعرفة الفلسفيّة، هي الدّراسة التاريخيّة للجهود المبذولة لاكتساب الفهم الفلسفيّ، أو معرفة طبيعة ونطاق المعرفة البشريّة.[11]

المدرسة التجريبية

في الفلسفة، "التجريبية" هي نظريّة المعرفة التي ترتكز على دور التّجربة، وخاصةً الخبرة على أساس الملاحظات الإدراكيّة من الحواس.[12]

المدرسة المثالية

يعتقد العديد من أتباع هذه المدرسة الفكريّة بأن المعرفة هي في المقام الأول مكتسبة من قبل عمليّات مسبقة أو فطريّة.

المدرسة العقلانيّة

على نقيض المدرسة التجريبية والمثاليّة، اللتان تركّزان على المكانة المعرفيّة للبيانات المعنويّة (التجريبيّة) وعلى أسبقيّة العقل، فإن المدرسة العقلانيّة تضيف "نظام التّفكير" كطرف ثالث، وتؤمن بأهميّة كل ما سبق.

المدرسة البنائية

البنائيّة، هي وجهة نظر في الفلسفة تقول بأن "كل المعرفة هي مجموعة من البناءات التي صنعها الإنسان"،[13] "وليست اكتشاف محايد للحقيقة الموضوعيّة"[14] ؛ في حين أن الموضوعية تهمّ "هدف معرفتنا"؛ فإن المدرسة البنائيّة تؤكّد على "كيفية بناء المعرفة".[15]

المدرسة البراغماتية

تركز المدرسة على أننا نحلل الأفكار والأشياء في العالم من أجل قيمتها العمليّة، على النقيض من أي نظريّة تؤكّد على أن ما هو صحيح فقط يتطابق مع ما يحدث في الواقع الخارجيّ. والنظرية المعرفية البراغماتيّة تقترح أن النّظريّات هي مجرّد أدوات، وليست إجابات على الألغاز.[16]

نظريّة المعرفة الطبيعيّة

تقلّل هذه النظريّة من الأسئلة حول التبريرات والحقيقة، وتسأل بدلاً من ذلك –تجريبيّاً- ما هي المعتقدات التي يجب علينا الاحتفاظ بها من أجل البقاء على قيد الحياة.

البرامانا الهنديّة

طوّرت المدارس الفلسفية الهندية مثل "هندو نيايا" ، و "كارفاكا" ، ولاحقاً، المدارس الفلسفية "الجاينية" والبوذية، تقليدًا معرفيًا يُطلق عليه "برامانا". يمكن ترجمة برامانا بأنها "أداة للمعرفة" وتشير إلى وسائل أو مصادر المعرفة التي كان الفلاسفة الهنود يعتمدون عليها، وكل مدرسة هنديّة تمتلك نظريّة معرفيّة خاصة بها، تختلف عن باقي المدارس الهنديّة.

الشكوكيّة

تشكّك في صحّة بعض أو كل المعرفة البشريّة، لا تشير الشكوكية إلى أي مدرسة محدّدة للفلسفة، بل هي خيط يمر عبر العديد من المناقشات الفلسفيّة حول نظريّة المعرفة.

كان أوّل مشكك يونانيّ معروف هو سقراط الذي ادّعى أنّ معرفته الوحيدة هي أنّه لا يعرف شيئاً على وجه اليقين؛ في الهند، كان سانجايا بلاتثيبوتا مشكّكاً مشهوراً، واعتُبرت مدرسة مادياميكا البوذيّة شكلاً من أشكال المدارس الشكوكيّة.

لاحقاً بدأ ديكارت بالتشكيك في صحة جميع المعارف البشريّة، ووصل إلى مقولته الشّهيرة "أنا أفكّر، إذاً أنا موجود".

المراجع

  1. Porter, Noah, المحرر (1913). "Epistemology". Webster's Revised Unabridged Dictionary. ميريام وبستر. صفحة 501. مؤرشف من الأصل في 15 أكتوبر 2013. اطلع عليه بتاريخ 29 يناير 2014. E*pis`te*mol"o*gy (?), n. [Gr. knowledge + -logy.] The theory or science of the method or grounds of knowledge. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Steup, Matthias. Zalta, Edward N. (المحرر). "Epistemology". Stanford Encyclopedia of Philosophy (الطبعة Spring 2014). مؤرشف من الأصل في 19 مارس 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Borchert, Donald M., المحرر (1967). "Epistemology". Encyclopedia of Philosophy. 3. Macmillan. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. Steup, Matthias (8 September 2017). Zalta, Edward N. (المحرر). The Stanford Encyclopedia of Philosophy. Metaphysics Research Lab, Stanford University. مؤرشف من الأصل في 19 أبريل 2019 عبر Stanford Encyclopedia of Philosophy. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Carl J. Wenning. "Scientific epistemology: How scientists know what they know" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 12 يوليو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. "The Epistemology of Ethics". 1 September 2011. مؤرشف من الأصل في 20 يوليو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. "SKEPTICISM". Encyclopedia of Empiricism. 1997. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Klein, Peter (2015), Zalta, Edward N. (المحرر), "Skepticism", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (الطبعة Summer 2015), Metaphysics Research Lab, Stanford University, مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2019, اطلع عليه بتاريخ 01 أكتوبر 2018 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  9. "Gorgias". Project Gutenberg. 5 October 2008. مؤرشف من الأصل في 16 يناير 2019. اطلع عليه بتاريخ 31 مارس 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Gettier, Edmund (1963). "Is Justified True Belief Knowledge?". Analysis. 23 (6): 121–23. doi:10.2307/3326922. JSTOR 3326922. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  11. Stroud, Barry (2011). "The History of Epistemology". Erkenntnis. 75 (3): 495–503. doi:10.1007/s10670-011-9337-4. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. Psillos, Stathis; Curd, Martin (2010). The Routledge companion to philosophy of science (الطبعة 1. publ. in paperback). London: Routledge. صفحات 129–38. ISBN 978-0415546133. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |year= / |date= mismatch (مساعدة)
  13. Castelló M., & Botella, L. (2006). Constructivism and educational psychology. In J. L. Kincheloe & R. A. Horn (Eds.), The Praeger handbook of education and psychology (Vol. 2, pp. 263–270). Westport, CT: Praeger. p. 263 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  14. Raskin, J. D. (2002). Constructivism in psychology: Personal construct psychology, radical constructivism, and social constructivism. In J. D. Raskin & S. K. Bridges (Eds.), Studies in meaning: Exploring constructivist psychology (pp. 1–25). New York, NY: Pace University Press. p. 4
  15. Jonassen, D. H. (1991). Objectivism versus constructivism, Do we need a new philosophical paradigm? Educational technology research and development, 39(3), 5-14. p. 10 نسخة محفوظة 23 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  16. How to Make Our Ideas Clear نسخة محفوظة 03 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة فلسفة العلوم
    • بوابة علوم
    • بوابة فلسفة
    • بوابة تربية وتعليم
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.