نظرة ذكورية

في النظرية النسوية، النظرة الذكورية هو وصف النساء والعالم، في الفنون المرئية والأدب، من منظور ذكوري مغاير جنسيا، ويمثّل المرأة كأشياء جنسية لمتعة المشاهدين الذكور. للنظرة الذكورية، في العروض التقديمية المرئية والجمالية للسينما الروائية، ثلاثة وجهات نظر: (1) وجهة نظر الرجل الذي يقف وراء الكاميرا، (2) ووجهة نظر الشخصيات الذكورية ضمن العروض السينمائية للفيلم، (3) ووجهة نظر المشاهد، الناظر في الصورة.[1][2][3][4][5]

صاغت الناقدة السينمائية لورا مولفي مصطلح النظرة الذكورية، والتي تتناقض من الناحية النظرية، وتتعارض مع النظرة النسائية. تتشابه سيكولوجيا النظرة الذكورية مع سيكولوجيا شبق النظر (سكوبوفيليا)، أي متعة المشاهدة، وهكذا فإن مصطلحي سكوبوفيليا وسكوبتوفيليا، يحددان كل من الملذات الجمالية والملذات الجنسية المستمدة من النظر إلى شخص أو شيء ما.[6][7][8]

خلفية

قدم الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر مفهوم النظرة، في كتاب الكينونة والعدم (1943)، حيث يخلق فعل التحديق إلى إنسان آخر فرق غير موضوعي في القوة، وهو ما يشعر به المُحدِّق والمُحدَّق إليه، لأن الشخص الذي يُحدَّق إليه، يُنظر له كشيء، وليس كإنسان. قُدم وشُرح وطُور المفهوم السينمائي للنظرة الذكورية في مقالة بعنوان "المتعة البصرية والسينما الروائية" (1975)، والتي تقترح فيه لورا مولفي أن اللامساواة الجنسية –عدم التكافؤ بين الرجال والنساء في القوة الاجتماعية والسياسية– هي قوة اجتماعية مسيطرة في العروض السينمائية للجنسين، وأن النظرة الذكورية (المتعة الجمالية للمشاهد الرجل) هي بنية اجتماعية مستمدة من أيديولوجيات وخطابات المجتمع الأبوي. ترتبط النظرة الذكورية مفاهيميًا، ضمن مجالات الدراسات الإعلامية ونظرية الأفلام النسوية، بسلوكيات البصبصة (النظر من أجل المتعة الجنسية)، وشبق النظر (المتعة من النظر)، والنرجسية (المتعة من التفكير في الذات).[9][10]

مفاهيم

شبق النظر (سكوبوفيليا)

يعتمد شكلان من النظرة الذكورية على المفهوم الفرويدي لشبق النظر، «اللذة التي ترتبط بالانجذاب الجنسي (استراق النظر بشكل كبير)، ومتعة شبق النظر المرتبطة بالتعريف النرجسي (استخدام الأنا العليا)» التي تُظهر كيف أُجبرت النساء على رؤية السينما من منظور (جنسي، جمالي، ثقافي) خاص بالنظرة الذكورية.

ترفض النظرة الذكورية، في مثل هذه العروض السينمائية، قوة المرأة وهويتها الإنسانية، وبالتالي تجرد المرأة من إنسانيتها، وتحولها من شخص إلى شيء، بحيث لا يُنظر إليها إلا من أجل جمالها ولياقتها البدنية وجاذبيتها الجنسية، كما حُددت في الخيال الجنسي الذكوري للسينما الروائية.

المشاهدة

يوجد نوعان من المشاهدة أثناء مشاهدة فيلم، حيث إما يشارك المشاهد بغير وعي أو بوعي في الأدوار المجتمعية النموذجية المنسوبة للرجال والنساء. فيما يتعلق بنظرية مركزية القضيب، يمكن مشاهدة فيلم من وجهة نظر «ثلاث نظرات مختلفة»: (1) النظرة الأولى هي الكاميرا، التي تسجل أحداث الفيلم، (2) تصف النظرة الثانية فعل التلصص للجمهور عندما يشاهدون الفيلم بشكل مناسب، (3) والنظرة الثالثة هي المتعلقة بالشخصيات التي تتفاعل مع بعضها البعض خلال القصة المصورة.

إن المنظور الشائع بخصوص النظرات الثلاث قائم على فكرة أن النظر عمومًا يُنسب للدور النشط للذكور، بينما كون الشخص يُنظر إليه، يُعتبر عمومًا على أنه الدور السلبي للإناث. لذلك تُقدم وتُمثل النساء في السينما، بناءً على هذه الهيكلية الأبوية، كوسائل متعة، حيث يكون للشخصيات النسائية «مظهرًا يرمز لتأثير بصري وشهواني قوي»، لذلك لا يراد من الممثلة أبدًا أن تمثل شخصية أنثى حازمة، تؤثر أفعالها بشكل مباشر على الحبكة أو سير أحداث القصة المصورة، ولكنها موجودة بدلاً من ذلك في الفيلم لدعم الممثل بصريًا، وتقديم صورة البطل الذكر من خلال «تحمل عبء التجسيد الجنسي» وهو شرط لا يطاق للممثل.[11]

النظرة النسائية

تساوي النظرة النسائية مفاهيميًا النظرة الذكورية، أي عندما تُشيّيء النساء شخصا ما، فإنهن ينظرن إلى الأشخاص الآخرين، وأنفسهن، من وجهة نظر الرجل. النظرة الذكورية هي مظهر من مظاهر القوة الاجتماعية غير المُكافئة، بين الرجل الذي ينظر والامرأة التي يُنظر لها، وهو أيضًا جهد اجتماعي واعي أو غير واعي، لتوظيف اللامساواة بين الجنسين في خدمة النظام الجنسي الأبوي. يمكن اعتبار المرأة التي ترحب بفكرة التجسيد الجنسي الخاصة بالنظرة الذكورية، أنها تتفق مع المعايير الاجتماعية المقررة لصالح الرجال، من وجهتي النظر كلتيهما، مما يعزز بهذه الطريقة من القوة المُجسِّدة للمرأة وفقا للنظرة الذكورية، أو قد يُنظر إليها على أنها امرأة استعراضية، تستفيد اجتماعيًا من التجسيد الجنسي الملازم للنظرة الذكورية، بغاية التلاعب بالمعايير الجنسية للمجتمع الأبوي خدمة لمصلحتها الشخصية.

قالت مولفي أن النظرة النسائية مشابهة للنظرة الذكورية، لأن «الشخصية الذكورية لا يمكن أن تتحمل عبء التجسيد الجنسي. الرجل متردد في النظر إلى مظهره الاستعراضي». قالت ناليني بول في وصفها للعلاقات بين شخصيات رواية بحر سارغاسو الواسع (1966)، لجين ريس، أنه عندما تحدق شخصية أنطوانيت في روتشستر، وتضع إكليلاً عليه، فإنها تجعله يبدو بطوليًا، ولكن: «لا يشعر روتشستر بالارتياح لفرض هذا الدور عليه، وبالتالي يرفضه بإزالة الطوق، وسحق الزهور.» إن الرجل من يمتلك النظرة لأنه رجل، وفقا لوجهة نظر الرجال، بينما تمتلك المرأة النظرة فقط عندما تتولى دور الرجل، وبالتالي تمتلك النظرة الذكورية عندما تُشيّيء الآخرين، من خلال النظر إليهم كما يفعل الرجل.[12][13][7]

تتفق إيفا ماريا جاكوبسون مع وصف بولس للنظرة النسائية بأنها «مجرد تجاوب متبادل مع الذكورة»، ولكن يمكن العثور على دليل على قيام النساء بتجسيد الرجال جنسيا- وجود نظرة نسائية منفصلة – في إعلانات الفتى اللعبة في مجلات المراهقين. على الرغم من حجة مولفي بأن «النظرة» هي خصلة نوع اجتماعي واحد، أو أن النظرة النسائية مجرد نظرة ذكورية معتنقة داخليا، فإنها تظل غير محددة: «أولاً، كُتبت مقالة عام 1975 بعنوان [المتعة البصرية والسينما الروائية] كجدلية، وكما وصفها ماندي ميرك كبيان، إذ لم يكن لدي اهتمام في تغيير هذه الحجة. من الواضح باعتقادي في النظر إلى الماضي، من منظور دقيق، فإن [المقالة] هي حول حتمية النظرة الذكورية.» وفي ديناميات القوة للعلاقات الإنسانية، يمكن للناظر أن يحدق إلى أشخاص من نفس النوع الاجتماعي لأسباب لاجنسية، مثل مقارنة صورة جسم الناظر وملابسه بجسم وملابس الشخص المنظور إليه.[14]

انظر ايضا

المراجع

  1. "Feminist Aesthetics". Stanford Encyclopedia of Philosophy. Winter 2012. مؤرشف من الأصل في 2 أغسطس 2019. اطلع عليه بتاريخ 13 مايو 2015. Assumes a standard point of view that is masculine and heterosexual. . . . The phrase 'male gaze' refers to the frequent framing of objects of visual art so that the viewer is situated in a masculine position of appreciation. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. That the male gaze applies to literature and to the visual arts: Łuczyńska-Hołdys, Małgorzata (2013). Soft-Shed Kisses: Re-visioning the Femme Fatale in English Poetry of the 19th Century, Cambridge Scholars Publishing, p. 15.
  3. Eaton, E.W. (September 2008). "Feminist Philosophy of Art". Philosophy Compass. Wiley-Blackwell. 3 (5): 873–893. doi:10.1111/j.1747-9991.2008.00154.x. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  4. Devereaux, Mary (1995). "Oppressive Texts, Resisting Readers, and the Gendered Spectator: The "New" Aesthetics". In Brand, Peggy Z.; Korsmeyer, Carolyn (المحررون). Feminism and tradition in aesthetics. University Park, Pennsylvania: Penn State University Press. صفحة 126. ISBN 9780271043968. مؤرشف من الأصل في 15 مارس 2017. اطلع عليه بتاريخ 2 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Walters, Suzanna Danuta (1995). "Visual Pressures: On Gender and Looking". In Walters, Suzanna Danuta (المحرر). Material Girls: Making Sense of Feminist Cultural Theory. Berkeley, California: University of California Press. صفحة 57. ISBN 9780520089778. مؤرشف من الأصل في 15 مارس 2017. اطلع عليه بتاريخ 2 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  6. Sassatelli, Roberta (September 2011). "Interview with Laura Mulvey: Gender, Gaze and Technology in Film Culture". Theory, Culture & Society. 28 (5): 123–143. doi:10.1177/0263276411398278. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  7. Jacobsson, Eva-Maria (1999). A Female Gaze? (pdf) (Report). Stockholm, Sweden: Royal Institute of Technology. مؤرشف (PDF) من الأصل في 04 أكتوبر 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Mulvey, Laura (Autumn 1975). "Visual Pleasure and Narrative Cinema". Screen. 16 (3): 6–18. doi:10.1093/screen/16.3.6. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
    Also available as: Mulvey, Laura (2009), "Visual pleasure and narrative cinema", in Mulvey, Laura (المحرر), Visual and other pleasures (الطبعة 2nd), Houndmills, Basingstoke, Hampshire England New York: Palgrave Macmillan, صفحات 14–30, ISBN 9780230576469 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link) Pdf via Amherst College. نسخة محفوظة 2016-03-04 على موقع واي باك مشين.
  9. Stack, George J; Plant, Robert W (1982). "The Phenomenon of "The Look"". Philosophy and Phenomenological Research. 42 (3): 359. doi:10.2307/2107492. JSTOR 2107492. By their presence -- most forcibly by looking into your eyes -- other people compel you to realize that you are an object for them, Sartre (1948) argues. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Weeks, L. Paul (2005), "Male gaze", in Ritzer, George (المحرر), Encyclopedia of social theory, Thousand Oaks, California: Sage, صفحة 467, ISBN 9780761926115 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link) Preview. نسخة محفوظة 15 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  11. Arons, Wendy, "If Her Stunning Beauty Doesn't Bring You to Your Knees, Her Deadly Drop-kick Will": Violent Women in Hong Kong Kung fu Film", in McCaughey, Martha; King, Neal (المحررون), Reel Knockouts: Violent Women in the Movies, Austin, Texas: University of Texas Press, صفحة 41 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  12. Kelly, Eileen (30 January 2003). "The Female Gaze". Salon. Salon Media Group. مؤرشف من الأصل في 01 فبراير 2003. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. Paul, Nalini (Spring 2004). "Other Ways of Looking: The Female Gaze in Jean Rhys' Wide Sargasso Sea". ESharp. University of Glasgow. 2. مؤرشف من الأصل في 27 يناير 2009. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  14. Felluga, Dino (April 2005). ""Modules on Lacan: On the Gaze", Introductory Guide to Critical Theory". West Lafayette, Indiana, U.S.: Purdue University. مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2005. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
    • بوابة المرأة
    • بوابة ثقافة
    • بوابة سينما
    • بوابة علم الاجتماع
    • بوابة نسوية
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.