معركة الكرامة

معركة الكرامة وقعت في 21 آذار 1968 حين حاولت قوات الكيان الصهيوني احتلال نهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية. وقد عبرت النهر فعلاً من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف. فتصدى لها الجيش الأردني على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت بقوة.[1] وفي قرية الكرامة اشتبك الجيش العربي مع الفدائيين[2] في قتال شرس ضد قوات الكيان الصهيوني، في عملية استمرت قرابة الخمسين دقيقة. واستمرت بعدها المعركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليين إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكن الجيش الأردني من الانتصار على القوات الإسرائيلية وطردهم من أرض المعركة مخلفين ورائهم الآليات والقتلى دون تحقيق الكيان الصهيوني لأهدافه.

معركة الكرامة
جزء من حرب الاستنزاف  
خارطة سير المعركة
معلومات عامة
التاريخ 21 آذار 1968
الموقع غور الأردن
 الأردن المملكة الأردنية الهاشمية
31°57′06″N 35°34′49″E  
النتيجة انسحاب وهزيمة:
للجيش الإسرائيلي
دون تحقيق أهدافه
مكبدا بالخسائر
ونصر عسكري تاريخي :
للجيش الأردني
القادة
 الأردن

الفريق عامر خماش
اللواء مشهور حديثة

منظمة التحرير الفلسطينية
ياسر عرفات
صلاح خلف
خليل الوزير

 إسرائيل
رئيس الوزراء ليفي إشكول
وزير الدفاع موشي دايان
رئيس الأركان حاييم بارليف
القوة


1) الفرقة الثانية
2)

منظمة التحرير الفلسطينية

  • 1000 مقاتل
  • مدفع رشاش 800
  • ألغام وقنابل يدوية
 إسرائيل
الجيش الإسرائيلي
1) ثلاثة ألوية مدرعة
2) وثلاثة ألوية مشاة محمولة
3) كتيبة مظليين
4) عدة أسراب من سلاح الجو
الخسائر



تدمير 13 دبابة و 39 ألية مختلفة.

منظمة التحرير الفلسطينية 95 قتيل 200 جريح

 إسرائيل
الجيش الإسرائيلي
بالأرواح 250 جندياً
جرحى 450 جنديا
تدمير47 دبابة
تدمير 53 آلية مختلفة

الموقع

جرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن على الضفة الشرقية من النهر المقدس.

نسبت المعركة إلى قرية الكرامة التي حدثت أهم الاشتباكات فيها وقربها، وتقع قرية الكرامة في الجزء الشرقي من غور نهر الأردن وهي عبارة عن منطقة زراعية منخفضة جغرافياً اشتهرت ببساتينها الكبيرة وخضرتها الدائمة وكانت تسمى بمنطقة الآبار وذلك لكثرة الآبار الارتوازية فيها، وتسمى أيضا بغور الكبد باعتبارها جزءا من منطقة زراعية واسعة وتعتبر هذه المنطقة سلة الغذاء الأردني ويعتمد 95% من سكان هذه المنطقة على الزراعة.

وتاريخ المنطقة ضارب في القدم فقد مرت عليها ممالك كثيرة كالأدومية والمؤابية والعمونية والآرامية والأشورية ومملكة الأنباط واليونانية والرومانية والبيزنطية، حتى جاء الفتح الإسلامي، فعلى أرضها الكثير من مقامات الصحابة منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح وضرار بن الأزور، وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل وغيرهم . وقد جاء في القران الكريم ((غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الأَرْضِ)) والمقصود انتصار الفرس على الروم في هذه المنطقة التي تعد أدنى بقعة على سطح الأرض.

بداية التوتر

بعد احتلال الكيان الصهيوني للـضفة الغربية من نهر الأردن في حرب 1967، نشطت مجموعات من الفدائيين الفلسطينيين في منطقة الغور الشرقي، وكانت هجمات الفدائيين تتم بدون تنسيق مسبق مع الجيش الأردني.

وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل، تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين الفلسطينين عبر النهر فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب، وبناء عليه زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا وازدادت أيضا الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن.

أهداف المعركة

تمهيدا للهجوم الواسع قامت إسرائيل بهجمات عديدة استخدمت بشكل رئيسي القصف الجوي والمدفعي، على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968. كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهييء المنطقة لتطورات جديدة يتوقعونها كنتائج لعملياته العسكرية شرقي نهر الأردن. فقد بنوا توقعاتهم على أساس:

  • 1. القضاء نهائيا على الفدائيين الفلسطينيين (فتح العاصفة بقيادة أبو عمار والجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش ).
  • 2. أنه لم يمض وقت طويل على هزيمة الجيوش العربية والشعور بأن جيشهم لا يهزم.
  • 3. لم يتسن الوقت للجيش الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي مني بها في الحرب الماضية.
  • 4. عدم تمكن الأردنيين من تعويض طائراتهم في سلاح الجو مما يحرم القوات الأردنية من الحصول على غطاء جوي.
  • 5. افتراض أن الاختلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية لن تحقق أي تعاون بينهم وبين القوات الأردنية.[3]

وقد أعلن الكيان الصهيوني أنهم قاموا بالهجوم لتدمير قوة المقاومة الفلسطينية، والقضاء على حلم العودة لدى الشعب الفلسطيني.

  • 6. محاولة وضع ولو موطئ قدم على أرض شرقي نهر الأردن باحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى للكيان الصهيوني تماما كما فعلت في مرتفعات الجولان، وكما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان. بقصد المساومة عليها لتحقيق أهدافها وتوسيع حدودها.
  • 7. ضمان الأمن والهدوء على خط وقف إطلاق النار.
  • 8. زعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وارغامهم على النزوح من أراضيهم ليشكلوا أعباء جديدة وحرمان المقاومة من وجود قواعد لها بين السكان وبالتالي المحافظة على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد المكاسب التي حققها على الجبهات العربية في حزيران 1967م.

المعركة

بيان عسكري رقم واحد

الملك الحسين القائد الأعلى للقوات المسلحة على ظهر دبابة إسرائيليّة معطوبة بعد معركة الكرامة

في صبيحة يوم 21 أذار صدر البيان التالي عن الجيش العربي الأردني: "في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم قام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم واسع في منطقة نهر الأردن من ثلاث أماكن. جسر داميا وجسر سويمة وجسر الملك حسين وقد اشتبكت معها قواتنا بجميع الأسلحة واشتركت الطائرات التابعة للعدو في العملية، ودمر للعدو حتى الآن أربع دبابات وأعداد من الاليات وما زالت المعركة قائمة بين قواتنا وقواته حتى هذه اللحظة."

بدأت معركة الكرامة عند الساعة 5.30 من صباح يوم الخميس 21 مارس 1968، واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على ثلاثة مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جهد القوات المدافعة المقابلة، وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى مرتفعات السلط وعمان والكرك.[4]

مقتربات المعركة

كانت المقتربات كالتالي:

  • 1. مقترب العارضة: ويأتي من جسر الأمير محمد (غور داميا) إلى مثلث المصري إلى طريق العارضة الرئيسي إلى السلط.[5]
  • 2. مقترب وادي شعيب: ويأتي من جسر الملك حسين (اللنبي سابقاً) إلى الشونة الجنوبية، إلى الطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب ثم السلط.[4]
  • 3. مقترب سويمة: ويأتي من جسر الأمير عبد الله إلى غور الرامة إلى ناعور ثم إلى عمان.[6]
  • 4. محور غور الصافي: ويأتي من جنوب البحر الميت إلى غور الصافي إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك.[4]

وقد استخدم الإسرائيليون على كل مقترب من هذه المقتربات مجموعات قتال مكونة من المشاة المنقولة بنصف مجنزرات ودبابات وتساندهم على كل مقترب وحدات من مدفعية الميدان والمدفعية الثقيلة ومع كل مجموعة أسلحتها المساندة من ألـ م د 106ملم والهاون مع إسناد جوي كثيف على كافة المقتربات. مما قد يدل أن معركة الكرامة من المعارك العسكرية المخطط لها بدقة، وذلك نظراً لتوقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة، حيث استخدم الصهاينة كافة أسلحة المناورة على اختلاف أنواعها.[4]

مقتربات القتال

حشد الجيش الإسرائيلي لتلك المعركة اللواء المدرع السابع وهو الذي سبق وأن نفذ عملية الإغارة على قرية السموع عام 1966 واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و 105 ملم، بالإضافة إلى قواته التي كانت في تماس مع القوات الأردنية على امتداد خط وقف إطلاق النار، وسلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة، بالإضافة إلى قوة الهجوم التي استخدمها في غور الصافي، وهي كتيبة دبابات وكتيبة مشاة آلية وسريتا مظليين وكتيبة مدفعية، تم حشد هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات رأس الجسر إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة، حيث كان تقربه ليلاً.

بدأ الجيش الإسرائيلي قصفه المركز على مواقع الإنذار والحماية ثم قام بهجومه الكبير على الجسور الثلاثة عبر مقتربات القتال الرئيسة في وقت واحد حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور وتؤدي إلى الضفة الشرقية وهي طريق جسر داميا (الأمير محمد) وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان وطريق أريحا ثم جسر الملك حسين –الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان ثم جسر الأمير عبد الله (سويمه، ناعور) عمان.

وفي فجر يوم 21 آذار 1968 زمجرت المدافع وانطلقت الأصوات على الأثير عبر الأجهزة اللاسلكية تعلن بدء الهجوم الإسرائيلي عبر النهر على المملكة الأردنية.

بدء المعركة

لم تستطع القوات الإسرائيلية العبور حسب المقتربات المخصصة لها. ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي تكاملت شرقي النهر كانت بحجم فرقة وهي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الهجوم وبعدها لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر بالرغم من محاولتهم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت، ومحاولة بناء جسور حديدية لإدامة زخم الهجوم والمحافظة على زمام المبادرة مما اربك المهاجمين وزاد من حيرتهم وخاصة في ظل شراسة المواقع الدفاعية ومقاومتها الشديدة.

القتال على مقترب جسر الأمير محمد (داميا)

اندفعت القوات العاملة على هذا الجسر تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة فتصدى لها كتائب الجيش الموجودين شرق الجسر مباشرة ودارت معركة عنيفة تمكن الجيش الأردني من تدمير عدد من دبابات الجيش الإسرائيلي وإيقاع الخسائر بين صفوفه وإجباره على التوقف والانتشار.

عندها حاولت القوات المهاجمة إقامة جسرين إضافيين، إلا أنه فشلت بسبب كثافة الهجوم من قبل القوات الأردنية على مواقع العبور، ثم كررت اندفاعها ثانية وتحت ستار من نيران الجو والمدفعية إلا إنه تم افشال الهجوم أيضاً وعند الظهيرة اضطر الجيش الإسرائيلي مجبرا على الانسحاب والتراجع غرب النهر تاركاً العديد من الخسائر بالأرواح والمعدات.

القتال على مقترب جسر الملك حسين

لقد كان الهجوم الرئيسي موجهاً نحو الشونة الجنوبية وكانت قوات الإسرائيليين الرئيسة المخصصة للهجوم مركزة على هذا المحور الذي يمكن التحول منه إلى بلدة الكرامة والرامة والكفرين جنوباً، واستخدم الجيش الإسرائيلي في هذه المعركة لواءين (لواء دروع ولواء آلي) مسندين تساندهما المدفعية والطائرات.

ففي صباح يوم الخميس 21 آذار دفع الجيش الإسرائيلي بوحدة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الجيش الأردني من الجسر، إلا أن قناصي القوات الأردنية تمكنوا من تدمير تلك الوحدة، بعدها قام الجيش الإسرائيلي بقصف شديد ومركز على المواقع ودفع بكتيبة دبابات وسرية محمولة، إلا أن الجيش الإسرائيلي دفع بوحدات أخرى من دروعه ومشاته، وبعد قتال مرير استطاع الجيش الأردني هزيمة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

واستطاع الجيش الإسرائيلي إنزال الدفعة الأولى من المظليين شرقي الكرامة لكن هذه الدفعة فوجئت بالقوات الأردنية التي كانت منتشرة في المنطقة وتكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وتم إفشالها، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إنزال دفعة أخرى تمكنت هذه الأخيرة من الوصول إلى بلدة الكرامة وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة، واشتبكت مع القوات الأردنية المتواجدة هناك في قتال داخل المباني، وفي هذه الأثناء استمر الجيش الإسرائيلي بمحاولاته في الهجوم على بلدة الشونة الجنوبية، وكان الجيش الأردني لهم بالمرصاد يتصدون له في كل مرة، ويوقعوا به المزيد من الخسائر، وعندما اشتدت ضراوة المعركة طلب الجيش الإسرائيلي ولأول مرة وقف إطلاق النار، رفض الملك الحسين بن طلال وقف إطلاق النار، وحاول الجيش الإسرائيلي الانسحاب إلا أن القوات الأردنية تدخلوا في عملية الانسحاب وحولوه إلى انسحاب غير منظم فترك الجيش الإسرائيلي عدداً من الياته وقتلاه في أرض المعركة.

ومن مجريات المعركة في المنطقة أن القوات الغازية اخترقت المحور الشمالي (داميا- عارضة- عباد والمحور الأوسط- جسر الملك حسين الشونة الجنوبية) مما أدى إلى التقاء الجيش الأردني مع الجيش الصهيوني في منطقة الكرامة حيث تصدى له والتحموا بالسلاح الأبيض. " بينما كان المحور الثالث هو محور ناعور سويمة، هذا المحور والذي يحتوي على طريق مؤدية إلى العاصمة عمان حيث استطاع الجيش الأردني صد جيش الجيش الإسرائيلي وعدم السماح له بتجاوز نهر الأردن شرقا حيث قال المحيسن:" لقد قام جيش الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر بمحاولة العبور إلى داخل هذا المحور منذ بدء المعركة حتى التاسعة صباحا ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل ولم يستطع تكرارها، ولو اجتاز الجيش الإسرائيلي هذا المحور لأصبحت مرتفعات ناعور والسلط كمرتفعات هضبة الجولان حاليا".

القتال على مقترب جسر الملك عبد الله

حاول العدو القيام بعملية عبور من هذا المقترب باتجاه (ناعورعمّان) وحشد لهذا الواجب قوات مدرعة إلا أنه فشل ومنذ البداية على هذا المحور ولم تتمكن قواته من عبور النهر بعد أن دمرت وحدات الجيش الأردني معظم معدات التجسير التي حاول الجيش الإسرائيلي استخدامها في عملية العبور.
وفي محاولة يائسة من الإسرائيلين لمعالجة الموقف قام الجيش الإسرائيلي بفصل وحدات من قواته العاملة على مقترب وادي شعيب ودفعها إلى مثلث الرامة شرق الجسر لتحاصرها، إلا أنها وقعت في الحصار وتعرضت إلى هجوم عنيف وشديد من الجيش الأردني أدى إلى تدمير عدد كبير من آلياتها.

ومن مجريات المعركة في المنطقة انه تمكن الجيش الإسرائيلي من دفع كتيبة دبابات من الشونة إلى المفرق طريق الكفرين الرامة سويمة ناعور وشطروا وحدتي إلى شطرين قوات الحجاب الملاصقة لجسر الامير عبد الله وعقدة الدفاع الرئيسية المتمركزة في منخفضي جبال صياغة غربا وجبال العدسية بالتحديد في مصب وادي المحترقة".

مقترب غور الصافي

لقد حاول الإسرائيليون تشتيت جهد القوات الأردنية ما أمكن ، وإرهاب سكان المنطقة وتدمير منشآتها، مما حدا به إلى الهجوم على مقترب غور الصافي بالوية من دباباته ومشاته الآلية، ممهداً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدماً المناشير التي كان يلقيها على السكان يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على القوات الأردنية، إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من قبل الجيش الأردني، وبالتالي أجبرت القوات المهاجمة على الانسحاب.

بيان عسكري رقم خمسة

بيان صادر عن قيادة الجيش العربي الأردني: "ما زال القتال على أشده بين قواتنا وقوات الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة، ويدور القتال الآن بالسلاح الأبيض في منطقة الكرامة، وخسائر الجيش الإسرائيلي في المعدات والأرواح فادحة.."

أن عملية الإنزال التي قامت بها القوات الإسرائيلية شرقي بلدة الكرامة كانت الغاية منها تخفيف الضغط على قواتها التي عبرت شرقي النهر بالإضافة لتدمير بلدة الكرامة، خاصة عندما لم تتمكن من زج أية قوات جديدة عبر الجسور نظرا لتدميرها من قبل سلاح المدفعية الملكي وهذا دليل قاطع على أن الخطط الدفاعية التي خاضت قوات الجيش العربي الأردني معركتها الدفاعية من خلالها كانت محكمة وساهم في نجاحها الإسناد المدفعي الكثيف والدقيق إلى جانب صمود الجنود في المواقع الدفاعية، وفي عمقها كانت عملية الإنزال شرق بلدة الكرامة عملية محدودة، حيث كان قسم من الفدائيين الفلسطينيين يعملون فيها كقاعدة انطلاق للعمل الفدائي أحيانا بناء على رغبة القيادة الأردنية، وبالفعل قام الإسرائيليون بتدمير بلدة الكرامة بعد أن اشتبكوا مع القوات الأردنية وبعض من المقاتلين من الفدائيين الذين بقوا في البلدة والذين يسجل لهم دورهم بأنهم قاوموا واستشهدوا جميعا في بلدة الكرامة.

انسحاب القوات الإسرائيلية

فشل الجيش الإسرائيلي تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المقتربات، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً. لقد صدرت الأوامر الإسرائيلية بالانسحاب حوالي الساعة 15:00 بعد أن رفض الملك حسين الذي أشرف بنفسه على المعركة، وقف إطلاق النار رغم كل الضغوطات الدولية.

لقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات نظراً للصعوبة التي عاناها الإسرائيليون في التراجع.[4]

اتساع جبهة المعركة

أن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تهدف إلى تحقيق هدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبد الله جنوباً.. هذا في الأغوار الوسطى، وفي الجنوب كان هناك هجوم تضليلي على منطقة غور الصافي وغور المزرعة ومن خلال دراسة جبهة المعركة نجد أن الهجوم الإسرائيلي قد خطط على أكثر من مقترب، وهذا يؤكد مدى الحاجة لهذه المقتربات لاستيعاب القوات المهاجمة وبشكل يسمح بإيصال أكبر حجم من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعها وتسليحها وطبيعتها إلى الضفة الشرقية لأحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام المبادرة، بالإضافة إلى ضرورة أحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقا ودعمه للوصول إلى الهدف النهائي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن جبهة المعركة تؤكد أن تعدد المقتربات كانت الغاية منه تشتيت الجهد الدفاعي لمواقع الجيش العربي وتضليلهم عن الهجوم الرئيسي، وهذا يؤكد إن القوات المتواجدة في المواقع الدفاعية كانت قوات منظمة أقامت دفاعها على سلسلة من الخطوط الدفاعية بدءاً من النهر وحتى عمق المنطقة الدفاعية، الأمر الذي لن يجعل اختراقها سهلاً أمام المهاجم، كما كان يتصور، لاسيما وأن المعركة قد جاءت مباشرة بعد حرب عام 1967.

السيطرة على الجسور

لقد لعب سلاحا الدروع والمدفعية الأردني وقناصوا الدروع دوراً كبيراً في معركة الكرامة وعلى طول الجبهة وخاصة في السيطرة على جسور العبور ما منع الجيش الإسرائيلي من دفع أية قوات جديدة لإسناد هجومه الذي بدأه، وذلك نظراً لعدم قدرته على السيطرة على الجسور خلال ساعات المعركة، وقد أدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المهاجمة لعنصر المفاجأة، وبالتالي المبادرة، وساهم بشكل كبير في تخفيف زخم الهجوم وعزل القوات المهاجمة شرقي النهر وبشكل سهل التعامل معها واستيعابها وتدميرها، وقد استمر دور سلاح الدروع والمدفعية الأردني بشكل حاسم طيلة المعركة من خلال حرمان الإسرائيليين من التجسير أو محاولة إعادة البناء على الجسور القديمة وحتى نهاية المعركة.

طلب وقف إطلاق النار

طلبت إسرائيل ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وقف إطلاق النار في الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة، إلا أن الأردن أصر وعلى لسان الملك الحسين قائد الجيش ورغم كل الضغوطات الدولية عليه:"عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جنديا إسرائيليا واحدا شرقي النهر"

خسائر الطرفين

خسائر القوات الإسرائيلية: قتل من الأسرائليين 250 جنديا وجرح 450 في اقل من 18 ساعة.[بحاجة لمصدر]

  • (ج)تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة.[بحاجة لمصدر]

وقد عرض الأردن معظم هذه الخسائر الإسرائيلية أمام الملأ في الساحة الهاشمية .

خسائر القوات المسلحة الأردنية:

  • (أ) عدد الشهداء 86 جندياً.[7][8]
  • (ب) عدد الجرحى 108 جريحاً.
  • (جـ) تدمير 13 دبابة.
  • (د) تدمير 39 آلية مختلفة

القوات المسلحة الأردنية عدد الشهداء 78شهيد وعدد الجرحى 108 جرحى. الفدائيين الفلسطينيين عدد الشهداء 95 و عدد الجرحى حوالي 200 جريح.

نتائج المعركة

انتهت المعركة وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من الأهداف التي قام بهذه العملية العسكرية من أجلها وعلى جميع المقتربات وأثبت العسكري الأردني قدرته على تجاوز الأزمات السياسية، وقدرته على الثبات وإبقاء روح قتالية عالية وتصميم وإرادة على تحقيق النصر. وقد أثبتت الوثائق التي تركها القادة الإسرائيليين في ساحة القتال أن هذه العملية تهدف إلى احتلال المرتفعات الشرقية لوادي الأردن وأنه تمت دعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء فيها.

الإعداد المعنوي: جسدت هذه المعركة أهمية الإعداد المعنوي للجيش، فمعنويات الجيش العربي كانت في أوجها، خصوصاً وأن جميع أفراده كانوا تواقين لمسح سمة الهزيمة في حرب 1967 التي لم تسنح لكثيرين منهم فرصة القتال فيها.

الاستخبارات العسكرية: أبرزت المعركة حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد لدى الجيش العربي. مثلما أبرزت أهمية الاستخبارات إذ لم ينجح الإسرائيليون تحقيق عنصر المفاجأة، نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية والتي كانت تراقب الموقف عن كثب وتبعث بالتقارير لذوي الاختصاص أولا بأول حيث توقعوا الاعتداء الإسرائيلي وحجمه مما أعطى فرصة للاستعدد الصحيح.

الغطاء الجوي: برزت أهمية الاستخدام الصحيح للأرض حيث أجاد جنود الجيش العربي الأردني الاستخدام الجيد لطبيعة المنطقة وحسب السلاح الذي يجب أن يستخدم وإمكانية التحصين والتستر الجيدين، بعكس الجيش الإسرائيلي الذي هاجم بشكل كثيف دون معرفة بطبيعة المنطقة معتمدا على غطائه الجوي. كما أن التخطيط السليم والتنسيق التام بين جميع وحدات الجيش وأسلحته المختلفة والالتحام المباشر عطلا تماما ميزة الغطاء الجوي الإسرائيلي.

رسالة القائد الأعلى

رسالة القائد الأعلى الملك الحسين بن طلال إلى كافة منتسبي القوات المسلحة بعد المعركة

"لقد مثلت معركة الكرامة بأبعادها المختلفة منعطفاً هاماً في حياتنا ذلك أنها هزت بعنف أسطورة القوات الإسرائيلية كل ذلك بفضل إيمانكم وبفضل ما قمتم به من جهد وما حققتم من تنظيم حيث أعدتم إحكام حقوقكم واجدتم استخدام السلاح الذي وضع في أيديكم وطبقتم الجديد من الأساليب والحديث من الخطط وإنني لعلى يقين بأن هذا البلد سيبقى منطلقاً للتحرير ودرعاً للصمود وموئلاً للنضال والمناضلين يحمى بسواعدهم ويذاد عنه بأرواحهم وإلى النصر في يوم الكرامة الكبرى والله معكم".

بعض ردود الفعل

  • 1. قالت صحيفة نيوزويك الأمريكية بعد معركة الكرامة: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".
  • 2. قال حاييم بارليف رئيس الاركان الإسرائيلي في حديث له ان إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران.
  • 3. قال حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 " إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة.
  • 4. قال عضو الكنيست الإسرائيلي (شلومو جروسك) لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا، وقال عضو الكنيست (توفيق طوني) لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الايام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي.
  • 5. طالب عضو الكنيست (شموئيل تامير) بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأرض الأردنية، لأن عدد الضحايا أكثر نسبياً في القوات الإسرائيلية.
  • 6. وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
  • 7. قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية.
  • 8. قال الفريق مشهور حديثة الجازي: وهنا أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار: كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة.[9]

ذكرى الكرامة

يحتفل الأردن في 21 آذار من كل عام بذكرى معركة الكرامة، وذلك ضمن عدة فعاليات على جميع المستويات الشعبية والعسكرية والسياسية.[10] في عام 2008 صدر عن مديرية التوجية المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية ديوان شعر باسم ديوان الكرامة بمناسبة الذكرى الاربعين لمعركة الكرامة، واحتوى الديوان المكون من 128 صفحة من القطع المتوسط على 40 قصيدة.[11]

مواقع ذات صلة

معرض صور

انظر أيضًا

  • نصب الجندي المجهول (الكرامة)

مصادر

  1. 2015، تاريخ الوصول 21 مارس 2015. الكرامة نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  2. Jordan History نسخة محفوظة 12 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. حوار مشهور حديثة الجازي مع جريدة المجرر الفرنسية "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 11 أكتوبر 2008. اطلع عليه بتاريخ 15 فبراير 2009. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  4. نسخة محفوظة 27 مارس 2008 على موقع واي باك مشين.
  5. اليوم
  6. اليوم
  7. قائمة بأسماء شهداء الكرامة من القوات الأردنية "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 3 يوليو 2009. اطلع عليه بتاريخ 25 مارس 2008. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  8. شهداء معركة الكرامةنسخة محفوظة 10 فبراير 2010 على موقع واي باك مشين.
  9. مشهور حديثه يتذكر هكذا حدثت معركة الكرامة [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 10 ديسمبر 2008 على موقع واي باك مشين.
  10. وكالة الأنباء الأردنية - بترا [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 5 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  11. جريدة الغد نسخة محفوظة 12 يناير 2009 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة الحرب
    • بوابة عقد 1960
    • بوابة إسرائيل
    • بوابة الأردن
    • بوابة فلسطين
    • بوابة الصراع العربي الإسرائيلي
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.