معركة أرسوف
دارت معركة أرسوف في 7 سبتمبر 1191، زمن الحملة الصليبية الثالثة بين صلاح الدين الايوبى وريتشارد قلب الأسد. هزم فيها جيش صلاح الدين الايوبى التي لولا صلابته لحدثت كارثة لاتحمد عقباها. في يوم 22 أغسطس 1191، خرج ريتشارد بجيش من عكا متجها إلى عسقلان، وخرجت قوات صلاح الدين من خلفهم ترميهم بالنبال وتهاجمهم بالسيوف. وقد أمر صلاح الدين بقتل أى صليبي يؤسر كانتقام لمذبحة عكا وقتلهم للأسرى. فدخل الصليبيين حيفا وبقوا فيها، أما صلاح الدين فقد فضل البقاء في القيمون إلى أن عرف ان الصليبيين خرجوا من حيفا بجنودهم وفرسانهم، ومشوا بجانب الساحل وسفنهم في البحر تحاذيهم، فخرج ورائهم، وحدثت بعض المناوشات. ولما وصل صلاح الدين قريه اسمها دير الراهب بجوار أرسوف، أرسل ريتشارد يطلب مقابلة الملك العادل، فلما التقيا قال له: " لقد حاربنا بعضنا البعض مدة طويلة، وقد جئنا هنا لكي ننصر أهل الساحل، فلو تصالحتم معهم فستنتهي جميع العداوات التي بيننا". فلما سأله العادل وماذا تشترطون لنتصالح؟ رد عليه ريتشارد قائلا: " نشترط أن يستعيد أهل الساحل المدن التي أخذتموها منهم "، فانتهت المقابلة ومشى العادل غاضباً.[1]
معركة أرسوف | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من الحملة الصليبية الثالثة | |||||||
معركة أرسوف كما يصورها الغرب | |||||||
معلومات عامة | |||||||
| |||||||
المتحاربون | |||||||
الأيوبيون | الصليبيون فرسان المعبد الإسبتارية | ||||||
القادة | |||||||
صلاح الدين | ريتشارد الأول | ||||||
القوة | |||||||
30,000 مشاة 15,000 مشاة ثقيل 8,000 فارس |
22,000 مشاة 15،000 مشاة ثقيل 4،500 فارس | ||||||
الخسائر | |||||||
7,000 من ضمنهم 32 أمير | ~ 700 قتيل | ||||||
يوم 30 أغسطس بقى جيش صلاح الدين قريباً جداً من جيش ريتشارد وحصلت بعض من معارك الكر والفر، وتعرض الفرنسيون لهجمات قوية كانت ستقضي عليهم لانهم كانوا في مؤخرة الجيش الصليبي. وبعد ذلك بأيام قليلة اختار صلاح الدين أرض المعركة في شمال أرسوف في منطقه مفتوحة تسمح بمناورات الفرسان. يوم 7 سبتمبر اصطف الصليبيين الذين كان من ضمنهم قوات هنرى اوف شامبين، وقوات الملك جاى وفرسان المعبد، والإسبتارية، والفلامنكيين وغيرهم.[2]
المعركة
بدأ سلاح فرسان صلاح الدين في الهجوم وهاجموا بخفة وأخذوا يطلقون السهام ثم يتراجعون بسرعة وفي كل مرة يقتربون أكثر وكالبرق كانت سرعة خيولهم وارتفع غبار كثيف. أجل الملك ريتشارد هجومه واعطى اوامره للمشاة ان يصدوا المسلمين وانتظر حتي تُجهد خيول جيش المسلمين واستمر الامر حتي منتصف النهار والحقت السهام خسائر فادحة بخيول الإسبتارية.
ولم يستطيع قادة الاسبتارية ان ينتظروا أكثر فهتفوا باسم القديس جرجس وهاجموا. وادرك ريتشارد انه لن يستطيع كبح جماحهم فاندفع بحصانه وتبعه فرقته لدعم الاسبتارية ضد ميمنة المسلمين واندفع الداوية ضد ميسرة صلاح الدين وفوجيء المسلمين بالهجوم وتراجعوا بعد خسائر كبيرة وحارب قلب الاسد بشجاعة.--> لكن صلاح الدين تماسك وجمعه، وأمر بحماية معسكره وقام بهجوم جديد على الصليبيين لكنه فشل في التحكم في المعركة، وكان جيش الصليبيين منتصراً. انهزم جيش صلاح الدين ولولا حماسة صلاح الدين الشخصية وصلابته لكان جيشه قد انهزم هزيمة فادحة. مع ذلك النصر الذي حققه الصليبيون ما لم يكن حاسماً، ولم يقتل من كلا الجيشين عساكر كثيرون أو أمراء مهيمنين. أراد صلاح الدين أن يدخل معركة جديدة، لكن ريتشارد لم يرد ذلك لانه كان يعلم أنه ليس بالقوة التي تسمح له بدخول معارك متتابعة، فأكتفى بنصره المعنوى في أرسوف. وهذه المعركة كانت أول معركه مفتوحه بين جيش صلاح الدين والصليبيين بعد معركة حطين.[3][4] فرق شاسع بين معركة أرسوف هذه ومعركة أرسوف التي قادها القائد المحنك الظاهر بيبرس التي اباد فيها الصليبيين سنة 1265.
صلاح الدين ذهب بجيشه إلى الرمله وانتظر هناك كي يرى ماذا سيفعل ريتشارد. ذهب الصليبيون إلى يافا وحصنوها، وبدأ ريتشارد يستعد للوصول إلى القدس. وهنا، يقول المؤرخون إن ريتشارد قام بخطأ هو الآخر لأنه انتظر مدة في يافا فلو أنه خرج من أرسوف إلى القدس فوراً لكان من الممكن أن يحصل عليها، لكن ريتشارد كان يعلم ان صلاح الدين قد انهزم، لكن جيشه كان موجوداً، ولو ذهب إلى القدس فوراً لكان جيش صلاح الدين بإمكانه أن يعزله عن الساحل، وبالتالى عن الإمدادات من البحر، فكان لابد من يقوم بعمل قاعدة قويه في يافا قبل أن يغامر ويتوغل في البر. لكن تأخره في يافا أعطى فرصة لصلاح الدين بأن يقوم بعمل تحصينات ودفاعات متينة حول القدس.[5]
ومن ناحيته خاف صلاح الدين من أن يذهب ريتشارد إلى عسقلان ويقوم ببناء قاعدة ثانية هناك، فيقطع الطريق بينه وبين مصر مصدر قوته وعسكر جيشه وترسانته، فسبقه إلى هناك ودمرها وجعلها غير صالحة للاستعمال كقاعدة عسكرية. ريتشارد بدأ يواجه مصاعب، عساكر من الجيش الصليبى بدأوا بالتسلل والهروب إلى عكا، وفوق ذلك بدأ ريتشارد يالقلق من كونراد في صور ومن رجوع فيليب إلى فرنسا، ومن أخبار التمردات التي تحصل في قبرص. ولكي ينتهي من قبرص باعها لفرسان المعبد، وابتدأ يتجهيز للتفاوض مع صلاح الدين.[6]
فهرست وملحوظات
- ابن واصل، 2/367
- Runciman p.55/3
- الشيال، 2/70
- Runciman p.55-57/3
- Runciman p.57-58/3
- Runciman p.58/3
المصادر والمراجع
- ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور (6 أجزاء)، تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
- أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدواداري : كنز الدرر وجامع الغرر (9 اجزاء)، مصادر تأريخ مصر الإسلامية ،المعهد الألماني للآثار الإسلامية، القاهرة 1971.
- ابن تغري: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب والوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة 2005
- ابن كثير : البداية والنهاية (14 جزء)، دار صادر، بيروت 2005
- ابن واصل مفرج القلوب في أخبار بني أيوب (4 أجزاء)، دار الفكر العربي، القاهرة.
- جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي): تاريخ مصر الإسلامية (جزئين)، دار المعارف، القاهرة 1966.
- القلقشندي : صبح الأعشى|صبح الأعشى في صناعة الإنشا (15 جزء)، دار الفكر، بيروت.
- المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك (8 أجزاء)، دار الكتب، القاهرة 1996.
- أمين معلوف، الحروب الصليبية كما رآها العرب، Schocken books Inc, new York 1984
- (ستيفين رونسيمان) Runciman, Steven, A history of the Crusades (3 parts). Penguin Books, 1987
- (أرنولد توينبي) Toynbee, Arnold J., Mankind and mother earth, Oxford university press 1976
- بوابة الحرب
- بوابة مملكة فرنسا