مصادر التشريع المسيحي

تعتمد الكنائس التقليدية المسيحية الستة وهي: الكاثوليكية، الأرثوذكسية الشرقية، الأرثوذكسية المشرقية، والنسطورية، على التقليد وكتابات آباء الكنيسة والمجامع إلى جانب الكتاب المقدس في التشريع.[1][2] لا تعتبر الكنائس البروتستانتية من ضمن الكنائس التَّقليدية، ذلك لتمسكها بالكتاب المقدس وحده ورفضها للسلطة التراتبية والأسرار السبعة؛ ويعتبر الكتاب المُقدَّس وحده هو مصدر السُّلطان التَّشريعي.[3]

قانون الإيمان أو كما يُسمَّى بقانون الإيمان المسيحي باللغة اليونانيّة، وهو نص عبارة عن صياغة أدبية للعقائد المسيحية.

بشكل عام تعتبر الكنيسة الكاثوليكية الأكثر تطويرًا للعقائد المسيحية من خلال دراسة خلفية النص بدلاً من حرفيته، على عكس بعض الكنائس البروتستانتية التي تنحو نحو التفسير الحرفي للكتاب المقدس بفرض سلسة من الشرائع كالقيود على الطعام وختان الذكور الذي تفرضه أيضًا كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية.[4]

المصادر

الشريعة المسيحية أو القوانين الكنسيّة هي مجموعة القوانين المستندة من الكتاب المقدس والمجامع المسكونية السبعة وقوانين الرسل، وكتابات وتعاليم آباء الكنيسة واجتهادات علماء الدين المسيحي، والتي تحدد علاقة الإنسان بالله وبالناس وبالمجتمع والكون. وتحدد ما يجوز فعله وما لا يجوز. تُقسم مصادر التشريع المسيحي في الكنائس التقليديّة إلى خمسة أقسام رئيسية هي:

الكتاب المقدس

نسخة غوتنبرغ من الكتاب المقدس، وهو أول كتاب مطبوع في العالم الغربي.[5]

الكتاب المقدس هو المصدر الرئيسي والأهم في التشريع المسيحي. وينقسم الكتاب المقدس لدى المسيحيين إلى قسمين متمايزين هما العهد القديم والعهد الجديد. ويتكون العهد القديم من من ستة وأربعين كتابًا يطلق عليها اسم أسفار، وقد قسّمت أسفار العهد القديم حسب التقليد المسيحي إلى أربعة أقسام وفروع أولها التوراة التي تؤلف أسفار موسى الخمسة، ثم الأسفار التاريخية وأسفار الأنبياء و الحكمة؛ أما العهد الجديد فيحتوي على سبعة وعشرين سفرًا وهي الأناجيل القانونية الأربعة بالإضافة إلى أعمال الرسل وأربعة عشر رسالة لبولس وسبع رسائل لرسل وتلاميذ آخرين وسفر الرؤيا.[6] ومواضيع الأسفار مختلفة، فإن اعتبر سفر التكوين قصصيًا بالأولى، فإن سفر اللاويين تشريعيًا بالأحرى، أما المزامير فسفرٌ تسبيحي، ودانيال رؤيوي.

قوانين الرسل

قوانين الرسل هي قوانين الديدسكاليا والديداخي. يعد الكتاب المصدر التشريعي المسيحي الثاني بعد الكتاب المقدس في الكنائس التقليدية ويضم تعاليم وأقوال وقوانين الرسل.[7] ويُعالج الكتاب كثيرًا من نواحي الحياة المسيحية، وسيمّا حياة الأسرة المسيحية والزاوج. ويعالج في إسهاب واجبات الأسقف، وموضوع التأديبات الكنسيَّة، والعبادة الليتورجيَّة، وكذلك موضوع الأرامل والشماسات.[8] وتحوي الديداخي على دروس مسيحية وشعائر دينية مثل التعميد وتنظيم الكنيسة.[9]

المجامع

المجامع هي المصدر الثالث من مصادر التَّقليد والتشريع المسيحي، ويُقصد بالمجامع اجتماع آباء الكنيسة لتقرير مسألة خاصَّة بالدِّيانة المسيحية. وقد تأخذ طابع محلي أو مسكوني. تتفق الكنائس المسيحية التقليدية على المجامع المسكونية السبعة؛ وهي مجامع عالمية التي إجتمع فيها آباء الكنيسة من كلّ البلاد،[10]

وفي نهاية المجامع المسكونية، كان يتمّ وضع قوانين إيمان، وقوانين مجامع. قوانين الإيمان عبارة عن صياغة أدبية للعقائد المسيحية، أمّا قوانين المجامع فهي عبارة عن حُلُول لبعض الإشكاليات الفقهية المسيحية التي تمّ مُناقشتها أيضاً في المجامع المسكونية.[11]

تعاليم آباء الكنيسة

كتب موسوعة آباء نقية وما بعدها.

الآباء يُقصد بهم الذين ألَّفوا كتب ومؤلفات في شرح العقائد المسيحية لنشرها، ودافعوا عنها ضدّ الذين طعنوا فيها، تم جمع مؤلفات آباء الكنيسة في موسوعتين وهما موسوعة آباء ما قبل نقية وموسوعة آباء نقية وما بعدها، ويعتبر العمل مُصنَّف مسيحي فقهي يحتوي على سائر القواعد الدينية التقليدية للسلوك فضلاً عن شرح مفصل عن العقيدة والتعاليم المسيحية.[12]

تضم الموسوعة الأعمال اللاهوتية المتعلقة بالعقيدة المسيحية، والفلسفة المسيحية، والتشريعات الدينية، والقُدَّاسات، والطُّقُوس الدينية وطرق العبادة، والأحكام المعتمدة من الكتاب المقدس والتي تنظم علاقة الفرد بربه، والأحكام التي تنظم الزواج والطلاق وحقوق الأولاد والميراث والوصية، والأحكام التي تنظم علاقة الدولة بالأفراد أو بالدول الأخرى والعلاقات التي تنظم علاقة الفرد بأخيه الفرد.

تضم الموسوعة مؤلفات آباء الكنيسة من العصور المسيحية المبكرة أمثال القديس جاستن، وإيرينيئوس، وإغناطيوس، وبوليكاربوس، وثاوفيلوس، وأثيناغوارس، وإكليمندس الإسكندري، وترتليان، وأوريجانوس، وهيبوليتوس الرومي، وقبريانوس القرطاجي، وديونيسيوس، ويوليوس أفريكانوس، وأوغسطينوس، ويوحنا فم الذهب، ويوسابيوس القيصري، وثيودوريطس، وجيروم، وأثناسيوس الأول، وغريغوريوس النزينزي، وغريغوريوس أسقف نيصص، وباسيليوس قيصرية، ويوحنا الدمشقي، وأمبروز، وليون الأول، وغريغوري الأول، وأفرام السرياني، وأفراهاط وغيرهم. تضم أيضًا أسفار وأعمال مثل شهادات الآباء الاثني عشر، ورسالة برنابا، وإنجيل توما، والكتابات الكليمنتية، وسفر راعي هرمس وأعمال بوليكسينا وريبيكا وغيرها من الأسفار.

التقاليد المسيحية

التقاليد المسيحية هي عبارة عن مجموعة من التقاليد والممارسات أو المعتقدات المرتبطة بالمسيحية أو جماعات مع المسيحية. هذه المعتقدات لديها أكثر أو أقل سلطة وذلك استنادًا إلى طبيعة الممارسات أو المعتقدات على الجماعة. العديد من الكنائس لديها عادات وممارسات تقليدية مختلفة، مثل أنماط معينة من العبادة أو الطقوس، والتي وضعت على مر الزمن. تطورت طرق عبادة بناءً على التقاليد المسيحية منها الليتورجيا والمسبحة الوردية ودرب الصليب.[13]

تشمل التقاليد أيضًا تدريس تعاليم تاريخية حيث تعترف بها السلطات الكنسيّة، مثل تعاليم المجامع الكنيسة ومؤلفات المسؤولين الكنسيين (على سبيل المثال، البابا، بطريرك القسطنطينية، رئيس اساقفة كانتربري الخ)، ويشمل تدريس الأفراد مثل تعاليم آباء الكنيسة، والمصلحون البروتستانت، ويشمل تدريس كتابات علماء الدين المسيحي مثل تعاليم آباء الكنيسة، والمصلحون البروتستانت، وكتاب الوفاق وكتابات مؤسسي الحركات المسيحية مثل مارتن لوثر وجان كالفن جون ويسلي.

المراجع

  1. ما هي الاختلافات الجوهرية بين الطوائف المسيحية؟ نسخة محفوظة 26 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. الفروق العقيدية بين الطوائف المسيحية نسخة محفوظة 01 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  3. الأبنا تكلا هيامونت نسخة محفوظة 10 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. عادةً ختان الذكور في الكنائس القبطيّة والكنائس الأخرى:
    • تحتفظ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية - وهي من أقدم أشكال المسيحية المبكرة - على العديد من المميزات التي تعود إلى عصور المسيحية المبكرة، بما في ذلك ختان الذكور.
    • "رغم أن شريعة الختان في المسيحية قد أسقطت في العهد الجديد أي أغلب الكنائس لا تلزم أتباعها بها ولا تمنعهم. بعض الكنائس المسيحية في جنوب أفريقيا تعارض هذه الممارسة، وتنظر إليها على أنها طقوس وثنية، في حين أن طوائف مسيحية أخرى، بما في ذلك الكنيسة في كينيا، تلزم أعضائها في الختان كطقس للعضوية؛ منها الكنائس البروتستانتية في كينيا، وزامبيا وملاوي تلزم في طقس الختان بسبب ذكر الختان في الكتاب المقدس وبسبب ختان يسوع."
    • "أسقطت شريعة الختان في المسيحية في المجمع الأول في أورشليم في حوالي العام 50 كما ذكر في الكتاب المقدس في سفر أعمال الرسل 15/ 23-30، الأ أن الكنائس الأرثوذكسية المشرقية مثل كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية تفرض شريعة الختان على الذكور وتعطيه بُعد ديني".(بالإنجليزية) "circumcision"، موسوعة كولومبيا ، الطبعة السادسة، 2001-05. نسخة محفوظة 12 ديسمبر 2008 على موقع واي باك مشين.
  5. Davies, Martin (1996). The Gutenberg Bible. British Library. ISBN 0-7123-0492-4. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. مدخل إلى العهد الجديد، العهد الجديد، لجنة من اللاهوتيين، دار المشرق، الطبعة السادسة عشر، بيروت 1988، بإذن الخور أسقف بولس باسيم، النائب الرسولي للاتين في لبنان، ص.17
  7. ديدسكاليا نسخة محفوظة 11 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  8. Johnson, Lawrence J. (2009). Worship in the Early Church: An Anthology of Historical Sources. Vol 1. Liturgical Press. صفحة 224. ISBN 978-0-8146-6197-0. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. الديداخي نسخة محفوظة 18 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  10. أنظر تاريخ الحضارة المجلد الثالث، الكتاب الخامس، الباب الثامن والعشرون، الفصل الثاني. نسخة محفوظة 17 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  11. الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.111
  12. الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.116
  13. Catechism of the Catholic Church, 83 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.

    انظر أيضًا

    • بوابة القانون
    • بوابة المسيحية
    • بوابة الأديان
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.