مرصد الموجات الثقالية

مرصد الموجة الثقالية (أو كاشف الموجة الثقالية) هو أي جهاز مصمم لقياس الأمواج الثقالية، وهى تشوهات أو تموجات صغيرة في الزمكان تنتشر على شكل أمواج، تنبأت بوجودها نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين لأول مرة في عام 1916. .[1][2][3][4][5] الأمواج الثقالية هي اضطراب في تقوس الزمكان النظري ناجم عن الكتل المتسارعة. وجود الإشعاع الثقالي هو تنبؤ دقيق للنسبية العامة، ولكن هو أيضا سمة من سمات جميع نظريات الجاذبية التي تمثل النسبية الخاصة.[6]

رسم بياني تخطيطي لمقياس تداخل ليزري .

منذ الستينيات، تم بناء أجهزة الكشف عن الأمواج الثقالية وحسنت باستمرار. وقد وصل إجمالي الجيل الحالي من الهوائيات المرنانة (Resonant antennas) وقياس التداخل الليزري إلى الحساسية اللازمة للكشف عن الأمواج الثقالية من مصادر درب التبانة. وتعد مراصد الأمواج الثقالية الأداة الرئيسية لعلم فلك الموجات الثقالية.

ولقد قدمت عدد من التجارب أدلة غير مباشرة، لا سيما مراقبة النبضات الثنائية،وفي فبراير 2016، أعلن فريق مرصد الليزر المتطور لقياس تداخل الموجات الثقالية (ليغو) عن اكتشاف الأمواج الثقالية من اندماج زوج من الثقوب السوداء.[7][8][9]

التعقيدات

الكشف المباشر عن الموجات الثقالية معقد بسبب التأثير الصغير للغاية للأمواج على الكواشف. ينخفض اتساع الموجة الكروية بشكل يتناسب مع معكوس المسافة من المصدر. وهكذا، حتى بالنسبة للموجات الناجمة عن الأحداث المتطرفة، مثل اندماج الثقوب السوداء الثنائية، سيخفت اتساعها حتى يصبح صغيرًا جدًا عند وصول الموجات إلى الأرض. تنبأ علماء الفيزياء الفلكية بأن بعض الموجات الثقالية التي تمر عبر الأرض قد تنتج حركة تفاضلية في حدود 10^-18 متر في جهاز بحجم كاشف «ليغو».[10]

الهوائيات الكتلية الرنانة

يُطلق على الجهاز البسيط المُخصص للكشف عن حركة الموجات المتوقعة اسم الهوائي الكتلي الرنان –وهو جسم صلب كبير من المعدن معزول عن الاهتزازات الخارجية. كان هذا النوع من الأدوات أول أجهزة كشف الموجات الثقالية. تثير الإجهادات في الفضاء الناتجة عن الموجات الثقالية هيكل الكاشف، ثم يمكن تضخيمها إلى مستويات يمكن كشفها. يمكن لمستعر أعظم قريب أن يكون قويًا بما يكفي لرصده دون تضخيم رنيني. مع ذلك، حتى عام 2018، لم يُجرَ أي رصد لموجات ثقالية قُبل على نطاق واسع من قبل المجتمع العلمي باستخدام أي نوع من أنواع الهوائيات الكتلية الرنانة، على الرغم من ادعاء بعض الباحثين نجاحهم برصد الموجات الثقالية باستخدام تلك الهوائيات.[11]

توجد ثلاثة أنواع من الهوائيات الكتلية الرنانة: الهوائيات الشريطة في درجة حرارة الغرفة، والهوائيات الشريطية المُبردة تبريدًا عميقًا والهوائيات الكروية المُبردة تبريدًا عميقًا.[12]

كان النوع الأقدم هوائيًا من الهوائيات الشريطة في درجة حرارة الغرفة يسمى شريط «ويبر». كان هذا النوع من الكاشفات سائدًا في ستينات وسبعينات القرن العشرين وبُني العديد منها حول العالم. ادعى «ويبر» وآخرون في أواخر الستينات وأوائل السبعينات أن هذه الأجهزة رصدت بنجاح الموجات الثقالية. مع ذلك، فشل العلماء الآخرون بإعادة التجربة للكشف عن الموجات الثقالية باستخدام هذه الأجهزة؛ وبالتالي فقد أجمع العلماء على عدم قدرة أشرطة ويبر على اكتشاف الموجات الثقالية.

الجيل الثاني من الهوائيات الكتلية الرنانة، التي طُورت في الثمانينات والتسعينات، هوائيات الأشرطة المُبردة تبريدًا عميقًا التي تسمى أيضًا أشرطة ويبر في بعض الأحيان. في التسعينات، كانت هناك خمسة منها: «أوريجا» (بادوفا، إيطاليا)، و«ناوتلوس» (روما، إيطاليا)، و«إكسبلورر» (سيرن، سويسرا)، و«أليجرو» (لويزيانا، الولايات المتحدة)، و«نيوبي» (بيرث، أستراليا). في عام 1997، شكلت هذه الهوائيات الخمسة، التي تديرها أربع مجموعات بحثية، التعاون الدولي لأحداث الموجات الثقالية (آي جي إي سي). على مر السنين، ظهرت العديد من ادعاءات كشف الموجات الثقالية من قبل العلماء باستخدام الهوائيات المُبردة تبريدًا عميقًا، لكن لم يُقبل أي منها من قبل المجتمع العلمي الأوسع.

في ثمانينات القرن العشرين، كان هناك أيضا هوائي شريطي مبرد تبريدًا عميقًا يسمى «ألتايير»، الذي بُني مع هوائي شريطي في درجة حرارة الغرفة يسمى «جيوجراف» في إيطاليا كنموذج أولي للهوائيات الشريطية اللاحقة. ادعى مشغلوا كاشف جيوجراف أنهم كشفوا موجات ثقالية قادمة من مستعر أعظم يُسمى «إس إن 1987 إيه» (جنبًا إلى جنب مع كاشف آخر من نفس النوع)، ولكن رُفضت هذه الادعاءات أيضًا من قبل المجتمع العلمي الأوسع.[12]

تعمل هذه الأشكال الحديثة من أجهزة ويبر الشريطية المُبردة تبريدًا عميقًا بالاستعانة بأجهزة تداخل كموي فائقة التوصيل لكشف الاهتزازات (كجهاز أليجرو، على سبيل المثال). بعضها ما زال قيد التشغيل، مثل أوريجا، وهو كاشف شريطي اسطواني رنان مبرد تبريدًا عميقًا يقع في  المعهد الوطني للفيزياء النووية في إيطاليا. تعاون فريقي أوريجا وليجو لإجراء عمليات رصد مشتركة.

يتفق العلماء حاليًا على أن أشرطة ويبر الحالية المُبردة تبريدًا عميقًا ليست حساسة بما يكفي للكشف عن أي شيء سوى الموجات الثقالية القوية للغاية. اعتبارًا من عام 2018، لم يُكشف عن موجات ثقالية باستخدام هذه الأجهزة.

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ظهر الجيل الثالث من الهوائيات الكتلية الرنانة ـالهوائي الكروي المبرد تبريدًا عميقًا. اقتُرح بناء أربع هوائيات كروية نحو عام 2000 وقد بُني اثنين منها كنسخ مصغرة (في حين أٌلغي بناء الهوائيين الآخرين). كانت الهوائيات المقترحة هي «جرايل» (هولندا، أصبح يُعرف باسم «ميني جرايل» بعدما جرى تصغيره)، و«تيجا» (الولايات المتحدة، نماذج أولية صغيرة)، و«سفيرا» (إيطاليا)، و«جرافيتون» (البرازيل، أصبح يُعرف باسم «ماريو شنبيرج» بعدما جرى تصغيره).

يوجد حاليًا هوائيان كرويان مبردان تبريدًا عميقًا لكشف الموجات الثقالية، ميني جرايل وماريو شنبيرج. بُني هذان الهوائيان في الواقع بفضل جهد تعاوني، ويتمتعان بالكثير من القواسم المشتركة.

يقع ميني جرايل في جامعة «ليدن»، ويتكون من كرة مصنوعة بدقة بكتلة 1150 كيلوجرام (2540 باوند) مُبردة تبريدًا عميقًا إلى درجة حرارة 20 ملي كلفن (273.1300 درجة مئوية تحت الصفر؛ 459.6340 درجة فهرنهايت تحت الصفر). يتيح التكوين الكروي إجراء قياسات بحساسية متساوية في جميع الاتجاهات، وهو أبسط إلى حد ما من الناحية التجريبية من الأجهزة الخطية الأكبر حجمًا التي تتطلب فراغًا عالي المستوى. تُكشف الأحداث عن طريق قياس التشوهات في كرة الكاشف. يتمتع كاشف ميني جرايل بحساسية كبيرة في نطاق 2-4 كيلوهرتز، وهو مناسب للكشف عن الموجات الثقالية الناتجة عن أحداث النجوم النيوترونية غير المستقرة أو اندماجات الثقوب السوداء الصغيرة.[13]

يقع هوائي ماريو شنبيرج في ساو باولو، البرازيل.

أجهزة كشف الأمواج الثقالية العاملة والمخطط لها

مراجع

  1. Einstein, A (June 1916). "Näherungsweise Integration der Feldgleichungen der Gravitation". الأكاديمية البروسية للعلوم. part 1: 688–696. مؤرشف من الأصل في 22 مايو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة) نسخة محفوظة 21 مارس 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. Einstein, A (1918). "Über Gravitationswellen". Sitzungsberichte der Königlich Preussischen Akademie der Wissenschaften Berlin. part 1: 154–167. مؤرشف من الأصل في 22 مايو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Finley, Dave. "Einstein's gravity theory passes toughest test yet: Bizarre binary star system pushes study of relativity to new limits". Phys.Org. مؤرشف من الأصل في 23 سبتمبر 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  4. The Detection of Gravitational Waves using LIGO, B. Barish نسخة محفوظة 03 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  5. Clark, Stuart (17 March 2014). "What are gravitational waves?". الغارديان. مؤرشف من الأصل في 10 يوليو 2017. اطلع عليه بتاريخ 26 سبتمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Schutz, Bernard F. (1984). "Gravitational waves on the back of an envelope". American Journal of Physics. 52 (5): 412. Bibcode:1984AmJPh..52..412S. doi:10.1119/1.13627. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Castelvecchi, Davide; Witze, Witze (February 11, 2016). "Einstein's gravitational waves found at last". Nature News. doi:10.1038/nature.2016.19361. مؤرشف من الأصل في 09 سبتمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. B. P. Abbott (LIGO Scientific Collaboration and Virgo Collaboration) et al. (2016). "Observation of Gravitational Waves from a Binary Black Hole Merger". Physical Review Letters. 116 (6): 061102. arXiv:1602.03837. Bibcode:2016PhRvL.116f1102A. doi:10.1103/PhysRevLett.116.061102. PMID 26918975. مؤرشف من الأصل في 25 أكتوبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  9. "Gravitational waves detected 100 years after Einstein's prediction | NSF - National Science Foundation". www.nsf.gov. مؤرشف من الأصل في 27 يوليو 2018. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  10. Whitcomb, S.E., "Precision Laser Interferometry in the LIGO Project", Proceedings of the International Symposium on Modern Problems in Laser Physics, 27 August – 3 September 1995, Novosibirsk, LIGO Publication P950007-01-R, مؤرشف من الأصل في 10 أكتوبر 2017, اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020 الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); الوسيط |separator= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)CS1 maint: ref=harv (link)
  11. For a review of early experiments using Weber bars, see Levine, J. (April 2004). "Early Gravity-Wave Detection Experiments, 1960-1975". Physics in Perspective. 6 (1): 42–75. Bibcode:2004PhP.....6...42L. doi:10.1007/s00016-003-0179-6. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  12. AURIGA Collaboration; LIGO Scientific Collaboration; Baggio; Cerdonio, M; De Rosa, M; Falferi, P; Fattori, S; Fortini, P; et al. (2008). "A Joint Search for Gravitational Wave Bursts with AURIGA and LIGO". Classical and Quantum Gravity. 25 (9): 095004. arXiv:0710.0497. Bibcode:2008CQGra..25i5004B. doi:10.1088/0264-9381/25/9/095004. hdl:11858/00-001M-0000-0013-72D5-D. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  13. de Waard, Arlette; Gottardi, Luciano; Frossati, Giorgio (2000). "Spherical Gravitational Wave Detectors: cooling and quality factor of a small CuAl6% sphere - In: Marcel Grossmann meeting on General Relativity". Rome, Italy. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); Cite journal requires |journal= (مساعدة)
  14. Bhattacharya, Papiya (2016-03-25). "India's LIGO Detector Has the Money it Needs, a Site in Sight, and a Completion Date Too". The Wire (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 01 نوفمبر 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة); تحقق من التاريخ في: |تاريخ أرشيف= (مساعدة)
    • بوابة الفيزياء
    • بوابة علم الفلك
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.