ماركسية فرويدية

الماركسيَّة الفرويدية هو مصطلح شامل يستخدم لوصف الفلسفات المختلفة التي حاولت الجمع بين أعمال كارل ماركس الفلسفية ونظرية التحليل النفسي لسيغموند فرويد.

الماركسية الفرويدية المبكِّرة

تعود بدايات التنظير الماركسي الفرويدي إلى عشرينيات القرن العشرين في ألمانيا والاتحاد السوفيتي، حين بدأ الفيلسوف السوفيتي يورينتس والمُحلِّل الفرويدي سيغفريد بيرفيلد النقاش حول هذا الموضوع، وقدَّم العالم اللغوي السوفيتي فالنتين فولوشينوف - عضو حلقة باختين النقدية التي أسَّسها الفيلسوف ميخائيل باختين - نقداً ماركسيَّاً للتحليل النفسي في مقالته "ما بعد الاجتماع" عام 1925، وطوَّره إلى كتاب نشره عام 1927 بعنوان "النقد الماركسي" [1]، وفي عام 1929 نُشرت مقالة فيلهلم رايش "المادية الجدلية والتحليل النفسي" باللغتين الروسية والألمانية في مجلة النظرية الشيوعيَّة ثنائية اللغة، ولاحقاً كتب أوتو فينيشيل مقالته الهامة "التحليل النفسي كنواة مستقبلية لعلم النفس الجدلي المادي" عام 1934، بالإضافة لفيلهلم رايش كان إريك فروم أحد أعضاء مجموعة برلين للتحليل النفسي الماركسي ويعتبر أول من أدخل أفكار الماركسية الفرويدية لاحقاً إلى ما بات يُعرف بمدرسة فرانكفورت التي بدأت في فرانكفورت في ألمانيا ونُفيت بعدها إلى الولايات المتحدة بعد وصول هتلر إلى السلطة وكان أبرز أعضائها ماكس هوركهايمر وتيودور دبليو أدورنو.

فيلهلم رايش

فيلهلم رايش محلل نفسي نمساوي [2][3][4][5]، وهو من الجيل الثاني من المحلِّلين النفسيين الذين ظهروا بعد سيغموند فرويد، يعتبر واحداً من أبرز الشخصيات وأكثرها تأثيراً في تاريخ الطب النفسي، له العديد من الكتب والمقالات الهامة جداً أبرزها: تحليل الشخصية (1933)، علم النفس الجماعي للفاشية (1933)، الثورة الجنسية (1936)[6]، ساهم كتابه "الآنا وآليات الدفاع" (1936) في تطوير مفهوم الآنا الفرويدية وفي تحليل الشخصيات، بالإضافة لذلك قدَّم العديد من الأفكار عن فيزيولوجيا العضلات والجسم بشكل عام، وأثَّرت كتاباته في أجيال من المُثقَّفين، فخلال انتفاضات الطلاب عام 1968 في باريس وبرلين قام الطلاب بكتابة اسمه على الجدران وقاموا برفع نسخ من كتابه "علم النفس الجماعي للفاشية" في المظاهرات وألقوها على الشرطة.[7]

مدرسة فرانكفورت

تولَّت مدرسة فرانكفورت عن طريق معهد البحوث الاجتماعية مهمة اختيار الأجزاء التي يمكن اقتباسها من أفكار ماركس لتوصيف الظروف الاجتماعية الجديدة التي لم تكن موجودة في زمن ماركس، وأحياناً لجؤوا إلى مدارس فكرية أخرى أو فلاسفة آخرين لتغطية النقص الموجود في فلسفة ماركس، وفي هذا السياق ترك ماكس ويبر تأثيراً كبيراً يُقارن بتأثير كلٍّ من ماركس وفرويد من خلال كتاب كبير قدَّمه للمعهد عن الدراسات والأدلة المُتعلِّقة بهذا الموضوع، أشرف ماكس هوركهايمر على الكتاب الذي أبصر النور في باريس عام 1936، وكتب إريك فروم الجزء النفسي الاجتماعي من الكتاب، وساهم فيه أيضاً عضو آخر جديد في المعهد هو هربرت ماركوز والذي لمع نجمه لاحقاً خلال الخمسينيَّات في الولايات المتحدة.

كتاب ماركوز الحب والحضارة (1955)

كتاب "إيروس والحضارة" هو واحد من أشهر أعمال ماركوس المُبكِّرة، كتبه عام 1955 وحاول فيه الجمع بين أفكار ماركس وفرويد ومحاكاتها، العنوان يشير إلى الحضارة الفرويدية في حين أنَّ ماركوس كان يدعم ويسعى لمجتمع غير قمعي الأمر الذي يتعارض مع مفهوم فرويد عن المجتمع الذي هو قمعي بالضرورة، وعلى أساس هذا الجمع بين ماركس وفرويد قامت العديد من الحركات الاجتماعية والثقافية في السيتينات.

في هذا الكتاب أيضاً يبحث ماركوس عن المعنى الاجتماعي للبيولوجيا، وهو لاينظر للتاريخ على أنَّه صراع طبقي بين فئات المجتمع المختلفة ويرفض قمع الغرائز ويجادل بأنَّ الرأسمالية تمنعنا من الوصول للمجتمع غير القمعي مع أنَّه لم يذكرها بشكل صريح أبداً، ويدعو لعلاقة جوهرية وثابتة بين الإنسان والطبيعة.

فروم وجميعية ساني

غادر إيريك فروم مدرسة فرانكفورت التي كان أحد أبرز أعضائها في نهاية الثلاثينات، وبعدها كتب أهم كتبه وأكثرها تأثيراً "جمعية ساني"، الذي نُشر عام 1955 ودافع فيه عن الاشتراكية الديمقراطية، واعتماداً على أفكار كارل ماركس سعى فروم للتأكيد مُجدَّداً على المُثل العليا للحريَّة الشخصية وهو الأمر المفقود في معظم الأفكار الماركسية السوفيتيَّة رغم وجوده في كتب الليبراليين التقليدين، ورفض فروم كلاً من الرأسمالية الغربية والشيوعيَّة السوفيتيَّة واعتبرهما هياكل إنسانية فارغة ساهمت في ظهور النظام العالمي الجديد.

لاكان والماركسيَّة

كان جاك لاكان من المُحلِّلين النفسيين الفرنسيين المتطورين فلسفيَّاً، وكانت أفكاره ووجهات نظره هي السائدة والمسيطرة على الطب النفسي الفرنسي وعلم النفس، ورأى لاكان نفسه مُخلِّصاً أنقذ أفكار فرويد من الزوال، وخلق تأثيره تلاقحاً جديداً بين أفكار فرويد وماركس.

ألثوسير

يُعرف لويس ألثوسير على نطاق واسع بأنَّه مُنظِّر إيديولوجي، مقالته الأكثر شهرةً "الأيديولوجيا: ملاحظات نحو التحقيق"، وفي هذا المقال يُحدِّد مفهوم الأيديولوجيا ويُعرِّفها، ويناقش نظرية السيطرة لغرامشي، ففي حين أنَّ السيطرة تستخدم من قبل القوى السياسية المتنوعة فإنَّ الإيديولوجية تقوم على مفاهيم فرويد ولاكان للاوعي وتصف الهياكل والأنزمة التي تسمح لنا بأن يكون لدينا معنى واضح لمفهوم الذات، ويعتقد ألثوسير أنَّ التمييز بين الأيديولوجيا والعلم والفلسفة ليس مضموناً ومتاحاً للجميع، وفي مقالته أيضاً يناقض الإفراط في المعرفة في مجال التحليل النفسي.

سلافوي جيجك

طوَّر الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي خطَّاً فكريَّاً يستخدم التحليل النفسي الذي ابتدعه لاكان، مع الفلسفة الهيغليَّة والماركسية، ويبحث من خلال ذلك كلِّه عن مفهوم سامي للإيديولوجيا التي تقوم على الأفكار الماركسية الفرويدية الأساسيَّة.

المراجع

  1. Titunik, I. R. (1976), Translator's Introduction, in Freudianism: A Marxist Critique by V. N. Voloshinov, London: Verso, p. xxiv-xxviii.
  2. "Wilhelm Reich is again the main pioneer in this field (an excellent, short introduction to his ideas can be found in Maurice Brinton's The Irrational in Politics). In Children of the Future, Reich made numerous suggestions, based on his research and clinical experience, for parents, psychologists, and educators striving to develop libertarian methods of child rearing. (He did not use the term "libertarian," but that is what his methods are.) Hence, in this and the following sections we will summarise Reich's main ideas as well as those of other libertarian psychologists and educators who have been influenced by him, such as ألكسندر نيل and Alexander Lowen." "J.6 What methods of child rearing do anarchists advocate?" in An Anarchist FAQ by Various Authors.
  3. "In an earlier article (“Some Thoughts on Libertarianism,” Broadsheet No. 35), I argued that to define a position as “anti-authoritarian” is not, in fact, to define the position at all “but merely to indicate a relationship of opposition to another position, the authoritarian one...On the psychoanalytic side, Wilhelm Reich (The Sexual Revolution, Peter Neville-Vision Press, London, 1951| Character Analysis, Orgone Institute Press, N.Y., 1945; and The Function of the Orgasm, Orgone Institute Press, N.Y., 1942) was preferred to Freud because, despite his own weaknesses – his Utopian tendencies and his eventual drift into “orgones” and “bions” – Reich laid more emphasis on the social conditions of mental events than did Freud (see, e.g., A.J. Baker, “Reich’s Criticism of Freud,” Libertarian No. 3, January 1960)." "A Reading List for Libertarians" by David Iverson. Broadsheet No. 39
  4. "I will also discuss other left-libertarians who wrote about Reich, as they bear on the general discussion of Reich's ideas...In 1944, Paul Goodman, author of Growing Up Absurd, The Empire City, and co-author of Gestalt Therapy, began to discover the work of Wilhelm Reich for his American audience in the tiny libertarian socialist and anarchist milieu." Orgone Addicts: Wilhelm Reich Versus The Situationists. "Orgone Addicts Wilhelm Reich versus the Situationists" by Jim Martin. نسخة محفوظة 8 مارس 2010 على موقع واي باك مشين.
  5. "In the summer of 1950-51, numerous member of the A.C.C. and other interested people held a series of meetings in the Ironworkers' Hall with a view to forming a downtown political society. Here a division developed between a more radical wing (including e.g. Waters and Grahame Harrison) and a more conservative wing (including e.g. Stove and Eric Dowling). The general orientation of these meetings may be judged from the fact that when Harry Hooton proposed "Anarchist" and some of the conservative proposed "Democratic" as the name for the new Society, both were rejected and "Libertarian Society" was adopted as an acceptable title. Likewise then accepted as the motto for this Society - and continued by the later Libertarian society - was the early Marx quotation used by Wilhelm Reich as the motto for his The Sexual Revolution, vis: "Since it is not for us to create a plan for the future that will hold for all time, all the more surely what we contemporaries have to do is the uncompromising critical evaluation of all that exists, uncompromising in the sense that our criticism fears neither its own results nor the conflict with the powers that be." "SYDNEY LIBERTARIANISM & THE PUSH" by A.J. Baker, in Broadsheet, No 81, March, 1975. (abridged)
  6. That he was one of the most radical figures in psychiatry, see Sheppard 1973.
    • Danto 2007, p. 43: "Wilhelm Reich, the second generation psychoanalyst perhaps most often associated with political radicalism ..."
    • Turner 2011, p. 114: "[Reich's mobile clinic was] perhaps the most radical, politically engaged psychoanalytic enterprise to date."
    • For the publication and significance of The Mass Psychology of Fascism and Character Analysis, see Sharaf 1994, pp. 163–164, 168.
    • For Character Analysis being an important contribution to psychoanalytic theory, see:
    • Young-Bruehl 2008, p. 157: "Reich, a year and a half younger than Anna Freud, was the youngest instructor at the Training Institute, where his classes on psychoanalytic technique, later presented in a book called Character Analysis, were crucial to his whole group of contemporaries."
    • Sterba 1982, p. 35: "This book [Character Analysis] serves even today as an excellent introduction to psychoanalytic technique. In my opinion, Reich's understanding of and technical approach to resistance prepared the way for Anna Freud's Ego and the Mechanisms of Defence (1936)."
    • Guntrip 1961, p. 105: "... the two important books of the middle 1930s, Character Analysis (1935) by Wilhelm Reich and The Ego and the Mechanisms of Defence (1936) by Anna Freud."
  7. For Anna Freud, see Bugental, Schneider and Pierson 2001, p. 14: "Anna Freud's work on the ego and the mechanisms of defense developed from Reich's early research (A. Freud, 1936/1948)."
    • بوابة فلسفة
    • بوابة علم النفس
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.