كوسموبوليتية

الكوسموبوليتية هي الأيديولوجية التي تقول إن جميع البشر ينتمون إلى مجتمع واحد، على أساس الأخلاق المشتركة. يسمى الشخص الذي يلتزم بفكرة الكوسموبوليتية في أي شكل من أشكالها، كوسموبوليتاني أو مواطن عالمي. تقترح الكوسموبوليتية في الأصل، إنشاء بوليس كوزمو أو «حكومة عالمية» للبشرية جمعاء. يشبه المصطلح العولمة والعالمية.[1]

قد يعتمد المجتمع الكوسموبوليتي على الأخلاق الشاملة أو العلاقة الاقتصادية المشتركة أو الهيكل السياسي الذي يشمل جميع الأمم باختلافها. في المجتمع الكوسموبوليتي، يشكل جميع الأفراد الذين ينتمون إلى أماكن مختلفة (مثل الدول القومية)، علاقات تستند على الاحترام المتبادل. يقترح كوامي أنتوني أبيا على سبيل المثال، إمكانية وجود مجتمع كوسموبوليتي، يدخل فيه الأفراد من مواقع وظروف مختلفة (المادية والاقتصادية إلخ) في علاقات تستند على الاحترام المتبادل رغم اختلاف معتقداتهم (الدينية والسياسية وما إلى ذلك). حُددت بعض المدن والمواقع المختلفة (جغرافيًا) سابقًا أو حاليًا، على أنها «كوسموبوليتية»، لكن هذا لا يعني بالضرورة اعتناق وإيمان جميع أو معظم سكانها بالفكرة الفلسفية المذكورة أعلاه. بدلاً من ذلك، يمكن تسمية سكان تلك المدينة بـ«الكوسموبوليتانيون» لمجرد عيش الكثير من الأشخاص من خلفيات عرقية وثقافية و/أو دينية مختلفة على مقربة والتفاعل مع بعضهم البعض.[2]


أصل المصطلح

تُشتق الكلمة من اليونانية القديمة: (κοσμοπολίτης)، أو كوسموبوليتيس، تتكون من (κόσμος: كوسموس)، أي «العالم» أو «الكون»، و (πολίτης: بوليتيس)، والتي تعني «المواطن» أو «[واحد ] من المدينة». يعرّف الاستخدام المعاصر المصطلح ب «مواطن العالم».[3][4]

التعريفات

عادة ما تُعرف الكوسموبوليتية بالتعريف ذو الأصل اليوناني «مواطن العالم». ومع ذلك، وكما يشير أبيا، فإن «العالم» بمعناه الأصلي يعني «الكون» عمومًا، وليس الأرض أو الكرة الأرضية كما يفترض الاستخدام الحالي. يرد تعريف واحد في كتاب حديث يتكلم عن العولمة السياسية، ليعالج هذه القضية:[5]

«يمكن تعريف الكوسموبوليتية على أنها سياسة عالمية، فهي تتكلم أولاً عن المشاركة السياسية المشتركة بين جميع البشر في جميع أنحاء العالم، وتشير ثانياً، إلى أن هذه الاشتراكية يجب أن تكون مميزة أخلاقيًا أو تنظيميًا مقارنة بغيرها من الأشكال الاشتراكية».[6]

يعد المصطلح الصيني تيان خا (كل ما تحت السماء)، مرادفًا لكلمة الإمبراطورية، أعيد تفسيره أيضًا في العصر الحديث ليكون مفهومًا للكوسموبوليتية، واستخدمه الحداثيون في ثلاثينيات القرن العشرين عنوانًا لمجلة «تيان خا الشهرية»، الصادرة باللغة الإنجليزية في مدينة شنغهاي، والتي تتكلم عن الفنون والحروف العالمية. كما ترجم الكتّاب الصينيون المعاصرون متعددي اللغات أيضًا، مثل لين يوتانغ وون يوان نينغ، الكوسموبوليتية باستخدام مصطلح شيجي زهويي، وهو المصطلح الأكثر شيوعًا الآن (إيديولوجية العالم).[7]

الرابط الفلسفي

الجذور الفلسفية

يمكن إرجاع فكرة الكوسموبوليتية إلى ديوجانس الكلبي (حوالي 412 قبل الميلاد)، الأب المؤسس للحركة الكلبية أو ما يسمى أيضًا بالفلسفة التشاؤمية في اليونان القديمة. يقال عن ديوجانس: «عندما سُئل من أين أتى، أجاب: أنا مواطن من هذا العالم (كوسموبوليتيس)». كان أوسع نطاق لأساس الهوية الاجتماعية في اليونان القديمة في ذلك الوقت، إما دولة مدينة فردية أو دولة إغريقية (وجود إغريقيين في مجموعة). كان المُنظمّون لمذهب الرواقيين، الذين أخذوا فكرة ديوجانس في وقت لاحق وطوروها، يركزون على مفهوم معين، وهو أن كل إنسان «يسكن في مجتمعين -المجتمع المحلي لميلادنا، ومجتمع الجدل والطموح الإنساني». توجد طريقة شائعة لفهم الكوسموبوليتية الرواقية، وذلك من خلال نموذج دائرة هيروكليس الممثلة للهوية التي تنص على أنه ينبغي لنا أن نعتبر أنفسنا دوائر متحدة المركز؛ تدور الدائرة الأولى حول الذات ثم مباشرة العائلة، الأسرة الممتدة، مجموعة الأشخاص المحليين، مواطني الدولة وأبناء البلد، ثم الإنسان عمومًا. يشعر البشر داخل هذه الدوائر، بشعور من «التقارب» أو «التحبب» تجاه الآخرين، وهو ما أطلق عليه الرواقيون اسم οἰκείωσις: أويكيوسيس. عندئذ تصبح مهمة مواطني العالم «رسم الدوائر بطريقة أو بأخرى باتجاه المركز، ما يجعل جميع البشر أشبه بسكان مدينتنا، وهكذا».[8][9]

انظر أيضا

مصادر

  1. Kleingeld, Pauline; Brown, Eric (October 2019). ادوارد زالتا (المحرر). Cosmopolitanism. Center for the Study of Language and Information. مؤرشف من الأصل في 14 يناير 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Appiah, Kwame Anthony (1997). "Cosmopolitan Patriots". Critical Inquiry. 23 (3): 617–39. doi:10.1086/448846. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. κοσμοπολίτης. هنري جورج ليدل; روبرت سكوت; A Greek–English Lexicon في مشروع بيرسيوس.
  4. "cosmopolitan". مؤرشف من الأصل في 28 سبتمبر 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة) "cosmopolite". قاموس علم اشتقاق الألفاظ. مؤرشف من الأصل في 28 سبتمبر 2011. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Kwame Anthony Appiah, Cosmopolitanism: Ethics in a World of Strangers, W.W. Norton, New York, 2006, p. xiv.
  6. James, Paul (2014-05-16). "Political Philosophies of the Global: A Critical Overview". Globalization and Politics Vol. 4: Political Philosophies of the Global. London: Sage Publications. صفحة x. ISBN 9781412919555. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Shen, Shuang (2009-04-08). Cosmopolitan Publics: Anglophone Print Culture in Semi-Colonial Shanghai. ISBN 9780813546995. مؤرشف من الأصل في 5 ديسمبر 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. ديوجانس اللايرتي, The Lives of Eminent Philosophers, Book VI, passage 63; online text in Greek and in English at the مشروع برساوس [الإنجليزية]. "نسخة مؤرشفة". Archived from the original on 19 أكتوبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 20 مارس 2020. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  9. Nussbaum, Martha C. (1997). Kant and Stoic Cosmopolitanism, in The Journal of Political Philosophy Volume 5, Nr 1, pp. 1–25
    • بوابة فلسفة
    • بوابة السياسة
    • بوابة علم الاجتماع
    • بوابة القانون
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.