قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة
قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة هي قضية عرضت على محكمة العدل الدولية عام 1986، التي أقرت خرق الولايات المتحدة للقانون الدولي من خلال دعم المعارضة المسلحة في الحرب ضد حكومة نيكاراغوا وبتفخيخ الموانئ في نيكاراغوا.[1] حكمت المحكمة لصالح نيكاراغوا -ضد الولايات المتحدة الأمريكية- مما دفع أمريكا إلى رفض الحكم الصادر، وأقرت المحكمة بأن الولايات المتحدة قامت باستخدام القوة بشكل غير شرعي، "لقد أوقعت حرب ريغان ضد نيكاراغوا نحو 75 ألف ضحية بينهم 29 ألف قتيل ودمرت بلدا لا رجاء لقيامته"¹.
الدفاع والرفض الأمريكي
رفضت المحكمة الادعاء الأمريكي الذي يزعم بأن العمليات الأمريكية ضد نيكاراغوا كانت دفاعًا عن النفس، كما ادعت أمريكا بأن المسألة تقع خارج صلاحيات المحكمة. كما تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة من الدول الموقعة على معاهدة إنشاء المحكمة، لكن باستثناءات وشروط خاصة اضطرت المحكمة لأخذها بعين الاعتبار مما يجعل القرارات غير ملزمة، لكنها أصدرت قرارها بشأن القضية بأغلبية 11 مقابل 4.
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا غير ملزم بهدف الضغط على أمريكا لتسديد الغرامات المالية التي فرضها قرار المحكمة، وقد صوتت إلى جانب أمريكا كل من إسرائيل والسلفادور التي كانت تواجه خلافات ونزاعات خاصة مع نيكاراغوا، في حين صوت بقية الأعضاء لصالح نيكاراغوا، ورغم ذلك لم تسدد الولايات المتحدة الغرامات المستحقة لفترة طويلة لكنها قامت بذلك مؤخراً.
الشهود
استمعت المحكمة لمجموعة من الشهود أفاد أحدهم بالظروف التي كانت عليها المعارضة قبل الدعم الأمريكي، وكيف تحولت إلى مستوى آخر من الأداء بعد وصول الدعم الأمريكي الذي أقره الكونجرس والذي أوصى بـ 19 مليون دولار للعمليات في نيكاراغوا وأمريكا الوسطى، ثم وصل إلى 30 مليون دولار عام 1982، وقد وضح الشاهد بأنه ونتيجة لهذا الدعم والتدريب الذي قدمته (السي آي إيه) قامت المعارضة بسلسلة من ضربات الكر والفر عبر الحدود منها:
تدمير جسرين رئيسيين في شمال نيكاراغوا وزرع القنابل في مطار نيكاراغوا المدني وميناءها. ساهمت (السي آي إيه) بتأمين الاتصالات وتنسيقها وتوفير الدعم اللوجستي مما ساعد العصابات على تنفيذ عمليات في العمق تجاه الأماكن الصناعية والمسكونة بهدف إضعاف الاقتصاد الوطني لنيكاراغوا وضرب مخزونها من البضائع.
وفي سياق البرنامج التدريبي قامت (السي آي إيه) بإعداد وتوزيع كتيب تحت عنوان "عمليات نفسية في حرب العصابات" ضم إرشادات تركز على الطريقة التي يمكن "للفرق الدعائية المسلحة" أن تبني دعمًا سياسيًا داخل نيكاراغوا لصالح المعارضة من خلال الغش، التخويف، والعنف. وقد وضح الدليل الحالات المناسبة لاستخدام الإرهاب ضد أهداف محددة، بما فيها المحاكم، القضاة، والشرطة. ويدعو إلى اغتيال بعض الحكام المحليين بهدف التخويف. وقد اعترف الرئيس رونالد ريجان في مؤتمر صحفي صراحة بأن موظفًا متعاقدًا مع (السي آي إيه) قام بإعداد الكتيب.
واضاف الشاهد بأن الولايات المتحدة تورطت في تلغيم مرافئ نيكاراغوا ما بين فبراير وإبريل 1984. بواسطة سفن تابعة للسي آي أي أدارت العملية من المياه الدولية. وبأن 3,886 شخصاً لقوا مصرعهم وجرح 4,731 خلال 4 سنوات منذ بدء هجمات العصابات المعارضة. وقدر الأضرار المادية بنحو 375 مليون دولار. وقال بأنه لولا الدعم الأمريكي لانتهى أمر العصابات في ثلاث أشهر، لأنها قوة مصنوعة صناعة من قبل أمريكا وتعتمد في وجودها وتوجهها وتدريبها وتسليحها وكل شيء فيها على العون الأمريكي، ولولا ذلك الدعم لتفرقت وتحللت وفقدت قدرتها العسكرية في وقت قصير جداً.
ونفى شاهد آخر أن تكون نيكاراغوا قد ساعدت جماعات مسلحة في السلفادور، وأكد عدم وجود أي دليل على ذلك. وأكد شاهد ثالث العثور على أدلة قوية تؤكد قيام الميليشيات المسلحة المعارضة في نيكاراغوا بممارسة عنف إرهابي موجه ضد مدنيين لا علاقة لهم بالحرب، أو السياسية، أو الجيش. وتم استهدافهم بهدف نشر الرعب. ووصف الآب ليسون وهو أيضاً أحد الشهود الكثير من الامثلة على ممارسة العنف الموجه ضد المدنيين في المنقطة التي يقطنها، وقدم صورة مفادها ان المعارضة مارست خروقات وحشية لا تقرها أبسط معايير الإنسانية. فوصف مقتل مدنيين عزل، بمن فيهم اطفال ونساء، واغتصاب ثم تعذيب وقتل، وتطابقت شهادته مع عدة تقارير أخرى صادرة عن منظمة حقوق الإنسان وغيرها. وشهد وزير اقتصاد نيكاراغوا على الأثر الاقتصادي الذي لحق ببلاده بما في ذلك الخسارة في الوقود النتاتج عن مهاجمة مخازن النفط، والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ضرب التجارة بسبب تلغيم المرافئ، وأضرار أخرى.
الحكم
في يونيو/حزيران 1986 حكمت المحكمة بما يلي:
لقد خرقت الولايات المتحدة الأمريكية بقيامها بتدريب وتسليح وإمداد وتمويل القوة المعارضة أو تشجيعها ودعمها وإعانة عمليات عسكرية ضد نيكاراغوا، وقيامها بأعمال ضد جمهورية نيكاراغوا، القانون الدولي الذي ينص على عدم جواز التدخل في شؤون الدول الأخرى.
خرقت الولايات المتحدة القانون الدولي في عدة مناسبات ضد نيكاراغوا، بخصوص ما ينص على عدم جواز استخدام القوة ضد دول أخرى.
وقد خرقت سلطة نيكاراغوا على أرضها عبر ماذكر من انتهاكات ومن خلال انتهاكات أخرى.
إن قيام أمريكا بتلغيم المياه الداخلية أو الإقليمية لجمهورية نيكاراغوا خلال الأشهر الأولى من 1984 يعتبر عمل عدائي ضد نيكاراغوا وخرق لالتزامات تقضي بعدم استخدام القوة ضد الدول الأخرى، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم خرق سيادتها على اراضيها، وعدم انتهاك سلامة التجارة البحرية. الهجمات الأمريكية على نيكاراغوا إضافة إلى ما ذكر اعلاه يعتبر خرقاً لمعاهدات الصداقة والتجارة الموقعة بين الأطراف عام 1956.
إن قيام أمريكا بإصدار كتيب "عمليات نفسية في حرب العصابات" ونشره وتوزيعه بين الملشيات المعارضة حرضها على نشاطات تعارض مبادئ القانون الإنساني لكن القرار لم ينص على أنها تصرفات أو نشاطات مارستها الولايات المتحدة نفسها.
يجب أن تدفع الولايات المتحدة تعويضاً عن الخسائر التي تسببت بها.
لم يكن الحكم عادلا كان يجب دفع أمريكا التعويضات لنيكاراغوا ومحاكمة عصابة السى آي إي (CIA)
أهمية الحكم
وضح الحكم بطرق عدة أموراً تتعلق بمنع استخدام القوة وحق الدفاع عن النفس. لقد تم اعتبار تسليح وتدريب المعارضة نوعاً من خرق مبادئ عدم التدخل والإخلال بمبدأ عدم استخدام القوة، في تلغيم المياه الإقليمية.
إن تعامل نيكاراغوا من المعارضة المسلحة ضد السلفادور، يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية لها، لكنه لم يعتبر "هجوماً مسلحاً" يبرر الدفاع عن النفس من قبل السلفادور، وهو ما ادعت الولايات المتحدة أنها تقوم به بالنيابة عن السلفادور، رغم أن السلفادور لم تطلب ذلك أبداً. وهذا الادعاء أيضاً تم رفضه من قبل المحكمة.
المصدر
الموسوعة الإنجليزية
مراجع
- "معلومات عن قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة على موقع britannica.com". britannica.com. مؤرشف من الأصل في 20 سبتمبر 2015. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة)
- بوابة إيران
- بوابة القانون
- بوابة الولايات المتحدة
- بوابة عقد 1980
- بوابة علاقات دولية
- بوابة نيكاراغوا