قصر هلال

قصرهلال هي مدينة تونسية تقع في منطقة الساحل.[2] تنتمي إداريا إلى ولاية المنستير وفيها يقع مقر معتمدية قصر هلال. تبعد المدينة 17 كيلومتر جنوبا عن المنستير ويقطنها 49376 ساكن[3] ، وهي تعتبر أحد أهم الاقطاب الصناعية في البلاد التونسية خاصة في صناعات النسيج (155 مؤسسة) تشغل ما يزيد على 4700 عامل.

قصر هلال
 
منظر عام وسط قصرهلال  

إحداثيات: 35°39′N 10°54′E  
تقسيم إداري
 البلد تونس [1] 
التقسيم الأعلى ولاية المنستير  
معلومات أخرى
الرمز البريدي 5070 
رمز جيونيمز 2468106 
الموقع الرسمي الموقع الرسمي 

التسمية والتأسيس

لا يعرف تحديدا أصل التسمية أو أسبابها ولكن ماهي إلا ترجيحات من بعض أهل التاريخ واللغة أو من خلال الذاكرة الشعبية الشفوية. فمثلا يذكر الدكتور في التاريخ محمد حسين فنطر وهو أصيل قصرهلال أن تسمية قصرهلال هو نسبة إلى عشيرة من بني هلال استقرت في المنطقة وبنت مسجدا ودورا صغيرة حوله فسمية بقصرهلال. ويعتمد في نظريته هذه على أسماء بعض المناطق في المدينة أو حولها وأسماء بعض العائلات ذات المدلول العربي له علاقة بقبائل بني هلال الزاحفة على تونس في عهد المعز بن باديس الصنهاجي. أما الدكتور أحمد بكير محمود فيوعز تسمية قصرهلال إلى شريف هلالي هرب من الاضطهاد العباسي قادما من المشرق واستقر في المنطقة وابتنى النواة الأولى من المدينة. لكن ليس له من مصدر مكتوب سوى الذاكرة الشعبية الشفوية.

أما الأستاذ الباحث في شأن قصرهلال محمدالحبيب براهم فهو يوعز التسمية إلى اسم فرد واحد اسمه هلال جاء بعائلته واستقر بالمكان. واستند في ذلك على انه لا يمكن بأي وجه من الوجوه تسمية المكان المقصور على عشيرة كاملة من بني هلال وان يطلق عليها اسم فرد مات من زمن طويل جدا حتى ولو كان يمثل شيئا هاما في فكر القبيلة كأن يكون جدهامثلا. وان صح هذا فيجب أن تسمى المدينة بقصر الهلالية أو الهلاليين. كما ينفي نظرية أحمد بكير محمود حول ان يكون اسمها مشتق من مؤسسها الشريف الهلالي وربما ذهب بكير محمود في ايحائه بهذا الشرف إلى ان الجد المؤسس هو من هلال الحسيني من جهة علي الرضى وكون ان بعض العادات الهلالية في المدينة يمكن ربطها بالثقافة الشيعية. ولكن مهما كان الامر فهذه النظرية ضعيفة لان المدينة في هذه الحالة سيطلق عليها اسم قصر الهلالي أو قصر سيدي الهلالي أو قصر سيدي هلال. و في كل ما سبق فإن نظرية أن قصرهلال أخذت اسمها من اسم شخص واحد وهو الجد المؤسس تبقى الأكثر تناسقا ومنطقية وتتوافق مع كل معطيات المؤرخين الثلاث. فأهل المدينة لهم جد معروف مدفون في المنستير اسمه سيدي هلال. اما عن أصله فلا شك انه عربي أو من البربر المستعربين خاصة إذا عرفنا أن مقدمه ليس ببعيد عن موقع مدينته الجديدة وهو مدينة المهدية.

وقد عرفت عادة دفن الموتى الوجهاء في المنستير على أهل المهدية منذ ايام تأسيسها الأولى. وهنا فقط يمكننا تفسير أسباب انتقال بعض العادات الشيعية إلى اهل قصرهلال خاصة وان مؤسسها قادم من المهدية عاصمة الفاطميين في أفريقية. أما عن فترة قدوم هذا الجد المؤسس فهو أيضا متوافق مع أسباب الخروج من المهدية فجل الاختبارات التي قامو بها لتحديد عمر الحي الأول القديم في المدينة اعطت عمرا حدد بـ1000 عام. وهو التاريخ الذي يتوافق مع اخلاء المهدية بسبب هجوم الجنويين عليها ثم ردت بدفع غرامة من أميرها أبو الطاهر يحيى بن تميم الصنهاجي الذي حكمها ثانية في ما بين 1108م و 1115م. وكل تلك الأحداث دفعت هذا الأخير إلى اعادة الخطبة باسم الفاطميين ارضاء لبقاياهم من الرعية في المهدية وامر بتعزيز أسطوله البحري وبنشر أرباض صغيرة في كامل جزئ الساحل المزاقي الباقي تحت سلطته وذلك لتعزيز الدفاعات ضد الغزاة القادمين من البحر وبالأساس المسيحيين بحيث عمر كل شبر من هذا الساحل بقصور صغيرة كي لا يحصل ما حصل في حربه مع الجنويين الذين استغلوا فجوة الجزيرة برأس الديماس لانزال اسطولهم. وكذلك فان امارته هذه يتهددها عدو آخر منتشر في وسط أفريقية وجنوبها وهم قبائل بني هلال وسليم فقد عمد إلى توطيد دفاعات القرى الموجودة وعلى بناء أخرى لتحقيق حزام من القرى الدفاعية عن جهة الداخل من أفريقية. وسميت تلك القرى مسبوقة بقصر دلالة على دورها العسكري. وتبرز هذه التسمية واضحة في كتاب الشريف الادريسي في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق وقد سمى كل قرى الساحل التونسي مسبوقة بكلمة قصر باستثناء المدن الرئيسية كسوسة والمهدية فحتى المنستير سماها قصورا. والادريسي هذا هو انيس روجار ملك النورمان وصاحب صقلية وهما معاصرين لتلك الفترة من التاريخ. بل ان روجار هذا هو من قام باحتلال المهدية والقضاء نهائيا على حكامها الصنهاجيين. من هذا كله نفهم ان سيدي هلال الذي يرقد بالمنستير وله مكانته في ذاكرة اهل المدينة وله من الشرف والمكانة وذي الميولات الشيعية الا هو نفسه الذي خرج من المهدية بأمر أميرها ليؤسس ربضا صغيرا سمي قصرا وأضيف إلى اسمه فكان قصرهلال كما هو حال قرى الساحل في تلك الفترة فكانو يقولون قصر طبلبة وقصر شقانص وقصر لمطة وقصر زياد وهلم جرا ولم يسلم اي تجمع سكني من أن يطلق عليه قصر في تلك الفترة حتى وان كان موجود من قبل بكثير، الا المهدية وسوسة وصفاقس فقط كانت تسمى مدينة. اما تاريخ بناء الحي الأول المسمى بحومة القصر فهو ما بين 1108م و 1115م وهو متكون من بعض الدور وجامع صغير يحاذيه من جهته الغربية الجنوبية مدرج مرتفع مبني بالحجارة (المدرج لم يعد موجودا وفي مكانه بيت صغير الآن من المفترض انه يستعمل لاشعال نار للاستدلال ومراقبة جهة العربان الناهبين ولاقامة الآذان)و رحبة صغيرة من الجهة الغربية للمسجد لربط الدواب كل ذلك محوط عليه بجدران البيوت ينفذ من جهتين واحدة شرقية تفتح على بئر وحقول وساحة للأعمال الفلاحية وجهة جنوبية في اتجاه المهدية وتصلح للخروج في صورة هجوم عربان بني هلال. لقصرهلال أيضا أسماء أخرى أطلقت عليها في فترة الحماية الفرنسية وذكرتها التقارير الرسمية والصحفية فتارة يطلق عليها اسم ليون الصغيرة (petite Lyon) تشبيها لها مليار الفرنسية المعروفة بصناعة النسيج. وتارة تذكرها تلك التقارير بمدينة الخبابل والخيوط وهذا أيضا ايحاء إلى ان النشاط الاقتصادي الأساسي في المدينة هو الحياكة ولكنه مصحوب بحياكة التمردات ومؤامرات واحداث الشغب والخبابل ضد المستعمر، وإذ ان كل عمل معاد لفرنسا لا بد له من خيوط تدل على فاعليه، سمى الفرنسيون قصرهلال بمدينة الخبابل والخيوط.

التاريخ الحديث

برزت الأهمية التاريخية لمدينة قصرهلال في أحداث ثورة 1864 إذ تحملت هذه المدينة الجزء الأهم من الضريبة التأديبية باسم الفساد الموضفة على الساحل. حيث سلط قائد محلة الباي أحمد زروق خطايا مجحفة عجز أهل القرية والقرى المجاورة عن تأديتها. وتحمل أحد شيوخ قصرهلال تأديتها نيابة عن الفقراء في الجزءالساحلي الممتد من بومرداس إلى داموس في خط عبر المكنين وقصرهلال. وأجبر هذا الشيخ على دفع مليون وخمس مائة الف ريـال أمنها بالتدين للمركانتي شلومو بن يونس السوسي تحت ضغط مباشر من قائد المحلة أحمد زروق ثم أودعه السجن لدعمه الثورة وعجزه على سداد الدين في فترة لم تتجاوز بعض الأشهر. بعد أحداث الثورة عرفت قصرهلال ركودا اقتصاديا واجتماعيا مثلها مثل جل مدن الإيالة التونسية بسبب تفشي الفساد الإداري الذي انتهى بسقوط تونس تحت النفوذ الفرنسي واجبار الباي على امضاء معاهدة الحماية في 1881. و في بداية القرن العشرين بدأت معالم الحياة تتحرك في القرية بتأسيس مدرسة ومكتب بريد في 1907 وتأسيس بعض النقابات لاصحاب الحرف والتجارة بالخصوص منها في صناعة النسيج التقليدي، وأيضا بحكم حركة السفر داخل الإيالة وإلى الاقطار القريبة منها التي عرفها اهالي القرية بسبب الاسترزاق. مما خلق نوعا من الانفتاح على آراء الإصلاحيين والوعي بمسألة الاستعمار وقضية التحرير واعادة بناء المجتمع واستصلاحه. وهو ما ساهم في نشوء ثلة من الوطنيين والمناضلين الذين قادوا موجة عدم الرضى والامتعاض من تدني الوعي الديني الصحيح ومن تدني الحالة الاجتماعية والاقتصادية ومن الغياب التام لمؤسسات تعليمية حقيقية في القرية. وخلال الثلاثة العقود الأولى من القرن العشرين كان هذا الشعور المتفشي في القرية ونشوء صحوة وطنية إصلاحية في ثلة من هؤلاء المناضلين بمثابة تهيئة الطريق لحادث مهم ليس في القرية فقط وانما في كامل الإيالة التونسية.

و في 2 مارس 1934 شهدت قصر هلال أحد أهم أحداث تاريخ تونس الحديث باحتضانها لمؤتمر البعث حيث اسس الزعيم الحبيب بورقيبة الحزب الحر الدستوري الجديد. وهو حزب التحرير في تونس. ومنذ ذلك التاريخ وإلى تاريخ الاستقلال في 20 مارس 1956 لعبت قصرهلال دورا رياديا في الحركة الوطنية وفي تأسيس ركائز الاستقلال وكانت ملجأ وسندا للزعيم الوطني الحبيب بورقيبة في كافة مراحل نظاله حتى حصول الاستقلال. ومن هذه المحطة وإلى فجر الاستقلال قلما يخلو يوم من أيام قصرهلال من حدث أو عمل وطني ضد المستعمر الفرنسي وقلما سكتت تقارير الإقامة العامة الفرنسية أو صحفها عن ذكر حادث أو عمل موجه ضدها.

العهد الروماني

لقد أثمرت الحفريات التي تمّ القيام بها في مدينة قصر هلال على اكتشاف أطلال بيوت ومعابد و كنائس إضافة إلى وجود مدجنة رومانية لتربية الحمام وخاصة التابوت الذي يدل على وجود بشري نشيط بالمنطقة على موقع المدينة اليوم، وهو ما يثبت الدليل القاطع على أن لم تكن خالية من السكان أثناء العهد الروماني الممتد من سنة 146 قبل الميلاد إلى سقوط قرطاج الرومانية سنة 698 ميلادي .

العصر الوسيط

لقد أثبت الأبحاث والأحداث على عراقة المدينة خلال هذا العصر وبالتحديد منذ سقوط قرطاج البيزنطية على يد حسان بن نعمان سنة 698 ميلادي وتنتهي هذه الفترة ببسط سيطرة الأتراك على تونس والقضاء على الدولة الحفصية إضافة إلى الحضور الأسباني سنة 1574 ميلادي .

من أعلام قصرهلال

  • الحاج خليفة بن علي الكعلي (1803م-1894م)خليفة المكنين انابة في أكتوبر 1864. سجن في نوفمبر 1865 بتهمة الفساد (الثورة)و عدم الوفاء بدين. اطلق في اوت 1866 وعين خليفة على قصرهلال وحدها بعد وساطة أمير الآلاي محمد خزنه دار الوزير عامل الساحل.
  • محمد بن عمر بوزويتة (1880م-1944م)مناضل وطني ورائد إصلاحي وسياسي. رئيس مؤتمر البعث في 2 مارس 1934. عانى من ويلات السجن والنفي ومات مفلسا بعد ما انفق كل ما لديه في خدمة الحزب.
  • الحاج علي بن امحمد صوة (1865م-1953م)مصلح اجتماعي ورائد المد التضامني والخيري. باني عديد المشاريع الخيرية في قصرهلال وفي عديد المدن من البلاد التونسية.
  • أحمد بكير محمود، دكتور ومؤرخ وباحث.
  • المنجي الشملي، أستاذ كرسي بالجامعة التونسية.
  • منجي الكعلي، وزير سابق في عهد بورقيبة.
  • محمد حسين فنطر، مؤرخ، وأستاذ كرسي بالجامعة التونسية.
  • محمد الهادي الاحول، من خريجي جامعة هارفارد، رئيس كلية دبي للإدارة الحكومية.
  • محمد الهادي الصانع، ممثل مسرحي وتلفزي وسينمائي له إسهامامت هامة في المشهد المسرحي خصوصا وله أيضا عديد الكتابات الصحفية.
  • عبد الفتاح بوستة، فنان تشكيلي ونحّات من أهم أعماله مجسم أبي القاسم الشابي ونصب القصبة بتونس العاصمة.
  • عبد الحفيظ منصور، باحث رئيس بيت الحكمة سابقا.
  • رضا لحول، وزير التجارة

مراجع

  1.  "صفحة قصر هلال في GeoNames ID". GeoNames ID. اطلع عليه بتاريخ 4 مارس 2021. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  2. Date de création de la municipalité (Municipalité de Ksar Hellal) [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 4 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  3. المعهد الوطني للإحصاء- تونس نسخة محفوظة 21 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
    • بوابة تجمعات سكانية
    • بوابة تونس
    • بوابة جغرافيا
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.