عمه العاهة

عَمَهُ العاهة[1] أو إنكار العاهة هو العجز  عن إدراك الذات، وهيَ عبارَة عن حالة يعاني الشخص فيها من عجز معين وهو غير مدرك بوجود هذا العجز. سُمي هذا المرض بهذا الاسم من عالم الاعصابجوزثف بابينسكي في عام 1914.[2] عمه العاهة ناتج عن ضرر أعصاب الدماغ في النصف الأيمن منه.[3][4][5] هذه الحالة تختلف عن حالة الانكار التي تنتج عن حاله نفسيه عند استقبال اي مصيبه سواء من وفاة أو غيرها. يرتبط كلاهما بضرر في النصف الأيمن من الدماغ. عمه العاهة احيانا يصاحبه حالة (Asomatognosia) وهو نوع من الإهمال بحيث أنهم ينفون ملكيتهم لأطرافهم. 

Anosognosia
معلومات عامة
الاختصاص علم النفس  
من أنواع عمه  

الأسباب

أسباب هذه الحالة إلى الآن ليست معروفة. كشفت دراسة أن عمه العاهة ظاهرة متعددة الأوجه. حيث أن بإمكانها أن تظهر بعديد من الأعراض العصبية و من ضمنها العجز الحركي (الشلل النصفي) و العجز الحسي ( العمى الشقي، الخدر أو التنميل النصفي) و العجز الحيزي (التجاهل وحيد الجانب) و عجز الذاكرة (العته) والعجز اللغوي (الحبسة الإستقبالية) بسبب خلل تشريحي- وظيفي في نظام المراقبة المنعزل.

عمه العاهة منتشر نسبياً بعد الاصابه بالعديد من إصابات الدماغ مثل جلطات الدماغ و إصابات الدماغ الناتجة عن حوادث (مثلاً 10% إلى 18% من حالات عمه العاهة في الشلل النصفي عند حدوث الجلطة الحادة).[6] لكن من الممكن ان تحدث بالتزامن مع تقريباً أي عجز عصبي. إنه أكثر حدوثا في الحالات الحادة من الحالات المزمنة وأكثر وضوحاً في تقييم الحالات المصابة بالآفات التي تستهدف النصف الدماغي الأيمن عن الأيسر، ولكن ليس له علاقة بارتباك الدماغ  الكلي أو المرونة الفكرية أو اضطرابات فكرية كبرى أخرى أو العجز الحسي أو الإدراكي.

عمه العاهة من الممكن أن يكون اختياريا بمعنى أن الشخص المصاب بالعديد من الاختلالات قد يبدو غير مدرك بعجز واحد بينما يكون مدركاً تماما بباقي الاختلالات. على سبيل المثال عمه العاهة للشلل النصفي ممكن أن يحصل مع الإدراك التام بتجاهل بصري حيزي وحيد الطرف أو العكس. ظاهرة الفصل المضاعف من الممكن أن تكون إشارة لاختلالات تابعة لجزء معين من الدماغ ذات الإدراك الحسي، بمعنى أن الضرر الدماغي ممكن يؤثر اختياريا على عملية المراقبة الذاتية للوظائف الحركية أو الذهنية.[7]

هذه الحالة لا يبدو ان لها علاقة مباشرة بالعجز الحسي ويُعتقد بأنها ممكن أن تكون نتيجة في ضرر لعمليات ذهنية عصبية ذات مستوى عالي والتي لها علاقة في دمج المعلومات الحسية مع العمليات التي تساند التمثيل الجسدي أو الحيزي (يدخل من ضمنها الجهاز الحسي الجسدي) و يُعتقد بأن عمه العاهة له علاقة بالتجاهل الوحيد الطرفي وهي حالة تتواجد غالبا بعد حدوث ضرر للفص الدماغي الغير طاغي (غالباً الفص الأيمن) حيث أن المصابين يبدون غير قادرين على فهم أي شيء على جزء معين من اجسادهم (غالبا الجزء الايسر).

هناك العديد من الدراسات التي تبين أن التحفيز التوازني من الممكن أن يحسن مؤقتاً كلا من متلازمة التجاهل الحيزي وحيد الطرف و عمه العاهة للشلل النصفي الأيسر.

كان هناك بعض الحالات من عمه العاهة للنصف الأيمن من الدماغ بعد فشل أو دمار النصف الايسر من الدماغ، ولكن معدل الاصابه بهذه الحالة لم يتم تقديرها. هذه الحالة تكون مصاحبة للزهايمر وغالبا تعرض مع قلة الإدراك في خلله و الإصرار على انه سليم ولايوجد اي اضطراب لديه (فلذلك تم تشبيهها بالزهايمر).

عمه العاهة يمكن ان تحدث كجزء من الحبسة الاستقبالية وهي حالة مرضية تسبب ضعف استيعاب للكلام و إنتاج الجمل بطلاقة ولكن بشكل غير مفهوم. المرضى الذين يعانون من الحبسة الاستقبالية لايستطيعون اصلاح مشاكلهم الصوتية وغالبا ما يكونون غاضبين ومحبطين مع الاشخاص الذين يتحدثون عن عدم قدرتهم في الفهم والاستيعاب.

التقييم

تقيم عمه العاهة سريرياً عن طريق إعطاء المرضى استبيان خاص لاجل تقييم حالتهم الذهنية العلمية لمشاكلهم. ومع ذلك لا يوجد استبيان خاص كامل لهذا المرض ولا يوجد فائدة تكشف ماهية المرض من خلال المعلومات المأخوذة من هذه الاستبيانات. الاختلافات موجوده بين المرضى الذين لايدركون مشاكلهم النفسيه من الاستبيانات ولكن قد لوحظ تردد في المشاركة في استبيانات الشبكة العنكبوتية.[8] على سبيل المثال المرضى الذين يعانون من عمه الهاعة بسبب الشلل النصفي قد يجدون أعذار لعدم القيام بالأعمال اليدوية رغم عدم اعترافهم بذلك مع إصابتهم بالشلل في الأطراف العلوية. حالات مشابهة يمكن أن تحدث للمرضى الذين يعانون من عمه العاهة بسبب اختلالات ذهنية بعد إصابتهم بضرر في الدماغ نتيجة حوادث عند مراقبة أخطائهم أثناء آداء المهام الخاصة بالذاكرة و الانتباه و عند تنبؤ نتائج آدائهم قبل القيام بها. ممكن أن تحدث الحالة بين مرضى العته ومرضى عمه العاهة الناتج عن اختلالات ذهنية المتعلقة بالعته عند حثهم بكلمات مشابهة للعته مما يظهر معالجة المرحلة السابقة للانتباه مباشرة و أخذ معرفة عن مشاكلهم المتعلقة بالذاكرة. المثير للاهتمام أن المرضى الذين يعانون من عمه العاهة قد يبالغون في ادائهم عندما يُسألون أسئلة مباشرة.

عند تقييم اسباب المرض مع مرضى يعانون من جلطات دماغية فإن التصوير المقطعي يُستخدم لمعرفة موقع ومدى انتشار الضرر في أماكن مختلفة من الدماغ. مرضى الجلطات الدماغية التي يصاحبها عمه العاهة وجد ارتباطها بالآفات في منطقة الفصوص الجانبية العلوية و منطقة المهاد عند مقارنتهم بالمرضى الذين لديهم حالة متوسطة من عمه العاهة أو عدم وجودها.[9] بالمقابل بعد المعاناة من جلطة دماغية، فإن الأشخاص الذين لديهم درجة متوسطة من عمه العاهة لديهم احتمالية عالية بالإصابة بآفات في منطقة العقد القاعدية مقارنة بالمصابين بالدرجة الحادة من نفس المرض.

علم النفس 

على الرغم من أن عمه العاهة يستخدم كمصطلح للدلالة على عدم القدرة على اللإدراك بالإصابة العصبية بعد الجلطات الدماغية أو إصابات الدماغ الناتجة عن حوادث، فإن نفس المصطلح يستخدم للإشارة إلى ضعف البصيرة عند المصابين بفقدان الشهية العصابي.[10] فلا يبدو أنهم قادرون على إستيعاب أنهم مصابون بمرض ذهني. هناك أدلة على أن العمه العاهي الانفصامي قد يكون ناتج عن اضطراب في الفص الأمامي. إي. فولير توريه (E. Fuller Torrey) عالم النفس والباحث في الانفصام، يذكر أن بين مرضي الفصام و ثنائي القطب فإن العمه العاهي هو أكثر سبب لعدم الانتظام في تناول الأدوية.[11] 

العلاج

لايوجد علاج طويل المدى لعمه العاهة. كما هو الحال مع التجاهل وحيد الطرف، فإن الاختبار الحراري الانعكاسي (سكب ماء بارد ما دون درجة التجمد) معروف بأنه يساعد في تخفيف عدم الوعي بالإصابة العصبية ولكن طريقة عمله غير معروفة. يتوقع أن السبب يكمن في جذب الانتباه الكامل لجهة معينة مما يحفز جهاز التوازن الذي يقوم مؤقتاً بالتأثير على الإدراك. أغلب الحالات تتعافى مع الوقت ولكن بعض الحالات قد لا تتعافى أبداً. في حالة عدم الاستجابة، فإن المرضى يتم اخضاعهم لجلسات العلاج المعرفي السلوكي لتعليمهم التكيف مع اطرافهم الغير مستجيبة. طريقة اخرى للعلاج هي باستخدام تنبؤات المرضى بطريقة استجابتهم لعمل معين قبل القيام به ومقارنتها بالنتائج الفعلية لتطوير بصيرتهم. الصعوبة في إعادة التأهيل العصبي هو عدم قدرة المرضى على استيعاب ان لديهم مشكلة من الأساس وبالتالي عدم بحثهم عن علاج.[12] في مرحلة الإصابة الحادة لا يمكن عمل الكثير سوى صنع علاقة علاجية بين المريض والمعالج من أجل الوصول لأسباب الارتباك والغيظ. نظرا لأن حدة الحالة تتغير بمرور الوقت فمن الصعب استخدام طريقة معالجة واحدة بجميع الحالات.

بالنسبة للمرضى النفسيين، فإن الدراسات أثبتت بأن حدة الحالة ترتبط بشكل كبير مع عدم الانتظام على العلاج و إعادة التنويم لشدة الحالة.[13] 15% من المرضى ذوي الحالات الشديدة يحتاجون إلى إكراه معنوي من أجل أن يحافظوا على استخدام الأدوية بشكل منتظم. يرتبط عمه العاهة بشكل كبير بالمشاكل الذهنية التي من الممكن أن تخل بالقدرة على الانتظام على العلاج.

قراءة إضافية

  • Amador, Xavier Francisco (2000). I am not sick, I don't need help! Helping the seriously mentally ill accept treatment. A practical guide for families and therapists. Vida Press. ISBN 0-9677189-0-2. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  • Berti, A.; Bottini, G; Gandola, M; Pia, L; Smania, N; Stracciari, A; Castiglioni, I; Vallar, G; Paulesu, E (2005). "Shared Cortical Anatomy for Motor Awareness and Motor Control". Science. 309 (5733): 488–91. doi:10.1126/science.1110625. PMID 16020740. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  • Clare L, Halligan P (2006). "Neuropsychological Rehabilitation.". Pathologies of Awareness: Bridging the Gap between Theory and Practice. Taylor & Francis(Psychology Press). ISBN 978-1-84169-810-6. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  • Lysaker, P; Bell, M; Milstein, R; Bryson, G; Beam-Goulet, J (1994). "Insight and psychosocial treatment compliance in schizophrenia". Psychiatry. 57 (4): 307–15. PMID 7899525. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  • Pia, Lorenzo; Neppi-Modona, Marco; Ricci, Raffaella; Berti, Anna (2004). "The Anatomy of Anosognosia for Hemiplegia: A Meta-Analysis". Cortex. 40 (2): 367–77. doi:10.1016/S0010-9452(08)70131-X. PMID 15156794. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  • Ramachandran, V. S.; Blakeslee, Sandra (1999). Phantoms in the brain: probing the mysteries of the human mind. New York: Quill. ISBN 0-688-17217-2. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  • Torrey, E. Fuller (2012). The Insanity Offense. New York: W.W. Norton & Company. صفحات 111–122. ISBN 978-0-393-34137-9. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  • Vuilleumier, P (2004). "Anosognosia: The Neurology of Beliefs and Uncertainties". Cortex. 40 (1): 9–17. doi:10.1016/S0010-9452(08)70918-3. PMID 15070000. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)

مراجع

  1. المعجم الطبي الموحد: عَمَهُ العاهَة (عدم إدراك الإصابة بعاهة موجودة)
  2. Prigatano, George P.; Schacter, Daniel L (1991).
  3. Moro, Valentina; Pernigo, Simone; Zapparoli, Paola; Cordioli, Zeno; Aglioti, Salvatore M. (2011).
  4. Vallar, Giuseppe; Ronchi, Roberta (2006).
  5. Vuilleumier, P (2004).
  6. Baier, B; Karnath, HO (2005).
  7. Hirstein, William (2005).
  8. Marcel, A; Tegnér, R; Nimmo-Smith, I (2004).
  9. Starkstein, S. E.; Fedoroff, J. P.; Price, T. R.; Leiguarda, R.; Robinson, R. G. (1992).
  10. "Anosognosia/anosognosic - Eating Disorders Glossary". glossary.feast-ed.org. نسخة محفوظة 02 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  11. Johnson, R. Skip (12 August 2014).
  12. Prigatano, George P.; Schacter, Daniel L. (1991).
  13. McEvoy J (1998).
    • بوابة طب
    • بوابة علوم عصبية
    • بوابة علم النفس
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.