سيدي حسين (تونس)
سيدي حسين أو سيدي حسين السيجومي ضاحية من ضواحي مدينة تونس (مدينة) بالجمهورية التونسية.
سيدي حسين (تونس) | |
---|---|
إحداثيات: 36°45′37″N 10°06′46″E | |
تقسيم إداري | |
البلد | تونس |
التقسيم الأعلى | ولاية تونس |
معلومات أخرى | |
الرمز البريدي | 1095 |
تضم منطقة سيدي حسين 109 آلاف ساكن وفقا للإحصاءات الرسمية الا أن الأرقام غير المعلنة تشير إلى تجاوز عدد سكانها 200 ألف ساكن. عدد ضخم يتوزع بين أحياء عشوائية تتضخم حاجتها إلى التطهير والخدمات الأساسية. ورغم جميع النقائص يستمر التوسع العشوائي في المنطقة في غياب واضح للقانون !
حين تتجه غرب العاصمة تونس حيث تتمركز أكبر الاحياء الشعبية وأكثرها حاجة إلى الاستصلاح والتهيئة يخطر ببالك الانطلاق من قصّة رمزيّة للمكان. ومن هنا كانت انطلاقتنا نحو معتمديّة سيدي حسين- إحدى أكبر معتمديات ولاية تونس- بحثا عن زاوية سيدي حسين السيجومي الذي اطلق اسمه على المنطقة.
هو حسين بن عطية بن إبراهيم بن عبد الله السيجومي توفي سنة 624 هجريا (1227 ميلاديا) تقدمه بلدية المكان في موقعها الإلكتروني على أنه أحد تلاميذ أبي الحسن الشاذلي وانه طالب علم مولع بالمساجد تقي متواضع وزاهد وانه كان يقول لمعارفه إنّ «المحب إذا نام عن محبوبه فقد كذب في حبه ومن أحب مولاه نصب في محبته الأقدام وحرم نفسه المنام «. وفي شهادة للشيخ سالم العرشي متحدثا عن حسين السيجومي «كان السيجومي شيخ الفوائد بكتاب الله وسنة رسوله وطريق القوم وزاويته كانت عامرة بقراءة القرآن وإطعام الطعام».
ذات الموقع يقول وهو يشيد بالقيمة الرمزية للشيخ حسين السيجومي إنّ «من زار قبره في السنة مرة فإنه يحفظه الله من كل ظالم» وان «قبره مشهور بالسيجومي والدعاء عند قبره مقبول».
لم يعد للقبر مكان اليوم... هُدِمَ اواخر العام 2011 والاتهامات موجهة إلى المتشددين دينيا والفوضويين في المنطقة ممن استغلوا الحراك الاجتماعي للاستيلاء على ملك الغير.
من هدم القبر ؟
بحثنا عن زاوية سيدي حسين السيجومي وكنّا مرفوقين بدليل من المنطقة هو ذاته تغيّر عليه المكان فحين توقفت بنا السيارة نزل يسأل الناس عن مقر الزاوية. تغيرت ملامح المكان. وما عاد أحد من سكان المنطقة يهتدي إلى الزاوية ولا باستطاعته الدعاء عند بابها كي «يحفظ نفسه من المظالم» فما بالك بزوارها الذين يأتون سنويا من مناطق مجاورة ومن دول مجاورة ايضا.
استقبلتنا سيدة في عقدها الرابع من العمر وأسرت لنا بتحفظ شديد بأن الزاوية انتهت قبل ست سنوات بعد ان اقتحم متشددون دينيّا المكان وحطموا قبر الشيخ السيجومي. طلبنا إذنها للدخول فزاد تلعثمها وهي تحاول إفهامنا بأن الزاوية اصبحت منازل خاصة بعد ان أصيبت المسؤولة عن الزاوية بجلطة وباع ابناؤها العقار لعدد من الخواص.
دخلنا ذلك الباب الازرق الذي كان يرتاده مريدو الشيخ السيجومي وزوار قبره بحثا عن بقايا لهذا المعلم الرمزي. خراب على واجهة «السقيفة» وابواب مغلقة يقطنها سكان يتعاملون بتحفظ شديد مع كل وارد. فانسحبنا بهدوء نطلب من السيدة ان تدلنا على مكان القبر الذي تم تهشيمه من قبل السلفيين وفقا لرواية الكثيرين هناك فاتضح لنا ان غرفة الاستقبال الصغيرة التي كان يجلس اليها زوار الزاوية قبل الدخول إلى مقر القبر للتبرك ولحفظ انفسهم من المظالم اصبحت محلا تجاريا صغيرا أمّا القبر فقد تم إلحاقه بالجامع ليصبح «ميضة».
لم يعد لهذا المعلم الرمزي اي وجود واختفى سيدي حسين السيجومي من سيدي حسين ورغم ذلك ما يزال زواره من دول مجاورة يأتون ويتساءلون في اي مكان يوقدون «شمعة» للولي الصالح...ولم يعد للذاكرة سوى باب ازرق قد يصبح هو الرمز والوجهة.
هذا المعلم التاريخي الثقافي الرمزي لشيخ من شيوخ تونس كان يمكن ان يشعّ تنمويا على المنطقة وان يكون ضمن الخارطة السياحية لمدينة تونس وان يكون نقطة جاذبة. لكن اندثاره كان سريعا والتهمة وجَّهها متساكنو المكان إلى المتشددين دينيّا لكن المستفيد الحقيقي من اندثار الزاوية هم سكانها الجدد. فمن هدم قبر حسين السيجومي ؟
اخلالات بيئية
هدم رمزية المكان لا تبدو ذات بال لدى سكان الشارع المحاذي فالعم مولدي العرفاوي خفّف من وطأة هذا المصاب الرمزي الحضاري التاريخي. وهو يمسح بيمناه على وجهه ويقول «حكاية فارغة موش موجود حتى في القرآن» ويطلب منا مرافقته عند آخر نهج ألمانيا المحاذي للزاوية حيث سدّ وادي انفاس السكان هناك.
يتوقف العم (.......)دقائق يستجمع قواه ويضغط بيسراه على كيس الخبز في قبضته قبل ان يقول لنا «اخبروا السلطات أننا نتنفس هنا بصعوبة. ونحتاج هواء نظيفا لرئاتنا فهناك من بين سكان هذه المنطقة من يعاني من مرض الربو الا ان هذا الوادي المنسي والذي تضيق منافذه عن الحاجة فيغرقنا بأوحاله وفضلاته حين تتهاطل الامطار وينغص علينا الاجواء برائحته الكريهة يحول دون عيشنا بسلام».
يصمت العم (.......) ويجول بنظره في الشارع الضيق الذي يتسع لمرور عربة واحدة وتطل عليه شرفات منازل جمّلها اصحابها بتصاميم عصرية كاعتماد البِلوّر في الواجهة وترك مساحات صغيرة للحدائق قبل ان يقول بقلب متضايق سكنت هذا الحي قبل 35 سنة حينها لم تكن هناك بنية تحتية لكنه كان أفضل بكثير من وضعه الحالي «أول ما سكنّا ما كان ثمّة شيء وخير من توّة اليوم قتلنا الوسخ».
الناس هناك متشابهون في ملامحهم فأغلبهم، خاصة من كبار السن، تماما مثل العم مولدي فقدوا الكثير من أسنانهم بسبب أمراض في اللثة وتشابهت تجاعيدهم المتعبة. قصصهم محزنة. فهم يشتكون وضع البنية التحتية ويشتكون عدم توفر خدمات النقل ويشتكون ايضا انتشار ظاهرة استهلاك المخدرات ويشتكون عطالة ابنائهم ويشتكون غياب الخدمات الأساسية.
انتشار المخدرات
«الامور موش باهية» كلمة يرددها كل من تحدثت اليه ويتفق أغلب المتحدثين على أن ثلاثية البطالة والمخدرات والبنية التحتية تفسد على الناس متعة الإقامة في سيدي حسين. فنسبة البطالة في المنطقة بلغت 15 ٪ وفقا للأرقام الرسمية. كما أن مؤشّر التنمية في المنطقة في حدود 0.397.
«البطالة كلاتنا» هكذا يقول (م ه ) الذي استوقفناه للسؤال. كما ذكر أن الكثير من الشباب العاطلين عن العمل هم من أصحاب الحرفة. لكن تعوزهم الامكانيات لفتح محلاّت صغيرة. كما أنه ليس من السهل الحصول على تمويلات للانتصاب للحساب الخاص وبعث مشاريع صغيرة وبالتالي تظل أسهل الأمور «الفساد» بالنسبة لمحمد ويقصد تورط هؤلاء في استهلاك المخدرات والعنف. وقال محمد أيضا إن انتشار الباعة المتجولين على تلك العربات الصغيرة المدفوعة يدوياً هو أبرز مؤشّر عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة مضيفا وهو يبتعد «لا خدموه لا خلّوه يخدم».
«الحرابش والزطلة ياسر» هكذا يقول العم (م ص ) مشيرا بدوره إلى تورط الشباب والأطفال أيضا في استهلاك هذه المواد بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانسداد آفاق التشغيل. كما يشتكي العم (م) من الكلام «البذيل» ويقصد البذيء ويضيف بعد صمت قصير وإطلاق زفرة فيها الكثير من التحسر «الشباب مشى في العفس» ويقصد أن الشباب بصدد دفع الثمن لعدم توفر فرص العمل واستصلاح الحياة.
ويحمل العم (م) مسؤولية التدهور البيئي للمواطن قائلا «هناك قلة وعي لدى المواطن» معتبرا أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضر والغلال هي مشكل جديد انضاف على عاتق متساكني المنطقة حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم 3 دنانير وسعر الكيلوغرام من الفلفل 1800 مي.
السبخة
«بطالة وإجرام ووسخ ياسر» تلك هي الثلاثية التي تقلق رضا اليعقوبي ساكن الحي منذ حوالي ربع قرن. وينتظر العم رضا الانتخابات البلدية للتصويت لمن سيعتبره الأصلح للمنطقة «فالمهم ليس في التصويت فحسب المهم اليوم في اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب «موش الفائدة في التصويت فقط» فقد صوتنا من قبل و»طلعت حكاية فارغة» لذا سنختار الأصلح».
ويتحدث العم (ر)بوجه متعب وبصوت فيه خيبات أمل كثيرة. فيقول «كل يوم هناك زيادة في الأسعار فهل يعقل أن نقتني اللتر الواحد من الزيت المدعم بـ1500 مي والحال أن سعره الذي تحدده السلطات هو 900 مي» مضيفا «زيت الحاكم «بالبونوات» وضعيف الحال هو من دفع الثمن فيا حكومة انظري إلى هؤلاء ضعاف الحال ولاقي حلّا جذري لازمة الاحتكار».
وقال أيضا إن المواطن في المنطقة أصبح يفضّل الصمت عن مثل هذه التجاوزات فقط لأنه ليس هناك من يتقبل شكوى المواطن ويتفاعل معها بشكل فوري فينهي الأزمة. أمّا أكثر ما يقلق شريف عطافي، صاحب دكان صغير، فهو التنوير البلدي الذي يشتعل مرة وينطفئ مرات كثيرة كما يقلقه نقص الفضاءات الترفيهية الثقافية والرياضية للشباب والأطفال «وإن توفرت هذه الفضاءات فهي تتبّع القطاع الخاص ويحتاج الانخراط فيها إلى مصاريف إضافية. ويقول بعد صمت قصير «يتدرب رياضيا ثم «يجي تحت الحيط أو يعمل برويطة في الكياس» ويقصد هنا انسداد آفاق التشغيل. ثم يلتف تجاه طفل يبدو في 12 سنة من العمر جاء لاقتناء حاجيته من الدكان ويسأله «أين تلعب ؟» فيردّ الطفل بابتسامة تلقائية «في السبخة». وفي باقي أرجاء سيدي حسين الكثير من النقائص والكثير من الاكتظاظ والكثير من البناءات العشوائية التي تدخلت السلطات لاحقا- في ثمانينيات القرن الماضي وخلال السنوات الأخيرة- لتصنع منها شبه شوارع ولتمد بين أزقتها الضيقة قنوات صرف صحي لم تعد تفي بالحاجة فتفيض مرات عدة وتقذف كل قاذوراتها في الشوارع. هناك سبق المعمار الممتد بشكل فوضوي مد شبكات البنية التحتية من قنوات صرف صحي ومن تنوير عمومي وماء صالح للشراب. وهناك يتزايد عدد السكان بشكل سريع ويتمدد العشوائي فعدد السكان فاق 200 ألف وعدد الوافدين سنويا بلغ 9 آلاف وافد جديد وفقا لإحصاءات المعهد الوطني للإحصاء في ما يتعلق بالهجرة الداخلية. كما تشهد المنطقة معدل نمو ديمغرافي يقدر ب8.2 ٪ والحال أن هذا المؤشر لا يتجاوز 0.73٪ بولاية تونس. هذه الحركة الديمغرافية أفرزت ظهور نواتات سكنية عشوائية جديدة مثل الجيارة العليا واكتساح مساكن عشوائية لحرمة قنال مجردة في بيرين وبالتالي ستنضاف إلى المنطقة أحياء فوضوية جديدة ستزداد حاجتها إلى البنية التحتية وتلجأ السلطة مرة أخرى إلى التعامل معها بالحلول الترقيعيّة. هذا الامتداد الجديد للمساكن الفوضوية فسره البعض بالأزمة التي يعيشها أصحاب الاراضي الفلاحيّة في المنطقة فيضطرون إلى بيع أراضيهم «بالحبل» اي بيعها كمقاطع صالحة للبناء والسكن. وقد بلغ سعر المتر مربع الواحد في تلك المناطق 35 دينارا وفقا لبعض الشهود. فهل تحول السلطات دون تشكّل هذه الاحياء العشوائية الجديدة ؟
السياسة في سيدي حسين
خلال الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2014 لم تحظ الأحزاب الكبرى بثقة الناخبين في سيدي حسين. إذ توجه للتصويت أكثر من 21 ألف ناخب توزعت أصواتهم بين مختلف القائمات سواء الحزبية أو المستقلة بل إن بعض القائمات مثل قائمة البؤساء حظيت باهتمام الناخبين وكان ناخبو سيدي حسين في مراتب أولى من حيث انتخابها. وقد فاز حزب الوطني الحر بمقعد لتمثيل سيدي حسين في البرلمان تمثله النائبة ألفة الجويني.
مشاهير سيدي حسين
فنان الراب بلطي
لاعب الترجي الرياضي التونسي طارق العبدلي
لاعب الترجي الرياضي التونسي وليد العبدلي
سيدي حسين في أرقام
8
آلاف هكتار مساحة المعتمديّة أي حوالي ثلث المساحة الجمليّة لولاية تونس
200
ألف ساكن هو عدد السكان.
19
مدرسة ابتدائية.
9
معاهد وإعداديات.
17 ٪
هي نسبة الفقر في سيدي حسين.
15 ٪
نسبة البطالة.
- بوابة أعلام
- بوابة تجمعات سكانية
- بوابة تونس
- بوابة جغرافيا