سلاف

السلاف أو الصّقالبة هم مجموعة إثنية لغوية هندو أوروبيَّة يتحدثون باللغات السلافيَّة المتنوعة للمجموعة اللغوية البلطيقية السلافيَّة الأكبر. هم مواطنون في أوراسيا، ويمتد انتشارهم من وسط وشرق وجنوب شرق أوروبا على طول الطريق نحو الشمال والشرق إلى شمال شرق أوروبا وشمال آسيا (سيبيريا) والقوقاز وآسيا الوسطى (وخاصةً كازاخستان وتركمانستان) وكذلك تاريخياً في أوروبا الغربية (لا سيَّما في ألمانيا الشرقية) وغرب آسيا (بما في ذلك الأناضول). من أوائل القرن السادس انتشروا ليعيشوا في غالبية مناطق أوروبا الوسطى والشرقية والجنوبية الشرقية. يوجد اليوم عدد كبير من الجالية السلافية في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، ولا سيما في الولايات المتحدة وكندا نتيجة للهجرة.[1]

World map of countries with:
  Majority Slavic ethnicities
  Minority Slavic populations (≥10%)

السلاف هم أكبر مجموعة عرقية لغوية في أوروبا.[2][3] يُصنف السلافيون في الوقت الحالي إلى السلاف الشرقيين (معظمهم من البيلاروسيين والروس والروسينين والأوكرانيين) والسلاف الغربيين (بشكل رئيسي التشيك، والكاشوبيين، والمورافيين، والبولنديين، والسيلانيين، والسلوفاك والصوربيينوالسلاف الجنوبيين (بشكل رئيسي البوشناق، والبلغار، والكروات، والمقدونيين، والغوراني، والمونتينيغريين، والصرب والسلوفينيين).[4][5][6]

يُمكن تقسيم السلاف حسب الدين. تمارس المسيحية الأرثوذكسية الشرقية من قبل غالبيَّة السلاف. يضم السلاف الأرثوذكس البيلاروسيين والبلغار والمقدونيين والمونتينيغريين والروس والروسينين والصرب والأوكرانيين ويتم تعريفهم من خلال العادات والتقاليد الأرثوذكسية الشرقية والألفبائيَّة السيريلية بالإضافة إلى ارتباطهم الثقافي بالإمبراطورية البيزنطية (كما يستخدم الصرب الأبحدية اللاتينية على قدم المساواة). ثاني أكثر دين هي مذهب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وتشمل الشعوب السلافية الكاثوليكية كل من الكروات، و التشيك، والكاشوبيين، والمورافيين، والبولنديين، والسيلانيين، والسلوفاك والسلوفينيين والصوربيين، ويتم تعريفهم من خلال تأثيرهم اللاتيني وتراثهم وارتباطهم بأوروبا الغربية. هناك أيضاً أقليات كبيرة من البروتستانت واللوثريين وخاصةً بين السلاف الغربيين، مثل الشعوب التاريخيَّة البوهيميين والهوسيين.

ثاني أكبر ديانة مُعتقة بين السلاف بعد المسيحية هي الإسلام، وتضم مجتمعات السلاف المسلمين كل من البوشناق، والبوماك (المُسلمين البلغار)، والغوراني، والتوربيش (المسلمين المقدونيين)، وغيرهم من المسلمين في يوغوسلافيا السابقة. تتنوع الدول السلافية الحديثَّة والمجموعات العرقية بشكل كبير من الناحيتين الوراثية والثقافيَّة، وتتراوح العلاقات بينها - حتى داخل المجموعات الفردية - من التضامن العرقي إلى العداء المتبادل.[7]

الاسم الإثني

ذُكر اسم السلاف لأول مرة في القرن السادس ميلادي من طرف المؤرخ بروكوبيوس القيسراني، وجاء الاسم مكتوبًا باللغة اليونانية البيزنطية، وأطلق على السلاف عددًا من التسميات المختلفة، مثل سكلابوي وسكلابينوي وسكلاوني وسفابينوي، بينما أشار زميله المعاصر يوردانس إلى السلاف بالاسم اللاتيني سكلافيني. تثبت أقدم الوثائق المكتوبة بالسلافونية الكنسية القديمة، والتي يعود تاريخها للقرن التاسع ميلادي، أن الاسم سلوفيني هو الاسم الذي أطلقه السلاف على أنفسهم. تعود تلك الأشكال إلى اسم سلافي أصلي (ذاتي)، وبالإمكان إعادة تشكيل هذا الاسم من السلافية البدائية ليصبح سلوفينين Slověninъ.

اشتُق الاسم الذاتي المعاد بناؤه، سلوفينين، من سلوفو («كلمة»)، والتي كانت تشير أصلًا إلى «الشعب الذي يتكلم (اللغة ذاتها)»، أي الشعب الذي يفهم بعضه الآخر، على عكس الكلمة السلافية التي تشير إلى الشعب الألماني، وهي كلمة «نيميس» němъ، والتي تعني «شعب صامت (من السلافية نيم، والتي تعني صامت أو شخص يصدر تمتمة)». يعود أصل كلمة سلوفو («كلمة») وكلمة سلافا («المجد، أو العز») المرتبطة بها وكلمة سلوخ («السمع») إلى الجذر الهندوأوروبي البدائي كليف («يُحكى عنه، أو المجد أو الشهرة»)، وتلك مشابهة للكلمة الإغريقية كليوس («الشهرة أو العز»)، مثل اسم بيركليس، أو الكلمة اللاتينية كليو («تعني: يُدعى») والإنجليزية لاود (صوت عالٍ).

الأصول

الإشارات الأولى

أصل هجرة السلاف في أوروبا خلال الفترة ما بين القرن الخامس حتى القرن العاشر بعد الميلاد

تشير المصادر الرومانية القديمة إلى الشعوب السلافية المبكرة بفينيتي، وهم شعبٌ استوطن منطقة وسط أوروبا شرق قبائل سويبي الجرمانية، وغرب السارماتيين الإيرانيين في القرن الأول والثاني ميلادي. ذُكر السلاف في السجلات البيزنطية في أوائل القرن السادس، ودُعيوا بشعب أنتيس وسكلافيني. وصف المؤرخون البيزنطيون –أمثال بروكوبيوس القيسراني ويوردانس وثيوفيلاكت سيموكاتا– خلال عهد الإمبراطور جستينيان الأول (572–565) تلك القبائل السابقة والتي برزت من منطقة جبال الكاربات والدانوب الأدنى والبحر الأسود، وذكروا أن السلاف غزوا الولايات التابعة للإمبراطورية الرومانية الشرقية ضمن محيط نهر الدانوب.[8][9]

يصف يوردانس في مؤلفه غيتيكا (المكتوب عام 551 ميلادي) شعب فينيتي بـ «الأمة المعمورة»، وتمتد أراضيهم من منابع نهر فيتسولا، ويحتلون «مساحات شاسعة من الأراضي». يصف يوردانس شعب فينيتي بأنهم سلف قبائل أنتيس وسلافيني، وتلك قبيلتان سلافيتان قديمتان، ويدّعي أن فينيتي ظهرت في القرن السادس ميلادي على الحدود المتاخمة للإمبراطورية البيزنطية. كتب بروكوبيوس في عام 545 أن «قبيلتا السكلافيني والأنتيس امتلكتا اسمًا واحدًا في الماضي السحيق، فدُعيت كلتا القبيلتين في العصور الغابرة باسم سبوروي». اشتُق الاسم سبوروي من الكلمة الإغريقية σπείρω (والتي تعني «أُبرغلُ الحبوب»). يصف بروكوبيوس هؤلاء بالبرابرة الذين يعيشون تحت سقف الديموقراطية ويؤمنون بإله واحد، «صانع الضوء» (أو بيرون)، ويقدمون له الأضحيات. عاش أفراد أنتيس وسلافيني في مستوطنات متفرقة، وكانوا يتنقّلون من مستوطنات إلى أخرى جديدة بشكل دائم. في الحرب، كان أغلب السلاف من جنود المشاة، ومسلحين بدرع صغير وبلطة حرب، وكانوا يرتدون ملابس خفيفة، لكن البعض منهم خاضوا معاركًا وهم عراة ولم يستروا سوى أعضائهم التناسلية. كانت لغتهم «بربرية» (أي أنها لم تكن إغريقية)، وتشارك أفراد القبيلتين المظهر ذاته تقريبًا، فكانوا طوال القامة وأقوياء، «لم يكن لون أجسادهم وشعرهم فاتحًا أو أشقرًا، ولم يميلوا في المقابل لامتلاك صفات العرق الأسود، لكن أغلبهم من ذوي اللون المائل للحمرة نوعًا ما. كانوا يعيشون حياة صعبة، ولا يكترثون أبدًا بالراحة الجسدية...» يقول يوردانس أن شعب سلافيني عاشوا في المستنقعات والغابات بدلًا من المدن. يشير مصدر آخر من القرن السادس عشر إلى تلك القبيلة، ويؤكد أنهم عاشوا في الغابات والأنهار والبحيرات والسبخات غير القابلة للاختراق.[10][11]

انظر أيضاً

المراجع

  1. Geography and ethnic geography of the Balkans to 1500 نسخة محفوظة 31 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. "Slavic Countries". WorldAtlas (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 2 يوليو 2019. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  3. Barford 2001، صفحة 1.
  4. Kamusella, Tomasz; Nomachi, Motoki; Gibson, Catherine (2016). The Palgrave Handbook of Slavic Languages, Identities and Borders. London: Palgrave Macmillan. ISBN 9781137348395. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  5. Serafin, Mikołaj (January 2015). "Cultural Proximity of the Slavic Nations". مؤرشف من الأصل (PDF) في 08 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 أبريل 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  6. Živković, Tibor; Crnčević, Dejan; Bulić, Dejan; Petrović, Vladeta; Cvijanović, Irena; Radovanović, Bojana (2013). The World of the Slavs: Studies of the East, West and South Slavs: Civitas, Oppidas, Villas and Archeological Evidence (7th to 11th Centuries AD). Belgrade: Istorijski institut. ISBN 978-8677431044. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  7. Robert Bideleux; Ian Jeffries (January 1998). A History of Eastern Europe: Crisis and Change. Psychology Press. ISBN 978-0-415-16112-1. مؤرشف من الأصل في 26 مارس 2017. الوسيط |CitationClass= تم تجاهله (مساعدة)
  8. Coon, Carleton S. (1939) The Peoples of Europe. Chapter VI, Sec. 7 New York: Macmillan Publishers.
  9. Tacitus. Germania, page 46.
  10. Curta 2001: 38. Dzino 2010: 95.
  11. Curta 2001، صفحات 91–92, 315.
    • بوابة الأمريكيتان
    • بوابة آسيا
    • بوابة البلقان
    • بوابة أوروبا
    • بوابة علم الإنسان
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.