دولة فيتنام
فـيتـنــام دولة من دول منطـقة جنوب شرقي آسيا.[1] وهي ذات مناخ مداري، وتمتد إلى الجنوب من الصين في شكل منحنى ضيق وطويل مماثل للحرف اللاتيني (s) وهي محاطة من الجهة الغربية بكل من دولتي لاوس وكمبوديا. وعاصمتها هانوي، بينما تعتبر مدينة هوشي منَّهْ كبرى مدن البلاد.
دولة فيتنام | ||||||
---|---|---|---|---|---|---|
| ||||||
عاصمة | مدينة هو تشي منه | |||||
نظام الحكم | غير محدّد | |||||
نظام الحكم | دولة مرتبطة | |||||
| ||||||
التاريخ | ||||||
| ||||||
يعيش معظم السكان في القرى المنتشرة على السهول الساحلية ودلتاوات الأنهار، حيث يُزرع الأرز وبعض المحاصيل الأخرى في الأراضي الخصبة. وبالنسبة لقطاعات واسعة من سكان السواحل، يُشكل صيد الأسماك أهم وسيلة لكسب العيش.
وفي الماضي البعيد كان الفيتناميون يعيشون فيما يُعرف الآن بفيتنام الشمالية. وحكم الصينيون هذه المنطقة منذ عام 100ق.م، وحتى القرن العاشر الميلادي، حيث نجح الفيتناميون في تأسيس أول دولة فيتنامية مستقلة. وخلال التسعمائة سنة التي تلت القرن العاشر الميلادي، توسعت المنطقة الواقعة تحت سيطرة هذه الدولة لتشمل كل المساحة المعروفة الآن باسم فيتنام.
وسيطر الفرنسيون على فيتنام في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. واستمرت السيطرة الفرنسية على فيتنام حتى سنوات الحرب العالمية الثانية، حيث احتلتها اليابان. وبعد هزيمة اليابان عام 1945م، حاولت فرنسا استعادة سيطرتها مرة أخرى. ولكن الفِيْتْ منَّه وهي منظمة سيطر عليها الشيوعيون بزعامة هوشي مِنَّه استلمت مقاليد السلطة في الجزء الشمالي من فيتنام. ونشب قتال عنيف بين هؤلاء والفرنسيين عام 1946م. وانتهت المعارك بهزيمة فرنسا عام 1954م في معركة ديان بيان فو. وانعقد مؤتمر سلام دولي بعد ذلك لإيجاد تسوية سلمية للنزاع بين الطرفين. وقرر المؤتمر الذي عقد في جنيف، عاصمة سويسرا تقسيم فيتنام الشمالية إلى قطاعين مؤقتاً. سيطر الشيوعيون على القطاع الشمالي الذي سُمي فيتنام الشمالية بينما تسلم الفيتناميون غير الشيوعيين القطاع الجنوبي الذي أُطلق عليه اسم فيتنام الجنوبية.
وفي عام 1957م قاد أعضاء الفيت منه في فيتنام الجنوبية تمرداً ضد حكومتهم. ثم تلقوا دعماً واضحـاً وعلنيـاً من فيتـنام الشماليـة اعتباراً من عام 1959م.
وكان هدف الشيوعيين توحيد البلاد تحت سيطرتهم. تطور القتال الدائر في ذلك البلد إلى ماعرف بحرب فيتنام. تلقى الشيوعيون دعماِ متواصلاً من الصين والاتحاد السوفييتي السابق وغيرهما من بلدان المعسكر الاشتراكي؛ على حين ساندت الدول غير الشيوعية جمهورية فيتنام الجنوبية. وقد أصبحت الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لفيتنام الجنوبية، حيث دعمت حكومتها بالمؤن والمعدات العسكرية وبمئات الآلاف من القوات العسكرية. وفي عام 1973م، اتفق أطراف النزاع على وقف إطلاق النار، ومن ثَمَّ سحبت الولايات المتحدة آخر دفعة من قواتها من أرض فيتنام. ولكن سرعان ما استأنف الشيوعيون عملياتهم الحربية. وفي أبريل 1975م، هزم الشيوعيون فيتنام الجنوبية، وسيطروا عليها بشكل كامل. وفي عام 1976م، تم توحيد شمالي وجنوبي فيتنام لتصبح دولة واحدة هي فيتنام. لمزيد من التفاصيل، انظر: حرب فيتنام.
نظام الحكم
يعتبر قادة فيتنام دولتهم جمهورية، أما السلطة فهي دكتاتورية الطبقة العاملة. وعلى صعيد الممارسة فإن الشعب يخضع خضوعاً تاماً وشاملاً للحزب الشيوعي.
الحزب الشيوعي
يقوده مكتب سياسي مؤلف من خمسة عشر عضواً. وهذا المكتب أقوى مؤسسة حكومية في فيتنام، وهو المسؤول عن صياغة السياسات العامة للدولة.
الجمعية الوطنية
تضم الجمعية الوطنية 395 عضواً يتم انتخابهم لفترة خمس سنوات. وتجتمع هذه الجمعية ثلاث مرات سنوياً لإجازة القوانين والسياسات المقررة من قبل الحزب. وتنتخب الجمعية الوطنية رئيس البلاد من بين أعضائها. ويشغل الرئيس منصبه لفترة خمس سنوات أيضاً. ولرئيس البلاد، بموافقة الجمعية الوطنية، أن يعين أو ينهي خدمات نائب الرئيس ورئيس الوزراء وغيرهم من موظفي الدولة. ويساعد مجلس الوزراء الرئيس في القيام بأعباء الحكومة.
الحكومات المحلية
تنقسم دولة فيتنام إلى 50 محافظة وثلاث مدن غير خاضعة لهذا التقسيم، إلى جانب قطاع ثالث يتمتع بوضع خاص. أما المدن فهي هانوي وهايفونج وهو شي منه. أما القطاع ذو الوضع الخاص فهو فونغ تاو ـ كون داو إلى الجنوب الشرقي من مدينة هوشي منَّه. وتقوم مجالس شعبية بتصريف شؤون الحكم على مستوي المحافظات والمناطق والقرى. وعلى الحكومات المحلية الالتزام بتوجيهات الحزب الشيوعي. ويرشح الحزب أعضاء الحكومات المحلية على أن يتم انتخابهم من قبل الشعب. ومن مهام أعضاء الحكومات المحلية انتخاب القيادات العليا للحكم المحلي.
المحاكم
يسيطر الحزب على النظام القضائي. ويتألف هذا النظام من محكمة الشعب العليا، ومحاكم الشعب المحلية والمحاكم العسكرية.
القوات المسلحة
الجيش الفيتنامي واحد من أكبر الجيوش في العالم. وتسمى مجمل القوة جيش الشعب الفيتنامي. ويبلغ عدد أفراده 700,000، إلى جانب سلاح الطيران وأسطول بحري صغير. أما القوات شبه النظامية من مليشيات وقوات دفاع الحدود فتبلغ حوالي أربعة ملايين مجند.
السكان
الأطفال الفيتناميون يقفون أمام أحد مساكن القرية في جنوبي فيتنام. معظم الفيتناميين كهؤلاء الأطفال لهم وجوه عريضة وعظم وجني مرتفع وشعر أسود مسترسل. قبل آلاف السنين، حدث نزوح إلى هذه المنطقة من جهة الشمال ومن الجزر الموجودة في الجهة الجنوبية. ومن هنا فإن الشعب الفيتنامي مزيج أو نتاج هجرة ثنائية لمجموعتين من السكان. وفي الوقت الراهن، تشكل العناصر المنحدرة من هاتين المجموعتين حوالي 90% من سكان فيتنام. والصينيون، والخمير، والتاي والتاييون هم أكبر الأقليات السكانية في هذا القطر.
معظم سكان فيتنام لهم وجوه عريضة ويتميزون بارتفاع عظمة الوجنة، وشعر أسود مسترسل. ويزيد طول الفيتنامي في المتوسط، على 150 سم، ويزن كذلك حوالي 54كجم. ويُلاحظ أن المرأة الفيتنامية على العموم أقصر من الرجل.
عدد السكان
بلغ عدد سكان فيتنام حوالي 82,648,000 نسمة عام 2000م، منهم حوالي مليون وربع الميون من التاي، ومليون من التايين ومليون من الصينيين و900,000 من الخمير.
في مدينة هوشي منَّه، كبرى مدن البلاد، يعيش نحو 4,000,000 نسمة، وفي هانوي 3,000,000 نسمة، أما في هايفونج فيعيش نحو مليون ونصف المليون من البشر. وللمزيد من المعلومات، انظر: هايفونج؛ هانوي؛ هوشي منه، مدينة.
أنماط المعيشة
لم يحدث تَغَيُّر يذكر في نمط حياة الفيتنامي منذ مئات السنين السابقة على التدخل الفرنسي في آواخر القرن التاسع عشر الميلادي. ومنذ ذلك التاريخ، فإن الفرنسيين والشيوعيين والأمريكيين، وسنوات الحرب المتصلة في منتصف هذا القرن، أحدثت تغييرات هائلة في هذا البلد. المحال التجارية بسوق مدينة هوشي منه كبرى مدن فيتنام التي تزدحم بالباعة المتجولين. درج الكثيرون منهم على عرض منتجاتهم من المحاصيل والسلع الأخرى على الأرصفة أمام المتاجر. وخلال القرن التاسع عشر، كانت فيتنام مجتمعًا زراعيًا قائمًا على روابط أسرية متينة. وكان معظم السكان يعيشون في قرى عمادها الزراعة. كان ولاؤهم أولاً وأخيراً لعائلاتهم ومصالحها المباشرة، حيث كان أكبر أفراد الأسرة سناً هو رأس العائلة، ويحل محله الابن الأكبر في حالة وفاته. كانت معظم العائلات ذات القربى تعيش حياة مشتركة. وقد شمل نظام العائلات الممتدة الآباء والأبناء غير المتزوجين، وأكبر الأبناء سناً، وزوجته وأبناءه. كان الآباء هم الذين يختارون زوجات أبنائهم. والعائلات حريصة على الاحتفاء بتاريخ الأجداد عبر ممارسة الطقوس الخاصة.
في أواخر القرن التاسع عشر، سيطرت فرنسا على فيتنام. أدخل الفرنسيون عديدًا من الصناعات مما أدى إلى التحاق أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الزراعية بالمصانع التي أقيمت في المدن. وفي نفس الوقت، تم تطوير الزراعة وتوسيعها، وخاصة في مجال صناعة المطاط. وفي ظل السيطرة الفرنسية، برزت طبقة من الإقطاعيين فاقت ملكيتها جميع ملكيات الأراضي الزراعية السابقة في أرض فيتنام. ولكن معظم الأحداث التي أدت إلى تغيير نمط الحياة الفيتنامية، بدأت في أواسط القرن العشرين. فالشيوعيون الذين آلت إليهم السلطة بدأوا في إجراء تغييرات تتفق مع مبادئهم وسيطروا على كل جوانب الحياة. وفرضوا على الجميع مبادئ وتوجيهات الحزب، بما في ذلك إرغام النساء على أداء المهام المنوطة بالرجال، وعدم تشجيع الممارسات الدينية والشعائرية، بما في ذلك تقديس الأجداد.
وكانت للحرب عواقب اجتماعية أخرى. فعلى سبيل المثال، كان على الوالد أو الابن التخلي عن أسرته للالتحاق بالمقاتلين. ومات مئات الآلاف أثناء تلك الحرب، وأثناء القصف الجوي لشمالي فيتنام. واضطر الآلاف للنزوح إلى القرى. ولكن المعارك البرية كانت ساحتها المناطق الريفية من فيتنام الجنوبية. و أدت هذه المعارك إلى نزوح السكان للمدن الجنوبية، حيث حدث تماس بينهم وبين القيم والعادات الغربية من خلال احتكاكهم بدوائر الأعمال الأمريكية وموظفي الحكومة وآلاف الجنود الأمريكيين الموجودين في البلاد.
الملابس
يرتدي السكان ملابس قطنية، ولكن أنماط الزِّي تختلف بين الشمال والجنوب. ففي مدن الشمال، يلبس معظم الرجال والنساء سروالاً أسود مع بَزَّة ضيقة بيضاء أو سوداء اللون. أما الأحذية فغالبيتها صنادل مصنوعة من إطارات السيارات القديمة. ونجد نفس الزي في بعض مدن الجنوب. ولكن معظم السكان الذكور، الذين كانوا يقيمون بالجنوب قبل السيطرة الشيوعية يرتدون الزي الغربي. ولازالت غالبية النساء حريصات على لبس الزي التقليدي أُوْدَاي، وهو جلباب طويل يشبه المعطف، تحته سروال أبيض أو أسود. وفي المناطق الريفية الشمالية تلبس النساء ملابس فضفاضة تتكوَّن من قميص وتنورة، على حين يرتدي بعض الرجال ثيابًا تشبه المعاطف تغطي الركبتين. أما الريفيون من سكان الجنوب، فيلبسون السراويل الفضفاضة والقمصان ذات الأكمام الطويلة.
المساكن
يختلف المعمار المنزلي في الجنوب عن نظيره في الشمال، وذلك لاعتبارات مناخية. فالشمال يتميز بالبرودة، لذلك تُشَيَّد الجدران من الخشب العادي أو الخيزران، والأسقف من البلاط أو القرميد. أما في الجنوب الأكثر دفئاً، فإن معظم المساكن الريفية مشيدة من أوراق النخيل والقش. وفي أيامنا هذه، تُستخدم صفائح معدنية وبلاستيكية في الأسقف، علماً بأن الخشب والآجر والبلاط تستخدم بشكل واسع في المدن والقرى الكبيرة.
الطعام
الغذاء الرئيسي للفيتناميين السمك والأرز والخضراوات. والأرز الغذاء الرئيسي منذ أقدم العصور.
اللغة
اللغة الرسمية هي الفيتنامية، ولكن لها ثلاث لهجات شبه متماثلة هي الشمالية والوسطى والجنوبية. ويتحدث معظم السكان اللغة الفيتنامية إلى جانب لهجاتهم المحلية. وهناك نحو 20 لهجة بين عناصر المونتاجنارديين. وتتحدث مجموعات كبيرة من سكان المدن لغات أجنبية كالإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية.
التعليم
عقب تقسيم فيتنام عام 1954م، حاولت كلٌّ من الدولتين توسيع قاعدة التعليم العام. ولكن العمليات الحربية أعاقت العملية التعليمية والتربوية، واستنفدت كل الموارد التي كان يمكن توظيفها في مجال التعليم وإعداد المعلمين. ومنذ انتهاء الحرب، ظل الوضع الاقتصادي مزرياً، ولم يتيسر للحكومة توظيف موارد كافية لقطاع التعليم. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن معظم السكان يعرفون القراءة والكتابة.
ويسيطر الحزب الشيوعي على العملية التعليمية برمتها. ويتألف السلم التعليمي من المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والتعليم المهني المخصص لإعداد عمال مهرة. وهناك جامعتان في هذا البلد إلى جانب أكثر من 40 كلية ومدرسة متخصصة. وتعتبر جامعة مدينة هوشي منه أكبر جامعات البلاد.
الدين
لايشجع قادة فيتنام أي شكل من أشكال الممارسة الدينية. ومعظم الفيتناميين الذين يمارسون الشعائر الدينية ينتمون للديانة البوذية. وتَعْبُد قطاعات واسعة من السكان النباتات وأرواح الحيوانات، بينما هناك العديد من السكان الذين يؤمنون بالكونفوشية والطاوية. ويعتنق حوالي 10% من السكان المسيحية الكاثوليكية. وهناك ديانات صغيرة نشأت بعد 1920م في الجنوب وهي: هو هاو، والكاو داي. والأولى قريبة من البوذية على حين أن الثانية خليط بين تعاليم البوذية والطاوية وغيرها من الأديان.
الفنون
ظلَّ الشعر أكثر أنواع الإبداع الأدبي والفني شعبية في فيتنام، كما أن الشعراء يتمتعون على الدوام باحترام وتقدير الشعب. ويردد معظم السكان أبياتاً من قصيدة كيم فان كيو التي تدور حول قصة حب وتضحية. وهذه القصيدة تُنْسَب للشاعر نجوين دو الذي عاش بين أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر الميلادي.
وقد بدأت الرواية الحديثة في الانتشار خلال سنوات الحكم الفرنسي. ولازالت تجد رواجاً كبيراً خاصة في الجزء الجنوبي. ولكن في الوقت الراهن، يمارس النظام الشيوعي رقابة صارمة على حركة تداول المطبوعات.
يعكس الطابع الفني السائد في فيتنام المؤثرات الصينية، وتأثير المدارس الفرنسية الحديثة، في حين ينعكس أثر التراث المعماري التقليدي في الباجودا، أي المعابد والأضرحة والآثار الملكية القديمة.
السطح والمناخ
فيـتـنــــــــــام الخريطة السياسية
تحتل فيتنام الساحل الشرقي من شبه جزيرة الهند الصينية. ويصف الفيتناميون بلادهم بأنها تشبه سَلَّتَي أرز معلقتين على طرفي عمود. فدلتا نهر الميكونج في الجنوب هي إحدى هاتين السلتين، بينما تشكل دلتا النهر الأحمر في الشمال السلة الثانية. أما الشريط الأرضي الضيق الواصل بين الاثنتين فهو بمثابة العمود الذي يحمل السلتين.
وتمتد فيتنام لمسافة 1,600كم من حدود الصين الجنوبية إلى خليج تايلاند. وتوجد أكثر المناطق اتساعاً من ناحية الطول في الجزء الشمالي، وتمتد لمسافة 650كم من حدود لاوس إلى خليج تونكين. أما أواسط البلاد فلاتتعدى حوالي 50كم.
- وتنقسم فيتنام إلى خمسة أقاليم هي
1- المرتفعات الشمالية
2- دلتا النهر الأحمر
3- سلسلة جبال أنامايت
4- السهول الساحلية
5- دلتا الميكونج.
المرتفعات الشمالية
إقليم جبلي في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، حيث تمتد الجبال إلى داخل الصين ولاوس. وتغطي الغابات أوالأجمات معظم الجبال. ويتميَّز هذا الإقليم بقلة السكان. وتبلغ أعلى قمة جبلية في هذه المنطقة حوالي 3,143 م فوق سطح البحر.
دلتا النهر الأحمر
يمتد هذا الإقليم من المرتفعات الشمالية إلى خليج تونكين. وتقع منابع النهر الأحمر في الصين، ويجري جنوباً حتى يصب في الخليج نفسه. ومعظم دلتا النهر الأحمر تقع على ارتفاع ثلاثة أمتار أو أقل من مستوى سطح البحر. وفي موسم الفيضان، يتعرض معظم الدلتا المكتظة بالسكان للغرق سنوياً، علماً بأن هذه الدلتا هي أهم إقليم زراعي في فيتنام.
سلسلة جبال أنامايت
تمتد من الشمال إلى غربي البلاد حتى تنتهي على مسافة 80كم إلى الشمال من مدينة هوشي منه. وتغطي الغابات معظم أجزاء هذه السلسلة. وهذه المنطقة قليلة السكان وينتمي معظمهم إلى المونتاجنارديين.
المنخفضات الساحلية
تقع على امتداد معظم الساحل البحري لفيتنام. تطل سلسلة جبال أنامايت من خلفية الصورة عند الطرف الغربي للمنخفضات.
السهول الساحلية
وتشمل الجزء الأوسط الشرقي من البلاد. وهذه السهول الساحلية منخفضة وتبدأ في الانحدار في اتجاه جنوب بحر الصين. ويمتد هذا الإقليم من دلتا النهر الأحمر إلى دلتا الميكونج. ويزرع الأرز في معظم أنحاء هذا الإقليم، كما أن الصيد يُعَدُّ من الأنشطة المهمة. ويتمتع هذا الإقليم بكثافة سكانية عالية.
دلتا الميكونج
يشمل هذا الإقليم جميع المناطق الواقعة جنوبي سلسلة جبال أنامايت والمناطق الساحلية المنخفضة. وقد تكوَّنت هذه الدلتا بوساطة نهر ميكونج الذي ينبع من الصين ماراً بجنوب شرقي آسيا إلى أن يصب في بحر الصين الجنوبي. وهذه الدلتا ترتفع بمقدار 3 أمتار فوق سطح البحر، وهو أعلى ارتفاع لها. ويعيش أكثر من نصف سكان البلاد في هذه الدلتا، وهي المنطقة الزراعية الرئيسية. انظر: ميكونج، نهر.
المناخ
المناخ السائد مداري. وتؤثر الرياح الموسمية في المناخ على مدار السنة. وتتسبب الرياح الصيفية في هطول أمطار غزيرة. أما الرياح الشتوية الآتية من الشمال الشرقي، فتنتج عنها أمطار أقل غزارة. وهناك فصلان رئيسيان هما صيف حار مطير، وشتاء بارد جاف.
ويبلغ متوسط درجة الحرارة في مدينة هانوي في الشمال حوالي 17°م في شهر يناير، ويسجل شهر يونيو حوالي 29°م. وبين شهري مايو وأكتوبر، ترتفع درجة الحرارة في دلتا النهر الأحمر، وتهطل فيها أمطار غزيرة مصحوبة بالأعاصير التي تضرب خليج تونكين. ويبلغ منسوب المطر السنوي في هانوي حوالي 185سم.
وفي الجنوب، تكون الرطوبة عالية طوال السنة. وتهطل معظم الأمطار في الصيف. ويبلغ منسوب الأمطار في منطقة مدينة هوشي منه حوالي 200سم بين أبريل ونوفمبر. ومن ديسمبر إلى مارس يظل الطقس دافئاً تتخلله أمطار خفيفة. ويبلغ متوسط درجة الحرارة في مدينة هوشي منه حوالي 26°م في ديسمبر و 30°م خلال شهر أبريل.
والجزء الأوسط من البلاد أكثر الأقاليم جفافاً ورطوبة، إذ تصل درجة الحرارة فيه معدلات تفوق الأجزاء الشمالية والجنوبية. ومعظم السواحل الوسطى معرضة للأعاصير. ومن المعروف أن المناطق الجبلية في فيتنام تتسم بغزارة الأمطار وانخفاض درجة الحرارة مقارنة بمناطق الدلتا والأقاليم الساحلية.
الاقتصاد
يعتمد الاقتصاد الفيتنامي على الزراعة. وتبلغ نسبة العمالة الزراعية حوالي 70% من إجمالي القوى المنتجة، علماً بأن الأرز هو المحصول الزراعي الرئيسي. والنظام الاقتصادي في فيتنام هو النظام الاشتراكي الذي يتسم بملكية الدولة لكل وسائل الإنتاج. ولكن في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، انتهجت الدولة سياسة إعادة هيكلة اقتصادية تسمح ببعض أشكال الملكية الفردية والمنافسة الاقتصادية. وتوجد معظم موارد البلاد الطبيعية في الجزء الشمالي من القطر. وفحم الأنتراسايت هو المعدن الرئيسي، ويوجد بكميات كبيرة في هذه المنطقة. وهناك صناعات تعدينية أخرى تشمل الكروم والنفط والطمي والفوسفات والملح والصفيح. وتغطي الغابات ثلث مساحة البلاد، حيث تتوفر منتجات كالخيزران والقرفة وخشب الصناعة الخام والكينين.
الزراعة
تبلغ مساحة الأراضي المزروعة نحو 15% من مساحة البلاد. وتبلغ مساحة المناطق الصالحة للزراعة في الجنوب حوالي 20%، إلا أن معظمها لم يستثمر حتى الآن. وتعمل الحكومة على توسيع الرقعة الزراعية. ويعتبر الأرز المحصول الرئيسي، إلى جانب المنيهوت (الكاسافا) والبن وزيت النخيل والقنب والفول السوداني وفول الصويا وقصب السكر والطماطم والشاي والتبغ والمطاط.
صناعة الأسماك أحد مقومات الاقتصاد الفيتنامي. ويعتمد آلاف السكان القاطنين في منطقة السواحل على مصائد الأسماك. وتشمل الثروة السمكية فصائل عديدة منها الكركند والروبيان والحبَّار وغيرها من الأسماك.
الصناعة
تفتقر فيتنام للموارد الطبيعية اللازمة لقيام صناعة ثقيلة. ومصانع الحديد والصلب صغيرة، ويُستَخدم هذان المعدنان لإنتاج أدوات زراعية ودراجات وآلات بسيطة التقنية. وتوجد بها صناعة الإسمنت والورق والصناعات الغذائية، إلى جانب صناعة الغزْل والنسيج.
التجارة الخارجية
تفوق الواردات إجمالي الصادرات. وتشمل الواردات النفط والدواء والآلات والمعدات العسكرية والناقلات والغذاء. أما الصادرات فهي الفحم الحجري والفول السوداني والمطاط والشاي ومنتجات الخيزران والأسل الهندي. وتعتبر اليابان أكبر شريك تجاري لفيتنام، وتحل سنغافورة في المرتبة الثانية.
النقل والاتصالات
تتمتع فيتنام بنظام مواصلات ونقل فعال، ويشمل النقل البري والسكك الحديدية. وتوفر الأنهار وفروعها وسائل نقل مائي مهم، وتعتبر الدراجة وسيلة المواصلات الفردية الرئيسية في شمالي فيتنام، وكذلك في الجنوب، إلى جانب الدراجات النارية الواسعة الاستخدام. وتبلغ نسبة مالكي السيارات الخاصة أقل من 1% من مجموع السكان.
يصدر عدد من الصحف في فيتنام. ولكن قبل الستينيات، لم يكن جهاز المذياع أو التلفاز متاحاً إلا للقلة المحظوظة. وفي فترة الستينيات والسبعينيات، أصبحت أجهزة المذياع والتلفاز إلى حد ما أكثر انتشاراً في جنوبي فيتنام. أما في الشمال، فإن ملكية مثل هذه الأجهزة أقل نسبياً. لذلك يلجأ السكان في الأرياف إلى متابعة البرامج الإذاعية عبر مكبرات الصوت. أما أجهزة التلفاز، فتملكها المزارع الجماعية، ومنظمات العاملين والمنظمات الأخرى.
ويسيطر الحزب الشيوعي على جميع وسائل الإعلام والاتصال منذ وصوله للسلطة. والهدف من ذلك كسب ولاء الجماهير والحد من نشاط القوى المعارضة.
نبذة تاريخية
شبه جزيرة الهند الصينية عام 300م توضح هذه الخريطة ولايات الهند الصينية القديمة. كانت جيا وزي مملكة مستقلة تدعى نام فيت قبل هزيمتها من قِبَل الصين عام 111ق.م تظهر فيتنام الحالية باللون الأصفر. الأزمنة القديمة. كان الفيتناميون يعيشون في الجزء المعروف حالياً باسم فيتنام الشمالية. وفي حوالي عام 200ق.م، وَحَّد جنرال صيني اسمه ذاو توو، ويُعرف كذلك باسم تريو دا، هذه المنطقة وأجزاء من جنوب الصين تحت اسم نام فيت، في شكل دولة مستقلة. امتدت هذه الدولة جنوباً حتى موقع مدينة هو الحالية. وفي سنة 111 قبل الميلاد، سيطرت الصين على هذه المنطقة وأطلقت عليها اسم جيا وزي، ويمكن أن تنُطق جيا وشي. وفي عام 679 بعد الميلاد، غير الصينيون الاسم إلى أنام ومعناه الجنوب الذي يخضع لحملة السلام.
وفي أواخر القرن الثاني الميلادي شهد الجزآن الجنوبي والأوسط من فيتنام الحالية قيام مملكتين هما فونان وشامبا. وكانت الأولى تشمل دلتا الميكونج ومايعرف الآن بجنوبي كمبوديا. أما الثانية فسيطرت على الجزء الأوسط من فيتنام الممتد من فونان إلى جيا وزي ـ أي أنام. وخلال القرنين السادس والسابع الميلاديين، سيطر الخمير، القاطنون مملكة شامبا، على فونان. وتمكنوا من بناء إمبراطورية قوية استمرت مئات السنين.
أحداث مهمة في تاريخ فيتنام
111ق.م احتلت الصين الجزء المعروف حالياً باسم فيتنام الشمالية.
939م انتهت السيطرة الصينية وتم تأسيس دولة مستقلة.
1802م وحد نجوين آنه البلاد وأطلق عليها اسم فيتنام.
1858-1883 الاحتلال الفرنسي لفيتنام.
1940-1945 فيتنام تقع تحت السيطرة اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية.
1957 بداية ثورة الفيت كونغ ضد حكومة فيتنام الجنوبية. وتصاعدت العمليات العسكرية لتتحوَّل إلى ماعرف بحرب فيتنام.
1973 نهاية التورط الأمريكي في حرب فيتنام.
1975 نهاية الحرب الفيتنامية في أبريل من هذا العام، حيث استسلمت فيتنام الجنوبية للشيوعيين.
1976 وحد الشيوعيون دولتي فيتنام في إطار سياسي واحد.
1978 الاجتياح الفيتنامي لكمبوديا وإقامة سلطة كمبودية موالية لها.
1989 أعلنت فيتنام أنها أكملت سحب جميع قواتها من كمبوديا إلا أن هناك شكوكاً حول وجود بعض منها.
شبه جزيرة الهند الصينية عام 1900م تظهر هذه الخريطة الهند الصينية الفرنسية، وقد شملت كمبوديا ولاوس وفيتنام. قسَّمت فرنسا فيتنام على النحو التالي:
تونكين، أنام، كوشين تشاينا، أما فيتنام الحالية فتظهر باللون الأصفر.
الاستقلال
انسحبت الصين من أنام عام 939م، حيث أسس الفيتناميون دولة مستقلة. وأطلق أحد الملوك اسم داي كو فيت على فيتنام، ومعناه دولة فيتنام العظيمة. ولكن بقي الاسم أنام متداولاً لعدة مئات من السنين. وحافظت فيتنام على استقلالها زهاء 900 عام باستثناء عشرين عاماً من الاستعمار الصيني في القرن الخامس عشر الميلادي. وخلال مرحلة الاستقلال الطويلة المذكورة، أسس الفيتناميون إمبراطورية صغيرة.
وفي عام 1009م آلت مقاليد الحكم لأسرة لاي واستمر حكمها أكثر من 200 عام. وقد بنت هذه الأسرة جيشاً قوياً أنزل عدة هزائم بجيوش الصين والخمير والشامبا، وتميَّزت فترة حكم هذه الأسرة بالرفاهية والنمو وبازدهار الفنون.
وفي 1225م انتزعت أسرة تران الحكم من حكام لاي ودانت لهم البلاد حتى عام 1400م. وأثناء حكمهم تمكنوا من صدّ هجمات المغول وجيوش شامبا. وقد احتلتها الصين في عام 1407م، ولكن سرعان ما تغلب عليهم الفيتناميون في عام 1427م، بقيادة أسرة لي التي حكمت البلاد بعد التحرير. وغيرَّ هؤلاء اسم القطر إلى داي فيت- أي فيتنام العظيمة، واتسمت فترة حكمهم الممتدة حتى عام 1787م بالاستقرار والإنجازات الكبيرة. وفي عام 1471م تمكن الملك لي ثان تون من احتلال شامبا. ولكن ضعف الحكام الذين أتوا من بعده أدى إلى نشوب حرب أهلية خلال القرن السادس عشر الميلادي. ودارت الحرب أساساً بين أسرتي ترنه في الشمال ونجوين في الجنوب، بغرض الانفراد بحكم داي فيت. وكان الجانبان يدعيان الولاء لأسرة لي. وقد توقف القتال عام 1673م، وعمَّ السلام بعد ذلك نحو قرن من الزمان. وخلال هذه الفترة وسَّعت أسرة نجوين من نطاق سيطرتها وذلك عبر احتلال أجزاء من إمبراطورية الخمير.
وفي أوائل السبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي، قاد ثلاثة أشقاء ثورة ضد أسرة نجوين. وأطلق الأشقاء على أنفسهم اسم تاي سون، وهو اسم القرية التي ينتمون إليها. وبعد أن سيطروا على داي فيت، أي الجزء الجنوبي، زحفوا بقواتهم ضد أسرة ترنه. وفي عام 1787م احتلوا الجزء الشمالي من البلاد وأطاحوا بأسرة لي.
ونصَّب أصغر الأشقاء نفسه حاكمًا على شمالي ووسط داي فيت. وفي نفس الفترة تمكن نجوين أنه، أحد أفراد أسرة نجوين بي من استعادة جنوبي داي فيت. وفي عام 1802م هزم حكام تاي سون، ونصب نفسه إمبراطوراً على داي فيت، التي غير اسمها إلى فيتنام. وظلَّ هذا الحكم الإمبراطوري المتوارث سائداً حتى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945م.
الحكم الفرنسي
منذ القرن السابع عشر الميلادي، وصلت طلائع المُنَصرين الكاثوليك الفرنسيين إلى فيتنام. وتقبَّل العديد من السكان الديانة الجديدة؛ إلا أنهم بدأوا يشكون في النوايا الحقيقية للمنصرين. ومنذ القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر الميلاديين، كان المنصرون عرضة للملاحقة والتصفية.
وفي عام 1858م بدأت القوات الفرنسية في شن هجمات على بعض مناطق الجنوب. وكان هدف فرنسا هو حماية المنصرين إلى جانب استعمار البلاد. وفي عام 1861م سيطروا على سايغون (هوشي منه الحالية) ثم امتدت سيطرتهم فشملت كل جنوبي فيتنام عام 1867م. وفي عام 1883م سيطروا على شمالي فيتنام وأجبروا أحد حكام أسرة نجوين على توقيع معاهدة خوَّلت لفرنسا السيطرة الشاملة على كل فيتنام. وقسمت فرنسا البلاد إلى ثلاث مناطق هي كوشين تشاينا (الجزء الجنوبى) وأنام (الجزء الأوسط) وتونكين أي (شمالي فيتنام). وحكمت فرنسا هذه المناطق بوصفها مستعمرات مستقلة إلى جانب كمبوديا ولاوس.
الاحتلال الياباني
تلقَّت فرنسا هزيمة مبكرة على يد ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. وانتهزت اليابان، حليفة ألمانيا، هذه الأجواء، ووطدت سيطرتها على الهند الصينية. وأبقى اليابانيون على الإدارة الفرنسية شريطة أن تدير البلاد حسب سياساتهم. وفي مارس 1945م، اعتقل اليابانيون جميع الفرنسيين العاملين في فيتنام، وأجبروا الإمبراطور باو داي على إصدار إعلان باستقلال أنام وتونكين عن فرنسا. وظلت فيتنام تحت السيطرة اليابانية حتى هزيمة اليابان في أغسطس 1945م على يد الحلفاء.
حرب الهند الصينية
أوجدت هزيمة اليابان فراغاً سياسياً في فيتنام، إذ لم تكن هناك قوة سياسية لاستلام زمام السلطة. وفي هذه الفترة عاد هوشي منه زعيم الشيوعيين من الصين. وكان الشيوعيون يُعرفون باسم العصبة الثورية، في حين كان اسمهم الشائع الفيت منّه. وسيطر هؤلاء في وقت وجيز على مجمل المناطق وخاصة الأجزاء الشمالية. وعندما عجز الإمبراطور باو داي عن تشكيل حكومة، تنازل لصالح هوشي منه. وفي سبتمبر 1945م أعلن هوشي منه استقلال فيتنام وأطلق عليها اسم جمهورية فيتنام الديمقراطية. وتزعَّم هوشي منه أول حكومة وطنية تحت السيطرة الكاملة للشيوعيين. ولكن حكومته كانت مدعومة من قِبَل العناصر الوطنية، غير الشيوعية، التي لم تكن راغبة في عودة الاستعمار الفرنسي.
وفي ظرف أسابيع معدودة، وصلت فرق إنجليزية وصينية لفيتنام للإشراف على استسلام اليابان. وكانت مهمة هذه القوات حفظ الأمن والعمل على حفظ مصالح فرنسا في هذه البلاد. وسرعان ماوصلت طلائع القوات الفرنسية بعد حين، وعزَّزت سيطرتها على منطقة كوشين تشاينا، أي فيتنام الجنوبية، على الرَّغم من استمرار المقاومة. وساءت العلاقات بين فرنسا والفيت منّه ووصل التوتر ذروته عندما شنت الفيت منّه هجوماً عاماً على هانوي في 19 ديسمبر 1946م، مدشنين ماعُرف بحرب الهند الصينية أو حرب فيتنام.
وبحلول منتصف عام 1949م، أسست فرنسا دولة فيتنام بهدف مقاومة الفيت منّه. وكان على رأس حكومتها باو داي. وقد وجدت الحكومة دعماً من القوى الوطنية المناوئة للشيوعيين، إلى جانب دعم الحكومات الغربية. أما هوشي منه فقد كان مدعوماً من قبل الدول الشيوعية. وكانت كل من الحكومتين تدَّعيان تمثيل كل البلاد. وفي عام 1953م أحكم الشيوعيون سيطرتهم على المناطق الزراعية في شمالي فيتنام. وقد قتل وسجن، نتيجة لهذا الإجراء، العديد من الملاك، وفرض نظام الحصص الإنتاجية على جميع الفلاحين.
تقسيم فيتنام
في أبريل عام 1954م اجتمع ممثلو جمهورية فيتنام الديمقراطية، ودولة فيتنام وكمبوديا ولاوس والصين و فرنسا و بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (سابقًا) في جنيف بسويسرا، للتوصل لتسوية سلمية للنزاع الفيتنامي. وقد توقف القتال في فيتنام وتوقفت معه كل المطالب الفرنسية إثر هزيمة فرنسا في معركة ديان بيان فو في مايو 1954م. وقرر مؤتمر جنيف تقسيم فيتنام مؤقتًا إلى دولتين هما فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية. وقرر المؤتمر كذلك إجراء انتخابات في عام 1956م، يتم بعدها توحيد فيتنام تحت حكومة واحدة. انظر: اتفاقيات جنيف.
وعقب ذلك انتخب هوشي منه رئيساً لفيتنام الشمالية وباو داي رئيساً لفيتنام الجنوبية. وفي عام 1955م انتخبت فيتنام الجنوبية نغو دنه ديم رئيساً للبلاد. ورفض ديم إجراء الانتخابات المتفق عليها عام 1956م، تحت دعوى أن الشيوعيين لن يسمحوا بإجراء انتخابات نزيهة. وهكذا استمر تقسيم وتجزئة فيتنام.
بداية الحرب الفيتنامية
في عام 1957م بدأت قوات الفيت منه في الجنوب في التمرد على حكومة ديم. وقد عُرف هؤلاء بالفيت كونغ. وفي عام 1959م أعلنت فيتنام الشمالية تأييدها لهذه الفئة وأمرتها بشن كفاح شامل ضد حكومتها. وفي عام 1960م شكل الثوار جبهة التحرير الوطنية التي أوكلت إليها مهمة قيادة الثورة. ورويداً رويداً تشعبت الحرب وازدادت ضراوة. وفي الخمسينيات كانت الولايات المتحدة قد شرعت في إرسال مستشارين مدنيين وعسكريين لفيتنام الجنوبية. وبحلول عام 1965م بدأت في إرسال قوات عسكرية وشن غارات جوية على فيتنام الشمالية. واستمر التورط الأمريكي في هذه الحرب حتى عام 1973م ، علماً بأن الصين والاتحاد السوفييتي (سابقًا) كانا يمدان فيتنام الشمالية والفيت كونغ بالأسلحة والإمدادات.
فيتنام الجنوبية والحرب
وقع الرئيس ديم على الدستور الجديد للبلاد في عام 1956م. وورد في الدستور أن نظام الحكم في فيتنام الجنوبية جمهوري، ولكن ديم وأسرته كانوا القوى الرئيسية المسيطرة على البلاد.
وزادت العمليات العسكرية للثوار عند نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات. ولجأ ديم إلى اتخاذ إجراءات غير ديمقراطية لمواجهة الشيوعيين، مما جعله عرضة لانتقادات السياسيين في فيتنام الجنوبية. وفي عام 1962م، أعلن ديم حالة الطوارئ بالبلاد، فُرضَت بموجبها إجراءات حظر التجول والرقابة على الصحف وغيرها من القيود الاستثنائية.
في اليوم الأول من نوفمبر عام 1963م، سيطرت مجموعة من الجنرالات، بقيادة دونغ فان منه على الحكم بعد أن اغتالت الرئيس ديم. ومنذ ذلك التاريخ آلت السلطة لسلسة من المجموعات العسكرية لفترات وجيزة حتى عام 1965م، حيث استلم زمام الحكم الجنرال نوغين كاو كاي. وفي عام 1967م انتخب نجوين فان تيو رئيساً للجمهورية، وكان أيضاً واحداً من الجنرالات. وفي هذه الفترة ازدادت حدة الحرب في فيتنام الجنوبية واتخذت طابعاً شاملاً.
في يونيو 1972م، مُنح الرئيس تيو حق ممارسة الحكم عن طريق مراسيم دون الرجوع للجمعية الوطنية لمدة ستة أشهر. وفي أغسطس أعلن الرئيس أن إدارات القرى والنجوع لن تتم بالانتخاب وإنما بالتعيين. وقد أنهى هذا القرار جميع الانتخابات المحلية في البلاد.
فيتنام الشمالية والحرب
بعد تقسيم فيتنام، أمم الشيوعيون جميع المزارع والمصانع ومؤسسات العمل في فيتنام الشمالية. وفي الفترة من الستينيات وأوائل السبعينيات، خُصِّصت كل موارد الدولة لتمويل العمليات الحربية في الجنوب. واحتفظ هوشي منه بمنصب الرئاسة حتى وفاته عام 1969م، فآلت السلطة إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعى.
انتصار الشيوعيين وتوحيد فيتنام
بعد عام 1965م، زاد اعتماد فيتنام الجنوبية على الولايات المتحدة بشكل كبير. وفي أواخر الستينيات، بدأ التورط الأمريكي في فيتنام يلقى معارضة عنيفة من الشعب الأمريكي. وفي أوائل 1973م، وقَّع الشيوعيون وفيتنام الجنوبية والولايات المتحدة اتفاقية لوقف إطلاق النار، وسحبت الأخيرة ـ بموجبها ـ جميع قوات المشاة من فيتنام. ولكن الشيوعيين شنوا هجوماً جديداً ضد فيتنام الجنوبية. وفي أبريل 1975م؛ سقطت العاصمة سايغون وأصبحت كل فيتنام تحت سيطرتهم الكاملة. للمزيد من التفاصيل، انظر: حرب فيتنام.
التطورات اللاحقة
بعد انتهاء الحرب، واجهت فيتنام مشاكل اقتصادية معقدة. فالبلد شديد الفقر، وقد أخفقت كل محاولات الحكومة الرامية لتحسين الأداء الاقتصادي. وتبنَّت الحكومة إستراتيجية تهجير قطاعات من سكان المدن لتأهيل المناطق الريفية، وخلق فرصة عمالة واستيطان أمثل. ولكن هذه الإستراتيجية كانت ضعيفة من حيث التخطيط والتنفيذ. ولاقت هذه السياسة مقاومة من قبل المواطنين. ومن ناحية أخرى فإن سياسة إقامة معسكرات إعادة تأهيل المواطنين؛ وجدت مقاومة شديدة باعتبارها شبيهة بمعسكرات الاعتقال، وأدت إلى هروب آلاف الناس من هذا القطر، فبلغ عدد اللاجئين من السكان ذوي الأصل الصيني والفيتنامي حوالي المليون. وتم طرد آلاف الصينيين إلى موطنهم الأصلي.
اضطر معظم اللاجئين إلى النزوح من فيتنام بوساطة زوارق صغيرة محفوفة بالمخاطر، عبر بحر الصين الجنوبي. وأُطلق اسم سكان القوارب على هؤلاء اللاجئين النازحين إلى بعض دول جنوب شرقي آسيا؛ ومنها للدول التي منحتهم حق اللجوء السياسي. ووصل معظم هؤلاء، حسب آخر البيانات المتوفرة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن التطورات المزعجة، التي أعقبت حرب فيتنام، النزاعات بينها وبين جيرانها. وفي عام 1978م، اجتاحت فيتنام دولة كمبوديا بعد حرب ضروس، وأحلَّت حكومة موالية لها بدل حكومة الخمير الحمر. ومنذ ذلك التاريخ بدأت في كمبوديا حرب بين الخمير الحمر وغيرهم من المواطنين ضد الحكومة الجديدة. وبدأت فيتنام في سحب قواتها تدريجياً منذ سبتمبر 1989م. ولكن معظم الناس، بما في ذلك زعماء المعارضة، يقولون إن بعض القوات الفيتنامية لازالت موجودة أو أنها عادت بصورة ما إلى كمبوديا.
في عام 1979م، احتلت الصين بعض الأجزاء الحدودية من فيتنام الشمالية لمدة شهر، لمعاقبة الأخيرة على احتلالها لكمبوديا. واستمرت المناوشات الحدودية بين البلدين من حين لآخر إلا أن العلاقات بين البلدين تحسنت بشكل ملحوظ في أوائل التسعينيات. وقد تعاظم اعتماد فيتنام على الاتحاد السوفييتي (سابقًا) اقتصادياً وعسكرياً. وفي نهاية الثمانينيات اعتمدت حكومة فيتنام برنامج إصلاح اقتصاديًا يبيح بعض أشكال الملكية الفردية والمنافسة. وفي عام 1994م، رفعت الولايات المتحدة الحظر التجاري الذي فرضته على فيتنام لأكثر من ثلاثين عامًا. وفي عام 1995م، انضمت فيتنام إلى عضوية رابطة شعوب جنوب شرقي آسيا التي تسعى إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين أعضائها.
انظر أيضا
المراجع
- "معلومات عن دولة فيتنام على موقع britannica.com". britannica.com. مؤرشف من الأصل في 10 سبتمبر 2015. الوسيط
|CitationClass=
تم تجاهله (مساعدة)
- الموسوعة العربية العالمية
- الهند الصينية - موسوعة المورد، منير البعلبكي، 1991
- الاستعمار في جنوب شرقي آسيا1991.
- History of the mountain people of southern Indochina up to 1945 (Bernard Bourotte, i.e. Jacques Méry, U.S. Agency for International Development, 195?
- http://www.rdfs.net/countries/vietnam_ar.htm www.rdfs.net
- بوابة عقد 1970
- بوابة فيتنام
- بوابة آسيا
- بوابة فرنسا
- بوابة التاريخ